الكتب الفتوائية » الفتاوى الميسّـرة
البحث في:
للأمر بالمعروف أو النّهي عن المنكر مراتب ←
→ قال أبي وسأذكر لك بعض ما يُعتبر في الوقف
حواريّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الآن ـ قال أبي ـ وقد أحطتَّ بالكثير مّما تحتاجه مِن أحكامك الشرعيّة وتعلَّمت الكثير .
الآن وقد عرفت مِن أحكام الله ما عرَفت ، واستوضحت من واجباتها ما استوضحت ، وحفظت من محرّماتها ما حفِظت .
الآن ، وقد بصرت بما لم تبصر به من قبل..
الآن ، وليس بعد الآن.. يجب أنْ تتذكّر الماضي بكلّ قساوته ، يوم رفَعت رأسك الى السماء وقلبك يقطر أسىً وألماً وحيرةً ولوعة ، وأنت تقول :
إلهي أعلم أنّك كلَّفتني . ولكنّي لا أَعْلم بماذا كلَّفتني .
إلهي أنّى لي أنْ أعرف حلالك فافعله ، أو حرامك فاجتنبه .
الآن ، وليس بعد الآن.. آن لك أنْ تدرك أنَّ أعداداً كثيرة ممَّن هُم في مثل سنِّك ومرحلتك الدراسيّة ، أو أكبر منك ، يعيشون مأساتك السالفة ، ويعانون معاناتك ، ويكابدون مكابدتك ، تكتوي أجفانهم كما اكتوَت أجفانك بنثيث دمعك المشتعل وأنت تقول :
اللّهم أعن كتب الفقه الإسلامي على الإفصاح عمّا تريد قوله لأفهم ما تُريد قوله .
الآن ، وقد تعلّمت ما تعلّمت ، وألمَمت مِن أحكام الفقه بما ألمَمت.. آن لك أنْ تعمل بقوله سُبحانه وتعالى في كتابه المجيد : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ، فتدعو الى الخير ، وتأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر .
* آمر بماذا يا أبتي ؟ وأنهي عن ماذا ؟
ـ أُؤمر بما علِمت من معروف ، وانه عمّا علِمت مِن منكر .
* ولكن ما لي وللناس يا أبتي ، وما علاقتي بمَن يفعل المنكر مثلاً حتّى آمره بتركه ، ثُمّ لماذا أتدخل في شؤون الآخرين فآمرهم وأنهاهم ما دُمتُ أنا أفعل المعروف وأجتنب المنكر ، وهذا يكفيني ؟
ـ حاذر أنْ تقول ذلك يا بُنَي ، وحاذِر أنْ تكرّره ثانيةً ، فالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ببعض مراتبهما واجبان كفائيّان.. فإذا لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر أحد.. لا أنا ، ولا أنت ، ولا أحدٌ آخر غيرنا ، أثِمنا جميعاً ، وتعرّضنا لغضَب الله عزّ وجلّ وعِقابه وسخَطه.. أمّا إذا قام بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر أحدنا ، فقد سقَط عن الجميع .
ألم تتدّبر قوله تعالى : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) . تلك الآية الكريمة التي قرأتها لك قبل قليل ؟!
ألم تسمع قول النبيّ الكريم محمّد ( صلّى الله عليه وآله ) : ( لا تزال أُمّتي بخير ما أمروا بالمعروف ، ونهوا عن المنكر ، وتعاونوا على البر . فإذا لم يفعلوا ذلك نُزِعت منهم البرَكَات ، وسُلِّط بعضُهم على بعض ، ولم يكن لهم ناصرٌ في الأرض ولا في السماء ) ؟!
ألم تقرأ قول الإمام عليّ ( عليه السلام ) : ( لا تتركوا الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ، فيولّي عليكم شراركم ثُمّ تدعون فلا يُستجاب لكم ) ؟!
ألم تقرأ قول الإمام أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) : ( إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيلُ الأنبياء ، ومنهاج الصُلَحَاء ، فريضةٌ عظيمة بها تُقام الفرائض ، وتأمن المذاهب ، وتحلّ المكاسب وتُرَدُّ المظالم ، وتعمَّر الأرض ، وينتصف من الأعداء ، ويستقيم الأمر ) ؟!
وقوله ( عليه السلام ) : ( الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ـ خلْقان مِن خَلقِ الله ، فمَن نصَرَهما أعزّه الله ، ومَن خذَلَهما خذلُه الله ) ؟
ثُمَّ ألم تقرأ قول النّبي الكريم محمّد ( صلّى الله عليه وآله ) : ( كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيّته ) ؟
* نعم قرأته ؟
ـ فأنت إذن راع ، ومسؤول كذلك عن رعيّتك ، وللرّاعي واجبات ، وعليه حقوقٌ وتَبِعات ، والمسؤوليّة ثقيلة .
أوَ بعد كلّ هذا تقول : لماذا أكون فضوليّاً ، فأتدخّل في شأنٍ لا يعنيني ، ليس أمرُك بالمعروف ونهيك عن المنكر فضولاً . وليسا هما تدخّلاً منك يا بني في شأنٍ لا يعنيك.. هذان شأنُك.. نعم شأنُك.. فالذي أوجَب عليك الصلاة والصوم والحجّ والخُمس هو الذي أوجَب عليك الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر .
* ولكنّي لست رجلَ دين حتّى آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ؟
ـ ومَن قال لك أنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر مسؤوليّة رجُل الدّين وحده.. الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر واجبان عليك وعليَّ وعلى رجل الدّين والطالب والمدرِّس والتّاجر والعامل والموظّف والصناعي والعسكري والرئيس والمرؤوس والعادل والفاسق والغني والفقير والمرأة والرجل.. الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر واجبان على الجميع .
* سمعتك تقول : إنْ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ببعض مراتبها واجبان كفائيّان ، فهل هُما ببعض مراتبها الأُخرى واجبان عينيّان كوجوب الصلاة اليوميّة ؟
ـ أجل يا بُنَي.. إنّهما واجبان عينيّان ببعض مراتبهما ، وهي مرتبة إظهار الكراهة فِعلاً أو قَولاً مِن ترك المعروف وفعل المنكر . ألم يبلغك أنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : ( أمَرنا رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أنْ نلقى أهل المعاصي بوجوهٍ مكفهرّة ) هذا يعني أنّ واجبنا أنْ نُظهِر لمرتكب المعصية كُرهاً لِما يرتكبه وانزعاجنا منه .
* ولكن هل أنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر واجبان في مطلق الأحوال .
ـ لا ، إنّما يجبان مع توفّر الشروط التالية : ـ
1 ـ أنْ يكون الشخص الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر عارفاً بالمعروف والمنكر ، حتّى ولو كانت معرفته غير شاملة ولا مفصّلة ، يكفي أنْ يعرف أنّ هذا العمل معروف ليأمر به أو أنّ هذا منكر محرّم لينهى عنه .
2 ـ أنْ يحتمل ائتمار المأمور بالمعروف بأمره ، وانتهاء المنهي عنه المنكر بنهيه ، بأنْ لا يعلَم منه أنّه لا يُبالي ولا يهتمّ ولا يكترث بأمره ونهيه .
* وإذا علم بانّ الفاعل سوف يفعل المنكر ، أو يترك المعروف ، ولا يهتمّ بأمره ولا نهيه ؟
ـ حينئذٍ يسقط عنه الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ببعض مراحلهما [ويجب ببعض مراحلهما الأُخرى وهي مرحلة إظهار الكراهة فعلاً أو قولاً ، مِن تركه للمعروف وارتكابه للمنكر] .
3 ـ أنْ يكون تارك المعروف ، أو فاعل المنكر ، مصرّاً على ترك المعروف أو فعل المنكر ، بمعنى أنّه بصدد الاستمرار على فعل المنكر ، أمّا إذا احتمل أنّه منصرف عن الاِستمرار على المنكر لم يجب أمره ونهيه .
* أحبُّ أنْ أتأكّد فأسأل : وإذا لم يكن مُصرّاً على فعله للمنكر أو تركه للمعروف ؟
ـ لا يجب أمره بالمعروف ، ولا نهيه عن المنكر .
* وكيف أعرف أنّ هذا الشخص مصرٌّ على فعله للمنكر أو غير مصرٍّ عليه ؟
ـ إذا ظهرَت لك علامة أو إمارة على إقلاعه عنه فهو غير مصرٍّ ..
إذا انصرف عن الفعل فهو غير مُصرّ.. إذا ندم عليه فهو غير مُصِرّ .. وبالتالي فلا يجِب عليك أمره أو نهيه .
* أحياناً أعرف أنّ شخصاً ما ينوي أو يُريد ارتكاب منكر وترك معروف فهل يجِب عليّ أمره أو نهيه قَبل أنْ يفعل فعلته ؟
ـ نعم يجب عليك أمره بالمعروف أو نهيه عن المنكر حتّى ولو قصَد المخالفة ، مرّةً واحدة فقط .
4 ـ أنْ لا يكون فاعل المنكر أو تارك المعروف معذوراً في فعله للمنكر أو تركه للمعروف ، لاعتقاده مثلاً أنّ ما فعله ليس حراماً أو أنّ ما تركه ليس واجباً وكان معذوراً في ذلك الاشتباه . وإلاّ لم يجب عليك شيء .
5 ـ أنْ لا يخاف الآمر بالمعروف والنّاهي عن المنكر من ترتّبِ ضررٍ عليه في نفسه ، أو عرضه ، أو ماله بالمقدار المعتدِّ به أو بأحدٍ من المسلمين كذلك مِن جرّاء أمره بالمعروف أو نهيه عن المنكر .
* وإذا خاف الضّرر على نفسه أو على غيره من المسلمين من جرّاء الأمر بالمعروف أو النّهي عن المنكر ؟
ـ لم يجب عليه الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر في هذه الحالة ، إلاّ إذا كان المعروف أو المنكر مِن المهمّات في نظر المشرِّع الإسلامي ، فيجب حينئذٍ الموازنة بين الطرفين بلحاظ قوّة الاِحتمال وأهميّة المحتمل ، فقد لا يجب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وقد يجبان .
وإذا أردت أنْ آمر بالمعروف أو أنهى عن المنكر ؟
للأمر بالمعروف أو النّهي عن المنكر مراتب ←
→ قال أبي وسأذكر لك بعض ما يُعتبر في الوقف
الآن وقد عرفت مِن أحكام الله ما عرَفت ، واستوضحت من واجباتها ما استوضحت ، وحفظت من محرّماتها ما حفِظت .
الآن ، وقد بصرت بما لم تبصر به من قبل..
الآن ، وليس بعد الآن.. يجب أنْ تتذكّر الماضي بكلّ قساوته ، يوم رفَعت رأسك الى السماء وقلبك يقطر أسىً وألماً وحيرةً ولوعة ، وأنت تقول :
إلهي أعلم أنّك كلَّفتني . ولكنّي لا أَعْلم بماذا كلَّفتني .
إلهي أنّى لي أنْ أعرف حلالك فافعله ، أو حرامك فاجتنبه .
الآن ، وليس بعد الآن.. آن لك أنْ تدرك أنَّ أعداداً كثيرة ممَّن هُم في مثل سنِّك ومرحلتك الدراسيّة ، أو أكبر منك ، يعيشون مأساتك السالفة ، ويعانون معاناتك ، ويكابدون مكابدتك ، تكتوي أجفانهم كما اكتوَت أجفانك بنثيث دمعك المشتعل وأنت تقول :
اللّهم أعن كتب الفقه الإسلامي على الإفصاح عمّا تريد قوله لأفهم ما تُريد قوله .
الآن ، وقد تعلّمت ما تعلّمت ، وألمَمت مِن أحكام الفقه بما ألمَمت.. آن لك أنْ تعمل بقوله سُبحانه وتعالى في كتابه المجيد : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ، فتدعو الى الخير ، وتأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر .
* آمر بماذا يا أبتي ؟ وأنهي عن ماذا ؟
ـ أُؤمر بما علِمت من معروف ، وانه عمّا علِمت مِن منكر .
* ولكن ما لي وللناس يا أبتي ، وما علاقتي بمَن يفعل المنكر مثلاً حتّى آمره بتركه ، ثُمّ لماذا أتدخل في شؤون الآخرين فآمرهم وأنهاهم ما دُمتُ أنا أفعل المعروف وأجتنب المنكر ، وهذا يكفيني ؟
ـ حاذر أنْ تقول ذلك يا بُنَي ، وحاذِر أنْ تكرّره ثانيةً ، فالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ببعض مراتبهما واجبان كفائيّان.. فإذا لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر أحد.. لا أنا ، ولا أنت ، ولا أحدٌ آخر غيرنا ، أثِمنا جميعاً ، وتعرّضنا لغضَب الله عزّ وجلّ وعِقابه وسخَطه.. أمّا إذا قام بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر أحدنا ، فقد سقَط عن الجميع .
ألم تتدّبر قوله تعالى : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) . تلك الآية الكريمة التي قرأتها لك قبل قليل ؟!
ألم تسمع قول النبيّ الكريم محمّد ( صلّى الله عليه وآله ) : ( لا تزال أُمّتي بخير ما أمروا بالمعروف ، ونهوا عن المنكر ، وتعاونوا على البر . فإذا لم يفعلوا ذلك نُزِعت منهم البرَكَات ، وسُلِّط بعضُهم على بعض ، ولم يكن لهم ناصرٌ في الأرض ولا في السماء ) ؟!
ألم تقرأ قول الإمام عليّ ( عليه السلام ) : ( لا تتركوا الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ، فيولّي عليكم شراركم ثُمّ تدعون فلا يُستجاب لكم ) ؟!
ألم تقرأ قول الإمام أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) : ( إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيلُ الأنبياء ، ومنهاج الصُلَحَاء ، فريضةٌ عظيمة بها تُقام الفرائض ، وتأمن المذاهب ، وتحلّ المكاسب وتُرَدُّ المظالم ، وتعمَّر الأرض ، وينتصف من الأعداء ، ويستقيم الأمر ) ؟!
وقوله ( عليه السلام ) : ( الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ـ خلْقان مِن خَلقِ الله ، فمَن نصَرَهما أعزّه الله ، ومَن خذَلَهما خذلُه الله ) ؟
ثُمَّ ألم تقرأ قول النّبي الكريم محمّد ( صلّى الله عليه وآله ) : ( كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيّته ) ؟
* نعم قرأته ؟
ـ فأنت إذن راع ، ومسؤول كذلك عن رعيّتك ، وللرّاعي واجبات ، وعليه حقوقٌ وتَبِعات ، والمسؤوليّة ثقيلة .
أوَ بعد كلّ هذا تقول : لماذا أكون فضوليّاً ، فأتدخّل في شأنٍ لا يعنيني ، ليس أمرُك بالمعروف ونهيك عن المنكر فضولاً . وليسا هما تدخّلاً منك يا بني في شأنٍ لا يعنيك.. هذان شأنُك.. نعم شأنُك.. فالذي أوجَب عليك الصلاة والصوم والحجّ والخُمس هو الذي أوجَب عليك الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر .
* ولكنّي لست رجلَ دين حتّى آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ؟
ـ ومَن قال لك أنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر مسؤوليّة رجُل الدّين وحده.. الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر واجبان عليك وعليَّ وعلى رجل الدّين والطالب والمدرِّس والتّاجر والعامل والموظّف والصناعي والعسكري والرئيس والمرؤوس والعادل والفاسق والغني والفقير والمرأة والرجل.. الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر واجبان على الجميع .
* سمعتك تقول : إنْ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ببعض مراتبها واجبان كفائيّان ، فهل هُما ببعض مراتبها الأُخرى واجبان عينيّان كوجوب الصلاة اليوميّة ؟
ـ أجل يا بُنَي.. إنّهما واجبان عينيّان ببعض مراتبهما ، وهي مرتبة إظهار الكراهة فِعلاً أو قَولاً مِن ترك المعروف وفعل المنكر . ألم يبلغك أنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : ( أمَرنا رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أنْ نلقى أهل المعاصي بوجوهٍ مكفهرّة ) هذا يعني أنّ واجبنا أنْ نُظهِر لمرتكب المعصية كُرهاً لِما يرتكبه وانزعاجنا منه .
* ولكن هل أنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر واجبان في مطلق الأحوال .
ـ لا ، إنّما يجبان مع توفّر الشروط التالية : ـ
1 ـ أنْ يكون الشخص الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر عارفاً بالمعروف والمنكر ، حتّى ولو كانت معرفته غير شاملة ولا مفصّلة ، يكفي أنْ يعرف أنّ هذا العمل معروف ليأمر به أو أنّ هذا منكر محرّم لينهى عنه .
2 ـ أنْ يحتمل ائتمار المأمور بالمعروف بأمره ، وانتهاء المنهي عنه المنكر بنهيه ، بأنْ لا يعلَم منه أنّه لا يُبالي ولا يهتمّ ولا يكترث بأمره ونهيه .
* وإذا علم بانّ الفاعل سوف يفعل المنكر ، أو يترك المعروف ، ولا يهتمّ بأمره ولا نهيه ؟
ـ حينئذٍ يسقط عنه الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ببعض مراحلهما [ويجب ببعض مراحلهما الأُخرى وهي مرحلة إظهار الكراهة فعلاً أو قولاً ، مِن تركه للمعروف وارتكابه للمنكر] .
3 ـ أنْ يكون تارك المعروف ، أو فاعل المنكر ، مصرّاً على ترك المعروف أو فعل المنكر ، بمعنى أنّه بصدد الاستمرار على فعل المنكر ، أمّا إذا احتمل أنّه منصرف عن الاِستمرار على المنكر لم يجب أمره ونهيه .
* أحبُّ أنْ أتأكّد فأسأل : وإذا لم يكن مُصرّاً على فعله للمنكر أو تركه للمعروف ؟
ـ لا يجب أمره بالمعروف ، ولا نهيه عن المنكر .
* وكيف أعرف أنّ هذا الشخص مصرٌّ على فعله للمنكر أو غير مصرٍّ عليه ؟
ـ إذا ظهرَت لك علامة أو إمارة على إقلاعه عنه فهو غير مصرٍّ ..
إذا انصرف عن الفعل فهو غير مُصرّ.. إذا ندم عليه فهو غير مُصِرّ .. وبالتالي فلا يجِب عليك أمره أو نهيه .
* أحياناً أعرف أنّ شخصاً ما ينوي أو يُريد ارتكاب منكر وترك معروف فهل يجِب عليّ أمره أو نهيه قَبل أنْ يفعل فعلته ؟
ـ نعم يجب عليك أمره بالمعروف أو نهيه عن المنكر حتّى ولو قصَد المخالفة ، مرّةً واحدة فقط .
4 ـ أنْ لا يكون فاعل المنكر أو تارك المعروف معذوراً في فعله للمنكر أو تركه للمعروف ، لاعتقاده مثلاً أنّ ما فعله ليس حراماً أو أنّ ما تركه ليس واجباً وكان معذوراً في ذلك الاشتباه . وإلاّ لم يجب عليك شيء .
5 ـ أنْ لا يخاف الآمر بالمعروف والنّاهي عن المنكر من ترتّبِ ضررٍ عليه في نفسه ، أو عرضه ، أو ماله بالمقدار المعتدِّ به أو بأحدٍ من المسلمين كذلك مِن جرّاء أمره بالمعروف أو نهيه عن المنكر .
* وإذا خاف الضّرر على نفسه أو على غيره من المسلمين من جرّاء الأمر بالمعروف أو النّهي عن المنكر ؟
ـ لم يجب عليه الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر في هذه الحالة ، إلاّ إذا كان المعروف أو المنكر مِن المهمّات في نظر المشرِّع الإسلامي ، فيجب حينئذٍ الموازنة بين الطرفين بلحاظ قوّة الاِحتمال وأهميّة المحتمل ، فقد لا يجب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وقد يجبان .
وإذا أردت أنْ آمر بالمعروف أو أنهى عن المنكر ؟