الكتب الفتوائية » المسائل المنتخبة - (الطبعة الجديدة المنقحة)
البحث في:
الذباحة » أحكام الذباحة ←
→ الغصب » أحكام الغصب
اللقطة » أحكام اللقطة
(مسألة 1152): اللقطة هي: المال المأخوذ المعثور عليه بعد ضياعه عن مالكه المجهول.
(مسألة 1153): إذا لم تكن للمال الملتقَط علامة يصفه بها من يدّعيه
-كالمسكوكات المفردة - جاز للملتقِط أن يتملّكه، وإن بلغت قيمته درهماً (12,6 حمّصة من الفضّة المسكوكة) أو زادت عليه، ولكنّ الأحوط استحباباً أن يتصدّق به عن مالكه.
(مسألة 1154): إذا كانت للّقطة علامة يمكن أن يصفها بها من يدّعيها وكانت قيمتها دون الدرهم لم يجب تعريفها والفحص عن مالكها، والأحوط وجوباً أن لا يتملّكها الملتقِط بل يتصدّق بها عن مالكها.
(مسألة 1155): اللقطة إذا كانت لها علامة يمكن الوصول بها إلى مالكها وبلغت قيمتها درهماً فما زاد وجب على الملتقِط تعريفها في مجامع الناس أو ما بحكمها سنة كاملة من يوم الالتقاط، سواء أكان مالكها مسلماً أو كافراً محترم المال. ولا تعتبر المباشرة في التعريف، بل للملتقِط الاستنابة فيه مع الاطمئنان بوقوعه، ويسقط وجوبه عنه مع تبرّع غيره به.
(مسألة 1156): يسقط وجوب التعريف فيما إذا كان الملتقِط يخاف من التهمة والخطر إن عرّف باللقطة، كما يسقط مع الاطمئنان بعدم الفائدة في تعريفها أو في الاستمرار فيه ولو لأجل إحراز أنّ مالكها قد سافر إلى بلد بعيد لا يصله خبرها وإن عرّفها، وفي مثل ذلك الأحوط وجوباً أن يحتفظ باللقطة لمالكها ما دام لم ييأس من الوصول إليه ولو لاحتمال أنّه بنفسه يتصدّى للتعريف بماله الضائع ليصل إلى الملتقِط خبره. ومع حصول اليأس من ذلك يتصدّق بها عن المالك بإذن الحاكم الشرعي ولا ينتظر بها حتّى تمضي سنة، ولو صادف مجيء المالك كان بالخيار بين أن يرضى بالتصدّق وبين أن يطالبه ببدلها.
(مسألة 1157): إذا عرّف اللقطة سنة ولم يظهر مالكها فإن كانت اللقطة في الحرم - أي حرم مكّة زادها الله شرفاً - فالأحوط لزوماً أن يتصدّق بها عن مالكها، وأمّا إذا كانت في غير الحرم تخيّر الملتقِط بين أن يحفظها لمالكها - ولو بالإيصاء ما لم ييأس من إيصالها إليه- وله حينئذٍ أن ينتفع بها مع التحفّظ على عينها، وبين أن يتصدّق بها عن مالكها. والأحوط وجوباً عدم تملّكها.
(مسألة 1158): لو عرّف اللقطة سنة ولم يظفر بمالكها فقصد التحفّظ بها للمالك فتلفت من دون تعدٍّ ولا تفريط لم يضمنها لمالكها وإن ظفر به. وأمّا إذا كان قد تصدّق بها عن مالكها ثُمَّ توصّل إليه كان المالك بالخيار بين أن يرضى بالتصدّق وبين أن يطالبه ببدلها.
(مسألة 1159): لو أخّر تعريف اللقطة عن أوّل زمن الالتقاط عصى، إلّا إذا كان لعذر، ولا يسقط عنه وجوبه على كلّ تقدير، فيجب تعريفها بعد ذلك، إلّا إذا كان التأخير بحدٍّ لا يرجى معه العثور على مالكها وإن عرّف بها.
(مسألة 1160): إذا كان الملتقِط صبيّاً أو مجنوناً وكانت اللقطة ذات علامة وبلغت قيمتها درهماً فما زاد فللوليّ أن يتصدّى لتعريفها، بل يجب عليه ذلك مع استيلائه عليها، فإذا لم يجد مالكها جرى عليها التخيير المتقدّم في المسألة (1157).
(مسألة 1161): لو تلفت اللقطة قبل تمام السنة فإن لم يخلّ بالمبادرة إلى التعريف ولم يتعدّ في حفظها ولم يفرّط لم يكن عليه شيء وإلّا ضمن عوضها، ويجب عليه الاستمرار في التعريف فإذا عثر على المالك دفع إليه العوض من المثل أو القيمة.
(مسألة 1162): لو عثر على مال وحسب أنّه له فأخذه ثُمَّ ظهر أنّه مال ضائع للغير كان لقطة وتجرى عليه أحكامها.
(مسألة 1163): يعتبر في التعريف أن يكون على نحوٍ لو سمعه المالك لاحتمل - احتمالاً معتدّاً به - أن يكون المال المعثور عليه له، وهذا يختلف بحسب اختلاف الموارد، فقد يكفي أن يقول: (من ضاع له شيء أو مال)، وقد لا يكفي ذلك بل لا بُدَّ أن يقول: (من ضاع له ذهب) أو نحوه، وقد لا يكفي هذا أيضاً بل يلزم إضافة بعض الخصوصيّات إليه كأن يقول: (من ضاع له قرط ذهب) مثلاً، ولكن يجب على كلّ حال الاحتفاظ بإبهام اللقطة فلا يذكر جميع صفاتها حتّى لا يتعيّن، بل الأحوط لزوماً عدم ذكر ما لا يتوقّف عليه التعريف.
(مسألة 1164): لو ادّعى اللقطة أحد ولم يُعلم أنّها له سُئل عن أوصافها وعلاماتها، فإذا توافقت الصفات والعلائم التي ذكرها مع الخصوصيّات الموجودة فيها وحصل الاطمئنان بأنّها له - كما هو الغالب - أُعطيت له، ولا يعتبر أن يذكر الأوصاف التي لا يلتفت إليها المالك غالباً. وأمّا مع عدم حصول الاطمئنان فلا يجوز دفعها إليه.
(مسألة 1165): اللقطة ذات العلامة إذا لم يعمل الملتقِط فيها بما تقدّم ضمنها، فلو وضعها في مجامع الناس كالمسجد والزقاق فأخذها شخص آخر أو تلفت ضمن بدلها للمالك.
(مسألة 1166): لو كانت اللقطة ممّا لا يبقى سنة لزم الملتقط أن يحتفظ بها لأطول مدّة تبقى محتفظة بصفاتها الدخيلة في ماليّتها، والأحوط وجوباً أن يعرّف بها خلال ذلك، فإن لم يظفر بمالكها كان بالخيار بين أن يقوّمها على نفسه ويتصرّف فيها بما يشاء وبين أن يبيعها ويحفظ ثمنها لمالكها، ولا يسقط عنه بذلك ما سبق من التعريف، فعليه أن يحفظ خصوصيّاتها وصفاتها ويتمّ تعريفها سنة كاملة، فإن وجد صاحبها دفع بدلها إليه، وإلّا عمل فيه بما تقدّم في المسألة (1157).
هذا فيما إذا اختار الملتقِط أن يقوّمها على نفسه أو تيسّر بيعها فباعها، ومع عدم الأمرين يجب عليه أن يتصدّق بها ولا يلزمه تعريفها بعد ذلك، ولو عثر على مالكها لم يضمن له قيمتها.
والأحوط وجوباً أن يكون التقويم والبيع والتصدّق في الموارد المتقدّمة بإجازة الحاكم الشرعي أو وكيله إن أمكنت.
(مسألة 1167): لا تبطل الصلاة بحمل اللقطة حالها وإن لم يكن من قصده دفعها إلى المالك على تقدير الظفر به.
(مسألة 1168): إذا تبدّل حذاء الشخص بحذاء غيره جاز له التصرّف فيه بكلّ نحو يحرز رضا صاحبه به، ولو علم أنّه قد تعمّد التبديل ظلماً وعدواناً جاز له أن يقابله بالمثل فيأخذ حذاءه بدلاً عن حذاء نفسه، بشرط أن لا تزيد قيمة المتروك على قيمة المأخوذ، وإلّا فالزيادة من مجهول المالك وتترتّب عليه أحكامه. وهكذا الحكم فيما لو علم أنّه قد اشتبه أوّلاً ولكنّه تسامح وتهاون في الردّ بعد الالتفات إلى اشتباهه.
وأمّا في غير هاتين الصورتين - سواء علم باشتباهه حدوثاً وبقاءً أم احتمل الاشتباه ولم يتيقّنه - فتجري على المتروك حكم مجهول المالك الآتي في المسألة اللاحقة.
هذا فيما إذا لم يكن الشخص هو الذي بدّل ماله بمال غيره عمداً أو اشتباهاً، وإلّا فلا يجوز له التقاصّ منه، بل يجب عليه ردّه إلى مالكه.
(مسألة 1169): إذا وقع المال المجهول مالكه - غير اللقطة - بيد شخصٍ فإن علم رضا مالكه بالتصرّف فيه جاز له التصرّف على النحو الذي يحرز رضاه به، وإلّا وجب عليه الفحص عنه ما دام يحتمل الفائدة في ذلك. وأمّا مع العلم بعدم الفائدة في الفحص فإن لم يكن قد يئس من الوصول إلى المالك حفظ المال له، ومع اليأس يتصدّق به أو يقوّمه على نفسه أو يبيعه ويتصدّق بثمنه. والأحوط لزوماً أن يكون ذلك بإجازة الحاكم الشرعي، ولو صادف فجاء المالك ولم يرض بالتصدّق ضمنه له على الأحوط لزوماً.
(مسألة 1170): إذا وجد مالاً في دار سكناه ولم يعلم أنّه له أو لغيره فإن لم يكن يدخلها أحد غيره أو يدخلها قليل من الناس فهو له، وإن كان يدخلها كثير - كما في المضائف والدواوين ونحوهما - جرى عليه حكم اللقطة.
(مسألة 1171): إذا وجد حيوان مملوك في غير العمران - كالبراري والجبال والآجام والفلوات ونحوها - فإن كان الحيوان يحفظ نفسه ويمتنع عن صغار السباع - كالذئب والثعلب - لكبر جثته أو سرعة عَدْوه أو قوّته - كالبعير والفرس والجاموس والثور ونحوها - لم يجز أخذه، سواء أكان في كلأ وماء، أم لم يكن فيهما إذا كان صحيحاً يقوى على السعي إليهما، فإن أخذه الواجد حينئذٍ كان آثماً وضامناً له وتجب عليه نفقته ولا يرجع بها على المالك.
وإذا استوفى شيئاً من نمائه كلبنه وصوفه كان عليه مثله أو قيمته، وإذا ركبه أو حمّله حملاً كان عليه أجرته، ولا تبرأ ذمّته من ضمانه إلّا بدفعه إلى مالكه، ولا يزول الضمان ولو بإرساله في الموضع الذي أخذه منه. نعم، إذا يئس من الوصول إليه ومعرفته تصدّق به عنه بإذن الحاكم الشرعي.
(مسألة 1172): إذا كان الحيوان المذكور لا يقوى على الامتناع من صغار السباع - سواء كان غير ممتنع أصلاً كالشاة، أم لم يبلغ حدّ الامتناع كصغار الإبل والخيل، أو زال عنه لعارض كالمرض ونحوه - جاز أخذه، فإن أخذه عرّفه في موضع الالتقاط إن كان فيه نُزّال، فإن لم يعرف المالك جاز له تملّكه والتصرّف فيه بالأكل والبيع ونحو ذلك، ولكن إذا وجد صاحبه وجب عليه دفع قيمته إليه لو طالبه بها. ويجوز له أيضاً إبقاؤه عنده إلى أن يعرف صاحبه ما دام لم ييأس من الظفر به ولا شيء عليه حينئذٍ.
(مسألة 1173): إذا وجد الحيوان في العمران - وهي: مواضع يكون الحيوان مأموناً فيها من السباع عادة، كالبلاد والقرى وما حولها ممّا يتعارف وصول الحيوان منها إليه - لم يجز أخذه، ومن أخذه ضمنه ويجب عليه حفظه من التلف، والإنفاق عليه بما يلزم، وليس له الرجوع على صاحبه بما أنفق. كما يجب عليه تعريفه ويبقى في يده مضموناً إلى أن يؤدّيه إلى مالكه، فإن يئس منه تصدّق به بإذن الحاكم الشرعي على الأحوط لزوماً.
نعم، إذا كان غير مأمون من التلف لبعض الطوارئ كالمرض ونحوه جاز له أخذه لدرء الخطر عنه ولا ضمان عليه، ويجب عليه أيضاً الفحص عن مالكه، فإن يئس من الوصول إليه تصدّق به كما تقدّم.
(مسألة 1174): إذا دخلت الدجاجة أو السخلة - مثلاً - في دار إنسان ولم يعرف صاحبها لم يجز له أخذها، ويجوز له إخراجها من الدار، وليس عليه شيء إذا لم يكن قد أخذها. وأمّا إذا أخذها فيجري عليها حكم مجهول المالك، وقد تقدّم في المسألة (1169).
نعم، يجوز تملّك الحمام ونحوه من الطيور إذا ملك جناحيه ولم يعرف صاحبه من دون فحص عنه.
(مسألة 1175): إذا احتاجت الضالّة إلى النفقة فإن وجد متبرّع بها أنفق عليها، وإلّا أنفق عليها من ماله، فإن كان يجوز له أخذها ولم يكن متبرّعاً في الإنفاق عليها جاز له الرجوع بما أنفقه على المالك، وإلّا لم يجز له ذلك.
(مسألة 1176): إذا كان للضالّة نماء أو منفعة جاز للآخذ - إذا كان ممّن يجوز له أخذها - أن يستوفيها ويحتسبها بدل ما أنفقه عليها، ولكن لا بُدَّ أن يكون ذلك بحساب القيمة.
(مسألة 1177): اللقيط - وهو: الطفل الذي لا كافل له ولا يستقلّ بنفسه على السعي فيما يصلحه ودفع ما يضرّه - يستحبّ أخذه، بل يجب ذلك كفاية إذا توقّف عليه حفظه، ويجب التعريف به إذا أحرز عدم كونه منبوذاً من قبل أهله واحتمل الوصول إليهم بالفحص والتعريف.
(مسألة 1178): من أخذ اللقيط فهو أحقّ من غيره بحضانته وحفظه والقيام بضرورة تربيته إلى أن يبلغ، فليس لأحدٍ - غير أبويه وأجداده ووصيّ الأب أو الجدّ - أن ينتزعه من الملتقِط ويتصدّى لحضانته.
(مسألة 1179): لا يجوز للملتقِط أن يتبنّى اللقيط ويلحقه بنفسه، ولو فعل لم يترتّب على ذلك شيء من أحكام البُنُوَّة والأُبُوَّة والأُمُومَة.
الذباحة » أحكام الذباحة ←
→ الغصب » أحكام الغصب
(مسألة 1153): إذا لم تكن للمال الملتقَط علامة يصفه بها من يدّعيه
-كالمسكوكات المفردة - جاز للملتقِط أن يتملّكه، وإن بلغت قيمته درهماً (12,6 حمّصة من الفضّة المسكوكة) أو زادت عليه، ولكنّ الأحوط استحباباً أن يتصدّق به عن مالكه.
(مسألة 1154): إذا كانت للّقطة علامة يمكن أن يصفها بها من يدّعيها وكانت قيمتها دون الدرهم لم يجب تعريفها والفحص عن مالكها، والأحوط وجوباً أن لا يتملّكها الملتقِط بل يتصدّق بها عن مالكها.
(مسألة 1155): اللقطة إذا كانت لها علامة يمكن الوصول بها إلى مالكها وبلغت قيمتها درهماً فما زاد وجب على الملتقِط تعريفها في مجامع الناس أو ما بحكمها سنة كاملة من يوم الالتقاط، سواء أكان مالكها مسلماً أو كافراً محترم المال. ولا تعتبر المباشرة في التعريف، بل للملتقِط الاستنابة فيه مع الاطمئنان بوقوعه، ويسقط وجوبه عنه مع تبرّع غيره به.
(مسألة 1156): يسقط وجوب التعريف فيما إذا كان الملتقِط يخاف من التهمة والخطر إن عرّف باللقطة، كما يسقط مع الاطمئنان بعدم الفائدة في تعريفها أو في الاستمرار فيه ولو لأجل إحراز أنّ مالكها قد سافر إلى بلد بعيد لا يصله خبرها وإن عرّفها، وفي مثل ذلك الأحوط وجوباً أن يحتفظ باللقطة لمالكها ما دام لم ييأس من الوصول إليه ولو لاحتمال أنّه بنفسه يتصدّى للتعريف بماله الضائع ليصل إلى الملتقِط خبره. ومع حصول اليأس من ذلك يتصدّق بها عن المالك بإذن الحاكم الشرعي ولا ينتظر بها حتّى تمضي سنة، ولو صادف مجيء المالك كان بالخيار بين أن يرضى بالتصدّق وبين أن يطالبه ببدلها.
(مسألة 1157): إذا عرّف اللقطة سنة ولم يظهر مالكها فإن كانت اللقطة في الحرم - أي حرم مكّة زادها الله شرفاً - فالأحوط لزوماً أن يتصدّق بها عن مالكها، وأمّا إذا كانت في غير الحرم تخيّر الملتقِط بين أن يحفظها لمالكها - ولو بالإيصاء ما لم ييأس من إيصالها إليه- وله حينئذٍ أن ينتفع بها مع التحفّظ على عينها، وبين أن يتصدّق بها عن مالكها. والأحوط وجوباً عدم تملّكها.
(مسألة 1158): لو عرّف اللقطة سنة ولم يظفر بمالكها فقصد التحفّظ بها للمالك فتلفت من دون تعدٍّ ولا تفريط لم يضمنها لمالكها وإن ظفر به. وأمّا إذا كان قد تصدّق بها عن مالكها ثُمَّ توصّل إليه كان المالك بالخيار بين أن يرضى بالتصدّق وبين أن يطالبه ببدلها.
(مسألة 1159): لو أخّر تعريف اللقطة عن أوّل زمن الالتقاط عصى، إلّا إذا كان لعذر، ولا يسقط عنه وجوبه على كلّ تقدير، فيجب تعريفها بعد ذلك، إلّا إذا كان التأخير بحدٍّ لا يرجى معه العثور على مالكها وإن عرّف بها.
(مسألة 1160): إذا كان الملتقِط صبيّاً أو مجنوناً وكانت اللقطة ذات علامة وبلغت قيمتها درهماً فما زاد فللوليّ أن يتصدّى لتعريفها، بل يجب عليه ذلك مع استيلائه عليها، فإذا لم يجد مالكها جرى عليها التخيير المتقدّم في المسألة (1157).
(مسألة 1161): لو تلفت اللقطة قبل تمام السنة فإن لم يخلّ بالمبادرة إلى التعريف ولم يتعدّ في حفظها ولم يفرّط لم يكن عليه شيء وإلّا ضمن عوضها، ويجب عليه الاستمرار في التعريف فإذا عثر على المالك دفع إليه العوض من المثل أو القيمة.
(مسألة 1162): لو عثر على مال وحسب أنّه له فأخذه ثُمَّ ظهر أنّه مال ضائع للغير كان لقطة وتجرى عليه أحكامها.
(مسألة 1163): يعتبر في التعريف أن يكون على نحوٍ لو سمعه المالك لاحتمل - احتمالاً معتدّاً به - أن يكون المال المعثور عليه له، وهذا يختلف بحسب اختلاف الموارد، فقد يكفي أن يقول: (من ضاع له شيء أو مال)، وقد لا يكفي ذلك بل لا بُدَّ أن يقول: (من ضاع له ذهب) أو نحوه، وقد لا يكفي هذا أيضاً بل يلزم إضافة بعض الخصوصيّات إليه كأن يقول: (من ضاع له قرط ذهب) مثلاً، ولكن يجب على كلّ حال الاحتفاظ بإبهام اللقطة فلا يذكر جميع صفاتها حتّى لا يتعيّن، بل الأحوط لزوماً عدم ذكر ما لا يتوقّف عليه التعريف.
(مسألة 1164): لو ادّعى اللقطة أحد ولم يُعلم أنّها له سُئل عن أوصافها وعلاماتها، فإذا توافقت الصفات والعلائم التي ذكرها مع الخصوصيّات الموجودة فيها وحصل الاطمئنان بأنّها له - كما هو الغالب - أُعطيت له، ولا يعتبر أن يذكر الأوصاف التي لا يلتفت إليها المالك غالباً. وأمّا مع عدم حصول الاطمئنان فلا يجوز دفعها إليه.
(مسألة 1165): اللقطة ذات العلامة إذا لم يعمل الملتقِط فيها بما تقدّم ضمنها، فلو وضعها في مجامع الناس كالمسجد والزقاق فأخذها شخص آخر أو تلفت ضمن بدلها للمالك.
(مسألة 1166): لو كانت اللقطة ممّا لا يبقى سنة لزم الملتقط أن يحتفظ بها لأطول مدّة تبقى محتفظة بصفاتها الدخيلة في ماليّتها، والأحوط وجوباً أن يعرّف بها خلال ذلك، فإن لم يظفر بمالكها كان بالخيار بين أن يقوّمها على نفسه ويتصرّف فيها بما يشاء وبين أن يبيعها ويحفظ ثمنها لمالكها، ولا يسقط عنه بذلك ما سبق من التعريف، فعليه أن يحفظ خصوصيّاتها وصفاتها ويتمّ تعريفها سنة كاملة، فإن وجد صاحبها دفع بدلها إليه، وإلّا عمل فيه بما تقدّم في المسألة (1157).
هذا فيما إذا اختار الملتقِط أن يقوّمها على نفسه أو تيسّر بيعها فباعها، ومع عدم الأمرين يجب عليه أن يتصدّق بها ولا يلزمه تعريفها بعد ذلك، ولو عثر على مالكها لم يضمن له قيمتها.
والأحوط وجوباً أن يكون التقويم والبيع والتصدّق في الموارد المتقدّمة بإجازة الحاكم الشرعي أو وكيله إن أمكنت.
(مسألة 1167): لا تبطل الصلاة بحمل اللقطة حالها وإن لم يكن من قصده دفعها إلى المالك على تقدير الظفر به.
(مسألة 1168): إذا تبدّل حذاء الشخص بحذاء غيره جاز له التصرّف فيه بكلّ نحو يحرز رضا صاحبه به، ولو علم أنّه قد تعمّد التبديل ظلماً وعدواناً جاز له أن يقابله بالمثل فيأخذ حذاءه بدلاً عن حذاء نفسه، بشرط أن لا تزيد قيمة المتروك على قيمة المأخوذ، وإلّا فالزيادة من مجهول المالك وتترتّب عليه أحكامه. وهكذا الحكم فيما لو علم أنّه قد اشتبه أوّلاً ولكنّه تسامح وتهاون في الردّ بعد الالتفات إلى اشتباهه.
وأمّا في غير هاتين الصورتين - سواء علم باشتباهه حدوثاً وبقاءً أم احتمل الاشتباه ولم يتيقّنه - فتجري على المتروك حكم مجهول المالك الآتي في المسألة اللاحقة.
هذا فيما إذا لم يكن الشخص هو الذي بدّل ماله بمال غيره عمداً أو اشتباهاً، وإلّا فلا يجوز له التقاصّ منه، بل يجب عليه ردّه إلى مالكه.
(مسألة 1169): إذا وقع المال المجهول مالكه - غير اللقطة - بيد شخصٍ فإن علم رضا مالكه بالتصرّف فيه جاز له التصرّف على النحو الذي يحرز رضاه به، وإلّا وجب عليه الفحص عنه ما دام يحتمل الفائدة في ذلك. وأمّا مع العلم بعدم الفائدة في الفحص فإن لم يكن قد يئس من الوصول إلى المالك حفظ المال له، ومع اليأس يتصدّق به أو يقوّمه على نفسه أو يبيعه ويتصدّق بثمنه. والأحوط لزوماً أن يكون ذلك بإجازة الحاكم الشرعي، ولو صادف فجاء المالك ولم يرض بالتصدّق ضمنه له على الأحوط لزوماً.
(مسألة 1170): إذا وجد مالاً في دار سكناه ولم يعلم أنّه له أو لغيره فإن لم يكن يدخلها أحد غيره أو يدخلها قليل من الناس فهو له، وإن كان يدخلها كثير - كما في المضائف والدواوين ونحوهما - جرى عليه حكم اللقطة.
(مسألة 1171): إذا وجد حيوان مملوك في غير العمران - كالبراري والجبال والآجام والفلوات ونحوها - فإن كان الحيوان يحفظ نفسه ويمتنع عن صغار السباع - كالذئب والثعلب - لكبر جثته أو سرعة عَدْوه أو قوّته - كالبعير والفرس والجاموس والثور ونحوها - لم يجز أخذه، سواء أكان في كلأ وماء، أم لم يكن فيهما إذا كان صحيحاً يقوى على السعي إليهما، فإن أخذه الواجد حينئذٍ كان آثماً وضامناً له وتجب عليه نفقته ولا يرجع بها على المالك.
وإذا استوفى شيئاً من نمائه كلبنه وصوفه كان عليه مثله أو قيمته، وإذا ركبه أو حمّله حملاً كان عليه أجرته، ولا تبرأ ذمّته من ضمانه إلّا بدفعه إلى مالكه، ولا يزول الضمان ولو بإرساله في الموضع الذي أخذه منه. نعم، إذا يئس من الوصول إليه ومعرفته تصدّق به عنه بإذن الحاكم الشرعي.
(مسألة 1172): إذا كان الحيوان المذكور لا يقوى على الامتناع من صغار السباع - سواء كان غير ممتنع أصلاً كالشاة، أم لم يبلغ حدّ الامتناع كصغار الإبل والخيل، أو زال عنه لعارض كالمرض ونحوه - جاز أخذه، فإن أخذه عرّفه في موضع الالتقاط إن كان فيه نُزّال، فإن لم يعرف المالك جاز له تملّكه والتصرّف فيه بالأكل والبيع ونحو ذلك، ولكن إذا وجد صاحبه وجب عليه دفع قيمته إليه لو طالبه بها. ويجوز له أيضاً إبقاؤه عنده إلى أن يعرف صاحبه ما دام لم ييأس من الظفر به ولا شيء عليه حينئذٍ.
(مسألة 1173): إذا وجد الحيوان في العمران - وهي: مواضع يكون الحيوان مأموناً فيها من السباع عادة، كالبلاد والقرى وما حولها ممّا يتعارف وصول الحيوان منها إليه - لم يجز أخذه، ومن أخذه ضمنه ويجب عليه حفظه من التلف، والإنفاق عليه بما يلزم، وليس له الرجوع على صاحبه بما أنفق. كما يجب عليه تعريفه ويبقى في يده مضموناً إلى أن يؤدّيه إلى مالكه، فإن يئس منه تصدّق به بإذن الحاكم الشرعي على الأحوط لزوماً.
نعم، إذا كان غير مأمون من التلف لبعض الطوارئ كالمرض ونحوه جاز له أخذه لدرء الخطر عنه ولا ضمان عليه، ويجب عليه أيضاً الفحص عن مالكه، فإن يئس من الوصول إليه تصدّق به كما تقدّم.
(مسألة 1174): إذا دخلت الدجاجة أو السخلة - مثلاً - في دار إنسان ولم يعرف صاحبها لم يجز له أخذها، ويجوز له إخراجها من الدار، وليس عليه شيء إذا لم يكن قد أخذها. وأمّا إذا أخذها فيجري عليها حكم مجهول المالك، وقد تقدّم في المسألة (1169).
نعم، يجوز تملّك الحمام ونحوه من الطيور إذا ملك جناحيه ولم يعرف صاحبه من دون فحص عنه.
(مسألة 1175): إذا احتاجت الضالّة إلى النفقة فإن وجد متبرّع بها أنفق عليها، وإلّا أنفق عليها من ماله، فإن كان يجوز له أخذها ولم يكن متبرّعاً في الإنفاق عليها جاز له الرجوع بما أنفقه على المالك، وإلّا لم يجز له ذلك.
(مسألة 1176): إذا كان للضالّة نماء أو منفعة جاز للآخذ - إذا كان ممّن يجوز له أخذها - أن يستوفيها ويحتسبها بدل ما أنفقه عليها، ولكن لا بُدَّ أن يكون ذلك بحساب القيمة.
(مسألة 1177): اللقيط - وهو: الطفل الذي لا كافل له ولا يستقلّ بنفسه على السعي فيما يصلحه ودفع ما يضرّه - يستحبّ أخذه، بل يجب ذلك كفاية إذا توقّف عليه حفظه، ويجب التعريف به إذا أحرز عدم كونه منبوذاً من قبل أهله واحتمل الوصول إليهم بالفحص والتعريف.
(مسألة 1178): من أخذ اللقيط فهو أحقّ من غيره بحضانته وحفظه والقيام بضرورة تربيته إلى أن يبلغ، فليس لأحدٍ - غير أبويه وأجداده ووصيّ الأب أو الجدّ - أن ينتزعه من الملتقِط ويتصدّى لحضانته.
(مسألة 1179): لا يجوز للملتقِط أن يتبنّى اللقيط ويلحقه بنفسه، ولو فعل لم يترتّب على ذلك شيء من أحكام البُنُوَّة والأُبُوَّة والأُمُومَة.