الكتب الفتوائية » منهاج الصالحين ـ الجزء الثاني (الطبعة المصححة 1445 هـ.)
البحث في:
كتاب الوقف » الفصل الثاني في شرائط الواقف
←
→ كتاب الوقف
كتاب الوقف » الفصل الأوّل في أقسام الوقف وأحكامها
مسألة 1461: الوقف على قسمين: فإنّه إمّا يتقوّم بأمرين هما الواقف والعين الموقوفة، وإمّا يتقوّم بثلاثة أُمور ثالثها الموقوف عليه، ويختصّ الأوّل بوقف المساجد - أرضاً وفضاءً - ويكون الثاني في غيرها من الأوقاف ومنها أبنية المساجد، وحقيقة الوقف في القسم الأوّل هو التحرير وفكّ الملك، وأمّا في القسم الثاني فحقيقته هو تمليك العين الموقوفة للموقوف عليه ملكاً غير طلق.
مسألة 1462: إذا وقف مكاناً على المسلمين لينتفعوا منه ببعض ما ينتفعون به في المساجد أو بجميعها من الصلاة والذكر والدعاء والتدريس وغير ذلك لم يصر مسجداً ولم تجر عليه أحكام المساجد من حرمة التنجيس ونحوها، وإنّما يصير وقفاً على الصلاة وغيرها ممّا لاحظه الواقف من المنافع ويكون من القسم الثاني المتقدّم الذي مرّ أنّه يتقوّم بأمر ثالث غير الواقف والعين الموقوفة وهو الموقوف عليه.
مسألة 1463: ينقسم الوقف باعتبار الموقوف عليه إلى أقسام:
الأوّل: ما يكون وقفاً على عين أو أعيان خاصّة، سواء أكانت إنساناً أم غيره كوقف الدار أو البستان على الكعبة المشرّفة أو على مسجد أو مشهد معيّن أو على زيد وذرّيّته ونحو ذلك.
الثاني: ما يكون وقفاً على عنوان عامّ قابل للانطباق على عين أو أعيان خاصّة، سواء لم يكن له إلّا مصاديق طوليّة كأوقاف الشيعة على الأئمّة (عليهم السلام) في زمان الحضور أو على المرجع الأعلى في زمن الغيبة، أو كان له مصاديق طوليّة وعرضيّة كالوقف على الفقراء أو علماء البلد أو الطلبة أو الأيتام ونحو ذلك.
الثالث: ما يكون وقفاً على عنوان غير منطبق على الأعيان ويعبّر عنه بالجهة، سواء أكانت جهة خاصّة أو عامّة كوقف البستان ليصرف وارده على عزاء الحسين (عليه السلام) في الدار الفلانيّة أو على إطعام ذرّيّة فلان أو على معالجة المرضى أو تعليم القرآن أو تبليغ المذهب أو تعبيد الطرق أو على سبل الخير عامّة أو نحو ذلك.
مسألة 1464: كما أنّ العين الموقوفة في القسم الأوّل المتقدّم تكون ملكاً للموقوف عليه كذلك منافعها تكون ملكاً له، فالبستان الموقوف على المسجد أو المشهد المعيّن أو زيد وذرّيّته يكون بنفسه ونماءاته ملكاً للموقوف عليه، نعم قد يشترط الواقف مباشرة الموقوف عليه في الانتفاع بالعين الموقوفة، كما لو وقف الدار على زيد وأولاده ليسكنوا فيها بأنفسهم، أو وقف البستان عليهم ليأكلوا من ثماره، ويصطلح على هذا بوقف الانتفاع، وحينئذٍ فلا يكون للموقوف عليه إيجار الدار والانتفاع بأجرتها، ولا بيع ثمار البستان والاستفادة من ثمنه وإن جاز لهم إجارة البستان للتنزّه فيه ونحوه.
نعم إذا لم يمكنهم السكنى في الدار الموقوفة أو الأكل من ثمار البستان لهجرتهم عن المكان أو للضرر أو الحرج أو لغير ذلك فإن كان قيد المباشرة ملحوظاً على نحو تعدّد المطلوب كما هو الغالب جاز لهم الاستفادة من منافعها بوجهٍ آخر، وإلّا بطل الوقف ورجع إلى الواقف أو إلى ورثته.
مسألة 1465: إذا كان الموقوف عليه عنواناً عامّاً كما في القسم الثاني المتقدّم فالعين الموقوفة تكون ملكاً للموقوف عليه، وأمّا منافعها فتكون لها إحدى الحالات الثلاث التالية:
أ. أن تكون ملكاً للعنوان ولا تدخل في ملك الأفراد أصلاً كما في وقف المدارس على الطلاب ووقف الخانات على المسافرين والغرباء ووقف كتب العلم والزيارة على أهل العلم والزوّار .
ب. أن تكون ملكاً للعنوان وتدخل في ملك الأفراد بتمليكها لهم من قبل المتولّي وقبضهم إيّاها كما في وقف البستان على الفقراء.
ج. أن تكون ملكاً للأفراد الموجودين في كلّ زمان على سبيل الإشاعة من دون أن تتوقّف ملكيّتهم لها على إعمال الولاية من قبل المتولّي كما في وقف البستان على علماء البلد على أن يكون نماؤه ملكاً للموجودين منهم من أوّل ظهوره.
مسألة 1466: إذا كان الموقوف عليه من الجهات العامّة أو الخاصّة - كما في القسم الثالث المتقدّم - تكون العين والمنافع ملكاً للجهة، ولو اشترط الواقف صرف المنافع بأعيانها على الجهة الموقوف عليها لم يجز تبديلها والمعاوضة عليها.
مسألة 1467: إنّ غصب الوقف بجميع أقسامه - عدا ما يكون من قبيل التحرير - يستتبع الضمان عيناً ومنفعة، فلو غصب مدرسة أو رباطاً أو داراً موقوفة على الفقراء أو بناية موقوفة ليصرف واردها في علاج المرضى أو نحو ذلك فتلفت تحت يده كان ضامناً لعينها، ولو استولى عليها مدّة ثُمَّ ردّها كان عليه أجرة مثلها كما هو الحال في غصب الأعيان غير الموقوفة.
مسألة 1468: إذا كانت العين الموقوفة من الأعيان الزكويّة كالغنم والبقر والإبل لم تجب الزكاة فيها وإن اجتمعت فيها شرائط ثبوتها، وأمّا إذا كان نماؤها زكويّاً كما إذا وقف بستاناً مشتملاً على أشجار النخيل والعنب فإن صار النماء ملكاً شخصيّاً للمكلّف قبل وقت تعلّق الزكاة بحيث تعلّقت في ملكه وجبت عليه الزكاة إذا كان بالغاً حدّ النصاب وإلّا لم تجب، وقد تقدّم توضيح ذلك في المسألة (1086) من كتاب الزكاة.
مسألة 1469: لا يتحقّق الوقف بمجرّد النيّة، بل لا بُدَّ من إنشائه بلفظ كـ (وقفت) و(حبست) ونحوهما من الألفاظ الدالّة عليه ولو بمعونة القرائن، أو فعل سواء أكان معاطاةً مثل أن يعطي آلات الإسراج أو الفرش إلى قيّم المسجد أو المشهد، أو لم يكن كذلك مثل أن يعمر الجدار أو الاسطوانة الخربة من المسجد أو يبني بناءً على طراز ما تبنى به المساجد بقصد كونه مسجداً ونحو ذلك فإنّه يكون وقفاً بذلك.
مسألة 1470: لا يعتبر القبول في الوقف بجميع أنواعه وإن كان أحوط استحباباً، ولا سيّما في الوقف الخاصّ كالوقف على الذرّيّة فيقبله الموقوف عليهم وإن كانوا صغاراً قام به وليّهم، ويكفي قبول الموجودين ولا يحتاج إلى قبول من سيوجد منهم بعد وجوده.
مسألة 1471: لا يعتبر قصد القربة في صحّة الوقف ولا سيّما في الوقف الخاصّ مثل الوقف على الذرّيّة.
مسألة 1472: يعتبر في صحّة الوقف الخاصّ قبض الموقوف عليه أو قبض وكيله أو قبض وليّه - ولا يكفي قبض المتولّي - فإذا مات قبل القبض بطل وكان ميراثاً، نعم يكفي قبض الطبقة الموجودة عن الطبقات اللاحقة، بل يكفي قبض الموجود من الطبقة الأُولى عمّن يوجد منها بعد ذلك، ولو كان الموجودون جماعة فقبض بعضهم دون بعض صحّ بالنسبة إلى من قبض وبطل بالنسبة إلى من لم يقبض.
مسألة 1473: المشهور بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) أنّه يشترط أن يكون القبض بإذن الواقف، فلو قبض الموقوف عليه بدون الإذن لم يكفِ ولكنّه لا يخلو عن إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
مسألة 1474: إذا وقف على أولاده الصغار وأولاد أولاده وكانت العين في يده كفى ذلك في تحقّق القبض ولم يحتج إلى قبض آخر، وإذا كانت العين في يد غيره فلا بُدَّ من أخذها منه ليتحقّق قبض وليّهم.
مسألة 1475: إذا كانت العين بيد الموقوف عليه كفى ذلك في قبضها ولم يحتج إلى قبض جديد، نعم لا بُدَّ أن يكون بقاؤها في يده بعنوان الوقفيّة بإذن الواقف بناءً على اشتراط كون القبض بإذنه كما تقدّم.
مسألة 1476: يتحقّق القبض في المنقول وغير المنقول باستيلاء الموقوف عليه على العين الموقوفة وصيرورتها تحت يده وسلطانه، ويختلف صدق ذلك بحسب اختلاف الموارد.
مسألة 1477: لا يعتبر في القبض الفوريّة فلو وقف عيناً في زمان ثُمَّ أقبضها في زمان متأخّر كفى وتمّ الوقف من حينه.
مسألة 1478: لا يعتبر القبض في صحّة الوقف على العناوين والجهات العامّة ولا سيّما إذا كان من نيّة الواقف أن تبقى في يده ويعمل بها على حسب ما وقف، وإذا بني على اعتباره لم يلزم أن يكون القبض من قِبَل الحاكم الشرعيّ، فإذا وقف مقبرة كفى في تحقّق القبض الدفن فيها، وإذا وقف مكاناً للصلاة تكفي الصلاة فيه، وإذا وقف حسينيّة تكفي إقامة العزاء فيها، وكذا الحكم في مثل وقف الخان على المسافرين والدار على سكنى العلماء والفقراء فإنّه يكفي في قبضها السكنى فيها.
مسألة 1479: إذا وقف حصيراً للمسجد كفى في قبضه - على تقدير اعتباره - وضعه في المسجد بقصد استعماله، وكذا الحال في مثل آلات المشاهد والحسينيّات والمساجد ونحوها.
مسألة 1480: إذا خرب جانب من جدار المسجد أو المشهد أو نحوهما فعمّره عامر كفى ذلك في تماميّة الوقف وإن لم يقبضه قابض، وإذا مات لم يرجع ميراثاً لوارثه.
مسألة 1481: يجوز التوكيل في إيقاع الوقف، وتجري فيه الفضوليّة فإذا أوقف مال غيره فأجازه صحّ.
مسألة 1482: الوقوف التي تتعارف عند الأعراب - بأن يقفوا شاة على أن يكون الذكر المتولَّد منها (ذبيحة) أي يذبح ويؤكل والأُنثى (منيحة) أي تبقى وينتفع بصوفها ولبنها، وإذا ولدت ذكراً كان (ذبيحة) وإذا ولدت أُنثى كانت (منيحة) وهكذا - إذا كان وقفهم معلّقاً على شفاء مريض أو ورود مسافر أو سلامة غنمهم من الغزو أو المرض أو نحو ذلك فهي باطلة.
وأمّا إذا كانت منجّزة غير معلّقة فيحكم بصحّتها إذا أريد بها وقف الشاة على أن تذبح الذكور من نتاجها ونتاج نتاجها وتصرف على الجهة الموقوفة عليها، وتبقى الإناث للإنتاج مع استثناء صوفها ولبنها للواقف ومن يتولّى شؤون الشاة والنتاج من بعده.
مسألة 1483: لا يجوز في الوقف توقيته بمدّة، فإذا قال: (داري وقف على أولادي سنة أو عشر سنين) بطل وقفاً، ويصحّ حبساً إذا قصد كونه كذلك.
مسألة 1484: إذا وقف على من ينقرض كما إذا وقف على أولاده وأولاد أولاده صحّ وقفاً ويسمّى: (الوقف المنقطع الآخر) فإذا انقرضوا رجع إلى الواقف أو ورثته حين الموت لا حين الانقراض، فإذا وقف داراً على زيد وأولاده مثلاً ثُمَّ مات الواقف عن ولدين ومات أحدهما قبل الانقراض وترك ولداً ثُمَّ انقرض الموقوف عليهم كانت العين الموقوفة مشتركة بين العمّ وابن أخيه.
مسألة 1485: لا فرق فيما ذكرناه من صحّة الوقف ورجوعه إلى الواقف أو إلى ورثته بين كون الموقوف عليه ممّا ينقرض غالباً وبين كونه ممّا لا ينقرض غالباً فاتّفق انقراضه.
هذا إذا لم يفهم من القرائن أنّ خصوصيّة الموقوف عليه ملحوظة بنحو تعدّد المطلوب، وأمّا إذا فهم منها ذلك - كما لعلّه الغالب في الوقف على من لا ينقرض غالباً - بأن كان الواقف قد أنشأ التصدّق بالعين وأنشأ أيضاً كونه على نحو خاصّ بحيث إذا بطلت الخصوصيّة بقي أصل التصدّق فلا إشكال في أنّه إذا انقرض الموقوف عليه لم ترجع العين إلى الواقف أو ورثته بل تبقى وقفاً وتصرف منافعها في جهةٍ أُخرى الأقرب فالأقرب إلى نظر الواقف.
مسألة 1486: من الوقف المنقطع الآخر ما إذا كان الوقف مبنيّاً على الدوام لكن كان وقفاً على من يصحّ الوقف عليه في أوّله دون آخره كما إذا وقف على زيد وأولاده وبعد انقراضهم على الكنائس والبِيَعِ مثلاً فيصحّ وقفاً بالنسبة إلى من يصحّ الوقف عليه ويبطل بالنسبة إلى ما لا يصحّ.
مسألة 1487: الوقف المنقطع الأوّل باطل سواء أكان بجعل الواقف كما إذا أوقفه من أوّل الشهر القادم أو بحكم الشرع بأن وقف أوّلاً على ما لا يصحّ الوقف عليه ثُمَّ على غيره، وإن كان الأحوط الأولى في الثاني تجديد الوقف عند انقراض الأوّل.
مسألة 1488: إذا وقف عيناً على غيره وشرط عودها إليه عند الحاجة لم يصحّ.
مسألة 1489: يشترط في صحّة الوقف التنجيز، فلو علّقه على أمر مستقبليّ معلوم الحصول أو متوقّع الحصول أو أمر حاليّ محتمل الحصول مع عدم كونه ممّا تتوقّف عليه صحّة العقد بطل، فإذا قال: (وقفت داري إذا جاء رأس الشهر أو إذا ولد لي ذكر أو إن كان هذا اليوم يوم الجمعة) بطل، وإذا علّقه على أمر حاليّ معلوم الحصول أو علّقه على أمر مجهول الحصول ولكنّه كان ممّا تتوقّف عليه صحّة العقد كما إذا قال زيد: (وقفت داري إن كنت زيداً) أو (وقفت داري إن كانت لي) صحّ.
مسألة 1490: إذا قال: (هذا وقف بعد وفاتي) بطل إلّا أن يفهم منه عرفاً أنّه أراد الوصيّة بالوقف فيجب العمل بها عند تحقّق شرائطها فيوقف بعده.
مسألة 1491: يشترط في صحّة الوقف إخراج الواقف نفسه عن الوقف فإذا وقف على نفسه بطل، وإذا قال: (داري وقف عليّ وعلى أخي) مثلاً على نحو التشريك بطل الوقف في نصف الدار، وإذا كان على نحو الترتيب بأن قصد الوقف على نفسه ثُمَّ على غيره كان الوقف من المنقطع الأوّل فيبطل مطلقاً، وإن قصد الوقف على غيره ثُمَّ على نفسه بطل بالنسبة إلى نفسه فقط وكان من الوقف المنقطع الآخر، وإن قال: (هي وقف على أخي ثُمَّ على نفسي ثُمَّ على زيد) بطل الوقف بالنسبة إلى نفسه وزيد، وكان من الوقف المنقطع الوسط.
مسألة 1492: إذا استثنى في ضمن إجراء الوقف بعض منافع العين الموقوفة لنفسه صحّ لأنّه يعدّ خارجاً عن الوقف لا من الوقف على نفسه ليبطل، فيصحّ أن يوقف البستان ويستثني السعف وغصون الأشجار وأوراقها عند اليبس، أو يستثني مقدار أداء ديونه سواء أكان بنحو التوزيع على السنين كلّ سنة كذا أو بنحو تقديم أداء الديون على الصرف من مصارف الوقف.
مسألة 1493: إذا وقف بستاناً على من يتبرّع من أولاده - مثلاً - بأداء ديونه العرفيّة أو الشرعيّة صحّ، وكذا إذا أوقفها على من يقوم من جيرانه مثلاً بالتبرّع بأكل ضيوفه أو مؤونة أهله وأولاده حتّى في مقدار النفقة الواجبة عليه لهم فإنّه يصحّ الوقف في مثل ذلك.
مسألة 1494: إذا وقف عيناً على وفاء ديونه الشرعيّة أو العرفيّة بعد الموت لم يصحّ، وكذا لو وقفها على أداء العبادات عنه بعد الوفاة.
مسألة 1495: يمكن التخلّص من إشكال الوقف على النفس بطرق أُخرى غير استثناء مقدار من منافع العين الموقوفة لنفسه:
منها: أن يملِّك العين لغيره ثُمَّ يقفها الغير على النهج الذي يريد من تأمين مؤونته ووفاء ديونه ونحو ذلك، ويجوز له أن يشترط ذلك عليه في ضمن عقد التمليك.
ومنها: أن يؤجّرها مدّة ويجعل لنفسه خيار الفسخ وبعد الوقف يفسخ الإجارة فترجع المنفعة إليه لا إلى الموقوف عليهم.
مسألة 1496: يجوز انتفاع الواقف بالعين الموقوفة في مثل وقف المساجد والوقف على الجهات العامّة، وكذا الوقف على العناوين الكلّيّة إذا كان الواقف داخلاً في العنوان أو صار داخلاً فيه فيما بعد وكان الوقف عليه من قبيل القسم الأوّل من الأقسام الثلاثة المذكورة في المسألة (1465) حيث لا تدخل المنافع في ملك الموقوف عليهم أصلاً، وأمّا إذا كان من قبيل القسم الثالث حيث تكون المنافع ملكاً للموقوف عليهم على سبيل الإشاعة فلا إشكال في عدم جواز أخذه حصّة منها، بل يلزم أن يقصد من العنوان المذكور حين العقد من عدا نفسه ويقصد خروجه عنه.
وأمّا في القسم الثاني حيث تدخل المنافع في ملك الموقوف عليهم بتمليك المتولّي وإقباضهم إيّاها ففي جواز دخول الواقف في العنوان وأخذه حصّة من المنافع إشكال، - لا سيّما إذا كان مقتضى الوقف توزيع المنافع على الموقوف عليهم على نحو الاستيعاب - فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك.
مسألة 1497: إذا تمّ الوقف كان لازماً لا يجوز للواقف الرجوع فيه، وإن وقع في مرض الموت لم يجز للورثة ردّه إلّا فيما زاد على الثلث كما تقدّم في كتاب الحجر .
كتاب الوقف » الفصل الثاني في شرائط الواقف
←
→ كتاب الوقف
مسألة 1462: إذا وقف مكاناً على المسلمين لينتفعوا منه ببعض ما ينتفعون به في المساجد أو بجميعها من الصلاة والذكر والدعاء والتدريس وغير ذلك لم يصر مسجداً ولم تجر عليه أحكام المساجد من حرمة التنجيس ونحوها، وإنّما يصير وقفاً على الصلاة وغيرها ممّا لاحظه الواقف من المنافع ويكون من القسم الثاني المتقدّم الذي مرّ أنّه يتقوّم بأمر ثالث غير الواقف والعين الموقوفة وهو الموقوف عليه.
مسألة 1463: ينقسم الوقف باعتبار الموقوف عليه إلى أقسام:
الأوّل: ما يكون وقفاً على عين أو أعيان خاصّة، سواء أكانت إنساناً أم غيره كوقف الدار أو البستان على الكعبة المشرّفة أو على مسجد أو مشهد معيّن أو على زيد وذرّيّته ونحو ذلك.
الثاني: ما يكون وقفاً على عنوان عامّ قابل للانطباق على عين أو أعيان خاصّة، سواء لم يكن له إلّا مصاديق طوليّة كأوقاف الشيعة على الأئمّة (عليهم السلام) في زمان الحضور أو على المرجع الأعلى في زمن الغيبة، أو كان له مصاديق طوليّة وعرضيّة كالوقف على الفقراء أو علماء البلد أو الطلبة أو الأيتام ونحو ذلك.
الثالث: ما يكون وقفاً على عنوان غير منطبق على الأعيان ويعبّر عنه بالجهة، سواء أكانت جهة خاصّة أو عامّة كوقف البستان ليصرف وارده على عزاء الحسين (عليه السلام) في الدار الفلانيّة أو على إطعام ذرّيّة فلان أو على معالجة المرضى أو تعليم القرآن أو تبليغ المذهب أو تعبيد الطرق أو على سبل الخير عامّة أو نحو ذلك.
مسألة 1464: كما أنّ العين الموقوفة في القسم الأوّل المتقدّم تكون ملكاً للموقوف عليه كذلك منافعها تكون ملكاً له، فالبستان الموقوف على المسجد أو المشهد المعيّن أو زيد وذرّيّته يكون بنفسه ونماءاته ملكاً للموقوف عليه، نعم قد يشترط الواقف مباشرة الموقوف عليه في الانتفاع بالعين الموقوفة، كما لو وقف الدار على زيد وأولاده ليسكنوا فيها بأنفسهم، أو وقف البستان عليهم ليأكلوا من ثماره، ويصطلح على هذا بوقف الانتفاع، وحينئذٍ فلا يكون للموقوف عليه إيجار الدار والانتفاع بأجرتها، ولا بيع ثمار البستان والاستفادة من ثمنه وإن جاز لهم إجارة البستان للتنزّه فيه ونحوه.
نعم إذا لم يمكنهم السكنى في الدار الموقوفة أو الأكل من ثمار البستان لهجرتهم عن المكان أو للضرر أو الحرج أو لغير ذلك فإن كان قيد المباشرة ملحوظاً على نحو تعدّد المطلوب كما هو الغالب جاز لهم الاستفادة من منافعها بوجهٍ آخر، وإلّا بطل الوقف ورجع إلى الواقف أو إلى ورثته.
مسألة 1465: إذا كان الموقوف عليه عنواناً عامّاً كما في القسم الثاني المتقدّم فالعين الموقوفة تكون ملكاً للموقوف عليه، وأمّا منافعها فتكون لها إحدى الحالات الثلاث التالية:
أ. أن تكون ملكاً للعنوان ولا تدخل في ملك الأفراد أصلاً كما في وقف المدارس على الطلاب ووقف الخانات على المسافرين والغرباء ووقف كتب العلم والزيارة على أهل العلم والزوّار .
ب. أن تكون ملكاً للعنوان وتدخل في ملك الأفراد بتمليكها لهم من قبل المتولّي وقبضهم إيّاها كما في وقف البستان على الفقراء.
ج. أن تكون ملكاً للأفراد الموجودين في كلّ زمان على سبيل الإشاعة من دون أن تتوقّف ملكيّتهم لها على إعمال الولاية من قبل المتولّي كما في وقف البستان على علماء البلد على أن يكون نماؤه ملكاً للموجودين منهم من أوّل ظهوره.
مسألة 1466: إذا كان الموقوف عليه من الجهات العامّة أو الخاصّة - كما في القسم الثالث المتقدّم - تكون العين والمنافع ملكاً للجهة، ولو اشترط الواقف صرف المنافع بأعيانها على الجهة الموقوف عليها لم يجز تبديلها والمعاوضة عليها.
مسألة 1467: إنّ غصب الوقف بجميع أقسامه - عدا ما يكون من قبيل التحرير - يستتبع الضمان عيناً ومنفعة، فلو غصب مدرسة أو رباطاً أو داراً موقوفة على الفقراء أو بناية موقوفة ليصرف واردها في علاج المرضى أو نحو ذلك فتلفت تحت يده كان ضامناً لعينها، ولو استولى عليها مدّة ثُمَّ ردّها كان عليه أجرة مثلها كما هو الحال في غصب الأعيان غير الموقوفة.
مسألة 1468: إذا كانت العين الموقوفة من الأعيان الزكويّة كالغنم والبقر والإبل لم تجب الزكاة فيها وإن اجتمعت فيها شرائط ثبوتها، وأمّا إذا كان نماؤها زكويّاً كما إذا وقف بستاناً مشتملاً على أشجار النخيل والعنب فإن صار النماء ملكاً شخصيّاً للمكلّف قبل وقت تعلّق الزكاة بحيث تعلّقت في ملكه وجبت عليه الزكاة إذا كان بالغاً حدّ النصاب وإلّا لم تجب، وقد تقدّم توضيح ذلك في المسألة (1086) من كتاب الزكاة.
مسألة 1469: لا يتحقّق الوقف بمجرّد النيّة، بل لا بُدَّ من إنشائه بلفظ كـ (وقفت) و(حبست) ونحوهما من الألفاظ الدالّة عليه ولو بمعونة القرائن، أو فعل سواء أكان معاطاةً مثل أن يعطي آلات الإسراج أو الفرش إلى قيّم المسجد أو المشهد، أو لم يكن كذلك مثل أن يعمر الجدار أو الاسطوانة الخربة من المسجد أو يبني بناءً على طراز ما تبنى به المساجد بقصد كونه مسجداً ونحو ذلك فإنّه يكون وقفاً بذلك.
مسألة 1470: لا يعتبر القبول في الوقف بجميع أنواعه وإن كان أحوط استحباباً، ولا سيّما في الوقف الخاصّ كالوقف على الذرّيّة فيقبله الموقوف عليهم وإن كانوا صغاراً قام به وليّهم، ويكفي قبول الموجودين ولا يحتاج إلى قبول من سيوجد منهم بعد وجوده.
مسألة 1471: لا يعتبر قصد القربة في صحّة الوقف ولا سيّما في الوقف الخاصّ مثل الوقف على الذرّيّة.
مسألة 1472: يعتبر في صحّة الوقف الخاصّ قبض الموقوف عليه أو قبض وكيله أو قبض وليّه - ولا يكفي قبض المتولّي - فإذا مات قبل القبض بطل وكان ميراثاً، نعم يكفي قبض الطبقة الموجودة عن الطبقات اللاحقة، بل يكفي قبض الموجود من الطبقة الأُولى عمّن يوجد منها بعد ذلك، ولو كان الموجودون جماعة فقبض بعضهم دون بعض صحّ بالنسبة إلى من قبض وبطل بالنسبة إلى من لم يقبض.
مسألة 1473: المشهور بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) أنّه يشترط أن يكون القبض بإذن الواقف، فلو قبض الموقوف عليه بدون الإذن لم يكفِ ولكنّه لا يخلو عن إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
مسألة 1474: إذا وقف على أولاده الصغار وأولاد أولاده وكانت العين في يده كفى ذلك في تحقّق القبض ولم يحتج إلى قبض آخر، وإذا كانت العين في يد غيره فلا بُدَّ من أخذها منه ليتحقّق قبض وليّهم.
مسألة 1475: إذا كانت العين بيد الموقوف عليه كفى ذلك في قبضها ولم يحتج إلى قبض جديد، نعم لا بُدَّ أن يكون بقاؤها في يده بعنوان الوقفيّة بإذن الواقف بناءً على اشتراط كون القبض بإذنه كما تقدّم.
مسألة 1476: يتحقّق القبض في المنقول وغير المنقول باستيلاء الموقوف عليه على العين الموقوفة وصيرورتها تحت يده وسلطانه، ويختلف صدق ذلك بحسب اختلاف الموارد.
مسألة 1477: لا يعتبر في القبض الفوريّة فلو وقف عيناً في زمان ثُمَّ أقبضها في زمان متأخّر كفى وتمّ الوقف من حينه.
مسألة 1478: لا يعتبر القبض في صحّة الوقف على العناوين والجهات العامّة ولا سيّما إذا كان من نيّة الواقف أن تبقى في يده ويعمل بها على حسب ما وقف، وإذا بني على اعتباره لم يلزم أن يكون القبض من قِبَل الحاكم الشرعيّ، فإذا وقف مقبرة كفى في تحقّق القبض الدفن فيها، وإذا وقف مكاناً للصلاة تكفي الصلاة فيه، وإذا وقف حسينيّة تكفي إقامة العزاء فيها، وكذا الحكم في مثل وقف الخان على المسافرين والدار على سكنى العلماء والفقراء فإنّه يكفي في قبضها السكنى فيها.
مسألة 1479: إذا وقف حصيراً للمسجد كفى في قبضه - على تقدير اعتباره - وضعه في المسجد بقصد استعماله، وكذا الحال في مثل آلات المشاهد والحسينيّات والمساجد ونحوها.
مسألة 1480: إذا خرب جانب من جدار المسجد أو المشهد أو نحوهما فعمّره عامر كفى ذلك في تماميّة الوقف وإن لم يقبضه قابض، وإذا مات لم يرجع ميراثاً لوارثه.
مسألة 1481: يجوز التوكيل في إيقاع الوقف، وتجري فيه الفضوليّة فإذا أوقف مال غيره فأجازه صحّ.
مسألة 1482: الوقوف التي تتعارف عند الأعراب - بأن يقفوا شاة على أن يكون الذكر المتولَّد منها (ذبيحة) أي يذبح ويؤكل والأُنثى (منيحة) أي تبقى وينتفع بصوفها ولبنها، وإذا ولدت ذكراً كان (ذبيحة) وإذا ولدت أُنثى كانت (منيحة) وهكذا - إذا كان وقفهم معلّقاً على شفاء مريض أو ورود مسافر أو سلامة غنمهم من الغزو أو المرض أو نحو ذلك فهي باطلة.
وأمّا إذا كانت منجّزة غير معلّقة فيحكم بصحّتها إذا أريد بها وقف الشاة على أن تذبح الذكور من نتاجها ونتاج نتاجها وتصرف على الجهة الموقوفة عليها، وتبقى الإناث للإنتاج مع استثناء صوفها ولبنها للواقف ومن يتولّى شؤون الشاة والنتاج من بعده.
مسألة 1483: لا يجوز في الوقف توقيته بمدّة، فإذا قال: (داري وقف على أولادي سنة أو عشر سنين) بطل وقفاً، ويصحّ حبساً إذا قصد كونه كذلك.
مسألة 1484: إذا وقف على من ينقرض كما إذا وقف على أولاده وأولاد أولاده صحّ وقفاً ويسمّى: (الوقف المنقطع الآخر) فإذا انقرضوا رجع إلى الواقف أو ورثته حين الموت لا حين الانقراض، فإذا وقف داراً على زيد وأولاده مثلاً ثُمَّ مات الواقف عن ولدين ومات أحدهما قبل الانقراض وترك ولداً ثُمَّ انقرض الموقوف عليهم كانت العين الموقوفة مشتركة بين العمّ وابن أخيه.
مسألة 1485: لا فرق فيما ذكرناه من صحّة الوقف ورجوعه إلى الواقف أو إلى ورثته بين كون الموقوف عليه ممّا ينقرض غالباً وبين كونه ممّا لا ينقرض غالباً فاتّفق انقراضه.
هذا إذا لم يفهم من القرائن أنّ خصوصيّة الموقوف عليه ملحوظة بنحو تعدّد المطلوب، وأمّا إذا فهم منها ذلك - كما لعلّه الغالب في الوقف على من لا ينقرض غالباً - بأن كان الواقف قد أنشأ التصدّق بالعين وأنشأ أيضاً كونه على نحو خاصّ بحيث إذا بطلت الخصوصيّة بقي أصل التصدّق فلا إشكال في أنّه إذا انقرض الموقوف عليه لم ترجع العين إلى الواقف أو ورثته بل تبقى وقفاً وتصرف منافعها في جهةٍ أُخرى الأقرب فالأقرب إلى نظر الواقف.
مسألة 1486: من الوقف المنقطع الآخر ما إذا كان الوقف مبنيّاً على الدوام لكن كان وقفاً على من يصحّ الوقف عليه في أوّله دون آخره كما إذا وقف على زيد وأولاده وبعد انقراضهم على الكنائس والبِيَعِ مثلاً فيصحّ وقفاً بالنسبة إلى من يصحّ الوقف عليه ويبطل بالنسبة إلى ما لا يصحّ.
مسألة 1487: الوقف المنقطع الأوّل باطل سواء أكان بجعل الواقف كما إذا أوقفه من أوّل الشهر القادم أو بحكم الشرع بأن وقف أوّلاً على ما لا يصحّ الوقف عليه ثُمَّ على غيره، وإن كان الأحوط الأولى في الثاني تجديد الوقف عند انقراض الأوّل.
مسألة 1488: إذا وقف عيناً على غيره وشرط عودها إليه عند الحاجة لم يصحّ.
مسألة 1489: يشترط في صحّة الوقف التنجيز، فلو علّقه على أمر مستقبليّ معلوم الحصول أو متوقّع الحصول أو أمر حاليّ محتمل الحصول مع عدم كونه ممّا تتوقّف عليه صحّة العقد بطل، فإذا قال: (وقفت داري إذا جاء رأس الشهر أو إذا ولد لي ذكر أو إن كان هذا اليوم يوم الجمعة) بطل، وإذا علّقه على أمر حاليّ معلوم الحصول أو علّقه على أمر مجهول الحصول ولكنّه كان ممّا تتوقّف عليه صحّة العقد كما إذا قال زيد: (وقفت داري إن كنت زيداً) أو (وقفت داري إن كانت لي) صحّ.
مسألة 1490: إذا قال: (هذا وقف بعد وفاتي) بطل إلّا أن يفهم منه عرفاً أنّه أراد الوصيّة بالوقف فيجب العمل بها عند تحقّق شرائطها فيوقف بعده.
مسألة 1491: يشترط في صحّة الوقف إخراج الواقف نفسه عن الوقف فإذا وقف على نفسه بطل، وإذا قال: (داري وقف عليّ وعلى أخي) مثلاً على نحو التشريك بطل الوقف في نصف الدار، وإذا كان على نحو الترتيب بأن قصد الوقف على نفسه ثُمَّ على غيره كان الوقف من المنقطع الأوّل فيبطل مطلقاً، وإن قصد الوقف على غيره ثُمَّ على نفسه بطل بالنسبة إلى نفسه فقط وكان من الوقف المنقطع الآخر، وإن قال: (هي وقف على أخي ثُمَّ على نفسي ثُمَّ على زيد) بطل الوقف بالنسبة إلى نفسه وزيد، وكان من الوقف المنقطع الوسط.
مسألة 1492: إذا استثنى في ضمن إجراء الوقف بعض منافع العين الموقوفة لنفسه صحّ لأنّه يعدّ خارجاً عن الوقف لا من الوقف على نفسه ليبطل، فيصحّ أن يوقف البستان ويستثني السعف وغصون الأشجار وأوراقها عند اليبس، أو يستثني مقدار أداء ديونه سواء أكان بنحو التوزيع على السنين كلّ سنة كذا أو بنحو تقديم أداء الديون على الصرف من مصارف الوقف.
مسألة 1493: إذا وقف بستاناً على من يتبرّع من أولاده - مثلاً - بأداء ديونه العرفيّة أو الشرعيّة صحّ، وكذا إذا أوقفها على من يقوم من جيرانه مثلاً بالتبرّع بأكل ضيوفه أو مؤونة أهله وأولاده حتّى في مقدار النفقة الواجبة عليه لهم فإنّه يصحّ الوقف في مثل ذلك.
مسألة 1494: إذا وقف عيناً على وفاء ديونه الشرعيّة أو العرفيّة بعد الموت لم يصحّ، وكذا لو وقفها على أداء العبادات عنه بعد الوفاة.
مسألة 1495: يمكن التخلّص من إشكال الوقف على النفس بطرق أُخرى غير استثناء مقدار من منافع العين الموقوفة لنفسه:
منها: أن يملِّك العين لغيره ثُمَّ يقفها الغير على النهج الذي يريد من تأمين مؤونته ووفاء ديونه ونحو ذلك، ويجوز له أن يشترط ذلك عليه في ضمن عقد التمليك.
ومنها: أن يؤجّرها مدّة ويجعل لنفسه خيار الفسخ وبعد الوقف يفسخ الإجارة فترجع المنفعة إليه لا إلى الموقوف عليهم.
مسألة 1496: يجوز انتفاع الواقف بالعين الموقوفة في مثل وقف المساجد والوقف على الجهات العامّة، وكذا الوقف على العناوين الكلّيّة إذا كان الواقف داخلاً في العنوان أو صار داخلاً فيه فيما بعد وكان الوقف عليه من قبيل القسم الأوّل من الأقسام الثلاثة المذكورة في المسألة (1465) حيث لا تدخل المنافع في ملك الموقوف عليهم أصلاً، وأمّا إذا كان من قبيل القسم الثالث حيث تكون المنافع ملكاً للموقوف عليهم على سبيل الإشاعة فلا إشكال في عدم جواز أخذه حصّة منها، بل يلزم أن يقصد من العنوان المذكور حين العقد من عدا نفسه ويقصد خروجه عنه.
وأمّا في القسم الثاني حيث تدخل المنافع في ملك الموقوف عليهم بتمليك المتولّي وإقباضهم إيّاها ففي جواز دخول الواقف في العنوان وأخذه حصّة من المنافع إشكال، - لا سيّما إذا كان مقتضى الوقف توزيع المنافع على الموقوف عليهم على نحو الاستيعاب - فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك.
مسألة 1497: إذا تمّ الوقف كان لازماً لا يجوز للواقف الرجوع فيه، وإن وقع في مرض الموت لم يجز للورثة ردّه إلّا فيما زاد على الثلث كما تقدّم في كتاب الحجر .