الكتب الفتوائية » منهاج الصالحين ـ الجزء الثالث (الطبعة المصححة 1445 هـ.)
البحث في:
كتاب الأطعمـة والأشـربة » الفصـل الثاني في غير الحيوان
←
→ كتاب الأطعمـة والأشـربة » 2. البهائم ونحوها
كتاب الأطعمـة والأشـربة » 3. الطـيور
مسألة 883: كلّ طائر ذي ريش يحلّ أكل لحمه إلّا السباع، فيحلّ الحمام بجميع أصنافه كالقُمْريّ والدُّبْسي والوَرَشان ويحلّ الدُّرّاج والقَبَج والقَطا والطَّيْهوج والبَطّ والكَرَوان والحُبارى والكُرْكيّ، كما يحلّ الدَّجاج بجميع أقسامه والعصفور بجميع أنواعه ومنه البلبل والزُّرْزُور والقُبَّرة، ويحلّ الهدهد والخُطّاف والشَّقِرّاق والصُّرَد والصُّوّام وإن كان يكره قتلها، وتحلّ النَّعامة والطاووس.
وأمّا السباع وهــي كلّ ذي مِخْلَــب ســواء أكان قــويّاً يقوى به على افتــراس الطيــر - كالبازي والصَّقْر والعقاب والشاهين والباشق - أو ضعيفاً لا يقوى به على ذلك كالنَّسْر والبُغاث فهي محرّمة الأكل، وكذا الغراب بجميع أنواعه حتّى الزاغ على الأحوط لزوماً، ويحرم أيضاً كلّ ما يطير وليس له ريش كالخفّاش وكذا الزُّنبور والبَقّ والفَراشة وغيرها من الحشرات الطائرة - عدا الجَراد - على الأحوط لزوماً.
مسألة 884: الظاهر أنّ كلّ طائر يكون صفيفه أكثر من دفيفه - أي بسط جناحيه عند الطيران أكثر من تحريكهما - أي تحريكهما عنده - يكون ذا مخلب فيحرم لحمه، بخلاف ما يكون دفيفه أكثر من صفيفه فإنّه محلّل اللحم.
وعلى هذا فيتميّز المحرّم من الطيور عن غيره بملاحظة كيفيّة طيرانها، كما يتميّز ما لا يعرف طيرانه بوجود (الحَوْصَلة أو القانِصَة أو الصِّيصَة) فيه، فما يكون له إحدى الثلاث يحلّ أكله دون غيره.
والحَوْصَلة ما يجتمع فيه الحبّ وغيره من المأكول عند الحلق.
والقانِصَة ما يجتمع فيه الحصاة الدقاق التي يأكلها الطير .
والصِّيصَة شَوْكَة في رجل الطير خارجة عن الكفّ.
مسألة 885: قد علم ممّا تقدّم أنّ الطير الذي يكون صفيفه أكثر من دفيفه محرّم الأكل وإن وجد فيه أحد الأعضاء الثلاثة أو جميعها، فمورد الرجوع إلى هذه العلامة الطير الذي له صفيف ودفيف ولم يتبيّن أيّهما أكثر - ولو من جهة اختلاف المشاهدين لطيرانه كما هو الحال في اللَّقْلَق - وكذا الطير المذبوح إذا لم يعرف حاله.
مسألة 886: لو فرض تساوي الصفيف والدفيف في الطير فالمشهور بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) حلّيّته، ولكنّه محلّ إشكال فالأحوط لزوماً الرجوع إلى العلامة المذكورة، فإن وجد فيه أحد الأعضاء الثلاثة حلّ أكله وإلّا حرم.
مسألة 887: بيض الطير تابع له في الحلّ والحرمة فبيض المحلّل حلال وبيض المحرّم حرام، وما اشتبه أنّه من المحلّل أو المحرّم يؤكل ما اختلف طرفاه وتميّز أعلاه من أسفله مثل بيض الدجاج، دون ما اتّفق وتساوى طرفاه.
مسألة 888: تتساوى طيور الماء مع غيرها في الضابطين المتقدّمين للحلّ والحرمة، فما كان منها صفيفه أكثر من دفيفه حرم أكله، وما كان دفيفه أكثر حلّ أكله وإن كان يأكل السمك، وإذا لم يعرف كيفيّة طيرانه فالعبرة في حلّيّته بوجود أحد الأعضاء الثلاثة فيه أي (الحوصلة والقانصة والصيصة).
مسألة 889: تعرض الحرمة على الحيوان المحلّل بالأصل بأُمور :
الأمر الأوّل: الجلل، وهو أن يتغذّى الحيوان بعذرة الإنسان بحيث يصدق عرفاً أنّها غذاؤه، ولا يلحق بعذرة الإنسان عذرة غيره ولا سائر النجاسات، ويتحقّق الصدق المزبور بانحصار غذائه بها مدّة معتدّاً بها، فلو كان يتغذّى بها مع غيرها لم يتحقّق الصدق فلم يحرم، إلّا أن يكون تغذّيه بغيرها نادراً جدّاً بحيث يكون في النظر العرفيّ بحكم العدم، وكذا إذا انحصر غذاؤه بها فترة قصيرة كيوم وليلة، بل لا بُدَّ من الاستمرار يومين فما زاد.
مسألة 890: يعمّ حكم الجلل كلّ حيوان محلّل حتّى الطير والسمك.
مسألة 891: كما يحرم لحم الحيوان الجلّال يحرم لبنه وبيضه ويحلّان بما يحلّ به لحمه، فحكم الحيوان المحرّم بالعارض حكم الحيوان المحرّم بالأصل قبل أن يُستبرأ ويزول حكمه.
مسألة 892: الجلل ليس مانعاً عن تذكية الحيوان، فيذّكى الجلّال بما يذّكى به غيره، ويترتّب عليها طهارة لحمه وجلده كسائر الحيوان المحرّم بالأصل القابل للتذكية.
مسألة 893: تزول حرمة الجلّال بالاستبراء وهو أن يمنع الحيوان عن أكل العذرة لمدّة يخرج بها عن صدق الجلّال عليه، والأحوط الأولى مع ذلك أن يراعى في الاستبراء مضيّ المدّة المعيّنة لها في بعض الأخبار وهي: للدجاجة ثلاثة أيّام، وللبَطّة خمسة، وللغنم عشرة، وللبقرة عشرون، وللبعير أربعون يوماً، وللسمك يوم وليلة.
مسألة 894: لا يشترط فيما يكون غذاء الحيوان في مدّة الاستبراء من الجلل أن يكون طاهراً بل يكفي تغذّيه فيها بغير ما أوجب الجلل مطلقاً وإن كان متنجّساً أو نجساً.
مسألة 895: يستحبّ رَبْط الدجاجة التي يراد أكلها أيّاماً ثُمَّ ذبحها وإن لم يعلم جللها.
الأمر الثاني - ممّا يوجب حرمة الحيوان المحلّل بالأصل -: أن يطأه الإنسان قُبُلاً أو دُبُراً وإن لم ينزل فإنّه يحرم بذلك لحمه وكذا لبنه ونسله المتجدّد بعد الوطء على الأحوط لزوماً.
ولا فرق في الواطئ بين الصغير والكبير على الأحوط وجوباً، كما لا فرق بين العاقل والمجنون والعالم والجاهل والمختار والمكره، ولا فرق في الموطوء بين الذكر والأُنثى، ولا يحرم الحمل إذا كان متكوّناً قبل الوطء كما لا يحرم الموطوء إذا كان ميّتاً، ويختصّ الحكم المذكور بالبهائم فلا تحرم بالوطء سائر أنواع الحيوان.
مسألة 896: الحيوان الموطوء إن كان ممّا يُطلب لحمه كالغنم والبقر يجب أن يذبح ثُمَّ يحرق، فإن كان لغير الواطئ وجب عليه أن يغرم قيمته لمالكه.
وأمّا إذا كان ممّا يركب ظهره كالخيل والبغال والحمير وجب نفيه من البلد وبيعه في بلد آخر، ويغرم الواطئ - إذا كان غير المالك - قيمته ويكون الثمن لنفس الواطئ، وأمّا إذا كان ممّا يطلب لحمه ويركب ظهره معاً كالإبل لحقه حكم القسم الأوّل.
مسألة 897: إذا وطئ إنسان بهيمة يطلب لحمها واشتبه الموطوء بين عدّة أفراد أخرج بالقرعة.
الأمر الثالث - ممّا يوجب حرمة الحيوان المحلّل بالأصـل - : الرضاع من الخنزيرة، فإنّه إذا رضع الجدي - وهو ولد المعز - من لبن خنزيرة واشتدّ لحمه وعظمه من ذلك حرم لحمه ونسله ولبنهما أيضاً، ويلحق بالجدي العجل وأولاد سائر الحيوانات المحلّل لحمها على الأحوط لزوماً، ولا تلحق بالخنزيرة الكلبة ولا الكافرة، ولا يعمّ الحكم الشرب من دون رضاع وللرضاع بعد ما كبر وفطم.
هذا إذا اشتدّ لحم الحيوان وعظمه بالرضاع، وأمّا إذا لم يشتدّ فالأحوط لزوماً أن يستبرأ سبعة أيّام بلبن طاهر إن لم يكن مستغنياً عن الرضاع، وإلّا استبرئ بالعلف والشعير ونحوهما ثُمَّ يحلّ بعد ذلك.
مسألة 898: لو شرب الحيوان المحلّل الخمر حتّى سكر فذبح في تلك الحال جاز أكل لحمه ولكن لا بُدَّ من غسل ما لاقته الخمر مع بقاء عينها، ولا يؤكل ما في جوفه من الأمعاء والكرش والقلب والكبد وغيرها وإن غسل على الأحوط لزوماً، ولو شرب بولاً أو غيره من النجاسات ثُمَّ ذبح عقيب الشرب لم يحرم لحمه ويؤكل ما في جوفه بعد غسله مع بقاء عين النجاسة فيه.
مسألة 899: لو رضع جدي أو عناق أو عجل من لبن أمرأة حتّى فطم وكبر لم يحرم لحمه لكنّه مكروه.
مسألة 900: تحرم من الحيوان المحلّل وإن ذكّي عدّة أشياء، وهي ما يلي:
الدم، والرَّوْث، والقضيب، والفرج ظاهره وباطنه، والمشيمة وهي موضع الولد، والغدّة وهي كلّ عقدة في الجسم مدوّرة تشبه البُنْدُق، والبيضتان، وخَرَزَة الدِّماغ وهي حَبّة بقدر الحُمَّصَة في وسط الدِّماغ، والنُّخاع وهو خيط أبيض كالمخّ في وسط فَقار الظَّهر، والعَلْباوان - على الأحوط لزوماً - وهما عصبتان ممتدّتان على الظهر من الرقبة إلى الذَّنَب، والمَرارَة، والطِّحال، والمثانة، وحدقة العين وهي الحَبّة الناظرة منها لا جسم العين كلّه.
هذا في غير الطيور والسمك والجَراد، وأمّاالطيور فيحرم ممّا يوجد فيها من المذكورات (الدم والرجيع)، وأمّا تحريم غيرهما فمبنيٌّ على الاحتياط اللزوميّ، وكذا تحريم الرجيع والدم من السمك والرجيع من الجراد ولا يحرم غير ذلك ممّا يوجد فيهما من المذكورات.
مسألة 901: يؤكل من الحيوان المذكّى غير ما مرّ فيؤكل القلب والكبد والكرش والأمعاء والغضروف والعضلات وغيرها، نعم يكره الكُلْيتان وأُذنا القلب والعروق خصوصاً الأوداج، وهل يؤكل منه الجلد والعظم مع عدم الضرر أم لا؟ وجهان، والصحيح هو الأوّل والأحوط الأولى الاجتناب، نعم لا إشكال في جلد الرأس وجلد الدجاج وغيره من الطيور وكذا في عظم صغار الطيور كالعصفور .
مسألة 902: يجوز أكل ما حلّ أكله نيّاً ومطبوخاً بل ومحروقاً إذا لم يكن مضرّاً ضرراً بليغاً.
مسألة 903: لا تحلّ أبوال ما لا يؤكل لحمه بل وما يؤكل لحمه أيضاً حتّى الإبل على الأحوط لزوماً، نعم لا بأس بشرب أبوال الأنعام الثلاثة للتداوي وإن لم ينحصر العلاج بها.
مسألة 904: يحرم رجيع كلّ حيوان ولو كان ممّا حلّ أكله على ما تقدّم، نعم لا تحرم فضلات الديدان الملتصقة بأجواف الفواكه ونحوها، وكذا ما في جوف السمك والجراد إذا أُكِل معها.
مسألة 905: يحرم لبن الحيوان المحرّم أكله ولو لعارض كما مرّ، وأمّا لبن الإنسان فالأحوط وجوباً ترك شربه.
مسألة 906: يحرم الدم من الحيوان ذي النفس السائلة حتّى العلقة والدم في البيضة، بل وما يتخلّف في الأجزاء المأكولة من الذبيحة، نعم لا إشكال مع استهلاكه في المرق أو نحوه.
وأمّا الدم من غير ذي النفس السائلة فما كان ممّا حرم أكله كالوزغ والضفدع والعقرب والخفّاش فلا إشكال في حرمته.
وأمّا ما كان ممّا حلّ أكله كالسمك الحلال ففيه إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه، نعم يحكم بحلّيّته إذا أكل مع السمك بأن أكل السمك بدمه.
مسألة 907: تحرم الميتة وإن كانت طاهرة كالسمك الطافي وكذا تحرم أجزاؤها، ويستثنى منها اللبن والإنفحة والبيضة إذا اكتست القشر الأعلى وإن لم يتصلّب، وقد يستثنى منها جميع ما لا تحلّه الحياة ممّا يحكم بطهارته وإن كانــت الميتة نجســة - كالعظم والقرن والظُفر - ولكنّه محلّ إشكال، فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
مسألة 908: إذا اشتبه اللحم فلم يعلم أنّه مذكّى أم لا ولم تكن عليه إحدى أمارات التذكية المتقدّمة في المسألة (871) لم يحلّ أكله، وأمّا لو اشتبه اللّحم المحرز تذكيته - ولو بإحدى أماراتها - فلم يعلم أنّه من النوع الحلال أو الحرام حكم بحلّه.
مسألة 909: لا يحرم بلع النخامة والأخلاط الصدريّة الصاعدة إلى فضاء الفم، ويحرم القيح والبلغم والنخامة ونحوها من فضلات الحيوان ممّا تعافه الطباع وتستخبثه النفوس.
كتاب الأطعمـة والأشـربة » الفصـل الثاني في غير الحيوان
←
→ كتاب الأطعمـة والأشـربة » 2. البهائم ونحوها
وأمّا السباع وهــي كلّ ذي مِخْلَــب ســواء أكان قــويّاً يقوى به على افتــراس الطيــر - كالبازي والصَّقْر والعقاب والشاهين والباشق - أو ضعيفاً لا يقوى به على ذلك كالنَّسْر والبُغاث فهي محرّمة الأكل، وكذا الغراب بجميع أنواعه حتّى الزاغ على الأحوط لزوماً، ويحرم أيضاً كلّ ما يطير وليس له ريش كالخفّاش وكذا الزُّنبور والبَقّ والفَراشة وغيرها من الحشرات الطائرة - عدا الجَراد - على الأحوط لزوماً.
مسألة 884: الظاهر أنّ كلّ طائر يكون صفيفه أكثر من دفيفه - أي بسط جناحيه عند الطيران أكثر من تحريكهما - أي تحريكهما عنده - يكون ذا مخلب فيحرم لحمه، بخلاف ما يكون دفيفه أكثر من صفيفه فإنّه محلّل اللحم.
وعلى هذا فيتميّز المحرّم من الطيور عن غيره بملاحظة كيفيّة طيرانها، كما يتميّز ما لا يعرف طيرانه بوجود (الحَوْصَلة أو القانِصَة أو الصِّيصَة) فيه، فما يكون له إحدى الثلاث يحلّ أكله دون غيره.
والحَوْصَلة ما يجتمع فيه الحبّ وغيره من المأكول عند الحلق.
والقانِصَة ما يجتمع فيه الحصاة الدقاق التي يأكلها الطير .
والصِّيصَة شَوْكَة في رجل الطير خارجة عن الكفّ.
مسألة 885: قد علم ممّا تقدّم أنّ الطير الذي يكون صفيفه أكثر من دفيفه محرّم الأكل وإن وجد فيه أحد الأعضاء الثلاثة أو جميعها، فمورد الرجوع إلى هذه العلامة الطير الذي له صفيف ودفيف ولم يتبيّن أيّهما أكثر - ولو من جهة اختلاف المشاهدين لطيرانه كما هو الحال في اللَّقْلَق - وكذا الطير المذبوح إذا لم يعرف حاله.
مسألة 886: لو فرض تساوي الصفيف والدفيف في الطير فالمشهور بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) حلّيّته، ولكنّه محلّ إشكال فالأحوط لزوماً الرجوع إلى العلامة المذكورة، فإن وجد فيه أحد الأعضاء الثلاثة حلّ أكله وإلّا حرم.
مسألة 887: بيض الطير تابع له في الحلّ والحرمة فبيض المحلّل حلال وبيض المحرّم حرام، وما اشتبه أنّه من المحلّل أو المحرّم يؤكل ما اختلف طرفاه وتميّز أعلاه من أسفله مثل بيض الدجاج، دون ما اتّفق وتساوى طرفاه.
مسألة 888: تتساوى طيور الماء مع غيرها في الضابطين المتقدّمين للحلّ والحرمة، فما كان منها صفيفه أكثر من دفيفه حرم أكله، وما كان دفيفه أكثر حلّ أكله وإن كان يأكل السمك، وإذا لم يعرف كيفيّة طيرانه فالعبرة في حلّيّته بوجود أحد الأعضاء الثلاثة فيه أي (الحوصلة والقانصة والصيصة).
مسألة 889: تعرض الحرمة على الحيوان المحلّل بالأصل بأُمور :
الأمر الأوّل: الجلل، وهو أن يتغذّى الحيوان بعذرة الإنسان بحيث يصدق عرفاً أنّها غذاؤه، ولا يلحق بعذرة الإنسان عذرة غيره ولا سائر النجاسات، ويتحقّق الصدق المزبور بانحصار غذائه بها مدّة معتدّاً بها، فلو كان يتغذّى بها مع غيرها لم يتحقّق الصدق فلم يحرم، إلّا أن يكون تغذّيه بغيرها نادراً جدّاً بحيث يكون في النظر العرفيّ بحكم العدم، وكذا إذا انحصر غذاؤه بها فترة قصيرة كيوم وليلة، بل لا بُدَّ من الاستمرار يومين فما زاد.
مسألة 890: يعمّ حكم الجلل كلّ حيوان محلّل حتّى الطير والسمك.
مسألة 891: كما يحرم لحم الحيوان الجلّال يحرم لبنه وبيضه ويحلّان بما يحلّ به لحمه، فحكم الحيوان المحرّم بالعارض حكم الحيوان المحرّم بالأصل قبل أن يُستبرأ ويزول حكمه.
مسألة 892: الجلل ليس مانعاً عن تذكية الحيوان، فيذّكى الجلّال بما يذّكى به غيره، ويترتّب عليها طهارة لحمه وجلده كسائر الحيوان المحرّم بالأصل القابل للتذكية.
مسألة 893: تزول حرمة الجلّال بالاستبراء وهو أن يمنع الحيوان عن أكل العذرة لمدّة يخرج بها عن صدق الجلّال عليه، والأحوط الأولى مع ذلك أن يراعى في الاستبراء مضيّ المدّة المعيّنة لها في بعض الأخبار وهي: للدجاجة ثلاثة أيّام، وللبَطّة خمسة، وللغنم عشرة، وللبقرة عشرون، وللبعير أربعون يوماً، وللسمك يوم وليلة.
مسألة 894: لا يشترط فيما يكون غذاء الحيوان في مدّة الاستبراء من الجلل أن يكون طاهراً بل يكفي تغذّيه فيها بغير ما أوجب الجلل مطلقاً وإن كان متنجّساً أو نجساً.
مسألة 895: يستحبّ رَبْط الدجاجة التي يراد أكلها أيّاماً ثُمَّ ذبحها وإن لم يعلم جللها.
الأمر الثاني - ممّا يوجب حرمة الحيوان المحلّل بالأصل -: أن يطأه الإنسان قُبُلاً أو دُبُراً وإن لم ينزل فإنّه يحرم بذلك لحمه وكذا لبنه ونسله المتجدّد بعد الوطء على الأحوط لزوماً.
ولا فرق في الواطئ بين الصغير والكبير على الأحوط وجوباً، كما لا فرق بين العاقل والمجنون والعالم والجاهل والمختار والمكره، ولا فرق في الموطوء بين الذكر والأُنثى، ولا يحرم الحمل إذا كان متكوّناً قبل الوطء كما لا يحرم الموطوء إذا كان ميّتاً، ويختصّ الحكم المذكور بالبهائم فلا تحرم بالوطء سائر أنواع الحيوان.
مسألة 896: الحيوان الموطوء إن كان ممّا يُطلب لحمه كالغنم والبقر يجب أن يذبح ثُمَّ يحرق، فإن كان لغير الواطئ وجب عليه أن يغرم قيمته لمالكه.
وأمّا إذا كان ممّا يركب ظهره كالخيل والبغال والحمير وجب نفيه من البلد وبيعه في بلد آخر، ويغرم الواطئ - إذا كان غير المالك - قيمته ويكون الثمن لنفس الواطئ، وأمّا إذا كان ممّا يطلب لحمه ويركب ظهره معاً كالإبل لحقه حكم القسم الأوّل.
مسألة 897: إذا وطئ إنسان بهيمة يطلب لحمها واشتبه الموطوء بين عدّة أفراد أخرج بالقرعة.
الأمر الثالث - ممّا يوجب حرمة الحيوان المحلّل بالأصـل - : الرضاع من الخنزيرة، فإنّه إذا رضع الجدي - وهو ولد المعز - من لبن خنزيرة واشتدّ لحمه وعظمه من ذلك حرم لحمه ونسله ولبنهما أيضاً، ويلحق بالجدي العجل وأولاد سائر الحيوانات المحلّل لحمها على الأحوط لزوماً، ولا تلحق بالخنزيرة الكلبة ولا الكافرة، ولا يعمّ الحكم الشرب من دون رضاع وللرضاع بعد ما كبر وفطم.
هذا إذا اشتدّ لحم الحيوان وعظمه بالرضاع، وأمّا إذا لم يشتدّ فالأحوط لزوماً أن يستبرأ سبعة أيّام بلبن طاهر إن لم يكن مستغنياً عن الرضاع، وإلّا استبرئ بالعلف والشعير ونحوهما ثُمَّ يحلّ بعد ذلك.
مسألة 898: لو شرب الحيوان المحلّل الخمر حتّى سكر فذبح في تلك الحال جاز أكل لحمه ولكن لا بُدَّ من غسل ما لاقته الخمر مع بقاء عينها، ولا يؤكل ما في جوفه من الأمعاء والكرش والقلب والكبد وغيرها وإن غسل على الأحوط لزوماً، ولو شرب بولاً أو غيره من النجاسات ثُمَّ ذبح عقيب الشرب لم يحرم لحمه ويؤكل ما في جوفه بعد غسله مع بقاء عين النجاسة فيه.
مسألة 899: لو رضع جدي أو عناق أو عجل من لبن أمرأة حتّى فطم وكبر لم يحرم لحمه لكنّه مكروه.
مسألة 900: تحرم من الحيوان المحلّل وإن ذكّي عدّة أشياء، وهي ما يلي:
الدم، والرَّوْث، والقضيب، والفرج ظاهره وباطنه، والمشيمة وهي موضع الولد، والغدّة وهي كلّ عقدة في الجسم مدوّرة تشبه البُنْدُق، والبيضتان، وخَرَزَة الدِّماغ وهي حَبّة بقدر الحُمَّصَة في وسط الدِّماغ، والنُّخاع وهو خيط أبيض كالمخّ في وسط فَقار الظَّهر، والعَلْباوان - على الأحوط لزوماً - وهما عصبتان ممتدّتان على الظهر من الرقبة إلى الذَّنَب، والمَرارَة، والطِّحال، والمثانة، وحدقة العين وهي الحَبّة الناظرة منها لا جسم العين كلّه.
هذا في غير الطيور والسمك والجَراد، وأمّاالطيور فيحرم ممّا يوجد فيها من المذكورات (الدم والرجيع)، وأمّا تحريم غيرهما فمبنيٌّ على الاحتياط اللزوميّ، وكذا تحريم الرجيع والدم من السمك والرجيع من الجراد ولا يحرم غير ذلك ممّا يوجد فيهما من المذكورات.
مسألة 901: يؤكل من الحيوان المذكّى غير ما مرّ فيؤكل القلب والكبد والكرش والأمعاء والغضروف والعضلات وغيرها، نعم يكره الكُلْيتان وأُذنا القلب والعروق خصوصاً الأوداج، وهل يؤكل منه الجلد والعظم مع عدم الضرر أم لا؟ وجهان، والصحيح هو الأوّل والأحوط الأولى الاجتناب، نعم لا إشكال في جلد الرأس وجلد الدجاج وغيره من الطيور وكذا في عظم صغار الطيور كالعصفور .
مسألة 902: يجوز أكل ما حلّ أكله نيّاً ومطبوخاً بل ومحروقاً إذا لم يكن مضرّاً ضرراً بليغاً.
مسألة 903: لا تحلّ أبوال ما لا يؤكل لحمه بل وما يؤكل لحمه أيضاً حتّى الإبل على الأحوط لزوماً، نعم لا بأس بشرب أبوال الأنعام الثلاثة للتداوي وإن لم ينحصر العلاج بها.
مسألة 904: يحرم رجيع كلّ حيوان ولو كان ممّا حلّ أكله على ما تقدّم، نعم لا تحرم فضلات الديدان الملتصقة بأجواف الفواكه ونحوها، وكذا ما في جوف السمك والجراد إذا أُكِل معها.
مسألة 905: يحرم لبن الحيوان المحرّم أكله ولو لعارض كما مرّ، وأمّا لبن الإنسان فالأحوط وجوباً ترك شربه.
مسألة 906: يحرم الدم من الحيوان ذي النفس السائلة حتّى العلقة والدم في البيضة، بل وما يتخلّف في الأجزاء المأكولة من الذبيحة، نعم لا إشكال مع استهلاكه في المرق أو نحوه.
وأمّا الدم من غير ذي النفس السائلة فما كان ممّا حرم أكله كالوزغ والضفدع والعقرب والخفّاش فلا إشكال في حرمته.
وأمّا ما كان ممّا حلّ أكله كالسمك الحلال ففيه إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه، نعم يحكم بحلّيّته إذا أكل مع السمك بأن أكل السمك بدمه.
مسألة 907: تحرم الميتة وإن كانت طاهرة كالسمك الطافي وكذا تحرم أجزاؤها، ويستثنى منها اللبن والإنفحة والبيضة إذا اكتست القشر الأعلى وإن لم يتصلّب، وقد يستثنى منها جميع ما لا تحلّه الحياة ممّا يحكم بطهارته وإن كانــت الميتة نجســة - كالعظم والقرن والظُفر - ولكنّه محلّ إشكال، فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
مسألة 908: إذا اشتبه اللحم فلم يعلم أنّه مذكّى أم لا ولم تكن عليه إحدى أمارات التذكية المتقدّمة في المسألة (871) لم يحلّ أكله، وأمّا لو اشتبه اللّحم المحرز تذكيته - ولو بإحدى أماراتها - فلم يعلم أنّه من النوع الحلال أو الحرام حكم بحلّه.
مسألة 909: لا يحرم بلع النخامة والأخلاط الصدريّة الصاعدة إلى فضاء الفم، ويحرم القيح والبلغم والنخامة ونحوها من فضلات الحيوان ممّا تعافه الطباع وتستخبثه النفوس.