الكتب الفتوائية » منهاج الصالحين ـ الجزء الثاني (الطبعة المصححة 1445 هـ.)
البحث في:
كتاب الحجر ←
→ كتاب الدين والقرض » أحكام القرض
كتاب الرهن
الرهن هو : جعل وثيقة للتأمين على دين أو عين مضمونة.
مسألة 1028: الرهن عقد مركّب من إيجاب من الراهن وقبول من المرتهن، ولا يعتبر فيهما اللفظ بل يتحقّقان بالفعل أيضاً، فلو دفع المديون مالاً للدائن بقصد الرهن وأخذه الدائن بهذا القصد كفى.
مسألة 1029: يعتبر في الراهن والمرتهن البلوغ والعقل والقصد والاختيار وعدم كون الراهن سفيهاً ولا محجوراً عليه لفَلَس إلّا إذا لم تكن العين المرهونة ملكاً له أو لم تكن من أمواله التي حجر عليها.
مسألة 1030: يجوز لوليّ الطفل والمجنون رهن مالهما والارتهان لهما مع المصلحة والغبطة.
مسألة 1031: لا يعتبر في صحّة الرهن القبض وإن كان هو الأحوط استحباباً، نعم مقتضى إطلاقه كون العين المرهونة بيد المرتهن إلّا أن يشترط كونها بيد ثالث أو بيد الراهن ما لم ينافِ التأمين المقوّم له.
مسألة 1032: يعتبر في المرهون أن يكون عيناً خارجيّة مملوكة يجوز بيعها وشراؤها، فلا يصحّ رهن الدين قبل قبضه ولا المنفعة ولا الحُرّ ولا الخمر والخنزير ولا الأرض الخراجيّة ولا الطير المملوك في الهواء إذا كان غير معتاد العود ولا الوقف ولو كان خاصّاً إلّا مع وجود أحد مسوّغات بيعه.
مسألة 1033: يعتبر في العين المرهونة جواز تصرّف الراهن فيها ولو بالرهن فقط، فإذا رهن مملوك الغير فصحّته موقوفة على إجازة المالك، ولو ضمّه إلى مملوكه فرهنهما لزم الرهن في ملكه وتوقف في الضميمة على إجازة مالكها.
مسألة 1034: لو كان له غرس أو بناءٌ في الأرض الخراجيّة صحّ رهن ما فيها مستقلّاً، وأمّا رهن أرضها ولو بعنوان التبعيّة فلا يصحّ.
مسألة 1035: لا يعتبر أن يكون الرهن ملكاً لمن عليه الدين، فيجوز لشخص أن يرهن ماله على دين شخص آخر تبرّعاً ولو من غير إذنه، بل ولو مع نهيه، وكذا يجوز للمديون أن يستعير شيئاً ليرهنه على دينه على ما تقدّم في كتاب العارية، ولو عيّن له المعير أن يرهنه على حقّ مخصوص من حيث القدر أو الحلول أو الأجل أو عند شخص معيّن لم يجز له مخالفته، ولو أذن له في الرهن مطلقاً جاز له الجميع وتخيّر .
مسألة 1036: لو كان الرهن على الدين المؤجّل وكان ممّا يسرع إليه الفساد قبل الأجل من دون أن يمكن دفعه عنه - كتجفيف الثمر - فإن شرط بيعه قبل أن يطرأ عليه الفساد وجعل ثمنه مكانه في استيفاء الدين صحّ الرهن ويبيعه الراهن أو يوكّل المرتهن في بيعه، وإن امتنع أجبره الحاكم الشرعيّ فإن تعذّر باعه الحاكم أو وكيله ومع فقده باعه المرتهن، فإذا بيع جعل ثمنه مكانه في استيفاء الدين، وأمّا لو شرط عدم البيع إلّا بعد الأجل بطل الرهن، وكذا لو أطلق ولم يشترط البيع ولا عدمه.
ولو رهن ما لا يتسارع إليه الفساد فعرض ما صيّره عرضة للفساد - كالحنطة تبتلّ- ولم يمكن دفع الفساد عنه انفسخ الرهن.
مسألة 1037: يعتبر في المرهون كونه معيّناً، فلا يصحّ رهن المبهم كأحد هذين، نعم يصحّ رهن الكلّيّ في المعيّن كصاع من صبرة وشاة من هذا القطيع، كما يصحّ رهن المجهول حتّى من حيث الجنس والنوع إذا كان معلوماً من حيث القيمة والماليّة بحدّ يتحقّق معه التأمين المقوّم للرهن.
مسألة 1038: يشترط فيما يرهن عليه أن يكون ديناً ثابتاً في الذمّة لتحقّق موجبه من اقتراض أو إسلاف مال أو شراء نسيئة أو استئجار عين بالذمّة وغير ذلك حالّاً كان الدين أو مؤجّلاً، فلا يصحّ الرهن على ما يقترض أو على ثمن ما يشتريه فيما بعد، فلو رهن شيئاً على ما يقترض ثُمَّ اقترض لم يصر بذلك رهناً، ولا على الدية قبل استقرارها بتحقّق الموت وإن علم أنّ الجناية تؤدّي إليه، ولا على مال الجعالة قبل تمام العمل.
مسألة 1039: كما يصحّ في الإجارة أن يأخذ المؤجر الرهن على الأجرة التي في ذمّة المستأجر، كذلك يصحّ أن يأخذ المستأجر الرهن على العمل الثابت في ذمّة الأجير .
مسألة 1040: يصحّ الرهن على الأعيان المضمونة كالمغصوبة والعارية المضمونة ونحوهما، وأمّا عهدة الثمن أو المبيع أو الأجرة أو عوض الصلح وغيرها لو خرجت مستحقّة للغير ففي صحّة الرهن عليها إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
مسألة 1041: لو اشترى شيئاً بثمن في الذمّة جاز جعل المبيع رهناً على الثمن.
مسألة 1042: لو رهن على دينه رهناً ثُمَّ استدان مالاً آخر من المرتهن جاز جعل ذلك الرهن رهناً على الثاني أيضاً، فيصير رهناً عليهما معاً، سواء كان الثاني مساوياً للأوّل في الجنس والقدر أو مخالفاً، وكذا له أن يجعله على دين ثالث ورابع إلى ما شاء، وكذا إذا رهن شيئاً على دين جاز أن يرهن شيئاً آخر على ذلك الدين وكانا جميعاً رهناً عليه.
مسألة 1043: لو رهن شيئاً عند زيد ثُمَّ رهنه عند آخر أيضاً باتّفاق من المرتهنين كان رهناً على الحقّين، إلّا إذا قصدا بذلك فسخ الرهن الأوّل وكونه رهناً على خصوص الدين الثاني.
مسألة 1044: لو استدان اثنان من واحد كلّ منهما ديناً ثُمَّ رهنا عنده مالاً مشتركاً بينهما ولو بعقد واحد ثُمَّ قضى أحدهما دينه انفكّت حصّته عن الرهانة وصارت طلقاً، ولو كان الراهن واحداً والمرتهن متعدّداً - بأن كان عليه دين لاثنين فرهن شيئاً عندهما بعقد واحد - فكلّ منهما مرتهن للنصف مع تساوي الدين، ومع التفاوت يكون بالتقسيط والتوزيع بنسبة حقّهما، فإن قضى دين أحدهما انفكّ عن الرهانة ما يقابل حقّه.
هذا كلّه في التعدّد ابتداءً، وأمّا التعدّد الطارئ فهو ممّا لا عبرة به، فلو مات الراهن عن ولدين لم ينفكّ نصيب أحدهما بأداء حصّته من الدين، كما أنّه لو مات المرتهن عن ولدين فأعطي أحدهما نصيبه من الدين لم ينفكّ بمقداره من الرهن.
مسألة 1045: توابع العين المرهونة كالحمل والصوف والشعر والوبر واللبن في الحيوان، والثمرة والأوراق والأغصان اليابسة في الشجر لا تكون رهناً بتبع الأصل إلّا إذا اشترط ذلك صريحاً أو كانت قرينة عليه من تعارف أو غيره، بلا فرق في ذلك بين الموجود منها حين العقد والمتجدّد منها بعده.
مسألة 1046: الرهن لازم من جهة الراهن جائز من طرف المرتهن، فليس للراهن انتزاعه بدون رضاه إلّا أن يسقط حقّه من الارتهان أو ينفكّ الرهن بفراغ ذمّة الراهن من الدين بالأداء أو غير ذلك، ولو برئت ذمّته من بعض الدين بقي الجميع رهناً على ما بقي، إلّا إذا اشترطا التوزيع فينفكّ منه على مقدار ما برأ منه ويبقى رهناً على مقدار ما بقي، أو شرطا كونه رهناً على المجموع من حيث المجموع فينفكّ الجميع بالبراءة عن بعض الدين.
مسألة 1047: يجوز لمالك العين المرهونة سواء أكان هو الراهن أم غيره أن يتصرّف فيها بما لا ينافي حقّ الرهانة، بأن لا يكون متلفاً لها أو موجباً للنقص في ماليّتها أو مخرجاً لها عن ملكه، فيجوز له الانتفاع من الدابّة بركوبها ومن الكتاب بمطالعته ومن الدار بسكناها، بل يجوز له أن يُسْكِن غيره فيها ونحو ذلك، وأمّا التصرّف المتلف أو المنقص لماليّتها كاستعمال ما تنقص قيمته بالاستعمال أو إيجار الدار على نحو تكون مسلوبة المنفعة على تقدير الحاجة إلى بيعها لاستيفاء الدين من ثمنها فغير جائز إلّا بإذن المرتهن، وكذلك التصرّف الناقل فيها ببيع أو هبة أو نحوهما فإنّّه لا يجوز إلّا بإذنه، وإن وقع توقّفت صحّته على إجازته فإن أجاز بطل الرهن، ولو أذن في بيعها على أن يجعل ثمنه مكانه في استيفاء الدين فلم يفعل بطل البيع إلّا أن يجيزه.
مسألة 1048: لا يجوز للمرتهن التصرّف في العين المرهونة بدون إذن مالكها - من الراهن أو غيره - فلو تصرّف فيها بركوب أو سكنى أو نحوهما ضمن العين لو تلفت أو تعيّبت تحت يده للتعدّي ولزمه أجرة المثل لما استوفاه من المنفعة، ولو كان ببيع ونحوه أو بإجارة ونحوها وقع فضوليّاً فإن أجازه المالك صحّ وإن لم يجز كان فاسداً.
مسألة 1049: لو باع المرتهن العين المرهونة قبل حلول الأجل بإذن مالكها لا يكون ثمنها كالأصل في استيفاء الدين منه، وكذلك لو باعها فأجازه المالك.
مسألة 1050: منافع الرهن كالسكنى والخدمة وكذا نماءاته المنفصلة كالنتاج والثمر والصوف والشعر والوبر والمتّصلة كالسِّمَن والزيادة في الطول والعرض كلّها لمالكه - سواء أكان هو الراهن أو غيره - دون المرتهن من غير فرق فيها بين ما كانت موجودة حال الارتهان وما وجدت بعده.
مسألة 1051: لو شرط المرتهن في عقد الرهن استيفاء منافع العين في مدّة الرهن مجّاناً فإن لم يرجع ذلك إلى الاشتراط في القرض أو في تأجيل أداء الدين صحّ، وكذلك ما لو شرط استيفاءها بالأجرة مدّة، وإذا صحّ الشرط لزم العمل به إلى نهاية المدّة وإن برئت ذمّة الراهن من الدين.
مسألة 1052: لو رهن الأصل والثمرة أو الثمرة منفردة صحّ، فلو كان الدين مؤجّلاً وأدركت الثمرة قبل حلول الأجل، فإن لم تكن في معرض الفساد إلى حينه فلا إشكال وإلّا كان حكمها حكم ما يتسرّع إليه الفساد قبل الأجل وقد تقدّم في المسألة (1036).
مسألة 1053: إذا حان زمان قضاء الدين وطالبه الدائن فلم يؤدّه جاز له بيع العين المرهونة واستيفاء دينه إذا كان وكيلاً عن مالكها في البيع واستيفاء دينه منه، وإلّا لزم استجازته فيهما، فإن لم يتمكّن من الوصول إليه استجاز الحاكم الشرعيّ على الأحوط لزوماً، وإذا امتنع من الإجازة رفع أمره إلى الحاكم ليلزمه بالوفاء أو البيع، فإن تعذّر على الحاكم إلزامه باعها عليه بنفسه أو بتوكيل الغير ولو كان هو المرتهن نفسه، ومع فقد الحاكم أو عدم قدرته على الإلزام بالبيع ولا على البيع عليه لعدم بسط اليد باعها المرتهن بنفسه مع الاستئذان من الحاكم على الأحوط لزوماً إن أمكن، وعلى كلّ حال لو باعها وزاد الثمن على الدين كان الزائد عنده أمانة شرعيّة يوصله إلى صاحبه.
مسألة 1054: لو وفى بيع بعض الرهن بالدين اقتصر عليه وبقي الباقي أمانة عنده، إلّا إذا لم يمكن التبعيض ولو من جهة عدم الراغب أو كان فيه ضرر على المالك فيباع الكلّ.
مسألة 1055: إذا كان الرهن من مستثنيات الدين كدار سكناه ودابّة ركوبه جاز للمرتهن بيعه واستيفاء طلبه منه كسائر الرهون.
مسألة 1056: لو شرط في عقد الرهن وكالة المرتهن أو غيره في البيع لم ينعزل ما دام حيّاً.
مسألة 1057: لو رهن ماله وأوصى إلى المرتهن أن يبيع العين المرهونة ويستوفي حقّه منها لزمت الوصيّة، وليس للوارث إلزامه بردّ العين واستيفاء دينه من مال آخر .
مسألة 1058: إذا لم يكن عند المرتهن بيّنة مقبولة لإثبات دينه وخاف أن يجحده الراهن لو اعترف بالرهن عند القاضي فيؤخذ منه بموجب اعترافه ويطالب بالبيّنة على حقّه جاز له بيع الرهن مع الاستئذان من الحاكم الشرعيّ على الأحوط لزوماً، وكذا لو مات الراهن وخاف المرتهن جحود الوارث.
مسألة 1059: المرتهن أحقّ بالعين المرهونة من باقي الغرماء إذا صار الراهن مُفْلِساً أو مات وعليه ديون الناس، ولو فضل من الدين شـيء شاركهم في الفاضل، ولو فضل من الرهن وله دين بغير رهن تساوى الغرماء فيه.
مسألة 1060: الرهن أمانة في يد المرتهن لا يضمنه لو تلف أو تعيّب من دون تَعدٍّ ولا تفريط، نعم لو كان في يده مضموناً لكونه مغصوباً أو عارية مضمونة مثلاً ثُمَّ ارتهن عنده لم يزل الضمان، إلّا إذا أذن له المالك في بقائه تحت يده فيرتفع الضمان عندئذٍ، وإذا انفكّ الدين بسبب الأداء أو الإبراء أو غير ذلك يبقى أمانة مالكيّة في يده على تفصيل تقدّم في كتاب الوديعة.
مسألة 1061: لا تبطل الرهانة بموت الراهن ولا بموت المرتهن فينتقل الرهن إلى ورثة الراهن مرهوناً على دين مورّثهم وينتقل إلى ورثة المرتهن حقّ الرهانة، فإن امتنع الراهن من استئمانهم كان له ذلك فإن اتّفقوا على أمين وإلّا سلّمه الحاكم الشرعيّ إلى من يرتضيه، وإن فقد الحاكم فعدول المؤمنين.
مسألة 1062: إذا كانت العين المرهونة بيد المرتهن وقد ظهرت له أمارات الموت وجب عليه الاستيثاق من عدم ضياع حقّ مالكها ولو بالوصيّة بها وتعيين المرهون والراهن والاستشهاد على ذلك، ولو لم يفعل كان مفرّطاً وعليه ضمانها.
مسألة 1063: لو كان عنده الرهن قبل موته ثُمَّ مات وعلم بعدم بقائه في تركته ولكن احتمل أنّه قد ردّه إلى مالكه أو أنّه باعه واستوفى ثمنه أو أنّه تلف عنده بتقصير منه أو بغيره لم يحكم بكونه في ذمّته بل يحكم بكون جميع تركته للورثة من دون حقّ لمالك الرهن فيها، وهكذا الحال فيما لو احتمل بقاءه في تركته ولم يعلم ذلك لا تفصيلاً ولا إجمالاً فإنّه لا يحكم ببقائه فيها مطلقاً.
مسألة 1064: لو اقترض من شخص ديناراً مثلاً برهن وديناراً آخر منه بلا رهن ثُمَّ دفع إليه ديناراً بنيّة الأداء والوفاء، فإن نوى كونه عن ذي الرهن سقط وانفكّ رهنه، وإن نوى كونه عن الآخر سقط ولم ينفكّ الرهن، وإن لم يقصد إلّا أداء دينار من الدينارين من دون تعيين كونه عن ذي الرهن أو غيره حسب ما دفعه أداءً لغير ذي الرهن ويبقى ذو الرهن بتمامه لا ينفكّ رهنه إلّا بأدائه.
مسألة 1065: تقدّم أنّ المرتهن أمين لا يضمن من دون تعدٍّ ولا تفريط ويضمن معه لمثله إن كان مثليّاً وإلّا فلقيمته يوم التلف، والقول قوله مع يمينه في قيمته وعدم التعدّي والتفريط وقول الراهن مع يمينه في قدر الدين، بشرط عدم مخالتفهما للظاهر كما مرّ في نظائره.
مسألة 1066: إذا اختلفا فادّعى المالك أنّ المال كان وديعة وادّعى القابض أنّه كان رهناً، فإن كان الدين ثابتاً فالقول قول القابض بيمينه وإلّا فالقول قول المالك.
كتاب الحجر ←
→ كتاب الدين والقرض » أحكام القرض
مسألة 1028: الرهن عقد مركّب من إيجاب من الراهن وقبول من المرتهن، ولا يعتبر فيهما اللفظ بل يتحقّقان بالفعل أيضاً، فلو دفع المديون مالاً للدائن بقصد الرهن وأخذه الدائن بهذا القصد كفى.
مسألة 1029: يعتبر في الراهن والمرتهن البلوغ والعقل والقصد والاختيار وعدم كون الراهن سفيهاً ولا محجوراً عليه لفَلَس إلّا إذا لم تكن العين المرهونة ملكاً له أو لم تكن من أمواله التي حجر عليها.
مسألة 1030: يجوز لوليّ الطفل والمجنون رهن مالهما والارتهان لهما مع المصلحة والغبطة.
مسألة 1031: لا يعتبر في صحّة الرهن القبض وإن كان هو الأحوط استحباباً، نعم مقتضى إطلاقه كون العين المرهونة بيد المرتهن إلّا أن يشترط كونها بيد ثالث أو بيد الراهن ما لم ينافِ التأمين المقوّم له.
مسألة 1032: يعتبر في المرهون أن يكون عيناً خارجيّة مملوكة يجوز بيعها وشراؤها، فلا يصحّ رهن الدين قبل قبضه ولا المنفعة ولا الحُرّ ولا الخمر والخنزير ولا الأرض الخراجيّة ولا الطير المملوك في الهواء إذا كان غير معتاد العود ولا الوقف ولو كان خاصّاً إلّا مع وجود أحد مسوّغات بيعه.
مسألة 1033: يعتبر في العين المرهونة جواز تصرّف الراهن فيها ولو بالرهن فقط، فإذا رهن مملوك الغير فصحّته موقوفة على إجازة المالك، ولو ضمّه إلى مملوكه فرهنهما لزم الرهن في ملكه وتوقف في الضميمة على إجازة مالكها.
مسألة 1034: لو كان له غرس أو بناءٌ في الأرض الخراجيّة صحّ رهن ما فيها مستقلّاً، وأمّا رهن أرضها ولو بعنوان التبعيّة فلا يصحّ.
مسألة 1035: لا يعتبر أن يكون الرهن ملكاً لمن عليه الدين، فيجوز لشخص أن يرهن ماله على دين شخص آخر تبرّعاً ولو من غير إذنه، بل ولو مع نهيه، وكذا يجوز للمديون أن يستعير شيئاً ليرهنه على دينه على ما تقدّم في كتاب العارية، ولو عيّن له المعير أن يرهنه على حقّ مخصوص من حيث القدر أو الحلول أو الأجل أو عند شخص معيّن لم يجز له مخالفته، ولو أذن له في الرهن مطلقاً جاز له الجميع وتخيّر .
مسألة 1036: لو كان الرهن على الدين المؤجّل وكان ممّا يسرع إليه الفساد قبل الأجل من دون أن يمكن دفعه عنه - كتجفيف الثمر - فإن شرط بيعه قبل أن يطرأ عليه الفساد وجعل ثمنه مكانه في استيفاء الدين صحّ الرهن ويبيعه الراهن أو يوكّل المرتهن في بيعه، وإن امتنع أجبره الحاكم الشرعيّ فإن تعذّر باعه الحاكم أو وكيله ومع فقده باعه المرتهن، فإذا بيع جعل ثمنه مكانه في استيفاء الدين، وأمّا لو شرط عدم البيع إلّا بعد الأجل بطل الرهن، وكذا لو أطلق ولم يشترط البيع ولا عدمه.
ولو رهن ما لا يتسارع إليه الفساد فعرض ما صيّره عرضة للفساد - كالحنطة تبتلّ- ولم يمكن دفع الفساد عنه انفسخ الرهن.
مسألة 1037: يعتبر في المرهون كونه معيّناً، فلا يصحّ رهن المبهم كأحد هذين، نعم يصحّ رهن الكلّيّ في المعيّن كصاع من صبرة وشاة من هذا القطيع، كما يصحّ رهن المجهول حتّى من حيث الجنس والنوع إذا كان معلوماً من حيث القيمة والماليّة بحدّ يتحقّق معه التأمين المقوّم للرهن.
مسألة 1038: يشترط فيما يرهن عليه أن يكون ديناً ثابتاً في الذمّة لتحقّق موجبه من اقتراض أو إسلاف مال أو شراء نسيئة أو استئجار عين بالذمّة وغير ذلك حالّاً كان الدين أو مؤجّلاً، فلا يصحّ الرهن على ما يقترض أو على ثمن ما يشتريه فيما بعد، فلو رهن شيئاً على ما يقترض ثُمَّ اقترض لم يصر بذلك رهناً، ولا على الدية قبل استقرارها بتحقّق الموت وإن علم أنّ الجناية تؤدّي إليه، ولا على مال الجعالة قبل تمام العمل.
مسألة 1039: كما يصحّ في الإجارة أن يأخذ المؤجر الرهن على الأجرة التي في ذمّة المستأجر، كذلك يصحّ أن يأخذ المستأجر الرهن على العمل الثابت في ذمّة الأجير .
مسألة 1040: يصحّ الرهن على الأعيان المضمونة كالمغصوبة والعارية المضمونة ونحوهما، وأمّا عهدة الثمن أو المبيع أو الأجرة أو عوض الصلح وغيرها لو خرجت مستحقّة للغير ففي صحّة الرهن عليها إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
مسألة 1041: لو اشترى شيئاً بثمن في الذمّة جاز جعل المبيع رهناً على الثمن.
مسألة 1042: لو رهن على دينه رهناً ثُمَّ استدان مالاً آخر من المرتهن جاز جعل ذلك الرهن رهناً على الثاني أيضاً، فيصير رهناً عليهما معاً، سواء كان الثاني مساوياً للأوّل في الجنس والقدر أو مخالفاً، وكذا له أن يجعله على دين ثالث ورابع إلى ما شاء، وكذا إذا رهن شيئاً على دين جاز أن يرهن شيئاً آخر على ذلك الدين وكانا جميعاً رهناً عليه.
مسألة 1043: لو رهن شيئاً عند زيد ثُمَّ رهنه عند آخر أيضاً باتّفاق من المرتهنين كان رهناً على الحقّين، إلّا إذا قصدا بذلك فسخ الرهن الأوّل وكونه رهناً على خصوص الدين الثاني.
مسألة 1044: لو استدان اثنان من واحد كلّ منهما ديناً ثُمَّ رهنا عنده مالاً مشتركاً بينهما ولو بعقد واحد ثُمَّ قضى أحدهما دينه انفكّت حصّته عن الرهانة وصارت طلقاً، ولو كان الراهن واحداً والمرتهن متعدّداً - بأن كان عليه دين لاثنين فرهن شيئاً عندهما بعقد واحد - فكلّ منهما مرتهن للنصف مع تساوي الدين، ومع التفاوت يكون بالتقسيط والتوزيع بنسبة حقّهما، فإن قضى دين أحدهما انفكّ عن الرهانة ما يقابل حقّه.
هذا كلّه في التعدّد ابتداءً، وأمّا التعدّد الطارئ فهو ممّا لا عبرة به، فلو مات الراهن عن ولدين لم ينفكّ نصيب أحدهما بأداء حصّته من الدين، كما أنّه لو مات المرتهن عن ولدين فأعطي أحدهما نصيبه من الدين لم ينفكّ بمقداره من الرهن.
مسألة 1045: توابع العين المرهونة كالحمل والصوف والشعر والوبر واللبن في الحيوان، والثمرة والأوراق والأغصان اليابسة في الشجر لا تكون رهناً بتبع الأصل إلّا إذا اشترط ذلك صريحاً أو كانت قرينة عليه من تعارف أو غيره، بلا فرق في ذلك بين الموجود منها حين العقد والمتجدّد منها بعده.
مسألة 1046: الرهن لازم من جهة الراهن جائز من طرف المرتهن، فليس للراهن انتزاعه بدون رضاه إلّا أن يسقط حقّه من الارتهان أو ينفكّ الرهن بفراغ ذمّة الراهن من الدين بالأداء أو غير ذلك، ولو برئت ذمّته من بعض الدين بقي الجميع رهناً على ما بقي، إلّا إذا اشترطا التوزيع فينفكّ منه على مقدار ما برأ منه ويبقى رهناً على مقدار ما بقي، أو شرطا كونه رهناً على المجموع من حيث المجموع فينفكّ الجميع بالبراءة عن بعض الدين.
مسألة 1047: يجوز لمالك العين المرهونة سواء أكان هو الراهن أم غيره أن يتصرّف فيها بما لا ينافي حقّ الرهانة، بأن لا يكون متلفاً لها أو موجباً للنقص في ماليّتها أو مخرجاً لها عن ملكه، فيجوز له الانتفاع من الدابّة بركوبها ومن الكتاب بمطالعته ومن الدار بسكناها، بل يجوز له أن يُسْكِن غيره فيها ونحو ذلك، وأمّا التصرّف المتلف أو المنقص لماليّتها كاستعمال ما تنقص قيمته بالاستعمال أو إيجار الدار على نحو تكون مسلوبة المنفعة على تقدير الحاجة إلى بيعها لاستيفاء الدين من ثمنها فغير جائز إلّا بإذن المرتهن، وكذلك التصرّف الناقل فيها ببيع أو هبة أو نحوهما فإنّّه لا يجوز إلّا بإذنه، وإن وقع توقّفت صحّته على إجازته فإن أجاز بطل الرهن، ولو أذن في بيعها على أن يجعل ثمنه مكانه في استيفاء الدين فلم يفعل بطل البيع إلّا أن يجيزه.
مسألة 1048: لا يجوز للمرتهن التصرّف في العين المرهونة بدون إذن مالكها - من الراهن أو غيره - فلو تصرّف فيها بركوب أو سكنى أو نحوهما ضمن العين لو تلفت أو تعيّبت تحت يده للتعدّي ولزمه أجرة المثل لما استوفاه من المنفعة، ولو كان ببيع ونحوه أو بإجارة ونحوها وقع فضوليّاً فإن أجازه المالك صحّ وإن لم يجز كان فاسداً.
مسألة 1049: لو باع المرتهن العين المرهونة قبل حلول الأجل بإذن مالكها لا يكون ثمنها كالأصل في استيفاء الدين منه، وكذلك لو باعها فأجازه المالك.
مسألة 1050: منافع الرهن كالسكنى والخدمة وكذا نماءاته المنفصلة كالنتاج والثمر والصوف والشعر والوبر والمتّصلة كالسِّمَن والزيادة في الطول والعرض كلّها لمالكه - سواء أكان هو الراهن أو غيره - دون المرتهن من غير فرق فيها بين ما كانت موجودة حال الارتهان وما وجدت بعده.
مسألة 1051: لو شرط المرتهن في عقد الرهن استيفاء منافع العين في مدّة الرهن مجّاناً فإن لم يرجع ذلك إلى الاشتراط في القرض أو في تأجيل أداء الدين صحّ، وكذلك ما لو شرط استيفاءها بالأجرة مدّة، وإذا صحّ الشرط لزم العمل به إلى نهاية المدّة وإن برئت ذمّة الراهن من الدين.
مسألة 1052: لو رهن الأصل والثمرة أو الثمرة منفردة صحّ، فلو كان الدين مؤجّلاً وأدركت الثمرة قبل حلول الأجل، فإن لم تكن في معرض الفساد إلى حينه فلا إشكال وإلّا كان حكمها حكم ما يتسرّع إليه الفساد قبل الأجل وقد تقدّم في المسألة (1036).
مسألة 1053: إذا حان زمان قضاء الدين وطالبه الدائن فلم يؤدّه جاز له بيع العين المرهونة واستيفاء دينه إذا كان وكيلاً عن مالكها في البيع واستيفاء دينه منه، وإلّا لزم استجازته فيهما، فإن لم يتمكّن من الوصول إليه استجاز الحاكم الشرعيّ على الأحوط لزوماً، وإذا امتنع من الإجازة رفع أمره إلى الحاكم ليلزمه بالوفاء أو البيع، فإن تعذّر على الحاكم إلزامه باعها عليه بنفسه أو بتوكيل الغير ولو كان هو المرتهن نفسه، ومع فقد الحاكم أو عدم قدرته على الإلزام بالبيع ولا على البيع عليه لعدم بسط اليد باعها المرتهن بنفسه مع الاستئذان من الحاكم على الأحوط لزوماً إن أمكن، وعلى كلّ حال لو باعها وزاد الثمن على الدين كان الزائد عنده أمانة شرعيّة يوصله إلى صاحبه.
مسألة 1054: لو وفى بيع بعض الرهن بالدين اقتصر عليه وبقي الباقي أمانة عنده، إلّا إذا لم يمكن التبعيض ولو من جهة عدم الراغب أو كان فيه ضرر على المالك فيباع الكلّ.
مسألة 1055: إذا كان الرهن من مستثنيات الدين كدار سكناه ودابّة ركوبه جاز للمرتهن بيعه واستيفاء طلبه منه كسائر الرهون.
مسألة 1056: لو شرط في عقد الرهن وكالة المرتهن أو غيره في البيع لم ينعزل ما دام حيّاً.
مسألة 1057: لو رهن ماله وأوصى إلى المرتهن أن يبيع العين المرهونة ويستوفي حقّه منها لزمت الوصيّة، وليس للوارث إلزامه بردّ العين واستيفاء دينه من مال آخر .
مسألة 1058: إذا لم يكن عند المرتهن بيّنة مقبولة لإثبات دينه وخاف أن يجحده الراهن لو اعترف بالرهن عند القاضي فيؤخذ منه بموجب اعترافه ويطالب بالبيّنة على حقّه جاز له بيع الرهن مع الاستئذان من الحاكم الشرعيّ على الأحوط لزوماً، وكذا لو مات الراهن وخاف المرتهن جحود الوارث.
مسألة 1059: المرتهن أحقّ بالعين المرهونة من باقي الغرماء إذا صار الراهن مُفْلِساً أو مات وعليه ديون الناس، ولو فضل من الدين شـيء شاركهم في الفاضل، ولو فضل من الرهن وله دين بغير رهن تساوى الغرماء فيه.
مسألة 1060: الرهن أمانة في يد المرتهن لا يضمنه لو تلف أو تعيّب من دون تَعدٍّ ولا تفريط، نعم لو كان في يده مضموناً لكونه مغصوباً أو عارية مضمونة مثلاً ثُمَّ ارتهن عنده لم يزل الضمان، إلّا إذا أذن له المالك في بقائه تحت يده فيرتفع الضمان عندئذٍ، وإذا انفكّ الدين بسبب الأداء أو الإبراء أو غير ذلك يبقى أمانة مالكيّة في يده على تفصيل تقدّم في كتاب الوديعة.
مسألة 1061: لا تبطل الرهانة بموت الراهن ولا بموت المرتهن فينتقل الرهن إلى ورثة الراهن مرهوناً على دين مورّثهم وينتقل إلى ورثة المرتهن حقّ الرهانة، فإن امتنع الراهن من استئمانهم كان له ذلك فإن اتّفقوا على أمين وإلّا سلّمه الحاكم الشرعيّ إلى من يرتضيه، وإن فقد الحاكم فعدول المؤمنين.
مسألة 1062: إذا كانت العين المرهونة بيد المرتهن وقد ظهرت له أمارات الموت وجب عليه الاستيثاق من عدم ضياع حقّ مالكها ولو بالوصيّة بها وتعيين المرهون والراهن والاستشهاد على ذلك، ولو لم يفعل كان مفرّطاً وعليه ضمانها.
مسألة 1063: لو كان عنده الرهن قبل موته ثُمَّ مات وعلم بعدم بقائه في تركته ولكن احتمل أنّه قد ردّه إلى مالكه أو أنّه باعه واستوفى ثمنه أو أنّه تلف عنده بتقصير منه أو بغيره لم يحكم بكونه في ذمّته بل يحكم بكون جميع تركته للورثة من دون حقّ لمالك الرهن فيها، وهكذا الحال فيما لو احتمل بقاءه في تركته ولم يعلم ذلك لا تفصيلاً ولا إجمالاً فإنّه لا يحكم ببقائه فيها مطلقاً.
مسألة 1064: لو اقترض من شخص ديناراً مثلاً برهن وديناراً آخر منه بلا رهن ثُمَّ دفع إليه ديناراً بنيّة الأداء والوفاء، فإن نوى كونه عن ذي الرهن سقط وانفكّ رهنه، وإن نوى كونه عن الآخر سقط ولم ينفكّ الرهن، وإن لم يقصد إلّا أداء دينار من الدينارين من دون تعيين كونه عن ذي الرهن أو غيره حسب ما دفعه أداءً لغير ذي الرهن ويبقى ذو الرهن بتمامه لا ينفكّ رهنه إلّا بأدائه.
مسألة 1065: تقدّم أنّ المرتهن أمين لا يضمن من دون تعدٍّ ولا تفريط ويضمن معه لمثله إن كان مثليّاً وإلّا فلقيمته يوم التلف، والقول قوله مع يمينه في قيمته وعدم التعدّي والتفريط وقول الراهن مع يمينه في قدر الدين، بشرط عدم مخالتفهما للظاهر كما مرّ في نظائره.
مسألة 1066: إذا اختلفا فادّعى المالك أنّ المال كان وديعة وادّعى القابض أنّه كان رهناً، فإن كان الدين ثابتاً فالقول قول القابض بيمينه وإلّا فالقول قول المالك.