الكتب الفتوائية » منهاج الصالحين ـ الجزء الثاني (الطبعة المصححة 1445 هـ.)
البحث في:
كتاب الوصية » الفصل الأوّل في الموصىٰ به
←
→ كتاب الهبة
كتاب الوصيّة
وهي قسمان:
1 . الوصيّة التمليكيّة: وهي أن يجعل الشخص شيئاً ممّا له من مال أو حقّ لغيره بعد وفاته، كأن يجعل شيئاً من تركته لزيد أو للفقراء بعد مماته، فهي وصيّة بالملك أو الاختصاص.
2 . الوصيّة العهديّة: وهي أن يَعْهَد الشخص بتولّي أحد بعد وفاته أمراً يتعلّق به أو بغيره كدفنه في مكان معيّن أو في زمان معيّن أو تمليك شـيء من ماله لأحدٍ أو وقفه أو بيعه، أو الاستنابة عنه في صلاة أو صوم أو حجّ أو القيمومة على صغاره ونحو ذلك، فهي وصيّة بالتولية.
مسألة 1337: تتضيّق الواجبات الموسّعة إذا لم يطمئنّ المكلّف بالتمكّن من الامتثال مع التأخير كقضاء الصلاة والصيام وأداء الكفّارات والنذور ونحوها من الواجبات البدنيّة وغيرها فتجب المبادرة إلى أدائها.
وإن ضاق الوقت عن أدائها فإن كان له مال لزمه الاستيثاق من أدائها عنه بعد وفاته ولو بالوصيّة به، وإن لم يكن له مال واحتمل - احتمالاً معتدّاً به - أن يؤدّيها شخص آخر عنه تبرّعاً وجبت عليه الوصيّة به أيضاً، وربّما يغني الإخبار عن الوصيّة كما لو كان له من يطمئنّ بأدائه لما وجب عليه كالولد الأكبر فيكفي حينئذٍ إخباره بما عليه من الواجبات.
وأمّا أمانات الناس من الوديعة والعارية ومال المضاربة ونحوها ممّا يكون تحت يده فإن أمكنه إيصاله إلى صاحبه أو وكيله أو وليّه أو إعلامه بذلك تعيّن عليه ذلك على الأحوط لزوماً، وإن لم يمكنه لزمه الاستيثاق من وصوله إلى صاحبه بعد وفاته ولو بالإيصاء به والاستشهاد على ذلك وإعلام الوصيّ والشاهد باسم صاحبه وخصوصيّاته ومحلّه.
وأمّا ديون الناس فإن كان له تركة لزمه الاستيثاق من وصولها إلى أصحابها بعد مماته ولو بالوصيّة بها والاستشهاد عليها، هذا في الديون التي لم يحلّ أجلها بعد أو حلّ ولم يطالبه بها الدُّيّان أو حلّ وطالبوا ولم يكن قادراً على وفائها، وإلّا فتجب المبادرة إلى وفائها فوراً وإن لم يخف الموت.
وأمّا الحقوق الشرعيّة مثل الزكاة والخمس والمظالم فإن كان متمكّناً من أدائها فعلاً وجبت المبادرة إليه ولا يجوز التأخير و إن علم ببقائه حيّاً، وإن عجز عن الأداء وكانت له تركة وجب عليه الاستيثاق من أدائها بعد وفاته ولو بالوصيّة به إلى ثقة مأمون، وإن لم يكن له تركة واحتمل أن يؤدّي ما عليه بعض المؤمنين تبرّعاً وإحساناً وجبت الوصيّة به أيضاً، ونحوه في ديون الناس إذا لم يكن له تركة.
مسألة 1338: يكفي في تحقّق الوصيّة كلّ ما دلّ عليها من لفظ - صريح أو غير صريح - أو فعل وإن كان كتابة أو إشارة، بلا فرق فيه بين صورتي الاختيار وعدمه، بل يكفي وجود مكتوب بخطّه أو بإمضائه بحيث يظهر من قرائن الأحوال إرادة العمل به بعد موته.
مسألة 1339: إذا قيل للشخص: هل أوصيت؟ فقال: (لا) فقامت البيّنة على أنّه قد أوصى، كان العمل على البيّنة ولم يعتدّ بخبره، نعم إذا كان قد قصد من إنكاره إنشاء العدول عن الوصيّة صحّ العدول منه.
وكذا الحكم لو قال: (نعم) وقامت البيّنة على عدم الوصيّة منه فإنّه إن قصد الإخبار كان العمل على البيّنة، وإن قصد إنشاء الوصيّة صحّ الإنشاء وتحقّقت الوصيّة.
مسألة 1340: الوصيّة التمليكيّة لها أركان ثلاثة: الموصي، والموصى به، والموصى له، وأمّا الوصيّة العهديّة فيكون قوامها بأمرين: الموصي، والموصى به، نعم إذا عيّن الموصي شخصاً لتنفيذها كانت أطرافها ثلاثة بإضافة (الموصى إليه) وهو الذي يطلق عليه (الوصيّ)، وإذا كان الموصى به أمراً متعلّقاً بالغير كتمليك مال لزيد مثلاً كانت أطرافها أربعة بإضافة الموصى له.
مسألة 1341: إذا لم يعيّن الموصي في الوصيّة العهديّة وصيّاً لتنفيذها، تولّى الحاكم الشرعيّ أمرها أو عيّن من يتولّاه، ولو لم يكن الحاكم ولا منصوبه تولّاه بعض عدول المؤمنين.
مسألة 1342: الوصيّة العهديّة لا تحتاج إلى القبول، نعم إذا كان الموصى به أمراً متعلّقاً بالغير فربّما احتاج إلى قبوله، كما أنّه إذا عيّن وصيّاً لتنفيذها فلا بُدَّ من عدم ردّها من قبله - كما سيأتي - ولكن هذا معتبر في وصايته لا في أصل الوصيّة.
وأمّا الوصيّة التمليكيّة فإن كانت تمليكاً لعنوان عامّ كالوصيّة للفقراء والسادة والطلبة فهي كالعهديّة لا يعتبر فيها القبول، وإن كانت تمليكاً للشخص اعتبر فيها القبول من الموصى له ولا يكفي عدم ردّه.
مسألة 1343: يكفي في القبول كلّ ما دلّ على الرضا قولاً أو فعلاً، كأخذ الموصى به بقصد القبول.
مسألة 1344: لا فرق في القبول بين وقوعه في حياة الموصي أو بعد موته، كما أنّه لا فرق في الواقع بعد الموت بين أن يكون متّصلاً به أو متأخّراً عنه مدّة.
مسألة 1345: إنّ ردّ الموصى له الوصيّة في الوصيّة التمليكيّة مبطل لها إذا كان الردّ بعد الموت ولم يسبق بقبوله، أمّا إذا سبقه القبول بعد الموت أو في حال الحياة فلا أثر له وكذا الردّ حال الحياة.
مسألة 1346: لو أوصى له بشيئين فقبل أحدهما وردّ الآخر صحّت فيما قبل وبطلت فيما ردّ إلّا إذا أوصى بالمجموع من حيث المجموع، وكذا لو أوصى له بشيء واحد فقبل في بعضه وردّ في البعض الآخر .
مسألة 1347: لا يجوز للورثة التصرّف في العين الموصى بها قبل أن يختار الموصى له أحد الأمرين من الردّ والقبول، وليس لهم إجباره على الاختيار معجّلاً إلّا إذا كان تأخيره موجباً للضرر عليهم فيجبره الحاكم الشرعيّ حينئذٍ على اختيار أحدهما.
مسألة 1348: لو مات الموصى له في حياة الموصي أو بعد موته قبل أن يصدر منه ردّ أو قبول قام ورثته مقامه في الردّ والقبول، فيملكون الموصى به بقبولهم كمورّثهم لو لم يرجع الموصي عن وصيّته قبل موته.
مسألة 1349: إذا قبل بعض الورثة وردّ بعضهم صحّت الوصيّة فيمن قبل وبطلت فيمن ردّ بالنسبة إلّا إذا أوصى بالمجموع من حيث المجموع فتبطل مطلقاً.
مسألة 1350: إنّ الوارث يتلقّى المال الموصى به من الموصي ابتداءً لا أنّه ينتقل إلى الموصى له أوّلاً ثُمَّ إلى وارثه وإن كانت القسمة بين الورثة في صورة التعدّد على حسب قسمة المواريث، فعلى هذا لا يخرج من الموصى به ديون الموصى له ولا تنفذ فيه وصاياه.
مسألة 1351: المدار على الوارث للموصى له عند موته لا الوارث عند موت الموصي.
مسألة 1352: إذا مات الوارث في حياة الموصي أيضاً انتقل الموصى به إلى ورثته أيضاً.
مسألة 1353: إذا أوصى إلى أحد أن يعطي بعض تركته لشخص مثلاً جرى الحكم المذكور من الانتقال إلى الوارث لو مات في حياة الموصي أو مات بعد موته قبل أن يعطيه إيّاه.
مسألة 1354: يشترط في الموصي أُمور :
الأوّل: البلوغ فلا تصحّ وصيّة الصبيّ إلّا إذا بلغ عشراً فإنّه تصحّ وصيّته في المبرّات والخيرات العامّة وكذا لأرحامه وأقربائه، وأمّا الغرباء ففي نفوذ وصيّته لهم إشكال، وكذا في نفوذ وصيّة البالغ سبع سنين في الشيء اليسير فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيهما.
الثاني: العقل، فلا تصحّ وصيّة المجنون والمغمى عليه والسكران حال جنونه وإغمائه وسكره، و إذا أوصى حال عقله ثُمَّ جُنّ أو سكر أو أغمي عليه لم تبطل وصيّته.
الثالث: الرشد، فلا تصحّ وصيّة السفيه في أمواله وتصحّ في غيرها كتجهيزه ونحوه.
الرابع: الاختيار، فلا تصحّ وصيّة المكره.
الخامس: الحرّيّة، على تفصيل مذكور في محلّه.
السادس: أن لا يكون قاتل نفسه، فإذا أوصى بعد ما أحدث في نفسه ما يوجب هلاكه من جرح أو شرب سمّ أو نحو ذلك لم تصحّ وصيّته إذا كانت في ماله، أمّا إذا كانت في غيره من تجهيز ونحوه صحّت، وكذا تصحّ الوصيّة في ماله وغيره إذا فعل ذلك لا عن عمد بل كان خطأً أو سهواً أو كان لا بقصد الموت بل لغرض آخر، أو على غير وجه العصيان مثل الجهاد في سبيل الله تعالى، وكذا إذا عوفي ثُمَّ أوصى، بل يصحّ أيضاً إذا أوصى بعد ما فعل السبب ثُمَّ عوفي ثُمَّ مات.
مسألة 1355: إذا أوصى قبل أن يحدث في نفسه ذلك ثُمَّ أحدث فيها صحّت وصيّته وإن كان حين الوصيّة بانياً على أن يحدث ذلك بعدها.
مسألة 1356: تصحّ الوصيّة من كلّ من الأب والجدّ بالولاية على الطفل مع فقد الآخر ولا تصحّ مع وجوده.
مسألة 1357: لا يجوز للحاكم الشرعيّ الوصيّة بالولاية على الطفل بعد موته، بل بعد موته يرجع الأمر إلى حاكم آخر غيره.
مسألة 1358: لو أوصى وصيّة تمليكيّة لصغير من أرحامه أو من غيرهم بمال ولكنّه جعل أمره إلى غير الأب والجدّ وغير الحاكم الشرعيّ لم يصحّ هذا الجعل بل يكون أمر ذلك المال للأب والجدّ مع وجود أحدهما وللحاكم مع فقدهما، نعم لو أوصى أن يبقى ماله بيد الوصيّ حتّى يبلغ فيُمَلِّكه إيّاه صحّ، وكذا إذا أوصى أن يصرف ماله عليه من دون أن يملّكه إيّاه بشرط عدم منافاته لحقّي الحضانة والولاية.
مسألة 1359: يجوز أن يجعل الأب والجدّ الولاية والقيمومة على الأطفال لاثنين أو أكثر، كما يجوز جعل الناظر على القيّم المذكور بمعنى كونه مشرفاً على عمله أو بمعنى كون العمل بنظره وتصويبه كما يأتي في الوصيّة بالمال.
مسألة 1360: إذا قال الموصي لشخص: (أنت وليّ وقيّم على أولادي القاصرين وأولاد ولدي) ولم يقيّد الولاية بجهةٍ بعينها جاز له التصرّف في جميع الشؤون المتعلّقة بهم من حفظ نفوسهم وتربيتهم وحفظ أموالهم والإنفاق عليهم واستيفاء ديونهم ووفاء ما عليهم من نفقات أو ضمانات أو حقوق شرعيّة واجبة كالخمس أو مستحبّة كالزكاة في بعض الموارد وغير ذلك من الجهات، نعم في ولايته على تزويجهم كلام سيأتي إن شاء الله تعالى.
مسألة 1361: إذا قيّد الموصي الولاية بجهةٍ دون جهةٍ وجب على الوليّ الاقتصار على محلّ الإذن دون غيره من الجهات، وكان المرجع في الجهات الأُخرى الحاكم الشرعيّ أو المنصوب من قبله.
مسألة 1362: ينفق الوليّ والقيّم على الصبيّ من غير إسراف ولا تقتير، فيطعمه ويلبسه عادة أمثاله ونظرائه، فإن أسرف ضمن الزيادة، ولو بلغ فأنكر أصل الإنفاق أو ادّعى عليه الإسراف فالقول قول القيّم بيمينه ما لم يكن مخالفاً للظاهر، وكذا لو ادّعى عليه أنّه باع ماله من غير حاجة ولا غبطة، نعم لو اختلفا في دفع ماله إليه بعد البلوغ فادّعاه القيّم وأنكره الصبيّ قدّم قول الصبيّ بيمينه ما لم يكن مخالفاً للظاهر .
مسألة 1363: يجوز للقيّم على اليتيم أن يأخذ من ماله أجرة مثل عمله إذا كانت له أجرة وكان فقيراً، أمّا إذا كان غنيّاً ففيه إشكال والأحوط لزوماً الترك.
كتاب الوصية » الفصل الأوّل في الموصىٰ به
←
→ كتاب الهبة
1 . الوصيّة التمليكيّة: وهي أن يجعل الشخص شيئاً ممّا له من مال أو حقّ لغيره بعد وفاته، كأن يجعل شيئاً من تركته لزيد أو للفقراء بعد مماته، فهي وصيّة بالملك أو الاختصاص.
2 . الوصيّة العهديّة: وهي أن يَعْهَد الشخص بتولّي أحد بعد وفاته أمراً يتعلّق به أو بغيره كدفنه في مكان معيّن أو في زمان معيّن أو تمليك شـيء من ماله لأحدٍ أو وقفه أو بيعه، أو الاستنابة عنه في صلاة أو صوم أو حجّ أو القيمومة على صغاره ونحو ذلك، فهي وصيّة بالتولية.
مسألة 1337: تتضيّق الواجبات الموسّعة إذا لم يطمئنّ المكلّف بالتمكّن من الامتثال مع التأخير كقضاء الصلاة والصيام وأداء الكفّارات والنذور ونحوها من الواجبات البدنيّة وغيرها فتجب المبادرة إلى أدائها.
وإن ضاق الوقت عن أدائها فإن كان له مال لزمه الاستيثاق من أدائها عنه بعد وفاته ولو بالوصيّة به، وإن لم يكن له مال واحتمل - احتمالاً معتدّاً به - أن يؤدّيها شخص آخر عنه تبرّعاً وجبت عليه الوصيّة به أيضاً، وربّما يغني الإخبار عن الوصيّة كما لو كان له من يطمئنّ بأدائه لما وجب عليه كالولد الأكبر فيكفي حينئذٍ إخباره بما عليه من الواجبات.
وأمّا أمانات الناس من الوديعة والعارية ومال المضاربة ونحوها ممّا يكون تحت يده فإن أمكنه إيصاله إلى صاحبه أو وكيله أو وليّه أو إعلامه بذلك تعيّن عليه ذلك على الأحوط لزوماً، وإن لم يمكنه لزمه الاستيثاق من وصوله إلى صاحبه بعد وفاته ولو بالإيصاء به والاستشهاد على ذلك وإعلام الوصيّ والشاهد باسم صاحبه وخصوصيّاته ومحلّه.
وأمّا ديون الناس فإن كان له تركة لزمه الاستيثاق من وصولها إلى أصحابها بعد مماته ولو بالوصيّة بها والاستشهاد عليها، هذا في الديون التي لم يحلّ أجلها بعد أو حلّ ولم يطالبه بها الدُّيّان أو حلّ وطالبوا ولم يكن قادراً على وفائها، وإلّا فتجب المبادرة إلى وفائها فوراً وإن لم يخف الموت.
وأمّا الحقوق الشرعيّة مثل الزكاة والخمس والمظالم فإن كان متمكّناً من أدائها فعلاً وجبت المبادرة إليه ولا يجوز التأخير و إن علم ببقائه حيّاً، وإن عجز عن الأداء وكانت له تركة وجب عليه الاستيثاق من أدائها بعد وفاته ولو بالوصيّة به إلى ثقة مأمون، وإن لم يكن له تركة واحتمل أن يؤدّي ما عليه بعض المؤمنين تبرّعاً وإحساناً وجبت الوصيّة به أيضاً، ونحوه في ديون الناس إذا لم يكن له تركة.
مسألة 1338: يكفي في تحقّق الوصيّة كلّ ما دلّ عليها من لفظ - صريح أو غير صريح - أو فعل وإن كان كتابة أو إشارة، بلا فرق فيه بين صورتي الاختيار وعدمه، بل يكفي وجود مكتوب بخطّه أو بإمضائه بحيث يظهر من قرائن الأحوال إرادة العمل به بعد موته.
مسألة 1339: إذا قيل للشخص: هل أوصيت؟ فقال: (لا) فقامت البيّنة على أنّه قد أوصى، كان العمل على البيّنة ولم يعتدّ بخبره، نعم إذا كان قد قصد من إنكاره إنشاء العدول عن الوصيّة صحّ العدول منه.
وكذا الحكم لو قال: (نعم) وقامت البيّنة على عدم الوصيّة منه فإنّه إن قصد الإخبار كان العمل على البيّنة، وإن قصد إنشاء الوصيّة صحّ الإنشاء وتحقّقت الوصيّة.
مسألة 1340: الوصيّة التمليكيّة لها أركان ثلاثة: الموصي، والموصى به، والموصى له، وأمّا الوصيّة العهديّة فيكون قوامها بأمرين: الموصي، والموصى به، نعم إذا عيّن الموصي شخصاً لتنفيذها كانت أطرافها ثلاثة بإضافة (الموصى إليه) وهو الذي يطلق عليه (الوصيّ)، وإذا كان الموصى به أمراً متعلّقاً بالغير كتمليك مال لزيد مثلاً كانت أطرافها أربعة بإضافة الموصى له.
مسألة 1341: إذا لم يعيّن الموصي في الوصيّة العهديّة وصيّاً لتنفيذها، تولّى الحاكم الشرعيّ أمرها أو عيّن من يتولّاه، ولو لم يكن الحاكم ولا منصوبه تولّاه بعض عدول المؤمنين.
مسألة 1342: الوصيّة العهديّة لا تحتاج إلى القبول، نعم إذا كان الموصى به أمراً متعلّقاً بالغير فربّما احتاج إلى قبوله، كما أنّه إذا عيّن وصيّاً لتنفيذها فلا بُدَّ من عدم ردّها من قبله - كما سيأتي - ولكن هذا معتبر في وصايته لا في أصل الوصيّة.
وأمّا الوصيّة التمليكيّة فإن كانت تمليكاً لعنوان عامّ كالوصيّة للفقراء والسادة والطلبة فهي كالعهديّة لا يعتبر فيها القبول، وإن كانت تمليكاً للشخص اعتبر فيها القبول من الموصى له ولا يكفي عدم ردّه.
مسألة 1343: يكفي في القبول كلّ ما دلّ على الرضا قولاً أو فعلاً، كأخذ الموصى به بقصد القبول.
مسألة 1344: لا فرق في القبول بين وقوعه في حياة الموصي أو بعد موته، كما أنّه لا فرق في الواقع بعد الموت بين أن يكون متّصلاً به أو متأخّراً عنه مدّة.
مسألة 1345: إنّ ردّ الموصى له الوصيّة في الوصيّة التمليكيّة مبطل لها إذا كان الردّ بعد الموت ولم يسبق بقبوله، أمّا إذا سبقه القبول بعد الموت أو في حال الحياة فلا أثر له وكذا الردّ حال الحياة.
مسألة 1346: لو أوصى له بشيئين فقبل أحدهما وردّ الآخر صحّت فيما قبل وبطلت فيما ردّ إلّا إذا أوصى بالمجموع من حيث المجموع، وكذا لو أوصى له بشيء واحد فقبل في بعضه وردّ في البعض الآخر .
مسألة 1347: لا يجوز للورثة التصرّف في العين الموصى بها قبل أن يختار الموصى له أحد الأمرين من الردّ والقبول، وليس لهم إجباره على الاختيار معجّلاً إلّا إذا كان تأخيره موجباً للضرر عليهم فيجبره الحاكم الشرعيّ حينئذٍ على اختيار أحدهما.
مسألة 1348: لو مات الموصى له في حياة الموصي أو بعد موته قبل أن يصدر منه ردّ أو قبول قام ورثته مقامه في الردّ والقبول، فيملكون الموصى به بقبولهم كمورّثهم لو لم يرجع الموصي عن وصيّته قبل موته.
مسألة 1349: إذا قبل بعض الورثة وردّ بعضهم صحّت الوصيّة فيمن قبل وبطلت فيمن ردّ بالنسبة إلّا إذا أوصى بالمجموع من حيث المجموع فتبطل مطلقاً.
مسألة 1350: إنّ الوارث يتلقّى المال الموصى به من الموصي ابتداءً لا أنّه ينتقل إلى الموصى له أوّلاً ثُمَّ إلى وارثه وإن كانت القسمة بين الورثة في صورة التعدّد على حسب قسمة المواريث، فعلى هذا لا يخرج من الموصى به ديون الموصى له ولا تنفذ فيه وصاياه.
مسألة 1351: المدار على الوارث للموصى له عند موته لا الوارث عند موت الموصي.
مسألة 1352: إذا مات الوارث في حياة الموصي أيضاً انتقل الموصى به إلى ورثته أيضاً.
مسألة 1353: إذا أوصى إلى أحد أن يعطي بعض تركته لشخص مثلاً جرى الحكم المذكور من الانتقال إلى الوارث لو مات في حياة الموصي أو مات بعد موته قبل أن يعطيه إيّاه.
مسألة 1354: يشترط في الموصي أُمور :
الأوّل: البلوغ فلا تصحّ وصيّة الصبيّ إلّا إذا بلغ عشراً فإنّه تصحّ وصيّته في المبرّات والخيرات العامّة وكذا لأرحامه وأقربائه، وأمّا الغرباء ففي نفوذ وصيّته لهم إشكال، وكذا في نفوذ وصيّة البالغ سبع سنين في الشيء اليسير فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيهما.
الثاني: العقل، فلا تصحّ وصيّة المجنون والمغمى عليه والسكران حال جنونه وإغمائه وسكره، و إذا أوصى حال عقله ثُمَّ جُنّ أو سكر أو أغمي عليه لم تبطل وصيّته.
الثالث: الرشد، فلا تصحّ وصيّة السفيه في أمواله وتصحّ في غيرها كتجهيزه ونحوه.
الرابع: الاختيار، فلا تصحّ وصيّة المكره.
الخامس: الحرّيّة، على تفصيل مذكور في محلّه.
السادس: أن لا يكون قاتل نفسه، فإذا أوصى بعد ما أحدث في نفسه ما يوجب هلاكه من جرح أو شرب سمّ أو نحو ذلك لم تصحّ وصيّته إذا كانت في ماله، أمّا إذا كانت في غيره من تجهيز ونحوه صحّت، وكذا تصحّ الوصيّة في ماله وغيره إذا فعل ذلك لا عن عمد بل كان خطأً أو سهواً أو كان لا بقصد الموت بل لغرض آخر، أو على غير وجه العصيان مثل الجهاد في سبيل الله تعالى، وكذا إذا عوفي ثُمَّ أوصى، بل يصحّ أيضاً إذا أوصى بعد ما فعل السبب ثُمَّ عوفي ثُمَّ مات.
مسألة 1355: إذا أوصى قبل أن يحدث في نفسه ذلك ثُمَّ أحدث فيها صحّت وصيّته وإن كان حين الوصيّة بانياً على أن يحدث ذلك بعدها.
مسألة 1356: تصحّ الوصيّة من كلّ من الأب والجدّ بالولاية على الطفل مع فقد الآخر ولا تصحّ مع وجوده.
مسألة 1357: لا يجوز للحاكم الشرعيّ الوصيّة بالولاية على الطفل بعد موته، بل بعد موته يرجع الأمر إلى حاكم آخر غيره.
مسألة 1358: لو أوصى وصيّة تمليكيّة لصغير من أرحامه أو من غيرهم بمال ولكنّه جعل أمره إلى غير الأب والجدّ وغير الحاكم الشرعيّ لم يصحّ هذا الجعل بل يكون أمر ذلك المال للأب والجدّ مع وجود أحدهما وللحاكم مع فقدهما، نعم لو أوصى أن يبقى ماله بيد الوصيّ حتّى يبلغ فيُمَلِّكه إيّاه صحّ، وكذا إذا أوصى أن يصرف ماله عليه من دون أن يملّكه إيّاه بشرط عدم منافاته لحقّي الحضانة والولاية.
مسألة 1359: يجوز أن يجعل الأب والجدّ الولاية والقيمومة على الأطفال لاثنين أو أكثر، كما يجوز جعل الناظر على القيّم المذكور بمعنى كونه مشرفاً على عمله أو بمعنى كون العمل بنظره وتصويبه كما يأتي في الوصيّة بالمال.
مسألة 1360: إذا قال الموصي لشخص: (أنت وليّ وقيّم على أولادي القاصرين وأولاد ولدي) ولم يقيّد الولاية بجهةٍ بعينها جاز له التصرّف في جميع الشؤون المتعلّقة بهم من حفظ نفوسهم وتربيتهم وحفظ أموالهم والإنفاق عليهم واستيفاء ديونهم ووفاء ما عليهم من نفقات أو ضمانات أو حقوق شرعيّة واجبة كالخمس أو مستحبّة كالزكاة في بعض الموارد وغير ذلك من الجهات، نعم في ولايته على تزويجهم كلام سيأتي إن شاء الله تعالى.
مسألة 1361: إذا قيّد الموصي الولاية بجهةٍ دون جهةٍ وجب على الوليّ الاقتصار على محلّ الإذن دون غيره من الجهات، وكان المرجع في الجهات الأُخرى الحاكم الشرعيّ أو المنصوب من قبله.
مسألة 1362: ينفق الوليّ والقيّم على الصبيّ من غير إسراف ولا تقتير، فيطعمه ويلبسه عادة أمثاله ونظرائه، فإن أسرف ضمن الزيادة، ولو بلغ فأنكر أصل الإنفاق أو ادّعى عليه الإسراف فالقول قول القيّم بيمينه ما لم يكن مخالفاً للظاهر، وكذا لو ادّعى عليه أنّه باع ماله من غير حاجة ولا غبطة، نعم لو اختلفا في دفع ماله إليه بعد البلوغ فادّعاه القيّم وأنكره الصبيّ قدّم قول الصبيّ بيمينه ما لم يكن مخالفاً للظاهر .
مسألة 1363: يجوز للقيّم على اليتيم أن يأخذ من ماله أجرة مثل عمله إذا كانت له أجرة وكان فقيراً، أمّا إذا كان غنيّاً ففيه إشكال والأحوط لزوماً الترك.