الكتب الفتوائية » منهاج الصالحين ـ الجزء الثالث (الطبعة المصححة 1445 هـ.)
البحث في:
كتاب الطـلاق » 2. عدّة الفسخ والانفساخ ←
→ كتاب الطـلاق » الفصل الثالث في العِدَد
كتاب الطـلاق » 1. عدّة الطلاق
مسألة 542: إذا طلّقت المرأة من زوجها وجب عليها الاعتداد مدّة معيّنة لا يجوز لها الزواج من غيره قبل انقضائها، وتستثنى من ذلك:
1. من لم يدخل بها زوجها، فإنّه لا عدّة عليها منه، نعم إذا دخل ماؤه في فرجها بجذب أو نحوه وجبت عليها العدّة، فالموجب للعدّة أحد الأمرين: إمّا دخول الزوج، أو دخول مائه في فرجها بطريقةٍ ما.
مسألة 543: يتحقّق الدخول بإيلاج تمام الحشفة قُبُلاً أو دُبُراً وإن لم ينزل، بل وإن كان ممّن لا إنزال له كمقطوع الأُنثيين، ويكفي في مقطوع الحشفة دخول مقدارها بل يكفي صدق الإدخال بالنسبة إليه، ولا فرق في الدخول بين كونه في حال اليقظة والنوم حتّى لو كان المُدْخِل هي المرأة من غير شعور الرجل، وكذا لا فرق بين وقوعه حلالاً وحراماً كما إذا دخل بها في نهار الصوم الواجب المعيّن أو في حالة الحيض، وكذا لا فرق بين كون الزوج كبيراً وصغيراً.
مسألة 544: لا تجب العدّة بمجرّد الخلوة مع الزوجة وإن كانت الخلوة تامّة ولم يكن مانع من الدخول، كما لا تجب بمباشرتها بغير الإدخال من ملاعبة أو تقبيل أو تفخيذ.
2. الصغيرة التي لم تكمل تسع سنوات، فإنّه لا عدّة عليها أيضاً وإن دخل بها زوجها اشتباهاً أو على وجه محرَّم.
3. اليائسة، فلا تجب عليها العدّة وإن كانت مدخولاً بها، ويتحقّق اليأس - بعد انقطاع دم الحيض وعدم رجاء عوده لكبر سنّ المرأة - ببلوغها خمسين سنة قمريّة سواء في ذلك القرشيّة وغيرها.
مسألة 545: إذا طلّقت ذات الأقراء قبل بلوغ سنّ اليأس ورأت الدم مرّة أو مرّتين ثُمَّ يئست أكملت العدّة بشهر أو شهرين، وكذلك ذات الشهور إذا اعتدّت شهراً أو شهرين ثُمَّ يئست أتمّت ثلاثة.
مسألة 546: إذا ادّعت المرأة أنّها بلغت سنّ اليأس لم يقبل قولها إلّا بالبيّنة.
مسألة 547: المطلّقة التي تجب عليها العدّة على أقسام:
القسم الأوّل: المطلَّقة غير الحامل التي يكون الطهـر الفاصل بيـن حيضتين منها أقلّ من ثلاثة أشهر، وعدّتها ثلاثة قروء سواء أكانت مستقيمة الحيض، بأن كانت تحيض في كلّ شهر مرّة كما هو المتعارف في أغلب النساء، أم كانت تحيض في كلّ شهر أزيد من مرّة، أو كانت تحيض في كلّ شهرين مرّة، وسواء أكانت معتادة بأقسامها أم لا.
مسألة 548: المراد بالقروء الأطهار، ويكفي في الطهر الأوّل مسمّاه ولو كان قليلاً، فلو طلّقها فحاضت بحيث لم يتخلّل زمان طهر بين إجراء صيغة الطلاق والحيض لم يحسب ذلك الطهر الذي وقع فيه الطلاق من الأطهار الثلاثة واحتاجت في انتهاء عدّتها إلى أطهار ثلاثة أُخرى فتنتهي عدّتها برؤية الحيضة الرابعة، ولو تخلّل زمان طهرٍ بين الطلاق والحيض ولو كان لحظة احتسب ذلك الطهر اليسير من الأطهار الثلاثة وانتهت عدّتها برؤية الحيضة الثالثة، ولا فرق بين الحيض الطبيعيّ وما كان بعلاج وكذا الحال في الطهر .
مسألة 549: بناءً على ما تقدّم من كفاية مسمّى الطهر في الطهر الأوّل ولو لحظة، وإمكان أن تحيض المرأة في شهر واحد أزيد من مرّة، فأقلّ زمان يمكن أن تنقضي به العدّة ستة وعشرون يوماً ولحظتان بأن كان طهرها الأوّل لحظة ثُمَّ تحيض ثلاثة أيّام ثُمَّ ترى أقلّ الطهر عشرة أيّام ثُمَّ تحيض ثلاثة أيّام ثُمَّ ترى أقلّ الطهر عشرة أيّام ثُمَّ تحيض فبمجرّد رؤية الدم الأخير لحظة من أوّله تنقضي العدّة، وهذه اللحظة الأخيرة خارجة عن العدّة وإنّما يتوقّف عليها تماميّة الطهر الثالث.
القسم الثاني: المطلّقة غير الحامل التي يكون الطهر الفاصل بين حيضتين منها ثلاثة أشهر أو أزيد، وعدّتها ثلاثة أشهر .
القسم الثالث: المطلّقة غير الحامل التي تكون مسترابة، وهي من لا تحيض مع كونها في سنّ من تحيض إمّا لكونها صغيرة السنّ لم تبلغ الحدّ الذي ترى الحيض غالب النساء، وإمّا لانقطاع حيضها لمرض أو رضاع أو استعمال دواء ونحو ذلك، وعدّتها ثلاثة أشهر أيضاً.
مسألة 550: المدار في الشهور على الشهر الهلاليّ، فإذا طلّقها في أوّل الشهر اعتدّت إلى ثلاثة أشهر هلاليّة، وإذا طلّقها في أثناء الشهر اعتدّت بقيّة شهرها وشهرين هلاليّين آخرين ومقداراً من الشهر الرابع تكمل به نقص الشهر الأوّل ثلاثين يوماً على الأحوط وجوباً، فمن طلّقت في غروب اليوم العشرين من شهر رجب مثلاً وكان الشهر تسعة وعشرين يوماً وجب عليها أن تكمل نقص شهر رجب بالاعتداد إلى غروب اليوم الحادي والعشرين من شوّال ليكتمل بضمّ ما اعتدّت به من شوّال إلى أيّام العدّة من رجب ثلاثون يوماً.
مسألة 551: قد علم ممّا تقدّم أنّ المرأة إذا كانت تحيض بعد كلّ ثلاثة أشهر مرّة فطلّقها زوجها في أوّل الطهر ومرّت عليها ثلاثة أشهر بيض فقد خرجت من العدّة وكانت عدّتها الشهور لا الأطهار، وأنّه إذا كانت تحيض في كلّ ثلاثة أشهر مرّة بحيث لا تمرّ عليها ثلاثة أشهر بيض لا حيض فيها فهذه عدّتها الأطهار لا الشهور، وأمّا إذا اختلف حالها فكانت تحيض في الحرّ مثلاً في أقلّ من ثلاثة أشهر مرّة وفي البرد تحيض بعد كلّ ثلاثة أشهر مرّة اعتدّت بالسابق من الشهور والأطهار فإن سبق لها ثلاثة أشهر بيض كانت عدّتها، وإن سبق لها ثلاثة أطهار كانت عدّتها أيضاً.
نعم إذا كانت مستقيمة الحيض فطلّقها زوجها ورأت الدم مرّة ثُمَّ ارتفع على خلاف عادتها وجهل سببه وأنّه حمل أو سبب آخر فالمشهور بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) أنّها تنتظر تسعة أشهر من يوم طلاقها فإن لم تضع اعتدّت بعد ذلك بثلاثة أشهر وخرجت بذلك عن العدّة، ولكن هذا لا يخلو عن إشكال وإن كان هو الأحوط لزوماً.
القسم الرابع: المطلّقة الحامل، وعدّتها مدّة حملها - وإن كان حملها بإراقة ماء زوجها في فرجها من دون دخول - وتنقضي بأن تضع حملها ولو بعد الطلاق بساعة.
مسألة 552: الحمل الذي يكون وضعه هو منتهى عدّة الحامل شامل لما كان سقطاً تامّاً وغير تامّ حتّى لو كان مضغة أو علقة.
مسألة 553: إذا كانت المطلّقة حاملاً باثنين أو أزيد لم تخرج من العدّة بوضع أحدهما بل لا بُدَّ من وضع الجميع.
مسألة 554: لا بُدَّ من العلم بوضع الحمل أو الاطمئنان به فلا يكفي الظنّ به فضلاً عن الشكّ، نعم يكفي قيام الحجّة على ذلك كالبيّنة وإن لم تفد الظنّ.
مسألة 555: إنّما تنقضي العدّة بالوضع إذا كان الحمل ملحقاً بمن له العدّة، فلا عبرة بوضع من لم يلحق به في انقضاء عدّته، فلو كانت حاملاً من الزنا قبل الطلاق أو بعده لم تخرج من العدّة بالوضع بل يكون انقضاؤها بالأقراء والشهور كغير الحامل، فوضع هذا الحمل لا أثر له أصلاً لا بالنسبة إلى الزاني لأنّه لا عدّة له - كما سيأتي - ولا بالنسبة إلى المطلِّق لأنّ الولد ليس له.
نعم إذا حملت من وطء الشبهة قبل الطلاق أو بعده بحيث يلحق الولد بالواطئ لا بالزوج فوضعه موجب لانقضاء العدّة بالنسبة إلى الواطئ لا بالنسبة إلى الزوج المطلِّق.
مسألة 556: لو وُطئت شبهة فحملت وأُلحق الولد بالواطئ لبُعد الزوج عنها أو لغير ذلك ثُمَّ طلّقها الزوج، أو طلّقها ثُمَّ وطئت شبهة على نحو أُلحق الولد بالواطئ فعليها الاعتداد منهما جميعاً، وهل تتداخل العدّتان أم لا؟ وجهان، والأحوط لزوماً عدم التداخل، وعليه فتعتدّ أوّلاً لوطء الشبهة وتنقضي بالوضع، وتعتدّ بعده للطلاق ويكون مبدؤها بعد انقضاء نفاسها.
مسألة 557: إذا ادّعت المطلَّقة الحامل أنّها وضعت فانقضت عدّتها وأنكر الزوج، أو انعكس فادّعى الوضع وأنكرت هي، أو ادّعت الحمل وأنكر، أو ادّعت الحمل والوضع معاً وأنكرهما، يقدّم قولها بيمينها في جميع ذلك من حيث بقاء العدّة وانقضائها لا من حيث سائر آثار الحمل، ويشترط في تقديم قولها أن لا تكون متّهمة في دعواها وإلّا لم تقبل إلّا بالبيّنة.
مسألة 558: إذا اتّفق الزوجان على إيقاع الطلاق ووضع الحمل واختلفا في المتقدّم والمتأخّر منهما، فقال الزوج مثلاً : (وضعتِ بعد الطلاق فانقضت عدّتك)، وقالت الزوجة: (وضعتُ قبل الطلاق فأنا بعدُ في العدّة)، أو انعكس فقال الزوج: (وضعتِ قبل الطلاق فأنت بعدُ في العدّة) وأراد الرجوع إليها، وادّعت الزوجة خلافه، يقدّم قولها بيمينها في بقاء العدّة وانقضائها ما لم تكن متّهمة، بلا فرق في ذلك بين ما لم يتّفقا على زمان أحدهما وما اتّفقا عليه.
مسألة 559: مبدأ عدّة الطلاق من حين وقوعه، حاضراً كان الزوج أو غائباً بلغ الزوجة الخبر أم لا، فلو طلّقها غائباً ولم يبلغها إلّا بعد مضيّ مدّة بمقدار العدّة فقد انقضت عدّتها وليس عليها عدّة بعد بلوغ الخبر إليها.
مسألة 560: لو علمت بالطلاق ولم تعلم وقت وقوعه حتّى تحسب العدّة من ذلك الوقت اعتدّت من الوقت الذي تعلم بعدم تأخّره عنه، بل الأحوط لزوماً أن تعتدّ من حين بلوغ الخبر إليها.
مسألة 561: تقدّم آنفاً أنّ المطلّقة غير المدخول بها لا تثبت عليها العدّة، فإذا طلّق الرجل زوجته رجعيّاً بعد الدخول ثُمَّ رجع ثُمَّ طلّقها قبل الدخول فربّما يقال: إنّه لا عدّة عليها؛ لأنّه طلاق قبل الدخول، ولكنّه غير صحيح بل يجب عليها العدّة من حين الطلاق الثاني، ولا فرق في ذلك بين كون الطلاق الثاني رجعيّاً أو بائناً.
ولو طلّقها بائناً بعد الدخول ثُمَّ جدّد نكاحها في أثناء العدّة ثُمَّ طلّقها قبل الدخول لم يجرِ عليه حكم الطلاق قبل الدخول من حيث عدم ثبوت العدّة به، ولكنّه لا يجب عليها استئناف العدّة بل اللازم إكمال عدّتها من الطلاق الأوّل.
مسألة 562: لو اختلفا في انقضاء العدّة وعدمه قدّم قولها بيمينها سواء ادّعت الانقضاء أو عدمه، وسواء أكانت عدّتها بالأقراء أو بالشهور، نعم إذا كانت متّهمة في
دعواها - كما لو ادّعت أنّها حاضت في شهر واحد ثلاث مرّات فانقضت عدّتها - لم يقبل قولها إلّا بالبيّنة.
كتاب الطـلاق » 2. عدّة الفسخ والانفساخ ←
→ كتاب الطـلاق » الفصل الثالث في العِدَد
1. من لم يدخل بها زوجها، فإنّه لا عدّة عليها منه، نعم إذا دخل ماؤه في فرجها بجذب أو نحوه وجبت عليها العدّة، فالموجب للعدّة أحد الأمرين: إمّا دخول الزوج، أو دخول مائه في فرجها بطريقةٍ ما.
مسألة 543: يتحقّق الدخول بإيلاج تمام الحشفة قُبُلاً أو دُبُراً وإن لم ينزل، بل وإن كان ممّن لا إنزال له كمقطوع الأُنثيين، ويكفي في مقطوع الحشفة دخول مقدارها بل يكفي صدق الإدخال بالنسبة إليه، ولا فرق في الدخول بين كونه في حال اليقظة والنوم حتّى لو كان المُدْخِل هي المرأة من غير شعور الرجل، وكذا لا فرق بين وقوعه حلالاً وحراماً كما إذا دخل بها في نهار الصوم الواجب المعيّن أو في حالة الحيض، وكذا لا فرق بين كون الزوج كبيراً وصغيراً.
مسألة 544: لا تجب العدّة بمجرّد الخلوة مع الزوجة وإن كانت الخلوة تامّة ولم يكن مانع من الدخول، كما لا تجب بمباشرتها بغير الإدخال من ملاعبة أو تقبيل أو تفخيذ.
2. الصغيرة التي لم تكمل تسع سنوات، فإنّه لا عدّة عليها أيضاً وإن دخل بها زوجها اشتباهاً أو على وجه محرَّم.
3. اليائسة، فلا تجب عليها العدّة وإن كانت مدخولاً بها، ويتحقّق اليأس - بعد انقطاع دم الحيض وعدم رجاء عوده لكبر سنّ المرأة - ببلوغها خمسين سنة قمريّة سواء في ذلك القرشيّة وغيرها.
مسألة 545: إذا طلّقت ذات الأقراء قبل بلوغ سنّ اليأس ورأت الدم مرّة أو مرّتين ثُمَّ يئست أكملت العدّة بشهر أو شهرين، وكذلك ذات الشهور إذا اعتدّت شهراً أو شهرين ثُمَّ يئست أتمّت ثلاثة.
مسألة 546: إذا ادّعت المرأة أنّها بلغت سنّ اليأس لم يقبل قولها إلّا بالبيّنة.
مسألة 547: المطلّقة التي تجب عليها العدّة على أقسام:
القسم الأوّل: المطلَّقة غير الحامل التي يكون الطهـر الفاصل بيـن حيضتين منها أقلّ من ثلاثة أشهر، وعدّتها ثلاثة قروء سواء أكانت مستقيمة الحيض، بأن كانت تحيض في كلّ شهر مرّة كما هو المتعارف في أغلب النساء، أم كانت تحيض في كلّ شهر أزيد من مرّة، أو كانت تحيض في كلّ شهرين مرّة، وسواء أكانت معتادة بأقسامها أم لا.
مسألة 548: المراد بالقروء الأطهار، ويكفي في الطهر الأوّل مسمّاه ولو كان قليلاً، فلو طلّقها فحاضت بحيث لم يتخلّل زمان طهر بين إجراء صيغة الطلاق والحيض لم يحسب ذلك الطهر الذي وقع فيه الطلاق من الأطهار الثلاثة واحتاجت في انتهاء عدّتها إلى أطهار ثلاثة أُخرى فتنتهي عدّتها برؤية الحيضة الرابعة، ولو تخلّل زمان طهرٍ بين الطلاق والحيض ولو كان لحظة احتسب ذلك الطهر اليسير من الأطهار الثلاثة وانتهت عدّتها برؤية الحيضة الثالثة، ولا فرق بين الحيض الطبيعيّ وما كان بعلاج وكذا الحال في الطهر .
مسألة 549: بناءً على ما تقدّم من كفاية مسمّى الطهر في الطهر الأوّل ولو لحظة، وإمكان أن تحيض المرأة في شهر واحد أزيد من مرّة، فأقلّ زمان يمكن أن تنقضي به العدّة ستة وعشرون يوماً ولحظتان بأن كان طهرها الأوّل لحظة ثُمَّ تحيض ثلاثة أيّام ثُمَّ ترى أقلّ الطهر عشرة أيّام ثُمَّ تحيض ثلاثة أيّام ثُمَّ ترى أقلّ الطهر عشرة أيّام ثُمَّ تحيض فبمجرّد رؤية الدم الأخير لحظة من أوّله تنقضي العدّة، وهذه اللحظة الأخيرة خارجة عن العدّة وإنّما يتوقّف عليها تماميّة الطهر الثالث.
القسم الثاني: المطلّقة غير الحامل التي يكون الطهر الفاصل بين حيضتين منها ثلاثة أشهر أو أزيد، وعدّتها ثلاثة أشهر .
القسم الثالث: المطلّقة غير الحامل التي تكون مسترابة، وهي من لا تحيض مع كونها في سنّ من تحيض إمّا لكونها صغيرة السنّ لم تبلغ الحدّ الذي ترى الحيض غالب النساء، وإمّا لانقطاع حيضها لمرض أو رضاع أو استعمال دواء ونحو ذلك، وعدّتها ثلاثة أشهر أيضاً.
مسألة 550: المدار في الشهور على الشهر الهلاليّ، فإذا طلّقها في أوّل الشهر اعتدّت إلى ثلاثة أشهر هلاليّة، وإذا طلّقها في أثناء الشهر اعتدّت بقيّة شهرها وشهرين هلاليّين آخرين ومقداراً من الشهر الرابع تكمل به نقص الشهر الأوّل ثلاثين يوماً على الأحوط وجوباً، فمن طلّقت في غروب اليوم العشرين من شهر رجب مثلاً وكان الشهر تسعة وعشرين يوماً وجب عليها أن تكمل نقص شهر رجب بالاعتداد إلى غروب اليوم الحادي والعشرين من شوّال ليكتمل بضمّ ما اعتدّت به من شوّال إلى أيّام العدّة من رجب ثلاثون يوماً.
مسألة 551: قد علم ممّا تقدّم أنّ المرأة إذا كانت تحيض بعد كلّ ثلاثة أشهر مرّة فطلّقها زوجها في أوّل الطهر ومرّت عليها ثلاثة أشهر بيض فقد خرجت من العدّة وكانت عدّتها الشهور لا الأطهار، وأنّه إذا كانت تحيض في كلّ ثلاثة أشهر مرّة بحيث لا تمرّ عليها ثلاثة أشهر بيض لا حيض فيها فهذه عدّتها الأطهار لا الشهور، وأمّا إذا اختلف حالها فكانت تحيض في الحرّ مثلاً في أقلّ من ثلاثة أشهر مرّة وفي البرد تحيض بعد كلّ ثلاثة أشهر مرّة اعتدّت بالسابق من الشهور والأطهار فإن سبق لها ثلاثة أشهر بيض كانت عدّتها، وإن سبق لها ثلاثة أطهار كانت عدّتها أيضاً.
نعم إذا كانت مستقيمة الحيض فطلّقها زوجها ورأت الدم مرّة ثُمَّ ارتفع على خلاف عادتها وجهل سببه وأنّه حمل أو سبب آخر فالمشهور بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) أنّها تنتظر تسعة أشهر من يوم طلاقها فإن لم تضع اعتدّت بعد ذلك بثلاثة أشهر وخرجت بذلك عن العدّة، ولكن هذا لا يخلو عن إشكال وإن كان هو الأحوط لزوماً.
القسم الرابع: المطلّقة الحامل، وعدّتها مدّة حملها - وإن كان حملها بإراقة ماء زوجها في فرجها من دون دخول - وتنقضي بأن تضع حملها ولو بعد الطلاق بساعة.
مسألة 552: الحمل الذي يكون وضعه هو منتهى عدّة الحامل شامل لما كان سقطاً تامّاً وغير تامّ حتّى لو كان مضغة أو علقة.
مسألة 553: إذا كانت المطلّقة حاملاً باثنين أو أزيد لم تخرج من العدّة بوضع أحدهما بل لا بُدَّ من وضع الجميع.
مسألة 554: لا بُدَّ من العلم بوضع الحمل أو الاطمئنان به فلا يكفي الظنّ به فضلاً عن الشكّ، نعم يكفي قيام الحجّة على ذلك كالبيّنة وإن لم تفد الظنّ.
مسألة 555: إنّما تنقضي العدّة بالوضع إذا كان الحمل ملحقاً بمن له العدّة، فلا عبرة بوضع من لم يلحق به في انقضاء عدّته، فلو كانت حاملاً من الزنا قبل الطلاق أو بعده لم تخرج من العدّة بالوضع بل يكون انقضاؤها بالأقراء والشهور كغير الحامل، فوضع هذا الحمل لا أثر له أصلاً لا بالنسبة إلى الزاني لأنّه لا عدّة له - كما سيأتي - ولا بالنسبة إلى المطلِّق لأنّ الولد ليس له.
نعم إذا حملت من وطء الشبهة قبل الطلاق أو بعده بحيث يلحق الولد بالواطئ لا بالزوج فوضعه موجب لانقضاء العدّة بالنسبة إلى الواطئ لا بالنسبة إلى الزوج المطلِّق.
مسألة 556: لو وُطئت شبهة فحملت وأُلحق الولد بالواطئ لبُعد الزوج عنها أو لغير ذلك ثُمَّ طلّقها الزوج، أو طلّقها ثُمَّ وطئت شبهة على نحو أُلحق الولد بالواطئ فعليها الاعتداد منهما جميعاً، وهل تتداخل العدّتان أم لا؟ وجهان، والأحوط لزوماً عدم التداخل، وعليه فتعتدّ أوّلاً لوطء الشبهة وتنقضي بالوضع، وتعتدّ بعده للطلاق ويكون مبدؤها بعد انقضاء نفاسها.
مسألة 557: إذا ادّعت المطلَّقة الحامل أنّها وضعت فانقضت عدّتها وأنكر الزوج، أو انعكس فادّعى الوضع وأنكرت هي، أو ادّعت الحمل وأنكر، أو ادّعت الحمل والوضع معاً وأنكرهما، يقدّم قولها بيمينها في جميع ذلك من حيث بقاء العدّة وانقضائها لا من حيث سائر آثار الحمل، ويشترط في تقديم قولها أن لا تكون متّهمة في دعواها وإلّا لم تقبل إلّا بالبيّنة.
مسألة 558: إذا اتّفق الزوجان على إيقاع الطلاق ووضع الحمل واختلفا في المتقدّم والمتأخّر منهما، فقال الزوج مثلاً : (وضعتِ بعد الطلاق فانقضت عدّتك)، وقالت الزوجة: (وضعتُ قبل الطلاق فأنا بعدُ في العدّة)، أو انعكس فقال الزوج: (وضعتِ قبل الطلاق فأنت بعدُ في العدّة) وأراد الرجوع إليها، وادّعت الزوجة خلافه، يقدّم قولها بيمينها في بقاء العدّة وانقضائها ما لم تكن متّهمة، بلا فرق في ذلك بين ما لم يتّفقا على زمان أحدهما وما اتّفقا عليه.
مسألة 559: مبدأ عدّة الطلاق من حين وقوعه، حاضراً كان الزوج أو غائباً بلغ الزوجة الخبر أم لا، فلو طلّقها غائباً ولم يبلغها إلّا بعد مضيّ مدّة بمقدار العدّة فقد انقضت عدّتها وليس عليها عدّة بعد بلوغ الخبر إليها.
مسألة 560: لو علمت بالطلاق ولم تعلم وقت وقوعه حتّى تحسب العدّة من ذلك الوقت اعتدّت من الوقت الذي تعلم بعدم تأخّره عنه، بل الأحوط لزوماً أن تعتدّ من حين بلوغ الخبر إليها.
مسألة 561: تقدّم آنفاً أنّ المطلّقة غير المدخول بها لا تثبت عليها العدّة، فإذا طلّق الرجل زوجته رجعيّاً بعد الدخول ثُمَّ رجع ثُمَّ طلّقها قبل الدخول فربّما يقال: إنّه لا عدّة عليها؛ لأنّه طلاق قبل الدخول، ولكنّه غير صحيح بل يجب عليها العدّة من حين الطلاق الثاني، ولا فرق في ذلك بين كون الطلاق الثاني رجعيّاً أو بائناً.
ولو طلّقها بائناً بعد الدخول ثُمَّ جدّد نكاحها في أثناء العدّة ثُمَّ طلّقها قبل الدخول لم يجرِ عليه حكم الطلاق قبل الدخول من حيث عدم ثبوت العدّة به، ولكنّه لا يجب عليها استئناف العدّة بل اللازم إكمال عدّتها من الطلاق الأوّل.
مسألة 562: لو اختلفا في انقضاء العدّة وعدمه قدّم قولها بيمينها سواء ادّعت الانقضاء أو عدمه، وسواء أكانت عدّتها بالأقراء أو بالشهور، نعم إذا كانت متّهمة في
دعواها - كما لو ادّعت أنّها حاضت في شهر واحد ثلاث مرّات فانقضت عدّتها - لم يقبل قولها إلّا بالبيّنة.