الكتب الفتوائية » منهاج الصالحين ـ الجزء الثاني (الطبعة المصححة 1445 هـ.)
البحث في:
كتاب الوقف » إلحاق فيه بابان الباب الأوّل في الحبس وأخواته
←
→ كتاب الوقف » الفصل السادس في بيان المراد من بعض عبارات الواقفين
كتاب الوقف » الفصل السابع في بقيّة أحكام الوقف
مسألة 1557: إذا تمّ الوقف لا يجوز للواقف ولا لغيره التبديل والتغيير في الموقوف عليه بنقله منهم إلى غيرهم وإخراج بعضهم منه وإدخال أجنبيّ عنهم معهم إذا لم يشترط ذلك، وأمّا إذا اشترط إدخال من شاء معهم فيصحّ، وحينئذٍ إذا أدخل غيرهم معهم نفذ وإذا لم يدخل أحداً إلى أن مات بقي الوقف على حاله الأُولى، وإذا اشترط إخراج بعضهم صحّ أيضاً.
مسألة 1558: إذا اشترط الواقف شرطاً في الموقوف عليه كما إذا وقف المدرسة على الطلبة العدول أو المجتهدين ففقد الشرط خرج عن الوقف، وإذا اشترط عليه شرطاً كما إذا وقف على الطلبة واشترط عليهم التهجّد في الليل كان مرجعه إلى ذلك أيضاً، فلو ترك التهجّد خرج عن الوقف لا أنّه يجب عليه التهجّد تكليفاً بحيث لو تركه بقى مشمولاً للوقف وإن كان عاصياً.
مسألة 1559: إذا احتاجت الأملاك الموقوفة إلى التعمير أو الترميم لأجل بقائها وحصول النماء منها فإن عيّن الواقف لها ما يصرف فيها عُمل عليه وإلّا صرف من نمائها وجوباً مقدّماً على حقّ الموقوف عليهم، وإذا احتاج إلى التعمير أو الترميم بحيث لولاه لم يبق للبطون اللاحقة وجب كذلك وإن أدّى إلى حرمان البطن السابق.
مسألة 1560: إذا احتاج الوقف إلى التعمير أو الترميم ولم يكن وجه يُصْرَف فيه يجوز للمتولّي أن يقترض له بما هو متولّ عليه فلا يكون مديناً بشخصه بل بماله من الولاية على الوقف، فيؤدّي دينه هذا ممّا يرجع إلى الوقف كمنافعه أو منافع موقوفاته لا من أمواله الخاصّة، ولو صرف من ماله في تعميره بقصد الاستيفاء ممّا ذكر جاز له ذلك فإنّ مرجعه إلى ما تقدّم.
مسألة 1561: الثمر الموجود على النخل أو الشجر حين إجراء الوقف باقٍ على ملك مالكها ولا يكون للموقوف عليه، وكذا الحمل الموجود حين وقف الدابّة واللبن والصوف الموجودان حين وقف الشاة، وكذا ما يتجدّد من الثمر أو الحمل أو اللبن أو الصوف ونحوها بعد إنشاء الوقف وقبل القبض فيما يعتبر القبض في صحّته، نعم إذا اكتمل نموّ الثمرة أو نحوها بعد تحقّق الوقف شارك الموقوف عليهم الواقف فيها بالنسبة ما لم تكن قرينة على استثناء ذلك عن منافع العين الموقوفة.
مسألة 1562: إذا جهل الموقوف عليه فإن كانت الشبهة غير محصورة جاز صرفه في وجهٍ من وجوه البرّ، والأحوط لزوماً أن لا يكون المصرف خارجاً عن أطراف الشبهة، بل وأن لا يكون احتمال كونه مصرفاً أضعف من غيره، وأمّا إذا كانت الشبهة محصورة فإن كانت أطرافها عناوين متصادقة في الجملة تعيّن صرف المال في المجمع كما إذا لم يدرِ أنّ الوقف وقف على العلماء مطلقاً أو على خصوص العدول منهم أو لم يدرِ أنّه وقف على العلماء أو الفقراء فإنّه يصرف في الصورة الأُولى على العلماء العدول وفي الصورة الثانية على العلماء الفقراء.
وإن كانت المحتملات متباينة كما إذا لم يدرِ أنّ الوقف وقف على المسجد الفلانيّ أو على المسجد الآخر أو أنّه وقف لزيد وأولاده الذكور نسلاً بعد نسل أو لعمرو كذلك تَعيّن الرجوع إلى القرعة ويراعى في عدد السهام درجة الاحتمال - قوّة وضعفاً - في جميع الأطراف.
هذا كلّه فيما إذا لم يعتبر في المصرف التوزيع على نحو الاستيعاب وإلّا اختلف الحال فيه عمّا ذكر في الجملة، ففي موارد العناوين المتصادقة لا بُدَّ من الرجوع إلى القرعة في غير مورد الاجتماع، وأيضاً لو كان الوقف على نحو يوجب ملكيّة المنافع فالمرجع فيه عند التردّد في الشبهة المحصورة هو القرعة وفي غير المحصورة يعامل مع النماء معاملة مجهول المالك فيتصدّق به، ولا بُدَّ أن يكون التصدّق على المستحقّين من أطراف الشبهة ولا يجوز التصدّق على الخارج عنهم مع تيسّر التصدّق عليهم.
مسألة 1563: إذا آجر البطن الأوّل من الموقوف عليهم العين الموقوفة في الوقف الترتيبيّ وانقرضوا قبل انقضاء مدّة الإجارة لم تصحّ الإجارة بالنسبة إلى بقيّة المدّة، وكذا الحكم في الوقف التشريكي إذا ولد في أثناء المدّة من يشارك الموقوف عليه المؤجر فإنّه لا تصحّ الإجارة بالنسبة إلى حصّته، وتصحّ بالإجازة من البطن الثاني في الصورة الأُولى ومن الشريك في الصورة الثانية، فيكون للمجيز حصّته من الأجرة ولا يحتاج إلى تجديد الإجارة وإن كان أحوط استحباباً.
نعم إذا كانت الإجارة من الوليّ لمصلحة الوقف صحّت ونفذت وكذا إذا كانت لمصلحة البطون اللاحقة إذا كانت له ولاية على ذلك فإنّها تصحّ ويكون للبطون اللاحقة حصّتهم من الأجرة.
مسألة 1564: إذا كانت للعين الموقوفة منافع مختلفة وثمرات متنوّعة كان الجميع للموقوف عليه مع إطلاق الوقف فإذا وقف الشجر أو النخل كانت ثمرتهما ومنفعة الاستظلال بهما والسعف والأغصان والأوراق اليابسة وأكمام الطلع والفَسيل ونحوها ممّا هو مبنيّ على الانفصال للموقوف عليه ولا يجوز للمالك ولا لغيره التصرّف فيها إلّا على الوجه الذي اشترطه الواقف.
مسألة 1565: الفَسيل الخارج بعد الوقف إذا نما واستطال حتّى صار نخلاً أو قلع من موضعه وغرس في موضع آخر فنما حتّى صار مثمراً لا يكون وقفاً بل هو من نماء الوقف فيجوز بيعه وصرفه في الموقوف عليه، وكذا إذا قطع بعض الأغصان الزائدة للإصلاح وغرس فصار شجرة فإنّه لا يكون وقفاً بل يجري عليه حكم نماء الوقف من جواز بيعه وصرف ثمنه في مصرف الوقف.
مسألة 1566: إذا خرب المسجد لم تخرج العرصة عن الوقفيّة فلا يجوز بيعها وإن تعذّر تعميره، وكذا إذا خربت القرية التي هو فيها حتّى بطل الانتفاع به إلى الأبد.
مسألة 1567: كما لا يجوز بيع عرصة المسجد بعد خرابه كذلك لا يجوز إجارتها، ولو غصبها غاصب واستوفى منها منافع أُخرى - كما إذا جعلها مسكناً أو محرزاً - لم يكن عليه أجرة المثل وإن كان آثماً، نعم لو تلف بعض موقوفاته تحت يده أو أتلفه شخص ضمنه فيؤخذ منه البدل من المثل أو القيمة ويصرف على مسجد آخر .
مسألة 1568: ما يوقف على المساجد والمشاهد والحسينيّات ونحوها من آلات الإنارة والتكييف والفرش وشبهها ما دام يمكن الانتفاع بها باقية على حالها لا يجوز بيعها، فإن أمكن الانتفاع بها في المحلّ الذي أُعدّت له ولو بغير ذلك الانتفاع الذي أُعدّت له بقيت على حالها في ذلك المحلّ، فالفرش المتعلّق بمسجد أو مشهد أو حسينيّة إذا أمكن الانتفاع به في ذلك المحلّ بقي على حاله فيه.
ولو فرض استغناء المحلّ عن الافتراش بالمرّة لكن يحتاج إلى ستر يقي أهله من الحرّ أو البرد يجعل ستراً لذلك المحلّ، ولو فرض استغناء المحلّ عنه بالمرّة بحيث لا يترتّب على إمساكه وإبقائه فيه إلّا الضياع والتلف يجعل في محلّ آخر مماثل له، بأن يجعل ما للمسجد لمسجد آخر وما للمشهد لمشهد آخر، فإن لم يكن المماثل أو استغنى عنه بالمرّة جعل في المصالح العامّة.
هذا إذا أمكن الانتفاع به باقياً على حاله، وأمّا لو فرض أنّه لا يمكن الانتفاع به إلّا ببيعه وكان بحيث لو بقي على حاله ضاع وتلف بيع وصرف ثمنه في ذلك المحلّ إن احتاج إليه والأحوط لزوماً مع الإمكان أن يكون بشراء ما يماثله وجعله وقفاً على نهج وقف الأصل وإلّا ففي المماثل ثُمَّ المصالح العامّة حسبما مرّ .
مسألة 1569: غير المسجد من الأعيان الموقوفة مثل البستان والدار لا تخرج عن وصفها وقفاً بمجرّد الخراب الموجب لزوال العنوان، نعم إذا كانت الوقفيّة قائمة بعنوان كوقف البستان ما دام كذلك بطلت الوقفيّة بذهاب العنوان وترجع ملكاً للواقف ومنه إلى ورثته حين موته، وهذا بخلاف ما إذا لوحظ في الوقف كلّ من العين والعنوان فإنّه إذا زال العنوان فإن أمكن تعمير العين الموقوفة وإعادة العنوان من دون حاجة إلى بيع بعضها كأن تؤجّر لمدّة معيّنة ولو كانت طويلة نِسْبيّاً ويُصْرَف بدل الإيجار على تعميرها أو يصالح شخص على إعادة تعميرها على أن تكون له منافعها لفترة معيّنة لزم وتعيّن، وإن توقّف إعادة عنوانها على بيع بعضها ليعمر الباقي فالأحوط لزوماً تعيّنه أيضاً.
وإن تعذّر اعادة العنوان إليها مطلقاً وأمكن استنماء عرصتها بوجهٍ آخر تعيّن ذلك، وان لم يمكن بيعت والأحوط لزوماً حينئذٍ أن يُشترى بثمنها ملك آخر ويوقف على نهج وقف الأوّل بل الأحوط لزوماً أن يكون الوقف الجديد معنوناً بعنوان الوقف الأوّل مع الإمكان وإلّا الأقرب فالأقرب إليه، وإن تعذّر هذا أيضاً صرف ثمنها على الجهة الموقوفة عليها.
مسألة 1570: إذا خرب الوقف ولم تبطل منفعته بل بقيت له منفعة معتدّ بها قليلة أو كثيرة فإن أمكن تجديده - وإن كان بإجارته مدّة وصرف الإجارة في العمارة - وجب ذلك وإن لم يمكن بقيت الوقفيّة بحالها وتصرف منافعه في الجهة الموقوف عليها.
مسألة 1571: إذا وقف على مصلحة فبطل رسمها كما إذا وقف على مسجد أو مدرسة أو حسينيّة فخربت وصارت شارعاً أو نحوه فإن كانت خصوصيّة الموقوف عليه ملحوظة على نحو تعدّد المطلوب - كما لعلّه الغائب - صرف نماء الوقف على مسجد أو حسينيّة أو مدرسة أُخرى إن أمكن وإلّا ففي وجوه البرّ الأقرب فالأقرب إلى نظر الواقف، وإن كانت الخصوصيّة ملحوظة على نحو وحدة المطلوب بطل الوقف ورجع إلى الواقف أو إلى ورثته.
هذا إذا بطل رسمها ولم ترجَ إعادته، وأمّا مع رجاء إعادته في المستقبل المنظور فاللازم تجميع عوائد الوقف وادّخارها لذلك، نعم إذا انقطع الرجاء عمل في هذه العوائد بما تقدّم من الصورة السابقة.
مسألة 1572: إذا تعذّر الانتفاع بالعين الموقوفة لانتفاء الجهة الموقوف عليها وكانت خصوصيّتها ملحوظة على نحو تعدّد المطلوب صرفت منافعها فيما هو الأقرب فالأقرب إلى نظر الواقف، فإذا كان الوقف وقفاً على إقامة عزاء الحسين (عليه السلام) في بلد خاصّ بنحو معيّن ولم يمكن ذلك صرفت منافعه في إقامة عزائه (عليه السلام) في ذلك البلد بنحو آخر، وإن لم يمكن ذلك أيضاً صرفت منافعه في إقامة عزائه (عليه السلام) بذلك النحو في بلد آخر .
مسألة 1573: إذا تعذّر الانتفاع بالوقف لانقراض الموقوف عليه تبطل وقفيّته ويرجع ملكاً للواقف فإن لم يكن موجوداً كان لورثته على ما تقدّم في المسألة (1484).
مسألة 1574: يجوز وقف البستان واستثناء نخلة منه ويجوز له حينئذٍ الدخول إليها بمقدار الحاجة كما أنّ له إبقاءها مجّاناً وليس للموقوف عليهم قلعها، وإذا انقلعت لم يبقَ له حقّ في الأرض فلا يجوز له غرس نخلة أُخرى مكانها، وكذا يجوز في وقف الدار استثناء غرفة منها ولكن إذا خربت بقيت له الأرض لأنّ الأرض جزء الغرفة.
مسألة 1575: إذا كانت العين مشتركة بين الوقف والملك الطلق جازت قسمتها بتمييز الوقف عن الملك الطلق ويتولّى القسمة المالك للطلق ومتولّي الوقف، بل تجوز القسمة إذا تعدّد الواقف والموقوف عليه كما إذا كانت دار مشتركة بين شخصين فوقف كلّ منهما نصفه المشاع على أولاده، وكذا إذا اتّحد الواقف مع تعدّد الموقوف عليه كما إذا وقف مالك الدار نصفها على مسجد ونصفها الآخر على مسجد آخر، وأمّا إذا اتّحد الواقف والموقوف عليه فلا تجوز القسمة إلّا مع اشتراطها من قِبَل الواقف عند وقوع التشاحّ بين الموقوف عليهم أو مطلقاً.
نعم يجوز تقسيمه بمعنى تخصيص انتفاع كلّ قسم منه ببعض الموقوف عليهم مالم يكن ذلك منافياً لشرط الواقف، فإذا وقف أرضاً زراعيّة مثلاً على أولاده وكانوا أربعة جاز لهم اقتسامها أرباعاً لينتفع كلّ بقسم منها، فإذا صار له ولد آخر بطلت القسمة وجاز اقتسامها أخماساً، فإذا مات اثنان منهم بطلت القسمة وجاز اقتسامها أثلاثاً وهكذا.
مسألة 1576: لا يجوز تغيير عنوان العين الموقوفة إذا كان ظاهر الوقف إرادة بقاء عنوانها، سواء فهم ذلك من كيفيّته كما إذا وقف داره على السكنى فلا يجوز تغييرها إلى الدكاكين أم فهم من قرينة خارجيّة، بل إذا احتمل ذلك ولم يكن إطلاق في إنشاء الوقف لم يجز ذلك، وأمّا إذا كان إطلاق فيه فيجوز للوليّ التغيير فيبدّل الدار إلى دكاكين والدكاكين إلى دار وهكذا، وقد يعلم من القرينة إرادة بقاء العنوان ما دام له دخل في كثرة المنفعة فحينئذٍ لا يجوز التغيير ما دام الحال كذلك، فإذا قلّت المنفعة جاز التغيير .
مسألة 1577: النخلة الموقوفة للانتفاع بثمرها إذا انقلعت لعاصفة أو نحوها بيعت واشتري بثمنها فَسيل أو نخلة أُخرى إن أمكن وتوقّف على نهج وقف الأُولى، وإن لم يمكن صرف ثمنها على الجهة الموقوفة عليها.
نعم إذا كانت النخلة المقلوعة في ضمن بستان موقوف يكون حكمها حينئذٍ حكم الكَرَبِ والأغصان الزائدة فتصرف على الجهة الموقوفة عليها عيناً أو قيمة إلّا مع حاجة البستان إلى ثمنها فتباع وتُصْرَف عليه.
مسألة 1578: الأموال التي تجمع لعزاء سيد الشهداء (عليه السلام) من صنف خاصّ لإقامة مأتمهم أو من أهل بلدة لإقامة مأتم فيها أو للأنصار الذين يذهبون في زيارة الأربعين إلى (كربلاء) تعدّ من قسم الصدقات المشروط صرفها في جهة معيّنة وليست باقية على ملك مالكها ولا يجوز لمالكها الرجوع فيها، وإذا مات قبل صرفها لا يجوز لوارثه المطالبة بها، وكذا إذا أفْلَس لا يجوز لغرمائه المطالبة بها، وإذا تعذّر صرفها في الجهة المعيّنة فالأحوط لزوماً صرفها فيما هو الأقرب فالأقرب إلى الجهة الخاصّة.
نعم إذا كان الدافع للمال يرى أنّ الآخذ للمال بمنزلة الوكيل عنه لم يخرج حينئذٍ عن ملك الدافع وجاز له ولورثته ولغرمائه المطالبة به بل يجب إرجاعه إليه أو إلى وارثه مع المطالبة وإلى غرمائه عند تفليسه، وإذا تعذّر صرفه في الجهة الخاصّة واحتمل عدم رضاه بصرفه في غيرها وجبت مراجعته في ذلك.
مسألة 1579: لا يجوز بيع العين الموقوفة إلّا في موارد ذكرناها في كتاب البيع في المسألة (100).
مسألة 1580: إذا كان غرض الواقف من الوقف حصول شـيء فبان عدم حصوله لا يكون ذلك موجباً لبطلان الوقف، فإذا علم أنّ غرض الواقف من الوقف على أولاده أن يستعينوا به على طلب العلم أو الإقامة بالمشهد الفلانيّ أو نحو ذلك فلم يترتّب الغرض المذكور عليه لم يكن ذلك موجباً لبطلان الوقف، وهكذا الحال في جميع الأغراض والدواعيّ التي تدعو إلى إيقاع المعاملات أو الإيقاعات، فإذا كان غرض المشتري الربح فلم يربح لم يكن ذلك موجباً لبطلان الشراء أو التسلّط على الفسخ.
مسألة 1581: الشرائط التي يشترطها الواقف تصحّ ويجب العمل عليها إذا كانت مشروعة، فإذا اشترط أن لا يؤجّر الوقف أكثر من سنة أو لا يؤجّر على غير أهل العلم لا تصحّ إجارته لأكثر من سنة ولا على غير أهل العلم.
مسألة 1582: تثبت الوقفيّة بالعلم والاطمئنان الحاصلين من المناشئ العقلائيّة - ومنها الشياع - وبالبيّنة الشرعيّة وبإقرار ذي اليد وإن لم تكن اليد مستقلّة، كما إذا كانت دار في يد جماعة فأخبر بعضهم بأنّها وقف فإنّه يحكم بوقفيّة الحصّة التي تقتضي اليد ملكيّته لها لولا الإقرار وإن لم يعترف غيره بها.
مسألة 1583: إذا أقرّ بالوقف ثُمَّ ادّعى أنّ إقراره كان لمصلحة تسمع منه لكن يحتاج إلى الإثبات، بخلاف ما إذا أوقع العقد وحصل القبض في موضع الحاجة إليه ثُمَّ ادّعى أنّه لم يكن قاصداً فإنّه لا تسمع منه أصلاً، كما هو الحال في جميع العقود والإيقاعات.
مسألة 1584: إذا كان كتاب أو مصحف وقد كتب عليه أنّه وقف فإن احتفّ بقرائن تورث الاطمئنان بصحّة الكتابة كختم مكتبة معروفة أو عالم مشهور حكم بوقفيّته، وكذا إذا أحرز أنّه كان تحت يد الكاتب واستيلائه حين الكتابة فإنّه يحكم بوقفيّته أخذاً بإقراره على نفسه.
ولو ادّعى بعد ذلك أنّ تلك الكتابة كانت لمصلحة فعليه إثباتها بالبيّنة إلّا أن يحصل الوثوق بصدقه.
مسألة 1585: إذا وجدت ورقة في تركة الميّت قد كتب عليها أنّ بعض ما تركه وقف فإن كان على نحو يعدّ اعترافاً منه بوقفيّته - كما إذا كانت مُذَيّلَة بتوقيعه أو ختمه أو بَصْمَة يده - ولم يحرز فقدانه لبعض شرائط نفوذ الإقرار حين صدوره منه حكم بوقفيّة ذلك الشيء وإلّا لم يحكم بها وإن كانت الورقة بخطّه.
مسألة 1586: لا فرق في حجيّة إخبار ذي اليد بين أن يكون إخباراً بأصل الوقف وأن يكون إخباراً بكيفيّته من كونه ترتيبيّاً أو تشريكيّاً وكونه على الذكور فقط أو على الذكور والإناث وأنّه على نحو التساوي أو على نحو الاختلاف، كما أنّه لا فرق في الإخبار بين أن يكون بالقول وأن يكون بالفعل كما إذا كان يتصرّف فيه على نحو الوقف أو يتصرّف فيه على نحو الوقف الترتيبيّ أو التشريكيّ أو للذكور والإناث أو للذكور دون الإناث وهكذا، فإنّ تصرّفه إذا كان ظاهراً في الإخبار عن حاله كان حجّة كخبره القوليّ.
مسألة 1587: إذا كان ملك بيد شخص يتصرّف فيه بعنوان الملكيّة لكن علم أنّه قد كان في السابق وقفاً لم ينتزع من يده بمجرّد ذلك ما لم يثبت وقفيّته فعلاً، وكذا لو ادّعى أحد أنّه قد وقف على آبائه نسلاً بعد نسل وأثبت ذلك من دون أن يثبت كونه وقفاً فعلاً، نعم لو أقرّ ذو اليد في مقابل خصمه بأنّه قد كان وقفاً إلّا أنّه قد حصل المسوّغ للبيع وقد اشتراه سقط حكم يده وينتزع منه ويلزم بإثبات الأمرين: وجود المسوّغ للبيع، ووقوع الشراء.
مسألة 1588: إذا أراد المتولّي - مثلاً - بيع العين الموقوفة بدعوى وجود المسوّغ للبيع لم يجز الشراء منه إلّا بعد التثبّت من وجوده، وأمّا لو بيعت العين الموقوفة ثُمَّ حدث شكّ للمشتري أو لطرف ثالث في وجود المسوّغ للبيع في حينه جاز البناء على صحّته، نعم إذا تنازع المتولّي والموقوف عليه مثلاً في وجود المسوّغ وعدمه فرفعوا أمرهم إلى الحاكم الشرعيّ فحكم بعدم ثبوته وبطلان البيع لزم ترتيب آثاره.
كتاب الوقف » إلحاق فيه بابان الباب الأوّل في الحبس وأخواته
←
→ كتاب الوقف » الفصل السادس في بيان المراد من بعض عبارات الواقفين
مسألة 1558: إذا اشترط الواقف شرطاً في الموقوف عليه كما إذا وقف المدرسة على الطلبة العدول أو المجتهدين ففقد الشرط خرج عن الوقف، وإذا اشترط عليه شرطاً كما إذا وقف على الطلبة واشترط عليهم التهجّد في الليل كان مرجعه إلى ذلك أيضاً، فلو ترك التهجّد خرج عن الوقف لا أنّه يجب عليه التهجّد تكليفاً بحيث لو تركه بقى مشمولاً للوقف وإن كان عاصياً.
مسألة 1559: إذا احتاجت الأملاك الموقوفة إلى التعمير أو الترميم لأجل بقائها وحصول النماء منها فإن عيّن الواقف لها ما يصرف فيها عُمل عليه وإلّا صرف من نمائها وجوباً مقدّماً على حقّ الموقوف عليهم، وإذا احتاج إلى التعمير أو الترميم بحيث لولاه لم يبق للبطون اللاحقة وجب كذلك وإن أدّى إلى حرمان البطن السابق.
مسألة 1560: إذا احتاج الوقف إلى التعمير أو الترميم ولم يكن وجه يُصْرَف فيه يجوز للمتولّي أن يقترض له بما هو متولّ عليه فلا يكون مديناً بشخصه بل بماله من الولاية على الوقف، فيؤدّي دينه هذا ممّا يرجع إلى الوقف كمنافعه أو منافع موقوفاته لا من أمواله الخاصّة، ولو صرف من ماله في تعميره بقصد الاستيفاء ممّا ذكر جاز له ذلك فإنّ مرجعه إلى ما تقدّم.
مسألة 1561: الثمر الموجود على النخل أو الشجر حين إجراء الوقف باقٍ على ملك مالكها ولا يكون للموقوف عليه، وكذا الحمل الموجود حين وقف الدابّة واللبن والصوف الموجودان حين وقف الشاة، وكذا ما يتجدّد من الثمر أو الحمل أو اللبن أو الصوف ونحوها بعد إنشاء الوقف وقبل القبض فيما يعتبر القبض في صحّته، نعم إذا اكتمل نموّ الثمرة أو نحوها بعد تحقّق الوقف شارك الموقوف عليهم الواقف فيها بالنسبة ما لم تكن قرينة على استثناء ذلك عن منافع العين الموقوفة.
مسألة 1562: إذا جهل الموقوف عليه فإن كانت الشبهة غير محصورة جاز صرفه في وجهٍ من وجوه البرّ، والأحوط لزوماً أن لا يكون المصرف خارجاً عن أطراف الشبهة، بل وأن لا يكون احتمال كونه مصرفاً أضعف من غيره، وأمّا إذا كانت الشبهة محصورة فإن كانت أطرافها عناوين متصادقة في الجملة تعيّن صرف المال في المجمع كما إذا لم يدرِ أنّ الوقف وقف على العلماء مطلقاً أو على خصوص العدول منهم أو لم يدرِ أنّه وقف على العلماء أو الفقراء فإنّه يصرف في الصورة الأُولى على العلماء العدول وفي الصورة الثانية على العلماء الفقراء.
وإن كانت المحتملات متباينة كما إذا لم يدرِ أنّ الوقف وقف على المسجد الفلانيّ أو على المسجد الآخر أو أنّه وقف لزيد وأولاده الذكور نسلاً بعد نسل أو لعمرو كذلك تَعيّن الرجوع إلى القرعة ويراعى في عدد السهام درجة الاحتمال - قوّة وضعفاً - في جميع الأطراف.
هذا كلّه فيما إذا لم يعتبر في المصرف التوزيع على نحو الاستيعاب وإلّا اختلف الحال فيه عمّا ذكر في الجملة، ففي موارد العناوين المتصادقة لا بُدَّ من الرجوع إلى القرعة في غير مورد الاجتماع، وأيضاً لو كان الوقف على نحو يوجب ملكيّة المنافع فالمرجع فيه عند التردّد في الشبهة المحصورة هو القرعة وفي غير المحصورة يعامل مع النماء معاملة مجهول المالك فيتصدّق به، ولا بُدَّ أن يكون التصدّق على المستحقّين من أطراف الشبهة ولا يجوز التصدّق على الخارج عنهم مع تيسّر التصدّق عليهم.
مسألة 1563: إذا آجر البطن الأوّل من الموقوف عليهم العين الموقوفة في الوقف الترتيبيّ وانقرضوا قبل انقضاء مدّة الإجارة لم تصحّ الإجارة بالنسبة إلى بقيّة المدّة، وكذا الحكم في الوقف التشريكي إذا ولد في أثناء المدّة من يشارك الموقوف عليه المؤجر فإنّه لا تصحّ الإجارة بالنسبة إلى حصّته، وتصحّ بالإجازة من البطن الثاني في الصورة الأُولى ومن الشريك في الصورة الثانية، فيكون للمجيز حصّته من الأجرة ولا يحتاج إلى تجديد الإجارة وإن كان أحوط استحباباً.
نعم إذا كانت الإجارة من الوليّ لمصلحة الوقف صحّت ونفذت وكذا إذا كانت لمصلحة البطون اللاحقة إذا كانت له ولاية على ذلك فإنّها تصحّ ويكون للبطون اللاحقة حصّتهم من الأجرة.
مسألة 1564: إذا كانت للعين الموقوفة منافع مختلفة وثمرات متنوّعة كان الجميع للموقوف عليه مع إطلاق الوقف فإذا وقف الشجر أو النخل كانت ثمرتهما ومنفعة الاستظلال بهما والسعف والأغصان والأوراق اليابسة وأكمام الطلع والفَسيل ونحوها ممّا هو مبنيّ على الانفصال للموقوف عليه ولا يجوز للمالك ولا لغيره التصرّف فيها إلّا على الوجه الذي اشترطه الواقف.
مسألة 1565: الفَسيل الخارج بعد الوقف إذا نما واستطال حتّى صار نخلاً أو قلع من موضعه وغرس في موضع آخر فنما حتّى صار مثمراً لا يكون وقفاً بل هو من نماء الوقف فيجوز بيعه وصرفه في الموقوف عليه، وكذا إذا قطع بعض الأغصان الزائدة للإصلاح وغرس فصار شجرة فإنّه لا يكون وقفاً بل يجري عليه حكم نماء الوقف من جواز بيعه وصرف ثمنه في مصرف الوقف.
مسألة 1566: إذا خرب المسجد لم تخرج العرصة عن الوقفيّة فلا يجوز بيعها وإن تعذّر تعميره، وكذا إذا خربت القرية التي هو فيها حتّى بطل الانتفاع به إلى الأبد.
مسألة 1567: كما لا يجوز بيع عرصة المسجد بعد خرابه كذلك لا يجوز إجارتها، ولو غصبها غاصب واستوفى منها منافع أُخرى - كما إذا جعلها مسكناً أو محرزاً - لم يكن عليه أجرة المثل وإن كان آثماً، نعم لو تلف بعض موقوفاته تحت يده أو أتلفه شخص ضمنه فيؤخذ منه البدل من المثل أو القيمة ويصرف على مسجد آخر .
مسألة 1568: ما يوقف على المساجد والمشاهد والحسينيّات ونحوها من آلات الإنارة والتكييف والفرش وشبهها ما دام يمكن الانتفاع بها باقية على حالها لا يجوز بيعها، فإن أمكن الانتفاع بها في المحلّ الذي أُعدّت له ولو بغير ذلك الانتفاع الذي أُعدّت له بقيت على حالها في ذلك المحلّ، فالفرش المتعلّق بمسجد أو مشهد أو حسينيّة إذا أمكن الانتفاع به في ذلك المحلّ بقي على حاله فيه.
ولو فرض استغناء المحلّ عن الافتراش بالمرّة لكن يحتاج إلى ستر يقي أهله من الحرّ أو البرد يجعل ستراً لذلك المحلّ، ولو فرض استغناء المحلّ عنه بالمرّة بحيث لا يترتّب على إمساكه وإبقائه فيه إلّا الضياع والتلف يجعل في محلّ آخر مماثل له، بأن يجعل ما للمسجد لمسجد آخر وما للمشهد لمشهد آخر، فإن لم يكن المماثل أو استغنى عنه بالمرّة جعل في المصالح العامّة.
هذا إذا أمكن الانتفاع به باقياً على حاله، وأمّا لو فرض أنّه لا يمكن الانتفاع به إلّا ببيعه وكان بحيث لو بقي على حاله ضاع وتلف بيع وصرف ثمنه في ذلك المحلّ إن احتاج إليه والأحوط لزوماً مع الإمكان أن يكون بشراء ما يماثله وجعله وقفاً على نهج وقف الأصل وإلّا ففي المماثل ثُمَّ المصالح العامّة حسبما مرّ .
مسألة 1569: غير المسجد من الأعيان الموقوفة مثل البستان والدار لا تخرج عن وصفها وقفاً بمجرّد الخراب الموجب لزوال العنوان، نعم إذا كانت الوقفيّة قائمة بعنوان كوقف البستان ما دام كذلك بطلت الوقفيّة بذهاب العنوان وترجع ملكاً للواقف ومنه إلى ورثته حين موته، وهذا بخلاف ما إذا لوحظ في الوقف كلّ من العين والعنوان فإنّه إذا زال العنوان فإن أمكن تعمير العين الموقوفة وإعادة العنوان من دون حاجة إلى بيع بعضها كأن تؤجّر لمدّة معيّنة ولو كانت طويلة نِسْبيّاً ويُصْرَف بدل الإيجار على تعميرها أو يصالح شخص على إعادة تعميرها على أن تكون له منافعها لفترة معيّنة لزم وتعيّن، وإن توقّف إعادة عنوانها على بيع بعضها ليعمر الباقي فالأحوط لزوماً تعيّنه أيضاً.
وإن تعذّر اعادة العنوان إليها مطلقاً وأمكن استنماء عرصتها بوجهٍ آخر تعيّن ذلك، وان لم يمكن بيعت والأحوط لزوماً حينئذٍ أن يُشترى بثمنها ملك آخر ويوقف على نهج وقف الأوّل بل الأحوط لزوماً أن يكون الوقف الجديد معنوناً بعنوان الوقف الأوّل مع الإمكان وإلّا الأقرب فالأقرب إليه، وإن تعذّر هذا أيضاً صرف ثمنها على الجهة الموقوفة عليها.
مسألة 1570: إذا خرب الوقف ولم تبطل منفعته بل بقيت له منفعة معتدّ بها قليلة أو كثيرة فإن أمكن تجديده - وإن كان بإجارته مدّة وصرف الإجارة في العمارة - وجب ذلك وإن لم يمكن بقيت الوقفيّة بحالها وتصرف منافعه في الجهة الموقوف عليها.
مسألة 1571: إذا وقف على مصلحة فبطل رسمها كما إذا وقف على مسجد أو مدرسة أو حسينيّة فخربت وصارت شارعاً أو نحوه فإن كانت خصوصيّة الموقوف عليه ملحوظة على نحو تعدّد المطلوب - كما لعلّه الغائب - صرف نماء الوقف على مسجد أو حسينيّة أو مدرسة أُخرى إن أمكن وإلّا ففي وجوه البرّ الأقرب فالأقرب إلى نظر الواقف، وإن كانت الخصوصيّة ملحوظة على نحو وحدة المطلوب بطل الوقف ورجع إلى الواقف أو إلى ورثته.
هذا إذا بطل رسمها ولم ترجَ إعادته، وأمّا مع رجاء إعادته في المستقبل المنظور فاللازم تجميع عوائد الوقف وادّخارها لذلك، نعم إذا انقطع الرجاء عمل في هذه العوائد بما تقدّم من الصورة السابقة.
مسألة 1572: إذا تعذّر الانتفاع بالعين الموقوفة لانتفاء الجهة الموقوف عليها وكانت خصوصيّتها ملحوظة على نحو تعدّد المطلوب صرفت منافعها فيما هو الأقرب فالأقرب إلى نظر الواقف، فإذا كان الوقف وقفاً على إقامة عزاء الحسين (عليه السلام) في بلد خاصّ بنحو معيّن ولم يمكن ذلك صرفت منافعه في إقامة عزائه (عليه السلام) في ذلك البلد بنحو آخر، وإن لم يمكن ذلك أيضاً صرفت منافعه في إقامة عزائه (عليه السلام) بذلك النحو في بلد آخر .
مسألة 1573: إذا تعذّر الانتفاع بالوقف لانقراض الموقوف عليه تبطل وقفيّته ويرجع ملكاً للواقف فإن لم يكن موجوداً كان لورثته على ما تقدّم في المسألة (1484).
مسألة 1574: يجوز وقف البستان واستثناء نخلة منه ويجوز له حينئذٍ الدخول إليها بمقدار الحاجة كما أنّ له إبقاءها مجّاناً وليس للموقوف عليهم قلعها، وإذا انقلعت لم يبقَ له حقّ في الأرض فلا يجوز له غرس نخلة أُخرى مكانها، وكذا يجوز في وقف الدار استثناء غرفة منها ولكن إذا خربت بقيت له الأرض لأنّ الأرض جزء الغرفة.
مسألة 1575: إذا كانت العين مشتركة بين الوقف والملك الطلق جازت قسمتها بتمييز الوقف عن الملك الطلق ويتولّى القسمة المالك للطلق ومتولّي الوقف، بل تجوز القسمة إذا تعدّد الواقف والموقوف عليه كما إذا كانت دار مشتركة بين شخصين فوقف كلّ منهما نصفه المشاع على أولاده، وكذا إذا اتّحد الواقف مع تعدّد الموقوف عليه كما إذا وقف مالك الدار نصفها على مسجد ونصفها الآخر على مسجد آخر، وأمّا إذا اتّحد الواقف والموقوف عليه فلا تجوز القسمة إلّا مع اشتراطها من قِبَل الواقف عند وقوع التشاحّ بين الموقوف عليهم أو مطلقاً.
نعم يجوز تقسيمه بمعنى تخصيص انتفاع كلّ قسم منه ببعض الموقوف عليهم مالم يكن ذلك منافياً لشرط الواقف، فإذا وقف أرضاً زراعيّة مثلاً على أولاده وكانوا أربعة جاز لهم اقتسامها أرباعاً لينتفع كلّ بقسم منها، فإذا صار له ولد آخر بطلت القسمة وجاز اقتسامها أخماساً، فإذا مات اثنان منهم بطلت القسمة وجاز اقتسامها أثلاثاً وهكذا.
مسألة 1576: لا يجوز تغيير عنوان العين الموقوفة إذا كان ظاهر الوقف إرادة بقاء عنوانها، سواء فهم ذلك من كيفيّته كما إذا وقف داره على السكنى فلا يجوز تغييرها إلى الدكاكين أم فهم من قرينة خارجيّة، بل إذا احتمل ذلك ولم يكن إطلاق في إنشاء الوقف لم يجز ذلك، وأمّا إذا كان إطلاق فيه فيجوز للوليّ التغيير فيبدّل الدار إلى دكاكين والدكاكين إلى دار وهكذا، وقد يعلم من القرينة إرادة بقاء العنوان ما دام له دخل في كثرة المنفعة فحينئذٍ لا يجوز التغيير ما دام الحال كذلك، فإذا قلّت المنفعة جاز التغيير .
مسألة 1577: النخلة الموقوفة للانتفاع بثمرها إذا انقلعت لعاصفة أو نحوها بيعت واشتري بثمنها فَسيل أو نخلة أُخرى إن أمكن وتوقّف على نهج وقف الأُولى، وإن لم يمكن صرف ثمنها على الجهة الموقوفة عليها.
نعم إذا كانت النخلة المقلوعة في ضمن بستان موقوف يكون حكمها حينئذٍ حكم الكَرَبِ والأغصان الزائدة فتصرف على الجهة الموقوفة عليها عيناً أو قيمة إلّا مع حاجة البستان إلى ثمنها فتباع وتُصْرَف عليه.
مسألة 1578: الأموال التي تجمع لعزاء سيد الشهداء (عليه السلام) من صنف خاصّ لإقامة مأتمهم أو من أهل بلدة لإقامة مأتم فيها أو للأنصار الذين يذهبون في زيارة الأربعين إلى (كربلاء) تعدّ من قسم الصدقات المشروط صرفها في جهة معيّنة وليست باقية على ملك مالكها ولا يجوز لمالكها الرجوع فيها، وإذا مات قبل صرفها لا يجوز لوارثه المطالبة بها، وكذا إذا أفْلَس لا يجوز لغرمائه المطالبة بها، وإذا تعذّر صرفها في الجهة المعيّنة فالأحوط لزوماً صرفها فيما هو الأقرب فالأقرب إلى الجهة الخاصّة.
نعم إذا كان الدافع للمال يرى أنّ الآخذ للمال بمنزلة الوكيل عنه لم يخرج حينئذٍ عن ملك الدافع وجاز له ولورثته ولغرمائه المطالبة به بل يجب إرجاعه إليه أو إلى وارثه مع المطالبة وإلى غرمائه عند تفليسه، وإذا تعذّر صرفه في الجهة الخاصّة واحتمل عدم رضاه بصرفه في غيرها وجبت مراجعته في ذلك.
مسألة 1579: لا يجوز بيع العين الموقوفة إلّا في موارد ذكرناها في كتاب البيع في المسألة (100).
مسألة 1580: إذا كان غرض الواقف من الوقف حصول شـيء فبان عدم حصوله لا يكون ذلك موجباً لبطلان الوقف، فإذا علم أنّ غرض الواقف من الوقف على أولاده أن يستعينوا به على طلب العلم أو الإقامة بالمشهد الفلانيّ أو نحو ذلك فلم يترتّب الغرض المذكور عليه لم يكن ذلك موجباً لبطلان الوقف، وهكذا الحال في جميع الأغراض والدواعيّ التي تدعو إلى إيقاع المعاملات أو الإيقاعات، فإذا كان غرض المشتري الربح فلم يربح لم يكن ذلك موجباً لبطلان الشراء أو التسلّط على الفسخ.
مسألة 1581: الشرائط التي يشترطها الواقف تصحّ ويجب العمل عليها إذا كانت مشروعة، فإذا اشترط أن لا يؤجّر الوقف أكثر من سنة أو لا يؤجّر على غير أهل العلم لا تصحّ إجارته لأكثر من سنة ولا على غير أهل العلم.
مسألة 1582: تثبت الوقفيّة بالعلم والاطمئنان الحاصلين من المناشئ العقلائيّة - ومنها الشياع - وبالبيّنة الشرعيّة وبإقرار ذي اليد وإن لم تكن اليد مستقلّة، كما إذا كانت دار في يد جماعة فأخبر بعضهم بأنّها وقف فإنّه يحكم بوقفيّة الحصّة التي تقتضي اليد ملكيّته لها لولا الإقرار وإن لم يعترف غيره بها.
مسألة 1583: إذا أقرّ بالوقف ثُمَّ ادّعى أنّ إقراره كان لمصلحة تسمع منه لكن يحتاج إلى الإثبات، بخلاف ما إذا أوقع العقد وحصل القبض في موضع الحاجة إليه ثُمَّ ادّعى أنّه لم يكن قاصداً فإنّه لا تسمع منه أصلاً، كما هو الحال في جميع العقود والإيقاعات.
مسألة 1584: إذا كان كتاب أو مصحف وقد كتب عليه أنّه وقف فإن احتفّ بقرائن تورث الاطمئنان بصحّة الكتابة كختم مكتبة معروفة أو عالم مشهور حكم بوقفيّته، وكذا إذا أحرز أنّه كان تحت يد الكاتب واستيلائه حين الكتابة فإنّه يحكم بوقفيّته أخذاً بإقراره على نفسه.
ولو ادّعى بعد ذلك أنّ تلك الكتابة كانت لمصلحة فعليه إثباتها بالبيّنة إلّا أن يحصل الوثوق بصدقه.
مسألة 1585: إذا وجدت ورقة في تركة الميّت قد كتب عليها أنّ بعض ما تركه وقف فإن كان على نحو يعدّ اعترافاً منه بوقفيّته - كما إذا كانت مُذَيّلَة بتوقيعه أو ختمه أو بَصْمَة يده - ولم يحرز فقدانه لبعض شرائط نفوذ الإقرار حين صدوره منه حكم بوقفيّة ذلك الشيء وإلّا لم يحكم بها وإن كانت الورقة بخطّه.
مسألة 1586: لا فرق في حجيّة إخبار ذي اليد بين أن يكون إخباراً بأصل الوقف وأن يكون إخباراً بكيفيّته من كونه ترتيبيّاً أو تشريكيّاً وكونه على الذكور فقط أو على الذكور والإناث وأنّه على نحو التساوي أو على نحو الاختلاف، كما أنّه لا فرق في الإخبار بين أن يكون بالقول وأن يكون بالفعل كما إذا كان يتصرّف فيه على نحو الوقف أو يتصرّف فيه على نحو الوقف الترتيبيّ أو التشريكيّ أو للذكور والإناث أو للذكور دون الإناث وهكذا، فإنّ تصرّفه إذا كان ظاهراً في الإخبار عن حاله كان حجّة كخبره القوليّ.
مسألة 1587: إذا كان ملك بيد شخص يتصرّف فيه بعنوان الملكيّة لكن علم أنّه قد كان في السابق وقفاً لم ينتزع من يده بمجرّد ذلك ما لم يثبت وقفيّته فعلاً، وكذا لو ادّعى أحد أنّه قد وقف على آبائه نسلاً بعد نسل وأثبت ذلك من دون أن يثبت كونه وقفاً فعلاً، نعم لو أقرّ ذو اليد في مقابل خصمه بأنّه قد كان وقفاً إلّا أنّه قد حصل المسوّغ للبيع وقد اشتراه سقط حكم يده وينتزع منه ويلزم بإثبات الأمرين: وجود المسوّغ للبيع، ووقوع الشراء.
مسألة 1588: إذا أراد المتولّي - مثلاً - بيع العين الموقوفة بدعوى وجود المسوّغ للبيع لم يجز الشراء منه إلّا بعد التثبّت من وجوده، وأمّا لو بيعت العين الموقوفة ثُمَّ حدث شكّ للمشتري أو لطرف ثالث في وجود المسوّغ للبيع في حينه جاز البناء على صحّته، نعم إذا تنازع المتولّي والموقوف عليه مثلاً في وجود المسوّغ وعدمه فرفعوا أمرهم إلى الحاكم الشرعيّ فحكم بعدم ثبوته وبطلان البيع لزم ترتيب آثاره.