الكتب الفتوائية » منهاج الصالحين ـ الجزء الثالث (الطبعة المصححة 1445 هـ.)
البحث في:
كتاب النكاح » الفصل السادس في أسباب التحريم
←
→ كتاب النكاح » الفصل الثالث في عقد النكاح وأحكامه
كتاب النكاح » الفصل الخامس في العقد الفضوليّ
مسألة 73: العقد الصادر من غير الوكيل والوليّ - المسمّى بالفضوليّ - يصحّ مع الإجازة، سواء أكان فضوليّاً من الطرفين أم من أحدهما، وسواء أكان المعقود عليه صغيراً أم كبيراً، وسواء أكان العاقد قريباً للمعقود عليه كالأخ والعمّ والخال أم أجنبيّاً.
ومنه العقد الصادر من الوليّ أو الوكيل على غير الوجه المأذون فيه، بأن عقد الوليّ مع اشتماله على مفسدة للصغير، او عقد الوكيل على خلاف ما عيّنه الموكّل.
مسألة 74: إذا كان المعقود له ممّن يصحّ منه العقد لنفسه - بأن كان بالغاً عاقلاً - فإنّما يصحّ العقد الصادر من الفضوليّ بإجازته، وإن كان ممّن لا يصحّ منه العقد وكان مولّى عليه - بأن كان صغيراً أو مجنوناً - فيصحّ بإجازة وليّه في زمان قصوره، أو إجازته بنفسه بعد كماله، فلو أوقع الأجنبيّ عقداً على الصغير أو الصغيرة وقفت صحّة عقده على إجازتهما له بعد بلوغهما ورشدهما، إن لم يجز أبوهما أو جدّهما في حال صغرهما، فأيّ من الإجازتين حصلت كفت، نعم يعتبر في صحّة إجازة الوليّ ما اعتبر في صحّة عقده، فلو أجاز العقد الواقع مع اشتماله على مفسدة للصغير لغت إجازته وانحصر الأمر في إجازته بنفسه بعد بلوغه ورشده.
مسألة 75: ليست الإجازة على الفور، فلو تأخّرت عن العقد بزمن طويل صحّت، سواء أكان التأخير من جهة الجهل بوقوعه أو لأجل التروّي أو الاستشارة أو غير ذلك.
مسألة 76: لا أثر للردّ بعد الإجازة فإنّ العقد يلزم بها، وأمّا الإجازة بعد الردّ فقيل إنّه لا أثر لها ولكنّه لا يخلو عن إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
مسألة 77: إذا كان أحد الزوجين كارهاً حال العقد لكن لم يصدر منه ردّ له صحّ لو أجاز بعد ذلك، وكذا لو استؤذن فنهى ولم يأذن ومع ذلك أوقع الفضوليّ العقد فإنّه يصحّ بالإجازة اللاحقة.
مسألة 78: يكفي في الإجازة المصحّحة لعقد الفضوليّ كلّ قول دالّ على الرضا بذلك العقد، بل يكفي الفعل الدالّ عليه.
مسألة 79: لا يكفي الرضا القلبيّ في صحّة العقد وخروجه عن الفضوليّة وعدم الاحتياج إلى الإجازة، فلو كان حاضراً حال العقد راضياً به إلّا أنّه لم يصدر منه قول أو فعل يدلّ على رضاه عدّ من الفضوليّ، فله أن لا يجيزه ويردّه، نعم في خصوص البِكر إذا ظهر من حالها الرضا وإنّما سكتت ولم تنطق بالإذن لحيائها كفى ذلك وكان سكوتها إذنها.
مسألة 80: لا يعتبر في وقوع العقد فضوليّاً قصد الفضوليّة، ولا الالتفات إليها، بل المناط في الفضوليّة كون العقد صادراً ممّن لا يحقّ له إجراؤه وإن تخيّل خلاف ذلك، فلو اعتقد كونه وليّاً أو وكيلاً وأوقع العقد فتبيّن خلافه كان من الفضوليّ ويصحّ بالإجازة، كما أنّه لو اعتقد أنّه ليس بوليّ أو نسي كونه وكيلاً فأوقع العقد بعنوان الفضوليّة فتبيّن خلافه صحّ العقد ولزم بلا توقّف على الإجازة.
مسألة 81: إذا زُوِّجَ صغيران فضولاً فإن أجاز وليّهما قبل بلوغهما أو أجازا بعد بلوغهما أو بالاختلاف - بأن أجاز وليّ أحدهما قبل بلوغه وأجاز الآخر بعد بلوغه - ثبتت الزوجيّة وتترتّب جميع أحكامها، وإن ردّ وليّهما قبل بلوغهما أو ردّ وليّ أحدهما قبل بلوغه أو ردّا بعد بلوغهما أو ردّ أحدهما بعد بلوغه بطل العقد من أصله على ما تقدّم، فلا يترتّب عليه أثر أصلاً من توارث وغيره من سائر الآثار، وكذا لو ماتا أو مات أحدهما قبل الإجازة.
نعم لو بلغ أحدهما وأجاز ثُمَّ مات قبل بلوغ الآخر وإجازته يعزل من تركته مقدار ما يرث الآخر على تقدير الزوجيّة، فإن بلغ وأجاز يدفع إليه لكن بعدما يحلف على أنّه لم تكن إجازته إلّا عن الرضا بالزواج لا للطمع في الإرث، وان لم يجز أو أجاز ولم يحلف على ذلك لم يدفع إليه بل يردّ إلى الورثة.
والحاجة إلى الحلف إنّما هي فيما إذا كان متّهماً بأنّ أجازته لأجل الإرث، وأمّا مع عدمه - كما إذا أجاز مع الجهل بموت الآخر أو كان الباقي هو الزوج وكان نصف المهر اللازم عليه على تقدير الزوجيّة أزيد ممّا يرث - فيدفع إليه بدون الحلف.
مسألة 82: كما يترتّب الإرث على تقدير الإجازة والحلف تترتّب الآثار الأُخر المترتّبة على الزوجيّة أيضاً من المهر وحرمة الأُمّ وحرمتها على أب الزوج إن كانت الزوجة هي الباقية وغير ذلك، بل يمكن أن يقال بترتّب تلك الآثار بمجرّد الإجازة من غير حاجة إلى الحلف وإن كان متّهماً، فيفرّق بين الإرث وسائر الآثار على إشكال بالنسبة إلى استحقاق المهر إذا كانت الباقية هي الزوجة فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
مسألة 83: يجري هذا الحكم في كلّ مورد مات فيه من لزم العقد من طرفه وبقي من تتوقّف زوجيّته على إجازته، كما إذا زوّج أحد الصغيرين الوليّ وزوّج الآخر الفضوليّ فمات الأوّل قبل بلوغ الثاني وإجازته، نعم قد يشكل جريان الحكم فيما لو كانا كبيرين فأجاز أحدهما ومات قبل إجازة الثاني، ولكن الصحيح جريانه فيه أيضاً، وإن كان لزوم الحلف على المجيز لو كان متّهماً مبنيّاً فيه على الاحتياط اللزوميّ.
مسألة 84: إذا كان العقد فضوليّاً من أحد الطرفين فهل يكون لازماً من طرف الأصيل قبل إجازة الطرف الآخر وردّه، فلو كان زوجاً يحرم عليه نكاح أُمّ المرأة وأُختها مثلاً، ولو كانت زوجة يحرم عليها الزواج بغيره، أم لا؟ فيه إشكال، وإن كان الصحيح عدم كونه لازماً من قبله فيجوز له إلغاؤه وينفذ جميع تصرّفاته المنافية لمقتضاه إذا أتى بها بعنوان الرجوع عنه، فلا يبقى محلّ لإجازة الطرف الآخر بعده.
مسألة 85: إذا زوّج الفضوليّ امرأة برجل من دون اطّلاعها وتزوّجت هي برجل آخر صحّ ولزم الثاني ولم يبقَ محلّ لإجازة الأوّل، وكذا لو زوّج الفضوليّ رجلاً بامرأة من دون اطّلاعه وتزوّج هو ببنتها أو أُختها ثُمَّ علم.
مسألة 86: لو زوّج فضوليّان امرأةً كلّ منهما برجل، كانت بالخيار في إجازة أيّهما شاءت وإن شاءت ردّتهما، سواء أتقارن العقدان أم تقدّم أحدهما على الآخر، وكذلك الحال فيما إذا زوّج أحد الفضوليّين رجلاً بامرأة والآخر بأُمّها أو بنتها أو أُختها فإنّ له إجازة أيّهما شاء أو ردّهما.
مسألة 87: لو وكّلت المرأة رجلين في تزويجها فزوّجها كلّ منهما برجل، فإن سبق أحدهما صحّ ولغا الآخر، وإن تقارنا بطلا معاً، ولو لم يعلم الحال واحتمل السبق والاقتران حكم ببطلانهما أيضاً سواء أعلم تاريخ أحدهما وجهل تاريخ الآخر أم جهل التاريخان معاً، وأمّا لو علم السبق واللحوق ولم يعلم السابق من اللاحق سواء أعلم تاريخ أحدهما أم جهل تاريخهما جميعاً فيعلم إجمالاً بصحّة أحد العقدين وكون المرأة زوجة لأحد الرجلين أجنبيّة عن الآخر، فليس لها أن تتزوّج بغيرهما ولا للغير أن يتزوّج بها لكونها ذات بعل قطعاً.
وأمّا حالها بالنسبة إلى الشخصين وحالهما بالنسبة إليها فلا تجوز لها المعاشرة الزوجيّة مع أيّ منهما كما ليس لأيّهما مطالبتها بذلك مادام الاشتباه، وحينئذٍ فإن رضيت بالصبر على هذا الحال فهو وإلّا فحيث يكون إبقاؤها كذلك موجباً للإخلال بحقٍّ واجب للزوجة على الزوج فالأحوط لزوماً أن يطلّقاها أو يطلّقها أحدهما ويتزوّجها الآخر برضاها.
مسألة 88: إذا ادّعى أحد الرجلين المعقود لهما سبق عقده، فإن صدّقته المرأة حكم بزوجيّتها له سواء صدّقه الآخر أو قال: (لا أدري)، وأمّا إن لم تصدّقه المرأة وقالت: (لا أدري)، ففي الحكم بزوجيّتها له إشكال - وإن صدّقه الآخر - ما لم يقم البيّنة على دعواه فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياطفيه، ولو ادّعى أحدهما السبق وصدّقه الآخر ولكن كذّبته المرأة وادّعت سبق عقد الثاني، كانت الدعوى بينها وبين كِلا الرجلين، فالرجل الأوّل يدّعي زوجيّتها وصحّة عقده، وهي تنكر زوجيّته وتدّعي فساد عقده، وتنعكس الدعوى بينها وبين الرجل الثاني حيث أنّه يدّعي فساد عقده وهي تدّعي صحّته.
ففي الدعوى الأُولى تكون هي المدّعية والرجل هو المنكر، وفي الثانية بالعكس، فإن أقامت البيّنة على فساد عقد الأوّل المستلزم لصحّة عقد الثاني حكم لها بزوجيّتها للثاني دون الأوّل، وإن أقام الرجل الثاني بيّنة على فساد عقده يحكم بعدم زوجيّتها له وثبوتها للأوّل، وإن لم تكن بيّنة يتوجّه الحلف إلى الرجل الأوّل في الدعوى الأُولى، وإلى المرأة في الدعوى الثانية، فإن حلف الأوّل ونكلت المرأة حكم بزوجيّتها للأوّل، وإن كان العكس بأن حلفت هي دونه حكم بزوجيّتها للثاني، وإن حلفا معاً فالمرجع هو القرعة.
وإن ادّعى كلّ من الرجلين سبق عقده، فإن قالت الزوجة: (لا أدري)، تكون الدعوى بين الرجلين، فإن أقام أحدهما بيّنة دون الآخر حكم له بزوجيّتها، وإن أقام كلّ منهما بيّنة تعارضت البيّنتان فمع ترجّح إحداهما - بالعدد والعدالة بل بمطلق المزيّة في الشاهد - يتوجّه الحلف إلى صاحبها، فإن حلف حكم له بزوجيّة المرأة، ومع تساوي البيّنتين يقرع لتعيين من يوجّه الحلف إليه من الرجلين، فيوجّه إلى من تخرج القرعة باسمه فإن حلف يحكم له بزوجيّتها، ومع ردّه يوجّه إلى الآخر، فإن حلف حكم له بها.
وإن لم تكن بيّنة يتوجّه الحلف إليهما، فإن حلف أحدهما حكم له، وإن حلفا أو نكلا يرجع إلى القرعة في تعيين زوجها منهما، وإن صدّقت المرأة أحدهما كان أحد طرفي الدعوى من لم تصدّقه المرأة والطرف الآخر الرجل الآخر مع المرأة فمع إقامة البيّنة من أحد الطرفين أو من كليهما يكون الحكم كما مرّ، وأمّا مع عدمها وانتهاء الأمر إلى الحلف فإن حلف من لم تصدّقه المرأة يحكم له على كلّ من المرأة والرجل الآخر، وأمّا مع حلف من صدّقته فلا يترتّب على حلفه سقوط دعوى الرجل الآخر على الزوجة بل لا بُدَّ من حلفها أيضاً.
مسألة 89: إذا زوّجه أحد الوكيلين بامرأة فدخل بها وزوّجه الآخر ببنتها، فإن سبق عقد الأُمّ والدخول بها بطل عقد البنت، ولو سبق عقد البنت وإن لم يدخل بها بطل عقد الأُمّ، وإن لم يعلم السابق من اللاحق فقد علم إجمالاً بصحّة أحد العقدين وبطلان الآخر فلا تجوز له الاستمتاعات الزوجيّة من أيّتهما مادام الاشتباه كما لا يجوز لهما التمكين له.
نعم يجوز له النظر إليهما بلا تلذّذ شهويّ، ولا يجب عليهما التستّر عنه كما تتستّران عن الأجنبيّ فإنّه بالنسبة إلى الأُمّ إمّا زوجها أو زوج بنتها وبالنسبة إلى البنت إمّا زوجها أو زوج أُمّها المدخول بها، وحينئذٍ فإن طلّقهما أو طلّق الزوجة الواقعيّة منهما أو رضيتا بالصبر على هذا الحال بلا حقّ المعاشرة الثابت للزوجة فلا إشكال، وإن لم يطلّق ولم ترضيا بالصبر أجبره الحاكم الشرعيّ على الطلاق.
وإنّما فرضنا مورد الكلام ما إذا كان عقد البنت - على تقدير تأخّره عن عقد الأُمّ - واقعاً بعد الدخول بالأُمّ؛ لأنّ بطلان عقد البنت بعد العقد على أُمّها من دون دخول غير معلوم بل يحتمل العكس، وكذا الحال فيما لو تقارن العقدان فإنّ بطلانهما معاً غير ثابت بل يحتمل صحّة عقد البنت.
والمسألة محلّ للاحتياط اللزوميّ في الصورتين، ويكفي في الاحتياط في الصورة الأُولى أن يطلّق الأُمّ ويجدّد العقد على البنت، وفي الصورة الثانية أن يجدّد العقد على البنت ولا حاجة إلى طلاق الأُمّ لبطلان عقدها على كلّ تقدير، وفي الصورتين إن لم يجدّد العقد على البنت احتاط بترك نكاح الأُمّ أبداً.
كتاب النكاح » الفصل السادس في أسباب التحريم
←
→ كتاب النكاح » الفصل الثالث في عقد النكاح وأحكامه
ومنه العقد الصادر من الوليّ أو الوكيل على غير الوجه المأذون فيه، بأن عقد الوليّ مع اشتماله على مفسدة للصغير، او عقد الوكيل على خلاف ما عيّنه الموكّل.
مسألة 74: إذا كان المعقود له ممّن يصحّ منه العقد لنفسه - بأن كان بالغاً عاقلاً - فإنّما يصحّ العقد الصادر من الفضوليّ بإجازته، وإن كان ممّن لا يصحّ منه العقد وكان مولّى عليه - بأن كان صغيراً أو مجنوناً - فيصحّ بإجازة وليّه في زمان قصوره، أو إجازته بنفسه بعد كماله، فلو أوقع الأجنبيّ عقداً على الصغير أو الصغيرة وقفت صحّة عقده على إجازتهما له بعد بلوغهما ورشدهما، إن لم يجز أبوهما أو جدّهما في حال صغرهما، فأيّ من الإجازتين حصلت كفت، نعم يعتبر في صحّة إجازة الوليّ ما اعتبر في صحّة عقده، فلو أجاز العقد الواقع مع اشتماله على مفسدة للصغير لغت إجازته وانحصر الأمر في إجازته بنفسه بعد بلوغه ورشده.
مسألة 75: ليست الإجازة على الفور، فلو تأخّرت عن العقد بزمن طويل صحّت، سواء أكان التأخير من جهة الجهل بوقوعه أو لأجل التروّي أو الاستشارة أو غير ذلك.
مسألة 76: لا أثر للردّ بعد الإجازة فإنّ العقد يلزم بها، وأمّا الإجازة بعد الردّ فقيل إنّه لا أثر لها ولكنّه لا يخلو عن إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
مسألة 77: إذا كان أحد الزوجين كارهاً حال العقد لكن لم يصدر منه ردّ له صحّ لو أجاز بعد ذلك، وكذا لو استؤذن فنهى ولم يأذن ومع ذلك أوقع الفضوليّ العقد فإنّه يصحّ بالإجازة اللاحقة.
مسألة 78: يكفي في الإجازة المصحّحة لعقد الفضوليّ كلّ قول دالّ على الرضا بذلك العقد، بل يكفي الفعل الدالّ عليه.
مسألة 79: لا يكفي الرضا القلبيّ في صحّة العقد وخروجه عن الفضوليّة وعدم الاحتياج إلى الإجازة، فلو كان حاضراً حال العقد راضياً به إلّا أنّه لم يصدر منه قول أو فعل يدلّ على رضاه عدّ من الفضوليّ، فله أن لا يجيزه ويردّه، نعم في خصوص البِكر إذا ظهر من حالها الرضا وإنّما سكتت ولم تنطق بالإذن لحيائها كفى ذلك وكان سكوتها إذنها.
مسألة 80: لا يعتبر في وقوع العقد فضوليّاً قصد الفضوليّة، ولا الالتفات إليها، بل المناط في الفضوليّة كون العقد صادراً ممّن لا يحقّ له إجراؤه وإن تخيّل خلاف ذلك، فلو اعتقد كونه وليّاً أو وكيلاً وأوقع العقد فتبيّن خلافه كان من الفضوليّ ويصحّ بالإجازة، كما أنّه لو اعتقد أنّه ليس بوليّ أو نسي كونه وكيلاً فأوقع العقد بعنوان الفضوليّة فتبيّن خلافه صحّ العقد ولزم بلا توقّف على الإجازة.
مسألة 81: إذا زُوِّجَ صغيران فضولاً فإن أجاز وليّهما قبل بلوغهما أو أجازا بعد بلوغهما أو بالاختلاف - بأن أجاز وليّ أحدهما قبل بلوغه وأجاز الآخر بعد بلوغه - ثبتت الزوجيّة وتترتّب جميع أحكامها، وإن ردّ وليّهما قبل بلوغهما أو ردّ وليّ أحدهما قبل بلوغه أو ردّا بعد بلوغهما أو ردّ أحدهما بعد بلوغه بطل العقد من أصله على ما تقدّم، فلا يترتّب عليه أثر أصلاً من توارث وغيره من سائر الآثار، وكذا لو ماتا أو مات أحدهما قبل الإجازة.
نعم لو بلغ أحدهما وأجاز ثُمَّ مات قبل بلوغ الآخر وإجازته يعزل من تركته مقدار ما يرث الآخر على تقدير الزوجيّة، فإن بلغ وأجاز يدفع إليه لكن بعدما يحلف على أنّه لم تكن إجازته إلّا عن الرضا بالزواج لا للطمع في الإرث، وان لم يجز أو أجاز ولم يحلف على ذلك لم يدفع إليه بل يردّ إلى الورثة.
والحاجة إلى الحلف إنّما هي فيما إذا كان متّهماً بأنّ أجازته لأجل الإرث، وأمّا مع عدمه - كما إذا أجاز مع الجهل بموت الآخر أو كان الباقي هو الزوج وكان نصف المهر اللازم عليه على تقدير الزوجيّة أزيد ممّا يرث - فيدفع إليه بدون الحلف.
مسألة 82: كما يترتّب الإرث على تقدير الإجازة والحلف تترتّب الآثار الأُخر المترتّبة على الزوجيّة أيضاً من المهر وحرمة الأُمّ وحرمتها على أب الزوج إن كانت الزوجة هي الباقية وغير ذلك، بل يمكن أن يقال بترتّب تلك الآثار بمجرّد الإجازة من غير حاجة إلى الحلف وإن كان متّهماً، فيفرّق بين الإرث وسائر الآثار على إشكال بالنسبة إلى استحقاق المهر إذا كانت الباقية هي الزوجة فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
مسألة 83: يجري هذا الحكم في كلّ مورد مات فيه من لزم العقد من طرفه وبقي من تتوقّف زوجيّته على إجازته، كما إذا زوّج أحد الصغيرين الوليّ وزوّج الآخر الفضوليّ فمات الأوّل قبل بلوغ الثاني وإجازته، نعم قد يشكل جريان الحكم فيما لو كانا كبيرين فأجاز أحدهما ومات قبل إجازة الثاني، ولكن الصحيح جريانه فيه أيضاً، وإن كان لزوم الحلف على المجيز لو كان متّهماً مبنيّاً فيه على الاحتياط اللزوميّ.
مسألة 84: إذا كان العقد فضوليّاً من أحد الطرفين فهل يكون لازماً من طرف الأصيل قبل إجازة الطرف الآخر وردّه، فلو كان زوجاً يحرم عليه نكاح أُمّ المرأة وأُختها مثلاً، ولو كانت زوجة يحرم عليها الزواج بغيره، أم لا؟ فيه إشكال، وإن كان الصحيح عدم كونه لازماً من قبله فيجوز له إلغاؤه وينفذ جميع تصرّفاته المنافية لمقتضاه إذا أتى بها بعنوان الرجوع عنه، فلا يبقى محلّ لإجازة الطرف الآخر بعده.
مسألة 85: إذا زوّج الفضوليّ امرأة برجل من دون اطّلاعها وتزوّجت هي برجل آخر صحّ ولزم الثاني ولم يبقَ محلّ لإجازة الأوّل، وكذا لو زوّج الفضوليّ رجلاً بامرأة من دون اطّلاعه وتزوّج هو ببنتها أو أُختها ثُمَّ علم.
مسألة 86: لو زوّج فضوليّان امرأةً كلّ منهما برجل، كانت بالخيار في إجازة أيّهما شاءت وإن شاءت ردّتهما، سواء أتقارن العقدان أم تقدّم أحدهما على الآخر، وكذلك الحال فيما إذا زوّج أحد الفضوليّين رجلاً بامرأة والآخر بأُمّها أو بنتها أو أُختها فإنّ له إجازة أيّهما شاء أو ردّهما.
مسألة 87: لو وكّلت المرأة رجلين في تزويجها فزوّجها كلّ منهما برجل، فإن سبق أحدهما صحّ ولغا الآخر، وإن تقارنا بطلا معاً، ولو لم يعلم الحال واحتمل السبق والاقتران حكم ببطلانهما أيضاً سواء أعلم تاريخ أحدهما وجهل تاريخ الآخر أم جهل التاريخان معاً، وأمّا لو علم السبق واللحوق ولم يعلم السابق من اللاحق سواء أعلم تاريخ أحدهما أم جهل تاريخهما جميعاً فيعلم إجمالاً بصحّة أحد العقدين وكون المرأة زوجة لأحد الرجلين أجنبيّة عن الآخر، فليس لها أن تتزوّج بغيرهما ولا للغير أن يتزوّج بها لكونها ذات بعل قطعاً.
وأمّا حالها بالنسبة إلى الشخصين وحالهما بالنسبة إليها فلا تجوز لها المعاشرة الزوجيّة مع أيّ منهما كما ليس لأيّهما مطالبتها بذلك مادام الاشتباه، وحينئذٍ فإن رضيت بالصبر على هذا الحال فهو وإلّا فحيث يكون إبقاؤها كذلك موجباً للإخلال بحقٍّ واجب للزوجة على الزوج فالأحوط لزوماً أن يطلّقاها أو يطلّقها أحدهما ويتزوّجها الآخر برضاها.
مسألة 88: إذا ادّعى أحد الرجلين المعقود لهما سبق عقده، فإن صدّقته المرأة حكم بزوجيّتها له سواء صدّقه الآخر أو قال: (لا أدري)، وأمّا إن لم تصدّقه المرأة وقالت: (لا أدري)، ففي الحكم بزوجيّتها له إشكال - وإن صدّقه الآخر - ما لم يقم البيّنة على دعواه فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياطفيه، ولو ادّعى أحدهما السبق وصدّقه الآخر ولكن كذّبته المرأة وادّعت سبق عقد الثاني، كانت الدعوى بينها وبين كِلا الرجلين، فالرجل الأوّل يدّعي زوجيّتها وصحّة عقده، وهي تنكر زوجيّته وتدّعي فساد عقده، وتنعكس الدعوى بينها وبين الرجل الثاني حيث أنّه يدّعي فساد عقده وهي تدّعي صحّته.
ففي الدعوى الأُولى تكون هي المدّعية والرجل هو المنكر، وفي الثانية بالعكس، فإن أقامت البيّنة على فساد عقد الأوّل المستلزم لصحّة عقد الثاني حكم لها بزوجيّتها للثاني دون الأوّل، وإن أقام الرجل الثاني بيّنة على فساد عقده يحكم بعدم زوجيّتها له وثبوتها للأوّل، وإن لم تكن بيّنة يتوجّه الحلف إلى الرجل الأوّل في الدعوى الأُولى، وإلى المرأة في الدعوى الثانية، فإن حلف الأوّل ونكلت المرأة حكم بزوجيّتها للأوّل، وإن كان العكس بأن حلفت هي دونه حكم بزوجيّتها للثاني، وإن حلفا معاً فالمرجع هو القرعة.
وإن ادّعى كلّ من الرجلين سبق عقده، فإن قالت الزوجة: (لا أدري)، تكون الدعوى بين الرجلين، فإن أقام أحدهما بيّنة دون الآخر حكم له بزوجيّتها، وإن أقام كلّ منهما بيّنة تعارضت البيّنتان فمع ترجّح إحداهما - بالعدد والعدالة بل بمطلق المزيّة في الشاهد - يتوجّه الحلف إلى صاحبها، فإن حلف حكم له بزوجيّة المرأة، ومع تساوي البيّنتين يقرع لتعيين من يوجّه الحلف إليه من الرجلين، فيوجّه إلى من تخرج القرعة باسمه فإن حلف يحكم له بزوجيّتها، ومع ردّه يوجّه إلى الآخر، فإن حلف حكم له بها.
وإن لم تكن بيّنة يتوجّه الحلف إليهما، فإن حلف أحدهما حكم له، وإن حلفا أو نكلا يرجع إلى القرعة في تعيين زوجها منهما، وإن صدّقت المرأة أحدهما كان أحد طرفي الدعوى من لم تصدّقه المرأة والطرف الآخر الرجل الآخر مع المرأة فمع إقامة البيّنة من أحد الطرفين أو من كليهما يكون الحكم كما مرّ، وأمّا مع عدمها وانتهاء الأمر إلى الحلف فإن حلف من لم تصدّقه المرأة يحكم له على كلّ من المرأة والرجل الآخر، وأمّا مع حلف من صدّقته فلا يترتّب على حلفه سقوط دعوى الرجل الآخر على الزوجة بل لا بُدَّ من حلفها أيضاً.
مسألة 89: إذا زوّجه أحد الوكيلين بامرأة فدخل بها وزوّجه الآخر ببنتها، فإن سبق عقد الأُمّ والدخول بها بطل عقد البنت، ولو سبق عقد البنت وإن لم يدخل بها بطل عقد الأُمّ، وإن لم يعلم السابق من اللاحق فقد علم إجمالاً بصحّة أحد العقدين وبطلان الآخر فلا تجوز له الاستمتاعات الزوجيّة من أيّتهما مادام الاشتباه كما لا يجوز لهما التمكين له.
نعم يجوز له النظر إليهما بلا تلذّذ شهويّ، ولا يجب عليهما التستّر عنه كما تتستّران عن الأجنبيّ فإنّه بالنسبة إلى الأُمّ إمّا زوجها أو زوج بنتها وبالنسبة إلى البنت إمّا زوجها أو زوج أُمّها المدخول بها، وحينئذٍ فإن طلّقهما أو طلّق الزوجة الواقعيّة منهما أو رضيتا بالصبر على هذا الحال بلا حقّ المعاشرة الثابت للزوجة فلا إشكال، وإن لم يطلّق ولم ترضيا بالصبر أجبره الحاكم الشرعيّ على الطلاق.
وإنّما فرضنا مورد الكلام ما إذا كان عقد البنت - على تقدير تأخّره عن عقد الأُمّ - واقعاً بعد الدخول بالأُمّ؛ لأنّ بطلان عقد البنت بعد العقد على أُمّها من دون دخول غير معلوم بل يحتمل العكس، وكذا الحال فيما لو تقارن العقدان فإنّ بطلانهما معاً غير ثابت بل يحتمل صحّة عقد البنت.
والمسألة محلّ للاحتياط اللزوميّ في الصورتين، ويكفي في الاحتياط في الصورة الأُولى أن يطلّق الأُمّ ويجدّد العقد على البنت، وفي الصورة الثانية أن يجدّد العقد على البنت ولا حاجة إلى طلاق الأُمّ لبطلان عقدها على كلّ تقدير، وفي الصورتين إن لم يجدّد العقد على البنت احتاط بترك نكاح الأُمّ أبداً.