نص الخطبة الثانية التي ألقاها ممثل المرجعية الدينية العليا فضيلة العلاّمة السيد أحمد الصافي في يوم الجمعة (5/ صفر/ 1441 هـ) الموافق (4/10/2019م)
نص الخطبة الثانية التي ألقاها ممثل المرجعية الدينية العليا فضيلة العلاّمة السيد أحمد الصافي في يوم الجمعة (5/ صفر/ 1441 هـ) الموافق (4/10/2019م)
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأخوة والأخوات
(اقرأ عليكم نص ما وردنا من مكتب سماحة السيد (دام ظلّه) في النجف الاشرف)
في الأيام الماضية وقعت اعتداءاتٌ مرفوضةٌ ومدانةٌ على المتظاهرين السلميين وعلى القوات الأمنية والممتلكات العامة والخاصة في بغداد وعددٍ من المحافظات وانساقت المظاهرات في العديد من الحالات الى اعمال شغبٍ واصطداماتٍ دامية خلّفت عشرات الضحايا واعداداً كبيرة من الجرحى والمصابين والكثير من الأضرار على المؤسسات الحكومية وغيرها في مشاهدَ مؤلمةٍ ومؤسفةٍ جداً مشابهة لما حصل في بعض الأعوام السابقة.
إنّ المرجعية الدينية العليا طالما طالبت القوى والجهات التي تُمسك بزمام السلطة أن تغيّر من منهجها في التعامل مع مشاكل البلد وأن تقوم بخطواتٍ جادة في سبيل الإصلاح ومكافحة الفساد وتجاوز المحاصصة والمحسوبيات في إدارة الدولة، وحذّرت الذين يمانعون من الإصلاح ويُراهنون على ان تخف المطالباتُ به بأن يعلموا أنّ الاصلاح ضرورةٌ لا محيص منها وإذا خفّت مظاهر المطالبة به مدّة فإنها ستعود في وقت آخر بأقوى وأوسع من ذلك بكثير. واليوم تؤكدُ المرجعيةُ مرة أخرى على ما طالبت به من قبل، وتدعو السلطات الثلاث الى إتخاذ خطوات عمليةٍ واضحة في طريق الإصلاح الحقيقي، وتشدد على ان مجلس النواب بما له من صلاحياتٍ تشريعيةٍ ورقابية يتحمل المسؤولية الأكبر في هذا المجال، فما لم تغيّر ــ كتله الكبيرة التي انبثقت منها الحكومة ــ من منهجها ولم تستجب لمتطلبات الإصلاح ومستلزماته بصورة حقيقية فلن يتحقق منه شيءٌ على أرض الواقع.
كما انّ السلطةَ القضائية والأجهزة الرقابية تتحمل مسؤوليّةً كبرى في مكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين واسترجاع أموال الشعب منهم، ولكنها لم تقم في ما مضى بما هو ضروريٌ في هذا الصدد، وإذا بقي الحالُ كذلك فلا أمل في وضع حدٍَ لاستشراء الفساد في البلد.
واما الحكومة فعليها ان تنهض بواجباتها وتقومُ بما في وسعها في سبيل تخفيف معاناة المواطنين بتحسين الخدمات العامّة وتوفير فرص العملِ للعاطلين والإبتعاد عن المحسوبيات في التعيينات الحكومية وعليها تكميل ملفات المتهمين بالتلاعب بالأموال العامة والإستحواذ عليها تمهيداً لتقديمهم إلى العدالة.
ونشير هنا الى أنّ مكتب المرجعية سبق ان اقترح في تواصله مع الجهات المسؤولة في السابع من آب من عام 2015 في عِزّ الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح (أن تُشكّل لجنة من عددٍ من الأسماء المعروفة في الإختصاصات ذات العلاقة من خارج قوى السلطة ممن يُحضون بالمصداقية ويُعرفون بالكفاءة العالية والنزاهة التامّة، وتُكلّف هذه اللجنة بتحديدِ الخطوات المطلوب اتخاذها في سبيل مكافحة الفساد وتحقيق الإصلاح المنشود على أن يُسمح لأعضائها بالإطلاع على مجريات الأوضاع بصورة دقيقة ويجتمع مع الفعاليات المؤثرة في البلد وفي مقدمتهم ممثلوا المتظاهرين في مختلف المحافظات للاستماع الى مطالبهم ووجهات نظرهم فإذا أكملت اللُجنةُ عملها وحدّدت الخطوات المطلوبة تشريعية كانت أو تنفيذية أو قضائية يتم العمل على تفعليها من خلال مجاريه القانوينة ولو بالاستعانة بالدعم المرجعي والشعبي).
ولكن لم يتم الأخذ بهذا المقترح في حينه، والأخذُ به في هذا الوقت ربّما يكون مدخلاً مناسباً لتجاوز المحنة الراهنة.
نأمل أن يغلب العقلُ والمنطقُ ومصلحة البلد عند من هم في مواقع المسؤولية وبيدهم القرار ليتداركوا الأمور قبل فوات الأوان. كما نأمل أن يعي الجميع التداعيات الخطيرة لإستخدام العنف والعنف المضاد في الحركة الإحتجاجية الجارية فيتفادون ذلك في كلّ الأحوال.
أخذ الله بأيدي الجميع الى ما فيه خير العراق وأهله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته