الكتب الفتوائية » المسائل المنتخبة - (الطبعة الجديدة المنقحة)
البحث في:
أحكام الصلاة » الصلاة ←
→ أحكام الطهارة » ما تثبت به الطهارة والنجاسة
أحكام الطهارة » المطهرات
أهمّ المطهّرات اثنا عشر:
الأوّل: الماء المطلق، وهو: الذي يصحّ إطلاق الماء عليه من دون إضافته إلى شيء. وهو على أقسام: الجاري، ماء المطر، ماء البئر، الراكد الكثير (الكرّ وما زاد)، الراكد القليل (ما دون الكرّ).
(مسألة 159): الماء المضاف - وهو الذي لا يصحّ إطلاق الماء عليه من دون إضافة كماء العنب وماء الرمان وماء الورد ونحو ذلك - لا يرفع حَدَثاً ولا خَبَثاً، ويتنجّس بملاقاة النجاسة، ولا أثر لكرّيّته في عاصميّته، ويستثنى من ذلك ما إذا جرى من العالي إلى السافل، أو من السافل إلى العالي بدفع، ففي مثل ذلك ينجس المقدار الملاقي للنجس فقط، مثلاً: إذا صبّ ما في الابريق من ماء الورد على يد كافر محكوم بالنجاسة لم يتنجّس ما في الابريق وإن كان متّصلاً بما في يده.
(مسألة 160): الماء الجاري لا ينجس بملاقاة النجس وإن كان قليلاً، إلّا إذا تغيّر أحد أوصافه (اللون والطعم والريح)، والعبرة بالتغيّر بأوصاف النجس، ولا بأس بالتغيّر بأوصاف المتنجّس.
ويعتبر في صدق عنوان الجاري وجود مادّة طبيعيّة له، والجريان ولو بعلاج، والدوام ولو في الجملة، ولا يعتبر فيه اتّصاله بالمادّة بمعنى أنّه يكفي الاستمداد الفعلي منها فلا يضرّ الانفصال الطبيعي، كما لو كانت المادّة من فوق تترشّح وتتقاطر فإنّه يكفي في عاصميّته. نعم، يضرّ الانفصال العارضي كما لو طرأ مانع من النبع.
(مسألة 161): يطهر الماء المتنجّس - غير المتغيّر بالنجاسة فعلاً - باتّصاله بالماء الجاري أو بغيره من المياه المعتصمة كالماء البالغ كرّاً وماء البئر والمطر بشرط امتزاجه به بمقدار معتدّ به، هذا إذا لم يكن في إناء، وإلّا تنجّس على الأحوط لزوماً بعد انفصال الماء المعتصم عنه، لما سيأتي من أنّه يعتبر في تطهير الإناء غسله بالماء ثلاثاً وإن كان معتصماً على الأحوط وجوباً.
(مسألة 162): المطر معتصم لا ينجس بمجرّد ملاقاة النجس إذا نزل عليه ما لم يتغيّر أحد أوصافه - على ما تقدّم آنفاً في الماء الجاري -، وكذا لو نزل أوّلاً على ما يعدّ ممرّاً له عرفاً - ولو لأجل الشدّة والتتابع - كورق الشجر ونحوه، وأمّا إذا نزل على ما لا يعدّ ممرّاً فاستقرّ عليه أو نزا منه ثُمَّ وقع على النجس كان محكوماً بالنجاسة.
(مسألة 163): لا يتنجّس ماء البئر بملاقاة النجاسة وإن كان قليلاً. نعم، إذا تغيّر أحد أوصافه المتقدّمة يحكم بنجاسته، ويطهر بزوال تغيّره بنفسه بشرط امتزاجه بما يخرج من المادّة على الأحوط لزوماً، أو بنزح مقدار يزول به التغيّر.
(مسألة 164): الماء الراكد ينجس بملاقاة النجس وكذا المتنجّس - على التفصيل المتقدّم في المسألة (158) - إذا كان دون الكرّ، إلّا أن يكون جارياً على النجس من العالي إلى السافل أو من السافل إلى العالي بدفع، فلا ينجس حينئذٍ إلّا المقدار الملاقي للنجس كما تقدّم آنفاً في الماء المضاف. وأمّا إذا كان كرّاً فما زاد فهو لا ينجس بملاقاة النجس فضلاً عن المتنجّس إلّا إذا تغيّر أحد أوصافه على ما تقدّم.
وفي مقدار الكرّ بحسب الحجم أقوال، والمشهور بين الفقهاء (رضوان الله عليهم) اعتبار أن يبلغ مكعّبه ثلاثة وأربعين شبراً إلّا ثمن شبر وهو الأحوط استحباباً، وإن كان يكفي بلوغه ستّة وثلاثين شبراً وهو ما يعادل (384) لتراً تقريباً، وأمّا تقديره بحسب الوزن فلا يخلو عن إشكال.
(مسألة 165): يعتبر في التطهير بالماء القليل - في غير المتنجّس ببول الرضيع الذي سيأتي بيان حكمه - مضافاً إلى استيلاء الماء على المتنجّس على نحو تنحلّ فيه القذارة عرفاً - حقيقة أو اعتباراً - مروره عليه وتجاوزه عنه على النحو المتعارف بأن لا يبقى منه فيه إلّا ما يعدّ من توابع المغسول، وهذا ما يعبّر عنه بلزوم انفصال الغسالة، فإذا كان باطن الشيء متنجّساً وكان ممّا ينفذ فيه الماء بوصف الإطلاق فلا بُدَّ في تطهيره من إخراج الغسالة منه بالضغط عليه بعصر أو غمز أو نحوهما أو بسبب تدافع الماء أو توالي الصبّ.
(مسألة 166): الغسالة بالمعنى المتقدّم محكومة بالنجاسة. نعم، نجاستها في الغسلة غير المزيلة لعين النجاسة - سواء ما تتعقبها طهارة المحلّ أو لا - مبنيّة على الاحتياط اللزومي.
(مسألة 167): غسالة الاستنجاء محكومة بحكم سائر الغسالات، ولكن لا يجب الاجتناب عن ملاقيها إلّا في صور:
1- أن تتميّز فيها عين النجاسة.
2- أن تتغيّر بأحد أوصاف النجاسة (اللون والطعم والريح).
3- أن تتعدّى النجاسة من المخرج على نحو لا يصدق معها الاستنجاء.
4- أن تصيبها نجاسة أخرى من الداخل أو الخارج.
(مسألة 168): تختلف كيفيّة التطهير باختلاف المتنجّسات، وما تنجّست به، والمياه، وهذا تفصيله:
1- اللباس أو البدن المتنجّس بالبول يطهر بغسله في الماء الجاري مرّة. ولا بُدَّ من غسله مرّتين إذا غُسل بالماء القليل، ومثله على الأحوط لزوماً ما إذا غسل بماء الكرّ أو بماء المطر، ويعتبر في الغسل بالماء القليل انفصال الغسالة عنه كما مرّ في المسألة (165).
2- الأواني المتنجّسة بالخمر لا بُدَّ في طهارتها من الغسل ثلاث مرّات، سواء في ذلك الماء القليل وغيره، والأولى أن تغسل سبعاً.
3- يكفي في طهارة المتنجّس ببول الصبيّ أو الصبيّة - ما دام رضيعاً لم يتغذّ بالطعام - صبّ الماء عليه وإن كان قليلاً مرّة واحدة بمقدار يحيط به، ولا حاجة معه إلى العصر أو ما بحكمه فيما إذا كان المتنجّس لباساً أو نحوه.
4- الإناء المتنجّس بولوغ الكلب يغسل ثلاثاً أُولاهنّ بالتراب وغسلتان بعدها بالماء، والمقصود بولوغ الكلب شربه الماء أو أي مائع آخر بطرف لسانه. وإذا لطع الإناء كان ذلك بحكم الولوغ في كيفيّة التطهير. والأحوط وجوباً في مطلق مباشرته بغير اللسان أو وقوع لعابه أو شعره أو عرقه الغسل بالتراب مرّة وبالماء ثلاث مرّات.
5- الإناء المتنجّس بولوغ الخنزير أو بموت الجرذ فيه لا بُدَّ في طهارته من غسله سبع مرّات، من غير فرق بين الماء القليل وغيره.
6- إذا تنجّس داخل الإناء - بغير الخمر وولوغ الكلب أو الخنزير وموت الجرذ فيه من النجاسات - وجب في تطهيره بالماء القليل غسله ثلاث مرّات، وهكذا تطهيره بالجاري أو الكرّ أو المطر على الأحوط لزوماً. ويجري هذا الحكم فيما إذا تنجّس الإناء بملاقاة المتنجّس أيضاً، ويدخل في ذلك ما إذا تنجّس بالمتنجّس بالخمر أو بولوغ الكلب أو الخنزير أو موت الجرذ.
7- يكفي في طهارة المتنجّس - غير ما تقدّم - أن يغسل بالماء مرّة واحدة وإن كان قليلاً، والأحوط استحباباً الغسل مرّتين. ولا بُدَّ في طهارة اللباس ونحوه من انفصال الغسالة عند الغسل بالماء القليل كما مرّ في المسألة (165).
(مسألة 169): الماء القليل المتّصل بالكرّ - وإن كان الاتّصال بواسطة أنبوب ونحوه - يجري عليه حكم الكرّ فلا ينفعل بملاقاة النجاسة، ويقوم مقام الكرّ في تطهير المتنجّس به.
وأمّا الراكد المتّصل بالجاري فلا يكون له حكم الجاري في عدم انفعاله بملاقاة النجس والمتنجّس، فالحوض المتّصل بالنهر بساقية ينجس بالملاقاة إذا كان المجموع أقلّ من الكرّ.
(مسألة 170): إذا تنجّس اللباس المصبوغ يغسل كما يغسل غيره، فيطهر بالغسل بالماء الكثير إذا بقي الماء على إطلاقه إلى أن ينفذ إلى جميع أجزائه ويستولي عليها، بل بالقليل أيضاً إذا كان الماء باقياً على إطلاقه إلى أن يتمّ عصره أو ما بحكمه. ولا ينافي في الفرضين التغيّر بوصف المتنجّس ما لم يوجب الإضافة، سواء أكان التغيّر قبل النفوذ أو العصر أو بعدهما.
(مسألة 171): ما ينفذ الماء فيه بوصف الإطلاق ولكن لا يخرج عن باطنه بالعصر وشبهه كالحِبّ والكوز ونحوهما يكفي في طهارة أعماقه - إن وصلت النجاسة إليها - أنْ يغسل بالماء الكثير ويصل الماء إلى ما وصلت إليه النجاسة، ولا حاجة إلى أن يجفّف أوّلاً ثُمَّ يوضع في الكرّ أو الجاري. وأمّا تطهير باطنه بالماء القليل فغير ممكن على الأحوط لزوماً.
(مسألة 172): ما لا ينفذ فيه الماء بوصف الإطلاق مثل الصابون والطين لا يمكن تطهير باطنه - إن وصلت النجاسة إليه - لا بالماء الكثير ولا القليل وإن جفّف أوّلاً.
الثاني من المطهّرات: الأرض، وهي تطهِّر باطن القدم والنعل بالمشي عليها أو المسح بها، بشرط أن تزول عين النجاسة بهما، ولو زالت النجاسة قبل ذلك ففي كفاية تطهير موضعها بالمسح بها أو المشي عليها إشكال.
ويعتبر في الأرض الطهارة والجفاف. والأحوط الاقتصار على النجاسة الحادثة من المشي على الأرض النجسة أو الوقوف عليها ونحوه. ولا فرق في الأرض بين التراب والرمل والحجر، بل الظاهر كفاية المفروشة بالآجر أو الجصّ أو النورة أو السمنت، ولا تكفي المفروشة بالقير ونحوه على الأحوط لزوماً.
الثالث من المطهّرات: الشمس، وهي تطهر الأرض وما يستقرّ عليها من البناء. وفي إلحاق ما يتّصل بها من الأبواب والأخشاب والأوتاد والأشجار وما عليها من الأوراق والثمار والخضروات والنباتات إشكال. نعم، يلحق بالأرض والبناء في ذلك الحصر والبواري سوى الخيوط التي تشتمل عليها.
ويعتبر في التطهير بالشمس - مضافاً إلى زوال عين النجاسة وإلى رطوبة الموضع رطوبة مسرية - الجفاف المستند إلى الإشراق عرفاً وإن شاركها غيرها في الجملة كالريح.
الرابع من المطهّرات: الاستحالة، وهي: تبدّل شيء إلى شيء آخر يخالفه في الصورة النوعيّة عرفاً. ولا أثر لتبدّل الاسم والصفة فضلاً عن تفرّق الأجزاء، فيطهر ما أحالته النار رماداً أو دخاناً، سواء كان نجساً كالعذرة أو متنجّساً كالخشبة المتنجّسة، وكذا ما صيّرته فحماً إذا لم يبق فيه شيء من مقومات حقيقته السابقة وخواصه من النباتيّة والشجريّة ونحوهما، وأمّا ما أحالته النار خزفاً أو آجراً أو جصّاً أو نورة ففيه إشكال، والأحوط لزوماً عدم طهارته.
وأمّا مجرّد تفرّق أجزاء النجس أو المتنجّس بالتبخير فلا يوجب الحكم بطهارة المائع المصعَّد فيكون نجساً ومنجّساً. نعم، لا ينجِّس بخارهما ما يلاقيه من البدن والثوب وغيرهما.
الخامس من المطهّرات: الانقلاب، ويختصّ تطهيره بمورد واحد وهو ما إذا انقلب الخمر خلّا، سواء أكان الانقلاب بعلاج أم كان بغيره. ويلحق به في ذلك العصير العنبي إذا انقلب خلّاً فإنّه يحكم بطهارته لو قلنا بنجاسته بالغليان.
السادس من المطهّرات: الانتقال، ويختصّ تطهيره بانتقال دم الإنسان والحيوان إلى جوف ما لا دم له عرفاً من الحشرات كالبقّ والقمل والبرغوث.
ويُعتبر فيه أن يكون على وجه يستقرّ النجس المنتقِل في جوف المنتقَل إليه بحيث يكون في معرض صيرورته جزءاً من جسمه، وأمّا إذا لم يعدّ كذلك أو شكّ فيه لم يحكم بطهارته، وذلك كالدم الذي يمصّه العلق من الإنسان على النحو المتعارف في مقام المعالجة فإنّه لا يطهر بالانتقال، والأحوط الأولى الاجتناب عمّا يمصّه البقّ أو نحوه حين مصّه.
السابع من المطهّرات: الإسلام، فإنّه مطهِّر لبدن الكافر من النجاسة الناشئة من كفره على ما تقدّم، وأمّا النجاسة العرضيّة - كما إذا لاقى بدنه البول مثلاً - فهي لا تزول بالإسلام بل لا بُدَّ من إزالتها بغسل البدن.
ولا فرق في طهارة بدن الكافر بالإسلام بين الكافر الأصلي وغيره، فإذا تاب المرتدّ - ولو كان فطريّاً - يحكم بطهارته.
الثامن من المطهّرات: التبعيّة، وهي في عدّة موارد:
1- إذا أسلم الكافر يتبعه ولده الصغير في الطهارة بشرط كونه محكوماً بالنجاسة تبعاً لا بها أصالة، ولا بالطهارة كذلك، كما لو كان مميّزاً واختار الكفر أو الإسلام. وكذلك الحال فيما إذا أسلم الجدّ أو الجدّة أو الأمّ. ويختصّ الحكم بطهارة الصغير بالتبعيّة بما إذا كان مع من أسلم بأن يكون تحت كفالته أو رعايته، بل وأن لا يكون معه كافر أقرب منه إليه.
2- إذا أسر المسلم ولد الكافر غير البالغ فهو يتبعه في الطهارة إذا لم يكن معه أبوه أو جدّه، والحكم بالطهارة - هنا أيضاً - مشروط بما تقدّم في سابقه.
3- إذا انقلب الخمر خلّاً يتبعه في الطهارة الإناء الذي حدث فيه الانقلاب بشرط أن لا يكون الإناء متنجّساً بنجاسة أخرى.
4- إذا غُسِّل الميّت تتبعه في الطهارة يد الغاسل والسدّة التي يُغسّل عليها، والثياب التي يُغسّل فيها والخرقة التي يستر بها عورته، وأمّا لباس الغاسل وبدنه وسائر آلات التغسيل فالحكم بطهارتها تبعاً للميّت محلّ إشكال.
(مسألة 173): إذا تغيّر ماء البئر بملاقاة النجاسة فقد مرّ أنّه يطهر بزوال تغيّره بنفسه بشرط الامتزاج أو بنزح مقدار منه، وقد ذكر بعض الفقهاء (رضوان الله عليهم) أنّه إذا نزح حتّى زال تغيّره تتبعه في الطهارة أطراف البئر والدلو والحبل وثياب النازح إذا أصابها شيء من الماء المتغيّر، ولكنّه مشكل والأحوط لزوماً عدم تبعيتها في الطهارة.
التاسع من المطهّرات: غياب المسلم البالغ أو المميّز، فإذا تنجّس بدنه أو لباسه ونحو ذلك ممّا في حيازته ثُمَّ غاب يحكم بطهارة ذلك المتنجّس إذا احتمل تطهيره احتمالاً عقلائيّاً وإن علم أنّه لا يبالي بالطهارة والنجاسة كبعض أفراد الحائض المتّهمة، بل يمكن إجراء الحكم في الطفل غير المميّز أيضاً بلحاظ كونه من شؤون من يتولّى أمره.
ولا يشترط في الحكم بالطهارة للغيبة أن يكون من في حيازته المتنجّس عالماً بنجاسته، ولا أن يستعمله فيما هو مشروط بالطهارة كأن يصلّي في لباسه الذي كان متنجّساً، بل يحكم بالطهارة بمجرّد احتمال التطهير كما سبق.
وفي حكم الغياب العمى والظلمة، فإذا تنجّس بدن المسلم أو ثوبه ولم ير تطهيره لعمى أو ظلمة يحكم بطهارته بالشرط المتقدّم.
العاشر من المطهّرات: زوال عين النجاسة، وتتحقّق الطهارة بذلك في موضعين:
الأوّل: بواطن الإنسان غير المحضة كباطن الأنف والأذن والعين ونحو ذلك، فإذا أصاب داخل الفم - مثلاً - نجاسة خارجيّة طهر بزوال عينها، ولو كانت النجاسة داخليّة - كدم اللّثة - لم ينجس بها أصلاً.
وأمّا البواطن المحضة للإنسان وكذا الحيوان فلا تتنجس بملاقاة النجاسة وإن كانت خارجيّة.
الثاني: بدن الحيوان، فإذا أصابته نجاسة خارجيّة أو داخليّة فإنّه يطهر بزوال عينها.
(مسألة 174): مَطبق الشفتين من الباطن، وكذا مطبق الجفنين.
(مسألة 175): الملاقي للنجس في البواطن المحضة للإنسان أو الحيوان لا يحكم بنجاسته إذا خرج وهو غير ملوّث به، فالنواة أو الدود أو ماء الاحتقان الخارج من الإنسان كلّ ذلك لا يحكم بنجاسته إذا لم يكن ملوّثاً بالنجس، ومن هذا القبيل الإبرة المستعملة في التزريق إذا خرجت من بدن الإنسان وهي غير ملوّثة بالدم.
وأمّا الملاقي للنجس في باطن الفم ونحوه من البواطن غير المحضة فلا بُدَّ من تطهيره فيما إذا كان الملاقي والملاقى خارجيّين كالأسنان الصناعيّة إذا لاقت الطعام المتنجّس.
الحادي عشر من المطهّرات: استبراء الحيوان، فكلّ حيوان مأكول اللحم إذا صار جلّالاً - أي تعوَّد أكل عذرة الإنسان - يحرم أكل لحمه ولبنه فينجس بوله ومدفوعه، وكذا عرقه كما تقدّم، ويحكم بطهارة الجميع بعد الاستبراء، وهو: أن يمنع الحيوان عن أكل النجاسة لمدّة يخرج بعدها عن صدق الجلّال عليه.
والأحوط الأولى مع ذلك أن يراعى في الاستبراء مضيّ المدّة المعيّنة لها في بعض الأخبار، وهي: للدجاجة ثلاثة أيّام، وللبطة خمسة، وللغنم عشرة، وللبقرة عشرون، وللبعير أربعون يوماً.
الثاني عشر من المطهّرات: خروج الدم عند تذكية الحيوان، فإنّه بذلك يحكم بطهارة ما يتخلّف منه في جوفه، والأحوط لزوماً اختصاص ذلك بالحيوان المأكول اللحم، كما مرّ بيان ذلك في الصفحة (101).
أحكام الصلاة » الصلاة ←
→ أحكام الطهارة » ما تثبت به الطهارة والنجاسة
الأوّل: الماء المطلق، وهو: الذي يصحّ إطلاق الماء عليه من دون إضافته إلى شيء. وهو على أقسام: الجاري، ماء المطر، ماء البئر، الراكد الكثير (الكرّ وما زاد)، الراكد القليل (ما دون الكرّ).
(مسألة 159): الماء المضاف - وهو الذي لا يصحّ إطلاق الماء عليه من دون إضافة كماء العنب وماء الرمان وماء الورد ونحو ذلك - لا يرفع حَدَثاً ولا خَبَثاً، ويتنجّس بملاقاة النجاسة، ولا أثر لكرّيّته في عاصميّته، ويستثنى من ذلك ما إذا جرى من العالي إلى السافل، أو من السافل إلى العالي بدفع، ففي مثل ذلك ينجس المقدار الملاقي للنجس فقط، مثلاً: إذا صبّ ما في الابريق من ماء الورد على يد كافر محكوم بالنجاسة لم يتنجّس ما في الابريق وإن كان متّصلاً بما في يده.
(مسألة 160): الماء الجاري لا ينجس بملاقاة النجس وإن كان قليلاً، إلّا إذا تغيّر أحد أوصافه (اللون والطعم والريح)، والعبرة بالتغيّر بأوصاف النجس، ولا بأس بالتغيّر بأوصاف المتنجّس.
ويعتبر في صدق عنوان الجاري وجود مادّة طبيعيّة له، والجريان ولو بعلاج، والدوام ولو في الجملة، ولا يعتبر فيه اتّصاله بالمادّة بمعنى أنّه يكفي الاستمداد الفعلي منها فلا يضرّ الانفصال الطبيعي، كما لو كانت المادّة من فوق تترشّح وتتقاطر فإنّه يكفي في عاصميّته. نعم، يضرّ الانفصال العارضي كما لو طرأ مانع من النبع.
(مسألة 161): يطهر الماء المتنجّس - غير المتغيّر بالنجاسة فعلاً - باتّصاله بالماء الجاري أو بغيره من المياه المعتصمة كالماء البالغ كرّاً وماء البئر والمطر بشرط امتزاجه به بمقدار معتدّ به، هذا إذا لم يكن في إناء، وإلّا تنجّس على الأحوط لزوماً بعد انفصال الماء المعتصم عنه، لما سيأتي من أنّه يعتبر في تطهير الإناء غسله بالماء ثلاثاً وإن كان معتصماً على الأحوط وجوباً.
(مسألة 162): المطر معتصم لا ينجس بمجرّد ملاقاة النجس إذا نزل عليه ما لم يتغيّر أحد أوصافه - على ما تقدّم آنفاً في الماء الجاري -، وكذا لو نزل أوّلاً على ما يعدّ ممرّاً له عرفاً - ولو لأجل الشدّة والتتابع - كورق الشجر ونحوه، وأمّا إذا نزل على ما لا يعدّ ممرّاً فاستقرّ عليه أو نزا منه ثُمَّ وقع على النجس كان محكوماً بالنجاسة.
(مسألة 163): لا يتنجّس ماء البئر بملاقاة النجاسة وإن كان قليلاً. نعم، إذا تغيّر أحد أوصافه المتقدّمة يحكم بنجاسته، ويطهر بزوال تغيّره بنفسه بشرط امتزاجه بما يخرج من المادّة على الأحوط لزوماً، أو بنزح مقدار يزول به التغيّر.
(مسألة 164): الماء الراكد ينجس بملاقاة النجس وكذا المتنجّس - على التفصيل المتقدّم في المسألة (158) - إذا كان دون الكرّ، إلّا أن يكون جارياً على النجس من العالي إلى السافل أو من السافل إلى العالي بدفع، فلا ينجس حينئذٍ إلّا المقدار الملاقي للنجس كما تقدّم آنفاً في الماء المضاف. وأمّا إذا كان كرّاً فما زاد فهو لا ينجس بملاقاة النجس فضلاً عن المتنجّس إلّا إذا تغيّر أحد أوصافه على ما تقدّم.
وفي مقدار الكرّ بحسب الحجم أقوال، والمشهور بين الفقهاء (رضوان الله عليهم) اعتبار أن يبلغ مكعّبه ثلاثة وأربعين شبراً إلّا ثمن شبر وهو الأحوط استحباباً، وإن كان يكفي بلوغه ستّة وثلاثين شبراً وهو ما يعادل (384) لتراً تقريباً، وأمّا تقديره بحسب الوزن فلا يخلو عن إشكال.
(مسألة 165): يعتبر في التطهير بالماء القليل - في غير المتنجّس ببول الرضيع الذي سيأتي بيان حكمه - مضافاً إلى استيلاء الماء على المتنجّس على نحو تنحلّ فيه القذارة عرفاً - حقيقة أو اعتباراً - مروره عليه وتجاوزه عنه على النحو المتعارف بأن لا يبقى منه فيه إلّا ما يعدّ من توابع المغسول، وهذا ما يعبّر عنه بلزوم انفصال الغسالة، فإذا كان باطن الشيء متنجّساً وكان ممّا ينفذ فيه الماء بوصف الإطلاق فلا بُدَّ في تطهيره من إخراج الغسالة منه بالضغط عليه بعصر أو غمز أو نحوهما أو بسبب تدافع الماء أو توالي الصبّ.
(مسألة 166): الغسالة بالمعنى المتقدّم محكومة بالنجاسة. نعم، نجاستها في الغسلة غير المزيلة لعين النجاسة - سواء ما تتعقبها طهارة المحلّ أو لا - مبنيّة على الاحتياط اللزومي.
(مسألة 167): غسالة الاستنجاء محكومة بحكم سائر الغسالات، ولكن لا يجب الاجتناب عن ملاقيها إلّا في صور:
1- أن تتميّز فيها عين النجاسة.
2- أن تتغيّر بأحد أوصاف النجاسة (اللون والطعم والريح).
3- أن تتعدّى النجاسة من المخرج على نحو لا يصدق معها الاستنجاء.
4- أن تصيبها نجاسة أخرى من الداخل أو الخارج.
(مسألة 168): تختلف كيفيّة التطهير باختلاف المتنجّسات، وما تنجّست به، والمياه، وهذا تفصيله:
1- اللباس أو البدن المتنجّس بالبول يطهر بغسله في الماء الجاري مرّة. ولا بُدَّ من غسله مرّتين إذا غُسل بالماء القليل، ومثله على الأحوط لزوماً ما إذا غسل بماء الكرّ أو بماء المطر، ويعتبر في الغسل بالماء القليل انفصال الغسالة عنه كما مرّ في المسألة (165).
2- الأواني المتنجّسة بالخمر لا بُدَّ في طهارتها من الغسل ثلاث مرّات، سواء في ذلك الماء القليل وغيره، والأولى أن تغسل سبعاً.
3- يكفي في طهارة المتنجّس ببول الصبيّ أو الصبيّة - ما دام رضيعاً لم يتغذّ بالطعام - صبّ الماء عليه وإن كان قليلاً مرّة واحدة بمقدار يحيط به، ولا حاجة معه إلى العصر أو ما بحكمه فيما إذا كان المتنجّس لباساً أو نحوه.
4- الإناء المتنجّس بولوغ الكلب يغسل ثلاثاً أُولاهنّ بالتراب وغسلتان بعدها بالماء، والمقصود بولوغ الكلب شربه الماء أو أي مائع آخر بطرف لسانه. وإذا لطع الإناء كان ذلك بحكم الولوغ في كيفيّة التطهير. والأحوط وجوباً في مطلق مباشرته بغير اللسان أو وقوع لعابه أو شعره أو عرقه الغسل بالتراب مرّة وبالماء ثلاث مرّات.
5- الإناء المتنجّس بولوغ الخنزير أو بموت الجرذ فيه لا بُدَّ في طهارته من غسله سبع مرّات، من غير فرق بين الماء القليل وغيره.
6- إذا تنجّس داخل الإناء - بغير الخمر وولوغ الكلب أو الخنزير وموت الجرذ فيه من النجاسات - وجب في تطهيره بالماء القليل غسله ثلاث مرّات، وهكذا تطهيره بالجاري أو الكرّ أو المطر على الأحوط لزوماً. ويجري هذا الحكم فيما إذا تنجّس الإناء بملاقاة المتنجّس أيضاً، ويدخل في ذلك ما إذا تنجّس بالمتنجّس بالخمر أو بولوغ الكلب أو الخنزير أو موت الجرذ.
7- يكفي في طهارة المتنجّس - غير ما تقدّم - أن يغسل بالماء مرّة واحدة وإن كان قليلاً، والأحوط استحباباً الغسل مرّتين. ولا بُدَّ في طهارة اللباس ونحوه من انفصال الغسالة عند الغسل بالماء القليل كما مرّ في المسألة (165).
(مسألة 169): الماء القليل المتّصل بالكرّ - وإن كان الاتّصال بواسطة أنبوب ونحوه - يجري عليه حكم الكرّ فلا ينفعل بملاقاة النجاسة، ويقوم مقام الكرّ في تطهير المتنجّس به.
وأمّا الراكد المتّصل بالجاري فلا يكون له حكم الجاري في عدم انفعاله بملاقاة النجس والمتنجّس، فالحوض المتّصل بالنهر بساقية ينجس بالملاقاة إذا كان المجموع أقلّ من الكرّ.
(مسألة 170): إذا تنجّس اللباس المصبوغ يغسل كما يغسل غيره، فيطهر بالغسل بالماء الكثير إذا بقي الماء على إطلاقه إلى أن ينفذ إلى جميع أجزائه ويستولي عليها، بل بالقليل أيضاً إذا كان الماء باقياً على إطلاقه إلى أن يتمّ عصره أو ما بحكمه. ولا ينافي في الفرضين التغيّر بوصف المتنجّس ما لم يوجب الإضافة، سواء أكان التغيّر قبل النفوذ أو العصر أو بعدهما.
(مسألة 171): ما ينفذ الماء فيه بوصف الإطلاق ولكن لا يخرج عن باطنه بالعصر وشبهه كالحِبّ والكوز ونحوهما يكفي في طهارة أعماقه - إن وصلت النجاسة إليها - أنْ يغسل بالماء الكثير ويصل الماء إلى ما وصلت إليه النجاسة، ولا حاجة إلى أن يجفّف أوّلاً ثُمَّ يوضع في الكرّ أو الجاري. وأمّا تطهير باطنه بالماء القليل فغير ممكن على الأحوط لزوماً.
(مسألة 172): ما لا ينفذ فيه الماء بوصف الإطلاق مثل الصابون والطين لا يمكن تطهير باطنه - إن وصلت النجاسة إليه - لا بالماء الكثير ولا القليل وإن جفّف أوّلاً.
الثاني من المطهّرات: الأرض، وهي تطهِّر باطن القدم والنعل بالمشي عليها أو المسح بها، بشرط أن تزول عين النجاسة بهما، ولو زالت النجاسة قبل ذلك ففي كفاية تطهير موضعها بالمسح بها أو المشي عليها إشكال.
ويعتبر في الأرض الطهارة والجفاف. والأحوط الاقتصار على النجاسة الحادثة من المشي على الأرض النجسة أو الوقوف عليها ونحوه. ولا فرق في الأرض بين التراب والرمل والحجر، بل الظاهر كفاية المفروشة بالآجر أو الجصّ أو النورة أو السمنت، ولا تكفي المفروشة بالقير ونحوه على الأحوط لزوماً.
الثالث من المطهّرات: الشمس، وهي تطهر الأرض وما يستقرّ عليها من البناء. وفي إلحاق ما يتّصل بها من الأبواب والأخشاب والأوتاد والأشجار وما عليها من الأوراق والثمار والخضروات والنباتات إشكال. نعم، يلحق بالأرض والبناء في ذلك الحصر والبواري سوى الخيوط التي تشتمل عليها.
ويعتبر في التطهير بالشمس - مضافاً إلى زوال عين النجاسة وإلى رطوبة الموضع رطوبة مسرية - الجفاف المستند إلى الإشراق عرفاً وإن شاركها غيرها في الجملة كالريح.
الرابع من المطهّرات: الاستحالة، وهي: تبدّل شيء إلى شيء آخر يخالفه في الصورة النوعيّة عرفاً. ولا أثر لتبدّل الاسم والصفة فضلاً عن تفرّق الأجزاء، فيطهر ما أحالته النار رماداً أو دخاناً، سواء كان نجساً كالعذرة أو متنجّساً كالخشبة المتنجّسة، وكذا ما صيّرته فحماً إذا لم يبق فيه شيء من مقومات حقيقته السابقة وخواصه من النباتيّة والشجريّة ونحوهما، وأمّا ما أحالته النار خزفاً أو آجراً أو جصّاً أو نورة ففيه إشكال، والأحوط لزوماً عدم طهارته.
وأمّا مجرّد تفرّق أجزاء النجس أو المتنجّس بالتبخير فلا يوجب الحكم بطهارة المائع المصعَّد فيكون نجساً ومنجّساً. نعم، لا ينجِّس بخارهما ما يلاقيه من البدن والثوب وغيرهما.
الخامس من المطهّرات: الانقلاب، ويختصّ تطهيره بمورد واحد وهو ما إذا انقلب الخمر خلّا، سواء أكان الانقلاب بعلاج أم كان بغيره. ويلحق به في ذلك العصير العنبي إذا انقلب خلّاً فإنّه يحكم بطهارته لو قلنا بنجاسته بالغليان.
السادس من المطهّرات: الانتقال، ويختصّ تطهيره بانتقال دم الإنسان والحيوان إلى جوف ما لا دم له عرفاً من الحشرات كالبقّ والقمل والبرغوث.
ويُعتبر فيه أن يكون على وجه يستقرّ النجس المنتقِل في جوف المنتقَل إليه بحيث يكون في معرض صيرورته جزءاً من جسمه، وأمّا إذا لم يعدّ كذلك أو شكّ فيه لم يحكم بطهارته، وذلك كالدم الذي يمصّه العلق من الإنسان على النحو المتعارف في مقام المعالجة فإنّه لا يطهر بالانتقال، والأحوط الأولى الاجتناب عمّا يمصّه البقّ أو نحوه حين مصّه.
السابع من المطهّرات: الإسلام، فإنّه مطهِّر لبدن الكافر من النجاسة الناشئة من كفره على ما تقدّم، وأمّا النجاسة العرضيّة - كما إذا لاقى بدنه البول مثلاً - فهي لا تزول بالإسلام بل لا بُدَّ من إزالتها بغسل البدن.
ولا فرق في طهارة بدن الكافر بالإسلام بين الكافر الأصلي وغيره، فإذا تاب المرتدّ - ولو كان فطريّاً - يحكم بطهارته.
الثامن من المطهّرات: التبعيّة، وهي في عدّة موارد:
1- إذا أسلم الكافر يتبعه ولده الصغير في الطهارة بشرط كونه محكوماً بالنجاسة تبعاً لا بها أصالة، ولا بالطهارة كذلك، كما لو كان مميّزاً واختار الكفر أو الإسلام. وكذلك الحال فيما إذا أسلم الجدّ أو الجدّة أو الأمّ. ويختصّ الحكم بطهارة الصغير بالتبعيّة بما إذا كان مع من أسلم بأن يكون تحت كفالته أو رعايته، بل وأن لا يكون معه كافر أقرب منه إليه.
2- إذا أسر المسلم ولد الكافر غير البالغ فهو يتبعه في الطهارة إذا لم يكن معه أبوه أو جدّه، والحكم بالطهارة - هنا أيضاً - مشروط بما تقدّم في سابقه.
3- إذا انقلب الخمر خلّاً يتبعه في الطهارة الإناء الذي حدث فيه الانقلاب بشرط أن لا يكون الإناء متنجّساً بنجاسة أخرى.
4- إذا غُسِّل الميّت تتبعه في الطهارة يد الغاسل والسدّة التي يُغسّل عليها، والثياب التي يُغسّل فيها والخرقة التي يستر بها عورته، وأمّا لباس الغاسل وبدنه وسائر آلات التغسيل فالحكم بطهارتها تبعاً للميّت محلّ إشكال.
(مسألة 173): إذا تغيّر ماء البئر بملاقاة النجاسة فقد مرّ أنّه يطهر بزوال تغيّره بنفسه بشرط الامتزاج أو بنزح مقدار منه، وقد ذكر بعض الفقهاء (رضوان الله عليهم) أنّه إذا نزح حتّى زال تغيّره تتبعه في الطهارة أطراف البئر والدلو والحبل وثياب النازح إذا أصابها شيء من الماء المتغيّر، ولكنّه مشكل والأحوط لزوماً عدم تبعيتها في الطهارة.
التاسع من المطهّرات: غياب المسلم البالغ أو المميّز، فإذا تنجّس بدنه أو لباسه ونحو ذلك ممّا في حيازته ثُمَّ غاب يحكم بطهارة ذلك المتنجّس إذا احتمل تطهيره احتمالاً عقلائيّاً وإن علم أنّه لا يبالي بالطهارة والنجاسة كبعض أفراد الحائض المتّهمة، بل يمكن إجراء الحكم في الطفل غير المميّز أيضاً بلحاظ كونه من شؤون من يتولّى أمره.
ولا يشترط في الحكم بالطهارة للغيبة أن يكون من في حيازته المتنجّس عالماً بنجاسته، ولا أن يستعمله فيما هو مشروط بالطهارة كأن يصلّي في لباسه الذي كان متنجّساً، بل يحكم بالطهارة بمجرّد احتمال التطهير كما سبق.
وفي حكم الغياب العمى والظلمة، فإذا تنجّس بدن المسلم أو ثوبه ولم ير تطهيره لعمى أو ظلمة يحكم بطهارته بالشرط المتقدّم.
العاشر من المطهّرات: زوال عين النجاسة، وتتحقّق الطهارة بذلك في موضعين:
الأوّل: بواطن الإنسان غير المحضة كباطن الأنف والأذن والعين ونحو ذلك، فإذا أصاب داخل الفم - مثلاً - نجاسة خارجيّة طهر بزوال عينها، ولو كانت النجاسة داخليّة - كدم اللّثة - لم ينجس بها أصلاً.
وأمّا البواطن المحضة للإنسان وكذا الحيوان فلا تتنجس بملاقاة النجاسة وإن كانت خارجيّة.
الثاني: بدن الحيوان، فإذا أصابته نجاسة خارجيّة أو داخليّة فإنّه يطهر بزوال عينها.
(مسألة 174): مَطبق الشفتين من الباطن، وكذا مطبق الجفنين.
(مسألة 175): الملاقي للنجس في البواطن المحضة للإنسان أو الحيوان لا يحكم بنجاسته إذا خرج وهو غير ملوّث به، فالنواة أو الدود أو ماء الاحتقان الخارج من الإنسان كلّ ذلك لا يحكم بنجاسته إذا لم يكن ملوّثاً بالنجس، ومن هذا القبيل الإبرة المستعملة في التزريق إذا خرجت من بدن الإنسان وهي غير ملوّثة بالدم.
وأمّا الملاقي للنجس في باطن الفم ونحوه من البواطن غير المحضة فلا بُدَّ من تطهيره فيما إذا كان الملاقي والملاقى خارجيّين كالأسنان الصناعيّة إذا لاقت الطعام المتنجّس.
الحادي عشر من المطهّرات: استبراء الحيوان، فكلّ حيوان مأكول اللحم إذا صار جلّالاً - أي تعوَّد أكل عذرة الإنسان - يحرم أكل لحمه ولبنه فينجس بوله ومدفوعه، وكذا عرقه كما تقدّم، ويحكم بطهارة الجميع بعد الاستبراء، وهو: أن يمنع الحيوان عن أكل النجاسة لمدّة يخرج بعدها عن صدق الجلّال عليه.
والأحوط الأولى مع ذلك أن يراعى في الاستبراء مضيّ المدّة المعيّنة لها في بعض الأخبار، وهي: للدجاجة ثلاثة أيّام، وللبطة خمسة، وللغنم عشرة، وللبقرة عشرون، وللبعير أربعون يوماً.
الثاني عشر من المطهّرات: خروج الدم عند تذكية الحيوان، فإنّه بذلك يحكم بطهارة ما يتخلّف منه في جوفه، والأحوط لزوماً اختصاص ذلك بالحيوان المأكول اللحم، كما مرّ بيان ذلك في الصفحة (101).