الكتب الفتوائية » التعليقة على العروة الوثقى ـ الجزء الثاني
البحث في:
فصل في قواطع السفر موضوعاً أو محكماً ←
→ فصل (في أحكام النوافل)
فصل في صلاة المسافر
لا إشكال في وجوب القصر على المسافر مع اجتماع الشرائط الآتية بإسقاط الركعتين الأخيرتين من الرباعيات، وأما الصبح والمغرب فلا قصر فيهما.
وأما شروط القصر فأمور.
الأول : المسافة وهي ثمان فراسخ امتدادية ذهابا أو إيابا أو ملفقة من الذهاب والإياب إذا كان الذهاب أربعة أو أزيد، بل مطلقا على الأقوى وإن كان الذهاب فرسخا والإياب سبعة، وإن كان الأحوط في صورة كون الذهاب أقل من أربعة مع كون المجموع ثمانية الجمع، والأقوى عدم اعتبار كون الذهاب والإياب في يوم واحد أو ليلة واحدة، أو في الملفق منهما مع اتصال إيابه بذهابه وعدم قطعه بمبيت ليلة فصاعدا في الأثناء، بل إذا كان من قصده الذهاب والإياب ولو بعد تسعة أيام يجب عليه القصر، فالثمانية الملفقة كالممتدة في إيجاب القصر إلا إذا كان قاصدا للإقامة عشرة أيام في المقصد أو غيره أو حصل أحد القواطع الاُخر فكما أنه إذا بات في أثناء الممتدة ليلة أو ليالي لا يضر في سفره فكذا في الملفقة فيقصر ويفطر، ولكن مع ذلك الجمع بين القصر والتمام والصوم وقضائه في صورة عدم الرجوع ليومه أو ليلته أحوط، ولو كان من قصده الذهاب والإياب ولكن كان مترددا في الإقامة في الأثناء عشرة أيام وعدمها لم يقصر، كما أن الأمر في الامتدادية أيضاً كذلك.
[ 2232 ] مسألة 1 : الفرسخ ثلاثة أميال، والميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد الذي طوله أربع و عشرون أصبعاً، كل أصبع عرض سبع شعيرات، كل شعيرة عرض سبع شعرات من أوسط شعر البرذون.
[ 2233 ] مسألة 2 : لو نقصت المسافة عن ثمانية فراسخ ولو يسيرا لا يجوز القصر، فهي مبنية على التحقق لا المسامحة العرفية، نعم لا يضر اختلاف الأذرع المتوسطة في الجملة كما هو الحال في جميع التحديدات الشرعية ([1133]) .
[ 2234 ] مسألة 3 : لو شك في كون مقصده مسافة شرعية أو لا بقي على التمام على الأقوى، بل وكذا لو ظن كونها مسافة.
[ 2235 ] مسألة 4 : تثبت المسافة بالعلم الحاصل من الاختبار، وبالشياع المفيد للعلم، وبالبينة الشرعية، وفي ثبوتها بالعدل الواحد إشكال ([1134])، فلا يترك الاحتياط بالجمع.
[ 2236 ] مسألة 5 : الأقوى عند الشك وجوب الاختبار ([1135]) أو السؤال لتحصيل البينة أو الشياع المفيد للعلم إلا إذا كان مستلزما للحرج.
[ 2237 ] مسألة 6 : إذا تعارض البينتان فالأقوى سقوطهما ووجوب التمام، وإن كان الأحوط الجمع.
[ 2238 ] مسألة 7 : إذا شك في مقدار المسافة شرعا وجب عليه الاحتياط بالجمع إلا إذا كان مجتهدا وكان ذلك بعد الفحص عن حكمه، فإن الأصل هو التمام.
[ 2239 ] مسألة 8 : إذا كان شاكا في المسافة ومع ذلك قصر لم يجزىء بل وجب عليه الاعادة تماما، نعم لو ظهر بعد ذلك كونه مسافة أجزأ إذا حصل منه قصد القربة مع الشك المفروض، ومع ذلك الأحوط الاعادة أيضاً.
[ 2240 ] مسألة 9 : لو اعتقد كونه مسافة فقصر ثم ظهر عدمها وجبت الاعادة، وكذا لو اعتقد عدم كونه مسافة فأتم ثم ظهر كونه مسافة فإنه يجب عليه الاعادة ([1136]).
[ 2241 ] مسألة 10 : لو شك في كونه مسافة أو اعتقد العدم ثم بان في أثناء السير كونه مسافة يقصر وإن لم يكن الباقي مسافة.
[ 2242 ] مسألة 11 : إذا قصد الصبي مسافة ثم بلغ في الاثناء وجب عليه القصر وإن لم يكن الباقي مسافة، وكذا يقصرإذا أراد التطوع بالصلاة مع عدم بلوغه، والمجنون الذي يحصل منه القصد إذا قصد مسافة ثم أفاق في الأثناء يقصر، وأما إذا كان بحيث لا يحصل منه القصد فالمدار بلوغ المسافة من حين إفاقته.
[ 2243 ] مسألة 12 : لو تردد في أقل من أربعة فراسخ ذاهبا وجائيا مرات حتى بلغ المجموع ثمانية لم يقصر، ففي التلفيق لابد أن يكون المجموع من ذهاب واحد وإياب واحد ثمانية.
[ 2244 ] مسألة 13 : لو كان للبلد طريقان والأبعد منهما مسافة فإن سلك الأبعد قصر، وإن سلك الأقرب لم يقصر إلا إذا كان أربعة أو أقل وأراد الرجوع من الأبعد.
[ 2245 ] مسألة 14 : في المسافة المستديرة الذهاب فيها الوصول إلى المقصد والإياب منه إلى البلد، وعلى المختار يكفي كون المجموع مسافة مطلقا وإن لم يكن إلى المقصد أربعة، وعلى القول الآخر يعتبر أن يكون من مبدأ السير إليه أربعة مع كون المجموع بقدر المسافة.
[ 2246 ] مسألة 15 : مبدأ حساب المسافة سور البلد ([1137]) أو آخر البيوت فيما لا سور فيه في البلدان الصغار والمتوسطات، وآخر المحلة في البلدان الكبار الخارقة للعادة، والأحوط مع عدم بلوغ المسافة من آخر البلدان الجمع وإن كانت مسافة إذا لوحظ آخر المحلة.
الشرط الثاني : قصد قطع المسافة ([1138]) من حين الخروج فلو قصد أقل منها وبعد الوصول إلى المقصد قصد مقدارا آخر يكون من الأول مسافة لم يقصر، نعم لو كان ذلك المقدارمع ضم العود مسافة قصر من ذلك الوقت بشرط أن يكون عازما على العود، وكذا لا يقصر من لا يدري أي مقدار يقطع كما لو طلب عبدا آبقا أو بعيرا شاردا أو قصد الصيد ولم يدر أنه يقطع مسافة أو لا، نعم يقصر في العود إذا كان مسافة، بل في الذهاب إذا كان مع العود بقدر المسافة وإن لم يكن أربعة كان يقصد في الأثناء أن يذهب ثلاثة فراسخ والمفروض أن العود يكون خمسة أو أزيد، وكذا لا يقصر لو خرج ينتظر رفقة إن تيسروا سافر معهم وإلا فلا، أو علق سفره على حصول مطلب في الأثناء قبل بلوغ الأربعة إن حصل يسافر وإلا فلا، نعم لو اطمأن بتيسر الرفقة أو حصول المطلب بحيث يتحقق معه العزم على المسافة قصر بخروجه عن محل الترخص.
[ 2247 ] مسألة 16 : مع قصد المسافة لا يعتبر اتصال السير، فيقصّر وإن كان من قصده أن يقطع الثمانية في أيام وإن كان ذلك اختيارا لا لضرورة من عدو أو برد أو انتظار رفيق أو نحو ذلك، نعم لو كان بحيث لا يصدق عليه إسم السفر لم يقصر كما إذا قطع في كل يوم شيئا يسيرا ([1139]) جدا للتنزه أو نحوه، والأحوط في هذه الصورة أيضاً الجمع.
[ 2248 ] مسألة 17 : لا يعتبر في قصد المسافة أن يكون مستقلا بل يكفي ولو كان من جهة التبعية للغير لوجوب الطاعة كالزوجة والعبد أو قهرا كالاسير والمكره ونحوهما أو اختيارا كالخادم ونحوه بشرط العلم بكون قصد المتبوع مسافة، فلو لم يعلم بذلك بقي على التمام، ويجب الاستخبار ([1140]) مع الإمكان، نعم في وجوب الاخبارعلى المتبوع إشكال وإن كان الظاهر عدم الوجوب.
[ 2249 ] مسألة 18 : إذا علم التابع بمفارقة المتبوع قبل بلوغ المسافة ولو ملفقة بقي على التمام، بل لو ظن ذلك فكذلك، نعم لو شك في ذلك فالظاهر القصر ([1141]) خصوصا لو ظن العدم، لكن الأحوط في صورة الظن بالمفارقة والشك فيها الجمع.
[ 2250 ] مسألة 19 : إذا كان التابع عازما على المفارقة مهما أمكنه أو معلقا لها على حصول أمر كالعتق أو الطلاق ونحوهما فمع العلم بعدم الإمكان وعدم حصول المعلق عليه يقصر، وأما مع ظنه فالأحوط الجمع وإن كان الظاهر التمام، بل وكذا مع الاحتمال إلا إذا كان بعيدا غايته بحيث لا ينافي صدق قصد المسافة، ومع ذلك أيضاً لا يترك الاحتياط ([1142]).
[ 2251 ] مسألة 20 : إذا اعتقد التابع أن متبوعه لم يقصد المسافة أو شك في ذلك وفي الاثناء علم أنه قاصد لها فالظاهر وجوب القصر ([1143]) عليه وإن لم يكن الباقي مسافة لأنه إذا قصد ما قصده متبوعه فقد قصد المسافة واقعاً فهو كما لو قصد بلدا معينا واعتقد عدم بلوغه مسافة فبان في الأثناء أنه مسافة، ومع ذلك فالأحوط الجمع.
[ 2252 ] مسألة 21 : لا إشكال في وجوب القصر إذا كان مكرها على السفر أو مجبورا عليه، و أما إذا ركب على الدابة أو ألقي في السفينة من دون اختياره بأن لم يكن له حركة سيرية ففي وجوب القصر ولو مع العلم بالايصال إلى المسافة إشكال، وإن كان لا يخلو عن قوة.
الثالث : استمرار قصد المسافة ([1144]) فلو عدل عنه قبل بلوغ الأربعة أو تردد أتم ([1145])، وكذا إذا كان بعد بلوغ الأربعة لكن كان عازما على عدم العود أو كان مترددا في أصل العود وعدمه ([1146]) أو كان عازماعلى العود لكن بعد نية الإقامة هناك عشرة أيام، وأما إذا كان عازما على العود من غير نية الإقامة عشرة أيام فيبقى على القصر وإن لم يرجع ليومه، بل وإن بقي مترددا إلى ثلاثين يوما، نعم بعد الثلاثين مترددا يتم.
[ 2253 ] مسألة 22 : يكفي في استمرار القصد بقاء قصد النوع وإن عدل عن الشخص، كما لو قصد السفر إلى مكان مخصوص فعدل عنه إلى آخر يبلغ ما مضى وما بقي إليه مسافة، فإنه يقصر حينئذ على الأصح، كما أنه يقصر لو كان من أول سفره قاصدا للنوع دون الشخص، فلو قصد أحد المكانين المشتركين في بعض الطريق ولم يعين من الأول أحدهما بل أوكل التعيين إلى ما بعد الوصول إلى آخر الحد المشترك كفى في وجوب القصر.
[ 2254 ] مسألة 23 : لو تردد في الأثناء ثم عاد إلى الجزم فأما أن يكون قبل قطع شيء من الطريق أو بعده ففي الصورة الأولى يبقى على القصر إذا كان ما بقي مسافة ولوملفقة، وكذا إن لم يكن مسافة في وجه ([1147])، لكنه مشكل فلايترك الاحتياط بالجمع، وأما في الصورة الثانية فإن كان ما بقي مسافة ولو ملفقة يقصر أيضاً وإلا فيبقى على التمام، نعم لو كان ما قطعه حال الجزم أولا مع ما بقي بعد العود إلى الجزم بعد إسقاط ما تخلل بينهما مما قطعه حال التردد مسافة ففي العود إلى التقصير وجه ([1148])، لكنه مشكل فلا يترك الاحتياط بالجمع.
[ 2255 ] مسألة 24 : ما صلاه قصرا قبل العدول عن قصده لا يجب إعادته ([1149]) في الوقت فضلا عن قضائه خارجه.
الرابع : أن لا يكون من قصده في أول السير أو في أثنائه إقامة عشرة أيام قبل بلوغ الثمانية، وأن لا يكون من قصده المرور على ووطنه ([1150]) كذلك، وإلا أتم لأن الإقامة قاطعة لحكم السفر، والوصول إلى الوطن قاطع لنفسه، فلو كان من قصده ذلك من حين الشروع أو بعده لم يكن قاصدا للمسافة، وكذا يتم لو كان مترددا في نية الإقامة أو المرور على الوطن قبل بلوغ الثمانية، نعم لو لم يكن ذلك من قصده ولا مترددا فيه إلا أنه يحتمل ([1151]) عروض مقتض لذلك في الأثناء لم يناف عزمه على المسافة فيقصر، نظير ما إذا كان عازما على المسافة إلا أنه لو عرض في الأثناء مانع من لص أو عدو أو مرض أو نحو ذلك يرجع، ويحتمل عروض ذلك، فإنه لا يضر بعزمه وقصده.
[ 2256 ] مسألة 25 : لو كان حين الشروع في السفر أو في أثنائه قاصدا للإقامة أو المرور على الوطن قبل بلوغ الثمانية لكن عدل بعد ذلك عن قصده أو كان مترددا في ذلك وعدل عن ترديده إلى الجزم بعدم الأمرين فإن كان ما بقي بعد العدول مسافة في نفسه أو مع التلفيق بضم الإياب قصر، وإلا فلا، فلو كان ما بقي بعد العدول إلى المقصد أربع فراسخ وكان عازما على العود ولو لغير يومه قصر في الذهاب والمقصد والإياب، بل وكذا لو كان أقل من أربعة، بل ولو كان فرسخا فكذلك على الأقوى من وجوب القصر في كل تلفيق من الذهاب والإياب وعدم اعتبار كون الذهاب أربعة أو أزيد كما مر.
[ 2257 ] مسألة 26 : لو لم يكن من نيته في أول السفر الإقامة أو المرور على الوطن وقطع مقداراً من المسافة ثم بدا له ذلك قبل بلوغ الثمانية ثم عدل عما بدا له وعزم على عدم الأمرين فهل يضم ما مضى إلى ما بقي إذا لم يكن ما بقي بعد العدول عما بدا له مسافة فيقصر إذا كان المجموع مسافة ولو بعد إسقاط ما تخلل بين العزم الأول والعزم الثاني إذا كـان قطع بين العزمين شيئا إشكال خصوصا في صورة التخلل، فلايترك الاحتياط بالجمع نظيرما مر في الشرط الثالث ([1152]).
الخامس من الشروط : أن لا يكون السفر حراما، وإلا لم يقصر سواء كان نفسه حراما كالفرار من الزحف واباق العبد وسفر الزوجة بدون إذن الزوج في غير الواجب، وسفر الولد مع نهي الوالدين ([1153]) في غير الواجب وكما إذا كان السفر مضرا لبدنه ([1154]) وكما إذا نذر عدم السفر مع رجحان تركه نحو ذلك، أو كان غايته أمرا محرما كماإذا سافر لقتل نفس محترمة او للسرقة أو للزنا أو لاعانة ظالم ([1155]) أو لاخذ مال الناس ظلما ونحو ذلك، وأما إذا لم يكن لأجل المعصية لكن تتفق في أثنائه مثل الغيبة وشرب الخمر والزنا ونحو ذلك مما ليس غاية للفر فلا يوجب التمام بل يجب معه القصر والإفطار.
[ 2258 ] مسألة 27 : إذا كان السفر مستلزما لترك واجب كما إذا كان مديونا وسافر مع مطالبة الديان وإمكان الأداء في الحضر دون السفر ونحو ذلك فهل يوجب التمام أم لا ؟ الأقوى التفصيل بين ما إذا كان لأجل التوصل إلى ترك الواجب أو لم يكن كذلك، ففي الاول يجب التمام دون الثاني، لكن الأحوط الجمع في الثاني.
[ 2259 ] مسألة 28 : إذا كان السفر مباحا لكن ركب دابة غصبية أو كان المشي في أرض مغصوبة فالأقوى فيه القصر ([1156])، وإن كان الأحوط الجمع.
[ 2260 ] مسألة 29 : التابع للجائر إذا كان مجبورا أو مكرها على ذلك أو كان قصده دفع مظلمة أو نحوها من الأغراض الصحيحة المباحة أو الراجحة قصرّ، وأما إذا لم يكن كذلك بأن كان مختارا وكانت تبعيته إعانة للجائر في جوره وجب عليه التمام وإن كان سفر الجائر طاعة، فإن التابع حينئذ يتم مع أن المتبوع يقصرّ.
[ 2261 ] مسألة 30 : التابع للجائر المعد نفسه لامتثال أوامره لو أمره بالسفر فسافر امتثالاً لأمره، فإن عُدّ سفره إعانة للظالم في ظلمه كان حراماً ووجب عليه التمام وإن كان من حيث هو مع قطع النظر عن كونه إعانة مباحاً، والأحوط الجمع، وأما إذا لم يعد إعانة على الظلم فالواجب عليه القصر.
[ 2262 ] مسألة 31 : إذا سافر للصيد فإن كان لقوته وقوت عياله قصرّ، بل وكذا لو كان للتجارة، وإن كان الأحوط فيه الجمع، وإن كان لهوا كما يستعمله أبناء الدنيا وجب عليه التمام ([1157])، ولا فرق بين صيد البروالبحر كما لا فرق بعد فرض كونه سفرا بين كونه دائرا حول البلد وبين التباعد عنه وبين استمراره ثلاثة أيام وعدمه على الأصح.
[ 2263 ] مسألة 32 : الراجع من سفر المعصية إن كان بعد التوبة يقصرّ، وإن كان مع عدم التوبة فلا يبعد وجوب التمام عليه ([1158]) لكون العود جزءاً من سفر المعصية، لكن الأحوط الجمع حينئذ.
[ 2264 ] مسألة 33 : إباحة السفر كما أنها شرط في الأبتداء شرط في الاستدامة أيضاً، فلو كان ابتداء سفره مباحا فقصد المعصية في الأثناء انقطع ترخصه ووجب عليه الإتمام وإن كان قد قطع مسافات ولو لم يقطع بقدر المسافة صح ما صلاه قصرا، فهو كما لو عدل عن السفر وقد صلى قبل عدوله قصرا حيث ذكرنا سابقا أنه لا يجب إعادتها ([1159])، وأما لو كان ابتداء سفره معصية فعدل في الأثناء إلى الطاعة فإن كان الباقي مسافة فلا إشكال في القصر وان كانت ملفقة من الذهاب والإياب، بل وإن لم يكن الذهاب أربعة على الأقوى وأما إذا لم يكن مسافة ولو ملفقة، فالأحوط الجمع بين القصر والتمام وان كان الأقوى القصر بعد كون مجموع ما نواه بقدر المسافة ولو ملفقة فإن المدار على حال العصيان والطاعة فما دام عاصيا يتم وما دام مطيعا يقصرّ من غير نظر إلى كون البقية مسافة أو لا.
[ 2265 ] مسألة 34 : لو كانت غاية السفر ملفقة من الطاعة والمعصية فمع استقلال داعي المعصية لا إشكال في وجوب التمام سواء كان داعي الطاعة أيضاً مستقلا أو تبعا، وأما إذا كان داعي الطاعة مستقلا وداعي المعصية تبعا أو كان بالاشتراك ففي المسألة وجوه، والأحوط الجمع، وإن كان لا يبعد وجوب التمام خصوصاً في صورة الاشتراك ([1160]) بحيث لولا اجتماعهما لا يسافر
[ 2266 ] مسألة 35 : إذا شك في كون السفر معصية أو لا مع كون الشبهة موضوعية فالأصل الإباحة إلا إذا كانت الحالة السابقة هي الحرمة أو كان هناك أصل موضوعي كما إذا كانت الحلية مشروطة بأمر وجودي كأذن المولى وكان مسبوقا بالعدم، أو كان الشك في الاباحة والعدم من جهة الشك في حرمة الغاية وعدمها وكان الأصل فيها الحرمة.
[ 2267 ] مسألة 36 : هل المدار في الحلية والحرمة على الواقع أو الاعتقاد أو الظاهرمن جهة الأصول ؟ إشكال، فلو اعتقد كون السفر حراما بتخيل أن الغاية محرمة فبان خلافه كما إذا سافر لقتل شخص بتخيل أنه محقون الدم فبان كونه مهدور الدم فهل يجب عليه إعادة ما صلاه تماما أو لا ؟ ولو لم يصل وصارت قضاء فهل يقضيها قصرا أو تماما ؟ وجهان ([1161])، والأحوط الجمع، وإن كان لا يبعد كون المدار على الواقع إذا لم نقل بحرمة التجري، وعلى الاعتقاد إن قلنا بها، وكذا لو كان مقتضى الأصل العملي الحرمة وكان الواقع خلافه أو العكس فهل المناط ما هو في الواقع أو مقتضى الأصل بعد كشف الخلاف ؟ وجهان (1) والأحوط الجمع وإن كان لا يبعد كون المناط هو الظاهر الذي اقتضاه الأصل اباحة أو حرمة.
[ 2268 ] مسألة 37 : إذا كانت الغاية المحرمة في اثناء الطريق لكن كان السفر إليه مستلزماً لقطع مقدار آخر من المسافة فالظاهر أن المجموع يعد من سفر المعصية ([1162]) بخلاف ما إذا لم يستلزم.
[ 2269 ] مسألة 38 : السفر بقصد مجرد التنزه ليس بحرام ولا يوجب التمام.
[ 2270 ] مسألة 39 : إذا نذر أن يتم الصلاة في يوم معين أو يصوم يوما معينا وجب عليه الإقامة ([1163])، ولو سافر وجب عليه القصر على ما مر ([1164]) من أن السفر المستلزم لترك وواجب لا يوجب التمام إلا إذا كان بقصد التوصل إلى ترك الواجب والأحوط الجمع.
[ 2271 ] مسألة 40 : إذا كان سفره مباحا لكن يقصد الغاية المحرمة في حواشي الحادة فيخرج عنه لمحرم ويرجع إلى الجادة فإن كان السفر لهذا الغرض كان محرما ([1165]) موجبا للتمام، وان لم يكن لذلك وإنما يعرض له قصد ذلك في الأثناء فما دام خارجا عن الجادة يتم ([1166]) وما دام عليها يقصر، كما أنه إذا كان السفر لغاية محرمة وفي أثنائه يخرج عن الجادة ويقطع المسافة أو أقل لغرض آخر صحيح يقصر ما دام خارجا ([1167])، والأحوط الجمع في الصورتين.
[ 2272 ] مسألة 41 : إذا قصد مكانا لغاية محرمة فبعد الوصول إلى المقصد قبل حصول الغرض يتم، وأما بعده فحاله حال العود ([1168]) عن سفر المعصية في أنه لو تاب يقصر، ولو لم يتب يمكن القول بوجوب التمام لعد المجموع سفرا واحدا، والأحوط الجمع هنا وإن قلنا بوجوب القصر في العود بدعوى عدم عده مسافرا قبل أن يشرع في العود.
[ 2273 ] مسألة 42 : إذا كان السفر لغاية لكن عرض في أثناء الطريق قطع مقدار من المسافة لغرض محرم منضما إلى الغرض الأول فالظاهر وجوب التمام في ذلك المقدار من المسافة لكون الغاية في ذلك المقدار ملفقة من الطاعة والمعصية، والأحوط الجمع خصوصا ([1169]) إذا لم يكن الباقي مسافة.
[ 2274 ] مسألة 43 : إذا كان السفر في الابتداء معصية فقصد الصوم ثم عدل في الأثناء إلى الطاعة فإن كان العدول قبل الزوال وجب الإفطار، وإن كان بعده ففي صحة الصوم ووجوب إتمامه إذا كان في شهر رمضان مثلا وجهان، والأحوط الإتمام والقضاء، ولو انعكس بأن كان طاعة في الابتداء وعدل إلى المعصية في الأثناء فإن لم يأت بالمفطر و كان قبل الزوال صح صومه ([1170])، والأحوط قضاؤه أيضاً، وإن كان بعد الإتيان بالمفطر أو بعد الزوال بطل ([1171])، والأحوط إمساك بقية النهار تأدبا إن كان من شهر رمضان.
[ 2275 ] مسألة 44 : يجوز في سفر المعصية الإتيان بالصوم الندبي، ولا يسقط عنه الجمعة ولا نوافل النهار والوتيرة، فيجري عليه حكم الحاضر.
السادس : من الشرائط: أن لا يكون ممن بيته معه، كأهل البوادي من العرب والعجم الذين لا مسكن لهم معينا ([1172]) بل يدورون في البراري وينزلون في محل العشب والكلأ ومواضع القطر واجتماع الماء لعدم صدق المسافر عليهم، نعم لو سافروا لمقصد آخر من حج أو زيارة أو نحوهما قصروا ([1173])، ولو سافر أحدهم لاختيارمنزل أو لطلب محل القطر أو العشب وكان مسافة ففي وجوب القصر أو التمام عليه إشكال، فلا يترك الاحتياط بالجمع.
السابع : أن لا يكون ممن اتخذ السفر عملا وشغلا له ([1174])، كالمكاري والجمال والملاح والساعي والراعي ونحوهم، فإن هؤلاء يتمون الصلاة والصوم في سفرهم الذي هو عمل لهم وان استعملوه لأنفسهم كحمل المكاري متاعه أو أهله من مكان إلى مكان آخر، ولا فرق بين من كان عنده بعض الدواب يكريها إلى الأماكن القريبة من بلاده ([1175])فكراها إلى غير ذلك من البلدان البعيدة وغيره، وكذا لا فرق بين من جد في سفره ([1176]) بأن جعل المنزلين منزلا واحدا وبين من لم يكن كذلك، والمدار على صدق اتخاذ السفر عملا له عرفا ولو كان في سفرة واحدة لطولها وتكرر ذلك منه من مكان غير بلده إلى مكان آخر، فلا يعتبر تحقق الكثرة بتعدد السفر ثلاث مرات أو مرتين، فمع الصدق في أثناء السفر الواحد أيضاً يلحق الحكم وهو وجوب الإتمام، نعم إذا لم يتحقق الصدق إلا بالتعدد يعتبر ذلك.
[ 2276 ] مسألة 45 : إذا سافر المكاري ونحوه ممن شغله السفر سفرا ليس من عمله كما إذا سافر للحج أو الزيارة يقصر ([1177])، نعم لو حج أو زار لكن من حيث إنه عمله كما إذا كرى دابته للحج أو الزيارة وحج أو زار بالتبع أتم.
[ 2277 ] مسألة 46 : الظاهر وجوب القصر على الحملدارية ([1178]) الذين يستعملون السفر في خصوص أشهر الحج بخلاف من كان متخذا ذلك عملاً له في تمام السنة كالذين يكرون دوابهم من الأمكنة البعيدة ذهابا وإيابا على وجه يستغرق ذلك تمام السنة أو معظمها فإنه يتم حينئذ.
[ 2278 ] مسألة 47 : من كان شغله المكاراة في الصيف دون الشتاء أو بالعكس الظاهر وجوب التمام عليه، ولكن الأحوط الجمع.
[ 2279 ] مسألة 48 : من كان التردد إلى ما دون المسافة عملاً له كالحطاب ونحوه قصر إذا سافر ولو للاحتطاب، إلا إذا كان يصدق عليه المسافر عرفا وإن لم يكن بحد المسافة الشرعية فإنه يمكن أن يقال ([1179]) بوجوب التمام عليه إذا سافر بحد المسافة خصوصا فيما هو شغله من الاحتطاب مثلا.
[ 2280 ] مسألة 49 : يعتبر ([1180]) في استمرار من شغله السفر على التمام أن لا يقيم في بلده أو غيره عشرة أيام، وإلا انقطع حكم عملية السفر وعاد إلى القصر في السفرة الاُولى خاصة دون الثانية فضلا عن الثالثة، وإن كان الأحوط الجمع فيهما، ولا فرق في الحكم المزبور بين المكاري والملاح والساعي وغيرهم ممن عمله السفر، أما إذا أقام أقل من عشرة أيام بقي على التمام، وإن كان الأحوط مع إقامة الخمسة الجمع، ولا فرق في الإقامة في بلده عشرة بين أن تكون منوية أو لا، بل وكذا في غير بلده أيضاً، فمجرد البقاء عشرة يوجب العود إلى القصر، ولكن الأحوط مع الإقامة في غير بلده بلا نية الجمع في السفر الأول بين القصر والتمام.
[ 2281 ] مسألة 50 : إذا لم يكن شغله وعمله السفر لكن عرض له عارض فسافر أسفارا عديدة لا يلحقه حكم وجوب التمام، سواء كان كل سفرة بعد سابقها اتفاقيا أو كان من الأول قاصدا لاسفار عديدة، فلو كان له طعام أو شيء آخر في بعض مزارعه أو بعض القرى وأراد أن يجلبه إلى البلد فسافر ثلاث مرات أو أزيد بدوابه أو بدواب الغير لا يجب عليه التمام، وكذا إذا أراد أن ينتقل من مكان إلى مكان فاحتاج إلى أسفار متعددة في حمل أثقاله وأحماله.
[ 2282 ] مسألة 51 : لا يعتبر فيمن شغله السفر اتحاد كيفيات وخصوصيات أسفاره من حيث الطول والقصر ([1181]) ومن حيث الحمولة ومن حيث نوع الشغل، فلو كان يسافر إلى الأمكنة القريبة فسافر إلى البعيدة أو كانت دوابه الحمير فبدل بالبغال أو الجمال أو كان مكاريا فصار ملاحا أو بالعكس يلحقه الحكم وإن أعرض عن أحد النوعين إلى الآخر أو لفق من النوعين، نعم لو كان شغله المكاراة فاتفق أنه ركب السفينة للزيارة أو بالعكس قصر ([1182]) لأنه سفر في غير عمله بخلاف ما ذكرنا أولا فإنه مشتغل بعمل السفر غاية الأمر أنه تبدل خصوصية الشغل إلى خصوصية أخرى، فالمناط هو الاشتغال بالسفر وإن اختلف نوعه.
[ 2283 ] مسألة 52 : السائح في الأرض الذي لم يتخذ وطنا منها يتم، والأحوط الجمع.
[ 2284 ] مسألة 53 : الراعي الذي ليس له مكان مخصوص([1183])يتم.
[ 2285 ] مسألة 54 : التاجر الذي يدور في تجارته يتم.
[ 2286 ] مسألة 55 : من سافر معرضا عن وطنه لكنه لم يتخذ وطنا غيره يقصر ([1184]) .
[ 2287 ] مسألة 56 : من كان في أرض واسعة قد اتخذها مقرا إلا أنه كل سنة مثلا في مكان منها يقصرّ إذا سافر عن مقر سنته.
[ 2288 ] مسألة 57 : إذا شك في أنه أقام في منزله أو بلد آخر عشرة أيام أو أقل بقي على التمام.
الثامن : الوصول إلى حد الترخص، وهو المكان الذي يتوارى عنه جُدران بيوت البلد ويخفى عنه أذانه ([1185])، ويكفي تحقق أحدهما مع عدم العلم بعدم تحقق الآخر، وأما مع العلم بعدم تحققه فالأحوط اجتماعهما، بل الأحوط مراعاة اجتماعهما مطلقا، فلو تحقق أحدهما دون الآخر إما يجمع بين القصر والتمام وإما يؤخر الصلاة إلى أن يتحقق الآخر، وفي العود عن السفر أيضاً ينقطع حكم القصر إذا وصل إلى حد الترخص من وطنه أو محل إقامته ([1186])، وإن كان الأحوط تأخير الصلاة إلى الدخول في منزله أو الجمع بين القصر والتمام إذا صلى قبله بعد الوصول إلى الحد.
[ 2289 ] مسألة 58 : المناط في خفاء الجدران ([1187]) خفاء جدران البيوت لاخفاء الاعلام والقباب والمنارات بل ولا خفاء سور البلد إذا كان له سور، ويكفي خفاء صورها وأشكالها وإن لم يخف أشباحها.
[ 2290 ] مسألة 59 : إذا كان البلد في مكان مرتفع بحيث يرى من بعيد يقدر كونه في الموضع المستوي، كما أنه إذا كان في موضع منخفض يخفى بيسير من السير أو كان هناك حائل يمنع عن رؤيته كذلك يقدر في الموضع المستوي، وكذا إذا كانت البيوت على خلاف المعتاد من حيث العلو أوالانخفاض فإنها ترد إليه لكن الأحوط خفاؤها مطلقا، وكذا إذا كانت على مكان مرتفع فإن الأحوط خفاؤها مطلقا.
[ 2291 ] مسألة 60 : إذا لم يكن هناك بيوت ولا جدران يعتبر التقدير، نعم في بيوت الاعراب ونحوهم ممن لا جدران لبيوتهم يكفي خفاؤها ولا يحتاج إلى تقدير الجدران.
[ 2292 ] مسألة 61 : الظاهر في خفاء الاذان كفاية عدم تمييز فصوله (3) وإن كان الأحوط اعتبار خفاء مطلق الصوت حتى المتردد بين كونه أذانا أو غيره فضلا عن المتميز كونه أذانا مع عدم تميز فصوله.
[ 2293 ] مسألة 62 : الظاهر عدم اعتبار كون الأذان في آخر البلد في ناحية المسافر في البلاد الصغيرة والمتوسطة، بل المدار أذانها وإن كان في وسط البلد على مأذنة مرتفعة، نعم في البلاد الكبيرة يعتبر كونه في أواخر البلد من ناحية المسافر.
[ 2294 ] مسألة 63 : يعتبر كون الأذان على مرتفع معتاد في أذان ذلك البلد ولو منارة غير خارجة عن المتعارف في العلو.
[ 2295 ] مسألة 64 : المدار في عين الرائي وأذن السامع على المتوسط في الرؤية والسماع في الهواء الخالي عن الغبار والريح ونحوهما من الموانع عن الرؤية أو السماع، فغير المتوسط يرجع إليه، كما أن الصوت الخارق في العلو يرد إلى المعتاد المتوسط.
[ 2296 ] مسألة 65 : الأقوى عدم اختصاص ([1188]) اعتبار حد الترخص بالوطن فيجري في محل الإقامة أيضاً، بل وفي المكان الذي بقي فيه ثلاثين يوما مترددا، وكما لا فرق في الوطن بين إبتداء السفر والعود عنه في اعتبار حد الترخص كذلك في محل الإقامة فلو وصل في سفره إلى حد الترخص من مكان عزم على الإقامة فيه ينقطع حكم السفر ويجب عليه أن يتم، وإن كان الأحوط التأخير إلى الوصول إلى المنزل كما في الوطن، نعم لا يعتبر حد الترخص في غير الثلاثة كما إذا ذهب لطلب الغريم أو الأبق بدون قصد المسافة ثم في الأثناء قصدها فإنه يكفي فيه الضرب في الأرض.
[ 2297 ] مسألة 66 : إذا شك في البلوغ إلى حد الترخص بنى على عدمه فيبقى على التمام في الذهاب وعلى القصر في الإياب ([1189]) .
[ 2298 ] مسألة 67 : إذا كان في السفينة أو العربة فشرع في الصلاة قبل حد الترخص بنية التمام ثم في الأثناء وصل إليه فإن كان قبل الدخول في قيام الركعة الثالثة أتمها قصرا وصحت، بل وكذا إذا دخل فيه قبل الدخول في الركوع، وإن كان بعده فيحتمل وجوب الإتمام لأن الصلاة على ما افتتحت، لكنه مشكل فلا يترك الاحتياط بالاعادة ([1190]) قصرا أيضاً، وإذا شرع في الصلاة في حال العود قبل الوصول إلى الحد بنية القصر ثم في الاثناء وصل إليه أتمها تماما وصحت ([1191])، والأحوط ـ في وجه ـ إتمامها قصرا ثم إعادتها تماما.
[ 2299 ] مسألة 68 : إذا اعتقد الوصول إلى الحد فصلى قصرا ثم بان أنه لم يصل إليه وجبت الاعادة أو القضاء تماما ([1192])، وكذا في العود إذا صلى تماما باعتقاد الوصول فبان عدمه وجبت الاعادة أو القضاء قصرا، وفي عكس الصورتين بأن اعتقد عدم الوصول فبان الخلاف ينعكس الحكم فيجب الاعادة قصرا في الأولى وتماما في الثانية.
[ 2300 ] مسألة 69 : إذا سافر من وطنه وجاز عن حد الترخص ثم في أثناء الطريق وصل إلى ما دونه إما لاعوجاج الطريق أو لأمر آخر كما إذا رجع لقضاء حاجة أو نحو ذلك فما دام هناك يجب عليه التمام ([1193])، وإذا جاز عنه بعد ذلك وجب عليه القصر إذا كان الباقي مسافة ([1194])، وأما إذا سافر من محل الإقامة وجاز عن الحد ([1195]) ثم وصل إلى ما دونه أو رجع في الأثناء لقضاء حاجة بقي على التقصير، وإذا صلى في الصورة الأولى بعد الخروج عن حد الترخص قصرا ثم وصل إلى ما دونه فإن كان بعد بلوغ المسافة فلا إشكال في صحة صلاته، وأما إن كان قبل ذلك فالأحوط وجوب الاعادة، وإن كان يحتمل الأجزاء إلحاقا ([1196]) له بما لو صلى ثم بدا له في السفر قبل بلوغ المسافة.
[ 2301 ] مسألة 70 : في المسافة الدورية حول البلد دون حد الترخص في تمام الدور أو بعضه ([1197]) مما لم يكن الباقي قبله أو بعده مسافة يتم الصلاة.
وأما شروط القصر فأمور.
الأول : المسافة وهي ثمان فراسخ امتدادية ذهابا أو إيابا أو ملفقة من الذهاب والإياب إذا كان الذهاب أربعة أو أزيد، بل مطلقا على الأقوى وإن كان الذهاب فرسخا والإياب سبعة، وإن كان الأحوط في صورة كون الذهاب أقل من أربعة مع كون المجموع ثمانية الجمع، والأقوى عدم اعتبار كون الذهاب والإياب في يوم واحد أو ليلة واحدة، أو في الملفق منهما مع اتصال إيابه بذهابه وعدم قطعه بمبيت ليلة فصاعدا في الأثناء، بل إذا كان من قصده الذهاب والإياب ولو بعد تسعة أيام يجب عليه القصر، فالثمانية الملفقة كالممتدة في إيجاب القصر إلا إذا كان قاصدا للإقامة عشرة أيام في المقصد أو غيره أو حصل أحد القواطع الاُخر فكما أنه إذا بات في أثناء الممتدة ليلة أو ليالي لا يضر في سفره فكذا في الملفقة فيقصر ويفطر، ولكن مع ذلك الجمع بين القصر والتمام والصوم وقضائه في صورة عدم الرجوع ليومه أو ليلته أحوط، ولو كان من قصده الذهاب والإياب ولكن كان مترددا في الإقامة في الأثناء عشرة أيام وعدمها لم يقصر، كما أن الأمر في الامتدادية أيضاً كذلك.
[ 2232 ] مسألة 1 : الفرسخ ثلاثة أميال، والميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد الذي طوله أربع و عشرون أصبعاً، كل أصبع عرض سبع شعيرات، كل شعيرة عرض سبع شعرات من أوسط شعر البرذون.
[ 2233 ] مسألة 2 : لو نقصت المسافة عن ثمانية فراسخ ولو يسيرا لا يجوز القصر، فهي مبنية على التحقق لا المسامحة العرفية، نعم لا يضر اختلاف الأذرع المتوسطة في الجملة كما هو الحال في جميع التحديدات الشرعية ([1133]) .
[ 2234 ] مسألة 3 : لو شك في كون مقصده مسافة شرعية أو لا بقي على التمام على الأقوى، بل وكذا لو ظن كونها مسافة.
[ 2235 ] مسألة 4 : تثبت المسافة بالعلم الحاصل من الاختبار، وبالشياع المفيد للعلم، وبالبينة الشرعية، وفي ثبوتها بالعدل الواحد إشكال ([1134])، فلا يترك الاحتياط بالجمع.
[ 2236 ] مسألة 5 : الأقوى عند الشك وجوب الاختبار ([1135]) أو السؤال لتحصيل البينة أو الشياع المفيد للعلم إلا إذا كان مستلزما للحرج.
[ 2237 ] مسألة 6 : إذا تعارض البينتان فالأقوى سقوطهما ووجوب التمام، وإن كان الأحوط الجمع.
[ 2238 ] مسألة 7 : إذا شك في مقدار المسافة شرعا وجب عليه الاحتياط بالجمع إلا إذا كان مجتهدا وكان ذلك بعد الفحص عن حكمه، فإن الأصل هو التمام.
[ 2239 ] مسألة 8 : إذا كان شاكا في المسافة ومع ذلك قصر لم يجزىء بل وجب عليه الاعادة تماما، نعم لو ظهر بعد ذلك كونه مسافة أجزأ إذا حصل منه قصد القربة مع الشك المفروض، ومع ذلك الأحوط الاعادة أيضاً.
[ 2240 ] مسألة 9 : لو اعتقد كونه مسافة فقصر ثم ظهر عدمها وجبت الاعادة، وكذا لو اعتقد عدم كونه مسافة فأتم ثم ظهر كونه مسافة فإنه يجب عليه الاعادة ([1136]).
[ 2241 ] مسألة 10 : لو شك في كونه مسافة أو اعتقد العدم ثم بان في أثناء السير كونه مسافة يقصر وإن لم يكن الباقي مسافة.
[ 2242 ] مسألة 11 : إذا قصد الصبي مسافة ثم بلغ في الاثناء وجب عليه القصر وإن لم يكن الباقي مسافة، وكذا يقصرإذا أراد التطوع بالصلاة مع عدم بلوغه، والمجنون الذي يحصل منه القصد إذا قصد مسافة ثم أفاق في الأثناء يقصر، وأما إذا كان بحيث لا يحصل منه القصد فالمدار بلوغ المسافة من حين إفاقته.
[ 2243 ] مسألة 12 : لو تردد في أقل من أربعة فراسخ ذاهبا وجائيا مرات حتى بلغ المجموع ثمانية لم يقصر، ففي التلفيق لابد أن يكون المجموع من ذهاب واحد وإياب واحد ثمانية.
[ 2244 ] مسألة 13 : لو كان للبلد طريقان والأبعد منهما مسافة فإن سلك الأبعد قصر، وإن سلك الأقرب لم يقصر إلا إذا كان أربعة أو أقل وأراد الرجوع من الأبعد.
[ 2245 ] مسألة 14 : في المسافة المستديرة الذهاب فيها الوصول إلى المقصد والإياب منه إلى البلد، وعلى المختار يكفي كون المجموع مسافة مطلقا وإن لم يكن إلى المقصد أربعة، وعلى القول الآخر يعتبر أن يكون من مبدأ السير إليه أربعة مع كون المجموع بقدر المسافة.
[ 2246 ] مسألة 15 : مبدأ حساب المسافة سور البلد ([1137]) أو آخر البيوت فيما لا سور فيه في البلدان الصغار والمتوسطات، وآخر المحلة في البلدان الكبار الخارقة للعادة، والأحوط مع عدم بلوغ المسافة من آخر البلدان الجمع وإن كانت مسافة إذا لوحظ آخر المحلة.
الشرط الثاني : قصد قطع المسافة ([1138]) من حين الخروج فلو قصد أقل منها وبعد الوصول إلى المقصد قصد مقدارا آخر يكون من الأول مسافة لم يقصر، نعم لو كان ذلك المقدارمع ضم العود مسافة قصر من ذلك الوقت بشرط أن يكون عازما على العود، وكذا لا يقصر من لا يدري أي مقدار يقطع كما لو طلب عبدا آبقا أو بعيرا شاردا أو قصد الصيد ولم يدر أنه يقطع مسافة أو لا، نعم يقصر في العود إذا كان مسافة، بل في الذهاب إذا كان مع العود بقدر المسافة وإن لم يكن أربعة كان يقصد في الأثناء أن يذهب ثلاثة فراسخ والمفروض أن العود يكون خمسة أو أزيد، وكذا لا يقصر لو خرج ينتظر رفقة إن تيسروا سافر معهم وإلا فلا، أو علق سفره على حصول مطلب في الأثناء قبل بلوغ الأربعة إن حصل يسافر وإلا فلا، نعم لو اطمأن بتيسر الرفقة أو حصول المطلب بحيث يتحقق معه العزم على المسافة قصر بخروجه عن محل الترخص.
[ 2247 ] مسألة 16 : مع قصد المسافة لا يعتبر اتصال السير، فيقصّر وإن كان من قصده أن يقطع الثمانية في أيام وإن كان ذلك اختيارا لا لضرورة من عدو أو برد أو انتظار رفيق أو نحو ذلك، نعم لو كان بحيث لا يصدق عليه إسم السفر لم يقصر كما إذا قطع في كل يوم شيئا يسيرا ([1139]) جدا للتنزه أو نحوه، والأحوط في هذه الصورة أيضاً الجمع.
[ 2248 ] مسألة 17 : لا يعتبر في قصد المسافة أن يكون مستقلا بل يكفي ولو كان من جهة التبعية للغير لوجوب الطاعة كالزوجة والعبد أو قهرا كالاسير والمكره ونحوهما أو اختيارا كالخادم ونحوه بشرط العلم بكون قصد المتبوع مسافة، فلو لم يعلم بذلك بقي على التمام، ويجب الاستخبار ([1140]) مع الإمكان، نعم في وجوب الاخبارعلى المتبوع إشكال وإن كان الظاهر عدم الوجوب.
[ 2249 ] مسألة 18 : إذا علم التابع بمفارقة المتبوع قبل بلوغ المسافة ولو ملفقة بقي على التمام، بل لو ظن ذلك فكذلك، نعم لو شك في ذلك فالظاهر القصر ([1141]) خصوصا لو ظن العدم، لكن الأحوط في صورة الظن بالمفارقة والشك فيها الجمع.
[ 2250 ] مسألة 19 : إذا كان التابع عازما على المفارقة مهما أمكنه أو معلقا لها على حصول أمر كالعتق أو الطلاق ونحوهما فمع العلم بعدم الإمكان وعدم حصول المعلق عليه يقصر، وأما مع ظنه فالأحوط الجمع وإن كان الظاهر التمام، بل وكذا مع الاحتمال إلا إذا كان بعيدا غايته بحيث لا ينافي صدق قصد المسافة، ومع ذلك أيضاً لا يترك الاحتياط ([1142]).
[ 2251 ] مسألة 20 : إذا اعتقد التابع أن متبوعه لم يقصد المسافة أو شك في ذلك وفي الاثناء علم أنه قاصد لها فالظاهر وجوب القصر ([1143]) عليه وإن لم يكن الباقي مسافة لأنه إذا قصد ما قصده متبوعه فقد قصد المسافة واقعاً فهو كما لو قصد بلدا معينا واعتقد عدم بلوغه مسافة فبان في الأثناء أنه مسافة، ومع ذلك فالأحوط الجمع.
[ 2252 ] مسألة 21 : لا إشكال في وجوب القصر إذا كان مكرها على السفر أو مجبورا عليه، و أما إذا ركب على الدابة أو ألقي في السفينة من دون اختياره بأن لم يكن له حركة سيرية ففي وجوب القصر ولو مع العلم بالايصال إلى المسافة إشكال، وإن كان لا يخلو عن قوة.
الثالث : استمرار قصد المسافة ([1144]) فلو عدل عنه قبل بلوغ الأربعة أو تردد أتم ([1145])، وكذا إذا كان بعد بلوغ الأربعة لكن كان عازما على عدم العود أو كان مترددا في أصل العود وعدمه ([1146]) أو كان عازماعلى العود لكن بعد نية الإقامة هناك عشرة أيام، وأما إذا كان عازما على العود من غير نية الإقامة عشرة أيام فيبقى على القصر وإن لم يرجع ليومه، بل وإن بقي مترددا إلى ثلاثين يوما، نعم بعد الثلاثين مترددا يتم.
[ 2253 ] مسألة 22 : يكفي في استمرار القصد بقاء قصد النوع وإن عدل عن الشخص، كما لو قصد السفر إلى مكان مخصوص فعدل عنه إلى آخر يبلغ ما مضى وما بقي إليه مسافة، فإنه يقصر حينئذ على الأصح، كما أنه يقصر لو كان من أول سفره قاصدا للنوع دون الشخص، فلو قصد أحد المكانين المشتركين في بعض الطريق ولم يعين من الأول أحدهما بل أوكل التعيين إلى ما بعد الوصول إلى آخر الحد المشترك كفى في وجوب القصر.
[ 2254 ] مسألة 23 : لو تردد في الأثناء ثم عاد إلى الجزم فأما أن يكون قبل قطع شيء من الطريق أو بعده ففي الصورة الأولى يبقى على القصر إذا كان ما بقي مسافة ولوملفقة، وكذا إن لم يكن مسافة في وجه ([1147])، لكنه مشكل فلايترك الاحتياط بالجمع، وأما في الصورة الثانية فإن كان ما بقي مسافة ولو ملفقة يقصر أيضاً وإلا فيبقى على التمام، نعم لو كان ما قطعه حال الجزم أولا مع ما بقي بعد العود إلى الجزم بعد إسقاط ما تخلل بينهما مما قطعه حال التردد مسافة ففي العود إلى التقصير وجه ([1148])، لكنه مشكل فلا يترك الاحتياط بالجمع.
[ 2255 ] مسألة 24 : ما صلاه قصرا قبل العدول عن قصده لا يجب إعادته ([1149]) في الوقت فضلا عن قضائه خارجه.
الرابع : أن لا يكون من قصده في أول السير أو في أثنائه إقامة عشرة أيام قبل بلوغ الثمانية، وأن لا يكون من قصده المرور على ووطنه ([1150]) كذلك، وإلا أتم لأن الإقامة قاطعة لحكم السفر، والوصول إلى الوطن قاطع لنفسه، فلو كان من قصده ذلك من حين الشروع أو بعده لم يكن قاصدا للمسافة، وكذا يتم لو كان مترددا في نية الإقامة أو المرور على الوطن قبل بلوغ الثمانية، نعم لو لم يكن ذلك من قصده ولا مترددا فيه إلا أنه يحتمل ([1151]) عروض مقتض لذلك في الأثناء لم يناف عزمه على المسافة فيقصر، نظير ما إذا كان عازما على المسافة إلا أنه لو عرض في الأثناء مانع من لص أو عدو أو مرض أو نحو ذلك يرجع، ويحتمل عروض ذلك، فإنه لا يضر بعزمه وقصده.
[ 2256 ] مسألة 25 : لو كان حين الشروع في السفر أو في أثنائه قاصدا للإقامة أو المرور على الوطن قبل بلوغ الثمانية لكن عدل بعد ذلك عن قصده أو كان مترددا في ذلك وعدل عن ترديده إلى الجزم بعدم الأمرين فإن كان ما بقي بعد العدول مسافة في نفسه أو مع التلفيق بضم الإياب قصر، وإلا فلا، فلو كان ما بقي بعد العدول إلى المقصد أربع فراسخ وكان عازما على العود ولو لغير يومه قصر في الذهاب والمقصد والإياب، بل وكذا لو كان أقل من أربعة، بل ولو كان فرسخا فكذلك على الأقوى من وجوب القصر في كل تلفيق من الذهاب والإياب وعدم اعتبار كون الذهاب أربعة أو أزيد كما مر.
[ 2257 ] مسألة 26 : لو لم يكن من نيته في أول السفر الإقامة أو المرور على الوطن وقطع مقداراً من المسافة ثم بدا له ذلك قبل بلوغ الثمانية ثم عدل عما بدا له وعزم على عدم الأمرين فهل يضم ما مضى إلى ما بقي إذا لم يكن ما بقي بعد العدول عما بدا له مسافة فيقصر إذا كان المجموع مسافة ولو بعد إسقاط ما تخلل بين العزم الأول والعزم الثاني إذا كـان قطع بين العزمين شيئا إشكال خصوصا في صورة التخلل، فلايترك الاحتياط بالجمع نظيرما مر في الشرط الثالث ([1152]).
الخامس من الشروط : أن لا يكون السفر حراما، وإلا لم يقصر سواء كان نفسه حراما كالفرار من الزحف واباق العبد وسفر الزوجة بدون إذن الزوج في غير الواجب، وسفر الولد مع نهي الوالدين ([1153]) في غير الواجب وكما إذا كان السفر مضرا لبدنه ([1154]) وكما إذا نذر عدم السفر مع رجحان تركه نحو ذلك، أو كان غايته أمرا محرما كماإذا سافر لقتل نفس محترمة او للسرقة أو للزنا أو لاعانة ظالم ([1155]) أو لاخذ مال الناس ظلما ونحو ذلك، وأما إذا لم يكن لأجل المعصية لكن تتفق في أثنائه مثل الغيبة وشرب الخمر والزنا ونحو ذلك مما ليس غاية للفر فلا يوجب التمام بل يجب معه القصر والإفطار.
[ 2258 ] مسألة 27 : إذا كان السفر مستلزما لترك واجب كما إذا كان مديونا وسافر مع مطالبة الديان وإمكان الأداء في الحضر دون السفر ونحو ذلك فهل يوجب التمام أم لا ؟ الأقوى التفصيل بين ما إذا كان لأجل التوصل إلى ترك الواجب أو لم يكن كذلك، ففي الاول يجب التمام دون الثاني، لكن الأحوط الجمع في الثاني.
[ 2259 ] مسألة 28 : إذا كان السفر مباحا لكن ركب دابة غصبية أو كان المشي في أرض مغصوبة فالأقوى فيه القصر ([1156])، وإن كان الأحوط الجمع.
[ 2260 ] مسألة 29 : التابع للجائر إذا كان مجبورا أو مكرها على ذلك أو كان قصده دفع مظلمة أو نحوها من الأغراض الصحيحة المباحة أو الراجحة قصرّ، وأما إذا لم يكن كذلك بأن كان مختارا وكانت تبعيته إعانة للجائر في جوره وجب عليه التمام وإن كان سفر الجائر طاعة، فإن التابع حينئذ يتم مع أن المتبوع يقصرّ.
[ 2261 ] مسألة 30 : التابع للجائر المعد نفسه لامتثال أوامره لو أمره بالسفر فسافر امتثالاً لأمره، فإن عُدّ سفره إعانة للظالم في ظلمه كان حراماً ووجب عليه التمام وإن كان من حيث هو مع قطع النظر عن كونه إعانة مباحاً، والأحوط الجمع، وأما إذا لم يعد إعانة على الظلم فالواجب عليه القصر.
[ 2262 ] مسألة 31 : إذا سافر للصيد فإن كان لقوته وقوت عياله قصرّ، بل وكذا لو كان للتجارة، وإن كان الأحوط فيه الجمع، وإن كان لهوا كما يستعمله أبناء الدنيا وجب عليه التمام ([1157])، ولا فرق بين صيد البروالبحر كما لا فرق بعد فرض كونه سفرا بين كونه دائرا حول البلد وبين التباعد عنه وبين استمراره ثلاثة أيام وعدمه على الأصح.
[ 2263 ] مسألة 32 : الراجع من سفر المعصية إن كان بعد التوبة يقصرّ، وإن كان مع عدم التوبة فلا يبعد وجوب التمام عليه ([1158]) لكون العود جزءاً من سفر المعصية، لكن الأحوط الجمع حينئذ.
[ 2264 ] مسألة 33 : إباحة السفر كما أنها شرط في الأبتداء شرط في الاستدامة أيضاً، فلو كان ابتداء سفره مباحا فقصد المعصية في الأثناء انقطع ترخصه ووجب عليه الإتمام وإن كان قد قطع مسافات ولو لم يقطع بقدر المسافة صح ما صلاه قصرا، فهو كما لو عدل عن السفر وقد صلى قبل عدوله قصرا حيث ذكرنا سابقا أنه لا يجب إعادتها ([1159])، وأما لو كان ابتداء سفره معصية فعدل في الأثناء إلى الطاعة فإن كان الباقي مسافة فلا إشكال في القصر وان كانت ملفقة من الذهاب والإياب، بل وإن لم يكن الذهاب أربعة على الأقوى وأما إذا لم يكن مسافة ولو ملفقة، فالأحوط الجمع بين القصر والتمام وان كان الأقوى القصر بعد كون مجموع ما نواه بقدر المسافة ولو ملفقة فإن المدار على حال العصيان والطاعة فما دام عاصيا يتم وما دام مطيعا يقصرّ من غير نظر إلى كون البقية مسافة أو لا.
[ 2265 ] مسألة 34 : لو كانت غاية السفر ملفقة من الطاعة والمعصية فمع استقلال داعي المعصية لا إشكال في وجوب التمام سواء كان داعي الطاعة أيضاً مستقلا أو تبعا، وأما إذا كان داعي الطاعة مستقلا وداعي المعصية تبعا أو كان بالاشتراك ففي المسألة وجوه، والأحوط الجمع، وإن كان لا يبعد وجوب التمام خصوصاً في صورة الاشتراك ([1160]) بحيث لولا اجتماعهما لا يسافر
[ 2266 ] مسألة 35 : إذا شك في كون السفر معصية أو لا مع كون الشبهة موضوعية فالأصل الإباحة إلا إذا كانت الحالة السابقة هي الحرمة أو كان هناك أصل موضوعي كما إذا كانت الحلية مشروطة بأمر وجودي كأذن المولى وكان مسبوقا بالعدم، أو كان الشك في الاباحة والعدم من جهة الشك في حرمة الغاية وعدمها وكان الأصل فيها الحرمة.
[ 2267 ] مسألة 36 : هل المدار في الحلية والحرمة على الواقع أو الاعتقاد أو الظاهرمن جهة الأصول ؟ إشكال، فلو اعتقد كون السفر حراما بتخيل أن الغاية محرمة فبان خلافه كما إذا سافر لقتل شخص بتخيل أنه محقون الدم فبان كونه مهدور الدم فهل يجب عليه إعادة ما صلاه تماما أو لا ؟ ولو لم يصل وصارت قضاء فهل يقضيها قصرا أو تماما ؟ وجهان ([1161])، والأحوط الجمع، وإن كان لا يبعد كون المدار على الواقع إذا لم نقل بحرمة التجري، وعلى الاعتقاد إن قلنا بها، وكذا لو كان مقتضى الأصل العملي الحرمة وكان الواقع خلافه أو العكس فهل المناط ما هو في الواقع أو مقتضى الأصل بعد كشف الخلاف ؟ وجهان (1) والأحوط الجمع وإن كان لا يبعد كون المناط هو الظاهر الذي اقتضاه الأصل اباحة أو حرمة.
[ 2268 ] مسألة 37 : إذا كانت الغاية المحرمة في اثناء الطريق لكن كان السفر إليه مستلزماً لقطع مقدار آخر من المسافة فالظاهر أن المجموع يعد من سفر المعصية ([1162]) بخلاف ما إذا لم يستلزم.
[ 2269 ] مسألة 38 : السفر بقصد مجرد التنزه ليس بحرام ولا يوجب التمام.
[ 2270 ] مسألة 39 : إذا نذر أن يتم الصلاة في يوم معين أو يصوم يوما معينا وجب عليه الإقامة ([1163])، ولو سافر وجب عليه القصر على ما مر ([1164]) من أن السفر المستلزم لترك وواجب لا يوجب التمام إلا إذا كان بقصد التوصل إلى ترك الواجب والأحوط الجمع.
[ 2271 ] مسألة 40 : إذا كان سفره مباحا لكن يقصد الغاية المحرمة في حواشي الحادة فيخرج عنه لمحرم ويرجع إلى الجادة فإن كان السفر لهذا الغرض كان محرما ([1165]) موجبا للتمام، وان لم يكن لذلك وإنما يعرض له قصد ذلك في الأثناء فما دام خارجا عن الجادة يتم ([1166]) وما دام عليها يقصر، كما أنه إذا كان السفر لغاية محرمة وفي أثنائه يخرج عن الجادة ويقطع المسافة أو أقل لغرض آخر صحيح يقصر ما دام خارجا ([1167])، والأحوط الجمع في الصورتين.
[ 2272 ] مسألة 41 : إذا قصد مكانا لغاية محرمة فبعد الوصول إلى المقصد قبل حصول الغرض يتم، وأما بعده فحاله حال العود ([1168]) عن سفر المعصية في أنه لو تاب يقصر، ولو لم يتب يمكن القول بوجوب التمام لعد المجموع سفرا واحدا، والأحوط الجمع هنا وإن قلنا بوجوب القصر في العود بدعوى عدم عده مسافرا قبل أن يشرع في العود.
[ 2273 ] مسألة 42 : إذا كان السفر لغاية لكن عرض في أثناء الطريق قطع مقدار من المسافة لغرض محرم منضما إلى الغرض الأول فالظاهر وجوب التمام في ذلك المقدار من المسافة لكون الغاية في ذلك المقدار ملفقة من الطاعة والمعصية، والأحوط الجمع خصوصا ([1169]) إذا لم يكن الباقي مسافة.
[ 2274 ] مسألة 43 : إذا كان السفر في الابتداء معصية فقصد الصوم ثم عدل في الأثناء إلى الطاعة فإن كان العدول قبل الزوال وجب الإفطار، وإن كان بعده ففي صحة الصوم ووجوب إتمامه إذا كان في شهر رمضان مثلا وجهان، والأحوط الإتمام والقضاء، ولو انعكس بأن كان طاعة في الابتداء وعدل إلى المعصية في الأثناء فإن لم يأت بالمفطر و كان قبل الزوال صح صومه ([1170])، والأحوط قضاؤه أيضاً، وإن كان بعد الإتيان بالمفطر أو بعد الزوال بطل ([1171])، والأحوط إمساك بقية النهار تأدبا إن كان من شهر رمضان.
[ 2275 ] مسألة 44 : يجوز في سفر المعصية الإتيان بالصوم الندبي، ولا يسقط عنه الجمعة ولا نوافل النهار والوتيرة، فيجري عليه حكم الحاضر.
السادس : من الشرائط: أن لا يكون ممن بيته معه، كأهل البوادي من العرب والعجم الذين لا مسكن لهم معينا ([1172]) بل يدورون في البراري وينزلون في محل العشب والكلأ ومواضع القطر واجتماع الماء لعدم صدق المسافر عليهم، نعم لو سافروا لمقصد آخر من حج أو زيارة أو نحوهما قصروا ([1173])، ولو سافر أحدهم لاختيارمنزل أو لطلب محل القطر أو العشب وكان مسافة ففي وجوب القصر أو التمام عليه إشكال، فلا يترك الاحتياط بالجمع.
السابع : أن لا يكون ممن اتخذ السفر عملا وشغلا له ([1174])، كالمكاري والجمال والملاح والساعي والراعي ونحوهم، فإن هؤلاء يتمون الصلاة والصوم في سفرهم الذي هو عمل لهم وان استعملوه لأنفسهم كحمل المكاري متاعه أو أهله من مكان إلى مكان آخر، ولا فرق بين من كان عنده بعض الدواب يكريها إلى الأماكن القريبة من بلاده ([1175])فكراها إلى غير ذلك من البلدان البعيدة وغيره، وكذا لا فرق بين من جد في سفره ([1176]) بأن جعل المنزلين منزلا واحدا وبين من لم يكن كذلك، والمدار على صدق اتخاذ السفر عملا له عرفا ولو كان في سفرة واحدة لطولها وتكرر ذلك منه من مكان غير بلده إلى مكان آخر، فلا يعتبر تحقق الكثرة بتعدد السفر ثلاث مرات أو مرتين، فمع الصدق في أثناء السفر الواحد أيضاً يلحق الحكم وهو وجوب الإتمام، نعم إذا لم يتحقق الصدق إلا بالتعدد يعتبر ذلك.
[ 2276 ] مسألة 45 : إذا سافر المكاري ونحوه ممن شغله السفر سفرا ليس من عمله كما إذا سافر للحج أو الزيارة يقصر ([1177])، نعم لو حج أو زار لكن من حيث إنه عمله كما إذا كرى دابته للحج أو الزيارة وحج أو زار بالتبع أتم.
[ 2277 ] مسألة 46 : الظاهر وجوب القصر على الحملدارية ([1178]) الذين يستعملون السفر في خصوص أشهر الحج بخلاف من كان متخذا ذلك عملاً له في تمام السنة كالذين يكرون دوابهم من الأمكنة البعيدة ذهابا وإيابا على وجه يستغرق ذلك تمام السنة أو معظمها فإنه يتم حينئذ.
[ 2278 ] مسألة 47 : من كان شغله المكاراة في الصيف دون الشتاء أو بالعكس الظاهر وجوب التمام عليه، ولكن الأحوط الجمع.
[ 2279 ] مسألة 48 : من كان التردد إلى ما دون المسافة عملاً له كالحطاب ونحوه قصر إذا سافر ولو للاحتطاب، إلا إذا كان يصدق عليه المسافر عرفا وإن لم يكن بحد المسافة الشرعية فإنه يمكن أن يقال ([1179]) بوجوب التمام عليه إذا سافر بحد المسافة خصوصا فيما هو شغله من الاحتطاب مثلا.
[ 2280 ] مسألة 49 : يعتبر ([1180]) في استمرار من شغله السفر على التمام أن لا يقيم في بلده أو غيره عشرة أيام، وإلا انقطع حكم عملية السفر وعاد إلى القصر في السفرة الاُولى خاصة دون الثانية فضلا عن الثالثة، وإن كان الأحوط الجمع فيهما، ولا فرق في الحكم المزبور بين المكاري والملاح والساعي وغيرهم ممن عمله السفر، أما إذا أقام أقل من عشرة أيام بقي على التمام، وإن كان الأحوط مع إقامة الخمسة الجمع، ولا فرق في الإقامة في بلده عشرة بين أن تكون منوية أو لا، بل وكذا في غير بلده أيضاً، فمجرد البقاء عشرة يوجب العود إلى القصر، ولكن الأحوط مع الإقامة في غير بلده بلا نية الجمع في السفر الأول بين القصر والتمام.
[ 2281 ] مسألة 50 : إذا لم يكن شغله وعمله السفر لكن عرض له عارض فسافر أسفارا عديدة لا يلحقه حكم وجوب التمام، سواء كان كل سفرة بعد سابقها اتفاقيا أو كان من الأول قاصدا لاسفار عديدة، فلو كان له طعام أو شيء آخر في بعض مزارعه أو بعض القرى وأراد أن يجلبه إلى البلد فسافر ثلاث مرات أو أزيد بدوابه أو بدواب الغير لا يجب عليه التمام، وكذا إذا أراد أن ينتقل من مكان إلى مكان فاحتاج إلى أسفار متعددة في حمل أثقاله وأحماله.
[ 2282 ] مسألة 51 : لا يعتبر فيمن شغله السفر اتحاد كيفيات وخصوصيات أسفاره من حيث الطول والقصر ([1181]) ومن حيث الحمولة ومن حيث نوع الشغل، فلو كان يسافر إلى الأمكنة القريبة فسافر إلى البعيدة أو كانت دوابه الحمير فبدل بالبغال أو الجمال أو كان مكاريا فصار ملاحا أو بالعكس يلحقه الحكم وإن أعرض عن أحد النوعين إلى الآخر أو لفق من النوعين، نعم لو كان شغله المكاراة فاتفق أنه ركب السفينة للزيارة أو بالعكس قصر ([1182]) لأنه سفر في غير عمله بخلاف ما ذكرنا أولا فإنه مشتغل بعمل السفر غاية الأمر أنه تبدل خصوصية الشغل إلى خصوصية أخرى، فالمناط هو الاشتغال بالسفر وإن اختلف نوعه.
[ 2283 ] مسألة 52 : السائح في الأرض الذي لم يتخذ وطنا منها يتم، والأحوط الجمع.
[ 2284 ] مسألة 53 : الراعي الذي ليس له مكان مخصوص([1183])يتم.
[ 2285 ] مسألة 54 : التاجر الذي يدور في تجارته يتم.
[ 2286 ] مسألة 55 : من سافر معرضا عن وطنه لكنه لم يتخذ وطنا غيره يقصر ([1184]) .
[ 2287 ] مسألة 56 : من كان في أرض واسعة قد اتخذها مقرا إلا أنه كل سنة مثلا في مكان منها يقصرّ إذا سافر عن مقر سنته.
[ 2288 ] مسألة 57 : إذا شك في أنه أقام في منزله أو بلد آخر عشرة أيام أو أقل بقي على التمام.
الثامن : الوصول إلى حد الترخص، وهو المكان الذي يتوارى عنه جُدران بيوت البلد ويخفى عنه أذانه ([1185])، ويكفي تحقق أحدهما مع عدم العلم بعدم تحقق الآخر، وأما مع العلم بعدم تحققه فالأحوط اجتماعهما، بل الأحوط مراعاة اجتماعهما مطلقا، فلو تحقق أحدهما دون الآخر إما يجمع بين القصر والتمام وإما يؤخر الصلاة إلى أن يتحقق الآخر، وفي العود عن السفر أيضاً ينقطع حكم القصر إذا وصل إلى حد الترخص من وطنه أو محل إقامته ([1186])، وإن كان الأحوط تأخير الصلاة إلى الدخول في منزله أو الجمع بين القصر والتمام إذا صلى قبله بعد الوصول إلى الحد.
[ 2289 ] مسألة 58 : المناط في خفاء الجدران ([1187]) خفاء جدران البيوت لاخفاء الاعلام والقباب والمنارات بل ولا خفاء سور البلد إذا كان له سور، ويكفي خفاء صورها وأشكالها وإن لم يخف أشباحها.
[ 2290 ] مسألة 59 : إذا كان البلد في مكان مرتفع بحيث يرى من بعيد يقدر كونه في الموضع المستوي، كما أنه إذا كان في موضع منخفض يخفى بيسير من السير أو كان هناك حائل يمنع عن رؤيته كذلك يقدر في الموضع المستوي، وكذا إذا كانت البيوت على خلاف المعتاد من حيث العلو أوالانخفاض فإنها ترد إليه لكن الأحوط خفاؤها مطلقا، وكذا إذا كانت على مكان مرتفع فإن الأحوط خفاؤها مطلقا.
[ 2291 ] مسألة 60 : إذا لم يكن هناك بيوت ولا جدران يعتبر التقدير، نعم في بيوت الاعراب ونحوهم ممن لا جدران لبيوتهم يكفي خفاؤها ولا يحتاج إلى تقدير الجدران.
[ 2292 ] مسألة 61 : الظاهر في خفاء الاذان كفاية عدم تمييز فصوله (3) وإن كان الأحوط اعتبار خفاء مطلق الصوت حتى المتردد بين كونه أذانا أو غيره فضلا عن المتميز كونه أذانا مع عدم تميز فصوله.
[ 2293 ] مسألة 62 : الظاهر عدم اعتبار كون الأذان في آخر البلد في ناحية المسافر في البلاد الصغيرة والمتوسطة، بل المدار أذانها وإن كان في وسط البلد على مأذنة مرتفعة، نعم في البلاد الكبيرة يعتبر كونه في أواخر البلد من ناحية المسافر.
[ 2294 ] مسألة 63 : يعتبر كون الأذان على مرتفع معتاد في أذان ذلك البلد ولو منارة غير خارجة عن المتعارف في العلو.
[ 2295 ] مسألة 64 : المدار في عين الرائي وأذن السامع على المتوسط في الرؤية والسماع في الهواء الخالي عن الغبار والريح ونحوهما من الموانع عن الرؤية أو السماع، فغير المتوسط يرجع إليه، كما أن الصوت الخارق في العلو يرد إلى المعتاد المتوسط.
[ 2296 ] مسألة 65 : الأقوى عدم اختصاص ([1188]) اعتبار حد الترخص بالوطن فيجري في محل الإقامة أيضاً، بل وفي المكان الذي بقي فيه ثلاثين يوما مترددا، وكما لا فرق في الوطن بين إبتداء السفر والعود عنه في اعتبار حد الترخص كذلك في محل الإقامة فلو وصل في سفره إلى حد الترخص من مكان عزم على الإقامة فيه ينقطع حكم السفر ويجب عليه أن يتم، وإن كان الأحوط التأخير إلى الوصول إلى المنزل كما في الوطن، نعم لا يعتبر حد الترخص في غير الثلاثة كما إذا ذهب لطلب الغريم أو الأبق بدون قصد المسافة ثم في الأثناء قصدها فإنه يكفي فيه الضرب في الأرض.
[ 2297 ] مسألة 66 : إذا شك في البلوغ إلى حد الترخص بنى على عدمه فيبقى على التمام في الذهاب وعلى القصر في الإياب ([1189]) .
[ 2298 ] مسألة 67 : إذا كان في السفينة أو العربة فشرع في الصلاة قبل حد الترخص بنية التمام ثم في الأثناء وصل إليه فإن كان قبل الدخول في قيام الركعة الثالثة أتمها قصرا وصحت، بل وكذا إذا دخل فيه قبل الدخول في الركوع، وإن كان بعده فيحتمل وجوب الإتمام لأن الصلاة على ما افتتحت، لكنه مشكل فلا يترك الاحتياط بالاعادة ([1190]) قصرا أيضاً، وإذا شرع في الصلاة في حال العود قبل الوصول إلى الحد بنية القصر ثم في الاثناء وصل إليه أتمها تماما وصحت ([1191])، والأحوط ـ في وجه ـ إتمامها قصرا ثم إعادتها تماما.
[ 2299 ] مسألة 68 : إذا اعتقد الوصول إلى الحد فصلى قصرا ثم بان أنه لم يصل إليه وجبت الاعادة أو القضاء تماما ([1192])، وكذا في العود إذا صلى تماما باعتقاد الوصول فبان عدمه وجبت الاعادة أو القضاء قصرا، وفي عكس الصورتين بأن اعتقد عدم الوصول فبان الخلاف ينعكس الحكم فيجب الاعادة قصرا في الأولى وتماما في الثانية.
[ 2300 ] مسألة 69 : إذا سافر من وطنه وجاز عن حد الترخص ثم في أثناء الطريق وصل إلى ما دونه إما لاعوجاج الطريق أو لأمر آخر كما إذا رجع لقضاء حاجة أو نحو ذلك فما دام هناك يجب عليه التمام ([1193])، وإذا جاز عنه بعد ذلك وجب عليه القصر إذا كان الباقي مسافة ([1194])، وأما إذا سافر من محل الإقامة وجاز عن الحد ([1195]) ثم وصل إلى ما دونه أو رجع في الأثناء لقضاء حاجة بقي على التقصير، وإذا صلى في الصورة الأولى بعد الخروج عن حد الترخص قصرا ثم وصل إلى ما دونه فإن كان بعد بلوغ المسافة فلا إشكال في صحة صلاته، وأما إن كان قبل ذلك فالأحوط وجوب الاعادة، وإن كان يحتمل الأجزاء إلحاقا ([1196]) له بما لو صلى ثم بدا له في السفر قبل بلوغ المسافة.
[ 2301 ] مسألة 70 : في المسافة الدورية حول البلد دون حد الترخص في تمام الدور أو بعضه ([1197]) مما لم يكن الباقي قبله أو بعده مسافة يتم الصلاة.
(1133) (في جميع التحديات الشرعية) : بمعنى لزوم الاخذ باقل المتعارف.
(1134) (اشكال) : بل منع إلا اذا اوجب الاطمئنان.
(1135) (الاقوى عند الشك وجوب الاختبار) : بل الاقوى عدم وجوبه نعم هو احوط.
(1136) (فانه يجب عليه الاعادة) : في الوقت ولا يجب القضاء لو كان الانكشاف خارجه.
(1137) (سورة البلد) : بل الموضع الذي يعد الشخص بعد تجاوزه مسافراً عرفاً وهو آخر البلد غالباً وربما يكون آخر الحي أو المحلة في بعض البلدان الكبار.
(1138) (قصد قطع المسافة) : بمعنى احراز قطعها ـ وان لم يكن عن ارادة ـ فلو سوفر به وهو نائم أو مغمى عليه من غير سبق التفات اتم صلاته نعم لو ركت قطاراً مثلاً وعلم انه يسير به الى تمام المسافة فنام أو اغمى عليه قبل تحركه وجب عليه القصر وان لم ينتبه في الطريق أصلاً.
(1139) (كما اذا قطع كل يوم شيئاً يسيراً) : المثال محل اشكال فلا يترك الاحتياط فيه.
(1140) (ويجب الاستخبار) : لا يجب ولكنه أحوط.
(1141) (فالظاهر القصر) : بل الظاهر وجوب التمام ما لم يطمئن بطي المسافة.
(1142) (لا يترك الاحتياط) : لا بأس بتركه.
(1143) (فالظاهر وجوب القصر) : بل الظاهر وجوب التمام اذا لم يكن الباقي مسافة ولو بالتلفيق، والمثال المذكور من قبيل الجهل بثبوت صفة المسافة مع قصد ذاتها بخلاف ما نحن فيه، نعم اذا كان المقصد معلوماً لدى التابع وان جهل كونه مسافة كان من قبيل ما ذكر.
(1144) (استمرار قصد المسافة) : ولو حكماً فلا ينافيه إلا العدول أو التردد.
(1145) (أو تردد اتم) : اذا لم يكن ما سبق منه قبل العدول مع ما يطويه في الرجوع بمقدار المسافة.
(1146) (أو كان متردداً في اصل العود وعدمه) : مع التردد ايضاً في الاقامة في هذا المحل، واما اذا كان متردداً بين العود والمضي في سفره فيلزمه التقصير لكفاية قصد المسافة النوعية.
(1147) (وكذا إن لم يكن مسافة في وجه) : قوي.
(1148) (ففي العود الى التقصير وجه) : لا يخلو عن قوة وان كان الاحتياط لا ينبغي تركه.
(1149) (لا يجب اعادته) : لا يترك الاحتياط بالاعادة والقضاء.
(1150) (من قصده المرور على وطنه) : والنزول فيه واما مجرد المرور اجتيازاً من غير نزول ففيه اشكال كما سيأتي.
(1151) (إلا انه يحتمل) : احتمالاً لا يعبأ به العقلاء وإلا كان من قبيل المتردد وكذا الحال في نظائره.
(1152) (نظير ما مر في الشرط الثالث) : مر ما هو المختار فيه وهذا مثله.
(1153) (مع نهي الوالدين) : بل مع تأذيهما بالخروج الناشئ من شفقتهما عليه.
(1154) (مضراً لبدنه) : ضرراً يبلغ حد الاتلاف أو ما يلحقه كفساد عضو من الاعضاء.
(1155) (لاعانة ظالم) : في ظلمه.
(1156) (فالاقوى فيه القصر) : بل الاقوى فيه التمام في الصورة الثانية بل وفي الاولى اذا قصد الفرار بها عن المالك.
(1157) (وجب عليه التمام) : فيكون ملحقاً بسفر المعصية حكماً، والاحوط في غيره من السفر الذي يعد باطلاً ولو بلحاظ المقاصد العقلائية الجمع بين القصر والأتمام.
(1158) (فلا يبعد وجوب التمام عليه) : بل هو بعيد والاظهر وجوب القصر عليه.
(1159) (لا يجب اعادتها) : بل تجب الاعادة على الاحوط كما مر.
(1160) (وان كان لا يبعد وجوب التمام خصوصاً في صورة الاشتراك) : بل هو الاقوى في هذه الصورة كما ان الاقوى تعين القصر في الصورة الاولى.
(1161) (وجهان) : الاظهر اناطة التمام بالحرمة الواقعية المنجزة، نعم لا يضر في وجوب التمام مع كون الغاية كذلك عدم تحققها في الخارج.
(1162) (فالظاهر ان المجموع يعد من سفر المعصية) : بل الظاهر خلافه إلا اذا كان الزائد مقدمة للمعصية.
(1163) (وجب عليه الاقامة) : الاظهر عدم وجوبها في صورة نذر الصوم نعم يجب قضاؤه لو سافر.
(1164) (وجب عليه القصر على ما مر) : انما يجب عليه القصر في الصلاة مع نذر الاتمام من جهة اخرى غير ما مر ولا فرق فيها بين قصد التوصل الى ترك الواجب وعدمه.
(1165) (كان محرماً) : اي في المقدار الذي يكون مقدمة للغاية المحرمة.
(1166) (فما دام خارجاً عن الجادة يتم): بل في خصوص حال الذهاب.
(1167) (يقصر ما دام خارجاً) : بل في غير حال الاياب.
(1168) (فحاله حال العود) : وقد مر وجوب التقصير في حال العود مطلقاً.
(1169) (خصوصاً) : لا خصوصية له في حكم المقدار الملفق واما الباقي فالاظهر وجوب القصر فيه ولو لم يكن مسافة.
(1170) (صح صومه) : لا يترك الاحتياط بالاتمام والقضاء.
(1171) (بطل) : البطلان في الصورة الثانية محل تأمل فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في النية.
(1172) (لا مسكن لهم معيناً) : لا دخل لهذا في الحكم بل الميزان ان يصدق عليهم في هذا الحال ان بيوتهم معهم.
(1173) (قصروا) : اذا لم يصدق العنوان المذكور عليهم في هذا الحال وإلا اتموا، وهكذا الكلام فيما بعده.
(1174) (عملاً وشغلاً له) : عرفاً اما باتخاذ عمل سفري مهنة له أو بتكرر السفر منه خارجاً، فالمعيار كثرة السفر ولو تقديراً كما في الأول.
(1175) (الاماكن القريبة من بلاده) : بشرط بلوغ المسافة.
(1176) (لا فرق بين من جد في سفره) : اذا جد به السير بان اتعبه واشتد عليه لاشتماله على مشقة زائدة على المقدار الذي يوجبه السفر عادة فلا يبعد ثبوت التقصير في حقه اذا كان ممن اتخذ العمل السفري مهنة له كالمكاري والجمال.
(1177) (يقصر) : لا يبعد وجوب التمام عليه حينئذٍ ايضاً مع تحقق الكثرة الفعلية ولو بذلك ومنه يظهر الحال فيما بعده.
(1178) (الظاهر وجوب القصر على الحلمدارية) : بل الظاهر وجوب التمام عليهم مع استغراق السفر لتمام اشهر الحج أو معظمها، نعم اذا كان زمانه قصيراً كثلاثة اسابيع فالظاهر وجوب القصر عليهم.
(1179) (يمكن ان يقال) : ولكنه ضعيف والاظهر وجوب القصر عليه.
(1180) (يعتبر) : لا يبعد عدم اعتباره فيبقى على التمام في السفر الاول حتى في المكاري وان كان لا ينبغي له ترك الاحتياط بالجمع بين القصر والاتمام في سفره الاول.
(1181) (من حيث الطول والقصر) : بعد عدم كون السفر اقل من المسافة الشرعية كما مر.
(1182) (قصر) : مر الكلام فيه في التعليق على المسألة الخامسة والاربعين.
(1183) (الذي ليس له مكان مخصوص) : بل مطلقاً ما دام يعد السفر عملاً له.
(1184) (يقصر) : بشرط ان لا يصدق عليه أحد العناوين الموجبة للتمام ككون بيته معه.
(1185) (ويخفى عنه اذانه) : في معرفية عدم سماع الاذان لحد الترخص او محدديته له اشكال بل منع ومنه يظهر الحال في جملة من الفروع الاتية.
(1186) (من وطنه أو محل اقامته) : اعتبار حد الترخص في الموردين ولا سيما في العود الى محل الاقامة محل اشكال بل منع والاحتياط في محله.
(1187) (المناط في خفاء الجدران) : بل الاظهر ان المناط استتار الشخص عن أهل البيوت في حدود معيشتهم فيها وفي مرافقها ومنه يظهر الحال في بعض الفروع الاتية.
(1188) (الاقوى عدم اختصاص) : بل لا يبعد الاختصاص بالذهاب عن الوطن.
(1189) (وعلى القصر في الاياب) : قد مر المنع عن اعتبار حد الترخص في الاياب وعلى القول باعتباره ففي المقام تفصيل.
(1190) (فلا يترك الاحتياط بالاعادة) : الظاهر جواز القطع والاتيان بها قصراً كما مر في المسألة 29 من فصل النية.
(1191) (اتمها تماماً وصحت) : على القول باعتبار حد الترخص في الاياب وإلا فيصليها قصراً وهو الاظهر.
(1192) (الاعادة أو القضاء تماماً) : بل يراعي في الاعادة حاله حين العمل وفي القضاء وظيفته حال الفوت وكذا الامر في عكسه اذا انكشف الخلاف في الوقت ولا قضاء لو انشكف خارجه، هذا في الذهاب ومثله الحال في الاياب على القول باعتبار حد الترخص فيه، واما على المختار من عدم اعتباره فلا محل لهذا الفرع.
(1193) (يجب عليه التمام) : لا يترك الاحتياط بالجمع بين الاتمام والقصر في صورة اعوجاج الطريق وما بحكمه من تقارب البيوت الى الطريق مع استقامته.
(1194) (اذا كان الباقي مسافة) : بل مطلقاً ما لم يعدل عن نية السير الى المسافة وفي صورة اعوجاج الطريق وما بحكمه يعتبر هذا المقدار جزءاً من ثمانية فراسخ بخلافه في غيرها.
(1195) (وجاز عن الحد) : أو لم يجز لما مر من عدم اعتبار حد الترخص بالنسبة الى محل الاقامة.
(1196) (إلحاقاً) : بل على القاعدة.
(1197) (في تمام الدور أو بعضه) : الاظهر لزوم القصر في الصورة الثانية مع صدق السفر عرفاً وكون الدخول في حد الترخص لاعوجاج الطريق أو ما بحكمه ولو فرض تكرره.