الكتب الفتوائية » منهاج الصالحين ـ الجزء الثاني (الطبعة المصححة 1445 هـ.)
البحث في:
كتاب الوصيّة ←
→ كتاب الوكالة
كتاب الهبة
الهبة هي: تمليك عين من دون عوض عنها.
ويعبّر عن بعض أقسامها بالعطيّة والنحلة والجائزة والصدقة.
مسألة 1310: الهبة عقد يتوقّف على إيجاب وقبول، ويكفي في الإيجاب كلّ ما دلّ على التمليك المذكور من لفظ أو فعل أو إشارة، ولا يعتبر فيه صيغة خاصّة ولا العربيّة، ويكفي في القبول كلّ ما دلّ على الرضا بالإيجاب من لفظ أو فعل أو نحو ذلك.
مسألة 1311: يعتبر في الواهب: البلوغ والعقل والقصد والاختيار وعدم الحجر عليه من التصرّف في الموهوب لسَفَه أو فَلَس، وتصحّ الهبة من المريض بمرض الموت على تفصيل تقدّم في كتاب الحجر .
مسألة 1312: يعتبر في الموهوب له قابليّته لتملّك الموهوب شرعاً فلا تصحّ هبة الخنزير للمسلم ولو من قبل الكافر، ولا يعتبر فيه البلوغ والعقل والقصد والاختيار إلّا إذا كان هو القابل بنفسه أو بوكيله دون ما إذا كان القابل وليّه.
مسألة 1313: يعتبر في الموهوب أن يكون عيناً فلا تصحّ هبة المنافع، وأمّا الدين فتصحّ هبته لغير من هو عليه ويكون قبضه بقبض مصداقه، وأمّا هبته لمن هو عليه بقصد إسقاطه فهو إبراء ولا يحتاج إلى القبول.
مسألة 1314: يشترط في صحّة الهبة القبض، ولا بُدَّ فيه من إذن الواهب إلّا أن يهب ما في يده فلا حاجة حينئذٍ إلى قبض جديد وإن كان الأحوط لزوماً اعتبار الإذن في القبض بقاءً.
مسألة 1315: للأب والجدّ من جهته ولاية القبول والقبض عن الصغير والمجنون إذا بلغ مجنوناً، أمّا لو جُنّ بعد البلوغ والرشد ففي كون ولاية القبول والقبض لهما أو للحاكم الشرعيّ إشكال فلا يترك الاحتياط بتوافقهما معاً، ولو وهب الوليّ أحدهما وكانت العين الموهوبة بيد الوليّ لم يحتج إلى قبض جديد.
مسألة 1316: يتحقّق القبض في المنقول وغير المنقول باستيلاء الموهوب له على الموهوب وصيرورته تحت يده وسلطانه، ويختلف صدق ذلك بحسب اختلاف الموارد.
مسألة 1317: تصحّ هبة المشاع، ويمكن قبضه ولو بقبض المجموع بإذن الشريك أو بتوكيل الموهوب له إيّاه في قبض الحصّة الموهوبة عنه، بل يتحقّق القبض الذي هو شرط للصحّة في المشاع باستيلاء الموهوب له عليه من دون إذن الشريك أيضاً، ويترتّب الأثر عليه وإن فرض كونه تعديّاً بالنسبة إليه.
مسألة 1318: لا تعتبر الفوريّة في القبض ولا كونه في مجلس العقد، فيجوز فيه التراخي عن العقد بزمان كثير، ومتى تحقّق القبض صحّت الهبة من حينه، فإذا كان للموهوب نماء سابق على القبض قد حصل بعد الهبة كان للواهب دون الموهوب له.
مسألة 1319: لو مات الواهب بعد العقد وقبل القبض بطل العقد وانفسخ، وانتقل الموهوب إلى ورثته ولا يقومون مقامه في الإقباض، فيحتاج إلى إيقاع هبة جديدة بينهم وبين الموهوب له، كما أنّه لو مات الموهوب له لا يقوم ورثته مقامه في القبض، بل يحتاج إلى هبة جديدة من الواهب إيّاهم.
مسألة 1320: إذا تمّت الهبة بحصول القبض فإن كانت لذي رحم أباً كان أو أُمّاً أو ولداً أو غيرهم لم يكن للواهب الرجوع في هبته، كما لا يحقّ له الرجوع فيها بعد التلف أو مع التعويض عنها ولو بشيء يسير، من غير فرق بين ما كان دفع العوض لأجل اشتراطه في الهبة وبين غيره بأن أطلق في العقد لكن الموهوب له أثاب الواهب وأعطاه العوض، وكذا لا يحقّ له الرجوع فيها لو قصد بهبته القربة وأراد بها وجه الله تعالى.
مسألة 1321: لا يلحق الزوج والزوجة بذي الرحم في لزوم الهبة، وإن كان الأحوط استحباباً عدم الرجوع فيها ولو قبل القبض.
مسألة 1322: يلحق بالتلف في عدم جواز الرجوع في الهبة التصرّف الناقل كالبيع والهبة، والتصرّف المغيّر للعين بحيث لا يصدق معه كون الموهوب قائماً بعينه كطحن الحنطة وخبز الدقيق وصبغ القماش أو تقطيعه وخياطته ثوباً ونحو ذلك، وأمّا التصرّف غير المغيّر كلبس الثوب وفرش السجّادة وركوب الدابّة وأمثال ذلك فلا يمنع من الرجوع، ومن الأوّل الامتزاج الموجب للشركة كما أنّ من الثاني قصارة الثوب.
مسألة 1323: فيما جاز للواهب الرجوع في هبته لا فرق بين الكلّ والبعض، فلو وهب شيئين لأجنبيّ بعقد واحد يجوز له الرجوع في أحدهما، بل لو وهب شيئاً واحداً يجوز له الرجوع في بعضه مشاعاً أو معيّناً ومفروزاً.
مسألة 1324: الهبة إمّا معوّضة أو غير معوّضة، والمراد بالأُولى ما شرط فيها الثواب والعوض وإن لم يعط العوض وما عوّض عنها وإن لم يشترط فيها العوض.
مسألة 1325: إذا وهب وأطلق لم يلزم على الموهوب له إعطاء الثواب والعوض، سواء أكانت من الأدنى للأعلى أو العكس أو من المساوي للمساوي وإن كان الأولى بل الأحوط استحباباً في الصورة الأُولى إعطاؤه، ولو أعطى العوض لم يجب على الواهب قبوله، وإن قبل وأخذه لزمت الهبة ولم يكن له الرجوع فيما وهبه ولم يكن للموهوب له أيضاً الرجوع فيما أعطاه.
مسألة 1326: إذا شرط الواهب في هبته على الموهوب له أن يعوّضه عليها كأن يهبه شيئاً مكافأة لهبته ووقع منه القبول على ما اشترط وكذا القبض للموهوب وجب عليه العمل بالشرط، فإذا تعذّر أو امتنع من العمل به جاز للواهب الرجوع في الهبة ولو لم يكن الموهوب قائماً بعينه، بل يجوز الرجوع في الهبة المشروطة قبل العمل بالشرط أيضاً، نعم إذا كان تدريجيّاً وشرع فيه الموهوب له لم يكن للواهب الرجوع إلّا مع عدم الإكمال في المدّة المضروبة أو المتعارفة.
مسألة 1327: لو عيّن العوض في الهبة المشروط فيها العوض تعيّن ويلزم على الموهوب له بذل ما عيّن، ولو أطلق - بأن شرط عليه أن يعوّض ولم يعيّن العوض - فإن اتّفقا على شـيء فذاك، وإلّا فالأحوط لزوماً أن يعوّض بالمساوي من مثل أو قيمة إلّا إذا كانت قرينة من عادة أو غيرها على الاجتزاء باليسير .
مسألة 1328: لا يعتبر في الهبة المعوّضة - سواء أكان التعويض وفاءً بالشرط أم تبرّعاً - أن يكون العوض هبة الموهوب له عيناً للواهب بل يجوز أن يكون غيرها من العقود أو الإيقاعات كبيع شـيء على الواهب بأقلّ من قيمته السوقيّة مثلاً أو إبراء ذمّته من دين له عليه ونحو ذلك، بل يجوز أن يكون عملاً خارجيّاً - ولو في العين الموهوبة - يتعلّق به غرض الواهب كأن يشترط على الموهوب له أن يبني في الأرض الموهوبة مدرسة أو مسجداً أو غيرهما.
مسألة 1329: لو رجع الواهب في هبته فيما جاز له الرجوع وكان للموهوب نماءٌ منفصل حدث بعد العقد والقبض كالولد كان من مال الموهوب له ولا يرجع إلى الواهب، وإن كان النماء متّصلاً فإن كان غير قابل للانفصال كالسِّمَن والطول فهو تابع للعين فيرجع الواهب إلى العين كما هي إلّا إذا كان النماء كثيراً كما سيأتي، وإن كان قابلاً للانفصال كالصوف والثمرة ونحوهما فهو بحكم الزيادة المنفصلة أي تكون الزيادة للموهوب له بعد رجوع الواهب أيضاً.
مسألة 1330: إذا كان النماء المتّصل غير القابل للانفصال بحيث لا يصدق معه كون الموهوب قائماً بعينه، كما لو وهبه فرخاً في أوّل خروجه من البيضة فصار دجاجاً لم يكن للواهب الرجوع.
مسألة 1331: لو مات الواهب بعد إقباض الموهوب لزمت الهبة - وإن كانت لأجنبيّ ولم تكن معوّضة - وليس لورثته الرجوع، وكذلك لو مات الموهوب له، فينتقل الموهوب إلى ورثته انتقالاً لازماً.
مسألة 1332: لو باع الواهب العين الموهوبة فإن كانت الهبة لازمة بأن كانت لذي رحم أو معوّضة أو قصد بها القربة يقع البيع فضوليّاً، فإن أجاز الموهوب له صحّ وإلّا بطل، وإن كانت غير لازمة صحّ البيع ووقع من الواهب وكان رجوعاً في الهبة، هذا إذا كان ملتفتاً إلى هبته، وأمّا لو كان ناسياً أو غافلاً وذاهلاً ففي كونه رجوعاً قهريّاً إشكال، فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
مسألة 1333: الرجوع إمّا بالقول كأن يقول: (رجعت) وما يفيد معناه، وإمّا بالفعل كاسترداد العين وأخذها من يد الموهوب له بقصد الرجوع، ومن ذلك بيعها بل وإجارتها ورهنها إذ كان ذلك بقصد الرجوع.
مسألة 1334: لا يشترط في الرجوع اطّلاع الموهوب له، فلو أنشأ الرجوع من غير علمه صحّ.
مسألة 1335: يستحبّ العطيّة للأرحام الذين أمر الله تعالى أكيداً بصلتهم ونهى شديداً عن قطيعتهم، فعن الباقر (عليه السلام): في كتاب عليّ (عليه السلام): (ثلاثة لا يموت صاحبهنّ أبداً حتّى يرى وبالهنّ: البغي، وقطيعة الرحم، واليمين الكاذبة يبارز الله تعالى بها، وإن أعجل الطاعة ثواباً لصلة الرحم، وإنّ القوم ليكونون فجّاراً فيتواصلون فَتنْمى أموالهم ويُثْرون، وإنّ اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم لَتَذَران الديار بلاقع من أهلها) وخصوصاً الوالدين الَّذَيْن أمر الله تعالى ببرّهما، فعن الصادق (عليه السلام): (إنّ رجلاً أتى النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وقال: أوصني قال: لا تشرك بالله شيئاً وإن أُحرقت بالنار وعُذّبت إلّا وقلبك مطمئنّ بالإيمان، ووالديك فأطعهما وبرّهما حيّين كانا أو ميّتين، وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل فإنّ ذلك من الإيمان).
ولا سيّما الأُمّ التي يتأكّد برّها وصلتها أزيد من الأب فعن الصادق (عليه السلام): (جاء رجل إلى النبيّ (صلّى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله من أبرّ ؟ قال: أُمّك، قال: ثُمَّ من؟ قال: أُمّك، قال: ثُمَّ من؟ قال: أُمّك، قال: ثُمَّ من؟ قال: أباك).
مسألة 1336: يجوز تفضيل بعض الولد على بعض في العطيّة على كراهيّة، وربّما يحرم إذا كان سبباً لإثارة الفتنة والشحناء والبغضاء المؤدّية إلى الفساد، كما أنّه ربّما يفضل التفضيل فيما إذا أمن من الفساد وكان لبعضهم خصوصيّة موجبة لأولويّة رعايته.
كتاب الوصيّة ←
→ كتاب الوكالة
ويعبّر عن بعض أقسامها بالعطيّة والنحلة والجائزة والصدقة.
مسألة 1310: الهبة عقد يتوقّف على إيجاب وقبول، ويكفي في الإيجاب كلّ ما دلّ على التمليك المذكور من لفظ أو فعل أو إشارة، ولا يعتبر فيه صيغة خاصّة ولا العربيّة، ويكفي في القبول كلّ ما دلّ على الرضا بالإيجاب من لفظ أو فعل أو نحو ذلك.
مسألة 1311: يعتبر في الواهب: البلوغ والعقل والقصد والاختيار وعدم الحجر عليه من التصرّف في الموهوب لسَفَه أو فَلَس، وتصحّ الهبة من المريض بمرض الموت على تفصيل تقدّم في كتاب الحجر .
مسألة 1312: يعتبر في الموهوب له قابليّته لتملّك الموهوب شرعاً فلا تصحّ هبة الخنزير للمسلم ولو من قبل الكافر، ولا يعتبر فيه البلوغ والعقل والقصد والاختيار إلّا إذا كان هو القابل بنفسه أو بوكيله دون ما إذا كان القابل وليّه.
مسألة 1313: يعتبر في الموهوب أن يكون عيناً فلا تصحّ هبة المنافع، وأمّا الدين فتصحّ هبته لغير من هو عليه ويكون قبضه بقبض مصداقه، وأمّا هبته لمن هو عليه بقصد إسقاطه فهو إبراء ولا يحتاج إلى القبول.
مسألة 1314: يشترط في صحّة الهبة القبض، ولا بُدَّ فيه من إذن الواهب إلّا أن يهب ما في يده فلا حاجة حينئذٍ إلى قبض جديد وإن كان الأحوط لزوماً اعتبار الإذن في القبض بقاءً.
مسألة 1315: للأب والجدّ من جهته ولاية القبول والقبض عن الصغير والمجنون إذا بلغ مجنوناً، أمّا لو جُنّ بعد البلوغ والرشد ففي كون ولاية القبول والقبض لهما أو للحاكم الشرعيّ إشكال فلا يترك الاحتياط بتوافقهما معاً، ولو وهب الوليّ أحدهما وكانت العين الموهوبة بيد الوليّ لم يحتج إلى قبض جديد.
مسألة 1316: يتحقّق القبض في المنقول وغير المنقول باستيلاء الموهوب له على الموهوب وصيرورته تحت يده وسلطانه، ويختلف صدق ذلك بحسب اختلاف الموارد.
مسألة 1317: تصحّ هبة المشاع، ويمكن قبضه ولو بقبض المجموع بإذن الشريك أو بتوكيل الموهوب له إيّاه في قبض الحصّة الموهوبة عنه، بل يتحقّق القبض الذي هو شرط للصحّة في المشاع باستيلاء الموهوب له عليه من دون إذن الشريك أيضاً، ويترتّب الأثر عليه وإن فرض كونه تعديّاً بالنسبة إليه.
مسألة 1318: لا تعتبر الفوريّة في القبض ولا كونه في مجلس العقد، فيجوز فيه التراخي عن العقد بزمان كثير، ومتى تحقّق القبض صحّت الهبة من حينه، فإذا كان للموهوب نماء سابق على القبض قد حصل بعد الهبة كان للواهب دون الموهوب له.
مسألة 1319: لو مات الواهب بعد العقد وقبل القبض بطل العقد وانفسخ، وانتقل الموهوب إلى ورثته ولا يقومون مقامه في الإقباض، فيحتاج إلى إيقاع هبة جديدة بينهم وبين الموهوب له، كما أنّه لو مات الموهوب له لا يقوم ورثته مقامه في القبض، بل يحتاج إلى هبة جديدة من الواهب إيّاهم.
مسألة 1320: إذا تمّت الهبة بحصول القبض فإن كانت لذي رحم أباً كان أو أُمّاً أو ولداً أو غيرهم لم يكن للواهب الرجوع في هبته، كما لا يحقّ له الرجوع فيها بعد التلف أو مع التعويض عنها ولو بشيء يسير، من غير فرق بين ما كان دفع العوض لأجل اشتراطه في الهبة وبين غيره بأن أطلق في العقد لكن الموهوب له أثاب الواهب وأعطاه العوض، وكذا لا يحقّ له الرجوع فيها لو قصد بهبته القربة وأراد بها وجه الله تعالى.
مسألة 1321: لا يلحق الزوج والزوجة بذي الرحم في لزوم الهبة، وإن كان الأحوط استحباباً عدم الرجوع فيها ولو قبل القبض.
مسألة 1322: يلحق بالتلف في عدم جواز الرجوع في الهبة التصرّف الناقل كالبيع والهبة، والتصرّف المغيّر للعين بحيث لا يصدق معه كون الموهوب قائماً بعينه كطحن الحنطة وخبز الدقيق وصبغ القماش أو تقطيعه وخياطته ثوباً ونحو ذلك، وأمّا التصرّف غير المغيّر كلبس الثوب وفرش السجّادة وركوب الدابّة وأمثال ذلك فلا يمنع من الرجوع، ومن الأوّل الامتزاج الموجب للشركة كما أنّ من الثاني قصارة الثوب.
مسألة 1323: فيما جاز للواهب الرجوع في هبته لا فرق بين الكلّ والبعض، فلو وهب شيئين لأجنبيّ بعقد واحد يجوز له الرجوع في أحدهما، بل لو وهب شيئاً واحداً يجوز له الرجوع في بعضه مشاعاً أو معيّناً ومفروزاً.
مسألة 1324: الهبة إمّا معوّضة أو غير معوّضة، والمراد بالأُولى ما شرط فيها الثواب والعوض وإن لم يعط العوض وما عوّض عنها وإن لم يشترط فيها العوض.
مسألة 1325: إذا وهب وأطلق لم يلزم على الموهوب له إعطاء الثواب والعوض، سواء أكانت من الأدنى للأعلى أو العكس أو من المساوي للمساوي وإن كان الأولى بل الأحوط استحباباً في الصورة الأُولى إعطاؤه، ولو أعطى العوض لم يجب على الواهب قبوله، وإن قبل وأخذه لزمت الهبة ولم يكن له الرجوع فيما وهبه ولم يكن للموهوب له أيضاً الرجوع فيما أعطاه.
مسألة 1326: إذا شرط الواهب في هبته على الموهوب له أن يعوّضه عليها كأن يهبه شيئاً مكافأة لهبته ووقع منه القبول على ما اشترط وكذا القبض للموهوب وجب عليه العمل بالشرط، فإذا تعذّر أو امتنع من العمل به جاز للواهب الرجوع في الهبة ولو لم يكن الموهوب قائماً بعينه، بل يجوز الرجوع في الهبة المشروطة قبل العمل بالشرط أيضاً، نعم إذا كان تدريجيّاً وشرع فيه الموهوب له لم يكن للواهب الرجوع إلّا مع عدم الإكمال في المدّة المضروبة أو المتعارفة.
مسألة 1327: لو عيّن العوض في الهبة المشروط فيها العوض تعيّن ويلزم على الموهوب له بذل ما عيّن، ولو أطلق - بأن شرط عليه أن يعوّض ولم يعيّن العوض - فإن اتّفقا على شـيء فذاك، وإلّا فالأحوط لزوماً أن يعوّض بالمساوي من مثل أو قيمة إلّا إذا كانت قرينة من عادة أو غيرها على الاجتزاء باليسير .
مسألة 1328: لا يعتبر في الهبة المعوّضة - سواء أكان التعويض وفاءً بالشرط أم تبرّعاً - أن يكون العوض هبة الموهوب له عيناً للواهب بل يجوز أن يكون غيرها من العقود أو الإيقاعات كبيع شـيء على الواهب بأقلّ من قيمته السوقيّة مثلاً أو إبراء ذمّته من دين له عليه ونحو ذلك، بل يجوز أن يكون عملاً خارجيّاً - ولو في العين الموهوبة - يتعلّق به غرض الواهب كأن يشترط على الموهوب له أن يبني في الأرض الموهوبة مدرسة أو مسجداً أو غيرهما.
مسألة 1329: لو رجع الواهب في هبته فيما جاز له الرجوع وكان للموهوب نماءٌ منفصل حدث بعد العقد والقبض كالولد كان من مال الموهوب له ولا يرجع إلى الواهب، وإن كان النماء متّصلاً فإن كان غير قابل للانفصال كالسِّمَن والطول فهو تابع للعين فيرجع الواهب إلى العين كما هي إلّا إذا كان النماء كثيراً كما سيأتي، وإن كان قابلاً للانفصال كالصوف والثمرة ونحوهما فهو بحكم الزيادة المنفصلة أي تكون الزيادة للموهوب له بعد رجوع الواهب أيضاً.
مسألة 1330: إذا كان النماء المتّصل غير القابل للانفصال بحيث لا يصدق معه كون الموهوب قائماً بعينه، كما لو وهبه فرخاً في أوّل خروجه من البيضة فصار دجاجاً لم يكن للواهب الرجوع.
مسألة 1331: لو مات الواهب بعد إقباض الموهوب لزمت الهبة - وإن كانت لأجنبيّ ولم تكن معوّضة - وليس لورثته الرجوع، وكذلك لو مات الموهوب له، فينتقل الموهوب إلى ورثته انتقالاً لازماً.
مسألة 1332: لو باع الواهب العين الموهوبة فإن كانت الهبة لازمة بأن كانت لذي رحم أو معوّضة أو قصد بها القربة يقع البيع فضوليّاً، فإن أجاز الموهوب له صحّ وإلّا بطل، وإن كانت غير لازمة صحّ البيع ووقع من الواهب وكان رجوعاً في الهبة، هذا إذا كان ملتفتاً إلى هبته، وأمّا لو كان ناسياً أو غافلاً وذاهلاً ففي كونه رجوعاً قهريّاً إشكال، فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
مسألة 1333: الرجوع إمّا بالقول كأن يقول: (رجعت) وما يفيد معناه، وإمّا بالفعل كاسترداد العين وأخذها من يد الموهوب له بقصد الرجوع، ومن ذلك بيعها بل وإجارتها ورهنها إذ كان ذلك بقصد الرجوع.
مسألة 1334: لا يشترط في الرجوع اطّلاع الموهوب له، فلو أنشأ الرجوع من غير علمه صحّ.
مسألة 1335: يستحبّ العطيّة للأرحام الذين أمر الله تعالى أكيداً بصلتهم ونهى شديداً عن قطيعتهم، فعن الباقر (عليه السلام): في كتاب عليّ (عليه السلام): (ثلاثة لا يموت صاحبهنّ أبداً حتّى يرى وبالهنّ: البغي، وقطيعة الرحم، واليمين الكاذبة يبارز الله تعالى بها، وإن أعجل الطاعة ثواباً لصلة الرحم، وإنّ القوم ليكونون فجّاراً فيتواصلون فَتنْمى أموالهم ويُثْرون، وإنّ اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم لَتَذَران الديار بلاقع من أهلها) وخصوصاً الوالدين الَّذَيْن أمر الله تعالى ببرّهما، فعن الصادق (عليه السلام): (إنّ رجلاً أتى النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وقال: أوصني قال: لا تشرك بالله شيئاً وإن أُحرقت بالنار وعُذّبت إلّا وقلبك مطمئنّ بالإيمان، ووالديك فأطعهما وبرّهما حيّين كانا أو ميّتين، وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل فإنّ ذلك من الإيمان).
ولا سيّما الأُمّ التي يتأكّد برّها وصلتها أزيد من الأب فعن الصادق (عليه السلام): (جاء رجل إلى النبيّ (صلّى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله من أبرّ ؟ قال: أُمّك، قال: ثُمَّ من؟ قال: أُمّك، قال: ثُمَّ من؟ قال: أُمّك، قال: ثُمَّ من؟ قال: أباك).
مسألة 1336: يجوز تفضيل بعض الولد على بعض في العطيّة على كراهيّة، وربّما يحرم إذا كان سبباً لإثارة الفتنة والشحناء والبغضاء المؤدّية إلى الفساد، كما أنّه ربّما يفضل التفضيل فيما إذا أمن من الفساد وكان لبعضهم خصوصيّة موجبة لأولويّة رعايته.