الكتب الفتوائية » منهاج الصالحين ـ الجزء الثالث (الطبعة المصححة 1445 هـ.)
البحث في:
كتاب النكاح » 2. القرابة ←
→ كتاب النكاح » الفصل الرابع عشر في النفقات
كتاب النكاح » 1. الزوجيّة
مسألة 413: تجب نفقة الزوجة على الزوج فيما إذا كانت دائمة ومطيعة له فيما يجب إطاعته عليها، فلا نفقة للزوجة المتمتّع بها إلّا مع الشرط، كما لا نفقة للزوجة الناشزة على تفصيلٍ تقدّم في المسألة (351)، وقد تقدّم أيضاً بيان ما يتحقّق به النشوز وإنّ سقوط نفقة الناشزة مشروط بعدم توبتها فإذا تابت وعادت إلى الطاعة رجع الاستحقاق.
مسألة 414: لا فرق في وجوب الإنفاق على الزوجة بين المسلمة والكتابيّة، وأمّا المرتدّة فلا نفقة لها فإن تابت قبل مضيّ العدّة استحقّت النفقة وإلّا بانت من زوجها كما تقدّم.
مسألة 415: تثبت النفقة للزوجة في الزمان الفاصل بين العقد والزفاف إلّا مع وجود قرينة على الإسقاط ولو كانت هي التعارف الخارجيّ، ولا تثبت النفقة للزوجة الصغيرة غير القابلة للاستمتاع منها، وكذا الزوجة البالغة إذا كان زوجها صغيراً غير قابل لأن يستمتع منها، ولو كانت الزوجة مراهقة وكان الزوج مراهقاً أو بالغاً أو كان الزوج مراهقاً وكانت الزوجة بالغة استحقّت الزوجة للنفقة مع تمكينها له من نفسها في ما يسعه من الاستمتاع منها.
مسألة 416: لا تسقط نفقة الزوجة بعدم تمكينها له من نفسها لعذر من حيض أو نفاس أو إحرام أو اعتكاف واجب أو مرض مُدْنِف أو غير ذلك، ومن العذر ما لو كان الزوج مبتلى بمرض مُعْدٍ خافت من سرايته إليها بالمباشرة.
مسألة 417: إذا استصحب الزوج زوجته في سفره كانت نفقتها عليه وإن كانت أكثر من نفقتها في الحضر، وكذا يجب عليه بذل أجور سفرها ونحوها ممّا تحتاج إليه من حيث السفر، وهكذا الحكم فيما لو سافرت الزوجة بنفسها في سفر ضروريّ يرتبط بشؤون حياتها كأن كانت مريضة وتوقّف علاجها على السفر إلى طبيب فإنّه يجب على الزوج بذل نفقتها وأجور سفرها.
وأمّا في غيره من السفر الواجب كما إذا كان أداءً لواجب في ذمّتها كأن استطاعت للحجّ، أو نذرت الحجّ الاستحبابيّ بإذن الزوج، وكذا في السفر غير الواجب الذي أذن فيه الزوج فإنّه ليس عليه بذل أجوره، ولكن يجب عليه بذل نفقتها فيه كاملة وإن كانت أزيد من نفقتها في الحضر، نعم إذا علّق الزوج إذنه لها في السفر غير الواجب على إسقاطها لنفقتها فيه كلّاً أو بعضاً وقبلت هي بذلك لم تستحقّها عليه حينئذٍ.
مسألة 418: تثبت النفقة لذات العدّة الرجعيّة ما دامت في العدّة كما تثبت لغير المطلّقة، من غير فرق بين كونها حائلاً أو حاملاً، ولو كانت ناشزة وطلّقت في حال نشوزها لم تثبت لها النفقة إلّا إذا تابت ورجعت إلى الطاعة كالزوجة الناشزة غير المطلّقة، وأمّا ذات العدّة البائنة فتسقط نفقتها سواء أكانت عن طلاق أو فسخ إلّا إذا كانت عن طلاق وكانت حاملاً فإنّها تستحقّ النفقة والسكنى حتّى تضع حملها، ولا تلحق بها المنقطعة الحامل الموهوبة أو المنقضية مدّتها، وكذا الحامل المتوفّى عنها زوجها، فإنّه لا نفقة لها مدّة حملها لا من تركة زوجها ولا من نصيب ولدها.
مسألة 419: إذا ادّعت المطلّقة بائناً أنّها حامل فإن حصل الوثوق بصحّة دعواها استناداً إلى الأمارات التي يستدلّ بها على الحمل عند النساء، أو تيسّر استكشاف حالها بإجراء الفحص الطبّيّ عند الثقة من أهل الخبرة فهو، وإلّا لم يجب قبول قولها والإنفاق عليها بمجرّد دعواها.
ولو أنفق عليها ثُمَّ تبيّن عدم الحمل استُعيدَ منها ما دفع إليها، ولو انعكس الأمر دفع إليها نفقتها أيّام حملها.
مسألة 420: لا تقدير للنفقة شرعاً، بل الضابط القيام بما تحتاج إليه الزوجة في معيشتها من الطعام والإدام والكسوة والفراش والغطاء والمسكن والخدم وآلات التدفئة والتبريد وأثاث المنزل وغير ذلك ممّا يليق بشأنها بالقياس إلى زوجها، ومن الواضح اختلاف ذلك نوعاً وكمّاً وكيفاً بحسب اختلاف الأمكنة والأزمنة والحالات والأعراف والتقاليد اختلافاً فاحشاً.
فبالنسبة إلى المسكن مثلاً ربّما يناسبها كوخ أو بيت شعر في الريف أو البادية وربّما لا بُدَّ لها من دار أو شقّة أو حجرة منفردة المرافق في المدينة، وكذا بالنسبة إلى الألبسة ربّما تكفيها ثياب بدنها من غير حاجة إلى ثياب أُخرى وربّما لا بُدَّ من الزيادة عليها بثياب التجمّل والزينة، نعم ما تعارف عند بعض النساء من تكثير الألبسة النفيسة خارج عن النفقة الواجبة، فضلاً عمّا تعارف عند جمع منهنّ من لبس بعض الألبسة مرّة أو مرّتين في بعض المناسبات ثُمَّ استبداله بآخر مختلف عنه نوعاً أو هيئة في المناسبات الأُخرى.
مسألة 421: من النفقة الواجبة على الزوج أجرة الحمّام عند حاجة الزوجة إليه سواء أكان للاغتسال أو للتنظيف إذا لم تتهيّأ لها مقدّمات الاستحمام في البيت أو كان ذلك عسيراً عليها لبرد أو غيره، كما أنّ منها مصاريف الولادة وأجرة الطبيب والأدوية المتعارفة التي يكثر الاحتياج إليها عادة، بل وكذلك ما يصرف في سبيل علاج الأمراض الصعبة التي يتّفق الابتلاء بها وإن احتاج إلى بذل مال كثير ما لم يكن ذلك حرجيّاً على الزوج.
مسألة 422: النفقة الواجبة للزوجة على قسمين:
القسم الأوّل: ما يتوقّف الانتفاع به على ذهاب عينه كالطعام والشراب والدواء ونحوها، وفي هذا القسم تملك الزوجة عين المال بمقدار حاجتها عند حلول الوقت المتعارف لصرفه، فلها مطالبة الزوج بتمليكه إيّاها وتسليمه لها تفعل به ما تشاء، ولها الاجتزاء - كما هو المتعارف - بما يجعله تحت تصرّفها في بيته ويبيح لها الاستفادة منه فتأكل وتشرب ممّا يوفّره في البيت من الطعام والإدام والشراب حسب حاجتها إليه، وحينئذٍ يسقط ما لها عليه من النفقة فليس لها أن تطالبه بها بعد ذلك.
مسألة 423: لا يحقّ للزوجة مطالبة الزوج بنفقة الزمان المستقبل، ولو دفع إليها نفقة أيّام كأسبوع أو شهر مثلاً وانقضت المدّة ولم تصرفها على نفسها إمّا بأن أنفقت من غيرها أو أنفق عليها أحد كانت ملكاً لها وليس للزوج استردادها، نعم لو خرجت عن الاستحقاق قبل انقضاء المدّة بموت أحدهما أو نشوزها أو طلاقها بائناً يوزّع المدفوع على الأيّام الماضية والآتية ويسترّد منها بالنسبة إلى ما بقي من المدّة، بل وكذلك فيما إذا دفع إليها نفقة يوم واحد وعرضت إحدى تلك العوارض في أثناء اليوم فإنّه يسترّد الباقي من نفقة ذلك اليوم.
مسألة 424: يتخيّر الزوج بين أن يدفع إلى الزوجة عين المأكول كالخبز والطبيخ واللحم المطبوخ وما شاكل ذلك، وأن يدفع إليها موادّها كالحنطة والدقيق والأرز واللحم ونحو ذلك ممّا يحتاج في إعداده للأكل إلى علاج ومؤونة، فإذا اختار الثاني كانت مؤونة الإعداد على الزوج دون الزوجة.
مسألة 425: إذا تراضيا على بذل الثمن وقيمة الطعام والإدام وتسلّمتْه مَلَكَتْه وسقط ما هو الواجب على الزوج، ولكن ليس للزوج إلزامها بقبول الثمن وليس لها إلزامه ببذله فالواجب ابتداءً هو العين.
القسم الثاني: ما ينتفع به مع بقاء عينه، وهذا إن كان مثل المسكن فلا إشكال في أنّ الزوجة لا تستحقّ على الزوج أن يدفعه إليها بعنوان التمليك، وهكذا الفراش والغطاء وأثاث المنزل ونحوها، وأمّا الكسوة فالصحيح كونها بحكم القسم الأوّل، أي تستحقّ على الزوج تمليكها إيّاها، ولها الاجتزاء بالاستفادة بما هو ملكه أو بما استأجره أو استعاره.
مسألة 426: إذا دفع إليها كسوة قد جرت العادة ببقائها مدّة فلبستها فخَلُقَتْ قبل تلك المدّة أو سرقت لا بتقصير منها في الصورتين وجب عليه دفع كسوة أُخرى إليها، ولو انقضت المدّة والكسوة باقية ليس لها مطالبة كسوة أُخرى، ولو خرجت في أثناء المدّة عن الاستحقاق لموت أو نشوز أو طلاق فإن كان الدفع إليها على وجه الإمتاع والانتفاع جاز له استردادها إن كانت باقية، وأمّا إذا كان على وجه التمليك فليس له ذلك.
مسألة 427: يجوز للزوجة أن تتصرّف فيما تملكه من النفقة كيفما تشاء، فتنقله إلى غيرها ببيع أو هبة أو إجارة أو غيرها إلّا إذا اشترط الزوج عليها ترك تصرّف معيّن فيلزمها ذلك، وأمّا ما تتسلّمه من دون تمليك للإمتاع والانتفاع به فلا يجوز لها نقله إلى الغير ولا التصرّف فيه بغير الوجه المتعارف إلّا بإذنٍ من الزوج.
مسألة 428: النفقة الواجب بذلها للزوجة هو ما تقوم به حياتها من طعام وشراب وكسوة ومسكن وأثاث ونحوها، دون ما تشتغل به ذمّتها ممّا تستدينه لغير نفقتها، وما تنفقه على من يجب نفقته عليها، وما يثبت عليها من فدية أو كفّارة أو أرش جناية ونحو ذلك.
مسألة 429: إذا لم يكن عنده ما ينفقه على زوجته وجب عليه تحصيله بالتكسّب اللائق بشأنه وحاله، وإذا لم يكن متمكّناً منه أخذ من حقوق الفقراء من الأخماس والزكوات والكفّارات ونحوها بمقدار حاجته في الانفاق عليها، وإذا لم يتيسّر له ذلك تبقى نفقتها ديناً عليه، ولا يجب عليه تحصيلها بمثل الاستيهاب والسؤال، نعم تجب عليه الاستدانة لها إذا أمكنه ذلك من دون حرج ومشقّة وعلم بالتمكّن من الوفاء فيما بعد، وأمّا إذا احتمل عدم التمكّن من الوفاء احتمالاً معتدّاً به ففي وجوبها عليه إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك.
هذا في نفقة الزوجة، وأمّا نفقة النفس فليست بهذه المثابة فلا يجب السعي لتحصيلها إلّا بمقدار ما يتوقّف عليه حفظ النفس والعِرْض والتوقّي عن الاصابة بضرر بليغ، وهذا المقدار يجب تحصيله بأيّة وسيلة حتّى بالاستعطاف والسؤال فضلاً عن الاكتساب والاستدانة.
مسألة 430: إذا كان الزوج عاجزاً عن تأمين نفقة زوجته أو امتنع من الإنفاق عليها مع قدرته جاز لها رفع أمرها إلى الحاكم الشرعيّ على ما تقدّم تفصيله في الفصل الحادي عشر .
مسألة 431: إذا لم تحصل الزوجة على النفقة الواجبة لها كلّاً أو بعضاً كمّاً أو كيفاً، لفقر الزوج أو امتناعه بقي ما لم تحصله منها ديناً في ذمّته كما تقدّمت الإشارة اليه، فلو مات أُخرج من أصل تركته كسائر ديونه، ولو ماتت انتقل إلى ورثتها كسائر تركتها، سواء طالبته بالنفقة في حينه أو سكتت عنها وسواء قدّرها الحاكم وحكم بها أم لا، وسواء عاشت بالعسر أو أنفقت هي على نفسها - باقتراض أو بدونه - أو أنفق الغير عليها تبرّعاً من نفسه، ولو أنفق الغير عليها ديناً على ذمّة زوجها مع الاستئذان في ذلك من الحاكم الشرعيّ اشتغلت له ذمّة الزوج بما أنفق، ولو أنفق عليها تبرّعاً عن زوجها لم تشتغل ذمّة الزوج له ولا للزوجة.
مسألة 432: نفقة الزوجة تقبل الإسقاط بالنسبة إلى الزمان الحاضر وكذا بالنسبة إلى الأزمنة المستقبلة.
مسألة 433: لا يعتبر في استحقاق الزوجة النفقة على زوجها فقرها وحاجتها بل تستحقّها على زوجها وإن كانت غنيّة غير محتاجة.
مسألة 434: نفقة النفس مقدّمة على نفقة الزوجة، فإذا لم يكن للزوج مال يفي بنفقة نفسه ونفقة زوجته أنفق على نفسه فإن زاد شيء صرفه إليها.
مسألة 435: المقصود بنفقة النفس المقدّمة على نفقة الزوجة مقدار قوت يومه وليلته وكسوته وفراشه وغطائه وغير ذلك ممّا يحتاج إليه في معيشته بحسب حاله وشأنه.
مسألة 436: إذا اختلف الزوجان في الإنفاق وعدمه مع اتّفاقهما على استحقاق النفقة فالقول قول الزوجة مع يمينها إذا لم تكن للزوج بيّنة.
مسألة 437: إذا كانت الزوجة حاملاً ووضعت وقد طلّقت رجعيّاً فادّعت الزوجة أنّ الطلاق كان بعد الوضع فتستحقّ عليه النفقة، وادّعى الزوج أنّه كان قبل الوضع وقد انقضت عدّتها فلا نفقة لها، فالقول قول الزوجة مع يمينها فإن حلفت استحقّت النفقة، ولكن الزوج يلزم باعترافه فلا يجوز له الرجوع إليها.
مسألة 438: إذا اختلفا في الإعسار واليسار فادّعى الزوج الإعسار وأنّه لا يقدر على الإنفاق، وادّعت الزوجة يساره، كان القول قول الزوج مع يمينه.
نعم إذا كان الزوج موسراً وادّعى تلف أمواله وأنّه صار معسراً فأنكرته الزوجة كان القول قولها مع يمينها.
مسألة 439: تقديم قول الزوج أو الزوجة مع اليمين في الموارد المتقدّمة إنّما هو فيما إذا لم يكن قوله مخالفاً للظاهر، وإلّا قدّم قول خصمه بيمينه إذا لم يكن كذلك، ففي مورد المسألة (436) إذا كانت الزوجة تعيش في بيت الزوج وداخلة في عياله وهو ينفق عليهم بنفسه أو بتوسّط وكيله عند غيابه، ثُمَّ ادّعت أنّها لم تكن تتسلّم منه نفقتها خلال تلك المدّة - مع ظهور الحال في عدم استثنائها عنهم - لم يقبل قولها إلّا بالبيّنة فإن لم تكن لها بيّنة كان القول قول زوجها بيمينه.
كتاب النكاح » 2. القرابة ←
→ كتاب النكاح » الفصل الرابع عشر في النفقات
مسألة 414: لا فرق في وجوب الإنفاق على الزوجة بين المسلمة والكتابيّة، وأمّا المرتدّة فلا نفقة لها فإن تابت قبل مضيّ العدّة استحقّت النفقة وإلّا بانت من زوجها كما تقدّم.
مسألة 415: تثبت النفقة للزوجة في الزمان الفاصل بين العقد والزفاف إلّا مع وجود قرينة على الإسقاط ولو كانت هي التعارف الخارجيّ، ولا تثبت النفقة للزوجة الصغيرة غير القابلة للاستمتاع منها، وكذا الزوجة البالغة إذا كان زوجها صغيراً غير قابل لأن يستمتع منها، ولو كانت الزوجة مراهقة وكان الزوج مراهقاً أو بالغاً أو كان الزوج مراهقاً وكانت الزوجة بالغة استحقّت الزوجة للنفقة مع تمكينها له من نفسها في ما يسعه من الاستمتاع منها.
مسألة 416: لا تسقط نفقة الزوجة بعدم تمكينها له من نفسها لعذر من حيض أو نفاس أو إحرام أو اعتكاف واجب أو مرض مُدْنِف أو غير ذلك، ومن العذر ما لو كان الزوج مبتلى بمرض مُعْدٍ خافت من سرايته إليها بالمباشرة.
مسألة 417: إذا استصحب الزوج زوجته في سفره كانت نفقتها عليه وإن كانت أكثر من نفقتها في الحضر، وكذا يجب عليه بذل أجور سفرها ونحوها ممّا تحتاج إليه من حيث السفر، وهكذا الحكم فيما لو سافرت الزوجة بنفسها في سفر ضروريّ يرتبط بشؤون حياتها كأن كانت مريضة وتوقّف علاجها على السفر إلى طبيب فإنّه يجب على الزوج بذل نفقتها وأجور سفرها.
وأمّا في غيره من السفر الواجب كما إذا كان أداءً لواجب في ذمّتها كأن استطاعت للحجّ، أو نذرت الحجّ الاستحبابيّ بإذن الزوج، وكذا في السفر غير الواجب الذي أذن فيه الزوج فإنّه ليس عليه بذل أجوره، ولكن يجب عليه بذل نفقتها فيه كاملة وإن كانت أزيد من نفقتها في الحضر، نعم إذا علّق الزوج إذنه لها في السفر غير الواجب على إسقاطها لنفقتها فيه كلّاً أو بعضاً وقبلت هي بذلك لم تستحقّها عليه حينئذٍ.
مسألة 418: تثبت النفقة لذات العدّة الرجعيّة ما دامت في العدّة كما تثبت لغير المطلّقة، من غير فرق بين كونها حائلاً أو حاملاً، ولو كانت ناشزة وطلّقت في حال نشوزها لم تثبت لها النفقة إلّا إذا تابت ورجعت إلى الطاعة كالزوجة الناشزة غير المطلّقة، وأمّا ذات العدّة البائنة فتسقط نفقتها سواء أكانت عن طلاق أو فسخ إلّا إذا كانت عن طلاق وكانت حاملاً فإنّها تستحقّ النفقة والسكنى حتّى تضع حملها، ولا تلحق بها المنقطعة الحامل الموهوبة أو المنقضية مدّتها، وكذا الحامل المتوفّى عنها زوجها، فإنّه لا نفقة لها مدّة حملها لا من تركة زوجها ولا من نصيب ولدها.
مسألة 419: إذا ادّعت المطلّقة بائناً أنّها حامل فإن حصل الوثوق بصحّة دعواها استناداً إلى الأمارات التي يستدلّ بها على الحمل عند النساء، أو تيسّر استكشاف حالها بإجراء الفحص الطبّيّ عند الثقة من أهل الخبرة فهو، وإلّا لم يجب قبول قولها والإنفاق عليها بمجرّد دعواها.
ولو أنفق عليها ثُمَّ تبيّن عدم الحمل استُعيدَ منها ما دفع إليها، ولو انعكس الأمر دفع إليها نفقتها أيّام حملها.
مسألة 420: لا تقدير للنفقة شرعاً، بل الضابط القيام بما تحتاج إليه الزوجة في معيشتها من الطعام والإدام والكسوة والفراش والغطاء والمسكن والخدم وآلات التدفئة والتبريد وأثاث المنزل وغير ذلك ممّا يليق بشأنها بالقياس إلى زوجها، ومن الواضح اختلاف ذلك نوعاً وكمّاً وكيفاً بحسب اختلاف الأمكنة والأزمنة والحالات والأعراف والتقاليد اختلافاً فاحشاً.
فبالنسبة إلى المسكن مثلاً ربّما يناسبها كوخ أو بيت شعر في الريف أو البادية وربّما لا بُدَّ لها من دار أو شقّة أو حجرة منفردة المرافق في المدينة، وكذا بالنسبة إلى الألبسة ربّما تكفيها ثياب بدنها من غير حاجة إلى ثياب أُخرى وربّما لا بُدَّ من الزيادة عليها بثياب التجمّل والزينة، نعم ما تعارف عند بعض النساء من تكثير الألبسة النفيسة خارج عن النفقة الواجبة، فضلاً عمّا تعارف عند جمع منهنّ من لبس بعض الألبسة مرّة أو مرّتين في بعض المناسبات ثُمَّ استبداله بآخر مختلف عنه نوعاً أو هيئة في المناسبات الأُخرى.
مسألة 421: من النفقة الواجبة على الزوج أجرة الحمّام عند حاجة الزوجة إليه سواء أكان للاغتسال أو للتنظيف إذا لم تتهيّأ لها مقدّمات الاستحمام في البيت أو كان ذلك عسيراً عليها لبرد أو غيره، كما أنّ منها مصاريف الولادة وأجرة الطبيب والأدوية المتعارفة التي يكثر الاحتياج إليها عادة، بل وكذلك ما يصرف في سبيل علاج الأمراض الصعبة التي يتّفق الابتلاء بها وإن احتاج إلى بذل مال كثير ما لم يكن ذلك حرجيّاً على الزوج.
مسألة 422: النفقة الواجبة للزوجة على قسمين:
القسم الأوّل: ما يتوقّف الانتفاع به على ذهاب عينه كالطعام والشراب والدواء ونحوها، وفي هذا القسم تملك الزوجة عين المال بمقدار حاجتها عند حلول الوقت المتعارف لصرفه، فلها مطالبة الزوج بتمليكه إيّاها وتسليمه لها تفعل به ما تشاء، ولها الاجتزاء - كما هو المتعارف - بما يجعله تحت تصرّفها في بيته ويبيح لها الاستفادة منه فتأكل وتشرب ممّا يوفّره في البيت من الطعام والإدام والشراب حسب حاجتها إليه، وحينئذٍ يسقط ما لها عليه من النفقة فليس لها أن تطالبه بها بعد ذلك.
مسألة 423: لا يحقّ للزوجة مطالبة الزوج بنفقة الزمان المستقبل، ولو دفع إليها نفقة أيّام كأسبوع أو شهر مثلاً وانقضت المدّة ولم تصرفها على نفسها إمّا بأن أنفقت من غيرها أو أنفق عليها أحد كانت ملكاً لها وليس للزوج استردادها، نعم لو خرجت عن الاستحقاق قبل انقضاء المدّة بموت أحدهما أو نشوزها أو طلاقها بائناً يوزّع المدفوع على الأيّام الماضية والآتية ويسترّد منها بالنسبة إلى ما بقي من المدّة، بل وكذلك فيما إذا دفع إليها نفقة يوم واحد وعرضت إحدى تلك العوارض في أثناء اليوم فإنّه يسترّد الباقي من نفقة ذلك اليوم.
مسألة 424: يتخيّر الزوج بين أن يدفع إلى الزوجة عين المأكول كالخبز والطبيخ واللحم المطبوخ وما شاكل ذلك، وأن يدفع إليها موادّها كالحنطة والدقيق والأرز واللحم ونحو ذلك ممّا يحتاج في إعداده للأكل إلى علاج ومؤونة، فإذا اختار الثاني كانت مؤونة الإعداد على الزوج دون الزوجة.
مسألة 425: إذا تراضيا على بذل الثمن وقيمة الطعام والإدام وتسلّمتْه مَلَكَتْه وسقط ما هو الواجب على الزوج، ولكن ليس للزوج إلزامها بقبول الثمن وليس لها إلزامه ببذله فالواجب ابتداءً هو العين.
القسم الثاني: ما ينتفع به مع بقاء عينه، وهذا إن كان مثل المسكن فلا إشكال في أنّ الزوجة لا تستحقّ على الزوج أن يدفعه إليها بعنوان التمليك، وهكذا الفراش والغطاء وأثاث المنزل ونحوها، وأمّا الكسوة فالصحيح كونها بحكم القسم الأوّل، أي تستحقّ على الزوج تمليكها إيّاها، ولها الاجتزاء بالاستفادة بما هو ملكه أو بما استأجره أو استعاره.
مسألة 426: إذا دفع إليها كسوة قد جرت العادة ببقائها مدّة فلبستها فخَلُقَتْ قبل تلك المدّة أو سرقت لا بتقصير منها في الصورتين وجب عليه دفع كسوة أُخرى إليها، ولو انقضت المدّة والكسوة باقية ليس لها مطالبة كسوة أُخرى، ولو خرجت في أثناء المدّة عن الاستحقاق لموت أو نشوز أو طلاق فإن كان الدفع إليها على وجه الإمتاع والانتفاع جاز له استردادها إن كانت باقية، وأمّا إذا كان على وجه التمليك فليس له ذلك.
مسألة 427: يجوز للزوجة أن تتصرّف فيما تملكه من النفقة كيفما تشاء، فتنقله إلى غيرها ببيع أو هبة أو إجارة أو غيرها إلّا إذا اشترط الزوج عليها ترك تصرّف معيّن فيلزمها ذلك، وأمّا ما تتسلّمه من دون تمليك للإمتاع والانتفاع به فلا يجوز لها نقله إلى الغير ولا التصرّف فيه بغير الوجه المتعارف إلّا بإذنٍ من الزوج.
مسألة 428: النفقة الواجب بذلها للزوجة هو ما تقوم به حياتها من طعام وشراب وكسوة ومسكن وأثاث ونحوها، دون ما تشتغل به ذمّتها ممّا تستدينه لغير نفقتها، وما تنفقه على من يجب نفقته عليها، وما يثبت عليها من فدية أو كفّارة أو أرش جناية ونحو ذلك.
مسألة 429: إذا لم يكن عنده ما ينفقه على زوجته وجب عليه تحصيله بالتكسّب اللائق بشأنه وحاله، وإذا لم يكن متمكّناً منه أخذ من حقوق الفقراء من الأخماس والزكوات والكفّارات ونحوها بمقدار حاجته في الانفاق عليها، وإذا لم يتيسّر له ذلك تبقى نفقتها ديناً عليه، ولا يجب عليه تحصيلها بمثل الاستيهاب والسؤال، نعم تجب عليه الاستدانة لها إذا أمكنه ذلك من دون حرج ومشقّة وعلم بالتمكّن من الوفاء فيما بعد، وأمّا إذا احتمل عدم التمكّن من الوفاء احتمالاً معتدّاً به ففي وجوبها عليه إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك.
هذا في نفقة الزوجة، وأمّا نفقة النفس فليست بهذه المثابة فلا يجب السعي لتحصيلها إلّا بمقدار ما يتوقّف عليه حفظ النفس والعِرْض والتوقّي عن الاصابة بضرر بليغ، وهذا المقدار يجب تحصيله بأيّة وسيلة حتّى بالاستعطاف والسؤال فضلاً عن الاكتساب والاستدانة.
مسألة 430: إذا كان الزوج عاجزاً عن تأمين نفقة زوجته أو امتنع من الإنفاق عليها مع قدرته جاز لها رفع أمرها إلى الحاكم الشرعيّ على ما تقدّم تفصيله في الفصل الحادي عشر .
مسألة 431: إذا لم تحصل الزوجة على النفقة الواجبة لها كلّاً أو بعضاً كمّاً أو كيفاً، لفقر الزوج أو امتناعه بقي ما لم تحصله منها ديناً في ذمّته كما تقدّمت الإشارة اليه، فلو مات أُخرج من أصل تركته كسائر ديونه، ولو ماتت انتقل إلى ورثتها كسائر تركتها، سواء طالبته بالنفقة في حينه أو سكتت عنها وسواء قدّرها الحاكم وحكم بها أم لا، وسواء عاشت بالعسر أو أنفقت هي على نفسها - باقتراض أو بدونه - أو أنفق الغير عليها تبرّعاً من نفسه، ولو أنفق الغير عليها ديناً على ذمّة زوجها مع الاستئذان في ذلك من الحاكم الشرعيّ اشتغلت له ذمّة الزوج بما أنفق، ولو أنفق عليها تبرّعاً عن زوجها لم تشتغل ذمّة الزوج له ولا للزوجة.
مسألة 432: نفقة الزوجة تقبل الإسقاط بالنسبة إلى الزمان الحاضر وكذا بالنسبة إلى الأزمنة المستقبلة.
مسألة 433: لا يعتبر في استحقاق الزوجة النفقة على زوجها فقرها وحاجتها بل تستحقّها على زوجها وإن كانت غنيّة غير محتاجة.
مسألة 434: نفقة النفس مقدّمة على نفقة الزوجة، فإذا لم يكن للزوج مال يفي بنفقة نفسه ونفقة زوجته أنفق على نفسه فإن زاد شيء صرفه إليها.
مسألة 435: المقصود بنفقة النفس المقدّمة على نفقة الزوجة مقدار قوت يومه وليلته وكسوته وفراشه وغطائه وغير ذلك ممّا يحتاج إليه في معيشته بحسب حاله وشأنه.
مسألة 436: إذا اختلف الزوجان في الإنفاق وعدمه مع اتّفاقهما على استحقاق النفقة فالقول قول الزوجة مع يمينها إذا لم تكن للزوج بيّنة.
مسألة 437: إذا كانت الزوجة حاملاً ووضعت وقد طلّقت رجعيّاً فادّعت الزوجة أنّ الطلاق كان بعد الوضع فتستحقّ عليه النفقة، وادّعى الزوج أنّه كان قبل الوضع وقد انقضت عدّتها فلا نفقة لها، فالقول قول الزوجة مع يمينها فإن حلفت استحقّت النفقة، ولكن الزوج يلزم باعترافه فلا يجوز له الرجوع إليها.
مسألة 438: إذا اختلفا في الإعسار واليسار فادّعى الزوج الإعسار وأنّه لا يقدر على الإنفاق، وادّعت الزوجة يساره، كان القول قول الزوج مع يمينه.
نعم إذا كان الزوج موسراً وادّعى تلف أمواله وأنّه صار معسراً فأنكرته الزوجة كان القول قولها مع يمينها.
مسألة 439: تقديم قول الزوج أو الزوجة مع اليمين في الموارد المتقدّمة إنّما هو فيما إذا لم يكن قوله مخالفاً للظاهر، وإلّا قدّم قول خصمه بيمينه إذا لم يكن كذلك، ففي مورد المسألة (436) إذا كانت الزوجة تعيش في بيت الزوج وداخلة في عياله وهو ينفق عليهم بنفسه أو بتوسّط وكيله عند غيابه، ثُمَّ ادّعت أنّها لم تكن تتسلّم منه نفقتها خلال تلك المدّة - مع ظهور الحال في عدم استثنائها عنهم - لم يقبل قولها إلّا بالبيّنة فإن لم تكن لها بيّنة كان القول قول زوجها بيمينه.