الكتب الفتوائية » منهاج الصالحين ـ الجزء الثاني (الطبعة المصححة 1445 هـ.)
البحث في:
كتاب التجارة » الفصل الرابع الخيارات
←
→ كتاب التجارة » ولاية التصرّف في أموال الصغار وشؤونهم
كتاب التجارة » الفصل الثالث شروط العوضين
يُشترط في المبيع أن يكون عيناً، سواء أكان موجوداً في الخارج أم في الذمّة، وسواء أكانت الذمّة ذمّة البائع أم غيره - كما إذا كان له مال في ذمّة غيره فباعه لشخص ثالث - فلا يجوز بيع المنفعة كمنفعة الدار، ولا بيع العمل كخياطة الثوب، ولا بيع الحقّ - كحقّ التحجير - على الأحوط لزوماً، وأمّا الثمن فيجوز أن يكون عيناً أو منفعة أو عملاً أو حقّاً كما سيأتي.
مسألة 90: المشهور اشتراط أن يكون المبيع والثمن مالاً يتنافس فيه العقلاء، فكلّ ما لا يكون مالاً - كبعض الحشرات - لا يجوز بيعه، ولا جعله ثمناً ولكن هذا لا يخلو عن إشكال ولا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
مسألة 91: إذا كان الحقّ قابلاً للنقل والانتقال كحقّ التحجير جاز جعله ثمناً، كما يجوز جعل متعلّقه بما هو كذلك ثمناً، ويجوز جعل شـيء بإزاء رفع اليد عن الحقّ، حتّى فيما إذا لم يكن قابلاً للنقل والانتقال وكان قابلاً للإسقاط، كما يجوز جعل الإسقاط ثمناً بأن يملك البائع عليه فعل الإسقاط، فيجب عليه الإسقاط بعد البيع.
مسألة 92: يشترط في كلٍّ من العوضين أن يكون معلوماً مقداره المتعارف تقديره به عند البيع من كيل أو وزن أو عَدٍّ أو مساحة، فلا تكفي المشاهدة في مثله، ولا تقديره بغير المتعارف فيه عند البيع كبيع المكيل بالوزن أو بالعكس، وكبيع المعدود بالوزن أو بالكيل أو بالعكس، نعم لا بأس بجعل الكيل وسيلة لاستعلام الوزن أو العدد ونحو ذلك، كأن يجعل كيل يحوي كيلو غراماً من السكّر مثلاً فيباع السكّر به، وإذا كان الشــيء ممّــا يبــاع في حــالٍ بالمشاهــدة وفي حــال أُخــرى بالــوزن أو الكيــل - كالثمر يباع على الشجر بالمشاهدة وفي المخازن بالوزن، والحطب محمولاً على الدابّة بالمشاهدة وفي المخازن بالوزن واللبن المخيض يباع في السقاء بالمشاهدة وفي المخازن بالكيل - فصحّة بيعه مقدّراً أو مشاهداً تابعة للمتعارف.
مسألة 93: يكفي في معرفة التقدير إخبار البائع بالقدر كيلاً أو وزناً أو عَدّاً، ولا فرق بين عدالة البائع وفسقه، والأحوط وجوباً اعتبار حصول اطمئنان المشتري بإخباره، ولو تبيّن الخلاف بالنقيصة كان المشتري بالخيار في الفسخ والإمضاء، فإن فسخ يردّ تمام الثمن، وإن أمضاه ينقص من الثمن بحسابه، وإن تبيّن الزيادة كانت الزيادة للبائع، وكان المشتري بالخيار بين الفسخ والإمضاء بتمام الثمن.
هذا إذا كان المبيع شخصيّاً وأمّا إذا كان كلّيّاً في الذمّة فظهر النقص أو الزيادة فيما تسلّمه وجب إتمام ما نقص وإرجاع ما زاد.
مسألة 94: لا بُدَّ في مثل القماش والأرض ونحوهما - ممّا يكون لتقديره بالمساحة دور في زيادة القيمة ونقصانها - معرفة مقداره، ولا يكتفى في بيعه بالمشاهدة إلّا إذا تعارف بيعه بها، كما في بيع بعض الدور والفرش ونحوهما.
مسألة 95: إذا اختلفت البلدان في تقدير شـيء - بأن كان موزوناً في بلد ومعدوداً في آخر ومكيلاً في ثالث - كان المدار في التقدير على بلد المعاملة.
مسألة 96: قد يؤخذ الوزن شرطاً في المكيل أو المعدود، أو الكيل شرطاً في الموزون، مثل أن يبيعه عشرة أمنان من الدِّبس بشرط أن يكون كيلها صاعاً، فيتبيّن أنّ كيلها أكثر من ذلك لرقّة الدِّبس، أو يبيعه عشرة أذرع من قماش بشرط أن يكون وزنها ألف مثقال، فيتبيّن أنّ وزنها تسعمائة لعدم إحكام النسج، أو يبيعه عشرة أذرع من الكتّان بشرط أن يكون وزنه مائة مثقال، فيتبيّن أنّ وزنه مائتا مثقال لغلظة خيوطه، ونحو ذلك ممّا كان التقدير فيه ملحوظاً صفة كمال للمبيع لا مقوّماً له، والحكم أنّه مع التخلّف بالزيادة أو النقيصة يكون الخيار للمشتري لتخلّف الوصف، فإن أمضى العقد كان عليه تمام الثمن، والزيادة إن كانت فهي له.
مسألة 97: يُشترط معرفة جنس العوضين وصفاتهما التي تختلف القيمة باختلافها بمقدار معتدّ به، كالألوان والطعوم والجودة والرداءة والرقّة والغلظة والثقل والخفّة ونحو ذلك ممّا يوجب اختلاف القيمة، أمّا ما لا يوجب اختلاف القيمة منها فلا تجب معرفته، وإن كان مرغوباً عند قوم وغير مرغوب عند آخرين، والمعرفة إمّا بالمشاهدة أو بتوصيف البائع أو بالرؤية السابقة.
مسألة 98: يُشترط أن يكون كلّ واحد من العوضين ملكاً - مثل أكثر البيوع الواقعة بين الناس - أو ما هو بمنزلته كبيع الكلّيّ في الذمّة، فلا يجوز بيع ما ليس كذلك، مثل بيع السمك في الماء والطير في الهواء وشجر البيداء قبل أن يُصطاد أو يُحاز، ولا فرق في ما يكون ملكاً بين أن يكون ملكاً لشخص أو لجهةٍ، فيصحّ بيع وليّ الزكاة بعض أعيان الزكاة وشراؤه العلف لها.
مسألة 99: يشترط أن يكون كلّ من العوضين طلقاً، بأن لا يتعلّق به لأحد حقّ يقتضي بقاء متعلّقه في ملكيّة مالكه، والضابط فوت الحقّ بانتقاله إلى غيره، ومن هذا القبيل حقّ الرهانة، فلا يجوز بيع العين المرهونة إلّا إذا أذن المرتهن أو أجاز أو فكّ الرهن، فإنّه يصحّ بيعها حينئذٍ.
مسألة 100: لا يجوز بيع الوقف إلّا في موارد:
منها: أن يخرب بحيث لا يمكن الانتفاع به في جهة الوقف مع بقاء عينه، كالحيوان المذبوح والجذع البالي والحصير المخرّق.
ومنها: أن يخرب على نحو يسقط عن الانتفاع المعتدّ به، مع كونه ذا منفعة يسيرة ملحقة بالمعدوم عرفاً.
ومنها: ما إذا اشترط الواقف بيعه عند حدوث أمر، من قلّة المنفعة أو كثرة الخراج أو كون بيعه أنفع أو وقوع خلاف بين الموقوف عليهم أو احتياجهم إلى عوضه أو نحو ذلك.
ومنها: ما إذا طرأ ما يستوجب أن يؤدّي بقاؤه إلى الخراب المسقط له عن المنفعة المعتدّ بها عرفاً، واللازم حينئذٍ تأخير البيع إلى آخر أزمنة إمكان البقاء.
مسألة 101: إذا وقع الاختلاف الشديد بين الموقوف عليهم بحيث لا يؤمَن من تلف النفوس والأموال ففي صحّة بيع الوقف حينئذٍ إشكال، فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
مسألة 102: ما تقدّم من جواز بيع الوقف في الصور المذكورة لا يجري في عرصة المسجد، فإنّه لا يجوز بيعها على كلّ حال.
نعم يجري في مثل الخانات الموقوفة للمسافرين وكتب العلم والمدارس والرباطات الموقوفة على الجهات الخاصّة.
مسألة 103: إذا جاز بيع الوقف فإن كان له متولٍّ خاصّ قد عهد إليه الواقف بجميع شؤونه فله بيعه من دون حاجة إلى إجازة غيره، وإلّا فيتعيّن - مطلقاً على الأحوط لزوماً - مراجعة الحاكم الشرعيّ والاستئذان منه في البيع.
وإذا بيع الوقف لطروّ الخراب عليه أو ترقّب طروّه فالأحوط لزوماً أن يشترى بثمنه ملك ويوقف على نهج وقف الأوّل - بل الأحوط وجوباً أن يكون الوقف الجديد معنوناً بعنوان الوقف الأوّل مع الإمكان وإلّا فبما هو أقرب إليه فالأقرب - نعم لو خرب بعض الوقف جاز بيع ذلك البعض وصرف ثمنه في مصلحة المقدار العامر إن أمكن وإلّا ففي وقف آخر إذا كان موقوفاً على نهج وقف الخراب، وإذا خرب الوقف ولم يمكن الانتفاع به في الجهة الموقوف عليها وأمكن بيع بعضه وتعمير الباقي بثمنه فالأحوط لزوماً الاقتصار على بيع بعضه فيعمّر الباقي بثمنه.
مسألة 104: لا يجوز بيع رقبة الأرض الخراجيّة، وهي الأرض المفتوحة عنوة العامرة - لا بالأصالة - حين الفتح الإسلاميّ، فإنّها ملك للمسلمين من وجد ومن يوجد، ولا فرق بين أن تكون فيها آثار مملوكة للبائع من بناء أو شجر أو غيرهما أو لا، ولا يجوز التصرّف فيها إلّا بإذن الحاكم الشرعيّ، ولو ماتت بقيت على ملك المسلمين ولم يمكن تملّكها بالإحياء، وأمّا الأرض العامرة بالأصالة حين الفتح فهي ملك للإمام (عليه السلام)، وإذا حازها أحد كان أولى بها من غيره ما لم يمنع عنه مانع شرعيّ، وإذا كان مؤمناً لم يجب عليه دفع عوض إزاء ذلك.
وكذا الأرض الميتة في زمان الفتح فإنّها ملك للإمام (عليه السلام)، وإذا أحياها أحد كان أحقّ بها من غيره - لولا طروّ عنوان ثانويّ يقتضي خلافه - مسلماً كان المحيي أو كافراً، وليس عليه دفع الخراج وأجرة الأرض إذا كان مؤمناً، وإذا تركها لمنع ظالم ونحوه حتّى ماتت فهو على أحقّيّته بها، ولكنّه إذا ترك زرعها وأهملها ولم ينتفع بها بوجهٍ جاز لغيره زرعها فيكون أحقّ بها منه، وإن كان الأحوط استحباباً عدم زرعها بلا إذن من الأوّل إذا عرفه أو تمكّن من معرفته، إلّا إذا علم أنّه قد أعرض عنها.
مسألة 105: في تعيين أرض الخراج إشكال، وقد ذكر العلماء (رضوان الله تعالى عليهم) والمؤرّخون مواضع كثيرة منها، وإذا شكّ في أرض أنّها كانت ميتة أو عامرة - حين الفتح - تحمل على أنّها كانت ميتة، فيجوز إحياؤها وحيازتها إن كانت حيّة، كما يجوز بيعها من حيث كونها متعلّقة لحقّه وكذا نحوه من التصرّفات.
مسألة 106: يُشترط في كلٍّ من العوضين أن يكون مقدوراً على تسليمه فلا يصحّ بيع الجمل الشارد أو الخاتم الواقع في البحر مثلاً، ولا فرق بين العلم بالحال والجهل بها، نعم لو كان من انتقل إليه قادراً على أخذه وإن لم يكن من انتقل عنه قادراً على تسليمه صحّت المعاملة، كما لو باع العين المغصوبة وكان المشتري قادراً على أخذها من الغاصب فإنّه يصحّ البيع، كما يصحّ بيعها على الغاصب أيضاً وإن كان البائع لا يقدر على أخذها منه ثُمَّ دفعها إليه، وإذا كان المبيع ممّا لا يستحــقّ المشتــري أخذه - كما لو باع من ينعتق على المشتري - صحّ وإن لم يقدر على تسليمه.
مسألة 107: لو قطع بالقدرة على التسليم فباع فانكشف الخلاف بطل، ولو قطع بالعجز عنه فانكشف الخلاف صحّ.
مسألة 108: لو انتفت القدرة على التسليم في زمان استحقاقه لكن علم بحصولها بعده، فإن كانت المدّة يسيرة صحّ، وأمّا إذا كانت طويلة لا يتسامح بها، فإن كانت مضبوطة كسنة أو أكثر صحّ مع علم المشتري بها، وكذا مع جهله بها ولكن يثبت الخيار للمشتري، وهكذا الحال فيما لو كانت المدّة غير مضبوطة، كما لو باعه دابّة غائبة يعلم بحضورها لكن لا يعلم زمانه.
مسألة 109: إذا كان العاقد هو المالك فالاعتبار بقدرته، وإن كان وكيلاً في إجراء الصيغة فقط فالاعتبار بقدرة المالك، وإن كان وكيلاً في المعاملة كعامل المضاربة، فالاعتبار بقدرته أو قدرة المالك فيكفي قدرة أحدهما على التسليم في صحّة المعاملة، فإذا لم يقدرا بطل البيع.
مسألة 110: يجوز بيع غير المقدور تسليمه مع الضميمة، إذا كانت ذات قيمة معتدّ بها.
كتاب التجارة » الفصل الرابع الخيارات
←
→ كتاب التجارة » ولاية التصرّف في أموال الصغار وشؤونهم
مسألة 90: المشهور اشتراط أن يكون المبيع والثمن مالاً يتنافس فيه العقلاء، فكلّ ما لا يكون مالاً - كبعض الحشرات - لا يجوز بيعه، ولا جعله ثمناً ولكن هذا لا يخلو عن إشكال ولا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
مسألة 91: إذا كان الحقّ قابلاً للنقل والانتقال كحقّ التحجير جاز جعله ثمناً، كما يجوز جعل متعلّقه بما هو كذلك ثمناً، ويجوز جعل شـيء بإزاء رفع اليد عن الحقّ، حتّى فيما إذا لم يكن قابلاً للنقل والانتقال وكان قابلاً للإسقاط، كما يجوز جعل الإسقاط ثمناً بأن يملك البائع عليه فعل الإسقاط، فيجب عليه الإسقاط بعد البيع.
مسألة 92: يشترط في كلٍّ من العوضين أن يكون معلوماً مقداره المتعارف تقديره به عند البيع من كيل أو وزن أو عَدٍّ أو مساحة، فلا تكفي المشاهدة في مثله، ولا تقديره بغير المتعارف فيه عند البيع كبيع المكيل بالوزن أو بالعكس، وكبيع المعدود بالوزن أو بالكيل أو بالعكس، نعم لا بأس بجعل الكيل وسيلة لاستعلام الوزن أو العدد ونحو ذلك، كأن يجعل كيل يحوي كيلو غراماً من السكّر مثلاً فيباع السكّر به، وإذا كان الشــيء ممّــا يبــاع في حــالٍ بالمشاهــدة وفي حــال أُخــرى بالــوزن أو الكيــل - كالثمر يباع على الشجر بالمشاهدة وفي المخازن بالوزن، والحطب محمولاً على الدابّة بالمشاهدة وفي المخازن بالوزن واللبن المخيض يباع في السقاء بالمشاهدة وفي المخازن بالكيل - فصحّة بيعه مقدّراً أو مشاهداً تابعة للمتعارف.
مسألة 93: يكفي في معرفة التقدير إخبار البائع بالقدر كيلاً أو وزناً أو عَدّاً، ولا فرق بين عدالة البائع وفسقه، والأحوط وجوباً اعتبار حصول اطمئنان المشتري بإخباره، ولو تبيّن الخلاف بالنقيصة كان المشتري بالخيار في الفسخ والإمضاء، فإن فسخ يردّ تمام الثمن، وإن أمضاه ينقص من الثمن بحسابه، وإن تبيّن الزيادة كانت الزيادة للبائع، وكان المشتري بالخيار بين الفسخ والإمضاء بتمام الثمن.
هذا إذا كان المبيع شخصيّاً وأمّا إذا كان كلّيّاً في الذمّة فظهر النقص أو الزيادة فيما تسلّمه وجب إتمام ما نقص وإرجاع ما زاد.
مسألة 94: لا بُدَّ في مثل القماش والأرض ونحوهما - ممّا يكون لتقديره بالمساحة دور في زيادة القيمة ونقصانها - معرفة مقداره، ولا يكتفى في بيعه بالمشاهدة إلّا إذا تعارف بيعه بها، كما في بيع بعض الدور والفرش ونحوهما.
مسألة 95: إذا اختلفت البلدان في تقدير شـيء - بأن كان موزوناً في بلد ومعدوداً في آخر ومكيلاً في ثالث - كان المدار في التقدير على بلد المعاملة.
مسألة 96: قد يؤخذ الوزن شرطاً في المكيل أو المعدود، أو الكيل شرطاً في الموزون، مثل أن يبيعه عشرة أمنان من الدِّبس بشرط أن يكون كيلها صاعاً، فيتبيّن أنّ كيلها أكثر من ذلك لرقّة الدِّبس، أو يبيعه عشرة أذرع من قماش بشرط أن يكون وزنها ألف مثقال، فيتبيّن أنّ وزنها تسعمائة لعدم إحكام النسج، أو يبيعه عشرة أذرع من الكتّان بشرط أن يكون وزنه مائة مثقال، فيتبيّن أنّ وزنه مائتا مثقال لغلظة خيوطه، ونحو ذلك ممّا كان التقدير فيه ملحوظاً صفة كمال للمبيع لا مقوّماً له، والحكم أنّه مع التخلّف بالزيادة أو النقيصة يكون الخيار للمشتري لتخلّف الوصف، فإن أمضى العقد كان عليه تمام الثمن، والزيادة إن كانت فهي له.
مسألة 97: يُشترط معرفة جنس العوضين وصفاتهما التي تختلف القيمة باختلافها بمقدار معتدّ به، كالألوان والطعوم والجودة والرداءة والرقّة والغلظة والثقل والخفّة ونحو ذلك ممّا يوجب اختلاف القيمة، أمّا ما لا يوجب اختلاف القيمة منها فلا تجب معرفته، وإن كان مرغوباً عند قوم وغير مرغوب عند آخرين، والمعرفة إمّا بالمشاهدة أو بتوصيف البائع أو بالرؤية السابقة.
مسألة 98: يُشترط أن يكون كلّ واحد من العوضين ملكاً - مثل أكثر البيوع الواقعة بين الناس - أو ما هو بمنزلته كبيع الكلّيّ في الذمّة، فلا يجوز بيع ما ليس كذلك، مثل بيع السمك في الماء والطير في الهواء وشجر البيداء قبل أن يُصطاد أو يُحاز، ولا فرق في ما يكون ملكاً بين أن يكون ملكاً لشخص أو لجهةٍ، فيصحّ بيع وليّ الزكاة بعض أعيان الزكاة وشراؤه العلف لها.
مسألة 99: يشترط أن يكون كلّ من العوضين طلقاً، بأن لا يتعلّق به لأحد حقّ يقتضي بقاء متعلّقه في ملكيّة مالكه، والضابط فوت الحقّ بانتقاله إلى غيره، ومن هذا القبيل حقّ الرهانة، فلا يجوز بيع العين المرهونة إلّا إذا أذن المرتهن أو أجاز أو فكّ الرهن، فإنّه يصحّ بيعها حينئذٍ.
مسألة 100: لا يجوز بيع الوقف إلّا في موارد:
منها: أن يخرب بحيث لا يمكن الانتفاع به في جهة الوقف مع بقاء عينه، كالحيوان المذبوح والجذع البالي والحصير المخرّق.
ومنها: أن يخرب على نحو يسقط عن الانتفاع المعتدّ به، مع كونه ذا منفعة يسيرة ملحقة بالمعدوم عرفاً.
ومنها: ما إذا اشترط الواقف بيعه عند حدوث أمر، من قلّة المنفعة أو كثرة الخراج أو كون بيعه أنفع أو وقوع خلاف بين الموقوف عليهم أو احتياجهم إلى عوضه أو نحو ذلك.
ومنها: ما إذا طرأ ما يستوجب أن يؤدّي بقاؤه إلى الخراب المسقط له عن المنفعة المعتدّ بها عرفاً، واللازم حينئذٍ تأخير البيع إلى آخر أزمنة إمكان البقاء.
مسألة 101: إذا وقع الاختلاف الشديد بين الموقوف عليهم بحيث لا يؤمَن من تلف النفوس والأموال ففي صحّة بيع الوقف حينئذٍ إشكال، فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
مسألة 102: ما تقدّم من جواز بيع الوقف في الصور المذكورة لا يجري في عرصة المسجد، فإنّه لا يجوز بيعها على كلّ حال.
نعم يجري في مثل الخانات الموقوفة للمسافرين وكتب العلم والمدارس والرباطات الموقوفة على الجهات الخاصّة.
مسألة 103: إذا جاز بيع الوقف فإن كان له متولٍّ خاصّ قد عهد إليه الواقف بجميع شؤونه فله بيعه من دون حاجة إلى إجازة غيره، وإلّا فيتعيّن - مطلقاً على الأحوط لزوماً - مراجعة الحاكم الشرعيّ والاستئذان منه في البيع.
وإذا بيع الوقف لطروّ الخراب عليه أو ترقّب طروّه فالأحوط لزوماً أن يشترى بثمنه ملك ويوقف على نهج وقف الأوّل - بل الأحوط وجوباً أن يكون الوقف الجديد معنوناً بعنوان الوقف الأوّل مع الإمكان وإلّا فبما هو أقرب إليه فالأقرب - نعم لو خرب بعض الوقف جاز بيع ذلك البعض وصرف ثمنه في مصلحة المقدار العامر إن أمكن وإلّا ففي وقف آخر إذا كان موقوفاً على نهج وقف الخراب، وإذا خرب الوقف ولم يمكن الانتفاع به في الجهة الموقوف عليها وأمكن بيع بعضه وتعمير الباقي بثمنه فالأحوط لزوماً الاقتصار على بيع بعضه فيعمّر الباقي بثمنه.
مسألة 104: لا يجوز بيع رقبة الأرض الخراجيّة، وهي الأرض المفتوحة عنوة العامرة - لا بالأصالة - حين الفتح الإسلاميّ، فإنّها ملك للمسلمين من وجد ومن يوجد، ولا فرق بين أن تكون فيها آثار مملوكة للبائع من بناء أو شجر أو غيرهما أو لا، ولا يجوز التصرّف فيها إلّا بإذن الحاكم الشرعيّ، ولو ماتت بقيت على ملك المسلمين ولم يمكن تملّكها بالإحياء، وأمّا الأرض العامرة بالأصالة حين الفتح فهي ملك للإمام (عليه السلام)، وإذا حازها أحد كان أولى بها من غيره ما لم يمنع عنه مانع شرعيّ، وإذا كان مؤمناً لم يجب عليه دفع عوض إزاء ذلك.
وكذا الأرض الميتة في زمان الفتح فإنّها ملك للإمام (عليه السلام)، وإذا أحياها أحد كان أحقّ بها من غيره - لولا طروّ عنوان ثانويّ يقتضي خلافه - مسلماً كان المحيي أو كافراً، وليس عليه دفع الخراج وأجرة الأرض إذا كان مؤمناً، وإذا تركها لمنع ظالم ونحوه حتّى ماتت فهو على أحقّيّته بها، ولكنّه إذا ترك زرعها وأهملها ولم ينتفع بها بوجهٍ جاز لغيره زرعها فيكون أحقّ بها منه، وإن كان الأحوط استحباباً عدم زرعها بلا إذن من الأوّل إذا عرفه أو تمكّن من معرفته، إلّا إذا علم أنّه قد أعرض عنها.
مسألة 105: في تعيين أرض الخراج إشكال، وقد ذكر العلماء (رضوان الله تعالى عليهم) والمؤرّخون مواضع كثيرة منها، وإذا شكّ في أرض أنّها كانت ميتة أو عامرة - حين الفتح - تحمل على أنّها كانت ميتة، فيجوز إحياؤها وحيازتها إن كانت حيّة، كما يجوز بيعها من حيث كونها متعلّقة لحقّه وكذا نحوه من التصرّفات.
مسألة 106: يُشترط في كلٍّ من العوضين أن يكون مقدوراً على تسليمه فلا يصحّ بيع الجمل الشارد أو الخاتم الواقع في البحر مثلاً، ولا فرق بين العلم بالحال والجهل بها، نعم لو كان من انتقل إليه قادراً على أخذه وإن لم يكن من انتقل عنه قادراً على تسليمه صحّت المعاملة، كما لو باع العين المغصوبة وكان المشتري قادراً على أخذها من الغاصب فإنّه يصحّ البيع، كما يصحّ بيعها على الغاصب أيضاً وإن كان البائع لا يقدر على أخذها منه ثُمَّ دفعها إليه، وإذا كان المبيع ممّا لا يستحــقّ المشتــري أخذه - كما لو باع من ينعتق على المشتري - صحّ وإن لم يقدر على تسليمه.
مسألة 107: لو قطع بالقدرة على التسليم فباع فانكشف الخلاف بطل، ولو قطع بالعجز عنه فانكشف الخلاف صحّ.
مسألة 108: لو انتفت القدرة على التسليم في زمان استحقاقه لكن علم بحصولها بعده، فإن كانت المدّة يسيرة صحّ، وأمّا إذا كانت طويلة لا يتسامح بها، فإن كانت مضبوطة كسنة أو أكثر صحّ مع علم المشتري بها، وكذا مع جهله بها ولكن يثبت الخيار للمشتري، وهكذا الحال فيما لو كانت المدّة غير مضبوطة، كما لو باعه دابّة غائبة يعلم بحضورها لكن لا يعلم زمانه.
مسألة 109: إذا كان العاقد هو المالك فالاعتبار بقدرته، وإن كان وكيلاً في إجراء الصيغة فقط فالاعتبار بقدرة المالك، وإن كان وكيلاً في المعاملة كعامل المضاربة، فالاعتبار بقدرته أو قدرة المالك فيكفي قدرة أحدهما على التسليم في صحّة المعاملة، فإذا لم يقدرا بطل البيع.
مسألة 110: يجوز بيع غير المقدور تسليمه مع الضميمة، إذا كانت ذات قيمة معتدّ بها.