الكتب الفتوائية » المسائل المنتخبة - (الطبعة الجديدة المنقحة)
البحث في:
أحكام المعاملات » أحكام الجعالة ←
→ أحكام المعاملات » أحكام الصلح
أحكام المعاملات » أحكام الاجارة
(مسألة 759): الإجارة هي: المعاوضة على المنفعة عملاً كانت أو غيره. والأوّل مثل: إجارة الخيّاط للخياطة، والثاني مثل: إجارة الدار للسكنى.
ويعتبر في المؤجّر والمستأجر: البلوغ والعقل والاختيار والرشد، ولا تصحّ إجارة المفلس أمواله التي حُجر عليها، ولكن تصحّ إجارته نفسه.
(مسألة 760): لا تصحّ الإجارة إذا لم يكن المؤجّر مالكاً للمنفعة أو بحكمه(1) ولم يكن وليّاً على المالك ولا وكيلاً عنه. نعم، تصحّ إذا تعقّبت بالإجازة.
(مسألة 761): إذا آجر الوليّ مال الطفل مدّة وبلغ الطفل أثناءها كانت صحّة الإجارة بالنسبة إلى ما بعد بلوغه موقوفة على إجازته، حتّى فيما إذا كان عدم جعل ما بعد البلوغ جزءاً من مدّة الإيجار على خلاف مصلحة الطفل.
وهكذا الحكم فيما إذا آجر الوليّ الطفل نفسه إلى مدّة فبلغ أثناءها. نعم، إذا كان امتداد مدّة الإيجار إلى ما بعد البلوغ مقتضى مصلحة ملزمة شرعاً - بحيث يعلم عدم رضا الشارع بتركها - صحّ الإيجار كذلك بإذن الحاكم الشرعي، ولم يكن للطفل أن يفسخه بعد بلوغه.
(مسألة 762): لا يجوز استئجار الطفل الذي لا وليّ له - من الأب أو الجدّ من طرفه أو الوصيّ لأحدهما - إلّا بإجازة المجتهد العادل أو وكيله، وإذا لم يتمكّن من الوصول إليه جاز استئجاره بإجازة بعض عدول المؤمنين.
(مسألة 763): لا تعتبر العربيّة في صيغة الإجارة، بل لا يعتبر اللفظ في صحّتها، فلو سلّم المؤجّر ماله للمستأجر بقصد الإيجار وقبضه المستأجر بقصد الاستئجار صحّت الإجارة، وتكفي في الأخرس الإشارة المفهمة للإيجار والاستئجار.
(مسألة 764): لو استأجر دكّاناً أو داراً أو بيتاً بشرط أن ينتفع به هو بنفسه لم يجز إيجاره للغير على وجه ينتفع به الغير، ويجوز لو كان على نحو يرجع الانتفاع به لنفس المستأجر الأوّل، كأن تستأجر امرأة داراً ثُمَّ تتزوّج فتؤجّر الدار لزوجها لسكناها.
(مسألة 765): إذا استأجر عيناً فله أن يؤجّرها من غيره، إلّا إذا اشترط عليه عدم إيجارها صريحاً أو كان الإيجار غير متعارف خارجاً بحيث أغنى ذلك عن التصريح باشتراط عدمه، ولكنّ الأحوط لزوماً عدم تسليم العين إلى المستأجر الثاني من دون رضا المؤجّر المستكشف ولو من قرائن الحال.
وعلى هذا فلو استأجر سيّارة للركوب أو لحمل المتاع مدّة معيّنة فآجرها في تلك المدّة أو في بعضها من آخر صحّ، ولكن يستأذن المالك في تسليمها إليه، أو لا يسلِّمها بل يبقى فيها وإن ركبها ذلك الآخر أو حَمَّلها متاعه.
(مسألة 766): لو جاز للمستأجر أن يؤجّر العين المستأجرة وأراد أن يؤجّرها بأزيد ممّا استأجرها به فلا بُدَّ أن يحدث فيها شيئاً كالترميم أو التبييض أو يغرم فيها غرامة ولو لحفظها وصيانتها - بشرط أن تكون الزيادة متناسبة لما أحدث أو غرم على الأحوط لزوماً -، وإلّا لم يجز له ذلك.
هذا في الدار والسفينة والحانوت، وكذا في غيرها من الأعيان المستأجرة حتّى الأراضي الزراعية على الأحوط لزوماً.
ولا فرق في عدم جواز الإيجار بالأزيد بين أن يؤجّرها بنفس الجنس الذي استأجرها به أو بغير ذاك الجنس، سواء كان من النقود أم من غيرها.
(مسألة 767): لو اشترط في الإجارة أن يكون عمل الأجير لشخص المستأجر لم يجز له إيجاره ليعمل لشخص آخر، ويجوز ذلك مع عدم الاشتراط أو ما بحكمه كما مرّ، إلّا أنّه لا يجوز أن يؤجّره بأزيد ممّا استأجره، سواء أكانت الأجرتان من جنس واحد أم لا.
(مسألة 768): إذا آجر نفسه لعمل من دون تقييد بالمباشرة ولا مع الانصراف إليها لم يجز له أن يستأجر غيره لذلك العمل بعينه بالأقلّ قيمة من الأجرة في إجارة نفسه. نعم، لا بأس بذلك إذا أتى ببعض العمل ولو قليلاً فاستأجر غيره للباقي بالأقلّ قيمة من الأجرة.
(مسألة 769): إذا استأجر الدكّان - مثلاً - لمدّة وانتهت المدّة لم يجز له البقاء فيه من دون رضا المالك، إلّا إذا كان قد اشترط عليه في ضمن عقد الإجارة أو في عقد لازم آخر أن يكون له أو لمن يعيّنه - مباشرة أو بواسطة - حقّ اشغال الدكّان والاستفادة منه إزاء مبلغ معيّن سنويّاً أو إزاء ما يعادل أجرته المتعارفة في كلّ سنة، فإنّه في هذه الصورة يجوز للمستأجر أو لمن يعيّنه البقاء في الدكّان ولو من دون رضا المالك، ولا يحقّ للمالك إلّا أن يطالب بالمبلغ الذي اتّفقا عليه إزاء الحقّ المذكور المسمّى في عرفنا بـ «السرقفليّة».
(مسألة 770): يعتبر في العين المستأجرة أمور:
1- التعيين، فلو قال: (آجرتك إحدى دوري) لم تصحّ الإجارة.
2- المعلوميّة، بأن يشاهد المستأجر العين المستأجرة أو توصف له خصوصيّتها التي تختلف فيها الرغبات ولو كان ذلك بتوصيف المؤجّر، وهكذا فيما لو كانت كلّية.
3- التمكّن من التسليم، ويكفي تمكّن المستأجر من الاستيلاء عليها، فتصحّ إجارة الدابّة الشاردة - مثلاً - إذا كان المستأجر قادراً على أخذها.
4- إمكان الانتفاع بها مع بقاء عينها، فلا تصحّ إجارة النقود ونحوها للاتّجار بها.
5- قابليتها للانتفاع المقصود من الإجارة، فلا تصحّ إجارة الأرض للزراعة إذا لم يكن المطر وافياً ولم يمكن سقيها من النهر أو غيره.
(مسألة 771): يصحّ إيجار الشجر للانتفاع بثمرها غير الموجود فعلاً، وكذلك إيجار الحيوان للانتفاع بلبنه أو البئر للاستقاء.
(مسألة 772): يجوز للمرأة إيجار نفسها للإرضاع من غير حاجة إلى إجازة زوجها. نعم، لو أوجب ذلك تضييع حقّه توقّفت صحّة الإجارة على إجازته.
(مسألة 773): تعتبر في المنفعة التي يستأجر المال لأجلها أمور أربعة:
1- أن تكون محلّلة، فلو انحصرت منافع المال في الحرام، أو اشترط الانتفاع بخصوص المحرّم منها، أو أوقع العقد مبنيّاً على ذلك بطلت الإجارة، كما لو آجر الدكّان بشرط أن يباع أو يحفظ فيه الخمر، أو آجر السيّارة بشرط أن يحمل الخمر عليها.
2- أن تكون لها ماليّة يبذل المال بإزائها عند العقلاء على الأحوط لزوماً.
3- تعيين نوع المنفعة، فلو آجر سيّارة تصلح للركوب ولحمل الأثقال وجب تعيين حقّ المستأجر من الركوب أو الحمل أو كليهما.
4- تعيين مقدار المنفعة، وهو إما بتعيين المدّة كما في إجارة الدار والدكّان ونحوهما، وإمّا بتعيين العمل كخياطة الثوب المعيّن على كيفيّة معيّنة أو سياقة السيّارة إلى بلد معلوم من طريق معيّن، وإمّا بتعيين المسافة كركوب السيّارة لمسافة معلومة.
(مسألة 774): يحرم حلق اللحية وأخذ الأجرة عليه على الأحوط لزوماً، إلّا إذا كان مكرهاً على الحلق أو مضطرّاً إليه لعلاج أو نحوه أو خاف الضرر من تركه أو كان تركه حرجيّاً عليه بحدٍّ لا يُتحمّل عادةً، ففي هذه الموارد يجوز الحلق، كما يجوز للحلّاق أخذ الأجرة عليه.
(مسألة 775): لا بُدَّ من تعيين الزمان في موارد تعيين المنفعة بالمدّة كسكنى الدار، أو بالمسافة كركوب السيارة، إلّا إذا كان هناك قرينة على التعيين، كالإطلاق الذي هو قرينة على أن ابتداءها من حين إجراء العقد.
ولا يعتبر تعيين المدّة في الإجارة على الأعمال كالخياطة، إلّا إذا اختلفت الأغراض باختلاف الأزمنة التي يقع فيها العمل فلا بُدَّ من تعيين الزمان فيه أيضاً، إلّا إذا وُجدت قرينة عليه كالإطلاق الذي يقتضي التعجيل على الوجه العرفي.
(مسألة 776): لو آجر داره سنة وجعل ابتداءها بعد مضيّ شهر - مثلاً - من إجراء الصيغة صحّت الإجارة وإن كانت العين عند إجراء الصيغة مستأجرة للغير.
(مسألة 777): لا تصحّ الإجارة إذا لم تتعيّن مدّة الإيجار، فلو قال: (آجرتك الدار كلّ شهر بدينار مهما أقمت فيها) لم تصحّ. وإذا آجرها شهراً معيّناً بدينار وقال: (كلّما أقمت بعد ذلك فبحسابه) صحّت الإجارة في الشهر الأوّل خاصّة.
(مسألة 778): الدور المعدّة لإقامة الغرباء والزوّار إذا لم يعلم مقدار مكثهم فيها وحصل الاتّفاق على أداء مقدار معيّن عن إقامة كلّ ليلة - مثلاً - يجوز التصرّف فيها، ولكن لا يصحّ ذلك إجارةً؛ حيث لا يعلم مدّة الإيجار، بل يكون من الإباحة المشروطة بالعوض، فللمالك إخراجهم متى ما أراد.
(مسألة 779): لا بأس بأخذ الأجرة على ذكر مصيبة سيد الشهداء وسائر الأئمة (عليهم السلام) وذكر فضائلهم والخطب المشتملة على المواعظ ونحو ذلك.
(مسألة 780): تجوز الإجارة عن الميّت في العبادات الواجبة عليه نظير الصلاة والصيام والحجّ، ولا يجوز ذلك عن الحيّ إلّا في الحجّ عن المستطيع العاجز عن المباشرة أو من استقر عليه الحجّ ولم يتمكّن من المباشرة.
وتجوز الإجارة عن الحيّ والميّت في بعض المستحبّات العباديّة كالحجّ المندوب وزيارة الأئمة (عليهم السلام) وما يتبعهما من الصلاة.
ولا بأس بإتيان المستحبّات وإهداء ثوابها إلى الأحياء، كما يجوز ذلك في الأموات.
(مسألة 781): لا تجوز على الأحوط الإجارة على تعليم مسائل الحلال والحرام وتعليم الواجبات مثل الصلاة والصيام ونحوهما ممّا كان محلّ الابتلاء دون غيره.
والأحوط لزوماً عدم أخذ الأجرة على تغسيل الأموات وتكفينهم ودفنهم. نعم، لا بأس بأخذ الأجرة على خصوصيّة زائدة فيها على المقدار الواجب.
(مسألة 782): يعتبر في الأجرة أن تكون معلومة، فلو كانت من المكيل أو الموزون قدّرت بهما، ولو كانت من المعدود كالنقود قدّرت بالعدّ، وإن كانت ممّا تعتبر مشاهدته في المعاملات لزم أن يشاهدها المؤجّر أو يبيّن المستأجر خصوصيّاتها له.
(مسألة 783): يجوز للأجير على الخياطة ونحوها أن يحبس العين التي استؤجر للعمل فيها بعد إتمام العمل إلى أن يستوفي الأجرة، وإذا حبسها لذلك فتلفت من غير تفريط لم يضمن.
(مسألة 784): لا يستحقّ المؤجّر مطالبة الأجرة قبل تسليم العين المستأجرة، وكذلك الأجير لا يستحقّ مطالبة الأجرة قبل إتيانه بالعمل، إلّا إذا جرت العادة بتسليمها مسبقاً - كالأجير للحجّ - أو اشترط ذلك.
(مسألة 785): إذا سلّم المؤجّر العين المستأجرة وجب على المستأجر تسليم الأجرة وإن لم يتسلّم العين المستأجرة أو لم ينتفع بها في بعض المدّة أو تمامها.
(مسألة 786): إذا آجر نفسه لعمل وسلّم نفسه إلى المستأجر ليعمل له استحقّ الأجرة وإن لم يستوفه المستأجر، مثلاً: إذا آجر نفسه لخياطة ثوب في يوم معيّن وحضر في ذلك اليوم للعمل، وجب على المستأجر إعطاء الأجرة وإن لم يسلّمه الثوب ليخيطه، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الأجير فارغاً في ذلك اليوم أو مشتغلاً بعمل آخر لنفسه أو لغيره.
(مسألة 787): لو ظهر بطلان الإجارة بعد انقضاء مدّتها وجب على المستأجر أداء أجرة المثل، فلو استأجر داراً سنة بمائة دينار وظهر بطلانها بعد مضيّ المدّة فإن كانت أجرته المتعارفة خمسين ديناراً لم يجب على المستأجر أزيد من خمسين ديناراً. نعم، لو كانت الأجرة المتعارفة مائتي دينار - مثلاً - وكان المؤجّر هو المالك أو وكيله المفوّض إليه أمر تحديد الأجرة - وكان عالماً بأجرة المثل - لم يكن له أخذ الزائد على الأجرة المسمّاة وهي المائة دينار.
ولو ظهر بطلان الإجارة أثناء المدّة فحكمه بالنسبة إلى ما مضى حكم ظهور البطلان بعد تمام المدّة.
(مسألة 788): إذا تلفت العين المستأجرة لم يضمنها المستأجر إذا لم يتعدّ ولم يقصّر في حفظها، وكذلك الحال في تلف المال عند الأجير كالخيّاط فإنّه لا يضمن تلف الثوب إذا لم يكن منه تعدّ أو تفريط. نعم، إذا أفسده بعمله فيه كان ضامناً له وإن لم يكن عن قصد. ومثله كلّ من آجر نفسه لعمل في مال غيره إذا أفسد ذلك المال.
(مسألة 789): إذا ذبح القصّاب حيواناً بطريق غير مشروع فهو ضامن له، ولا فرق في ذلك بين الأجير والمتبرّع بعمله.
(مسألة 790): إذا استأجر سيّارة لحمل كميّة معلومة من المتاع فحمّلها أكثر من تلك الكميّة فعابت كان عليه ضمانها، وكذا إذا لم تُعيّن الكميّة وحمّلها أكثر من المقدار المتعارف. وعلى كلا التقديرين يجب عليه دفع أجرة الزائد أيضاً سواء عابت السيّارة أم لا.
(مسألة 791): لو آجر دابّة لحمل الزجاج - مثلاً - فعثرت فانكسر الزجاج لم يضمنه المؤجّر، إلّا إذا كانت عثرتها بسببه، كما لو ضربها ضرباً غير متعارف فعثرت.
(مسألة 792): الختَّان إن قصّر أو أخطأ في عمله كأن تجاوز عن الحدّ المتعارف فتضرّر الطفل أو مات كان ضامناً. وإن تضرر أو مات بأصل الختان لم يكن عليه ضمان إذا لم يعهد إليه إلّا إجراء عملية الختان - دون تشخيص ما إذا كان الطفل يتضرّر بها أم لا - ولم يكن يعلم بتضرّره مسبقاً.
(مسألة 793): لو عالج الطبيب المريض مباشرة أو وصف له الدواء حسب ما يراه، فاستعمله المريض وتضرّر أو مات كان ضمانه عليه وإن لم يكن مقصّراً.
(مسألة 794): لو تبرّأ الطبيب من الضمان ومات المريض أو تضرّر بطبابته لم يضمن إذا كان حاذقاً وقد أعمل دقّته واحتاط في المعالجة.
(مسألة 795): تنفسخ الإجارة بفسخ المؤجّر والمستأجر إذا تراضيا على ذلك، وكذلك تنفسخ بفسخ من اشترط له حقّ الفسخ في عقد الإجارة من المؤجّر أو المستأجر أو كليهما.
(مسألة 796): إذا ظهر غبن المؤجّر أو المستأجر كان له خيار الغبن، على تفصيل تقدّم نظيره في البيع. ولو أسقط حقّه في ضمن العقد أو بعده لم يستحقّ الفسخ.
(مسألة 797): إذا غصبت العين المستأجرة قبل التسليم إلى المستأجر فله فسخ الإجارة واسترجاع الأجرة، وله أن لا يفسخ ويطالب الغاصب بعوض المنفعة الفائتة، فلو استأجر سيّارة شهراً بعشرة دنانير وغصبت عشرة أيّام وكانت أجرتها المتعارفة في العشرة أيّام خمسة عشر ديناراً، جاز للمستأجر أن يطالب الغاصب بخمسة عشر ديناراً.
(مسألة 798): إذا مُنِعَ المستأجر من تسلّم العين المستأجرة أو غُصِبَت منه بعد تسلّمها أو منع من الانتفاع بها لم يجز له الفسخ، وكانت له المطالبة من الغاصب بعوض المنفعة الفائتة.
(مسألة 799): لا تبطل الإجارة ببيع المؤجّر العين المستأجرة قبل انقضاء المدّة من المستأجر أو من غيره.
(مسألة 800): تبطل الإجارة بسقوط العين المستأجرة عن قابليّة الانتفاع منها بالمنفعة الخاصّة المملوكة، فإذا استأجر داراً سنة - مثلاً - فانهدمت قبل دخول السنة أو بعد دخولها بلا فصل بطلت الإجارة، وإذا انهدمت أثناء السنة تبطل الإجارة بالنسبة إلى المدّة الباقية، وكان للمستأجر الخيار في فسخ الإيجار، فإن فسخ رجع على المؤجّر بتمام الأجرة المسمّاة وعليه له أجرة المثل بالنسبة إلى المدّة الماضية، وإن لم يفسخ قسّطت الأجرة بالنسبة، وكان للمالك حصّة من الأجرة بنسبة المدّة الماضية.
(مسألة 801): إذا استأجر داراً فانهدم قسم منها فإن كانت بحيث لو أُعيد بناء القسم المهدوم على الوجه المتعارف لعدّت بعد التعمير مغايرة لما قبله في النظر العرفي كان حكمه ما تقدّم في المسألة السابقة، وإن لم تُعدّ كذلك فإن أقدم المؤجّر على تعميرها فوراً على وجه لا يتلف شيء من منفعتها عرفاً لم تبطل الإجارة ولم يكن للمستأجر حقّ الفسخ، وإن لم يُقدم على ذلك وكان قادراً عليه فللمستأجر إلزامه به، فإن لم يفعل كان له مطالبته بأجرة مثل المنفعة الفائتة، كما أن له الخيار في فسخ الإجارة رأساً - ولو مع التمكّن من إلزامه - فإن فسخ كان عليه للمؤجّر أجرة مثل ما استوفاه من المنافع ويرجع عليه بتمام الأجرة المسمّاة، وإن لم يُقدم على تعميرها على الوجه المذكور لتعذّره ولو في حقّه فتلف مقدار من منفعة الدار بطلت الإجارة بالنسبة إلى المنافع الفائتة، وكان للمستأجر حقّ فسخ أصل الإجارة، فإن فسخ جرى عليه ما تقدّم في الصورة السابقة عند الفسخ.
(مسألة 802): إن موت المؤجّر أو المستأجر لا يقتضي بنفسه بطلان الإجارة مطلقاً. نعم، قد يقتضيه من جهة أخرى، كما إذا لم يكن المؤجّر مالكاً للعين المستأجرة بل مالكاً لمنفعتها ما دام حيّاً - بوصيّة أو نحوها - فمات أثناء مدّة الإجارة فإنّها تبطل حينئذٍ بالنسبة إلى المدّة الباقية.
(مسألة 803): لو وكّل شخصاً في أن يستأجر له عُمّالاً فاستأجرهم بأقلّ ممّا عيّن الموكّل حرمت الزيادة على الوكيل ووجب إرجاعها إلى الموكّل.
(مسألة 804): إذا استأجره على عملٍ مقيّد بقيد خاصّ من زمان أو مكان أو آلةٍ أو وصفٍ فجاء به على خلاف القيد لم يستحقّ شيئاً على عمله، فإن لم يمكن الإتيان بالعمل ثانياً تخيّر المستأجر بين فسخ الإجارة وبين مطالبة الأجير بأجرة المثل للعمل المستأجر عليه، فإن طالبه بها لزمه إعطاؤه أجرة المثل، وإن أمكن أداء العمل ثانياً وجب الإتيان به على النهج الذي وقعت عليه الإجارة.
ويعتبر في المؤجّر والمستأجر: البلوغ والعقل والاختيار والرشد، ولا تصحّ إجارة المفلس أمواله التي حُجر عليها، ولكن تصحّ إجارته نفسه.
(مسألة 760): لا تصحّ الإجارة إذا لم يكن المؤجّر مالكاً للمنفعة أو بحكمه(1) ولم يكن وليّاً على المالك ولا وكيلاً عنه. نعم، تصحّ إذا تعقّبت بالإجازة.
(مسألة 761): إذا آجر الوليّ مال الطفل مدّة وبلغ الطفل أثناءها كانت صحّة الإجارة بالنسبة إلى ما بعد بلوغه موقوفة على إجازته، حتّى فيما إذا كان عدم جعل ما بعد البلوغ جزءاً من مدّة الإيجار على خلاف مصلحة الطفل.
وهكذا الحكم فيما إذا آجر الوليّ الطفل نفسه إلى مدّة فبلغ أثناءها. نعم، إذا كان امتداد مدّة الإيجار إلى ما بعد البلوغ مقتضى مصلحة ملزمة شرعاً - بحيث يعلم عدم رضا الشارع بتركها - صحّ الإيجار كذلك بإذن الحاكم الشرعي، ولم يكن للطفل أن يفسخه بعد بلوغه.
(مسألة 762): لا يجوز استئجار الطفل الذي لا وليّ له - من الأب أو الجدّ من طرفه أو الوصيّ لأحدهما - إلّا بإجازة المجتهد العادل أو وكيله، وإذا لم يتمكّن من الوصول إليه جاز استئجاره بإجازة بعض عدول المؤمنين.
(مسألة 763): لا تعتبر العربيّة في صيغة الإجارة، بل لا يعتبر اللفظ في صحّتها، فلو سلّم المؤجّر ماله للمستأجر بقصد الإيجار وقبضه المستأجر بقصد الاستئجار صحّت الإجارة، وتكفي في الأخرس الإشارة المفهمة للإيجار والاستئجار.
(مسألة 764): لو استأجر دكّاناً أو داراً أو بيتاً بشرط أن ينتفع به هو بنفسه لم يجز إيجاره للغير على وجه ينتفع به الغير، ويجوز لو كان على نحو يرجع الانتفاع به لنفس المستأجر الأوّل، كأن تستأجر امرأة داراً ثُمَّ تتزوّج فتؤجّر الدار لزوجها لسكناها.
(مسألة 765): إذا استأجر عيناً فله أن يؤجّرها من غيره، إلّا إذا اشترط عليه عدم إيجارها صريحاً أو كان الإيجار غير متعارف خارجاً بحيث أغنى ذلك عن التصريح باشتراط عدمه، ولكنّ الأحوط لزوماً عدم تسليم العين إلى المستأجر الثاني من دون رضا المؤجّر المستكشف ولو من قرائن الحال.
وعلى هذا فلو استأجر سيّارة للركوب أو لحمل المتاع مدّة معيّنة فآجرها في تلك المدّة أو في بعضها من آخر صحّ، ولكن يستأذن المالك في تسليمها إليه، أو لا يسلِّمها بل يبقى فيها وإن ركبها ذلك الآخر أو حَمَّلها متاعه.
(مسألة 766): لو جاز للمستأجر أن يؤجّر العين المستأجرة وأراد أن يؤجّرها بأزيد ممّا استأجرها به فلا بُدَّ أن يحدث فيها شيئاً كالترميم أو التبييض أو يغرم فيها غرامة ولو لحفظها وصيانتها - بشرط أن تكون الزيادة متناسبة لما أحدث أو غرم على الأحوط لزوماً -، وإلّا لم يجز له ذلك.
هذا في الدار والسفينة والحانوت، وكذا في غيرها من الأعيان المستأجرة حتّى الأراضي الزراعية على الأحوط لزوماً.
ولا فرق في عدم جواز الإيجار بالأزيد بين أن يؤجّرها بنفس الجنس الذي استأجرها به أو بغير ذاك الجنس، سواء كان من النقود أم من غيرها.
(مسألة 767): لو اشترط في الإجارة أن يكون عمل الأجير لشخص المستأجر لم يجز له إيجاره ليعمل لشخص آخر، ويجوز ذلك مع عدم الاشتراط أو ما بحكمه كما مرّ، إلّا أنّه لا يجوز أن يؤجّره بأزيد ممّا استأجره، سواء أكانت الأجرتان من جنس واحد أم لا.
(مسألة 768): إذا آجر نفسه لعمل من دون تقييد بالمباشرة ولا مع الانصراف إليها لم يجز له أن يستأجر غيره لذلك العمل بعينه بالأقلّ قيمة من الأجرة في إجارة نفسه. نعم، لا بأس بذلك إذا أتى ببعض العمل ولو قليلاً فاستأجر غيره للباقي بالأقلّ قيمة من الأجرة.
(مسألة 769): إذا استأجر الدكّان - مثلاً - لمدّة وانتهت المدّة لم يجز له البقاء فيه من دون رضا المالك، إلّا إذا كان قد اشترط عليه في ضمن عقد الإجارة أو في عقد لازم آخر أن يكون له أو لمن يعيّنه - مباشرة أو بواسطة - حقّ اشغال الدكّان والاستفادة منه إزاء مبلغ معيّن سنويّاً أو إزاء ما يعادل أجرته المتعارفة في كلّ سنة، فإنّه في هذه الصورة يجوز للمستأجر أو لمن يعيّنه البقاء في الدكّان ولو من دون رضا المالك، ولا يحقّ للمالك إلّا أن يطالب بالمبلغ الذي اتّفقا عليه إزاء الحقّ المذكور المسمّى في عرفنا بـ «السرقفليّة».
(مسألة 770): يعتبر في العين المستأجرة أمور:
1- التعيين، فلو قال: (آجرتك إحدى دوري) لم تصحّ الإجارة.
2- المعلوميّة، بأن يشاهد المستأجر العين المستأجرة أو توصف له خصوصيّتها التي تختلف فيها الرغبات ولو كان ذلك بتوصيف المؤجّر، وهكذا فيما لو كانت كلّية.
3- التمكّن من التسليم، ويكفي تمكّن المستأجر من الاستيلاء عليها، فتصحّ إجارة الدابّة الشاردة - مثلاً - إذا كان المستأجر قادراً على أخذها.
4- إمكان الانتفاع بها مع بقاء عينها، فلا تصحّ إجارة النقود ونحوها للاتّجار بها.
5- قابليتها للانتفاع المقصود من الإجارة، فلا تصحّ إجارة الأرض للزراعة إذا لم يكن المطر وافياً ولم يمكن سقيها من النهر أو غيره.
(مسألة 771): يصحّ إيجار الشجر للانتفاع بثمرها غير الموجود فعلاً، وكذلك إيجار الحيوان للانتفاع بلبنه أو البئر للاستقاء.
(مسألة 772): يجوز للمرأة إيجار نفسها للإرضاع من غير حاجة إلى إجازة زوجها. نعم، لو أوجب ذلك تضييع حقّه توقّفت صحّة الإجارة على إجازته.
(مسألة 773): تعتبر في المنفعة التي يستأجر المال لأجلها أمور أربعة:
1- أن تكون محلّلة، فلو انحصرت منافع المال في الحرام، أو اشترط الانتفاع بخصوص المحرّم منها، أو أوقع العقد مبنيّاً على ذلك بطلت الإجارة، كما لو آجر الدكّان بشرط أن يباع أو يحفظ فيه الخمر، أو آجر السيّارة بشرط أن يحمل الخمر عليها.
2- أن تكون لها ماليّة يبذل المال بإزائها عند العقلاء على الأحوط لزوماً.
3- تعيين نوع المنفعة، فلو آجر سيّارة تصلح للركوب ولحمل الأثقال وجب تعيين حقّ المستأجر من الركوب أو الحمل أو كليهما.
4- تعيين مقدار المنفعة، وهو إما بتعيين المدّة كما في إجارة الدار والدكّان ونحوهما، وإمّا بتعيين العمل كخياطة الثوب المعيّن على كيفيّة معيّنة أو سياقة السيّارة إلى بلد معلوم من طريق معيّن، وإمّا بتعيين المسافة كركوب السيّارة لمسافة معلومة.
(مسألة 774): يحرم حلق اللحية وأخذ الأجرة عليه على الأحوط لزوماً، إلّا إذا كان مكرهاً على الحلق أو مضطرّاً إليه لعلاج أو نحوه أو خاف الضرر من تركه أو كان تركه حرجيّاً عليه بحدٍّ لا يُتحمّل عادةً، ففي هذه الموارد يجوز الحلق، كما يجوز للحلّاق أخذ الأجرة عليه.
(مسألة 775): لا بُدَّ من تعيين الزمان في موارد تعيين المنفعة بالمدّة كسكنى الدار، أو بالمسافة كركوب السيارة، إلّا إذا كان هناك قرينة على التعيين، كالإطلاق الذي هو قرينة على أن ابتداءها من حين إجراء العقد.
ولا يعتبر تعيين المدّة في الإجارة على الأعمال كالخياطة، إلّا إذا اختلفت الأغراض باختلاف الأزمنة التي يقع فيها العمل فلا بُدَّ من تعيين الزمان فيه أيضاً، إلّا إذا وُجدت قرينة عليه كالإطلاق الذي يقتضي التعجيل على الوجه العرفي.
(مسألة 776): لو آجر داره سنة وجعل ابتداءها بعد مضيّ شهر - مثلاً - من إجراء الصيغة صحّت الإجارة وإن كانت العين عند إجراء الصيغة مستأجرة للغير.
(مسألة 777): لا تصحّ الإجارة إذا لم تتعيّن مدّة الإيجار، فلو قال: (آجرتك الدار كلّ شهر بدينار مهما أقمت فيها) لم تصحّ. وإذا آجرها شهراً معيّناً بدينار وقال: (كلّما أقمت بعد ذلك فبحسابه) صحّت الإجارة في الشهر الأوّل خاصّة.
(مسألة 778): الدور المعدّة لإقامة الغرباء والزوّار إذا لم يعلم مقدار مكثهم فيها وحصل الاتّفاق على أداء مقدار معيّن عن إقامة كلّ ليلة - مثلاً - يجوز التصرّف فيها، ولكن لا يصحّ ذلك إجارةً؛ حيث لا يعلم مدّة الإيجار، بل يكون من الإباحة المشروطة بالعوض، فللمالك إخراجهم متى ما أراد.
(مسألة 779): لا بأس بأخذ الأجرة على ذكر مصيبة سيد الشهداء وسائر الأئمة (عليهم السلام) وذكر فضائلهم والخطب المشتملة على المواعظ ونحو ذلك.
(مسألة 780): تجوز الإجارة عن الميّت في العبادات الواجبة عليه نظير الصلاة والصيام والحجّ، ولا يجوز ذلك عن الحيّ إلّا في الحجّ عن المستطيع العاجز عن المباشرة أو من استقر عليه الحجّ ولم يتمكّن من المباشرة.
وتجوز الإجارة عن الحيّ والميّت في بعض المستحبّات العباديّة كالحجّ المندوب وزيارة الأئمة (عليهم السلام) وما يتبعهما من الصلاة.
ولا بأس بإتيان المستحبّات وإهداء ثوابها إلى الأحياء، كما يجوز ذلك في الأموات.
(مسألة 781): لا تجوز على الأحوط الإجارة على تعليم مسائل الحلال والحرام وتعليم الواجبات مثل الصلاة والصيام ونحوهما ممّا كان محلّ الابتلاء دون غيره.
والأحوط لزوماً عدم أخذ الأجرة على تغسيل الأموات وتكفينهم ودفنهم. نعم، لا بأس بأخذ الأجرة على خصوصيّة زائدة فيها على المقدار الواجب.
(مسألة 782): يعتبر في الأجرة أن تكون معلومة، فلو كانت من المكيل أو الموزون قدّرت بهما، ولو كانت من المعدود كالنقود قدّرت بالعدّ، وإن كانت ممّا تعتبر مشاهدته في المعاملات لزم أن يشاهدها المؤجّر أو يبيّن المستأجر خصوصيّاتها له.
(مسألة 783): يجوز للأجير على الخياطة ونحوها أن يحبس العين التي استؤجر للعمل فيها بعد إتمام العمل إلى أن يستوفي الأجرة، وإذا حبسها لذلك فتلفت من غير تفريط لم يضمن.
(مسألة 784): لا يستحقّ المؤجّر مطالبة الأجرة قبل تسليم العين المستأجرة، وكذلك الأجير لا يستحقّ مطالبة الأجرة قبل إتيانه بالعمل، إلّا إذا جرت العادة بتسليمها مسبقاً - كالأجير للحجّ - أو اشترط ذلك.
(مسألة 785): إذا سلّم المؤجّر العين المستأجرة وجب على المستأجر تسليم الأجرة وإن لم يتسلّم العين المستأجرة أو لم ينتفع بها في بعض المدّة أو تمامها.
(مسألة 786): إذا آجر نفسه لعمل وسلّم نفسه إلى المستأجر ليعمل له استحقّ الأجرة وإن لم يستوفه المستأجر، مثلاً: إذا آجر نفسه لخياطة ثوب في يوم معيّن وحضر في ذلك اليوم للعمل، وجب على المستأجر إعطاء الأجرة وإن لم يسلّمه الثوب ليخيطه، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الأجير فارغاً في ذلك اليوم أو مشتغلاً بعمل آخر لنفسه أو لغيره.
(مسألة 787): لو ظهر بطلان الإجارة بعد انقضاء مدّتها وجب على المستأجر أداء أجرة المثل، فلو استأجر داراً سنة بمائة دينار وظهر بطلانها بعد مضيّ المدّة فإن كانت أجرته المتعارفة خمسين ديناراً لم يجب على المستأجر أزيد من خمسين ديناراً. نعم، لو كانت الأجرة المتعارفة مائتي دينار - مثلاً - وكان المؤجّر هو المالك أو وكيله المفوّض إليه أمر تحديد الأجرة - وكان عالماً بأجرة المثل - لم يكن له أخذ الزائد على الأجرة المسمّاة وهي المائة دينار.
ولو ظهر بطلان الإجارة أثناء المدّة فحكمه بالنسبة إلى ما مضى حكم ظهور البطلان بعد تمام المدّة.
(مسألة 788): إذا تلفت العين المستأجرة لم يضمنها المستأجر إذا لم يتعدّ ولم يقصّر في حفظها، وكذلك الحال في تلف المال عند الأجير كالخيّاط فإنّه لا يضمن تلف الثوب إذا لم يكن منه تعدّ أو تفريط. نعم، إذا أفسده بعمله فيه كان ضامناً له وإن لم يكن عن قصد. ومثله كلّ من آجر نفسه لعمل في مال غيره إذا أفسد ذلك المال.
(مسألة 789): إذا ذبح القصّاب حيواناً بطريق غير مشروع فهو ضامن له، ولا فرق في ذلك بين الأجير والمتبرّع بعمله.
(مسألة 790): إذا استأجر سيّارة لحمل كميّة معلومة من المتاع فحمّلها أكثر من تلك الكميّة فعابت كان عليه ضمانها، وكذا إذا لم تُعيّن الكميّة وحمّلها أكثر من المقدار المتعارف. وعلى كلا التقديرين يجب عليه دفع أجرة الزائد أيضاً سواء عابت السيّارة أم لا.
(مسألة 791): لو آجر دابّة لحمل الزجاج - مثلاً - فعثرت فانكسر الزجاج لم يضمنه المؤجّر، إلّا إذا كانت عثرتها بسببه، كما لو ضربها ضرباً غير متعارف فعثرت.
(مسألة 792): الختَّان إن قصّر أو أخطأ في عمله كأن تجاوز عن الحدّ المتعارف فتضرّر الطفل أو مات كان ضامناً. وإن تضرر أو مات بأصل الختان لم يكن عليه ضمان إذا لم يعهد إليه إلّا إجراء عملية الختان - دون تشخيص ما إذا كان الطفل يتضرّر بها أم لا - ولم يكن يعلم بتضرّره مسبقاً.
(مسألة 793): لو عالج الطبيب المريض مباشرة أو وصف له الدواء حسب ما يراه، فاستعمله المريض وتضرّر أو مات كان ضمانه عليه وإن لم يكن مقصّراً.
(مسألة 794): لو تبرّأ الطبيب من الضمان ومات المريض أو تضرّر بطبابته لم يضمن إذا كان حاذقاً وقد أعمل دقّته واحتاط في المعالجة.
(مسألة 795): تنفسخ الإجارة بفسخ المؤجّر والمستأجر إذا تراضيا على ذلك، وكذلك تنفسخ بفسخ من اشترط له حقّ الفسخ في عقد الإجارة من المؤجّر أو المستأجر أو كليهما.
(مسألة 796): إذا ظهر غبن المؤجّر أو المستأجر كان له خيار الغبن، على تفصيل تقدّم نظيره في البيع. ولو أسقط حقّه في ضمن العقد أو بعده لم يستحقّ الفسخ.
(مسألة 797): إذا غصبت العين المستأجرة قبل التسليم إلى المستأجر فله فسخ الإجارة واسترجاع الأجرة، وله أن لا يفسخ ويطالب الغاصب بعوض المنفعة الفائتة، فلو استأجر سيّارة شهراً بعشرة دنانير وغصبت عشرة أيّام وكانت أجرتها المتعارفة في العشرة أيّام خمسة عشر ديناراً، جاز للمستأجر أن يطالب الغاصب بخمسة عشر ديناراً.
(مسألة 798): إذا مُنِعَ المستأجر من تسلّم العين المستأجرة أو غُصِبَت منه بعد تسلّمها أو منع من الانتفاع بها لم يجز له الفسخ، وكانت له المطالبة من الغاصب بعوض المنفعة الفائتة.
(مسألة 799): لا تبطل الإجارة ببيع المؤجّر العين المستأجرة قبل انقضاء المدّة من المستأجر أو من غيره.
(مسألة 800): تبطل الإجارة بسقوط العين المستأجرة عن قابليّة الانتفاع منها بالمنفعة الخاصّة المملوكة، فإذا استأجر داراً سنة - مثلاً - فانهدمت قبل دخول السنة أو بعد دخولها بلا فصل بطلت الإجارة، وإذا انهدمت أثناء السنة تبطل الإجارة بالنسبة إلى المدّة الباقية، وكان للمستأجر الخيار في فسخ الإيجار، فإن فسخ رجع على المؤجّر بتمام الأجرة المسمّاة وعليه له أجرة المثل بالنسبة إلى المدّة الماضية، وإن لم يفسخ قسّطت الأجرة بالنسبة، وكان للمالك حصّة من الأجرة بنسبة المدّة الماضية.
(مسألة 801): إذا استأجر داراً فانهدم قسم منها فإن كانت بحيث لو أُعيد بناء القسم المهدوم على الوجه المتعارف لعدّت بعد التعمير مغايرة لما قبله في النظر العرفي كان حكمه ما تقدّم في المسألة السابقة، وإن لم تُعدّ كذلك فإن أقدم المؤجّر على تعميرها فوراً على وجه لا يتلف شيء من منفعتها عرفاً لم تبطل الإجارة ولم يكن للمستأجر حقّ الفسخ، وإن لم يُقدم على ذلك وكان قادراً عليه فللمستأجر إلزامه به، فإن لم يفعل كان له مطالبته بأجرة مثل المنفعة الفائتة، كما أن له الخيار في فسخ الإجارة رأساً - ولو مع التمكّن من إلزامه - فإن فسخ كان عليه للمؤجّر أجرة مثل ما استوفاه من المنافع ويرجع عليه بتمام الأجرة المسمّاة، وإن لم يُقدم على تعميرها على الوجه المذكور لتعذّره ولو في حقّه فتلف مقدار من منفعة الدار بطلت الإجارة بالنسبة إلى المنافع الفائتة، وكان للمستأجر حقّ فسخ أصل الإجارة، فإن فسخ جرى عليه ما تقدّم في الصورة السابقة عند الفسخ.
(مسألة 802): إن موت المؤجّر أو المستأجر لا يقتضي بنفسه بطلان الإجارة مطلقاً. نعم، قد يقتضيه من جهة أخرى، كما إذا لم يكن المؤجّر مالكاً للعين المستأجرة بل مالكاً لمنفعتها ما دام حيّاً - بوصيّة أو نحوها - فمات أثناء مدّة الإجارة فإنّها تبطل حينئذٍ بالنسبة إلى المدّة الباقية.
(مسألة 803): لو وكّل شخصاً في أن يستأجر له عُمّالاً فاستأجرهم بأقلّ ممّا عيّن الموكّل حرمت الزيادة على الوكيل ووجب إرجاعها إلى الموكّل.
(مسألة 804): إذا استأجره على عملٍ مقيّد بقيد خاصّ من زمان أو مكان أو آلةٍ أو وصفٍ فجاء به على خلاف القيد لم يستحقّ شيئاً على عمله، فإن لم يمكن الإتيان بالعمل ثانياً تخيّر المستأجر بين فسخ الإجارة وبين مطالبة الأجير بأجرة المثل للعمل المستأجر عليه، فإن طالبه بها لزمه إعطاؤه أجرة المثل، وإن أمكن أداء العمل ثانياً وجب الإتيان به على النهج الذي وقعت عليه الإجارة.
(1) المقصود بحكم المالك من يملك العين فإنّه - على الصحيح - يملك تمليك منافعها المستقبليّة ولا يملكها هي في جنب ملكيّة العين.