الكتب الفتوائية » المسائل المنتخبة - (الطبعة الجديدة المنقحة)
البحث في:
الخمس » مستحق الخمس ←
→ الزكاة » مقدار الفطرة ونوعها ومصرفها
الخمس » الخمس
وهو في أصله من الفرائض المؤكّدة المنصوص عليها في القرآن الكريم، وقد ورد الاهتمام بشأنه في كثير من الروايات المأثورة عن أهل بيت العصمة (سلام الله عليهم)، وفي بعضها اللعن على من يمتنع عن أدائه، وعلى من يأكله بغير استحقاق.
(مسألة 588): يتعلّق الخمس بأنواع من المال:
الأوّل: ما يغنمه المسلمون من الكفّار في الحرب من الأموال المنقولة وغيرها إذا كانت الحرب بإذن الإمام (عليه السلام)، وإلّا فجميع الغنيمة له. نعم، الأراضي التي ليست من الأنفال فيء للمسلمين مطلقاً.
(مسألة 589): في جواز تملّك المؤمن مال الناصب وأداء خمسه إشكال، فالأحوط لزوماً تركه.
(مسألة 590): ما يؤخذ من الكفّار سرقة أو غيلة ونحو ذلك ممّا لا يرتبط بالحرب وشؤونها لا يدخل تحت عنوان الغنيمة، ولكنّه يدخل في أرباح المكاسب - الآتي بيانها - ويجري عليه حكمها، هذا إذا كان الأخذ جائزاً، وإلّا - كما إذا كان غدراً ونقضاً للأمان الممنوح لهم - فالأحوط لزوماً ردّه إليهم.
(مسألة 591): لا تجري أحكام الغنيمة على ما في يد الكافر إذا كان المال محترماً، كأن يكون لمسلم أو لذمّي أودعه عنده.
الثاني: المعادن، فكلّ ما صدق عليه المعدن عرفاً بأن تعرف له مميّزات عن سائر أجزاء الأرض توجب له قيمة سوقيّة - كالذهب والفضّة والنحاس والحديد والكبريت والزئبق والفيروزج والياقوت والملح والنفط والفحم الحجري وأمثال ذلك - فهو من الأنفال، أي أنّها مملوكة للإمام (عليه السلام) وإن لم يكن أرضه منها، ولكن يثبت الخمس في المستخرج منه ويكون الباقي للمُخرج إذا كان في أرض مملوكة له، أو كان في أرض خراجيّة مع إذن وليّ المسلمين، أو كان في أرض الأنفال ولم يمنع عنه مانع شرعي، وإن استخرجه من أرض مملوكة للغير بدون إذنه فالأحوط لزوماً أن يتراضيا بشأن ما زاد على الخمس منه.
(مسألة 592): يعتبر في وجوب الخمس فيما يستخرج من المعادن بلوغه حال الإخراج - بعد استثناء مؤونته - قيمة النصاب الأوّل في زكاة الذهب - أي خمسة عشر مثقالاً صيرفيّاً من الذهب المسكوك -، فإذا كانت قيمته أقلّ من ذلك لا يجب الخمس فيه بعنوان المعدن، وإنّما يدخل في أرباح السنة.
(مسألة 593): إنّما يجب الخمس في المستخرج من المعادن بعد استثناء مؤونة الإخراج وتصفيته، مثلاً: إذا كانت قيمة المستخرج تساوي ثلاثين مثقالاً من الذهب المسكوك وقد صرف عليه ما يساوي خمسة عشر مثقالاً وجب الخمس في الباقي وهو خمسة عشر مثقالاً.
الثالث: الكنز، فعلى من ملكه بالحيازة أن يخرج خمسه. ولا فرق فيه بين الذهب والفضّة المسكوكين وغيرهما. ويعتبر فيه بلوغه نصاب أحد النقدين في الزكاة، وتستثنى منه أيضاً مؤونة الإخراج على النحو المتقدّم في المعادن.
(مسألة 594): إذا ملك أرضاً ووجد فيها كنزاً فإن كان لها مالك قبله - وكان ذا يدٍ عليها واحتمل كونه له احتمالاً معتدّاً به – راجعه، فإن ادّعاه دفعه إليه، وإلّا راجع من ملكها قبله كذلك وهكذا، فإن نفاه الجميع جاز له تملّكه وأخرج خمسه.
الرابع: الغوص، فمن أخرج شيئاً من البحر أو الأنهار العظيمة ممّا يتكوّن فيها كاللؤلؤ والمرجان واليسر بغوص وبلغت قيمته ديناراً - أي ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي من الذهب المسكوك - وجب عليه إخراج خمسه، وكذلك إذا كان بآلة خارجيّة على الأحوط.
وما يؤخذ من سطح الماء أو يلقيه البحر إلى الساحل لا يدخل تحت عنوان الغوص، ويجري عليه حكم أرباح المكاسب. نعم، يجب إخراج الخمس من العنبر المأخوذ من سطح الماء.
(مسألة 595): الحيوان المستخرج من البحر - كالسمك - لا يدخل تحت عنوان الغوص، وكذلك إذا استخرج سمكة ووجد في بطنها لؤلؤاً أو مرجاناً، وكذلك ما يستخرج من البحر من الأموال غير المتكوّنة فيه، كما إذا غرقت سفينة وتركها أربابها وأباحوا ما فيها لمستخرجه فاستخرج شخص لنفسه شيئاً منها، فإنّ كلّ ذلك يدخل في الأرباح.
الخامس: الحلال المخلوط بالحرام في بعض صوره، وتفصيلها أنّه:
1- إذا علم مقدار الحرام ولم تتيسّر له معرفة مالكه - ولو إجمالاً في ضمن أشخاص معدودين - يجب التصدّق بذلك المقدار عن مالكه قلّ أو كثر، والأحوط وجوباً الاستجازة في ذلك من الحاكم الشرعي.
2- إذا لم تتيسّر له معرفة مقدار الحرام وعلم مالكه، فإن أمكن التراضي معه بصلح أو نحوه فهو، وإلّا اكتفى بردّ المقدار المعلوم إليه إذا لم يكن الخلط بتقصير منه، وإلّا لزم ردّ المقدار الزائد إليه أيضاً على الأحوط لزوماً، هذا إذا لم يتخاصما، وإلّا تحاكما إلى الحاكم الشرعي.
3- إذا لم تتيسّر له معرفة مقدار الحرام ولا مالكه وعلم أنّه لا يبلغ خمس المال وجب التصدّق عن المالك بالمقدار الذي يعلم أنّه حرام إذا لم يكن الخلط بتقصير منه، وإلّا فالأحوط وجوباً التصدّق بالمقدار المحتمل أيضاً ولو بتسليم المال كلّه إلى الفقير قاصداً به التصدّق بالمقدار المجهول مالكه، ثُمَّ يتصالح هو والفقير في تعيين حصّة كلٍّ منهما، والأحوط لزوماً أن يكون التصدّق بإذن من الحاكم الشرعي.
4- إذا لم تتيسّر له معرفة مقدار الحرام ولا مالكه وعلم أنّه يزيد على الخمس فحكمها حكم الصورة السابقة، ولا يجزئ إخراج الخمس من المال.
5- إذا لم تتيسّر له معرفة مقدار الحرام ولا مالكه واحتمل زيادته على الخمس ونقيصته عنه يجزئ إخراج الخمس وتحلّ له بقيّة المال، والأحوط وجوباً إعطاؤه بقصد الأعمّ من الخمس والصدقة عن المالك إلى من يكون مصرفاً للخمس ومجهول المالك معاً.
السادس: الأرض التي تملّكها الكافر من مسلم ببيع أو هبة ونحو ذلك على المشهور بين الفقهاء (رضوان الله عليهم)، ولكنّ ثبوت الخمس فيها بمعناه المعروف لا يخلو عن إشكال.
السابع: أرباح المكاسب، وهي: كلّ ما يستفيده الإنسان بتجارة أو صناعة أو حيازة أو أيّ كسب آخر، ويدخل في ذلك ما يملكه بهديّة أو وصيّة، ومثلهما على الأحوط لزوماً ما يأخذه من الصدقات الواجبة والمستحبّة من الكفّارات ومجهول المالك وردّ المظالم وغيرها عدا الخمس والزكاة.
ولا يجب الخمس في المهر وعوض الخلع وديات الأعضاء، ولا في ما يملك بالإرث – وفي حكمه دية النفس - عدا ما يجوز أخذه للمؤمن بعنوان ثانوي كالتعصيب، والأحوط وجوباً إخراج خمس الميراث الذي لا يحتسب من غير الأب والابن.
(مسألة 596): يختصّ وجوب الخمس في الأرباح - بعد استثناء ما صرفه من مال مخمّس أو ممّا لم يتعلّق به الخمس في سبيل تحصيلها - بما يزيد على مؤونة سنته لنفسه وعائلته. ويدخل في المؤونة المأكول والمشروب والمسكن والمركوب وأثاث البيت وما يصرفه في تزويج نفسه أو من يتعلّق به وفي الزيارات والأسفار والهدايا والإطعام ونحو ذلك، ويختلف كلّ ذلك باختلاف الأشخاص.
والعبرة في كيفيّة الصرف وكميّته بما يناسب شأن الشخص نفسه، فإذا كان شأنه يقتضي أن يصرف في مؤونة سنته مائة دينار لكنّه صرف أزيد منها على نحو يعدّ سفهاً وإسرافاً منه عرفاً وجب عليه الخمس فيما زاد على المائة. وأمّا إذا قتّر على نفسه فصرف خمسين ديناراً وجب عليه الخمس فيما زاد على الخمسين.
ولو كان المصرف راجحاً شرعاً ولكنّه غير متعارف من مثل المالك وذلك كما إذا صرف جميع أرباحه أثناء سنته في عمارة المساجد أو الزيارات أو الإنفاق على الفقراء ونحو ذلك فالأحوط وجوباً أن يدفع خمس الزائد على المقدار المتعارف.
(مسألة 597): العبرة في المؤونة المستثناة عن الخمس بمؤونة سنة حصول الربح، فلا يُستثنى مؤن السنين اللاحقة، فمن حصل لديه أرباح تدريجيّة فاشترى في السنة الأولى عرصة لبناء دار، وفي الثانية حديداً، وفي الثالثة مواد إنشائيّة أخرى وهكذا، لا يكون ما اشتراه من المؤن المستثناة؛ لأنّه مؤونة للسنين الآتية التي يحصل فيها السكنى فعليه تخميس تلك الأعيان.
نعم، إذا كان المتعارف لمثله - بحسب العرف الذي يعيش فيه - تحصيل الدار تدريجاً على النحو المتقدّم بحيث إنّه لو لم يفعل ذلك لعُدّ مقصّراً في حقّ عائلته ومتهاوناً بمستقبلهم ممّا ينافي ذلك شأنه عُدّ ما اشتراه في كلّ سنة من مؤونته في تلك السنة. ومثل ذلك ما يتعارف إعداده لزواج الأولاد خلال عدّة سنوات إذا كان تركه منافياً لشأن الأب أو الأمّ ولو لعجزهما عن تحصيله لهم في أوانه.
(مسألة 598): رأس مال التجارة ليس من المؤونة المستثناة فيجب إخراج خمسه إذا اتّخذه من أرباحه وإن كان مساوياً لمؤونة سنته. نعم، إذا كان بحيث لا يفي الاتّجار بالباقي - بعد إخراج الخمس - بمؤونته اللائقة بحاله لم يثبت الخمس فيه، إلّا إذا أمكنه دفعه تدريجاً - بعد نقله إلى الذمّة بمراجعة الحاكم الشرعي - فإنّه لا يُعفى عن التخميس في هذه الصورة.
(مسألة 599): إذا آجر نفسه سنين كانت الأجرة الواقعة بإزاء عمله في سنة الإجارة من أرباحها، وما يقع بإزاء العمل في السنين الآتية من أرباح تلك السنين.
وأمّا إذا باع ثمرة بستانه سنين كان الثمن بتمامه من أرباح سنة البيع ووجب فيه الخمس بعد المؤونة وبعد استثناء ما يجبر به النقص الوارد على البستان من جهة كونه مسلوب المنفعة في المدّة الباقية بعد انتهاء السنة.
(مسألة 600): إذا اشترى بربحه شيئاً من المؤن فزادت قيمته ولو لزيادة متّصلة تستوجبها لم يجب فيه الخمس. نعم، إذا باعه خلال سنته أو استغنى عنه فيها مطلقاً فالأحوط لزوماً أداء خمسه إذا زاد على مؤونته السنويّة، مثلاً: إذا اشترى بشيء من أرباحه فرساً لركوبه واستخدمه في ذلك فزادت قيمته السوقيّة لم يجب الخمس فيه ما لم يبعه خلال سنته أو يستغن عنه فيها بالمرّة، وإلّا فالأحوط وجوباً أداء خمسه مع زيادته على مؤونته. ولو باعه خلال سنته أو بعدها وربح فيه فلا إشكال في ثبوت الخمس في الربح إذا كان زائداً على مؤونة سنة حصوله.
وأمّا الزيادات المنفصلة فهي داخلة في الأرباح، فيجب فيها الخمس إن لم تصرف في المؤونة، فإذا ولد الفرس - في مفروض المثال - كان النتاج من الأرباح، ومن هذا القبيل ثمر الأشجار وأغصانها المعدّة للقطع وصوف الحيوان ووبره وحليبه وغير ذلك. وفي حكم الزيادة المنفصلة الزيادة المتّصلة إذا عدّت عرفاً مصداقاً لزيادة المال، كما لو سمن الحيوان المعدّ للاستفادة من لحمه كالمسمّى بـ (دجاج اللحم).
(مسألة 601): من اتّخذ رأس ماله ممّا يقتنى للاكتساب بمنافعه مع المحافظة على عينه - كالفنادق والمحلّات التجاريّة وسيّارات الأجرة والحقول الزراعيّة والمعامل الإنتاجيّة وبعض أقسام الحيوان كالأبقار التي يكتسب بحليبها - لم يجب الخمس في زيادة قيمته السوقيّة إذا كان متّخذاً من مال مخمّس أو غير متعلّق للخمس.
نعم، لو كان قد ملكه بالمعاوضة كالشراء فباعه بالزائد تدخل الزيادة في أرباح سنة البيع، كما أنّه تدخل في الأرباح زيادته المنفصلة، وكذا المتّصلة الملحقة بها حكماً فيما يفرض له مثلها.
(مسألة 602): الأموال المعدّة للاتّجار بعينها كالبضائع المعروضة للبيع تعدّ زيادة قيمتها السوقيّة ربحاً وإن لم يتمّ بيعها بعدُ بالزيادة، وكذلك ما يفرض لها من زيادة منفصلة أو ما بحكمها من الزيادة المتّصلة، فلو اشترى كميّة من الحنطة قاصداً الاكتساب ببيعها فحلّ رأس سنته الخمسيّة وقد زادت قيمتها عمّا اشتراها به وجب إخراج خمس الزيادة إذا كان بمقدوره بيعها وأخذ قيمتها أثناء السنة.
(مسألة 603): إذا اشترى ما ليس من المؤونة بالذمّة أو استدان مبلغاً لإضافته إلى رأس ماله ونحو ذلك لم يجب فيه الخمس ما لم يؤدّ دينه، فإن أدّاه من أرباح سنته وكان بدله موجوداً عدّ البدل من أرباح هذه السنة فيجب تخميسه بعد انقضائها إذا كان زائداً على مؤونتها.
(مسألة 604): رأس سنة المؤونة فيمن لا مهنة له يتعاطها في معاشه - كالذي يعيله شخص آخر - وحصل له فائدة اتّفاقاً أوّل زمان حصولها، فمتى حصلت جاز له صرفها في مؤونته اللاحقة إلى عام كامل، ولا يجوز له أن يجبر بها ما صرفه في المؤن قبل ذلك من المال المخمّس أو ما بحكمه.
وأمّا من له مهنة يتعاطاها في معاشه - كالتاجر والطبيب والموظف والعامل وأضرابهم - فرأس سنته حين الشروع في الاكتساب، فيجوز له احتساب المؤن المصروفة بعده من الربح اللاحق إلى نهاية السنة، ولا يحقّ له صرف شيء من الربح الحاصل قبل نهاية السنة في مؤونة السنة التالية إلّا بعد تخميسه، حتّى إذا كان من قبيل المال الموهوب.
(مسألة 605): إذا كان لديه مال لا يجب فيه الخمس كما لو كان عنده إرث من أبيه لم يجب عليه صرفه في مؤونته ولا توزيع المؤونة عليه وعلى الأرباح، بل جاز له أن يصرف أرباحه في مؤونة سنته فإذا لم تزد عنها لم يجب فيها الخمس. نعم، إذا كان عنده ما يغنيه عن صرف الربح كأن كانت عنده دار لسكناه فسكنها مدّة لم يجز له احتساب أجرتها من المؤونة واستثناء مقدارها من الربح، كما ليس له أن يشتري داراً أخرى من الأرباح ويحسبها من المؤن إذا كانت الدار الأولى تفي بحاجته.
(مسألة 606): إذا اشترى بربحه شيئاً من المؤن فاستغنى عنه بعد مدّة فإن كان الاستغناء عنه بعد سنته لم يجب الخمس فيه إلّا إذا باعه بأزيد ممّا اشتراه، فإنّ الزيادة تعدّ من أرباح سنة البيع فيجب إخراج خمسها إذا لم تصرف في مؤونة تلك السنة.
وإن كان الاستغناء عنه في أثناء سنته فإن كان ممّا يتعارف إعداده للسنين الآتية - كالثياب الصيفيّة والشتويّة - لم يجب الخمس فيه أيضاً، وإلّا فالأحوط وجوباً أداء خمسه.
(مسألة 607): إذا ربح ثُمَّ مات أثناء سنته وجب أداء خمسه الزائد عن مؤونته إلى زمان الموت ولا ينتظر به إلى تمام السنة.
(مسألة 608): إذا ربح واستطاع أثناء سنته أو كان مستطيعاً قبلها ولم يحجّ جاز له أن يصرفه في سفر الحجّ ولا يجب فيه الخمس، لكنّه إذا لم يحجّ بعصيان أو غيره حتّى انتهت السنة وجب فيه الخمس.
(مسألة 609): إذا ربح ولكنّه لم يفِ بتكاليف حجّه لم يجز إبقاؤه بلا تخميس للحجّ في السنة الثانية، إلّا مع استقرار حجّة الإسلام في ذمّته وعدم تمكّنه من أدائها لاحقاً إلّا مع إبقاء الربح بتمامه لمؤونتها، فإنّه لا يجب عليه حينئذٍ إخراج خمسه عند انتهاء سنته، بل يجوز له إبقاؤه ليصرف في تكاليف حجّه.
(مسألة 610): ما يتعلّق بذمّته من الأموال بنذر أو دين أو كفّارة ونحوها سواء كان التعلّق في سنة الربح أم كان من السنين السابقة يجوز أداؤه من ربح السنة الحاليّة.
نعم، إذا لم يؤدّ دينه إلى أن انقضت السنة وجب الخمس من دون استثناء مقداره من ربحه، إلّا أن يكون ديناً لمؤونة تحصيل الربح من دون وجود بدل له، أو يكون ديناً لمؤونته في تلك السنة فإن مقداره يكون مستثنى من الربح(1).
ثُمَّ إن أدّى دينه في السنة التالية من نفس هذا الربح المستثنى فهو، وإن أدّاه من أرباح تلك السنة فإن كان بعد تلف هذا المال أو صرفه في مؤونته فلا شيء عليه، وإن كان هذا المال باقياً بنفسه أو ببدله - كما لو اشترى به بضاعة للبيع - فإن دفع دينه من ربح غير مخمّس عُدّ هذا المال من أرباح هذه السنة فيجب تخميسه إن لم يُصرف في مؤونتها.
(مسألة 611): اعتبار السنة في وجوب الخمس إنّما هو من جهة الإرفاق بالمالك، وإلّا فالخمس يتعلّق بالربح من حين ظهوره، ويجوز للمالك إعطاء الخمس قبل انتهاء السنة. ويترتّب على ذلك جواز تبديل حوله بأن يؤدّي خمس أرباحه في أيّ وقت شاء ويتّخذ مبدأ سنته الشروع في الاكتساب بعده أو حصول الفائدة الجديدة لمن لا كسب له.
(مسألة 612): ما يتلف أثناء السنة من الأموال على أقسام:
1- أن لا يكون التالف من مال تجارته ولا من مؤنه، فلا يجوز في هذا القسم تداركه من أرباح سنة التلف، أي لا تستثنى منها قيمة التالف قبل إخراج خمسها.
2- أن يكون التالف من مؤنه كالدار التي يسكنها واللباس الذي يحتاج إليه وغير ذلك، وفي هذا القسم أيضاً لا يتدارك التالف من أرباح سنة التلف. نعم، يجوز له تعويضه منها إذا احتاج إليه فيما بقي من السنة، ويكون ذلك من الصرف في المؤونة المستثناة من الخمس.
3- أن يكون التالف من أموال تجارته ويتحقّق له ربح فيها أيضاً، وفي هذا القسم يجوز تدارك التالف من أرباح سنته، أي لا يثبت الخمس إلّا في الزائد منها على قيمة التالف. ولا فرق في ذلك بين أن تنحصر تجارته في نوع واحد أم تتعدّد، كما إذا كان يتّجر بأنواع من الأمتعة فإنّه يجوز تدارك التالف من أيّ نوع بربح النوع الآخر.
وفي حكم التالف في جواز التدارك في كلا الفرضين ما إذا خسر في تجارته أحياناً، مثلاً: إذا كان يتّجر ببيع السكّر فاتّفق أن تلف قسم منه في أثناء السنة - بغرق أو غيره - أو أنّه خسر في بيعه فإنّه يجوز له تدارك التالف أو الخسران من أرباحه في معاملة السكّر أو غيرها في تلك السنة، سواء أكان الربح سابقاً على الخسارة أو لاحقاً لها، ويجب الخمس في الزائد على مؤونة سنته بعد التدارك.
نعم، إذا كانت لديه تجارات متعدّدة مستقلّة بعضها عن بعض بأن تمايزت فيما يرتبط بشؤون التجارة من رأس المال والحسابات والأرباح والخسائر ونحوها كان حكم ما يقع في بعضها من التلف أو الخسران حكم القسم الرابع الآتي.
4- أن يكون التالف وما بحكمه من مال التجارة وكان له ربح في غير التجارة من زراعة أو غيرها، فلا يجوز على الأحوط في هذا القسم تدارك خسران التجارة بربح الزراعة، وكذلك العكس.
(مسألة 613): يتخيّر المالك بين إخراج الخمس من العين وإخراجه من النقود بقيمته.
(مسألة 614): إذا تعلّق الخمس بمال ولم يؤدّه المالك لا من العين ولا من قيمتها ثُمَّ ارتفعت قيمتها السوقية لزمه إخراج الخمس من العين أو من قيمتها الفعليّة، ولا يكفي إخراجه من قيمتها قبل الارتفاع.
وإذا نزلت القيمة قبل الإخراج يجزئ أداء القيمة الفعليّة أيضاً، إلّا إذا كان المال معدّاً للاتّجار بعينه فزادت قيمته في أثناء السنة وأمكنه بيعه وأخذ قيمته فلم يفعل وبعدها نقصت القيمة فإنّه يضمن خمس النقص على الأحوط لزوماً.
(مسألة 615): لا يجوز للمالك أن يتصرّف فيما تعلّق به الخمس بعد انتهاء السنة وقبل أدائه، ويجوز ذلك بمراجعة الحاكم الشرعي.
(مسألة 616): إذا لم يحاسب الشخص نفسه مدّة وقد حصل خلالها على أرباح واشترى أعياناً ثُمَّ أراد إخراج ما وجب عليه من الخمس فيها فالواجب أن يخمّس ما اشتراه من أرباح نفس سنة الشراء إمّا من عينه أو بقيمته حين التخميس، إلّا ما استخدمه في مؤونته في سنة حصول الربح فإنّه يعفى عن التخميس.
وأمّا ما اشتراه بثمن في الذمّة ودفع الثمن من أرباح سنة سابقة فيضمن خمس ما دفعه، ولا يجب عليه الخمس في ارتفاع قيمة العين المشتراة إلّا إذا كانت معدّة للاتّجار بنفسها فإنّه يثبت الخمس في ارتفاع قيمتها أيضاً.
وإذا شكّ في متاع أنّه اشتراه في أثناء السنة ليجب خمس نفسه - المرتفع قيمته على الفرض - أو أنّه اشتراه بثمن في الذمّة ثُمَّ أدّى الثمن من أرباح سنة سابقة لئلّا يجب الخمس إلّا من مقدار الثمن أمكنه الرجوع إلى الحاكم الشرعي أو المأذون من قبله لإجراء المصالحة معه بنسبة الاحتمال.
(مسألة 617): يجب على المرأة إخراج خمس ما تربحه بكسب أو غيره في آخر السنة إذا لم تصرفه في مؤونتها لقيام زوجها أو غيره بها، بل إذا علمت بعدم الحاجة إليه في أثناء السنة فالأحوط وجوباً المبادرة إلى إخراج خمسه، وكذلك غير المرأة إذا علم بذلك.
(مسألة 618): لا يشترط في ثبوت الخمس كمال المالك بالبلوغ والعقل، فيثبت في أرباح الصبيّ والمجنون، وعلى الوليّ إخراجه منها، وإن لم يخرجه وجب عليهما ذلك بعد البلوغ والإفاقة. نعم، إذا كان الصبيّ المميّز مقلِّداً لمن لا يرى ثبوت الخمس في مال غير البالغ فليس للوليّ إخراجه منه.
(مسألة 588): يتعلّق الخمس بأنواع من المال:
الأوّل: ما يغنمه المسلمون من الكفّار في الحرب من الأموال المنقولة وغيرها إذا كانت الحرب بإذن الإمام (عليه السلام)، وإلّا فجميع الغنيمة له. نعم، الأراضي التي ليست من الأنفال فيء للمسلمين مطلقاً.
(مسألة 589): في جواز تملّك المؤمن مال الناصب وأداء خمسه إشكال، فالأحوط لزوماً تركه.
(مسألة 590): ما يؤخذ من الكفّار سرقة أو غيلة ونحو ذلك ممّا لا يرتبط بالحرب وشؤونها لا يدخل تحت عنوان الغنيمة، ولكنّه يدخل في أرباح المكاسب - الآتي بيانها - ويجري عليه حكمها، هذا إذا كان الأخذ جائزاً، وإلّا - كما إذا كان غدراً ونقضاً للأمان الممنوح لهم - فالأحوط لزوماً ردّه إليهم.
(مسألة 591): لا تجري أحكام الغنيمة على ما في يد الكافر إذا كان المال محترماً، كأن يكون لمسلم أو لذمّي أودعه عنده.
الثاني: المعادن، فكلّ ما صدق عليه المعدن عرفاً بأن تعرف له مميّزات عن سائر أجزاء الأرض توجب له قيمة سوقيّة - كالذهب والفضّة والنحاس والحديد والكبريت والزئبق والفيروزج والياقوت والملح والنفط والفحم الحجري وأمثال ذلك - فهو من الأنفال، أي أنّها مملوكة للإمام (عليه السلام) وإن لم يكن أرضه منها، ولكن يثبت الخمس في المستخرج منه ويكون الباقي للمُخرج إذا كان في أرض مملوكة له، أو كان في أرض خراجيّة مع إذن وليّ المسلمين، أو كان في أرض الأنفال ولم يمنع عنه مانع شرعي، وإن استخرجه من أرض مملوكة للغير بدون إذنه فالأحوط لزوماً أن يتراضيا بشأن ما زاد على الخمس منه.
(مسألة 592): يعتبر في وجوب الخمس فيما يستخرج من المعادن بلوغه حال الإخراج - بعد استثناء مؤونته - قيمة النصاب الأوّل في زكاة الذهب - أي خمسة عشر مثقالاً صيرفيّاً من الذهب المسكوك -، فإذا كانت قيمته أقلّ من ذلك لا يجب الخمس فيه بعنوان المعدن، وإنّما يدخل في أرباح السنة.
(مسألة 593): إنّما يجب الخمس في المستخرج من المعادن بعد استثناء مؤونة الإخراج وتصفيته، مثلاً: إذا كانت قيمة المستخرج تساوي ثلاثين مثقالاً من الذهب المسكوك وقد صرف عليه ما يساوي خمسة عشر مثقالاً وجب الخمس في الباقي وهو خمسة عشر مثقالاً.
الثالث: الكنز، فعلى من ملكه بالحيازة أن يخرج خمسه. ولا فرق فيه بين الذهب والفضّة المسكوكين وغيرهما. ويعتبر فيه بلوغه نصاب أحد النقدين في الزكاة، وتستثنى منه أيضاً مؤونة الإخراج على النحو المتقدّم في المعادن.
(مسألة 594): إذا ملك أرضاً ووجد فيها كنزاً فإن كان لها مالك قبله - وكان ذا يدٍ عليها واحتمل كونه له احتمالاً معتدّاً به – راجعه، فإن ادّعاه دفعه إليه، وإلّا راجع من ملكها قبله كذلك وهكذا، فإن نفاه الجميع جاز له تملّكه وأخرج خمسه.
الرابع: الغوص، فمن أخرج شيئاً من البحر أو الأنهار العظيمة ممّا يتكوّن فيها كاللؤلؤ والمرجان واليسر بغوص وبلغت قيمته ديناراً - أي ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي من الذهب المسكوك - وجب عليه إخراج خمسه، وكذلك إذا كان بآلة خارجيّة على الأحوط.
وما يؤخذ من سطح الماء أو يلقيه البحر إلى الساحل لا يدخل تحت عنوان الغوص، ويجري عليه حكم أرباح المكاسب. نعم، يجب إخراج الخمس من العنبر المأخوذ من سطح الماء.
(مسألة 595): الحيوان المستخرج من البحر - كالسمك - لا يدخل تحت عنوان الغوص، وكذلك إذا استخرج سمكة ووجد في بطنها لؤلؤاً أو مرجاناً، وكذلك ما يستخرج من البحر من الأموال غير المتكوّنة فيه، كما إذا غرقت سفينة وتركها أربابها وأباحوا ما فيها لمستخرجه فاستخرج شخص لنفسه شيئاً منها، فإنّ كلّ ذلك يدخل في الأرباح.
الخامس: الحلال المخلوط بالحرام في بعض صوره، وتفصيلها أنّه:
1- إذا علم مقدار الحرام ولم تتيسّر له معرفة مالكه - ولو إجمالاً في ضمن أشخاص معدودين - يجب التصدّق بذلك المقدار عن مالكه قلّ أو كثر، والأحوط وجوباً الاستجازة في ذلك من الحاكم الشرعي.
2- إذا لم تتيسّر له معرفة مقدار الحرام وعلم مالكه، فإن أمكن التراضي معه بصلح أو نحوه فهو، وإلّا اكتفى بردّ المقدار المعلوم إليه إذا لم يكن الخلط بتقصير منه، وإلّا لزم ردّ المقدار الزائد إليه أيضاً على الأحوط لزوماً، هذا إذا لم يتخاصما، وإلّا تحاكما إلى الحاكم الشرعي.
3- إذا لم تتيسّر له معرفة مقدار الحرام ولا مالكه وعلم أنّه لا يبلغ خمس المال وجب التصدّق عن المالك بالمقدار الذي يعلم أنّه حرام إذا لم يكن الخلط بتقصير منه، وإلّا فالأحوط وجوباً التصدّق بالمقدار المحتمل أيضاً ولو بتسليم المال كلّه إلى الفقير قاصداً به التصدّق بالمقدار المجهول مالكه، ثُمَّ يتصالح هو والفقير في تعيين حصّة كلٍّ منهما، والأحوط لزوماً أن يكون التصدّق بإذن من الحاكم الشرعي.
4- إذا لم تتيسّر له معرفة مقدار الحرام ولا مالكه وعلم أنّه يزيد على الخمس فحكمها حكم الصورة السابقة، ولا يجزئ إخراج الخمس من المال.
5- إذا لم تتيسّر له معرفة مقدار الحرام ولا مالكه واحتمل زيادته على الخمس ونقيصته عنه يجزئ إخراج الخمس وتحلّ له بقيّة المال، والأحوط وجوباً إعطاؤه بقصد الأعمّ من الخمس والصدقة عن المالك إلى من يكون مصرفاً للخمس ومجهول المالك معاً.
السادس: الأرض التي تملّكها الكافر من مسلم ببيع أو هبة ونحو ذلك على المشهور بين الفقهاء (رضوان الله عليهم)، ولكنّ ثبوت الخمس فيها بمعناه المعروف لا يخلو عن إشكال.
السابع: أرباح المكاسب، وهي: كلّ ما يستفيده الإنسان بتجارة أو صناعة أو حيازة أو أيّ كسب آخر، ويدخل في ذلك ما يملكه بهديّة أو وصيّة، ومثلهما على الأحوط لزوماً ما يأخذه من الصدقات الواجبة والمستحبّة من الكفّارات ومجهول المالك وردّ المظالم وغيرها عدا الخمس والزكاة.
ولا يجب الخمس في المهر وعوض الخلع وديات الأعضاء، ولا في ما يملك بالإرث – وفي حكمه دية النفس - عدا ما يجوز أخذه للمؤمن بعنوان ثانوي كالتعصيب، والأحوط وجوباً إخراج خمس الميراث الذي لا يحتسب من غير الأب والابن.
(مسألة 596): يختصّ وجوب الخمس في الأرباح - بعد استثناء ما صرفه من مال مخمّس أو ممّا لم يتعلّق به الخمس في سبيل تحصيلها - بما يزيد على مؤونة سنته لنفسه وعائلته. ويدخل في المؤونة المأكول والمشروب والمسكن والمركوب وأثاث البيت وما يصرفه في تزويج نفسه أو من يتعلّق به وفي الزيارات والأسفار والهدايا والإطعام ونحو ذلك، ويختلف كلّ ذلك باختلاف الأشخاص.
والعبرة في كيفيّة الصرف وكميّته بما يناسب شأن الشخص نفسه، فإذا كان شأنه يقتضي أن يصرف في مؤونة سنته مائة دينار لكنّه صرف أزيد منها على نحو يعدّ سفهاً وإسرافاً منه عرفاً وجب عليه الخمس فيما زاد على المائة. وأمّا إذا قتّر على نفسه فصرف خمسين ديناراً وجب عليه الخمس فيما زاد على الخمسين.
ولو كان المصرف راجحاً شرعاً ولكنّه غير متعارف من مثل المالك وذلك كما إذا صرف جميع أرباحه أثناء سنته في عمارة المساجد أو الزيارات أو الإنفاق على الفقراء ونحو ذلك فالأحوط وجوباً أن يدفع خمس الزائد على المقدار المتعارف.
(مسألة 597): العبرة في المؤونة المستثناة عن الخمس بمؤونة سنة حصول الربح، فلا يُستثنى مؤن السنين اللاحقة، فمن حصل لديه أرباح تدريجيّة فاشترى في السنة الأولى عرصة لبناء دار، وفي الثانية حديداً، وفي الثالثة مواد إنشائيّة أخرى وهكذا، لا يكون ما اشتراه من المؤن المستثناة؛ لأنّه مؤونة للسنين الآتية التي يحصل فيها السكنى فعليه تخميس تلك الأعيان.
نعم، إذا كان المتعارف لمثله - بحسب العرف الذي يعيش فيه - تحصيل الدار تدريجاً على النحو المتقدّم بحيث إنّه لو لم يفعل ذلك لعُدّ مقصّراً في حقّ عائلته ومتهاوناً بمستقبلهم ممّا ينافي ذلك شأنه عُدّ ما اشتراه في كلّ سنة من مؤونته في تلك السنة. ومثل ذلك ما يتعارف إعداده لزواج الأولاد خلال عدّة سنوات إذا كان تركه منافياً لشأن الأب أو الأمّ ولو لعجزهما عن تحصيله لهم في أوانه.
(مسألة 598): رأس مال التجارة ليس من المؤونة المستثناة فيجب إخراج خمسه إذا اتّخذه من أرباحه وإن كان مساوياً لمؤونة سنته. نعم، إذا كان بحيث لا يفي الاتّجار بالباقي - بعد إخراج الخمس - بمؤونته اللائقة بحاله لم يثبت الخمس فيه، إلّا إذا أمكنه دفعه تدريجاً - بعد نقله إلى الذمّة بمراجعة الحاكم الشرعي - فإنّه لا يُعفى عن التخميس في هذه الصورة.
(مسألة 599): إذا آجر نفسه سنين كانت الأجرة الواقعة بإزاء عمله في سنة الإجارة من أرباحها، وما يقع بإزاء العمل في السنين الآتية من أرباح تلك السنين.
وأمّا إذا باع ثمرة بستانه سنين كان الثمن بتمامه من أرباح سنة البيع ووجب فيه الخمس بعد المؤونة وبعد استثناء ما يجبر به النقص الوارد على البستان من جهة كونه مسلوب المنفعة في المدّة الباقية بعد انتهاء السنة.
(مسألة 600): إذا اشترى بربحه شيئاً من المؤن فزادت قيمته ولو لزيادة متّصلة تستوجبها لم يجب فيه الخمس. نعم، إذا باعه خلال سنته أو استغنى عنه فيها مطلقاً فالأحوط لزوماً أداء خمسه إذا زاد على مؤونته السنويّة، مثلاً: إذا اشترى بشيء من أرباحه فرساً لركوبه واستخدمه في ذلك فزادت قيمته السوقيّة لم يجب الخمس فيه ما لم يبعه خلال سنته أو يستغن عنه فيها بالمرّة، وإلّا فالأحوط وجوباً أداء خمسه مع زيادته على مؤونته. ولو باعه خلال سنته أو بعدها وربح فيه فلا إشكال في ثبوت الخمس في الربح إذا كان زائداً على مؤونة سنة حصوله.
وأمّا الزيادات المنفصلة فهي داخلة في الأرباح، فيجب فيها الخمس إن لم تصرف في المؤونة، فإذا ولد الفرس - في مفروض المثال - كان النتاج من الأرباح، ومن هذا القبيل ثمر الأشجار وأغصانها المعدّة للقطع وصوف الحيوان ووبره وحليبه وغير ذلك. وفي حكم الزيادة المنفصلة الزيادة المتّصلة إذا عدّت عرفاً مصداقاً لزيادة المال، كما لو سمن الحيوان المعدّ للاستفادة من لحمه كالمسمّى بـ (دجاج اللحم).
(مسألة 601): من اتّخذ رأس ماله ممّا يقتنى للاكتساب بمنافعه مع المحافظة على عينه - كالفنادق والمحلّات التجاريّة وسيّارات الأجرة والحقول الزراعيّة والمعامل الإنتاجيّة وبعض أقسام الحيوان كالأبقار التي يكتسب بحليبها - لم يجب الخمس في زيادة قيمته السوقيّة إذا كان متّخذاً من مال مخمّس أو غير متعلّق للخمس.
نعم، لو كان قد ملكه بالمعاوضة كالشراء فباعه بالزائد تدخل الزيادة في أرباح سنة البيع، كما أنّه تدخل في الأرباح زيادته المنفصلة، وكذا المتّصلة الملحقة بها حكماً فيما يفرض له مثلها.
(مسألة 602): الأموال المعدّة للاتّجار بعينها كالبضائع المعروضة للبيع تعدّ زيادة قيمتها السوقيّة ربحاً وإن لم يتمّ بيعها بعدُ بالزيادة، وكذلك ما يفرض لها من زيادة منفصلة أو ما بحكمها من الزيادة المتّصلة، فلو اشترى كميّة من الحنطة قاصداً الاكتساب ببيعها فحلّ رأس سنته الخمسيّة وقد زادت قيمتها عمّا اشتراها به وجب إخراج خمس الزيادة إذا كان بمقدوره بيعها وأخذ قيمتها أثناء السنة.
(مسألة 603): إذا اشترى ما ليس من المؤونة بالذمّة أو استدان مبلغاً لإضافته إلى رأس ماله ونحو ذلك لم يجب فيه الخمس ما لم يؤدّ دينه، فإن أدّاه من أرباح سنته وكان بدله موجوداً عدّ البدل من أرباح هذه السنة فيجب تخميسه بعد انقضائها إذا كان زائداً على مؤونتها.
(مسألة 604): رأس سنة المؤونة فيمن لا مهنة له يتعاطها في معاشه - كالذي يعيله شخص آخر - وحصل له فائدة اتّفاقاً أوّل زمان حصولها، فمتى حصلت جاز له صرفها في مؤونته اللاحقة إلى عام كامل، ولا يجوز له أن يجبر بها ما صرفه في المؤن قبل ذلك من المال المخمّس أو ما بحكمه.
وأمّا من له مهنة يتعاطاها في معاشه - كالتاجر والطبيب والموظف والعامل وأضرابهم - فرأس سنته حين الشروع في الاكتساب، فيجوز له احتساب المؤن المصروفة بعده من الربح اللاحق إلى نهاية السنة، ولا يحقّ له صرف شيء من الربح الحاصل قبل نهاية السنة في مؤونة السنة التالية إلّا بعد تخميسه، حتّى إذا كان من قبيل المال الموهوب.
(مسألة 605): إذا كان لديه مال لا يجب فيه الخمس كما لو كان عنده إرث من أبيه لم يجب عليه صرفه في مؤونته ولا توزيع المؤونة عليه وعلى الأرباح، بل جاز له أن يصرف أرباحه في مؤونة سنته فإذا لم تزد عنها لم يجب فيها الخمس. نعم، إذا كان عنده ما يغنيه عن صرف الربح كأن كانت عنده دار لسكناه فسكنها مدّة لم يجز له احتساب أجرتها من المؤونة واستثناء مقدارها من الربح، كما ليس له أن يشتري داراً أخرى من الأرباح ويحسبها من المؤن إذا كانت الدار الأولى تفي بحاجته.
(مسألة 606): إذا اشترى بربحه شيئاً من المؤن فاستغنى عنه بعد مدّة فإن كان الاستغناء عنه بعد سنته لم يجب الخمس فيه إلّا إذا باعه بأزيد ممّا اشتراه، فإنّ الزيادة تعدّ من أرباح سنة البيع فيجب إخراج خمسها إذا لم تصرف في مؤونة تلك السنة.
وإن كان الاستغناء عنه في أثناء سنته فإن كان ممّا يتعارف إعداده للسنين الآتية - كالثياب الصيفيّة والشتويّة - لم يجب الخمس فيه أيضاً، وإلّا فالأحوط وجوباً أداء خمسه.
(مسألة 607): إذا ربح ثُمَّ مات أثناء سنته وجب أداء خمسه الزائد عن مؤونته إلى زمان الموت ولا ينتظر به إلى تمام السنة.
(مسألة 608): إذا ربح واستطاع أثناء سنته أو كان مستطيعاً قبلها ولم يحجّ جاز له أن يصرفه في سفر الحجّ ولا يجب فيه الخمس، لكنّه إذا لم يحجّ بعصيان أو غيره حتّى انتهت السنة وجب فيه الخمس.
(مسألة 609): إذا ربح ولكنّه لم يفِ بتكاليف حجّه لم يجز إبقاؤه بلا تخميس للحجّ في السنة الثانية، إلّا مع استقرار حجّة الإسلام في ذمّته وعدم تمكّنه من أدائها لاحقاً إلّا مع إبقاء الربح بتمامه لمؤونتها، فإنّه لا يجب عليه حينئذٍ إخراج خمسه عند انتهاء سنته، بل يجوز له إبقاؤه ليصرف في تكاليف حجّه.
(مسألة 610): ما يتعلّق بذمّته من الأموال بنذر أو دين أو كفّارة ونحوها سواء كان التعلّق في سنة الربح أم كان من السنين السابقة يجوز أداؤه من ربح السنة الحاليّة.
نعم، إذا لم يؤدّ دينه إلى أن انقضت السنة وجب الخمس من دون استثناء مقداره من ربحه، إلّا أن يكون ديناً لمؤونة تحصيل الربح من دون وجود بدل له، أو يكون ديناً لمؤونته في تلك السنة فإن مقداره يكون مستثنى من الربح(1).
ثُمَّ إن أدّى دينه في السنة التالية من نفس هذا الربح المستثنى فهو، وإن أدّاه من أرباح تلك السنة فإن كان بعد تلف هذا المال أو صرفه في مؤونته فلا شيء عليه، وإن كان هذا المال باقياً بنفسه أو ببدله - كما لو اشترى به بضاعة للبيع - فإن دفع دينه من ربح غير مخمّس عُدّ هذا المال من أرباح هذه السنة فيجب تخميسه إن لم يُصرف في مؤونتها.
(مسألة 611): اعتبار السنة في وجوب الخمس إنّما هو من جهة الإرفاق بالمالك، وإلّا فالخمس يتعلّق بالربح من حين ظهوره، ويجوز للمالك إعطاء الخمس قبل انتهاء السنة. ويترتّب على ذلك جواز تبديل حوله بأن يؤدّي خمس أرباحه في أيّ وقت شاء ويتّخذ مبدأ سنته الشروع في الاكتساب بعده أو حصول الفائدة الجديدة لمن لا كسب له.
(مسألة 612): ما يتلف أثناء السنة من الأموال على أقسام:
1- أن لا يكون التالف من مال تجارته ولا من مؤنه، فلا يجوز في هذا القسم تداركه من أرباح سنة التلف، أي لا تستثنى منها قيمة التالف قبل إخراج خمسها.
2- أن يكون التالف من مؤنه كالدار التي يسكنها واللباس الذي يحتاج إليه وغير ذلك، وفي هذا القسم أيضاً لا يتدارك التالف من أرباح سنة التلف. نعم، يجوز له تعويضه منها إذا احتاج إليه فيما بقي من السنة، ويكون ذلك من الصرف في المؤونة المستثناة من الخمس.
3- أن يكون التالف من أموال تجارته ويتحقّق له ربح فيها أيضاً، وفي هذا القسم يجوز تدارك التالف من أرباح سنته، أي لا يثبت الخمس إلّا في الزائد منها على قيمة التالف. ولا فرق في ذلك بين أن تنحصر تجارته في نوع واحد أم تتعدّد، كما إذا كان يتّجر بأنواع من الأمتعة فإنّه يجوز تدارك التالف من أيّ نوع بربح النوع الآخر.
وفي حكم التالف في جواز التدارك في كلا الفرضين ما إذا خسر في تجارته أحياناً، مثلاً: إذا كان يتّجر ببيع السكّر فاتّفق أن تلف قسم منه في أثناء السنة - بغرق أو غيره - أو أنّه خسر في بيعه فإنّه يجوز له تدارك التالف أو الخسران من أرباحه في معاملة السكّر أو غيرها في تلك السنة، سواء أكان الربح سابقاً على الخسارة أو لاحقاً لها، ويجب الخمس في الزائد على مؤونة سنته بعد التدارك.
نعم، إذا كانت لديه تجارات متعدّدة مستقلّة بعضها عن بعض بأن تمايزت فيما يرتبط بشؤون التجارة من رأس المال والحسابات والأرباح والخسائر ونحوها كان حكم ما يقع في بعضها من التلف أو الخسران حكم القسم الرابع الآتي.
4- أن يكون التالف وما بحكمه من مال التجارة وكان له ربح في غير التجارة من زراعة أو غيرها، فلا يجوز على الأحوط في هذا القسم تدارك خسران التجارة بربح الزراعة، وكذلك العكس.
(مسألة 613): يتخيّر المالك بين إخراج الخمس من العين وإخراجه من النقود بقيمته.
(مسألة 614): إذا تعلّق الخمس بمال ولم يؤدّه المالك لا من العين ولا من قيمتها ثُمَّ ارتفعت قيمتها السوقية لزمه إخراج الخمس من العين أو من قيمتها الفعليّة، ولا يكفي إخراجه من قيمتها قبل الارتفاع.
وإذا نزلت القيمة قبل الإخراج يجزئ أداء القيمة الفعليّة أيضاً، إلّا إذا كان المال معدّاً للاتّجار بعينه فزادت قيمته في أثناء السنة وأمكنه بيعه وأخذ قيمته فلم يفعل وبعدها نقصت القيمة فإنّه يضمن خمس النقص على الأحوط لزوماً.
(مسألة 615): لا يجوز للمالك أن يتصرّف فيما تعلّق به الخمس بعد انتهاء السنة وقبل أدائه، ويجوز ذلك بمراجعة الحاكم الشرعي.
(مسألة 616): إذا لم يحاسب الشخص نفسه مدّة وقد حصل خلالها على أرباح واشترى أعياناً ثُمَّ أراد إخراج ما وجب عليه من الخمس فيها فالواجب أن يخمّس ما اشتراه من أرباح نفس سنة الشراء إمّا من عينه أو بقيمته حين التخميس، إلّا ما استخدمه في مؤونته في سنة حصول الربح فإنّه يعفى عن التخميس.
وأمّا ما اشتراه بثمن في الذمّة ودفع الثمن من أرباح سنة سابقة فيضمن خمس ما دفعه، ولا يجب عليه الخمس في ارتفاع قيمة العين المشتراة إلّا إذا كانت معدّة للاتّجار بنفسها فإنّه يثبت الخمس في ارتفاع قيمتها أيضاً.
وإذا شكّ في متاع أنّه اشتراه في أثناء السنة ليجب خمس نفسه - المرتفع قيمته على الفرض - أو أنّه اشتراه بثمن في الذمّة ثُمَّ أدّى الثمن من أرباح سنة سابقة لئلّا يجب الخمس إلّا من مقدار الثمن أمكنه الرجوع إلى الحاكم الشرعي أو المأذون من قبله لإجراء المصالحة معه بنسبة الاحتمال.
(مسألة 617): يجب على المرأة إخراج خمس ما تربحه بكسب أو غيره في آخر السنة إذا لم تصرفه في مؤونتها لقيام زوجها أو غيره بها، بل إذا علمت بعدم الحاجة إليه في أثناء السنة فالأحوط وجوباً المبادرة إلى إخراج خمسه، وكذلك غير المرأة إذا علم بذلك.
(مسألة 618): لا يشترط في ثبوت الخمس كمال المالك بالبلوغ والعقل، فيثبت في أرباح الصبيّ والمجنون، وعلى الوليّ إخراجه منها، وإن لم يخرجه وجب عليهما ذلك بعد البلوغ والإفاقة. نعم، إذا كان الصبيّ المميّز مقلِّداً لمن لا يرى ثبوت الخمس في مال غير البالغ فليس للوليّ إخراجه منه.
(1) مثلاً: إذا اشترى داراً لسكناه بخمسين ألف دينار ديناً على ذمّته، فإن توفّرت له من الأرباح في أوّل سنة السكنى فيها ما تفي بتمام ذلك الدين لم يجب إخراج خمسها في آخر تلك السنة وإن لم يؤدّ دينه بها، وإذا صرف الربح المستثنى في مؤونة السنة اللاحقة كان له أن يستثني بمقداره من أرباحها، وإذا صرفه في غير المؤونة أو تلف بسرقة أو نحوها لم يكن له ذلك.
وإن لم يتوفّر له من الأرباح في أوّل سنة السكنى في الدار ما يفي بتمام الدين المتعلِّق بها - كما لو توفّر له في المثال مقدار عشرة آلاف دينار فقط - كان له استثناء الباقي من أرباح السنين اللاحقة بشرط كون الدار مؤونة له فيها، وإلّا لم يكن له ذلك.
فلو توفّر له في السنة الثانية - وهو ساكن في الدار - أربعون ألف دينار من الأرباح لم يجب إخراج خمسها، وهكذا إذا توفّرت الأربعون ألفاً خلال عدّة سنوات فإنّها تستثنى من أرباحها تدريجاً، بشرط كونه ساكناً في الدار خلالها، فلو خرج منها في السنة الثانية - مثلاً - لم يستثن باقي الدين من أرباحها.
وبالجملة: لا يستثنى من أرباح السنة ما كان ديناً للمؤونة في سنة سابقة إلّا إذا لم يكن قد استثني له بمقداره من أرباحها وكان ما تعلّق به الدين - كدار السكنى والسيّارة الشخصيّة وأثاث المنزل - مستخدماً في المؤونة في السنة اللاحقة.