الكتب الفتوائية » منهاج الصالحين ـ الجزء الثالث (الطبعة المصححة 1445 هـ.)
البحث في:
كتاب الصيد والذباحـة ←
→ كتاب الكفّارات » الفصل الأوّل في أقسام الكفّارات وموارد ثبوتها
كتاب الكفّارات » الفصل الثاني في أحكام الكفّارات
مسألة 755: يعتبر في الخصال الثلاث - العتق والصيام والإطعام - النيّة المشتملة على قصد العمل، وقصد القربة، وكذا قصد كونه كفّارة ولو إجمالاً.
فلو تردّد ما في ذمّته بين الكفّارة وغيرها - كما لو علم أنّ عليه صيام شهرين متتابعين ولم يعلم أنّه من جهة النذر أو الكفّارة - اجتزأ بالإتيان به بقصد ما في الذمّة وإن تبيّن بعد ذلك كونه كفّارة، ولا يعتبر فيها قصد النوع وإن وجبت بأسباب مختلفة إلّا إذا أخذ في المتعلّق خصوصيّة قصديّة كما في كفّارة الظهار بلحاظ كونها محلّلة للوطء، فلو كان عليه صيام شهرين متتابعين مرّة لكفّارة القتل خطأً وأُخرى لكفّارة الإفطار في شهر رمضان متعمّداً فصام شهرين بقصد التكفير أجزأه عن أحدهما، فإن صام كذلك مرّة أُخرى فرغت ذمّته عنهما جميعاً، وأمّا لو كان عليه صيام شهرين متتابعين مرّة لكفّارة القتل خطأً، وأُخرى لكفّارة الظهار فصام شهرين من دون تعيين وقع عن الأُولى فإن صام شهرين آخرين وقع عن الثانية، هذا في المتعدّد من أنواع مختلفة، وأمّا في المتعدّد من نوع واحد فلا يعتبر التعيين مطلقاً.
نعم في مثل كفّارة الظهار لا يترتّب أثر عمليّ وترخيص فعليّ فيما إذا ظاهر من زوجتيه معاً مثلاً وصام شهرين متتابعين من دون قصد إحداهما بالخصوص، ولكن إذا أتبعه بصوم شهرين آخرين بقصد كفّارة الظهار حلّت له كلتا الزوجتين.
مسألة 756: العجز عن العتق الموجب لوجوب الصيام ثُمَّ الإطعام في الكفّارة المرتّبة متحقّق في زماننا - هذا - لعدم الرقبة.
وأمّا العجز عن الصيام الموجب لتعيّن الإطعام فيتحقّق بالتضرّر به لاستتباعه حدوث مرض أو لإيجابه شدّته أو طول بُرْئه أو شدّة ألمه، كلّ ذلك بالمقدار المعتدّ به الذي لم تجرِ العادة بتحمّل مثله، وكذا يتحقّق بكون الصوم شاقّاً عليه مشقّة لا تتحمّل.
وأمّا العجز عن الإطعام والإكساء في كفّارة اليمين ونحوها الموجب للانتقال إلى الصيام فيتحقّق بعدم تيسّر تحصيلهما ولو لعدم توفّر ثمنهما عنده أو احتياجه إليه في نفقة نفسه أو نفقة عياله الواجبي النفقة عليه، أو في أداء ديونه ونحوها، كما يتحقّق بفقدان المسكين المستحقّ لهما.
مسألة 757: ليس طروّ الحيض والنفاس موجباً للعجز عن الصيام والانتقال إلى الإطعام في الكفّارة المرتّبة، وكذا طروّ الاضطرار إلى السفر الموجب للإفطار؛ لما سيأتي من عدم انقطاع التتابع بطروّ ذلك.
مسألة 758: المعتبر في العجز والقدرة في الكفّارة المرتّبة حال الأداء لا حال الوجوب، فلو كان حال حدوث موجب الكفّارة قادراً على صيام شهرين متتابعين عاجزاً عن إطعام ستّين مسكيناً فلم يصم حتّى صار بالعكس، صار فرضه الإطعام، ولم يستقرّ الصوم فى ذمّته.
مسألة 759: يكفي في تحقّق العجز الموجب للانتقال إلى البدل في الكفّارة المرتّبة العجز العرفيّ في وقت التكفير، فلو وجبت عليه كفّارة الظهار فأراد التكفير فوجد نفسه مريضاً لا يقدر على الصيام ولكن كان يأمل شفاءه من مرضه مستقبلاً والتمكّن من الصوم لم يلزمه الانتظار بل يجزئه الانتقال إلى الإطعام، ولكن لو لم يطعم حتّى برئ من مرضه وتمكّن من الصيام تعيّن ولم يجزئه الإطعام حينئذٍ.
وهكذا لو وجبت عليه كفّارة حنث اليمين فأراد التكفير وكان فقيراً لا يقدر على إطعام عشرة مساكين ولا على كسوتهم أجزأه صيام ثلاثة أيّام متواليات، وإن كان يحتمل تمكّنه لاحقاً من الإطعام أو الإكساء، ولكن لو لم يصم حتّى تمكّن من أحدهما تعيّن ولم يجزئه الصوم عندئذٍ.
مسألة 760: إذا عجز عن الصيام في كفّارة الظهار مثلاً، أو عجز عن الإطعام والإكساء في كفّارة اليمين مثلاً، ولكنّه علم بتمكّنه منهما بعد فترة قصيرة كأسبوع مثلاً يلزمه الانتظار ولا يجزئه الانتقال إلى بدلهما.
مسألة 761: إذا عجز عن الصيام في كفّارة الظهار مثلاً فشرع في الإطعام ثُمَّ تمكّن منه اجتزأ بإتمام الإطعام، وكذا إذا عجز عن الإطعام والإكساء في كفّارة اليمين فشرع في الصوم ولو ساعة من النهار ثُمَّ تمكّن من أحدهما فإنّ له إتمام الصيام، نعم لو عرض ما يوجب استئنافه - بأن عرض في أثنائه ما أبطل التتابع - تعيّن عليه الإطعام أو الإكساء مع بقاء القدرة عليه.
مسألة 762: يجب التتابع في صوم الشهرين من الكفّارة المخيّرة والمرتّبة وكفّارة الجمع، كما يجب التتابع بين صيام الأيّام الثلاثة في كفّارة اليمين وما بحكمها، وأمّا غيرهما من الصيام الواجب كفّارة فلا يعتبر فيه التتابع.
ويتفرّع على وجوب التتابع فيما ذكرناه أنّه لا يجوز الشروع في الصوم في زمان يعلم أنّه لا يسلم له بتخلّل العيد أو تخلّل يوم يجب فيه صوم آخر في زمان معيّن بين أيّامه، فلو شرع في صيام ثلاثة أيّام في كفّارة اليمين قبل يوم أو يومين من شهر رمضان، أو من خميس معيّن نذر صومه شكراً مثلاً لم يجزِ بل وجب استئنافه، ويلحق بالعالم الجاهل غير المعذور، وأمّا الغافل والجاهل المعذور فلا يضرّهما ذلك.
مسألة 763: إنّما يضرّ الإفطار في الأثناء بالتتابع فيما إذا وقع على وجه الاختيار، فلو وقع لعذر من الأعذار - كما إذا كان الإفطار بسبب الإكراه أو الاضطرار، أو بسبب عروض المرض أو طروّ الحيض أو النفاس لا بتسبيبه - لم يضرّ به، ومن العذر وقوع السفر في الأثناء إذا كان ضروريّاً دون ما كان بالاختيار، ومنه أيضاً ما إذا نسي النيّة حتّى فات وقتها، وكذا الحال فيما إذا تخلّل صوم آخر في البين لا بالاختيار كما إذا نسي فنوى صوماً آخر، ومنه ما إذا نذر صوم كلّ خميس مثلاً ثُمَّ وجب عليه صوم شهرين متتابعين فإنَّه لا يضرّ بالتتابع تخلّل المنذور فيه، بخلاف ما إذا وجب عليه صوم ثلاثة أيّام من كفّارة اليمين أو ما بحكمها فإنّه يضرّ تخلّله بالتتابع، لتمكّنه من صيام ثلاثة أيّام متتابعات في أوائل الأسبوع مثلاً، هذا إذا كان الصوم المنذور معنوناً بعنوان لا ينطبق على صوم الكفّارة كما لو نذر صوم كلّ خميس شكراً، وأمّا لو كان مطلقاً بأن نذر أن يكون صائماً فيه على نحو الإطلاق فلا يستوجب ذلك تخلّلاً فيه بل يحسب من الكفّارة أيضاً.
مسألة 764: يكفي في تتابع الشهرين من الكفّارة - مرتّبة كانت أم مخيّرة أم كفّارة الجمع - صيام شهر ويوم متتابعاً، ويجوز له التفريق بعد ذلك ولو اختياراً لا لعذر، على إشكال فيما إذا لم يكن لعارض يعدّ عذراً عرفاً فلا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
مسألة 765: من وجب عليه صيام شهرين يجوز له الشروع فيه في أثناء الشهر، ولكن الأحوط حينئذٍ أن يصوم ستّين يوماً مطلقاً، سواء أكان الشهر الذي شرع فيه مع تاليه تامّين أم ناقصين أم مختلفين، ولو وقع التفريق بين الأيّام بتخلّل ما لا يضرّ بالتتابع شرعاً تعيّن ذلك.
وأمّا لو شرع فيه من أوّل الشهر فيجزئه شهران هلاليّان وإن كانا ناقصين.
مسألة 766: يتخيّر في الإطعام الواجب في الكفّارات بين تسليم الطعام إلى المساكين وإشباعهم، ويجوز التسليم إلى البعض وإشباع البعض، ولا يتقدّر الإشباع بمقدار معيّن بل المدار فيه عرض الطعام الجاهز عليهم بمقدار يكفي لإشباعهم قلّ أو كثر، وأمّا التسليم فأقلّ ما يجزئ فيه تسليم كلّ واحد منهم مدّاً من الطعام، والأفضل بل الأحوط مدّان، وفي تحديد المدّ بالوزن إشكال ولكن يكفي في المقام احتساب المدّ ثلاثة أرباع الكيلو غرام.
ولا بُدَّ في كلّ من التسليم والإشباع إكمال العدد من الستّين أو العشرة، فلا يجزئ إشباع ثلاثين أو خمسة مرّتين أو تسليم كلّ منهم مدّين، ولا يجب الاجتماع لا في التسليم ولا في الإشباع، فلو أطعم ستّين مسكيناً في أوقات متفرّقة من بلاد مختلفة ولو كان هذا في سنة وذاك في سنة أُخرى لأجزأ وكفى.
مسألة 767: الواجب في الإشباع إشباع كلّ واحد من العدّة مرّة، وإن كان الأفضل إشباعه في يومه وليله غداءً وعشاءً.
مسألة 768: يجزئ في الإشباع كلّ ما يتعارف التغذّي والتقوّت به لغالب الناس من المطبوخ وما يصنع من أنواع الأطعمة، ومن الخبز من أيّ جنس كان ممّا يتعارف تخبيزه من حنطة أو شعير أو غيرهما وإن كان بلا إدام، والأفضل أن يكون مع الإدام وهو كلّ ما جرت العادة بأكله مع الخبز جامداً أو مائعاً وإن كان خلّاً أو ملحاً أو بصلاً وكلّ ما كان أجود كان أفضل.
وأمّا في التسليم فيجزئ بذل ما يسمّى طعاماً من مطبوخ وغيره من الحنطة والشعير وخبزهما ودقيقهما والأرز والماش والذُّرَة والتمر والزبيب وغيرها، نعم الأحوط لزوماً في كفّارة اليمين وما بحكمها الاقتصار على الحنطة ودقيقها.
مسألة 769: التسليم إلى المسكين تمليك له، وتبرأ ذمّة المكفّر بمجرّد ذلك، ولا تتوقّف البراءة على أكله الطعام فيجوز له بيعه عليه وعلى غيره.
مسألة 770: يتساوى الصغير والكبير إن كان التكفير بنحو التسليم، فيعطي الصغير مدّاً من طعام كما يعطي الكبير، وإن كان اللازم في الصغير التسليم إلى وليّه، وأمّا إن كان التكفير بنحو الإشباع فاللازم احتساب الاثنين من الصغار بواحد، ولا فرق في ذلك - على الأحوط لزوماً - بين أن يجمع الكبار والصغار في الإشباع أم يشبع الصغار منفردين، ولا يعتبر في الإشباع إذن من له الولاية أو الحضانة اذا لم يكن منافياً لحقّه.
مسألة 771: يجوز إعطاء كلّ مسكين أزيد من مدّ، أو إشباعه أزيد من مرّة عن كفّارات متعدّدة ولو مع الاختيار، فلو أفطر تمام شهر رمضان جاز له إشباع ستّين شخصاً معيّنين في ثلاثين يوماً، أو تسليم ثلاثين مدّاً من طعام لكلّ واحد منهم وإن وجد غيرهم.
مسألة 772: إذا تعذّر إكمال العدد الواجب من الستّين أو العشرة في البلد وجب النقل إلى غيره، وإن تعذّر لزم الانتظار، وفي كفاية التكرار على العدد الموجود حتّى يستوفي المقدار إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه، وعلى القول بالكفاية فلا بُدَّ من الاقتصار في التكرار على مقدار التعذّر، فلو تمكّن من عشرة كرّر عليهم ستّ مرّات ولا يجوز التكرار على خمسة منهم مثلاً اثني عشرة مرّة.
مسألة 773: المراد بالمسكين الذي هو مصرف الكفّارة هو الفقير الذي يستحقّ الزكاة، وهو من لا يملك مؤونة سنته فعلاً ولا قوّة، ويشترط فيه الإسلام بل الإيمان على الأحوط وجوباً، ولكن يجوز دفعها إلى الضعفاء من غير أهل الولاية - عدا النصّاب - إذا لم يجد المؤمن، ولا يجوز دفعها إلى واجب النفقة كالوالدين والأولاد والزوجة الدائمة دون المنقطعة، ويجوز دفعها إلى سائر الأقارب بل لعلّه أفضل.
وإذا كان للفقير عيال فقراء جاز إعطاؤه بعددهم إذا كان وليّاً عليهم أو وكيلاً عنهم في القبض، فإذا قبض شيئاً من ذلك كان ملكاً لهم، ولا يجوز التصرّف فيه إلّا بإذنهم إذا كانوا كباراً، وإن كانوا صغاراً صرفه في مصالحهم كسائر أموالهم.
وزوجة الفقير إذا كان زوجها باذلاً لنفقتها على النحو المتعارف لا تكون فقيرة ولا يجوز إعطاؤها من الكفّارة حتّى إذا كانت محتاجة إلى نفقة غير لازمة من وفاء دَيْن ونحوه.
مسألة 774: لا يشترط في المسكين الذي هو مصرف الكفّارة العدالة، نعم الأحوط لزوماً عدم دفعها لتارك الصلاة ولا لشارب الخمر ولا للمتجاهر بالفسق، وفي جواز إعطاء كفّارة غير الهاشميّ إلى الهاشميّ قولان، والصحيح هو الجـواز .
مسألة 775: يعتبر في الكسوة التي يتخيّر بينها وبين العتق والإطعام في كفّارة اليمين وما بحكمها أن يعدّ لباساً عرفاً، من غير فرق بين الجديد وغيره ما لم يكن منخرقاً أو منسحقاً وبالياً بحيث ينخرق بعد فترة قصيرة من الاستعمال، فلا يكتفى بالعمامة والقلنسوة والحذاء والخفّ والجورب.
والكسوة لكلّ فقير ثوب وجوباً وثوبان استحباباً بل هما مع القدرة أحوط استحباباً، ويعتبر فيها العدد كالإطعام، فلو كرّر على واحد - بأن كساه عشر مرّات - لم تحسب له إلّا واحدة، ولا فرق في المكسوِّ بين الصغير والكبير والذكر والأُنثى، نعم في الاكتفاء بكسوة الصغير جدّاً كابن شهر أو شهرين إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
ويعتبر في الثوب كونه مخيطاً أو ما بحكمه كالملبّد والمنسوج، فلو سلّم إليه قماشاً غير مخيط لم يكن مجزياً، نعم لا بأس بأن يدفع أجرة الخياطة معه ليخيطه ثوباً ويحتسبه على نفسه كفّارة ولكن لا بُدَّ من إحراز قيامه بذلك.
ولا يجزئ إعطاء لباس الرجال للنساء ولا العكس ولا إعطاء لباس الصغير للكبير، ولا فرق في جنسه بين كونه من صوف أو قطن أو كتّان أو حرير أو غيرها وفي الاجتزاء بالحرير المحض للرجال إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه، ولو تعذّر تمام العدد كسى الموجود وانتظر الباقي ولا يجزئ التكرار على الموجود.
مسألة 776: لا تجزئ القيمة في الكفّارة لا في الإطعام ولا في الكسوة، بل لا بُدَّ في الإطعام من بذل الطعام إشباعاً أو تمليكاً كما أنّه لا بُدَّ في الكسوة من بذلها تمليكاً.
نعم لا بأس بأن يدفع القيمة إلى المستحقّ ويوكّله في أن يشتري بها طعاماً أو كسوة ويأخذه لنفسه كفّارة بأن يملّكه لنفسه وكالة عن المالك ويتقبّله لنفسه أصالة، ولكن لا تبرأ ذمّة المُوَكِّل إلّا مع قيام المستحقّ بما وكّل فيه فلا بُدّ من إحراز ذلك.
مسألة 777: إذا وجبت عليه كفّارة مخيّرة لم يجزِ أن يكفّر بجنسين، بأن يصوم شهراً ويطعم ثلاثين مسكيناً في كفّارة شهر رمضان، أو يطعم خمسة ويكسو خمسة مثلاً في كفّارةاليمين، نعم لا بأس باختلاف أفراد الصنف الواحد منها، كما لو أطعم بعض العدد طعاماً خاصّاً وبعضه غيره، أو كسى بعضهم ثوباً من جنس وبعضهم من جنس آخر، بل يجوز في الإطعام أن يشبع بعضاً ويسلّم إلى بعض كما مرّ .
مسألة 778: من عجز عن بعض الخصال الثلاث في كفّارة الجمع أتى بالبقيّة وعليه الاستغفار على الأحوط لزوماً، وإن عجز عن الجميع لزمه الاستغفار فقط.
مسألة 779: إذا عجز عن إطعام ستّين مسكيناً في كفّارة الظهار صام ثمانية عشر يوماً، ولو عجز عنه ففي الاجتزاء بالاستغفار بدلاً عنه إشكال كما تقدّم، ولو عجز عن الإطعام في كفّارة القتل خطأً فالأحوط وجوباً أن يصوم ثمانية عشر يوماً ويضمّ إليه الاستغفار، فإن عجز عن الصوم أجزأه الاستغفار وحده.
مسألة 780: إذا عجز عن الخصال الثلاث في الكفّارة المخيّرة فإن كانت كفّارة الإفطار في شهر رمضان فعليه التصدّق بما يطيق أي بأقلّ من ستّين مسكيناً، ومع التعذّر يتعيّن عليه الاستغفار، ولكن إذا تمكّن بعد ذلك من إكمال العدد أو من التكفير لزمه ذلك على الأحوط.
وإن كانت كفّارة العهد أو كفّارة الاعتكاف فليصم ثمانية عشر يوماً، فإن عجز لزمه الاستغفار .
مسألة 781: إذا عجز عن صيام ثلاثة أيّام في كفّارة الإفطار في قضاء شهر رمضان بعد الزوال، وفي كفّارة اليمين وما بحكمها فعليه الاستغفار، وهكذا الحال لو عجز عن إطعام عشرة مساكين في كفّارة البراءة.
مسألة 782: يجوز التأخير في أداء الكفّارة الماليّة وغيرها بمقدار لا يعدّ توانياً وتسامحاً في أداء الواجب، وإن كانت المبادرة إلى الأداء أحوط استحباباً.
مسألة 783: يجوز التوكيل في أداء الكفّارات الماليّة، بأن يوكّل غيره في أدائها من ماله - أي مال الموكّل - وتجزئ حينئذٍ نيّة المالك حين التوكيل فيه بأن يقصد التكفير متقرّباً إلى الله تعالى بالعمل الصادر من الوكيل المنتسب إليه بموجب وكالته.
ولا يجزئ التبرّع في الكفّارات الماليّة على الأحوط لزوماً، أي لا يجزئ أداؤها عن شخص من دون طلبه ذلك، كما لا تجزئ النيابة في الكفّارة البدنيّة أي الصيام وإن كان الشخص عاجزاً عن أدائه، نعم تجوز النيابة عن الميّت في الكفّارات الماليّة والبدنيّة مطلقاً.
مسألة 784: لا يجب على الورثة أداء ما وجــب على ميّتهــم من الكفّارة البدنيّــة - أي الصيام - ولا إخراجها من تركته ما لم يوصِ بها وإن أوصى بها أُخرجت من ثلثه، نعم يحتمل وجوبها على ولده الأكبر - إن كان - ولكن الصحيح عدمه، وإنّما يجري هذا الاحتمال فيما إذا تعيّن على الميّت الصيام، وأمّا مع عدم تعيّنه عليه كما إذا كانت الكفّارة مخيّرة وكان متمكّناً من الصيام والإطعام فإنّه لا يجب الصوم على الوليّ بلا إشكال.
وأمّا الكفّارة الماليّة فقيل إنّها بحكم الديون فتخرج من أصل التركة، ولكن الصحيح أنّها كالكفّارة البدنيّة ولا تخرج من التركة إلّا بوصيّة الميّت، ومع وصيّته تخرج من الثلث، ويتوقّف إخراجها من الزائد عليه على إجازة الورثة.
كتاب الصيد والذباحـة ←
→ كتاب الكفّارات » الفصل الأوّل في أقسام الكفّارات وموارد ثبوتها
فلو تردّد ما في ذمّته بين الكفّارة وغيرها - كما لو علم أنّ عليه صيام شهرين متتابعين ولم يعلم أنّه من جهة النذر أو الكفّارة - اجتزأ بالإتيان به بقصد ما في الذمّة وإن تبيّن بعد ذلك كونه كفّارة، ولا يعتبر فيها قصد النوع وإن وجبت بأسباب مختلفة إلّا إذا أخذ في المتعلّق خصوصيّة قصديّة كما في كفّارة الظهار بلحاظ كونها محلّلة للوطء، فلو كان عليه صيام شهرين متتابعين مرّة لكفّارة القتل خطأً وأُخرى لكفّارة الإفطار في شهر رمضان متعمّداً فصام شهرين بقصد التكفير أجزأه عن أحدهما، فإن صام كذلك مرّة أُخرى فرغت ذمّته عنهما جميعاً، وأمّا لو كان عليه صيام شهرين متتابعين مرّة لكفّارة القتل خطأً، وأُخرى لكفّارة الظهار فصام شهرين من دون تعيين وقع عن الأُولى فإن صام شهرين آخرين وقع عن الثانية، هذا في المتعدّد من أنواع مختلفة، وأمّا في المتعدّد من نوع واحد فلا يعتبر التعيين مطلقاً.
نعم في مثل كفّارة الظهار لا يترتّب أثر عمليّ وترخيص فعليّ فيما إذا ظاهر من زوجتيه معاً مثلاً وصام شهرين متتابعين من دون قصد إحداهما بالخصوص، ولكن إذا أتبعه بصوم شهرين آخرين بقصد كفّارة الظهار حلّت له كلتا الزوجتين.
مسألة 756: العجز عن العتق الموجب لوجوب الصيام ثُمَّ الإطعام في الكفّارة المرتّبة متحقّق في زماننا - هذا - لعدم الرقبة.
وأمّا العجز عن الصيام الموجب لتعيّن الإطعام فيتحقّق بالتضرّر به لاستتباعه حدوث مرض أو لإيجابه شدّته أو طول بُرْئه أو شدّة ألمه، كلّ ذلك بالمقدار المعتدّ به الذي لم تجرِ العادة بتحمّل مثله، وكذا يتحقّق بكون الصوم شاقّاً عليه مشقّة لا تتحمّل.
وأمّا العجز عن الإطعام والإكساء في كفّارة اليمين ونحوها الموجب للانتقال إلى الصيام فيتحقّق بعدم تيسّر تحصيلهما ولو لعدم توفّر ثمنهما عنده أو احتياجه إليه في نفقة نفسه أو نفقة عياله الواجبي النفقة عليه، أو في أداء ديونه ونحوها، كما يتحقّق بفقدان المسكين المستحقّ لهما.
مسألة 757: ليس طروّ الحيض والنفاس موجباً للعجز عن الصيام والانتقال إلى الإطعام في الكفّارة المرتّبة، وكذا طروّ الاضطرار إلى السفر الموجب للإفطار؛ لما سيأتي من عدم انقطاع التتابع بطروّ ذلك.
مسألة 758: المعتبر في العجز والقدرة في الكفّارة المرتّبة حال الأداء لا حال الوجوب، فلو كان حال حدوث موجب الكفّارة قادراً على صيام شهرين متتابعين عاجزاً عن إطعام ستّين مسكيناً فلم يصم حتّى صار بالعكس، صار فرضه الإطعام، ولم يستقرّ الصوم فى ذمّته.
مسألة 759: يكفي في تحقّق العجز الموجب للانتقال إلى البدل في الكفّارة المرتّبة العجز العرفيّ في وقت التكفير، فلو وجبت عليه كفّارة الظهار فأراد التكفير فوجد نفسه مريضاً لا يقدر على الصيام ولكن كان يأمل شفاءه من مرضه مستقبلاً والتمكّن من الصوم لم يلزمه الانتظار بل يجزئه الانتقال إلى الإطعام، ولكن لو لم يطعم حتّى برئ من مرضه وتمكّن من الصيام تعيّن ولم يجزئه الإطعام حينئذٍ.
وهكذا لو وجبت عليه كفّارة حنث اليمين فأراد التكفير وكان فقيراً لا يقدر على إطعام عشرة مساكين ولا على كسوتهم أجزأه صيام ثلاثة أيّام متواليات، وإن كان يحتمل تمكّنه لاحقاً من الإطعام أو الإكساء، ولكن لو لم يصم حتّى تمكّن من أحدهما تعيّن ولم يجزئه الصوم عندئذٍ.
مسألة 760: إذا عجز عن الصيام في كفّارة الظهار مثلاً، أو عجز عن الإطعام والإكساء في كفّارة اليمين مثلاً، ولكنّه علم بتمكّنه منهما بعد فترة قصيرة كأسبوع مثلاً يلزمه الانتظار ولا يجزئه الانتقال إلى بدلهما.
مسألة 761: إذا عجز عن الصيام في كفّارة الظهار مثلاً فشرع في الإطعام ثُمَّ تمكّن منه اجتزأ بإتمام الإطعام، وكذا إذا عجز عن الإطعام والإكساء في كفّارة اليمين فشرع في الصوم ولو ساعة من النهار ثُمَّ تمكّن من أحدهما فإنّ له إتمام الصيام، نعم لو عرض ما يوجب استئنافه - بأن عرض في أثنائه ما أبطل التتابع - تعيّن عليه الإطعام أو الإكساء مع بقاء القدرة عليه.
مسألة 762: يجب التتابع في صوم الشهرين من الكفّارة المخيّرة والمرتّبة وكفّارة الجمع، كما يجب التتابع بين صيام الأيّام الثلاثة في كفّارة اليمين وما بحكمها، وأمّا غيرهما من الصيام الواجب كفّارة فلا يعتبر فيه التتابع.
ويتفرّع على وجوب التتابع فيما ذكرناه أنّه لا يجوز الشروع في الصوم في زمان يعلم أنّه لا يسلم له بتخلّل العيد أو تخلّل يوم يجب فيه صوم آخر في زمان معيّن بين أيّامه، فلو شرع في صيام ثلاثة أيّام في كفّارة اليمين قبل يوم أو يومين من شهر رمضان، أو من خميس معيّن نذر صومه شكراً مثلاً لم يجزِ بل وجب استئنافه، ويلحق بالعالم الجاهل غير المعذور، وأمّا الغافل والجاهل المعذور فلا يضرّهما ذلك.
مسألة 763: إنّما يضرّ الإفطار في الأثناء بالتتابع فيما إذا وقع على وجه الاختيار، فلو وقع لعذر من الأعذار - كما إذا كان الإفطار بسبب الإكراه أو الاضطرار، أو بسبب عروض المرض أو طروّ الحيض أو النفاس لا بتسبيبه - لم يضرّ به، ومن العذر وقوع السفر في الأثناء إذا كان ضروريّاً دون ما كان بالاختيار، ومنه أيضاً ما إذا نسي النيّة حتّى فات وقتها، وكذا الحال فيما إذا تخلّل صوم آخر في البين لا بالاختيار كما إذا نسي فنوى صوماً آخر، ومنه ما إذا نذر صوم كلّ خميس مثلاً ثُمَّ وجب عليه صوم شهرين متتابعين فإنَّه لا يضرّ بالتتابع تخلّل المنذور فيه، بخلاف ما إذا وجب عليه صوم ثلاثة أيّام من كفّارة اليمين أو ما بحكمها فإنّه يضرّ تخلّله بالتتابع، لتمكّنه من صيام ثلاثة أيّام متتابعات في أوائل الأسبوع مثلاً، هذا إذا كان الصوم المنذور معنوناً بعنوان لا ينطبق على صوم الكفّارة كما لو نذر صوم كلّ خميس شكراً، وأمّا لو كان مطلقاً بأن نذر أن يكون صائماً فيه على نحو الإطلاق فلا يستوجب ذلك تخلّلاً فيه بل يحسب من الكفّارة أيضاً.
مسألة 764: يكفي في تتابع الشهرين من الكفّارة - مرتّبة كانت أم مخيّرة أم كفّارة الجمع - صيام شهر ويوم متتابعاً، ويجوز له التفريق بعد ذلك ولو اختياراً لا لعذر، على إشكال فيما إذا لم يكن لعارض يعدّ عذراً عرفاً فلا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
مسألة 765: من وجب عليه صيام شهرين يجوز له الشروع فيه في أثناء الشهر، ولكن الأحوط حينئذٍ أن يصوم ستّين يوماً مطلقاً، سواء أكان الشهر الذي شرع فيه مع تاليه تامّين أم ناقصين أم مختلفين، ولو وقع التفريق بين الأيّام بتخلّل ما لا يضرّ بالتتابع شرعاً تعيّن ذلك.
وأمّا لو شرع فيه من أوّل الشهر فيجزئه شهران هلاليّان وإن كانا ناقصين.
مسألة 766: يتخيّر في الإطعام الواجب في الكفّارات بين تسليم الطعام إلى المساكين وإشباعهم، ويجوز التسليم إلى البعض وإشباع البعض، ولا يتقدّر الإشباع بمقدار معيّن بل المدار فيه عرض الطعام الجاهز عليهم بمقدار يكفي لإشباعهم قلّ أو كثر، وأمّا التسليم فأقلّ ما يجزئ فيه تسليم كلّ واحد منهم مدّاً من الطعام، والأفضل بل الأحوط مدّان، وفي تحديد المدّ بالوزن إشكال ولكن يكفي في المقام احتساب المدّ ثلاثة أرباع الكيلو غرام.
ولا بُدَّ في كلّ من التسليم والإشباع إكمال العدد من الستّين أو العشرة، فلا يجزئ إشباع ثلاثين أو خمسة مرّتين أو تسليم كلّ منهم مدّين، ولا يجب الاجتماع لا في التسليم ولا في الإشباع، فلو أطعم ستّين مسكيناً في أوقات متفرّقة من بلاد مختلفة ولو كان هذا في سنة وذاك في سنة أُخرى لأجزأ وكفى.
مسألة 767: الواجب في الإشباع إشباع كلّ واحد من العدّة مرّة، وإن كان الأفضل إشباعه في يومه وليله غداءً وعشاءً.
مسألة 768: يجزئ في الإشباع كلّ ما يتعارف التغذّي والتقوّت به لغالب الناس من المطبوخ وما يصنع من أنواع الأطعمة، ومن الخبز من أيّ جنس كان ممّا يتعارف تخبيزه من حنطة أو شعير أو غيرهما وإن كان بلا إدام، والأفضل أن يكون مع الإدام وهو كلّ ما جرت العادة بأكله مع الخبز جامداً أو مائعاً وإن كان خلّاً أو ملحاً أو بصلاً وكلّ ما كان أجود كان أفضل.
وأمّا في التسليم فيجزئ بذل ما يسمّى طعاماً من مطبوخ وغيره من الحنطة والشعير وخبزهما ودقيقهما والأرز والماش والذُّرَة والتمر والزبيب وغيرها، نعم الأحوط لزوماً في كفّارة اليمين وما بحكمها الاقتصار على الحنطة ودقيقها.
مسألة 769: التسليم إلى المسكين تمليك له، وتبرأ ذمّة المكفّر بمجرّد ذلك، ولا تتوقّف البراءة على أكله الطعام فيجوز له بيعه عليه وعلى غيره.
مسألة 770: يتساوى الصغير والكبير إن كان التكفير بنحو التسليم، فيعطي الصغير مدّاً من طعام كما يعطي الكبير، وإن كان اللازم في الصغير التسليم إلى وليّه، وأمّا إن كان التكفير بنحو الإشباع فاللازم احتساب الاثنين من الصغار بواحد، ولا فرق في ذلك - على الأحوط لزوماً - بين أن يجمع الكبار والصغار في الإشباع أم يشبع الصغار منفردين، ولا يعتبر في الإشباع إذن من له الولاية أو الحضانة اذا لم يكن منافياً لحقّه.
مسألة 771: يجوز إعطاء كلّ مسكين أزيد من مدّ، أو إشباعه أزيد من مرّة عن كفّارات متعدّدة ولو مع الاختيار، فلو أفطر تمام شهر رمضان جاز له إشباع ستّين شخصاً معيّنين في ثلاثين يوماً، أو تسليم ثلاثين مدّاً من طعام لكلّ واحد منهم وإن وجد غيرهم.
مسألة 772: إذا تعذّر إكمال العدد الواجب من الستّين أو العشرة في البلد وجب النقل إلى غيره، وإن تعذّر لزم الانتظار، وفي كفاية التكرار على العدد الموجود حتّى يستوفي المقدار إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه، وعلى القول بالكفاية فلا بُدَّ من الاقتصار في التكرار على مقدار التعذّر، فلو تمكّن من عشرة كرّر عليهم ستّ مرّات ولا يجوز التكرار على خمسة منهم مثلاً اثني عشرة مرّة.
مسألة 773: المراد بالمسكين الذي هو مصرف الكفّارة هو الفقير الذي يستحقّ الزكاة، وهو من لا يملك مؤونة سنته فعلاً ولا قوّة، ويشترط فيه الإسلام بل الإيمان على الأحوط وجوباً، ولكن يجوز دفعها إلى الضعفاء من غير أهل الولاية - عدا النصّاب - إذا لم يجد المؤمن، ولا يجوز دفعها إلى واجب النفقة كالوالدين والأولاد والزوجة الدائمة دون المنقطعة، ويجوز دفعها إلى سائر الأقارب بل لعلّه أفضل.
وإذا كان للفقير عيال فقراء جاز إعطاؤه بعددهم إذا كان وليّاً عليهم أو وكيلاً عنهم في القبض، فإذا قبض شيئاً من ذلك كان ملكاً لهم، ولا يجوز التصرّف فيه إلّا بإذنهم إذا كانوا كباراً، وإن كانوا صغاراً صرفه في مصالحهم كسائر أموالهم.
وزوجة الفقير إذا كان زوجها باذلاً لنفقتها على النحو المتعارف لا تكون فقيرة ولا يجوز إعطاؤها من الكفّارة حتّى إذا كانت محتاجة إلى نفقة غير لازمة من وفاء دَيْن ونحوه.
مسألة 774: لا يشترط في المسكين الذي هو مصرف الكفّارة العدالة، نعم الأحوط لزوماً عدم دفعها لتارك الصلاة ولا لشارب الخمر ولا للمتجاهر بالفسق، وفي جواز إعطاء كفّارة غير الهاشميّ إلى الهاشميّ قولان، والصحيح هو الجـواز .
مسألة 775: يعتبر في الكسوة التي يتخيّر بينها وبين العتق والإطعام في كفّارة اليمين وما بحكمها أن يعدّ لباساً عرفاً، من غير فرق بين الجديد وغيره ما لم يكن منخرقاً أو منسحقاً وبالياً بحيث ينخرق بعد فترة قصيرة من الاستعمال، فلا يكتفى بالعمامة والقلنسوة والحذاء والخفّ والجورب.
والكسوة لكلّ فقير ثوب وجوباً وثوبان استحباباً بل هما مع القدرة أحوط استحباباً، ويعتبر فيها العدد كالإطعام، فلو كرّر على واحد - بأن كساه عشر مرّات - لم تحسب له إلّا واحدة، ولا فرق في المكسوِّ بين الصغير والكبير والذكر والأُنثى، نعم في الاكتفاء بكسوة الصغير جدّاً كابن شهر أو شهرين إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
ويعتبر في الثوب كونه مخيطاً أو ما بحكمه كالملبّد والمنسوج، فلو سلّم إليه قماشاً غير مخيط لم يكن مجزياً، نعم لا بأس بأن يدفع أجرة الخياطة معه ليخيطه ثوباً ويحتسبه على نفسه كفّارة ولكن لا بُدَّ من إحراز قيامه بذلك.
ولا يجزئ إعطاء لباس الرجال للنساء ولا العكس ولا إعطاء لباس الصغير للكبير، ولا فرق في جنسه بين كونه من صوف أو قطن أو كتّان أو حرير أو غيرها وفي الاجتزاء بالحرير المحض للرجال إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه، ولو تعذّر تمام العدد كسى الموجود وانتظر الباقي ولا يجزئ التكرار على الموجود.
مسألة 776: لا تجزئ القيمة في الكفّارة لا في الإطعام ولا في الكسوة، بل لا بُدَّ في الإطعام من بذل الطعام إشباعاً أو تمليكاً كما أنّه لا بُدَّ في الكسوة من بذلها تمليكاً.
نعم لا بأس بأن يدفع القيمة إلى المستحقّ ويوكّله في أن يشتري بها طعاماً أو كسوة ويأخذه لنفسه كفّارة بأن يملّكه لنفسه وكالة عن المالك ويتقبّله لنفسه أصالة، ولكن لا تبرأ ذمّة المُوَكِّل إلّا مع قيام المستحقّ بما وكّل فيه فلا بُدّ من إحراز ذلك.
مسألة 777: إذا وجبت عليه كفّارة مخيّرة لم يجزِ أن يكفّر بجنسين، بأن يصوم شهراً ويطعم ثلاثين مسكيناً في كفّارة شهر رمضان، أو يطعم خمسة ويكسو خمسة مثلاً في كفّارةاليمين، نعم لا بأس باختلاف أفراد الصنف الواحد منها، كما لو أطعم بعض العدد طعاماً خاصّاً وبعضه غيره، أو كسى بعضهم ثوباً من جنس وبعضهم من جنس آخر، بل يجوز في الإطعام أن يشبع بعضاً ويسلّم إلى بعض كما مرّ .
مسألة 778: من عجز عن بعض الخصال الثلاث في كفّارة الجمع أتى بالبقيّة وعليه الاستغفار على الأحوط لزوماً، وإن عجز عن الجميع لزمه الاستغفار فقط.
مسألة 779: إذا عجز عن إطعام ستّين مسكيناً في كفّارة الظهار صام ثمانية عشر يوماً، ولو عجز عنه ففي الاجتزاء بالاستغفار بدلاً عنه إشكال كما تقدّم، ولو عجز عن الإطعام في كفّارة القتل خطأً فالأحوط وجوباً أن يصوم ثمانية عشر يوماً ويضمّ إليه الاستغفار، فإن عجز عن الصوم أجزأه الاستغفار وحده.
مسألة 780: إذا عجز عن الخصال الثلاث في الكفّارة المخيّرة فإن كانت كفّارة الإفطار في شهر رمضان فعليه التصدّق بما يطيق أي بأقلّ من ستّين مسكيناً، ومع التعذّر يتعيّن عليه الاستغفار، ولكن إذا تمكّن بعد ذلك من إكمال العدد أو من التكفير لزمه ذلك على الأحوط.
وإن كانت كفّارة العهد أو كفّارة الاعتكاف فليصم ثمانية عشر يوماً، فإن عجز لزمه الاستغفار .
مسألة 781: إذا عجز عن صيام ثلاثة أيّام في كفّارة الإفطار في قضاء شهر رمضان بعد الزوال، وفي كفّارة اليمين وما بحكمها فعليه الاستغفار، وهكذا الحال لو عجز عن إطعام عشرة مساكين في كفّارة البراءة.
مسألة 782: يجوز التأخير في أداء الكفّارة الماليّة وغيرها بمقدار لا يعدّ توانياً وتسامحاً في أداء الواجب، وإن كانت المبادرة إلى الأداء أحوط استحباباً.
مسألة 783: يجوز التوكيل في أداء الكفّارات الماليّة، بأن يوكّل غيره في أدائها من ماله - أي مال الموكّل - وتجزئ حينئذٍ نيّة المالك حين التوكيل فيه بأن يقصد التكفير متقرّباً إلى الله تعالى بالعمل الصادر من الوكيل المنتسب إليه بموجب وكالته.
ولا يجزئ التبرّع في الكفّارات الماليّة على الأحوط لزوماً، أي لا يجزئ أداؤها عن شخص من دون طلبه ذلك، كما لا تجزئ النيابة في الكفّارة البدنيّة أي الصيام وإن كان الشخص عاجزاً عن أدائه، نعم تجوز النيابة عن الميّت في الكفّارات الماليّة والبدنيّة مطلقاً.
مسألة 784: لا يجب على الورثة أداء ما وجــب على ميّتهــم من الكفّارة البدنيّــة - أي الصيام - ولا إخراجها من تركته ما لم يوصِ بها وإن أوصى بها أُخرجت من ثلثه، نعم يحتمل وجوبها على ولده الأكبر - إن كان - ولكن الصحيح عدمه، وإنّما يجري هذا الاحتمال فيما إذا تعيّن على الميّت الصيام، وأمّا مع عدم تعيّنه عليه كما إذا كانت الكفّارة مخيّرة وكان متمكّناً من الصيام والإطعام فإنّه لا يجب الصوم على الوليّ بلا إشكال.
وأمّا الكفّارة الماليّة فقيل إنّها بحكم الديون فتخرج من أصل التركة، ولكن الصحيح أنّها كالكفّارة البدنيّة ولا تخرج من التركة إلّا بوصيّة الميّت، ومع وصيّته تخرج من الثلث، ويتوقّف إخراجها من الزائد عليه على إجازة الورثة.