المؤلفات » المسائل المنتخبة
الاجتهاد والتقليد » التقليد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم اجمعين .
وبعد :
يجب على كل مكلف ان يحرز امتثال التكاليف الالزامية الموجهة اليه في الشريعة المقدسة، ويتحقق ذلك بأحد أمور: اليقين التفصيلي، الاجتهاد، التقليد، الاحتياط، وبما ان موارد اليقين التفصيلي في الغالب تنحصر في الضروريات، فلا مناص للمكلف في احراز الامتثال فيما عداها من الاَخذ باحد الثلاثة الاَخيرة.
الاجتهاد : وهو استنباط الحكم الشرعي من مداركه المقررة.
التقليد : ويكفي فيه تطابق العمل مع فتوى المجتهد الذي يكون قوله حجة في حقه فعلاً مع احراز مطابقته لها.
والمقلد قسمان :
1 ـ من ليست له أية معرفة بمدارك الاحكام الشرعية.
2 ـ من له حظ من العلم بها ومع ذلك لا يقدر على الاستنباط.
الاحتياط : وهو العمل الذي يتيقن معه ببراءة الذمة من الواقع المجهول ، وهذا هو الاحتياط المطلق ، ويقابله الاحتياط النسبي كالاحتياط بين فتاوى مجتهدين يعلم اجمالاً بأعلمية أحدهم وسيجيء في المسألة ( 18 ) .
والاجتهاد واجب كفائي ، فاذا تصدى له من يكتفي به سقط التكليف عن الباقين، واذا تركه الجميع استحقوا العقاب جميعاً ، وقد يتعذر العمل بالاحتياط على بعض المكلفين، وقد لا يسعه تمييز موارده ـ كما ستعرف ذلكـ وعلى هذا فوظيفة من لا يتمكن من الاستنباط هو التقليد ، الا اذا كان واجداً لشروط العمل بالاحتياط فيتخير ـ حينئذٍ ـ بين التقليد والعمل بالاحتياط.
( مسألة 1 ) : المجتهد مطلق ومتجزئ ، المجتهد المطلق هو (الذي يتمكن من الاستنباط في جميع انواع الفروع الفقهية ) ، المجتهد المتجزئ هو (القادر على استنباط الحكم الشرعي في بعضها دون بعض)، فالمجتهد المطلق يلزمه العمل باجتهاده أو ان يعمل بالاحتياط، وكذلك المتجزئ بالنسبة إلى الموارد التي يتمكن فيها من الاستنباط، وأما فيما لا يتمكن فيه من الاستنباط فحكمه حكم غير المجتهد، فيتخير فيه بين التقليد والعمل بالاحتياط.
( مسألة 2 ) : المسائل التي يمكن ان يبتلى بها المكلف عادة ـ كجملة من مسائل الشك والسهو ـ يجب عليه ان يتعلم احكامها ، الا اذا احرز من نفسه عدم الابتلاء بها.
( مسألة 3 ) : عمل غير المجتهد بلا تقليد ولا احتياط باطل بمعنى انه لا يجوز له الاجتزاء به ، الا اذا احرز موافقته لفتوى من يجب عليه تقليده فعلاً ، أو ما هو بحكم العلم بالموافقة كما سيتضح بعض موارده من المسألة (5).
( مسألة 4 ) : المقلّد يمكنه تحصيل فتوى المجتهد الذي قلده بأحد طرق ثلاثة:
(1) ان يسمع حكم المسألة من المجتهد نفسه.
(2) ان يخبره بفتوى المجتهد عادلان أو شخص يثق بنقله.
(3) ان يرجع إلى الرسالة العملية التي فيها فتوى المجتهد مع الاطمينان بصحتها.
( مسألة 5 ) : إذا مات المجتهد وبقي المكلف على تقليده مدة بعد وفاته من دون ان يقلّد الحيّ ، في ذلك غفلة عن عدم جواز ذلك ثم رجع إلى الحيّ ، فان جاز له ـ بحسب فتوى الحي ـ البقاء على تقليد المتوفى صحت اعماله التي أتى بها خلال تلك المدة مطلقا ، والا رجع في الاجتزاء بها إلى الحي ، فان عرف كيفيتها ووجدها مطابقة لفتاوى الحي حكم بصحتها ، بل يحكم بالصحة في بعض موارد المخالفة أيضاً ، وذلك فيما اذا كانت المخالفة مغتفرة حينما تصدر لعذر شرعي ، كما اذا اكتفى المقلد بتسبيحة واحدة في صلاته حسب ما كان يفتي به المجتهد المتوفى ولكن المجتهد الحي يفتي بلزوم الثلاث ، ففي هذه الصورة يحكم أيضاً بصحة صلاته ، واذا لم يعرف كيفية اعماله السابقة بنى على صحتها ـ أيضاً ـ الا في موارد خاصة لا يناسب المقام تفصيلها.
( مسألة 6 ) : يجوز العمل بالاحتياط ، سواء استلزم التكرار ام لا .
الاجتهاد والتقليد » أقسام الاحتياط
الاحتياط قد يقتضي العمل ، وقد يقتضي الترك ، وقد يقتضي الجمع بين أمرين مع التكرار أو بدونه :
أمّا (الأوّل) ففيما اذا تردد حكم فعل بين الوجوب وغير الحرمة ، والاحتياط ـ حينئذٍ ـ يقتضي الاتيان به.
وأمّا (الثاني) ففيما اذا تردد حكم فعل بين الحرمة وغير الوجوب ، والاحتياط فيه يقتضي الترك.
وأمّا (الثالث) ففيما اذا تردد الواجب بين فعلين كما اذا لم يعلم المكلف في مكان خاص ان وظيفته الاتمام في الصلاة أو القصر فيها ، فإن الاحتياط يقتضي ـ حينئذٍ ـ أن يأتي بها مرة قصراً ومرة تماماً.
وأمّا (الرابع) ففيما اذا علم ـ اجمالاً ـ بحرمة شيء أو وجوب شيء آخر ، فإنّ الاحتياط يقتضي في مثله أن يترك الأوّل ويأتي بالثاني.
( مسألة 7 ) : كل مورد لا يتمكن المكلف فيه من الاحتياط يتعين عليه الاجتهاد أو التقليد ، كما اذا تردد مال شخصي بين صغيرين ، أو مجنونين ، أو صغير ومجنون فانه قد يتعذر الاحتياط في مثل ذلك فلابُدّ حينئذٍ من الاجتهاد أو التقليد.
( مسألة 8 ) : قد لا يسع المكلف ان يميّز ما يقتضيه الاحتياط التام ، مثال ذلك ان الفقهاء قد اختلفوا في جواز الوضوء والغسل بالماء المستعمل في رفع الحدث الاَكبر ، فالاحتياط يقتضي ترك ذلك. الا انه اذا لم يكن عند المكلف غير هذا الماء: فالاحتياط يقتضي ان يتوضأ أو يغتسل به ، ويتيمم أيضاً اذا امكنه التيمم ، فاذا عرف المكلف كيفية الاحتياط التام في مثل ذلك كفاه العمل على وفقه.
وقد يعارض الاحتياط من جهة الاحتياط من جهة اُخرى فيتعذر الاحتياط التام ـ وقد يعسر على المكلف تشخيص ذلك ـ مثلاً: اذا تردد عدد التسبيحة الواجبة في الصلاة بين الواحدة والثلاث ، فالاحتياط يقتضي الاتيان بالثلاث. لكنه اذا ضاق الوقت واستلزم هذا الاحتياط ان يقع مقدار من الصلاة خارج الوقت وهو خلاف الاحتياط ففي مثل ذلك ينحصر الأمر في التقليد أو الاجتهاد.
( مسألة 9 ) : اذا قلّد مجتهداً يفتي بحرمة العدول ـ حتى إلى المجتهد الاّعلم ـ وجب عليه ان يقلّد الأعلم في هذه المسألة ـ سواء أكان هو هذا المجتهد أم غيره ـ وكذا الحال فيما اذا أفتى بجواز تقليد غير الأعلم ابتداءً.
( مسألة 10 ) : يصح تقليد الصبي المميّز ، فاذا مات المجتهد الذي قلده الصبي قبل بلوغه فحكمه حكم غيره ـ الآتي في المسألة (14) ـ الا في وجوب الاحتياط بين القولين قبل البلوغ.
( مسألة 11 ) : يجوز تقليد من اجتمعت فيه اُمور : (1) البلوغ (2) العقل (3) الرجولة (4) الايمان ـ بمعنى ان يكون إثنا عشرياً ـ (5) العدالة (6) طهارة المولد (7) الضبط بمعنى ان لا يقلّ ضبطه عن المتعارف (8) الاجتهاد (9) الحياة على تفصيل سيأتي.
( مسألة 12 ) : تقليد المجتهد الميت قسمان: ابتدائي ، وبقائي ، التقليد الابتدائي: هو ان يقلد المكلف مجتهداً ميتاً من دون ان يسبق منه تقليده حال حياته ، والتقليد البقائي: هو ان يقلد مجتهداً معيناً شطراً من حياته ويبقى على تقليد ذلك المجتهد بعد موته.
( مسألة 13 ) : لا يجوز تقليد الميت ابتداءً ، ولو كان أعلم من المجتهدين الأحياء.
( مسألة 14 ) : يجوز البقاء على تقليد الميت ما لم يعلم ـ ولو إجمالاً ـ بمخالفة فتواه لفتوى الحي في المسائل التي هو في معرض الابتلاء بها ، والا فان كان الميت أعلم وجب البقاء على تقليده ، ومع كون الحي أعلم يجب الرجوع إليه ، وان تساويا في العلم أو لم يثبت اعلمية احدهما من الآخر فإن ثبت ان أحدهما أورع من الآخر ـ أي أكثر تثبتا واحتياطاً في مقام الافتاء ـ وجب تقليده ، وان لم يثبت ذلك ايضاً كان المكلف مخيراً في تطبيق عمله مع فتوى أيّ منهما ولا يلزمه الاحتياط بين قوليهما إلاّ في خصوص المسائل التي تقترن بالعلم الاجمالي بحكم الزامي ونحوه ، كما اذا أفتى احدهما بوجوب القصر والآخر بوجوب الاتمام فيجب عليه الجمع بينهما ، أو أفتى احدهما بصحة معاوضة ، والآخر ببطلانها فانه يعلم بحرمة التصرف في احد العوضين فيجب عليه الاحتياط حينئذٍ.
ويكفي في البقاء على التقليد ـ وجوباً وجوازاً ـ الالتزام بالعمل بفتوى المجتهد المعيّن ، ولا يعتبر فيه تعلم فتاواه أو العمل بها حال حياته.
( مسألة 15 ) : لا يجوز العدول إلى الميت ـ ثانياً ـ بعد العدول عنه إلى الحي والعمل مستنداً إلى فتواه ، الا اذا ظهر ان العدول عنه لم يكن في محله ، كما اذا عدل إلى الحي بعد وفاة مقلَّده الأعلم فمات أيضاً ، فقلّد من يوجب البقاء على تقليد الأعلم فانه يلزمه العود إلى تقليد الأول.
( مسألة 16 ) : الأعلم هو: الأقدر على استنباط الأحكام ، وذلك بأن يكون أكثر احاطة بالمدارك وبتطبيقاتها من غيره بحيث يوجب صرف الريبة الحاصلة من العلم بالمخالفة إلى فتوى غيره.
( مسألة 17 ) : يجب الرجوع في تعيين الأعلم إلى الثقة من أهل الخبرة والاستنباط المطّلع ـ ولو إجمالاً ـ على مستويات من هم في اطراف شبهة الأعلمية في الاُمور الدخيلة فيها ، ولا يجوز الرجوع إلى من لا خبرة له بذلك.
( مسألة 18 ) : اذا تعدد المجتهد الجامع للشرائط ففيه صورتان:
1 ـ ان لا يعلم المكلف الاختلاف بينهم في الفتوى في المسائل التي تكون في معرض ابتلائه ، ففي هذه الصورة يجوز له تقليد ايهم شاء وان علم ان بعضهم أعلم من البعض الآخر.
2 ـ ان يعلم ـ ولو اجمالاً ـ الاختلاف بينهم في المسائل التي تكون في معرض ابتلائه ، وهنا عدة صور:
( الأولى ) : ان يثبت لديه ان احدهم المعين أعلم من الباقين ، وفي هذه الحالة يجب عليه تقليده.
( الثانية ) : ان يثبت لديه ان اثنين ـ مثلاً ـ منهم أعلم من الباقين مع تساوي الاثنين في العلم ، وحكم هذه الصورة ما تقدم في المسألة (14) في صورة تساوي المجتهدين المتوفى والحي.
( الثالثة ) : ان يثبت لديه ان احدهم أعلم من الباقين ولكن يتعذر عليه تعيينه بشخصه ، بان كان مردداً بين اثنين منهم ـ مثلاً ـ وفي هذه الحالة يلزمه رعاية الاحتياط بين قوليهما في موارد اختلافهما في الأحكام الالزامية ، سواء أكان الاختلاف في مسألة واحدة ـ كما اذا افتى احدهما بوجوب الظهر والآخر بوجوب الجمعة ، ولو مع احتمال الوجوب التخييري ـ أم في مسألتين كما اذا افتى أحدهما بالجواز في مسألة ، والآخر بالوجوب فيها وانعكس الأمر في مسألة أُخرى ، وأما اذا لم يكن كذلك فالظاهر عدم وجوب الاحتياط ، كما اذا لم يعلم الاختلاف بينهما على هذا النحو الا في مسألة واحدة ، أو علم به في أزيد مع كون المفتي بالوجوب مثلاً في الجميع واحداً.
هذا كله مع امكان الاحتياط ، واما مع عدم امكانه ـ سواء أكان ذلك من جهة دوران الأمر بين المحذورين ، كما اذا أفتى احدهما بوجوب عمل والآخر بحرمته ، أم من جهة عدم اتساع الوقت للعمل بالقولين ـ فاللازم ان يعمل على وفق فتوى من يكون احتمال أعلميته أقوى من الآخر ، ومع تساويه في حق كليهما ، يتخير في العمل على وفق فتوى من شاء منهما.
( مسألة 19 ) : اذا لم يكن للأعلم فتوى في مسألة خاصة ، أو لم يمكن للمقلد استعلامها حين الابتلاء جاز له الرجوع فيها إلى غيره مع رعاية الأعلم فالأعلم ـ على التفصيل المتقدم ـ بمعنى انه اذا لم يعلم الاختلاف في تلك الفتوى بين مجتهدين آخرين ـ وكان أحدهما أعلم من الآخر ـ جاز له الرجوع إلى ايهما شاء ، واذا علم الاختلاف بينهما لم يجز الرجوع إلى غير الأعلم .
( مسألة 20 ) : يثبت الاجتهاد ، أو الأعلمية باحد أمور: (1) العلم الوجداني ، أو الاطمينان الحاصل من المناشئ العقلائية ـ كالاختبار ونحوه ـ وانما يتحقق الاختبار فيما اذا كان المقلد قادراً على تشخيص ذلك. (2) شهادة عادلين بها ـ والعدالة هي الاستقامة العملية في جادة الشريعة المقدسة الناشئة غالباً عن خوف راسخ في النفس ، وينافيها ترك واجب أو فعل حرام من دون مؤَمِّن ـ ويعتبر في شهادة العدلين ان يكونا من أهل الخبرة ، وان لا يعارضها شهادة مثلها بالخلاف ، ولا يبعد ثبوتهما بشهادة من يثق به من أهل الخبرة وان كان واحداً ، ومع التعارض يؤخذ بقول من كان منهما أكثر خبرة بحدٍ يوجب صرف الريبة الحاصلة من العلم بالمخالفة إلى قول غيره.
( مسألة 21 ) : الاحتياط المذكور في هذه الرسالة قسمان: واجب ومستحب ، ونعبر عن الاحتياط الواجب بـ(الأحوط وجوباً ، أو لزوماً ، أو وجوبه مبني على الاحتياط ، أو مبني على الاحتياط اللزومي أو الوجوبي ونحو ذلك) وفي حكمه ما اذا قلنا (يشكل كذا... أو هو مشكل ، أو محل اشكال) ، ونعبر عن الاحتياط المستحب بـ(الأحوط استحباباً) أو (الأحوط الأولى).
( مسألة 22 ) : لا يجب العمل بالاحتياط المستحب ، وأما الاحتياط الواجب فلابُدّ في موارده من العمل بالاحتياط ، أو الرجوع إلى الغير ، مع رعاية الأعلم فالأعلم ، على التفصيل المتقدم.
الواجبات والمحرمات
التكاليف الالزامية التي تقدم انه يجب على كل مكلف ان يحرز امتثالها باحد الطرق المذكورة آنفاً على قسمين: الواجبات والمحرمات.
( مسألة 23 ) : من اهم الواجبات في الشريعة الاسلامية:
1 ـ الصلاة.
2 ـ الصيام.
3 ـ الحج.
وهذه الثلاثة يتوقف اداؤها على تحصيل الطهارة بتفصيل سيأتي بيانه.
4 ـ الزكاة.
5 ـ الخمس.
6 ـ الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ويشتمل القسم الاول من هذه الرسالة على بيان شطر من أحكام الطهارة والواجبات الستة المذكورة ، كما يشتمل القسم الثاني على بيان شطر من احكام العقود والايقاعات التي يتعلق بها واجب آخر من أهم الواجبات الشرعية وهو الوفاء بالعقود والشروط والعهود ونحوها من التزامات المكلف على نفسه تجاه ربه تعالى أو تجاه الناس.
وهناك جملة اخرى من الواجبات الشرعية ذكرت في هذه الرسالة ، كما ذكر فيها بعض المستحبات والمكروهات احياناً.
( مسألة 24 ) : من أهم المحرمات في الشريعة الاسلامية :
1 ـ اليأس من روح الله تعالى أي رحمته وفرجه.
2 ـ الأمن من مكر الله تعالى أي عذابه للعاصي. واخذه إيّاه من حيث لا يحتسب.
3 ـ التعرب بعد الهجرة ، والمقصود به الانتقال إلى بلد ينتقص فيه الدين اي يضعف فيه ايمان المسلم بالعقائد الحقّة أو لا يستطيع ان يؤدي فيه ما وجب عليه في الشريعة المقدسة أو يجتنب ما حرم عليه فيها.
4 ـ معونة الظالمين والركون اليهم ، وكذلك قبول المناصب من قبلهم الا فيما إذا كان اصل العمل مشروعاً و كان التصدي له في مصلحة المسلمين.
5 ـ قتل المسلم بل كل محقون الدم ، وكذلك التعدي عليه بجرح أو ضرب أو غير ذلك ، ويلحق بالقتل اسقاط الجنين قبل ولوج الروح فيه حتى العلقة والمضغة فانه محرّم ايضاً.
6 ـ غيبة المؤمن ، وهي أن يُذكر بعيب في غيبته مما يكون مستوراً عن الناس سواء أكان بقصد الانتقاص منه أم لا.
7 ـ سبّ المؤمن ولعنه واهانته واذلاله وهجاؤه واخافته واذاعة سره وتتبع عثراته والاستخفاف به ولا سيما إذا كان فقيراً.
8 ـ البهتان على المؤمن وهو ذكره بما يعيبه وليس هو فيه.
9 ـ النميمة بين المؤمنين بما يوجب الفرقة بينهم.
10 ـ هجر المسلم ازيد من ثلاثة ايام على الاحوط لزوماً.
11 ـ قذف المحصن والمحصنة ، وهو رميهما بارتكاب الفاحشة كالزناء من دون بينة عليه.
12 ـ الغش للمسلم في بيع أو شراء أو نحو ذلك من المعاملات ، سواء باخفاء الرديء في الجيد أو غير المرغوب فيه في المرغوب أو باظهار الصفة الجيدة وهي مفقودة أو باظهار الشيء على خلاف جنسه ونحو ذلك.
13 ـ الفحش من القول ، وهو الكلام البذيء الذي يستقبح ذكره.
14 ـ الغدر والخيانة حتى مع غير المسلمين.
15 ـ الحسد مع اظهار اثره بقول أو فعل ، وأمّا من دون ذلك فلايحرم وان كان من الصفات الذميمة ، ولا بأس بالغبطة وهي ان يتمنى الانسان ان يرزق بمثل ما رزق به الاخر من دون ان يتمنى زواله عنه.
16 ـ الزنا واللواط والسحق والاستمناء وجميع الاستمتاعات الجنسية مع غير الزوج أو الزوجة حتى النظر واللمس والاستماع بشهوة.
17 ـ القيادة وهي السعي بين اثنين لجمعهما على الوطء المحرّم من الزنا واللواط والسحق.
18 ـ الدياثة وهي أن يرى زوجته تفجر ويسكت عنها ولا يمنعها منه.
19 ـ تشبه الرجل بالمرأة وبالعكس على الاحوط لزوماً والمقصود به صيرورة احدهما بهيئة الاخر وتزييه بزيّة.
20 ـ لبس الحرير الطبيعي للرجال وكذلك لبس الذهب لهم ، بل الاحوط لزوماً ترك تزين الرجل بالذهب ولو من دون لبس.
21 ـ القول بغير علم أو حجة.
22 ـ الكذب حتى ما لا يتضرر به الغير ، ومن اشدّه حرمة شهادة الزور ، واليمين الغموس والفتوى بغير ما انزل الله تعالى.
23 ـ خلف الوعد على الاحوط لزوماً ، ويحرم الوعد مع البناء من حينه على عدم الوفاء به حتى مع الأهل على الأحوط لزوماً.
24 ـ أكل الربا بنوعيه المعاملي والقرضي ، وكما يحرم اكله يحرم أخذه لآكله ويحرم اعطاؤه واجراء المعاملة المشتملة عليه ويحرم تسجيل تلك المعاملة والشهادة عليها.
25 ـ شرب الخمر وسائر انواع المسكرات والمائعات المحرمة الاخرى كالفقاع (البيرة) والعصير العنبي المغلي قبل ذهاب ثلثيه وغير ذلك.
26 ـ اكل لحم الخنزير وسائر الحيوانات المحرمة اللحم وما اُزهق روحه على وجه غير شرعي.
27 ـ الكبر والاختيال وهو ان يظهر الانسان نفسه اكبر وارفع من الاخرين من دون مزية تستوجبه.
28 ـ قطعية الرحم وهو ترك الاحسان اليه بايّ وجه في مقام يتعارف فيه ذلك.
29 ـ عقوق الوالدين وهو الاساءة اليهما بايّ وجه يعدّ تنكّراً لجميلهما على الولد ، كما يحرم مخالفتهما فيما يوجب تأذيهما الناشىء من شفقتهما عليه.
30 ـ الاسراف والتبذير ، والأول هو صرف المال زيادة على ما ينبغي والثاني هو صرفه فيما لا ينبغي.
31 ـ البخس في الميزان والمكيال ونحوهما بان لا يوفي تمام الحق فيما إذا كال أو وزن أو عدّ أو ذرع ونحو ذلك.
32 ـ التصرف في مال المسلم ومن بحكمه من دون طيب نفسه ورضاه.
33 ـ الاضرار بالمسلم ومن بحكمه في نفسه أو ماله أو عرضه.
34 ـ السحر ، فعله وتعليمه وتعلّمه والتكسب به.
35 ـ الكهانة فعلها والتكسب بها والرجوع إلى الكاهن وتصديقه فيما يقوله.
36 ـ الرشوة على القضاء ، اعطاؤها وأخذها وان كان القضاء بالحق ، وأما الرشوة على استنفاذ الحق من الظالم فلا بأس بدفعها وان حرم على الظالم أخذها.
37 ـ الغناء وفي حكمه قراءة القرآن والادعية والاذكار بالالحان الغنائية وكذا ما سواها من الكلام غير اللهوي على الاحوط لزوماً.
38 ـ استعمال الملاهي ، كالدق على الدفوف والطبول والنفخ في المزامير والضرب على الاوتار على نحو ينبعث منه الموسيقى المناسبة لمجالس اللهو واللعب.
39 ـ القمار سواء أكان باللعب بالالآت المعدة له كالشطرنج والنرد والدوملة أو بغير ذلك ، ويحرم اخذ الرهن ايضاً ، كما يحرم اللعب بالشطرنج والنرد ولو من دون مراهنة وكذلك اللعب بغيرهما من الآت القمار على الاحوط لزوماً.
40 ـ الرياء والسمعة في الطاعات والعبادات.
41 ـ قتل الانسان نفسه وكذلك ايراد الضرر البليغ بها كازالة بعض الاعضاء الرئيسية أو تعطيلها كقطع اليد وشل الرجل.
42 ـ اذلال المؤمن نفسه كأن يلبس ما يظهره في شنعه وقباحة عند الناس.
43 ـ كتمان الشهادة ممن أُشهد على أمر ثم طُلب منه اداؤها بل وان شهده من غير إشهاد إذا ميّز المظلوم من الظالم فانه يحرم عليه حجب شهادته في نصرة المظلوم.
وهناك جملة اخرى من المحرمات ذكر بعضها في طي هذه الرسالة كما ذكر فيها بعض ما يتعلق بعدد من المحرمات المذكورة من موارد الاستثناء وغيرها.
( مسألة 25 ) : ينبغي للمؤمن الاستعداد لطاعة الله تبارك وتعالى باتباع أوامره ونواهيه بتزكية النفس وتهذيبها عن الخصال الرذيلة والصفات الذميمة وتحليتها بمكارم الاخلاق ومحامد الصفات ، والسبيل إلى ذلك ما ورد في الكتاب العزيز والسنة الشريفة من استذكار الموت وفناء الدنيا وعقبات الآخرة ، من البرزخ والنشور والحشر والحساب والعرض على الله تعالى ، وتذكر أوصاف الجنة ونعيمها وأهوال النار وجحيمها وآثار الاعمال ونتائجها ، فان ذلك مما يعين على تقوى الله تعالى وطاعته والتوقي عن الوقوع في معصيته وسخطه.
كتاب الطهارة » الطهارة
تجب الطهارة بأمرين: الحدث ، والخبث.
والحدث: هي القذارة المعنوية التي توجد في الانسان فقط بأحد أسبابها الآتية ، وهو قسمان: أصغر وأكبر ، فالأصغر يوجب (الوضوء) ، والأكبر يوجب (الغُسل).
والخبث: هي النجاسة الطارئة على الجسم من بدن الانسان وغيره ويرتفع بالغسل ، أو بغيره من المطهرات الآتية.
كتاب الطهارة » الوضوء
يتركب الوضوء من أربعة أمور:
(1) غسل الوجه ، وحدّه ما بين قصاص الشعر والذقن طولاً ، وما دارت عليه الابهام والوسطى عرضاً ، فيجب غسل كل ما دخل في هذا الحد ـ والاحوط وجوباً ـ ان يكون الغسل من الأعلى إلى الأسفل ، ويكفي في ذلك الصدق العرفي ، فيكفي صب الماء من الأعلى ثم اجراؤه على كل من الجانبين على النهج المتعارف من كونه على نحو الخط المنحني.
(2) غسل اليدين من المرفق إلى اطراف الأصابع ، والمرفق هو مجمع عظمي الذراع والعضد ، ويجب ان يكون الغسل من الأعلى إلى الأسفل عرفاً.
(3) مسح مقدم الرأس ، ويكفي مسمّاه وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ أن يمسح بمقدار ثلاث أصابع مضمومة ، كما ان ـ الأحوط استحباباً ـ ان يكون المسح من الأعلى إلى الأسفل ، وان يكون بباطن الكف وبنداوة الكف اليمنى.
(4) مسح الرجلين ، والواجب مسح ما بين اطراف الأصابع إلى الكعب ، وهو المفصل بين الساق والقدم ، ويكفي المسمى عرضاً ، والاُولى المسح بكل الكف.
ويجب غسل مقدار من الأطراف زائداً على الحد الواجب ، وكذلك المسح اذا لم يحصل اليقين بتحقق المأمور به الا بذلك ، ولابد في المسح من ان يكون بالبلة الباقية في اليد ، فلو جفت لحرارة البدن أو الهواء أو غير ذلك أخذ البلة من لحيته ومسح بها ـ والأحوط الأولى ـ ان يأخذ البلة من لحيته الداخلة في حد الوجه وان جاز له الأخذ من المسترسل أيضاً الا ما خرج عن المعتاد ، فإن لم يتيسّر له ذلك أعاد الوضوء ، ولا يكتفي بالأخذ من بلة الوجه على ـ الأحوط لزوماً ـ .
( مسألة 26 ) : يجوز النكس في مسح الرجلين بأن يمسح من الكعب إلى اطراف الاصابع ، ـ والأحوط استحباباً ـ مسح الرجل اليمنى باليد اليمنى واليسرى باليسرى ، وان كان يجوز مسح كل منهما بكل منهما.
كتاب الطهارة » شرائط الوضوء
يشترط في صحة الوضوء اُمور:
(1) النية: بان يكون الداعي اليه قصد القربة ، ويجب استدامتها إلى آخر العمل ، ولو قصد اثناء الوضوء قطعه أو تردد فى اتمامه ثم عاد الى قصده الأول قبل فوات الموالاة ولم يطرأ عليه مفسد آخر جاز له اتمام وضوئه من محل القطع ، أو التردد.
(2) طهارة ماء الوضوء: وفي اعتبار نظافته ـ بمعنى عدم تغيّره بالقذارات العرفية ، كالميتة الطاهرة ، وابوال الدواب والقيح ـ قول ، وهو ـ احوط وجوباً ـ
(3) اباحة ماء الوضوء بان لا يكون مغصوباً.
وفي حكم الماء المتنجس والمغصوب المشتبه بهما اذا كانت الشبهة محصورة ، وضابطها ان لا تبلغ كثرة الأطراف حداً يكون معه احتمال النجاسة ، أو الغصبية في كل طرف موهوماً .
( مسألة 27 ) : اذا انحصر الماء المباح بما كان مشتبهاً بغيره ولم يمكن التمييز وكانت الشبهة محصورة وجب التيمم ، ولو انحصر الماء الطاهر بالمشتبه بغيره بالشبهة المحصورة ، جاز التيمم بعد التخلص منهما بالاراقة أو نحوها ، ويشكل صحة التيمم قبل ذلك مع التمكن من تحصيل الطهارة المائية ؛ ولو بأن يتوضأ باحدهما ويصلي ، ثم يغسل مواضع اصابة الماء الأوّل بالماء الثاني ويتوضأ منه ويعيد الصلاة.
( مسألة 28 ) : اذا توضأ بماء مغصوب ـ نسياناً أو جهلاً ـ فانكشف له الحال بعد الفراغ صح وضوؤه اذا لم يكن هو الغاصب ، وأما الغاصب فلايصح منه الوضوء بالماء المغصوب ولو كان ناسياً على ـ الأحوط لزوماً ـ
( مسألة 29 ) : الوضوء بالماء المتنجس باطل ولو كان ذلك من جهة الجهل ، أو الغفلة ، أو النسيان.
( مسألة 30 ) : لا يعتبر في الوضوء اباحة مكان التوضي ، ولا الإناء الذي يتوضأ منه ، وان سقط وجوب الوضوء ووجب التيمم لو انحصر المكان أو الاناء في المغصوب ، ولكن لو خالف المكلف وتوضأ في المكان المغصوب صح ، وكذا اذا توضأ من الإناء المغصوب أثم وصح وضوؤه ، من دون فرق بين الاغتراف منه دفعة ، أو تدريجاً والصب منه والارتماس فيه.
ويجري هذا الحكم في أواني الذهب والفضة التي يحرم استعمالها في الأكل والشرب ، بل وفي غيرهما ايضاً ـ كالطهارة من الخبث والحدث ـ على ـ الاحوط وجوباً ـ فانه لو توضأ منها صح وضوؤه ، سواء أكان بالاغتراف تدريجاً ، أو بالصب ، أو بالارتماس.
(4) اطلاق ماء الوضوء: فلا يصح الوضوء بالماء المضاف ، وفي حكم المضاف المشتبه به اذا كانت الشبهة محصورة ، ولا فرق في بطلان الوضوء بالماء المضاف بين صورتي العمد وغيره.
( مسألة 31 ) : إذا اشتبه الماء المطلق بالمضاف جاز له ان يتوضأ بهما متعاقباً ، واذا لم يكن هناك ماء مطلق آخر وجب ذلك ولا يسوغ له التيمم.
(5) طهارة اعضاء الوضوء: بمعنى ان يكون كل عضو طاهراً حين غسله أو مسحه ولا يعتبر طهارة جميع الأعضاء عند الشروع فيه ، فلو كانت نجسة وغسل كل عضو بعد تطهيره ، أو طهّره بغسلة الوضوء نفسها ـ حيث يكون الماء معتصماً ـ كفى.
(6) ان لا يكون مريضاً: بما يتضرر معه من استعمال الماء ، وإلاّ لم يصح منه الوضوء ولزمه التيمم.
(7) الترتيب: بأن يغسل الوجه أولاً ، ثم اليد اليمنى ثم اليُسرى ثم يمسح الرأس ثم الرجلين ـوالأحوط الأولىـ رعاية الترتيب في مسح الرجلين فيقدم مسح الرجل اليمنى على مسح الرجل اليسرى ، وان كان يجوز مسحهما معاً ، نعم لا يجوز ـ على الأحوط ـ تقديم اليسرى على اليمنى.
(8) الموالاة: وهي التتابع العرفي في الغسل والمسح ، ويكفي في الحالات الطارئة ـ كنفاد الماء ، وطرو الحاجة والنسيان ـ ان يكون الشروع في غسل العضو اللاحق ، أو مسحه قبل ان تجف الأعضاء السابقة عليه ، فاذا أخره حتى جفت جميع الأعضاء السابقة بطل الوضوء ، ولا بأس بالجفاف من جهة الحر ، أو الريح ، أو التجفيف اذا كانت الموالاة العرفية متحققة.
(9) المباشرة: بان يباشر المكلف بنفسه افعال الوضوء اذا امكنه ذلك ، ومع الاضطرار إلى الاستعانة بالغير يجوز له ان يستعين به ، بأن يشاركه فيما لا يقدر على الاستقلال به ، سواء أكان بعض افعال الوضوء أم كلها ، لكنه يتولى النية بنفسه ، وان لم يتمكن من المباشرة ولو على هذا الوجه طلب من غيره أن يوضأه ـوالأحوط وجوباًـ حينئذٍ ان يتولى النية كل منهما ويلزم ان يكون المسح بيد نفس المتوضي ، وان لم يمكن ذلك اخذ المعين الرطوبة التي في يده ومسح بها.
( مسألة 32 ) : من تيقن الوضوء وشك في الحدث بنى على الطهارة. ومن تيقن الحدث وشك في الوضوء بنى على الحدث ، ومن تيقنهما وشك في المتقدم والمتأخر منهما وجب عليه الوضوء.
( مسألة 33 ) : من شك في الوضوء بعد الفراغ من الصلاة بنى على صحتها ـ وتوضأ للصلوات الآتية ـ حتى فيما اذا تقدم منشأ الشك على الصلاة بحيث لو التفت إليه قبلها لشكّ ، كما إذا أحدث ثم غفل ثم صلى ثم شك بعد الصلاة في التوضّي حال الغفلة ، ولو شك في الوضوء اثناء الصلاة قطعها واعادها بعد الوضوء.
( مسألة 34 ) : اذا علم اجمالاً بعد الصلاة بطلان صلاته لنقصان ركن فيها مثلاً ، أو بطلان وضوئه وجبت عليه اعادة الصلاة فقط دون الوضوء.
كتاب الطهارة » نواقض الوضوء
نواقض الوضوء سبعة:
(1 ، 2) البول ـ وفي حكمه ظاهراً البلل المشتبه به قبل الاستبراء ـ والغائط ، سواء أكان خروجهما من الموضع الأصلي ـ للنوع أو لفرد شاذ الخلقة من هذه الجهة ـ أم من غيره مع انسداد الموضع الأصلي ، وأما مع عدم انسداده فلا يكون ناقضاً الا اذا كان معتاداً له ، أو كان الخروج بدفع طبيعي لا بالآلة ، وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ الانتقاض به مطلقاً.
ولا ينتقض الوضوء بالدم ، أو الصديد الخارج من احد المخرجين مالم يكن معه بول أو غائط ، كما لا ينتقض بخروج المذي وهو الرطوبة الخارجة عند ملاعبة الرجل المرأة ونحو ذلك ممّا يُثير الشهوة ، والودي وهو الرطوبة الخارجة بعد البول ، والوذي وهو الرطوبة الخارجة بعد المني.
(3) خروج الريح من مخرج الغائط ـ المتقدم بيانه ـ اذا صدق عليها احد الاِسمين المعروفين.
(4) النوم الغالب على السمع.
(5) كل ما يزيل العقل ، من جنون ، أو اغماء ، أو سكر ، دون مثل البهت.
(6) الاستحاضة المتوسطة ، والقليلة.
(7) الجنابة ، فانها تنقض الوضوء وان كانت لا توجب إلاّ الغسل.
كتاب الطهارة » موارد وجوب الوضوء
يجب الوضوء لثلاثة أمور:
(1) الصلوات الواجبة: ما عدا صلاة الميت ، وأما الصلوات المستحبة فيعتبر الوضوء في صحتها كما يعتبر في الصلوات الواجبة.
(2) الأجزاء المنسية: من الصلاة الواجبة وكذا صلاة الاحتياط ، ولا يجب الوضوء لسجدتي السهو وان كان ـ احوط استحباباً ـ
(3) الطواف الواجب: وان كان جزءاً لحجة ، أو عمرة مندوبة.
( مسألة 35 ) : يحرم على غير المتوضئ أن يمسّ ببدنه كتابة القرآن ، ـ والاحوط وجوباً ـ أن لا يمسّ اسم الجلالة والصفات المختصة به تعالى ، ـ والأحوط الأولى ـ الحاق اسماء الأنبياء والأئمة والصديقة الطاهره عليهم السلام بها.
كتاب الطهارة » أحکام التخلّي
( مسألة 36 ) : يجب على المكلّف حال التخلي وفي سائر الأحوال ان يستر عورته عن الناظر المحترم ـ الشخص الممّيز ـ ويستثنى من هذا الحكم من له حق الاستمتاع منه شرعاً مثل الزوج والزوجة.
( مسألة 37 ) : ـ الأحوط وجوباً ـ عدم استقبال القبلة واستدبارها حال البول أو التغوط ، وكذلك الاستقبال بنفس البول أو الغائط وان لم يكن الشخص مستقبلاً أو مستدبراً.
( مسألة 38 ) : يستحب للرجل الاستبراء بعد البول ، والأولى في كيفيته هو المسح بالاصبع من مخرج الغائط إلى أصل القضيب ثلاث مرات ومسح القضيب باصبعين أحدهما من فوقه ، والآخر من تحته إلى الحشفة ثلاث مرات ، وعصر الحشفة ثلاث مرات.
( مسألة 39 ) : لا يجب الاستنجاء ـ أي تطهير مخرج البول والغائط ـ في نفسه ، ولكنه يجب لما يعتبر فيه طهارة البدن ، ويعتبر في الاِستنجاء غسل مخرج البول بالماء ولا يجزي غيره ، وتكفى المرة الواحدة مطلقاً وان كان ـ الأحوط الأولى ـ في الماء القليل ان يغسل به مرتين والثلاث افضل ، وأما موضع الغائط فان تعدى المخرج تعين غسله بالماء ، وان لم يتعد تخير بين غسله بالماء حتى ينقى ومسحه بحجر ، أو خرقة أو قرطاس أو نحو ذلك من الأجسام القالعة للنجاسة ، ويعتبر في المسح بالحجر ونحوه أن لايصيب المخرج نجاسة اُخرى من الخارج ، أو الداخل كالدم ، نعم لا يضر تنجسه بالبول في النساء ، كما يعتبر فيه طهارة الممسوح به ، فلا يجزي المسح بالأجسام المتنجسة ، ولا يعتبر فيه مسح المخرج بقطع ثلاث اذا زالت النجاسة بقطعة واحدة ـ مثلاً ـ وإن كان ذلك ـ أحوط إستحباباً ـ نعم إذا لم تزل بها لزم المسح إلى أن تزول ، ويحرم الاستنجاء بما هو محترم في الشريعة الاسلامية.
كتاب الطهارة » الغسل
موجبات الغسل ستة:
(1) الجنابة.
(2) الحيض.
(3) النفاس.
(4) الاستحاضة.
(5) مسّ الميت.
(6) الموت.
كتاب الطهارة » غسل الجنابة
تتحقق الجنابة بأمرين:
(1) خروج المني في الرجل من الموضع المعتاد مطلقاً ، وكذا من غيره اذا كان الخروج طبيعياً ، والا فالأحوط الجمع بين الغسل والوضوء اذا كان محدثاً بالأصغر.
وفي حكم المني ظاهراً ، الرطوبة المشتبهة به الخارجة بعد خروجه وقبل الاستبراء بالبول وأما الرطوبة المشتبهة غيرها فإن كانت جامعةً للصفات الثلاثة ( الشهوة ـ الدفق ـ الفتور ) فهي بحكم المني وإلا فلا يحكم به ، وأما المرأة فهي وإن لم يكن لها مني بالمعنى المعروف إلاّ أنّ السائل الخارج منها بما يصدق معه الانزال ـ وهو ما لا يحصل عادة إلاّ مع شدة التهيّج الجنسي ـ فهو بحكم المني ، دون البلل الموضعي الذي لا يتجاوز الفرج ويحصل بالاثارة الجنسية الخفيفة فإنّه لايوجب شيئاً.
(2) الجماع ـ ولو لم ينزل ـ في قبل المرأة ودبرها وهو يوجب الجنابة للرجل والمرأة ـ والأحوط وجوباً ـ في وطء غير المرأة الجمع بين الغسل والوضوء ، للواطئ والموطوء إذا كانا محدثين بالأصغر ، وإلاّ كفى الغسل.
( مسألة 40 ) : يجب غسل الجنابة لأربعة أمور:
(1) الصلاة الواجبة: ما عدا صلاة الميت.
(2) الاجزاء المنسية من الصلاة: وكذا صلاة الاحتياط ، ولا تعتبر الطهارة في سجود السهو وان كان ذلك أحوط.
(3) الطواف الواجب: وان كان جزءاً لحجة ، أو عمرة مندوبة.
(4) الصوم: على تفصيل يأتي.
( مسألة 41 ) : يحرم على الجنب أمور:
(1) مس لفظ الجلالة وكذا سائر اسمائه تعالى وصفاته المختصة به على ـ الاحوط وجوباً ـ ويلحق به مسّ اسماء المعصومين عليهم السلام على ـ الاحوط الاولى ـ .
(2) مسّ كتابة القرآن.
(3) الدخول في المساجد وان كان لأخذ شيء منها ، نعم لا يحرم اجتيازها بالدخول من باب والخروج من آخر أو نحوه.
(4) المكث في المساجد.
(5) وضع شيء في المساجد على ـ الأحوط وجوباً ـ وان كان ذلك في حال الاجتياز ، أو من الخارج. (6) الدخول في المسجد الحرام ، ومسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وان كان على نحو الاجتياز.
(7) قراءة احدى العزائم الأربع ، وهي الآيات التي يجب السجود لقراءتها ـ والأحوط الأولى ـ ان لا يقرأ شيئاً من السور التي فيها العزائم وهي حَم السجدة ، فصلت ، النجم ، العلق.
( مسألة 42 ) : المشاهد المشرفة للمعصومين عليهم السلام تلحق بالمساجد على الاحوط وجوباً ، ولا يلحق بها أروقتها ـ فيما لم يثبت كونه مسجداً كما ثبت في بعضها ـ كما لا يلحق بها الصحن المطهّر وان كان الالحاق ـ أحوط استحباباً ـ.
كتاب الطهارة » کيفية الغسل
الغسل قسمان : ارتماسي وترتيبي.
1 ـ (الارتماسي ) : وهو على نحوين : دفعي وتدريجي ، والأوّل: هو تغطية الماء لمجموع البدن وستره لجميع اجزائه ، وهو امر دفعي يعتبر الانغماس التدريجي مقدمة له ، والثاني: هو غمس البدن في الماء تدريجاً مع التحفظ فيه على الوحدة العرفية ، فيكون غمس كل جزء من البدن جزءاً من الغسل لا مقدمة له كما في النحو الأوّل ، ويصح الغسل بالنحو الثاني كالأوّل.
ويعتبر في الثاني ان يكون كل جزء من البدن خارج الماء قبل رمسه بقصد الغسل ، ويكفي في النحو الأوّل خروج بعض البدن من الماء ثم رمسه بقصد الغسل.
2 ـ ( الترتيبي ) : ـ والأحوط وجوباً ـ في كيفيته ان يغسل اولاً تمام الرأس والرقبة ثم بقية البدن ، ولا يجب الترتيب بين الطرفين ، فيجوز غسلهما معاً ، أو باية كيفية اُخرى وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ أن يغسل أولاً تمام النصف الأيمن ، ثم تمام النصف الأيسر.
ويجب في غسل كل عضو ادخال شيء من الآخر مما يتصل به اذا لم يحصل العلم بأتيان الواجب إلا بذلك.
( مسألة 43 ) : ـ الاحوط وجوباً ـ عدم الاكتفاء في الغُسل بتحريك البدن تحت الماء بقصد الغسل ، كأن يكون جميع بدنه تحت الماء فيقصد الغسل الترتيبي بتحريك الرأس والرقبة أولاً ثم الجانبين ، وكذلك تحريك بعض الأعضاء وهو في الماء بقصد غسله. وايضاً ـ الاحوط وجوباً ـ عدم الاكتفاء في الغسل باخراج البدن من الماء بقصد الغسل ، ومثله اخراج بعض الأعضاء من الماء بقصد غسله.
كتاب الطهارة » شرائط الغسل
يعتبر في الغسل جميع ما تقدم اعتباره في الوضوء من الشرائط ، ولكنه يمتاز عن الوضوء من وجهين.
(1) انه لا يعتبر في غسل أي عضو هنا ان يكون الغسل من الأعلى إلى الأسفل ، وقد تقدم اعتبار هذا في الوضوء في الجملة.
(2) الموالاة فانها غير معتبرة في الغسل ، وقد كانت معتبرة في الوضوء.
( مسألة 44 ) : غسل الجنابة يجزئ عن الوضوء ، بل يجزئ عنه بقية الأغسال الواجبة ، أو الثابت استحبابها أيضاً الا غسل الاستحاضة المتوسطة فانه لابُدّ معه من الوضوء ـ كما سيأتي ـ والأحوط الأولى ـ ضم الوضوء الى سائر الأغسال ـ غير غسل الجنابة ـ ويجوز الاتيان به قبلها أو بعدها ، وكذا في اثنائها اذا جيء بها ترتيبياً. نعم في غسل الاستحاضة الكثيرة يؤتى به قبله فقط.
( مسألة 45 ) : اذا كان على المكلف اغسال متعددة كغسل الجنابة والجمعة والحيض وغير ذلك جاز له ان يغتسل غسلاً واحداً بقصد الجميع ويجزيه ذلك ، كما يجوز له ان ينوي خصوص غسل الجنابة وهو أيضاً يجزئ عن غيره ، وأمّا اذا نوى غير غسل الجنابة فلا اشكال في اجزائه عما قصده ، وفي اجزائه عن غيره كلام والصحيح هو الاجزاء ، نعم في اجزاء أيّ غسل عن غسل الجمعة من دون قصده ولو اجمالاً اشكال.
ثم ان ما ذكر من إجزاء غسل واحد عن اغسال متعددة يجري في جميع الأغسال الواجبة والمستحبة ـ مكانية أو زمانية ، أو لغاية اخرى ـ ولكن جريانه في الأغسال المأمور بها بسبب ارتكاب بعض الأفعال ـ كمسّ الميت بعد غسله الذي يستحب الغسل له ـ مع تعدد السبب نوعاً لا يخلو عن اشكال.
( مسألة 46 ) : اذا أحدث بالأصغر اثناء غسل الجنابة فله ان يتمه ، ـ والأحوط وجوباً ـ ضم الوضوء اليه حينئذٍ ، وله العدول الاستئنافي من الترتيبي إلى الارتماسي وبالعكس ، ولا حاجة حينئذٍ إلى ضم الوضوء.
( مسألة 47 ) : اذا شك في غسل الجنابة بنى على عدمه ، واذا شك فيه بعد الفراغ من الصلاة لم تجب اعادتها ـ الا اذا كانت موقتة وحدث الشك في الوقت وصدر منه الحدث الاصغر بعد الصلاة فان ـ الاحوط وجوباً ـ
اعادتها حينئذٍ ـ ويجب عليه الغسل لكل عمل تتوقف صحته أو جوازه على الطهارة من الحدث الأكبر ، من غير فرق بين الصلاة وغيرها ، حتى مثل مس كتابة القرآن ، وهذا الغسل يمكن ان يقع على نحوين:
(الأوّل) ان يقطع بكونه مأموراً به ـ وجوباً أو استحباباً ـ كأن يقصد به غسل يوم الجمعة ، أو غسل الجنابة المتجددة بعد الصلاة ، وحينئذٍ فله الاكتفاء به في الاتيان بكل عمل مشروط بالطهارة ، سواء سبقه الحدث الأصغر ، أم لا.
(الثاني) ان لا يكون كذلك بان أتى به لمجرد احتمال بقاء الجنابة التي يشك في الاغتسال منها قبل الصلاة ، وحينئذٍ يكتفى به في الاتيان بما هو مشروط بالطهارة عن الحدث الأكبر فقط ، كجواز المكث في المساجد ، وأما ما هو مشروط بالطهارة حتى عن الحدث الأصغر فلا يكتفى فيه بالغسل ، بل يجب ضم الوضوء اليه ان سبقه صدور الحدث منه دون ما لم يسبقه.
كتاب الطهارة » الحيض وشرائطه
الحيض : دم تعتاده النساء في كل شهر مرة في الغالب وقد يكون أكثر من ذلك ، أو أقل.
( مسألة 48 ) : الغالب في دم الحيض ان يكون أسود أو احمر ، حاراً عبيطاً يخرج بدفق وحرقة ، وأقله ثلاثة أيام ولو ملفقة ، وأكثره عشرة أيام ، ويعتبر فيه الاستمرار ـ ولو في فضاء الفرج ـ في الثلاثة الأولى وكذا فيما يتوسطها من الليالي ، فلو لم يستمر الدم لم تجر عليه احكام الحيض ، نعم فترات الانقطاع اليسيرة المتعارفة ولو في بعض النساء لا تخل بالاستمرار المعتبر فيه.
( مسألة 49 ) : يعتبر التوالي في الايام الثلاثة التي هي أقل الحيض ، فلو رأت الدم يومين ثم انقطع ثم رأت يوماً أو يومين قبل انقضاء عشرة ايام من ابتداء رؤية الدم فهو ليس بحيض ، وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ في مثل ذلك الجمع بين تروك الحائض وافعال المستحاضة في أيّام الدم ، والجمع بين احكام الحائض والطاهرة أيام النقاء ، وسيأتي بيان تروك الحائض ـ أي ما يلزمها تركه ـ في فصل احكام الحائض كما سيأتي افعال المستحاضة ـ أي ما يجب عليها فعله ـ في فصل اقسام المستحاضة واحكامها.
( مسألة 50 ) : يعتبر في دم الحيض ان يكون بعد البلوغ وقبل سن الستين ، فكل دم تراه الصبية قبل بلوغها تسع سنين لا يكون دم حيض ، وكذا ما تراه المرأة بعد بلوغها الستين لا تكون له احكامه ـ والأحوط الأولى ـ في غير القرشية الجمع بين تروك الحائض وافعال المستحاضة فيما بين الخمسين والستين فيما اذا كان الدم بحيث لو رأته قبل الخمسين لحكم بكونه حيضاً كالذي تراه ايام عادتها ، وأما سن اليأس الموجب لسقوط عدة الطلاق ـ بعد انقطاع الدم وعدم رجاء عوده لكبر سن المرأة ـ فمحدد بالخمسين على الأظهر.
( مسألة 51 ) : يجتمع الحيض مع الحمل قبل ظهوره وبعد ظهوره ، نعم ـ الأحوط وجوباً ـ أن تجمع الحامل ذات العادة الوقتية بين تروك الحائض وافعال المستحاضة في صورة واحدة ، وهي ما اذا رأت الدم بعد مضي عشرين يوماً من أوّل عادتها وكان الدم بصفات الحيض ، وفي غير هذه الصورة حكم الحامل وغير الحامل على حد سواء.
( مسألة 52 ) : لا حد لأكثر الطهر بين الحيضتين ولكنه لا يكون أقل من عشرة أيام وتسع ليال متوسطة بينها ، فاذا كان النقاء بين الدمين أقل من عشرة أيام. فليسا بحيضتين يقيناً ، فلو رأت الدم ثلاثاً أو أكثر ثم طهرت سبعاً ، ورأت الدم بعده مرة أخرى لم يعتبر الدم الثاني حيضاً.
( مسألة 53 ) : اذا تردد الدم الخارج من المرأة بين الحيض ودم البكارة استدخلت قطنة في الفرج وصبرت فترة تعلم بنفوذ الدم فيها ، ثم استخرجتها برفق ، فان خرجت مطوّقة بالدم فهو دم البكارة ، وإن كانت منغمسة به فهو دم الحيض.
كتاب الطهارة » اقسام الحائض
الحائض قسمان : ذات عادة وغير ذات عادة.
وذات العادة ثلاثة اقسام:
(1) وقتية وعددية.
(2) عددية فقط.
(3) وقتية فقط.
وغير ذات العادة: مبتدئة ، ومضطربة ، وناسية العدد.
ذات العادة الوقتية والعددية : هي المرأة التي ترى الدم مرتين متماثلتين من حيث الوقت والعدد من غير فصل بينهما بحيضة مخالفة ، كأن ترى الدم في شهر من أوله إلى اليوم السابع وترى في الشهر الثاني مثل الأوّل.
ذات العادة الوقتية فقط : هي التي ترى الدم مرتين متواليتين متماثلتين من حيث الوقت دون العدد ، كأن ترى الدم في الشهر الأوّل من أوله إلى اليوم السابع ، وفي الشهر الثاني من أوله إلى اليوم السادس ، أو من ثانيه إلى اليوم السابع ، أو ترى الدم في الشهر الأوّل من اليوم الثاني إلى اليوم السادس ، وفي الشهر الثاني من أوله إلى اليوم السابع.
ذات العادة العددية فقط : هي التي ترى الدم مرتين متواليتين متماثلتين من حيث العدد دون الوقت ، كأن ترى الدم في شهر من أوله إلى اليوم السابع ، وفي الشهر الثاني من الحادي عشر إلى السابع عشر مثلاً.
المبتدئة : هي التي ترى الدم لأوّل مرة.
المضطربة : وهي التي تكررت رؤيتها للدم ولكن ليس لها فعلاً عادة مستقرة لا من حيث الوقت ولا من حيث العدد.
الناسية : هي التي كانت لها عادة ونسيتها.
كتاب الطهارة » أحکام ذات العادة
( مسألة 54 ) : ذات العادة الوقتية ـ سواء كانت عددية أيضاً أم لا ـ تتحيض بمجرد رؤية الدم في أيام عادتها فتترك العبادة ، سواء كان الدم بصفة الحيض أم لا ، وكذا إذا رأت الدم قبل العادة بيوم أو يومين أو أزيد ما دام يصدق عليه تعجيل الوقت والعادة بحسب عرف النساء ، وأما إذا رأت الدم قبل العادة بزمان أكثر مما تقدم ، أو رأته بعدها ولو قليلاً فحكمها حكم غيرها الآتي في المسألة التالية ، ثم انه في الفرض المتقدم ان انقطع الدم قبل ان تمضي عليه ثلاثة أيام كان عليها قضاء ما فات عنها في أيام الدم من الصلاة.
( مسألة 55 ) : ذات العادة العددية فقط تتحيض بمجرد رؤية الدم إذا كان بصفات الحيض وأما مع عدمها فلا تتحيض إلاّ من حين العلم باستمراره إلى ثلاثة أيام ـ وان كان ذلك قبل اكمال الثلاثة ـ واما مع إحتمال الاستمرار ـ فالأحوط وجوباً ـ الجمع بين تروك الحائض واعمال المستحاضة.
ثم انه ان زاد الدم على الثلاثة ولم يتجاوز عن العشرة جعلت الزائد حيضاً أيضاً وان كان أزيد من عادتها ، وأما إذا تجاوز عن العشرة فعليها ان ترجع في العدد إلى عادتها ، وأما بحسب الوقت فإنْ كان لها تمييز يوافق عدد العادة رجعت اليه ، وان كان مخالفاً له رجعت اليه أيضاً لكن تزيد عليه مع نقصانه عن عدد العادة حتى تبلغ العدد وتنقص عنه مع زيادته على عدد العادة حتى تبلغه ، فالنتيجة ان الصفات تحدد الوقت فقط دون العدد ، ومع عدم التمييز تجعل العدد في أوّل ايام الدم.
( مسألة 56 ) : المقصود بالتمييز ان يكون الدم في بعض ايامه واجداً لبعض صفات الحيض وفي بعضها الآخر واجداً لصفة الاستحاضة ، كما لو كان في خمسة ايام اسود أو أحمر ، وفي سبعة مثلاً اصفر بشرط ان يكون مابصفة الحيض ثلاثة ايام متواليات وهكذا في سائر الصفات ، والمقصود بكون التمييز موافقاً للعدد ان يكون الدم في ايام بعدد ايام العادة بصفات الحيض.
( مسألة 57 ) : من كانت عادتها دون العشرة وتجاوز الدم أيامها ، فان علمت بانقطاع الدم قبل تجاوز العشرة حكم بكونه حيضاً ، وان علمت بالتجاوز عنها وجب عليها بعد مضي ايام العادة ان تغتسل وتعمل عمل المستحاضة ، وان لم تعلم شيئاً من الأمرين بان احتملت الانقطاع في اليوم العاشر أو قبله ـ فالأحوط الأولى ـ ان تستظهر بيوم ثم تغتسل من الحيض وتعمل عمل المستحاضة ، ولها ان تستظهر ازيد منه إلى تمام العشرة من أول رؤية الدم ( والاستظهار هو الاحتياط بترك العبادة ) ، وجواز الاستظهار انما ثبت في الحائض التي تمادى بها الدم كما هو محل الكلام ولم يثبت في المستحاضة التي اشتبه عليها أيام حيضها ، فان عليها ان تعمل عمل المستحاضة بعد انقضاء أيام العادة.
( مسألة 58 ) : إذا انقطع دم الحيض قبل انقضاء أيام العادة وجب عليها الغسل والصلاة حتى إذا ظنت عود الدم بعد ذلك ، فاذا عاد قبل انقضائها ، أو عاد بعده ثم انقطع في اليوم العاشر ، أو دونه من أول زمان رؤية الدم فهو حيض ، وإذا تجاوز العشرة فما رأته في أيام العادة ـ ولو بعد النقاء المذكور ـ حيض والباقي استحاضة ، وأما النقاء المتخلل بين الدمين من حيض واحد ـ فالأحوط وجوباً ـ فيه الجمع بين أحكام الطاهرة والحائض.
( مسألة 59 ) : ذات العادة الوقتية والعددية إذا رأت قبل العادة وفيها وبعدها دماً مستمراً ، فان لم يكن المجموع أزيد من العشرة فالكل حيض ، وان كان أزيد منها فما كان في أيام العادة فهو حيض ، وما كان في طرفيها فهو استحاضة مطلقاً ، حتى فيما إذا رأت الدم السابق قبل العادة بيوم أو يومين ، من دون أن يكون الدم اللاحق واجداً لصفة الحيض ، وكذا عكسه ، بأن رأت الدم قبل زمان عادتها بثلاثة أيام أو اكثر وكان الدم اللاحق واجداً لصفة الحيض.
( مسألة 60 ) : اذا لم تر الدم في ايام العادة اصلاً ورات الدم قبلها ثلاثة ايام أو أكثر وانقطع ، يحكم بكونه حيضاً ، وكذا اذا رأت بعدها ثلاثة ايام أو أزيد ، وإذا رات الدم قبلها وبعدها فكل من الدمين حيض اذا كان النقاء بينهما لا يقلّ عن عشرة أيام.
( مسألة 61 ) : إذا رأت الدم قبل أيام العادة واستمر اليها وزاد المجموع على العشرة فما كان في أيام العادة فهو حيض ـ وان كان بصفات الاستحاضة ـ وما كان قبلها استحاضة وان كان بصفة الحيض ، وإذا رأته أيام العادة وما بعدها وتجاوز المجموع العشرة كان ما بعد العادة استحاضة حتى فيما كان منه في العشرة بصفة الحيض ولم يتجاوزها بهذه الصفة.
( مسألة 62 ) : إذا شكّت المرأة في انقطاع دم الحيض وجب عليها الفحص ولم يجز لها ترك العبادة بدونه ، وكيفية الفحص ان تدخل قطنة وتتركها في موضع الدم وتصبر أزيد من الفترة اليسيرة التي يتعارف انقطاع الدم فيها مع بقاء الحيض ـ كما تقدم ـ ثم تخرجها فان كانت نقية فقد انقطع حيضها فيجب عليها الاغتسال والاتيان بالعبادة ، والا فلا.
( مسألة 63 ) : المرأة التي يجب عليها الفحص إذا اغتسلت من دون فحص حكم ببطلان غسلها ، الا إذا انكشف ان الغسل كان بعد النقاء وقد اغتسلت برجاء ان تكون نقية.
كتاب الطهارة » احكام المبتدئة والمضطربة
( مسألة 64 ) : حكم المبتدئة والمضطربة في التحيض برؤية الدم هو ما تقدّم في المسألة (55) في ذات العادة العددية ، كما أنهما تشتركان معها فيما تقدم في تلك المسألة من جعل مجموع الدم حيضاً اذا لم يتجاوز العشرة.
( مسألة 65 ) : ما تراه المبتدئة أو المضطربة من الدم إذا تجاوز العشرة فاما ان يكون واجداً للتمييز بان يكون الدم المستمر بعضه بصفة الحيض وبعضه بصفة الاستحاضة ، وإما ان يكون فاقداً له بأن يكون ذا لون واحد وان اختلفت مراتبه ، كما إذا كان الكل بصفة دم الحيض وان كان بعضه اسود وبعضه أحمر ، أو كان الجميع بصفة دم الاستحاضة ـ أي أصفر ـ وان كان مع اختلاف درجات الصفرة.
ففي القسم الأوّل: تجعل الدم الفاقد لصفة الحيض استحاضة كما تجعل الدم الواجد لها حيضاً مطلقاً إذا لم يلزم من ذلك محذور عدم فصل أقل الطهر ـ أي عشرة أيام ـ بين حيضتين مستقلتين ، والا فالأقوى جعل الثاني استحاضة أيضاً ، هذا إذا لم يكن الواجد أقل من ثلاثة أيام ولا أكثر من العشرة ، وأما مع كونه أقل أو أكثر فلابُدّ في تعيين عدد أيام الحيض من الرجوع إلى احد الطريقين الآتيين في القسم الثاني بتكميل العدد إذا كان أقل من ثلاثة بضم بعض أيّام الدم الفاقد لصفة الحيض وتنقيصه ، إذا كان أكثر من العشرة بحذف بعض ايام الدم الواجد لصفة الحيض ولا يحكم بحيضية الزائد على العدد.
وأمّا في القسم الثاني: فالمبتدئة تقتدي ببعض نسائها في العدد ، ويعتبر فيمن تقتدي بها أمران:
الاَوّل: عدم العلم بمخالفتها معها في مقدار الحيض ، فلا تقتدي المبتدئة بمن كانت قريبة من سن اليأس مثلاً.
الثاني: عدم العلم بمخالفة عادة من تريد الاقتداء بها مع عادة من يماثلها من سائر نسائها.
وإذا لم يمكن الاقتداء ببعض نسائها فالظاهر انها مخيرة في كل شهر في التحيض فيما بين الثلاثة إلى العشرة.
ولكن ليس لها ان تختار عدداً تطمئن بانه لا يناسبها ـ والأحوط استحباباً ـ اختيار السبع إذا لم يكن غير مناسب لها.
وأما المضطربة ـ فالأحوط وجوباً ـ أن ترجع أولاً إلى بعض نسائها فان لم يمكن رجعت إلى العدد على النحو المتقدم فيهما ، هذا كله فيما اذا لم تكن المضطربة ذات عادة اصلاً ، واما اذا كانت ذات عادة ناقصة بان كان لايام دمها عدد ( فوق الثلاثة ) لا ينقص عنه كأن لم تكن ترى الدم اقل من خمسة ايام ، او كان لها عدد ( دون العشرة ) لا تزيد عليه كأن لم تكن ترى الدم أكثر من ثمانية أيام ، أو كان لها عدد من كلا الجانبين ( قلة وكثرة ) كأن لم تكن ترى الدم أقل من خمسة ولا أكثر من ثمانية فليس لها ان تأخذ باحد الضوابط الثلاثة في مورد منافاتها مع تلك العادة الناقصة.
كتاب الطهارة » احكام الناسية للعادة
( مسألة 66 ) : إذا كانت ذات عادة عددية فقط ونسيت عادتها ، ثم رأت الدم ثلاثة أيام أو أكثر ولم يتجاوز العشرة كان جميعه حيضاً ، وأما إذا تجاوزها فحكمها في ذلك كله حكم المبتدئة المتقدم في المسألة السابقة ، ولكنها تمتاز عنها في موردين:
1 ـ ما إذا كان العدد الذي يقتضيه احد الضوابط الثلاثة المتقدمة أقل من المقدار المتيقن من عادتها ، كما إذا كان العدد المفروض سبعة وهي تعلم ان عادتها المنسية إما كانت ثمانية أو تسعة ، ففي مثل ذلك لابـُدّ ان تجعل القدر المتيقن من عادتها حيضاً وهو الثمانية في المثال.
2 ـ ما إذا كان العدد المفروض أكبر من عادتها ، كما إذا كان ثمانية وهي تعلم بان عادتها كانت خمسة أو ستة ، ففي ذلك لابـُدّ ان تجعل اكبر عدد تحتمل انه كان عادة لها حيضاً وهو الستة في المثال.
وأما في غير هذين الموردين فلا عبرة بالعدد المنسي ، ولكنها إذا احتملت العادة فيما زاد على العدد المفروض ـ فالأحوط الأولى ـ ان تعمل فيه بالاحتياط ، بالجمع بين تروك الحائض واعمال المستحاضة.
( مسألة 67 ) : إذا كانت ذات عادة وقتية فقط فنسيتها وتجاوز الدم عن العشرة فحكمها ما تقدم في المبتدئة وقتاً وعدداً من لزوم الرجوع إلى التمييز ، أو الرجوع إلى بعض نسائها ، أو اختيار العدد على التفصيل المتقدم ، ولا خصوصية للمقام الا في موردين: ( الأول ) : ما إذا علمت بان زماناً خاصاً ـ أقل من الثلاثة ـ ترى فيه الدم فعلاً جزء من عادتها الوقتية ولكنها نسيت مبدأ الوقت ومنتهاه ، فحكمها حينئذٍ لزوم التمييز بالدم الواجد للصفات المشتمل على ذلك الزمان ، وأما مع عدم الاشتمال عليه فتعتبر فاقدة للتمييز فتختار العدد المشتمل عليه على التفصيل المتقدّم ، ( الثاني ) : ما إذا لم تعلم بذلك ولكنها علمت بانحصار زمان العادة في بعض الشهر كالنصف الاول منه ، وحينئذٍ فلا أثر للدم الواجد للصفة إذا كان خارجاً عنه ، كما انه ليس لها اختيار العدد في غيره ، هذا ـ والأحوط الأولى ـ لها ان تحتاط في جميع أيام الدم مع العلم بالمصادفة مع وقتها اجمالاً.
( مسألة 68 ) : إذا كانت ذات عادة عددية ووقتية فنسيتها ففيها صور:
( الأولى ) : ان تكون ناسية للوقت مع حفظ العدد ، فان لم يتجاوز الدم العشرة فجميعه حيض وان تجاوزها فالحكم فيها هو الرجوع في العدد الى عادتها ، وفي الوقت الى التمييز على التفصيل المتقدم في المسألة السابقة ، ومع عدم امكان الرجوع اليه تجعل العدد في أوّل رؤية الدم اذا امكن جعله حيضاً ، وإلاّ فتجعله بعده كما اذا رأت الدم المتجاوز عن العشرة بعد تمام الحيض السابق من دون فصل عشرة ايام بينهما.
( الثانية ) : ان تكون حافظة للوقت وناسية للعدد ، ففي هذه الصورة ـ مع انحفاظ مبدأ الوقت ـ تجعل ما تراه من الدم في وقتها المعتاد ـ بصفة الحيض أو بدونها ـ حيضاً ، فان لم يتجاوز العشرة فجميعه حيض ، وان تجاوزها فعليها ان ترجع في تعيين العدد إلى التمييز ان امكن وإلاّ فإلى بعض أقاربها ، وان لم يمكن الرجوع إلى الأقارب أيضاً فعليها ان تختار عدداً مخيرة بين الثلاثة إلى العشرة ، نعم لا عبرة بشيء من الضوابط الثلاثة في موردين تقدم بيانهما في المسألة (66) .
( الثالثة ) : ان تكون ناسية للوقت والعدد معاً والحكم في هذه الصورة وان كان يظهر مما سبق الا أنّا نذكر فروعاً للتوضيح :
1 ـ إذا رأت الدم بصفة الحيض أياماً ـ لا تقل عن ثلاثة ولا تزيد على عشرة ـ كان جميعه حيضاً ، وأما إذا كان أزيد من عشرة ـ ولم تعلم بمصادفته لايام عادتها ـ تحيضت به وترجع في تعيين عدده إلى بعض أقاربها ، والا فتختار عدداً بين الثلاثة والعشرة على التفصيل المشار اليه في الصورة الثانية.
2 ـ اذا رأت الدم بصفة الحيض أياماً لا تقل عن ثلاثة ولا تزيد على عشرة أيام بصفة الاستحاضة ولم تعلم بمصادفة ما رأته من الدم مع أيام عادتها جعلت ما بصفة الحيض حيضاً ، وما بصفة الاستحاضة استحاضة ، إلاّ في موردين تقدم بيانهما في المسألة (66) .
3 ـ إذا رأت الدم وتجاوز عشرة أيام وعلمت بمصادفته لأيام عادتها فوظيفتها الرجوع إلى التمييز ان أمكن ، وإلاّ فإلى بعض نسائها ، فان لم يمكن الرجوع اليهن أيضاً فعليها ان تختار عدداً بين الثلاثة والعشرة ، ولا أثر للعلم بالمصادفة مع الوقت الا في موردين تقدم التعرض لهما في المسألة (67) ، وانما ترجع إلى العدد الذي يقتضيه احد الضوابط الثلاثة المتقدمة فيما إذا لم يكن أقل من القدر المتيقن من عددها المنسي ولا ازيد من أكبر عدد تحتمل ان تكون عليه عادتها ، واما في هذين الموردين فحكمها ما تقدم في المسألة (66) .
كتاب الطهارة » أحکام الحائض
لا تصح من الحائض الصلاة الواجبة والمستحبة ـ ولا قضاء لما يفوتها من الصلوات حال الحيض حتى الآيات والمنذورة في وقت معين ـ ولا يصح منها الصوم أيضاً لكن يجب عليها ان تقضي ما يفوتها من الصوم في شهر رمضان ـ والأحوط وجوباً ـ قضاء المنذور في وقت معين ، ولا يصح منها أيضاً الاعتكاف ولا الطواف الواجب وهكذا الطواف المندوب على ـ الاحوط لزوماً ـ .
( مسألة 69 ) : يحرم على الحائض كل ما كان يحرم على الجنب ، وقد تقدم ذلك في المسألة (41) .
( مسألة 70 ) : يحرم وطء الحائض في قبلها أيام الدم ويجوز وطؤها بعد انقطاعه وقبل الغسل ـ والأحوط وجوباً ـ ان يكون ذلك بعد غسل الفرج ، وأما الوطء في الدبر فيكره ـ كراهة شديدة ـ في الحائض وغيرها مع رضاها ، وأما مع عدمه ـ فالأحوط وجوباً ـ تركه.
( مسألة 71 ) : ـ الأحوط الأولى ـ للزوج ان يكفِّر عن وطء زوجته حال الحيض مع علمه بذلك ، والكفارة تختلف باختلاف زمان الوطء فان أيام الدم تنقسم إلى ثلاثة أقسام ، فاذا كان الوطء في القسم الأوّل فكفارته ثماني عشرة حبة من الذهب المسكوك ، وإذا كان في القسم الثاني فهي تسع حبات منه ، واذا كان في القسم الثالث فاربع حبات ونصف ، وتجزئ قيمة الذهب عنه.
( مسألة 72 ) : لا يصح طلاق الحائض ، وتفصيل ذلك يأتي في محله.
( مسألة 73 ) : غسل الحيض كغسل الجنابة من حيث الترتيب والارتماس ، والظاهر اغناؤه عن الوضوء كما تقدم ، وان ـ كان الأحوط ـ الأفضل الوضوء قبله.
كتاب الطهارة » النفاس
النفاس : هو الدم الذي يقذفه الرحم عند الولادة أو بعدها على نحو يستند خروج الدم اليها عرفاً ، وتسمى المرأة في هذه الحال بالنُفَساء ، ولا نفاس لمن لم تر الدم من الولادة أصلاً ، أو رأته بعد فصل طويل ـ بحيث لا يستند اليها عرفاً ـ كما إذا رأته بعد عشرة أيام منها .
( مسألة 74 ) : لا حدّ لأقل النفاس ويمكن ان يكون بمقدار لحظة فقط ، واكثره عشرة أيام وان كان ـ الأحوط الأولى ـ فيما زاد عليها إلى ثمانية عشر يوماً الجمع بين تروك النفساء واعمال المستحاضة ، ويلاحظ في مبدأ الحساب أمور:
1 ـ ان مبدأه اليوم ، فان ولدت في الليل ورأت الدم كان من النفاس ولكنه خارج عن العشرة.
2 ـ ان مبدأه خروج الدم لا نفس الولادة ، فان تأخر خروجه عنها كانت العبرة في الحساب بالخروج.
3 ـ ان مبدأه الدم الخارج بعد الولادة وان كان الخارج حينها نفاساً أيضاً.
( مسألة 75 ) : النفساء إذا رأت دماً واحداً فهي على أقسام:
1 ـ التي لا يتجاوز دمها العشرة ، فجميع الدم في هذه الصورة نفاس.
2 ـ التي يتجاوز دمها العشرة وتكون ذات عادة عددية في الحيض وتعلم مقدار عادتها ، ففي هذه الصورة يكون نفاسها بمقدار عادتها والباقي استحاضة ، وكذلك اذا نسيت مقدار عادتها فانها تجعل أكبر عدد محتمل عادة لها في هذا المقام.
3 ـ التي يتجاوز دمها العشرة ولا تكون ذات عادة عددية في الحيض أي المبتدئة والمضطربة ، ففي هذه الصورة يكون نفاسها عشرة أيام ، والأظهر انها لا ترجع إلى عادة أقاربها في الحيض أو النفاس ، ولا إلى عادة نفسها في النفاس.
( مسألة 76 ) : إذا كانت النفساء ذات عادة في الحيض وتجاوز دمها عن عددها استحب لها الاستظهار بيوم ، وجاز لها الاستظهار إلى تمام العشرة من حين رؤية الدم ، وقد تقدم معنى الاستظهار في المسألة (57).
( مسألة 77 ) : النفساء إذا رأت في عشرة الولادة أزيد من دم واحد كأن رأت دمين أو ثلاثة أو أربعة وهكذا ـ سواء كان النقاء المتخلل كالمستوعب لقصر زمن الدمين ، أو الدماء أم لم يكن كذلك ـ ففيها صورتان:
الأولى : ان لا يتجاوز الاَخير منها العشرة ، ففي هذه الصورة يكون كل ما تراه نفاساً ، وأما النقاء المتخلل ـ فالأحوط وجوبا ًـ الجمع فيه بين اعمال الطاهرة وتروك النفساء.
الثانية : ان يتجاوز الأخير منها اليوم العاشر وهي على قسمين:
الأول : ان لا تكون المرأة ذات عادة عددية في الحيض وحكمها ما تقدم في الصورة الأولى ، فما خرج عن العشرة من الدم الأخير يحكم بكونه استحاضة.
الثاني : ان تكون المرأة ذات عادة عددية فما تراه في مقدار ايام عادتها نفاس والأحوط وجوباً في الدم الخارج عن العادة الجمع بين تروك النفساء وأعمال المستحاضة.
( مسألة 78 ) : تثبت احكام الحائض التي تقدم بيانها في ص53 للنفساء ايضاً ، نعم حرمة جملة من محرمات الحائض على النفساء تبتني على الاحتياط اللزومي ، وهي :
(1) قراءة الآيات التي تجب فيها السجدة.
(2) الدخول في المساجد بغير اجتياز.
(3) المكث في المساجد.
(4) وضع شيء فيها.
(5) دخول المسجد الحرام ومسجد النبي (ص) ولو على نحو الاجتياز.
كتاب الطهارة » الاستحاضة
الاستحاضة : هو الدم الذي تراه المرأة حسب ما يقتضيه طبعها غير الحيض والنفاس ، فكل دم لا يكون حيضاً ولا نفاساً ولا يكون من دم البكارة أو القروح أو الجروح فهو استحاضة ، والغالب في الاستحاضة ان يكون على خلاف ما ذكرناه للحيض من الصفة ولا حدّ لاَقله ولا لأكثره ، ولا للطهر المتخلل بين افراده ، ولا يتحقق قبل البلوغ ، وفي تحققه بعد الستين إشكال ، ـ فالأحوط وجوباً ـ العمل معه بوظائف المستحاضة.
كتاب الطهارة » أقسام الاستحاضة وأحکامها
الاستحاضة على ثلاثة أقسام: كثيرة ، ومتوسطة ، وقليلة.
الكثيرة : هي ان يغمس الدم القطنة التي تحملها المرأة ويتجاوزها الى الخرقة ويلوّثها.
المتوسطة : هي أن يغمسها الدم ولا يتجاوزها إلى الخرقة التي فوقها.
والقليلة : هي ان تتلوث القطنة بالدم ولا يغمسها.
( مسألة 79 ) : يجب على المرأة في الاستحاضة الكثيرة ثلاثة أغسال:
غسل لصلاة الصبح ، وغسل للظهرين تجمع بينهما ، وغسل للعشاءين كذلك ، ويجوز لها التفريق بين الظهرين أو العشاءين ، ويجب عليها حينئذٍ الغسل لكل صلاة ، ـ والأحوط الأولى ـ ان تتوضأ قبل كل غسل.
هذا كله اذا كان الدم صبيباً لا ينقطع بروزه على القطنة ، وأما اذا كان بروزه عليها متقطعاً بحيث تتمكن من الاغتسال والاتيان بصلاة واحدة أو أزيد قبل بروز الدم عليها مرة أخرى ـ فالأحوط وجوباً ـ الاغتسال عند بروز الدم ، وعلى ذلك فلو اغتسلت وصلّت ثم برز الدم على القطنة قبل الصلاة الثانية وجب عليها الإغتسال لها ، ولو برز الدم في أثنائها أعادت الصلاة بعد الإغتسال ، وليس لها الجمع بين الصلاتين بغسل واحد ، ولو كان الفصل بين البروزين بمقدار تتمكن فيه من الاتيان بصلاتين أو عدة صلوات لها ذلك من دون حاجة إلى تجديد الغسل.
( مسألة 80 ) : يجب على المرأة في الاستحاضة المتوسطة ان تتوضأ لكل صلاة ، ـ والاحوط وجوباً ـ أن تغتسل كل يوم مرة واحدة ـ مقدماً على الوضوء ـ تأتي به لكل صلاة حدثت الاستحاضة المتوسطة قبلها ، فاذا كانت الاستحاضة متوسطة قبل أن تصلي صلاة الفجر اغتسلت ثم توضأت وصلّت ، ويكفي الوضوء لغيرها من الصلوات في ذلك اليوم ، وإذا كانت قبل صلاة الظهر اغتسلت وتوضأت لها وصلّت غيرها من الصلوات بالوضوء وهكذا ، والضابط انها تضم إلى الوضوء غسلاً واحداً للصلاة التي تحدث الاستحاضة المتوسطة قبلها.
( مسألة 81 ) : لا يجب الغسل للاستحاضة القليلة ، ولكنه يجب معها الوضوء لكل صلاة واجبة أو مستحبة.
( مسألة 82 ) : ـ الأحوط وجوباً ـ للمستحاضة ان تختبر حالها قبل الصلاة لتعرف انها من أي قسم من الأقسام الثلاثة ، وإذا صلّت من دون اختبار بطلت الا اذا طابق عملها الوظيفة اللازمة لها ، هذا فيما اذا تمكنت من الاختبار والا تبني على انها ليست بمتوسطة أو كثيرة الا اذا كانت مسبوقة بها فتأخذ بالحالة السابقة حينئذٍ.
( مسألة 83 ) : اذا انتقلت المرأة من الاستحاضة القليلة إلى المتوسطة جرى عليها حكم المتوسطة بعد الانتقال ، فيجب عليها الغسل مرة في كل يوم على الأحوط . كما مرّ ، واذا انتقلت من القليلة أو المتوسطة إلى الكثيرة جرى عليها حكم الكثيرة ، فلو كانت الاستحاضة قليلة أو متوسطة وصلّت صلاة الفجر بالوضوء وحده ، أو مع الغسل ثم انقلبت كثيرة قبل صلاة الظهر وجب عليها الغسل للظهرين إذا جمعت بينهما ، ولكل منهما إذا فرّقت بينهما على تفصيل قد مرّ.
( مسألة 84 ) : ـ الأحوط وجوباً ـ في الاستحاضة الكثيرة تبديل القطنة التي تحملها أو تطهيرها لكل صلاة اذا تمكنت من ذلك ، وكذلك الخرقة التي تشدها فوق القطنة ، وأما في غيرها فلا يجب تبديل القطنة أو تطهيرها وان كان ذلك ـ أحوط استحباباً ـ .
( مسألة 85 ) : يجب على المستحاضة ان تصلي بعد التوضي أو الاغتسال من دون فصل طويل ـ وهذا الحكم في بعض موارده مبني على الاحتياط اللزومي ـ ويجب عليها أيضاً ان تتحفظ من خروج الدم مع الأمن من الضرر من حين الفراغ من الغسل إلى ان تتم الصلاة.
( مسألة 86 ) : لا يجب الغسل لانقطاع الدم في المستحاضة المتوسطة ، ويجب في الاستحاضة الكثيرة نعم وجوبه مبني على الاحتياط فيما اذا كانت سائلة الدم ولم يستمر دمها إلى ما بعد الصلاة التي اتت بها مع ما هو وظيفتها ، وكذا في غيرها اذا لم يظهر الدم على الكرسف من حين الشروع في الغسل السابق.
( مسألة 87 ) : يحرم على المستحاضة مسّ كتابة القرآن قبل طهارتها بالوضوء أو الغسل ، ولا يبعد جواز المسّ لها قبل اتمام الصلاة دون ما بعدها.
( مسألة 88 ) : يجوز طلاق المستحاضة ولا يجري عليها حكم الحائض والنفساء.
( مسألة 89 ) : لا يحرم وطء المستحاضة ، ولا يحرم عليها الدخول في المساجد ، ولا وضع شيء فيها ولا المكث فيها ، ولا قراءة آيات السجدة ، وهي من الاُمور المحرمة على الحائض والنفساء كما تقدم.
كتاب الطهارة » أحکام الميت وغسله
( مسألة 90 ) : ـ الأحوط وجوباً ـ توجيه المؤمن ومن بحكمه حال احتضاره إلى القبلة ، بأن يوضع على قفاه وتمد رجلاه نحوها بحيث لو جلس كان وجهه تجاهها ، ـ والأحوط الأولى ـ للمحتضر نفسه ان يفعل ذلك ان امكنه ، ولا يعتبر في توجيه غير الولي اذن الولي ان علم رضا المحتضر نفسه بذلك ـ ما لم يكن قاصراً ـ وإلاّ اعتبر اذنه على ـ الأحوط وجوباً ـ ولافرق في الميت بين الرجل والمرأة والكبير والصغير ، ويستحب الاِسراع في تجهيزه إلاّ ان يشتبه أمر موته فإنه يجب التأخير حينئذٍ حتى يتبين موته.
( مسألة 91 ) : يجب تغسيل الميت وسائر ما يتعلق بتجهيزه من الواجبات التي يأتي بيانها على وليّه ، فعليه التصدي لها مباشرة أو تسبيباً ويسقط مع قيام غيره بها باذنه ، بل مطلقاً في الدفن ونحوه ، نعم مع فقدان الوليّ يجب تجهيز الميت على سائر المكلفين كفاية ، وكذا مع امتناعه عن القيام به باحد الوجهين ويسقط اعتبار اذنه حينئذٍ ، ويختص وجوب التغسيل بالميت المسلم ومن بحكمه كاطفال المسلمين ومجانينهم ، ويستثنى من ذلك صنفان:
(1) من قتل رجماً أو قصاصاً بأمر الاِمام عليه السلام أو نائبه ، فانه يغتسل ـ والأحوط وجوباً ان يكون غسله كغسل الميت الآتي تفصيله ـ ثم يحنّط ويكفّن كتكفين الميت ، ثم يقتل فيصلي عليه ويدفن بلا تغسيل .
(2) من قتل في الجهاد مع الاِمام عليه السلام أو نائبه الخاص ، أو في الدفاع عن الإسلام ، ويشترط فيه ان لا تكون فيه بقية حياة حين يدركه المسلمون ، وان ادركوه وبه رمق وجب تغسيله.
( مسألة 92 ) : إذا اوصى الميت بتغسيله ، أو بسائر ما يتعلق به من التكفين والصلاة عليه والدفن إلى شخص خاص فهو اولى به من غيره ، ومع عدم الوصية فالزوج اولى بزوجته ، وأما في غير الزوجة فالأولى بميراث الميت من أقربائه ـ حسب طبقات الإرث ـ أولى بأحكامه من غيره ، والذكور في كل طبقة أولى من الإناث ، وفي تقديم الأب على الأولاد ، والجدّ على الأخ ، والأخ من الأبوين على الاَخ من أحدهما ، والأخ من الأب على الأخ من الأم ، والعم على الخال اشكال ـ فالأحوط وجوباً ـ الاستيذان من الطرفين في ذلك ، ولا ولاية للقاصر ، ولا للغائب الذي لا يتيسر اعلامه وتصديه لتجهيز الميت باحد الوجهين ـ مباشرة أو تسبيباً ـ ، واذا لم يكن للميت وارث غير الاِمام ـ فالأحوط الأولى ـ الاستيذان من الحاكم الشرعي في تجهيزه وان لم يتيسر الحاكم فمن بعض عدول المؤمنين.
( مسألة 93 ) : يجب تغسيل السقط وتحنيطه وتكفينه إذا تمت له أربعة اشهر ، بل وان لم تتم له ذلك إذا كان مستوي الخلقة على ـ الأحوط لزوماً ـ ولا تجب الصلاة عليه كما انها لا تستحب ، واذا لم تتم له أربعة اشهر ولم يكن مستوي الخلقة ـ فالأحوط وجوباً ـ ان يلّف في خرقة ويدفن.
( مسألة 94 ) : يحرم النظر إلى عورة الميت ومسها ، كما يحرم النظر الى عورة الحي ومسها ولكن الغسل لا يبطل بذلك.
( مسألة 95 ) : يعتبر في غسل الميت ازالة عين النجاسة عن بدنه ولكن لا يعتبر ازالتها عن جميع جسده قبل ان يشرع في الغسل ، بل يكفي ازالتها عن كل عضو قبل الشروع فيه ، ويستحب ان يوضع الميت مستقبل القبلة حال الغسل كالمحتضر.
كتاب الطهارة » شرائط المغسل
يعتبر في من يباشر غسل الميت ان يكون عاقلاً مسلماً بل ومؤمناً أيضاً على ـ الاحوط وجوباً ـ ولا يعتبر أن يكون بالغاً ، فيكفي تغسيل الصبي المميز إذا اتى به على الوجه الصحيح.
ويعتبر في المُغسِّل أيضاً ان يكون مماثلاً للميت في الذكورة والأنوثة ، ويستثنى من ذلك موارد :
(1) الزوج والزوجة ، فيجوز لكل منهما تغسيل الآخر اختياراً ، سواء أكان مجرداً أم من وراء الثياب ، وسواء وجد المماثل أم لا .
(2) الطفل غير المميز ـ والأحوط استحباباً ـ أن لا يزيد سنُّه على ثلاث سنين ، فيجوز حينئذٍ للذكر والأنثى تغسيله ، سواء أكان ذكراً أم انثى.
(3) المَحْرَم ( أي كل من يحرم عليه نكاحه مؤبداً بنسب أو رضاع أو مصاهرة ، دون المحرم بغيرها كالزنا واللواط واللعان ) فيجوز له ان يغسل محرمه غير المماثل ، والأولى ان يكون التغسيل حينئذٍ من وراء الثوب ، هذا اذا لم يوجد المماثل وان وجد ـ فالاحوط وجوباً ـ ان لا يتصدى المحرم غير المماثل للتغسيل.
( مسألة 96 ) : إذا غسَّل المسلم غير الاثنا عشري من يوافقه في المذهب لم يجب على الاثنا عشري اعادة تغسيله الا ان يكون وليّه ، واذا غسله الاثنا عشري وجب عليه ان يغسّله على الطريقة الاثنا عشرية في غير موارد التقية.
( مسألة 97 ) : إذا لم يوجد مسلم اثنا عشري مماثل للميت أو محرم له ، جاز ان يغسّله المسلم المماثل غير الاثنا عشري ، وان لم يوجد هذا أيضاً جاز ان يغسله الكافر الكتابي المماثل بان يغتسل هو أولاً ، ثم يغسّل الميت ثانياً ، وان لم يوجد المماثل حتى الكتابي سقط وجوب الغسل ودفن بلاغسل .
كتاب الطهارة » كيفية تغسيل الميت
يجب تغسيل الميت على الترتيب الآتي.
(1) بالماء المخلوط بالسدر.
(2) بالماء المخلوط بالكافور.
(3) بالماء القراح ( الخالص ) .
ولابُدّ من ان يكون الغسل ترتيبياً ، بأن يغسل الرأس والرقبة ثم الطرف الايمن ثم الطرف الايسر ، ولا يكفي الارتماسي مع التمكن من الترتيبي على الأحوط ، واذا كان الميت محرماً لا يجعل الكافور في ماء غسله الا الحاج اذا مات بعد الفراغ من المناسك التي يحل له الطيب بعدها.
( مسألة 98 ) : السدر والكافور لابُدّ من ان يكونا بمقدار يصدق معه عرفاً ان الماء مخلوط بهما ، ويعتبر ان لا يكونا في الكثرة بحد يخرج معه الماء من الاطلاق إلى الاضافة.
( مسألة 99 ) : إذا لم يوجد السدر أو الكافور أو كلاهما ـ فالأحوط وجوباً ـ ان يغسل حينئذٍ بالماء القراح بدلاً عن الغسل بما هو المفقود منهما قاصداً به البدلية عنه مراعياً للترتيب بالنية ، ويضاف إلى ذلك تيمم واحد أيضاً ، واذا لم يوجد الماء القراح فان تيسر ماء السدر أو الكافور ـ فالأحوط وجوباًـ ان يغسّل به بدلاً عن الغسل بالماء القراح ، ويضم اليه التيمم والا اكتفى بالتيمم.
(مسألة 100 ): إذا كان عنده من الماء ما يكفي لغسل واحد فقط ، فان لم يوجد السدر والكافور غسل بالماء القراح وضم اليه تيمم واحد على ـ الأحوط وجوبا ًـ وان وجد السدر مع الكافور أو بدونه يغسل الميت بماء السدر ثم يُيَمَّم مرة واحدة على ـ الأحوط وجوبا ًـ وان وجد الكافور فقط غسّل بماء الكافور وضم اليه تيمم واحد أيضاً على ـ الأحوط وجوباً ـ.
(مسألة 101 ): إذا لم يوجد الماء أصلاً ييمم الميت بدلاً عن الغسل ويكفي تيمم واحد ، وان كان ـ الأحوط الأولى ـ ان ييمم ثلاث مرات ويقصد فيها البدلية عن الأغسال الثلاثة على الترتيب المعتبر فيها.
(مسألة 102 ): إذا كان الميت جريحاً أو محروقاً أو مجدوراً وخيف من تناثر لحمه إذا غسل وجب ان ييمم ، ويعتبر ان يكون التيمم بيد الحي ـ والأحوط استحباباً ـ مع التمكن الجمع بينه وبين التيمم بيد الميت.
(مسألة 103 ): يجوز تغسيل الميت من وراء الثوب وان كان المغسل مماثلاً له ، بل لا يبعد ان يكون ذلك افضل من تغسيله مجرداً مستور العورة حتى في الزوج والزوجة والمحرم.
(مسألة 104 ) : يعتبر في غسل الميت طهارة الماء واباحته ، واباحة السدر والكافور ، ولا يعتبر اباحة الفضاء الذي يشغله الغسل وظرف الماء ، ولا مجرى الغُسالة ولا السدة التي يُغسّل عليها ، هذا مع عدم الانحصار ، وأما معه فيسقط الغسل وييمم الميت لكن اذا غسّل صح الغسل.
( مسألة 105 ) : يعتبر قصد القربة في التغسيل ، ولا يجوز اخذ الأجرة عليه على ـ الأحوط وجوباً ـ ولا بأس باخذ الأجرة على المقدمات كبذل الماء ونحوه مما لا يجب بذله مجاناً.
( مسألة 106 ) : إذا تنجس بدن الميت ـ اثناء الغسل أو بعده ـ بنجاسة خارجية ، أو من الميت لم تجب اعادة الغسل ، بل وجب تطهير الموضع ـ إذا امكن بلا مشقة ولا هتك ـ ولو كان ذلك بعد وضعه في القبر على ـ الأحوط وجوباً ـ .
كتاب الطهارة » تكفين الميت
يجب تكفين الميت المسلم بقطعات ثلاث: مئزر ، وقميص ، وازار ، ـ والأحوط وجوباً ـ في المئزر ان يكون من السرة إلى الركبة ، والأفضل ان يكون من الصدر إلى القدم ، ـ والأحوط وجوباً ـ في القميص ان يكون من المنكبين إلى النصف من الساقين ، والأفضل ان يكون إلى القدمين. والواجب في الأزار ان يغطي جميع البدن ـ والأحوط وجوباً ـ ان يكون ـ طولاً ـ بحيث يمكن ان يشد طرفاه ، و ـ عرضاً ـ بحيث يقع احد جانبيه على الآخر ، ويعتبر ان يكون الكفن ساتراً لما تحته ، ويكفي حصول الستر بالمجموع وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ في كل قطعة ان يكون وحده ساتراً لما تحته ، واذا لم تتيسر القطعات الثلاث اقتصر في تكفين الميت بما يتمكن منها.
( مسألة 107 ) : إذا لم يكن للميت تركة بمقدار الكفن لم يدفن عارياً ، بل على المسلمين بذل كفنه على ـ الأحوط وجوباً ـ ويجوز احتسابه من الزكاة.
( مسألة 108 ) : يخرج المقدار الواجب من الكفن وكذا الزائد عليه من المستحبات المتعارفة ولا سيما اللازمة بالنسبة إلى مثله من اصل التركة ، وكذا السدر والكافور والماء وقيمة الأرض التي يدفن فيها ، وأجرة حمل الميت وأجرة حفر القبر إلى غير ذلك مما يصرف في أي عمل من واجبات الميت ، فان كل ذلك يخرج من أصل التركة وان كان الميت مديوناً أو كانت له وصية ، هذا فيما إذا لم يوجد من يتبرع بشيء من ذلك وإلاّ لم يخرج من التركة ، وأما ما يصرف فيما زاد على القدر الواجب وما يلحق به فلا يجوز اخراجه من الاصل ، وكذا الحال في قيمة المقدار الواجب وما يلحقه فانه لا يجوز ان يخرج من الأصل الا ما هو المتعارف بحسب القيمة ، فلو كان الدفن في بعض المواضع اللائقة بحال الميت لا يحتاج إلى بذل مال ، وفي البعض الآخر يحتاج اليه قدم الاول ، نعم يجوز اخراج الزائد على القدر المذكور من الثلث مع وصية الميت به ، أو وصيته بالثلث من دون تعيين مصرف له كلاً أو بعضاً ، كما يجوز اخراجه من حصص الورثة الكبار منهم برضاهم دون القاصرين ، الا مع اذن الولي على تقدير وجود مصلحة تسوغ له ذلك.
( مسألة 109 ) : كفن الزوجة على زوجها حتى مع يسارها أو كونها منقطعة او ناشزة ، هذا إذا لم يتبرع غير الزوج بالكفن والا سقط عنه ، وكذلك إذا اوصت به من مالها وعمل بالوصية ، أو تقارن موتها مع موته ، أو كان البذل حرجياً على الزوج ، فلو توقف على الاستقراض ، أو فك ماله من الرهن ولم يكن فيه حرج عليه تعين ذلك ، والا لم يجب.
( مسألة 110 ) : يجوز التكفين بما كتب عليه القرآن الكريم أو بعض الأدعية المباركة كالجوشن الكبير أو الصغير ، ولكن يلزم ان يكون ذلك بنحو لا يتنجس موضع الكتابة بالدم ، أو غيره من النجاسات كان يكتب في حاشية الازار من طرف رأس الميت ، ويجوز ان يكتب على قطعة من القماش وتوضع على رأسه أو صدره.
كتاب الطهارة » شروط الكفن
يعتبر في الكفن أُمور:
(1) الاباحة.
(2) الطهارة بان لا يكون نجساً ولا متنجساً.
(3) ان لا يكون من الحرير الخالص ، ولا بأس بما يكون ممزوجاً به بشرط ان يكون حريره أقل من خليطه ـ والأحوط وجوباً ـ ان لا يكون الكفن مُذهَّباً ، ولا من أجزاء ما لا يؤكل لحمه ، ولا من جلد الميتة وان كان طاهراً ، ولا بأس ان يكون مصنوعاً من وبر أو شعر مأكول اللحم ، بل لابأس ان يكون من جلده مع صدق الثوب عليه عرفاً ، وكل هذه الشروط ـ غير الاباحة ـ يختص بحال الاختيار ويسقط في حال الضرورة ، فلو انحصر الكفن في الحرام دفن عارياً ، ولو انحصر في غيره من الانواع التي لا يجوز التكفين بها اختياراً كفن به ، فاذا انحصر في واحد منها تعين ، واذا تعدد ودار الأمر بين تكفينه بالمتنجس وتكفينه بالنجس قدم الأوّل ، وإذا دار الأمر بين النجس أو المتنجس ، وبين الحرير قدم الثاني ، ولو دار الأمر بين أحد الثلاثة وبين غيرها قدم الغير ، ومع دوران الأمر بين التكفين بالمُذهَّب والتكفين بأجزاء مالا يؤكل لحمه تخيّر بينهما ، وان كان الاحتياط بالجمع حسناً.
( مسألة 111 ) : الشهيد لا يكفّن بل يدفن بثيابه الا إذا كان بدنه عارياً فيجب تكفينه.
( مسألة 112 ) : يستحب وضع جريدتين خضراوين مع الميت ، وينبغي ان تكونا من النخل ، فان لم يتيسر فمن السدر ، أو الرمان وان لم يتيسرا فمن الخلاف ( الصفصاف ) ، والأولى في كيفيته جعل احداهما من الجانب الأيمن من عند الترقوة ملصقة بالبدن ، والأخرى من الجانب الأيسر من عند الترقوة بين القميص والازار.
كتاب الطهارة » الحنوط
يجب تحنيط الميت المسلم وهو ( إمساس مواضع السجود السبعة بالكافور المسحوق غير الزائلة رائحته ) ويكفي فيه وضع المسمى ، ويشترط فيه اباحته فيسقط وجوب التحنيط عند عدم التمكن من الكافور المباح ، كما يعتبر طهارته وإن لم يوجب تنجس بدن الميت على ـ الأحوط وجوباً ـ والأفضل ان يكون الكافور المستخدم في التحنيط بمقدار سبعة مثاقيل ويستحب خلطه بقليل من التربة الحسينية ، ولكن لا يمسح به المواضع المنافية للاحترام.
( مسألة 113 ) : ـ الأحوط الأولى ـ ان يكون الامساس بالكف وان يبتدأ من الجبهة ، ولا ترتيب في سائر الأعضاء ، ويجوز ان يباشر التحنيط الصبي المميز بل وغيره أيضاً.
( مسألة 114 ) : يسقط التحنيط فيما إذا مات الميت في احرام العمرة أو الحج فَيُجنَّب من الكافور بل من مطلق الطيب ، نعم اذا مات الحاج بعد الفراغ من المناسك التي يحل له الطيب بعدها وجب تحنيطه كغيره من الأموات.
( مسألة 115 ) : وجوب التحنيط كوجوب التغسيل ، وقد مضى تفصيله في المسألة (91).
كتاب الطهارة » الصلاة على الميت
تجب الصلاة على كل مسلم ميت وان كان فاسقاً ، ووجوبها كوجوب التغسيل ، وقد مر في المسألة (91).
( مسألة 116 ) : لا تجب الصلاة على اطفال المسلمين الا من عقل منهم الصلاة ، ومع الشك في ذلك فالعبرة ببلوغه ست سنين ، وفي استحباب الصلاة على من لم يعقل الصلاة اشكال ـ والأحوط وجوباً ـ عدم الاتيان بها الا رجاءً.
( مسألة 117 ) : تصح الصلاة على الميت من الصبي المميز ، ويجزي عن البالغين.
( مسألة 118 ) : يجب تقديم الصلاة على الدفن ، الا انه إذا دفن قبل ان يصلى عليه عصياناً أو لعذر فلا يجوز ان ينبش قبره للصلاة عليه ، ولم تثبت مشروعية الصلاة عليه وهو في القبر ـ فالاحوط وجوباً ـ الاتيان بها رجاءً.
كتاب الطهارة » كيفية صلاة الميت
يجب في الصلاة على الميت خمس تكبيرات والدعاء للميت عقيب احدى التكبيرات الأربع الأول ، وأما الثلاثة الباقية فيتخير فيها بين الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله والشهادتين ، والدعاء للمؤمنين والتمجيد لله تعالى ، ولكن ـ الأحوط استحباباً ـ ان يكبّر أولاً ويقول ( أشْهَدُ اَنْ لا إلهَ إلاّ اللهُ وَأنَّ مُحمّداً رَسولُ الله) ثم يكبر ثانياً ، ويصلي على النبي وآله ، ثم يكبر ثالثاً ، ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ، ثم يكبر رابعاً ، ويدعو للميت ، ثم يكبّر خامساً وينصرف.
والأفضل أن يقول بعد التكبيرة الأولى: ( أشهدُ أنْ لا إلهَ إلاّ الله وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة ).
وبعد التكبيرة الثانية: ( اللهم صلِّ على محمّد وآل محمد ، وارحم محمداً وآل محمّد ، كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم ، انك حميد مجيد وصل على جميع الأنبياء والمرسلين والشهداء والصديقين وجميع عباد الله الصالحين ).
وبعد التكبيرة الثالثة: ( اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، الأحياء منهم والأموات ، تابع اللّهم بيننا وبينهم بالخيرات انك مجيب الدعوات انك على كل شيء قدير ).
وبعد الرابعة: ( اللّهم ان هذا المسجّى قدامنا عبدك وابن عبدك وابن امتك نزل بك وانت خير منزول به ، اللّهم إنا لا نعلم منه إلاّ خيراً وانت اعلم به منا ، اللّهم ان كان محسناً فزد في احسانه ، وان كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته واغفر له ، اللّهم اجعله عندك في أعلى عليين واخلف على اهله في الغابرين وارحمه برحمتك يا ارحم الراحمين ) ثم يكبّر ، وبها تتم الصلاة.
ولابُدّ من رعاية تذكير الضمائر وتأنيثها حسب اختلاف جنس الميت ، وتختص هذه الكيفية بما إذا كان الميت مؤمناً بالغاً ، وفي الصلاة على اطفال المؤمنين يقول بعد التكبيرة الرابعة: اللّهم اجعله لأبويه ولنا سلفاً وفرطاً وأجراً.
( مسألة 119 ) : يعتبر في صلاة الميت اُمور:
(1) ان تكون بعد الغسل والتحنيط والتكفين ، والا بطلت ولابُدّ من اعادتها ، واذا تعذر غسل الميت أو التيمم بدلاً عنه ، وكذلك التكفين والتحنيط لم تسقط الصلاة عليه.
(2) النية بان يقصد بها القربة ، مع تعيين الميت على نحو يرفع الابهام.
(3) القيام مع القدرة عليه.
(4) أن يكون رأس الميت على يمين المصلي.
(5) أن يوضع على قفاه عند الصلاة عليه.
(6) استقبال المصلي للقبلة حال الاختيار.
(7) أن يكون الميت أمام المصلي.
(8) أن لا يكون حائل بينهما من ستر أو جدار على نحو لا يصدق الوقوف عليه ، ولا يضر الستر بمثل النعش أو ميت آخر.
(9) الموالاة بين التكبيرات والأذكار ، بان لا يفصل بينها بمقدار تنمحي به صورة الصلاة.
(10) أن لا يكون بين الميت والمصلي بعد مفرط الا مع اتصال الصفوف في الصلاة جماعة ، أو مع تعدد الجنائز في الصلاة عليها دفعة واحدة.
(11) أن لا يكون احدهما اعلى من الآخر علواً مفرطاً.
(12) أن يكون الميت مستور العورة ـ اذا تعذر الكفن ـ ولو بحجر أو لبنة.
كتاب الطهارة » دفن الميت
يجب دفن الميت المسلم ومن بحكمه ووجوبه كوجوب التغسيل وقد مر في المسألة (91) ، وكيفية الدفن ان يوارى في حفيرة في الارض ، فلايجزي البناء عليه ولا وضعه في بناء أو تابوت مع القدرة على المواراة في الاَرض ، وتكفي مواراته في الحفيرة بحيث يؤمّن على جسده من السباع وايذاء رائحته للناس ولو لعدم وجود السباع أو من تؤذيه رائحته من الناس أو بسبب البناء على قبره بعد مواراته ، ولكن ـ الاحوط استحباباً ـ ان تكون الحفيرة بنفسها على كيفية تمنع من انتشار رائحة الميت ووصول السباع إلى جسده ، ويجب ان يوضع في قبره على طرفه الأيمن موجهاً وجهه الى القبلة.
( مسألة 120 ) : يجب دفن الجزء المبان من الميت ، وإن كان شعراً أو سناً أو ظفراً على ـ الأحوط وجوباً ـ نعم لو عثر عليها قبل دفنه يجب جعلها في كفنه.
( مسألة 121 ) : من مات في السفينة ، ولم يمكن دفنه في البر ، ولو بتأخيره لخوف فساده أو غير ذلك يغسّل ويكفن ويحنط ويُصلى عليه ثم يوضع في خابية ونحوها ويشد رأسها باستحكام ، أو يشد برجله ما يثقله من حجر ، أو حديد ثم يلقى في البحر ـ والأحوط استحباباً ـ اختيار الوجه الأول مع الامكان ، وكذلك الحال في ميت خيف عليه من ان يخرجه العدو من قبره ويحرقه أو يمثّل به.
( مسألة 122 ) : لا يجوز دفن الميت في مكان يستلزم هتك حرمته كالبالوعة والمواضع القذرة ، كما لا يجوز دفنه في مقابر الكفار ، ولا يجوز دفن الكافر في مقبرة المسلمين.
( مسألة 123 ) : يعتبر في موضع الدفن الاباحة ، فلا يجوز الدفن في مكان مغصوب ، أو فيما وقف لجهة خاصة كالمدارس والحسينيات ونحوهما وان لم يكن مضراً بالوقف أو مزاحماً لجهته على ـ الاحوط وجوباً ـ .
( مسألة 124 ) : إذا دفن الميت في مكان لا يجوز دفنه فيه وجب نبش قبره واخراجه ودفنه في موضع يجوز دفنه فيه ، إلاّ في بعض الموارد المذكورة في (العروة الوثقى) وتعليقتنا عليها.
( مسألة 125 ) : إذا دفن الميت بلا غسل أو كفن ، أو حنوط مع التمكن منها وجب اخراجه مع القدرة لاجراء الواجب عليه ودفنه ثانياً بشرط ان لا يستلزم ذلك هتكاً لحرمته ، والا ففيه اشكال.
( مسألة 126 ) : لا يجوز نبش قبر المسلم إلاّ في موارد خاصة تقدم بعضها ، ومنها ما لو اوصى الميت بنقله الى المشاهد المشرفة فدفن عصياناً أو جهلاً أو نسياناً في غيرها ، فانه يجب النبش والنقل ما لم يفسد بدنه ولم يوجب النقل أيضاً فساد بدنه ولا محذوراً آخر ، وأما لو اوصى بنبش قبره ونقله بعد مدة الى الأماكن المشرفة ففي صحة وصيته اشكال.
( مسألة 127 ) : إذا كان الموجود من الميت يصدق عليه عرفاً انه ( بدن الميت ) كما لو كان مقطوع الأطراف ـ الرأس واليدين والرجلين ـ كلاً أو بعضاً ، أو كان الموجود جميع عظامه مجردة عن اللحم ، أو معظمها بشرط ان تكون من ضمنها عظام صدره ، ففي مثل ذلك تجب الصلاة عليه وكذا ما يتقدمها من التغسيل والتحنيط ـ ان وجد بعض مساجده ـ والتكفين بالازار والقميص بل وبالمئزر أيضاً ان وجد بعض ما يجب ستره به.
واذا كان الموجود من الميت لا يصدق عليه انه بدنه بل بعض بدنه ، فلو كان هو القسم الفوقاني من البدن أي الصدر وما يوازيه من الظهر سواء كان معه غيره أم لا وجبت الصلاة عليه ، وكذا التغسيل والتكفين بالازار والقميص وبالمئزر ان كان محله موجوداً ـ ولو بعضاً ـ على ـ الأحوط وجوباً ـ ولو كان معه بعض مساجده وجب تحنيطه على ـ الأحوط وجوباً ـ ويلحق بهذا في الحكم ما إذا وجد جميع عظام هذا القسم أو معظمها على ـ الأحوط وجوباً ـ وإذا لم يوجد القسم الفوقاني من بدن الميت كأن وجدت اطرافه كلاً أو بعضاً مجردة عن اللحم أو معه ، أو وجد بعض عظامه ولو كان فيها بعض عظام الصدر فلا يجب الصلاة عليه ، بل ولا تغسيله ولاتكفينه ولا تحنيطه ، وان وجد منه شيء لا يشتمل على العظم ولو كان فيه القلب فالظاهر انه لا يجب فيه أيضاً شيء مما تقدم عدا الدفن ـ والأحوط وجوباً ـ ان يكون ذلك بعد اللف بخرقة.
كتاب الطهارة » صلاة ليلة الدفن
روي عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال: لا يأتي على الميت أشدّ من أول ليلة فارحموا موتاكم بالصدقة ، فان لم تجدوا فليصّل احدكم ركعتين له ، يقرأ في الأولى بعد الحمد آية الكرسي ، وفي الثانية بعد الحمد سورة القدر عشر مرات ، فيقول بعد السلام: اللّهم صل على محمّد وآل محمّد وابعث ثوابها الى قبر فلان ، ويسمي الميت ورويت لهذه الصلاة كيفية اخرى أيضاً.
كتاب الطهارة » غسل مسّ الميت
يجب الغسل على من مسّ الميت بعد برده وقبل اتمام غسله ، ولافرق بين ان يكون المسّ مع الرطوبة أو بدونها ، كما لا فرق في الممسوس والماس بين ان يكون مما تحله الحياة وما لا تحله كالسن والظفر ، نعم لا يبعد عدم العبرة بالشعر ، سواء كان ماساً أم ممسوساً ، ولا يختص الوجوب بما إذا كان الميت مسلماً ، فيجب في مسّ الميت الكافر أيضاً ، بل ولا فرق في المسلم بين من يجب تغسيله ومن لا يجب كالمقتول في المعركة في جهاد ، أو دفاع عن الاسلام أو المقتول بقصاص أو رجم بعد الاغتسال على ـ الأحوط وجوباً ـ فيهما.
( مسألة 128 ) : يجوز لمن عليه غسل المس دخول المساجد والمشاهد والمكث فيها وقراءة العزائم ، نعم لا يجوز له مسّ كتابة القرآن ونحوها مما لا يجوز للمحدث ، ولا يصح له كل عمل مشروط بالطهارة كالصلاة الا بالغسل ـ والأحوط استحباباً ـ ضم الوضوء اليه إذا كان محدثاً بالأصغر.
( مسألة 129 ) : لا يجب الغسل بمسّ القطعة المبانة من الميت أو الحي وإن كانت مشتملة على العظم واللحم معاً وان كان الغسل ـ أحوط استحباباً ـ.
( مسألة 130 ) : إذا يمم الميت بدلاً عن تغسيله لعذر فالظاهر وجوب الغسل بمسّه.
كتاب الطهارة » الاغسال المستحبة
قد ذكر الفقهاء (قدس الله اسرارهم) كثيراً من الأغسال المستحبة ولكنه لم يثبت استحباب جملة منها ، والثابت منها ما يلي:
(1) غسل الجمعة: وهو من المستحبات المؤكدة ، ووقته من طلوع الفجر إلى الغروب ، والأفضل الاتيان به قبل الزوال ـ والأحوط الأولى ـ ان يؤتى به فيما بين الزوال إلى الغروب من دون قصد الأداء والقضاء ، ويجوز قضاؤه إلى غروب يوم السبت ، ويجوز تقديمه يوم الخميس رجاءً إذا خيف اعواز الماء يوم الجمعة ، وتستحب اعادته إذا وجد الماء فيه.
(2 ـ 7) غسل الليلة الاولى ، والليلة السابعة عشرة ، والتاسعة عشرة والحادية والعشرين ، والثالثة والعشرين ، والرابعة والعشرين ، من شهر رمضان المبارك.
(8 ـ 9) غسل يوم العيدين الفطر والأضحى ، ووقته من طلوع الفجر إلى غروب الشمس على الأظهر ، والأفضل ان يؤتى به قبل صلاة العيد.
(10 ـ 11) غسل اليوم الثامن والتاسع من ذي الحجة الحرام ، والأفضل في اليوم التاسع ان يؤتى به عند الزوال.
(12) غسل الاحرام.
(13) غسل دخول الحرم المكي.
(14) غسل دخول مكة.
(15) غسل زيارة الكعبة المشرفة.
(16) غسل دخول الكعبة المشرفة.
(17) غسل النحر والذبح.
(18) غسل الحلق.
(19) غسل دخول حرم المدينة المنورة.
(20) غسل دخول المدينة المنورة.
(21) غسل دخول مسجد النبي صلى الله عليه وآله.
(22) الغسل لوداع قبر النبي صلى الله عليه وآله.
(23) غسل المباهلة مع الخصم.
(24) غسل الاستخارة.
(25) غسل الاستسقاء.
(26) غسل من مسّ الميت بعد تغسيله.
والأظهر ان هذه الاغسال تجزي عن الوضوء ، وأما غيرها فيؤتى بها رجاءً ، ولابُدّ معها من الوضوء فنذكر جملة منها:
(1) الغسل في ليالي الافراد من شهر رمضان المبارك وتمام ليالي العشرة الأخيرة.
(2) غسل آخر في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان المبارك قريباً من الفجر.
(3) غسل الرابع والعشرين من ذي الحجة الحرام.
(4) غسل يوم النيروز ( اول ايام الربيع ).
(5) غسل يوم النصف من شعبان.
(6) الغسل في أول رجب وآخره ونصفه ، ويوم المبعث وهو السابع والعشرون منه.
(7) الغسل لزيارة كل واحد من المعصومين عليهم السلام من قريب أو بعيد.
(8) غسل اليوم الخامس والعشرين من ذي القعدة.
كتاب الطهارة » احكام الجبائر
الجبيرة هي: ( ما يوضع على العضو من الألواح أو الخرق ونحوها إذا حدث فيه كسر ، أو جرح ، أو قرح ) وفي ذلك صورتان:
(1) ان يكون شيء من ذلك في مواضع الغَسل كالوجه واليدين.
(2) ان يكون في مواضع المسح كالرأس والرجلين ، وعلى التقديرين فان لم يكن في غَسل الموضع أو مسحه ضرر أو حرج وجب غسل ما يجب غسله ومسح ما يجب مسحه ، واما إذا استلزم شيئاً من ذلك ففيه صور:
( الأولى ) : ان يكون الكسر أو الجرح أو القرح في احد مواضع الغسل ، ولم تكن في الموضع جبيرة بان كان مكشوفاً ، ففي هذه الصورة يجب غسل ما حول الجرح والقرح ـ والأحوط الأولى ـ مع ذلك ان يضع خرقة على الموضع ويمسح عليها وان يمسح على نفس الموضع أيضاً إذا تمكن من ذلك ، وأما الكسر المكشوف من غير أن تكون فيه جراحة فالمتعين فيه التيمم.
( الثانية ) : ان يكون الكسر أو الجرح أو القرح في احد مواضع الغسل ، وكانت عليه جبيرة ، ففي هذه الصورة يغسل ما حوله ـ والأحوط وجوباً ـ ان يمسح على الجبيرة ولا يجزي غسل الجبيرة عن مسحها.
( الثالثة ) : ان يكون شيء من ذلك في احد مواضع المسح وكانت عليه جبيرة ، ففي هذه الصورة يتعين المسح على الجبيرة.
( الرابعة ) : ان يكون شيء من ذلك في احد مواضع المسح ولم تكن عليه جبيرة ، وفي هذه الصورة يتعين التيمم.
( مسألة 131 ) : يعتبر في الجبيرة أمران:
(1) طهارة ظاهرها ، فإذا كانت الجبيرة نجسة لم يصلح ان يمسح عليها فان امكن تطهيرها أو تبديلها ولو بوضع خرقة طاهرة عليها بنحو تعد جزءاً منها وجب ذلك فيمسح عليها ويغسل اطرافها ، وان لم يمكن اكتفى بغسل أطرافها ، هذا إذا لم تزد الجبيرة على الجرح بأزيد من المقدار المتعارف ، وأما لو زادت عليه فإن أمكن رفعها رفعها وغسل المقدار الصحيح ثم وضع عليها الجبيرة الطاهرة ، أو طهّرها ومسح عليها ، وإن لم يمكن ذلك لايجابه ضرراً على الجرح مسح على الجبيرة ، وإن كان لأمر آخر كالاضرار بالمقدار الصحيح وجب عليه التيمم إن لم تكن الجبيرة في مواضع التيمم ، وإلاّ ـ فالأحوط لزوماً ـ الجمع بين الوضوء والتيمم.
(2) إباحتها ، فلا يجوز المسح عليها إذا لم تكن مباحة ، ولو مسح لم يصح وضوؤه على ـ الأحوط وجوباً ـ .
( مسألة 132 ) : يعتبر في جواز المسح على الجبيرة أمور :
( الأول ) : ان يكون في العضو كسر أو جرح أو قرح ، فإذا لم يتمكن من غسله أو مسحه لأمر آخر ، كنجاسته مع تعذر ازالتها ، أو لزوم الضرر من استعمال الماء أو لصوق شيء ـ كالقير ـ بالعضو ولم يتمكن من ازالته بغير حرج ففي جميع ذلك لا يجري حكم الجبيرة بل يجب التيمم ، نعم إذا كان اللاصق بالعضو دواءً يجري عليه حكم الجبيرة ، ولو كان اللاصق غيره وكان في مواضع التيمم تعين الجمع بينه وبين الوضوء.
( الثاني ) : ان لا تزيد الجبيرة على المقدار المتعارف ، والا وجب رفع المقدار الزائد وغسل الموضع السليم تحته إذا كان مما يغسل ومسحه إذا كان مما يمسح ، وان لم يتمكن من رفعه، أو كان فيه حرج ، أو ضرر على الموضع السليم نفسه سقط الوضوء ووجب التيمم إذا لم تكن الجبيرة في مواضعه ، وإلاّ ـ فالاحوط وجوباً ـ الجمع بينه وبين الوضوء ، ولو كان رفعه وغسل الموضع السليم ، أو مسحه يستلزم ضرراً على نفس الموضع المصاب لم يسقط الوضوء فيمسح على الجبيرة.
( الثالث ) : ان يكون الجرح أو نحوه في نفس مواضع الوضوء فلو كان في غيرها وكان مما يضر به الوضوء تعين عليه التيمم ، وكذلك الحال فيما إذا كان الجرح أو نحوه في جزء من اعضاء الوضوء وكان مما يضر به غسل جزء آخر اتفاقاً ، كما إذا كان الجرح في اصبعه واتفق انه يتضرر بغسل الذراع ، فانه يتعين التيمم في مثل ذلك أيضاً.
( مسألة 133 ) : إذا كانت الجبيرة مستوعبة للعضو ، كما إذا كان تمام الوجه أو احدى اليدين أو الرجلين مجبَّراً جرى عليها حكم الجبيرة غير المستوعبة على الأظهر ، وأما مع استيعاب الجبيرة لتمام الأعضاء ، أو معظمها ـ فالأحوط وجوباً ـ الجمع بين الوضوء مع المسح على الجبيرة وبين التيمم.
( مسألة 134 ) : إذا كانت الجبيرة في الكف مستوعبة لها ومسح المتوضئ عليها بدلاً عن غسل العضو ، فاللازم ان يمسح رأسه ورجليه بهذه الرطوبة لا برطوبة خارجية ـ والأحوط الأولى ـ فيما إذا لم تكن مستوعبة لها ان يمسح بغير موضع الجبيرة. ( مسألة 135 ) : إذا برئ ذو الجبيرة في ضيق الوقت اجزأه وضوؤه سواء برئ في اثناء الوضوء ام بعده ، قبل الصلاة أو في اثنائها أو بعدها ، ولاتجب عليه اعادته لغير ذات الوقت كالصلوات الآتية في الموارد التي كان تكليفه فيها الوضوء جبيرة واما في الموارد التي جمع فيها بين الجبيرة والتيمم فلابُدّ من اعادة الوضوء للاعمال الاتية ، وهكذا الحكم فيما لو برئ في سعة الوقت بعد اتمام الوضوء ، وأما إذا برئ في اثنائه فلابُدّ من استيناف الوضوء ، أو العود إلى غسل البشرة التي مسح على جبيرتها ان لم تفت الموالاة.
( مسألة 136 ) : إذا اعتقد الضرر من غسل العضو الذي فيه جرح أو نحوه فمسح على الجبيرة ثم تبين عدم الضرر فالظاهر صحة وضوئه ، وإذا اعتقد عدم الضرر فغسل ثم تبين انه كان مضراً وكانت وظيفته الجبيرة ـ فالاحوط وجوباً ـ الإعادة ، وكذا إذا اعتقد الضرر ولكن ترك الجبيرة وتوضأ ثم تبين عدم الضرر وان وظيفته غسل البشرة ، وأما إذا اعتقد الضرر في غسل العضو لاعتقاده ان فيه قرحاً أو جرحاً أو كسراً فعمل بالجبيرة ثم تبين سلامة العضو فالظاهر بطلان وضوئه.
( مسألة 137 ) : يجري حكم الجبيرة في الأغسال ـ غير غسل الميت ـ كما كان يجري في الوضوء ولكنه يختلف عنه في الجملة ، فان المانع عن الغسل إذا كان قرحاً أو جرحاً ـ سواء كان المحل مجبوراً أم مكشوفاً ـ تخير المكلف بين الغسل والتيمم ، واذا اختار الغسل وكان المحل مكشوفاً فله الاجتزاء بغسل اطرافه وان كان ـ الاحوط استحباباً ـ ان يضع خرقة على موضع القرح ، أو الجرح ويمسح عليها ، وأما إذا كان المانع كسراً فان كان محل الكسر مجبوراً تعين عليه الاغتسال مع المسح على الجبيرة ، وأما إذا كان مكشوفاً ، أو لم يتمكن من المسح على الجبيرة تعين عليه التيمم.
كتاب الطهارة » التيمم وأحکامه
يصح التيمم بدلاً عن الغسل ، أو الوضوء في سبعة مواضع:
( الاول ) : ما إذا لم يجد من الماء مقدار ما يفي بوظيفته الأولية من غسل أو وضوء ولو لكون الموجود منه فاقداً لبعض الشرائط المعتبرة فيه ، ويجب الفحص عنه على الحاضر إلى حين حصول اليأس منه ، وكذلك السعي اليه ما لم يكن بعيداً عنه بحيث يصدق عرفاً انه غير واجد للماء ، ولا يسوغ للمسافر ان يتيمم بمجرد عدم علمه بوجود الماء لديه ، بل لابُدّ له من احراز عدمه بالفحص عنه في مظانه إلى ان يحصل له الاطمينان بالعدم ، فلو احتمل وجود الماء في رحله ، أو في القافلة ، أو عند بعض المارة وجب عليه الفحص عنه ، ولو كان في فلاة وجب عليه الفحص فيما يقرب من مكانه وفي الطريق ، ـ والأحوط وجوباً ـ الفحص في المساحة التي حوله على نحو الدائرة غلوة سهم في الأرض الحزنة ( الوعرة ) وغلوة سهمين في الأرض السهلة ، ولا يجب الفحص أكثر من ذلك الا اذا اطمأن بوجوده خارج الحد المذكور بحيث لا يبعد عنه بمقدار يصدق عرفاً انه غير واجد للماء ، ويسقط وجوب الفحص عند تضيق الوقت بمقدار ما يتضيق منه وكذا إذا خاف على نفسه ، أو ماله المعتد به من لصّ ونحوه ، أو كان في الفحص حرج لا يتحمل عادة.
( مسألة 138 ) : إذا تيمم من غير فحص ـ فيما يلزم فيه الفحص ـ ثم صلى في سعة الوقت برجاء المشروعية لم يصح تيممه وصلاته وان تبين عدم الماء على ـ الاحوط لزوماً ـ .
( مسألة 139 ) : إذا انحصر الماء الموجود عنده بما يحرم التصرف فيه كما إذا كان مغصوباً لم يجب الوضوء ووجب التيمم ، والماء الموجود حينئذٍ بحكم المعدوم.
( الثاني ) : عدم تيسر الوصول إلى الماء الموجود إما للعجز عنه تكويناً لكبر ونحوه ، أو لتوقفه على ارتكاب عمل محرم كالتصرف في الإناء المغصوب ، أو لخوفه على نفسه ، أو عرضه ، أو ماله المعتد به من سبع ، أو عدو أو لص ، أو ضياع أو غير ذلك ، ولو انحصر الماء المباح بما كان في أواني الذهب والفضة ـ حيث يحرم استعمالها في الطهارة عن الحدث والخبث على الأحوط كما تقدم في المسألة (30) ـ فان امكن تخليصه منها بما لا يعد استعمالاً في العرف وجب الوضوء ، وإلاّ ففي سقوط الوضوء ووجوب التيمم اشكال.
( الثالث ) : كون استعمال الماء مضراً به ، كما إذا خاف حدوث مرض أو امتداده أو شدته ، وانما يشرع التيمم في هذه الصورة إذا لم تكن وظيفته الطهارة المائية مع المسح على الجبيرة والا وجبت ، وقد مر تفصيل ذلك.
( الرابع ) : خوف العطش على نفسه ، أو على غيره ممن يرتبط به ويكون من شأنه التحفظ عليه والاهتمام بشأنه ولو من غير النفوس المحترمة انساناً كان أو حيواناً ، ولو خاف العطش على غيره ممن لا يهمه أمره ولكن يجب عليه حفظه شرعاً ، أو يقع في الحرج بهلاكه عطشاً اندرج ذلك في غيره من المسوّغات.
( الخامس ) : استلزام الحرج والمشقة إلى حد يصعب تحمله عليه ، سواء كان في تحصيل الماء ، كما إذا توقف على الاستيهاب الموجب لذله وهوانه ، أو على شرائه بثمن يضر بحاله ـ والا وجب الشراء وان كان باضعاف قيمته ـ أم في نفس استعماله لشدة برودته ، أو لتغيره بما يتنفر طبعه منه أم فيما يلازم استعماله كما لو كان قليلاً لا يكفي للجمع بين استعماله في الوضوء وبين تبليل الرأس به مع فرض حاجته اليه لشدة حرارة الجو مثلاً بحيث يقع لولاه في الحرج والمشقة.
( السادس ) : ما إذا استلزم تحصيل الماء أو استعماله وقوع الصلاة أو بعضها خارج الوقت.
( السابع ) : ان يكون مكلفاً بواجب أهم أو مساوٍ يستدعي صرف الماء الموجود فيه كازالة الخبث عن المسجد فانه يجب عليه التيمم وصرف الماء في تطهيره ، وكذا إذا كان بدنه أو لباسه متنجساً ولم يكف الماء الموجود عنده للطهارة الحدثية والخبثية معاً فانه يتعين صرفه في ازالة الخبث وان كان الأولى فيه ان يصرف الماء في ازالة الخبث أولاً ، ثم يتيمم بعد ذلك.
كتاب الطهارة » ما يصح به التيمم
يجوز عند تعذر الطهارة المائية التيمم بمطلق وجه الارض من تراب أو رمل ، أو حجر أو مدر ، ومن ذلك ارض الجص والنورة وهكذا الجص المطبوخ ، والآجر والخزف ، ـ والأحوط الأولى ـ تقديم التراب على غيره مع الإمكان ، ويجوز التيمم بالغبار المجتمع على الثوب ونحوه إذا عدّ تراباً دقيقاً بان كان له جرم بنظر العرف وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ تقديم غيره عليه ، واذا تعذر التيمم بالأرض وما يلحق بها تيمم بالوحل وهو الطين الذي يلصق باليد ـ والأحوط وجوباً ـ عدم ازالة شيء منه الا ما يتوقف على ازالته صدق المسح باليد ، واذا تعذر التيمم بالوحل أيضاً تعين التيمم بالشيء المغبر ـ أي ما يكون الغبار كامناً فيه ـ أو لا يكون له جرم بحيث يصدق عليه التراب الدقيق ـ كما تقدم ـ واذا عجز عنه أيضاً كان فاقداً للطهور وحينئذٍ تسقط عنه الصلاة في الوقت ويلزمه القضاء خارجه.
( مسألة 140 ) : إذا كان طين وتمكن من تجفيفه وجب ذلك ولا تصل معه النوبة ، إلى التيمم بالطين أو الشيء المغبر ، ولا بأس بالتيمم بالأرض الندية وان كان الأولى ان يتيمم باليابسة مع التمكن.
( مسألة 141 ) : ـ الأحوط وجوباً ـ اعتبار علوق شيء مما يُتيمم به باليد فلا يجزي التيمم على مثل الحجر الاملس الذي لا غبار عليه.
( مسألة 142 ) : لا يجوز التيمم بما لا يصدق عليه اسم الأرض وان كان اصله منها كالنباتات ، وبعض المعادن كالذهب والفضة ، ورماد غير الأرض ونحوها ، واذا اشتبه ما يصح به التيمم بشيء من ذلك لزم تكرار التيمم ليتيقن معه الامتثال.
كتاب الطهارة » كيفية التيمم وشرائطه
( مسألة 143 ) : يجب في التيمم أُمور:
(1) ضرب باطن اليدين على الأرض ، ويكفي وضعهما عليها أيضاً ، ـ والأحوط وجوباً ـ ان يفعل ذلك دفعة واحدة.
(2) مسح الجبهة ، وكذا الجبينين ـ على الأحوط وجوباً ـ باليدين من قصاص الشعر إلى طرف الأنف الأعلى والى الحاجبين ـ والأحوط الأولى ـ مسحهما أيضاً.
(3) المسح بباطن اليد اليسرى تمام ظاهر اليد اليمنى من الزند إلى اطراف الاصابع ، والمسح بباطن اليمنى تمام ظاهر اليسرى ـ والاحوط وجوباً ـ رعاية الترتيب بين مسح اليمنى واليسرى.
ويجتزئ في التيمم سواء كان بدلاً عن الوضوء ، أم الغسل بضرب اليدين أو وضعهما على الأرض مرة واحدة ، ـ والأحوط الأولى ـ ان يضرب بهما ، أو يضعهما مرة أخرى على الأرض بعد الفراغ من مسح الوجه واليدين ، فيمسح ظاهر يده اليمنى بباطن اليسرى ، ثم يمسح ظاهر اليسرى بباطن اليمنى.
( مسألة 144 ) : يشترط في التيمم أُمور:
(1) ان يكون المكلف معذوراً عن الطهارة المائية ، فلا يصح التيمم في موارد الأمر بالوضوء أو الغسل.
(2) إباحة ما يتيمم به.
(3) طهارة التراب ونحوه ـ والاحوط وجوباً ـ اعتبار الطهارة في الشيء المُغبرَ أيضاً ، كما أن ـ الاحوط لزوماً ـ أن يكون ما يتيمم به نظيفاً عرفاً.
(4) أن لا يمتزج بغيره مما لا يصح التيمم به كالتبن أو الرماد ، نعم لابأس بذلك إذا كان المزيج مستهلكاً.
(5) طهارة اعضاء التيمم على المشهور ، ولكن الظاهر عدم اعتبارها ، نعم يعتبر ان لا تكون النجاسة حائلة ، أو متعدية إلى ما يتيمم به.
(6) أن لا يكون حائل بين الماسح والممسوح.
(7) أن يكون المسح من الأعلى إلى الأسفل على ـ الأحوط لزوماً ـ.
(8) النية على تفصيل مر في الوضوء ـ والأحوط لزوماً ـ ان تكون مقارنة للضرب ، أو الوضع.
(9) الترتيب بين الأعضاء على ما مر.
(10) الموالاة: والمناط فيها ان لا يفصل بين الأفعال ما يخل بهيئته عرفاً.
(11) المباشرة مع التمكن منها.
(12) أن يكون التيمم بعد دخول وقت الصلاة على ـ الأحوط استحباباً ـ وان كان يصح قبله أيضاً مع عدم رجاء زوال العذر في الوقت ، وأما مع رجاء زواله فلا يجوز التيمم حتى بعد دخول الوقت كما سيأتي ، واذا تيمم لأمر واجب أو مستحب قبل الوقت ولم ينتقض تيممه حتى دخل وقت الصلاة لم تجب عليه اعادة التيمم وجاز ان يصلي مع ذلك التيمم إذا كان عذره باقياً.
( مسألة 145 ) : لا يجوز التيمم للصلاة الموقتة مع العلم بارتفاع العذر والتمكن من الطهارة المائية قبل خروج الوقت ، بل لا يجوز التيمم مع عدم اليأس عن زوال العذر أيضاً ـ الا اذا احتمل طرو العجز عن التيمم مع التأخير ـ ، وأما مع اليأس منه فلا اشكال في جواز البدار ، ولو صلّى معه لم تجب اعادتها حتى مع زوال العذر في الوقت.
( مسألة 146 ) : إذا تيمم لصلاة فصلاها ثم دخل وقت صلاة اخرى فمع عدم رجاء زوال العذر والتمكن من الطهارة المائية تجوز له المبادرة اليها في سعة وقتها ولا تجب عليه اعادتها لو ارتفع عذره بعد ذلك ، وأما مع رجاء زوال العذر وعدم احتمال طرّو العجز عن الصلاة متيمماً ـ فالاَحوط لزوماً ـ التأخير ، ولو وجد الماء في اثناء الصلاة مضى في صلاته وصحت مطلقاً ، نعم ـ الأحوط الاولى ـ الاستيناف مع الطهارة المائية إذا كان الوجدان قبل الركوع ، بل أو بعده ما لم يتم الركعة الثانية.
( مسألة 147 ) : إذا صلّى مع التيمم الصحيح لعذر ، ثم ارتفع عذره في الوقت ، أو في خارجه صحت صلاته ولا تجب اعادتها.
( مسألة 148 ) : إذا تيمم المحدث بالحدث الأكبر لعذر ، ثم احدث بالحدث الاصغر لم ينتقض تيممه فيتوضأ ان أمكن ، والا فيتيمم بدلاً عن الوضوء ـ والأحوط الأولى ـ ان يجمع بين التيمم بدلاً عن الغسل وبين الوضوء مع التمكن ، وان يأتي بتيممه بقصد ما في الذمة إذا لم يتمكن من الوضوء.
كتاب الطهارة » احكام دائم الحدث
من استمر به البول أو الغائط أو النوم ونحو ذلك يختلف حكمه باختلاف الصور الآتية:
(الاولى): أن يجد فترة في جزء من الوقت يمكنه ان يأتي فيه بالصلاة متطهراً ـ ولو مع الاقتصار على واجباتها ـ ففي هذه الصورة يجب ذلك ويلزمه التأخير إن كانت الفترة في اثناء الوقت أو في آخره ، نعم إذا كانت الفترة في أوّل الوقت أو في اثنائه ـ ولم يصلّ حتى مضى زمان الفترة ـ صحت صلاته اذا عمل بوظيفته الفعلية وان أثم بالتأخير.
(الثانية): أن لا يجد فترة اصلاً ، أو تكون له فترة يسيرة لا تسع الطهارة وبعض الصلاة ففي هذه الصورة يتوضأ ، أو يغتسل أو يتيمم حسبما يقتضيه تكليفه الفعلي ثم يصلي ، ولا يعتني بما يخرج منه بعد ذلك قبل الصلاة أو في اثنائها وهو باق على طهارته ـ ما لم يصدر منه حدث غير حدثه المبتلى به ، أو نفس هذا الحدث غير مستند إلى مرضه ولو قبل حصول البرء ـ وتصح منه الصلوات الأخرى أيضاً الواجبة والمستحبة ، ـ والأحوط الأولى ـ ان يتطهر لكل صلاة وان يبادر اليها بعد الطهارة.
(الثالثة): ان تكون له فترة تسع الطهارة وبعض الصلاة ، ـ والأحوط وجوباً ـ في هذه الصورة تحصيل الطهارة والاتيان بالصلاة في الفترة ، ولكن لايجب تجديد الطهارة إذا فاجأه الحدث اثناء الصلاة ، أو بعدها الا ان يحدث حدثاً آخراً بالتفصيل المتقدم في الصورة الثانية ـ والأحوط استحباباً ـ ولا سيما للمبطون ان يجدد الطهارة كلّما فاجأه الحدث اثناء صلاته ويبني عليها ما لم يكن التكرار كثيراً بحيث يكون موجباً للحرج نوعاً ، أو لفوات الموالاة المعتبرة بين اجزاء الصلاة بسبب استغراق الحدث المفاجئ ، أو تجديد الطهارة ، أو هما معاً زمناً طويلاً كما ان ـ الأحوط استحباباً ـ إذا احدث بعد الصلاة ان يجدد الطهارة لصلاة اخرى.
( مسألة 149 ) : يجب على المسلوس والمبطون ان يتحفظ من تعدي النجاسة إلى بدنه ولباسه مع القدرة عليه بوضع كيس أو نحوه ، ولا يجب تبديله لكل صلاة وان وجب ـ على الأحوط ـ تطهير ما تنجس من بدنه لكل صلاة مع التمكن منه ، كما في غير الصورة الثانية من الصور المتقدمة.
( مسألة 150 ) : إذا احتمل حصول فترة يمكنه الاتيان فيها بالصلاة متطهراً لم يجب تأخيرها إلى ان ينكشف له الحال ، نعم لو بادر اليها وانكشف بعد ذلك وجود الفترة لزمته اعادتها على ـ الأحوط وجوباً ـ وكذلك الحال فيما إذا اعتقد عدم الفترة ، ثم انكشف خلافه ، نعم لا يضر بصحة الصلاة وجود الفترة خارج الوقت ، أو برؤه من مرضه فيه.
كتاب الطهارة » النجاسات واحكامها
النجاسات عشر:
(1 ـ 2) البول والغائط: من الاِنسان ومن كل حيوان له نفس سائلة ولا يحل أكل لحمه بالأصل ، أو بالعارض كالجلال ، وموطوء الاِنسان من البهائم ، وأما محلل الأكل فبوله وخرؤه طاهران ، وكذا خرء ما ليست له نفس سائلة ، ـ والأحوط لزوماً ـ الاجتناب عن بوله إذا عدّ ذا لحم عرفاً ، ويستثنى من الحيوان المحرم اكله الطائر ، فان بوله وخرءه طاهران وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ الاجتناب عنهما ولا سيما بول الخفّاش.
(3) المني: من الرجل ، ومن ذكَرِ كل حيوان له نفس سائلة ، وان كان مأكول اللحم على ـ الأحوط لزوماً ـ وفي حكم المني الماء الذي ينزل من المرأة بشهوة ويوجب جنابتها ـ حسب ما ذكرناه في باب الجنابة فراجع.
(4) ميتة الاِنسان وكل حيوان له نفس سائلة ، ويستثنى منها الشهيد ومن إغتسل لاجراء الحد عليه ، أو القصاص منه ، ولا بأس بما لا تحله الحياة من اجزاء الميتة كالوبر والصوف والشعر والظفر والقرن والعظم ونحو ذلك ، وفي حكم الميتة القطعة المبانة من الحي إذا كانت مما تحله الحياة ، ولا بأس بما ينفصل من الأجزاء الصغار ، كالثالول والبثور ، والجلدة التي تنفصل من الشفة ، أو من بدن الأجرب ونحو ذلك ، كما لا بأس باللبن في الضرع والانفحة من الحيوان الميتة ، ولا ينجس اللبن بملاقاة الضرع النجس وان كان ـ الأحوط الاولى ـ الاجتناب عنه خصوصاً في غير مأكول اللحم ، وأما الأنفحة فيجب غسل ظاهرها لملاقاته اجزاء الميتة مع الرطوبة إلاّ إذا ثبت أنّ المتعارف كونها مادّةً سائلةً أو شبه سائلة لا تقبل الغسل فهي محكومةٌ بالطهارة.
( مسألة 151 ) : يطهر الميت المسلم بتغسيله ، فلا يتنجس ما يلاقيه مع الرطوبة وقد تقدم في ص (75) وجوب غسل مس الميت بملاقاته بعد برده وقبل اتمام تغسيله ، وان كانت الملاقاة بغير رطوبة.
(5) الدم: الخارج من الاِنسان ومن كل حيوان له نفس سائلة ، ويستثنى من ذلك الدم المتخلف في الحيوان المذكى بالذبح أو النحر ، فانه محكوم بالطهارة بشرط ان يكون الحيوان ماكول اللحم على ـ الأحوط لزوماً ـ.
( مسألة 152 ) : الدم المتكون في صفار البيض طاهر ، وأما دم العلقة المستحيلة من النطفة فنجس على ـ الأحوط لزوماً ـ.
(6 ـ 7) الكلب والخنزير البريان بجميع اجزائهما.
(8) الكافر: وهو من لم ينتحل ديناً ، أو انتحل ديناً غير الاسلام ، أو انتحل الاسلام وجحد ما يعلم انه من الدين الاِسلامي بحيث رجع جحده إلى انكار الرسالة ولو في الجملة ، بان يرجع إلى تكذيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بعض ما بلغه عن الله تعالى في العقائد ـ كالمعاد ـ أو في غيرها كالأحكام الفرعية مثل الفرائض ومودة ذي القربى ، وأما إذا لم يرجع جحده إلى ذلك بان كان بسبب بعده عن البيئة الاسلامية وجهله باحكام هذا الدين فلايحكم بكفره.
وأما الفرق الضالة المنتحلة للاسلام فتختلف الحال فيهم:
(فمنهم) الغلاة: وهم على طوائف مختلفة العقائد ، فمن كان منهم يذهب في غلوه إلى حد ينطبق عليه التعريف المتقدم للكافر حكم بنجاسته دون غيره.
و(منهم) النواصب: وهم المعلنون بعداوة أهل البيت عليهم السلام ولا اشكال في نجاستهم.
و(منهم) الخوارج: وهم على قسمين ففيهم من يعلن بغضه لأهل البيت عيلهم السلام فيندرج في النواصب ، وفيهم من لا يكون كذلك وان عدّ منهم ـ لاتباعه فقههم ـ فلا يحكم بنجاسته ، هذا كله في غير الكافر الكتابي والمرتد.
وأمّا الكتابي: فالمشهور بين الفقهاء (رض) نجاسته ولكن لا يبعد الحكم بطهارته وإن كان ـ الاحتياط حسناً ـ وأما المرتد فيلحقه حكم الطائفة التي لحق بها.
( مسألة 153 ) : لا فرق في نجاسة الكافر والكلب والخنزير بين الحي والميت ، ولا بين ما تحله الحياة من اجزائه وغيره.
(9) الخمر: والمراد به المسكر المتخذ من العصير العنبي ، وأما غيره من المسكر والكحول المائع بالاصالة ـ ومنه الاسبرتو بجميع انواعه ـ فمحكوم بالطهارة وان كان رعاية الاحتياط أولى.
( مسألة 154 ) : العصير العنبي: لا ينجس بغليانه بنفسه أو بالنار أو بغير ذلك ، ولكنه يحرم شربه ما لم يذهب ثلثاه بالنار أو بغيرها ، فاذا ذهب ثلثاه صار حلالاً إذا لم يحرز صيرورته مسكراً ـ كما ادعي فيما إذا غلى بنفسه ـ والا فلا يحل الا بالتخليل ، وأما عصير التمر ، أو الزبيب فلا ينجس ولا يحرم بالغليان ، ولا بأس بوضعهما في المطبوخات مثل المرق والمحشي ، والطبيخ وغيرها.
( مسألة 155 ) : الدن الدسم لا بأس بان يجعل فيه العنب للتخليل إذا لم يعلم اسكاره بعد الغليان ، أو علم وكانت الدسومة خفيفة لا تعد عرفاً من الأجسام ، وأمّا إذا علم اسكاره وكانت الدسومة معتداً بها ، فالظاهر انه يبقى على نجاسته ، ولا يطهر بالتخليل.
( مسألة 156 ) : الفقاع ـ وهو قسم من الشراب يتخذ من الشعير غالباً ولا يظهر اسكاره ـ يحرم شربه بلا اشكال والأحوط لزوماً ان يعامل معه معاملة النجس.
(10) عرق الإبل الجلاّلة ، وكذلك غيرها من الحيوان الجلاّل على ـ الاحوط وجوباً ـ.
( مسألة 157 ) : عرق الجنب من الحرام طاهر وتجوز الصلاة فيه ، وان كان ـ الأحوط الأولى ـ الاجتناب عنه فيما إذا كان التحريم ثابتاً لموجب الجنابة بعنوانه ، كالزنا واللواط ، ووطء الحائض ، دون ما اذا كانت حرمته لعنوان آخر كالافطار في شهر رمضان ، ولو اجنب بالحرام مع الجهل بالحرمة أو الغفلة عنها فلا اشكال في طهارة عرقه وفي جواز الصلاة فيه.
( مسألة 158 ) : ينجس الملاقي للنجس مع الرطوبة المسرية في احدهما ، وكذلك الملاقي للمتنجس بملاقاة النجس ، بل وكذا الملاقي للمتنجس بملاقاة المتنجس فيما لم تتعدد الوسائط بينه وبين عين النجاسة والا ففي تنجسه نظر بل منع وان كان هو ـ الأحوط استحباباً ـ مثلاً إذا لاقت اليد اليمنى البول فهي تتنجس ، فاذا لاقتها اليد اليسرى مع الرطوبة يحكم بنجاستها أيضاً ، وكذا إذا لاقت اليد اليسرى مع الرطوبة شيئاً آخر كالثوب فانه يحكم بنجاسته ، ولكن إذا لاقى الثوب شيء آخر مع الرطوبة سواء كان مائعاً أم غيره فالحكم بنجاسته محل اشكال بل منع.
كتاب الطهارة » ما تثبت به الطهارة والنجاسة
كل ما شك في نجاسته مع العلم بطهارته سابقاً فهو طاهر ، وكذلك فيما إذا لم تعلم حالته السابقة ، ولا يجب الفحص عما شك في طهارته ونجاسته وان كان الفحص لم يحتج إلى مؤنة ، وأما إذا شك في طهارته بعد العلم بنجاسته سابقاً فهو محكوم بالنجاسة.
وتثبت النجاسة بالعلم الوجداني ، وبالاطمينان الحاصل من المناشئ العقلائية ، وبالبينة العادلة ، بشرط ان يكون مورد الشهادة نفس السبب ، وباخبار ذي اليد ، وفي ثبوتها باخبار العدل الواحد فضلاً عن مطلق الثقة اشكال ما لم يوجب الاطمينان ، ولا تثبت النجاسة بالظن ، وتثبت الطهارة بما تثبت به النجاسة ، نعم يعتبر في ثبوتها باخبار ذي اليد ان لا يكون متهماً.
كتاب الطهارة » المطهرات
أهم المطهرات إثنا عشر:
(الأوّل) الماء المطلق: وهو الذي يصح اطلاق الماء عليه من دون اضافته إلى شيء ، وهو على أقسام: الجاري ، ماء المطر ، ماء البئر ، الراكد الكثير (الكر وما زاد) ، الراكد القليل (ما دون الكر).
( مسألة 159 ) : الماء المضاف : ـ وهو الذي لا يصح اطلاق الماء عليه من دون إضافة ، كماء العنب ، وماء الرمان ، وماء الورد ونحو ذلك ـ لا يرفع حدثاً ولا خبثاً ، ويتنجس بملاقاة النجاسة ولا اثر لكريته في عاصميته ، ويستثنى من ذلك ما إذا جرى من العالي إلى السافل ، أو من السافل إلى العالي بدفع ، ففي مثل ذلك ينجس المقدار الملاقي للنجس فقط ، مثلاً إذا صب ما في الابريق من ماء الورد على يد كافر محكوم بالنجاسة لم يتنجس ما في الابريق وان كان متصلاً بما في يده.
( مسألة 160 ) : الماء الجاري: لا ينجس بملاقاة النجس وان كان قليلاً الا إذا تغير احد اوصافه (اللون والطعم والريح) ، والعبرة بالتغير باوصاف النجس ولا بأس بالتغير باوصاف المتنجس ، ويعتبر في صدق عنوان (الجاري) وجود مادة طبيعية له ، والجريان ولو بعلاج ، والدوام ولو في الجملة ، ولا يعتبر فيه اتصاله بالمادة بمعنى انه يكفي الاستمداد الفعلي منها فلا يضر الانفصال الطبيعي ، كما لو كانت المادة من فوق تترشح وتتقاطر فانه يكفي في عاصميته. نعم يضر الانفصال العارضي كما لو طرأ مانع من النبع.
( مسألة 161 ) : يطهر الماء المتنجس ـ غير المتغير بالنجاسة فعلاً ـ باتصاله بالماء الجاري ، أو بغيره من المياه المعتصمة ، كالماء البالغ كراً ، وماء البئر والمطر بشرط امتزاجه به بمقدار معتد به ، هذا اذا لم يكن في اناء وإلاّ تنجس ـ على الاحوط لزوماً ـ بعد انفصال الماء المعتصم عنه لما سيأتي من انه يعتبر في تطهير الاناء غسله بالماء ثلاثاً وان كان معتصماً على ـ الأحوط وجوباً ـ.
(مسألة 162 ) : المطر معتصم لا ينجس بمجرد ملاقاة النجس إذا نزل عليه ما لم يتغير احد اوصافه ـ على ما تقدم آنفاً في الماء الجاري ـ وكذا لو نزل اولاً على ما يعد ممراً له عرفاً ـ ولو لأجل الشدة والتتابع ـ كورق الشجر ونحوه ، وأما إذا نزل على ما لا يعد ممراً فاستقر عليه ، أو نزا منه ثم وقع على النجس كان محكوماً بالنجاسة.
( مسألة 163 ) : لا يتنجس ماء البئر بملاقاة النجاسة وان كان قليلاً ، نعم إذا تغير احد اوصافه المتقدمة يحكم بنجاسته ويطهر بزوال تغيره بنفسه بشرط امتزاجه بما يخرج من المادة على ـ الاحوط لزوماً ـ أو بنزح مقدار يزول به التغير.
( مسألة 164 ) : الماء الراكد ينجس بملاقاة النجس وكذا المتنجس ـ على التفصيل المتقدم في المسألة (158) ـ إذا كان دون الكر ، الا ان يكون جارياً على النجس من العالي إلى السافل ، أو من السافل إلى العالي بدفع ، فلا ينجس حينئذٍ الا المقدار الملاقي للنجس كما تقدم آنفاً في الماء المضاف ، وأما إذا كان كراً فما زاد فهو لا ينجس بملاقاة النجس فضلاً عن المتنجس إلاّ إذا تغير احد اوصافه ـ على ما تقدم ـ وفي مقدار الكر بحسب الحجم أقوال: والمشهور بين الفقهاء (رض) اعتبار ان يبلغ مكعبه ثلاثة وأربعين شبراً إلاّ ثمن شبر وهو ـ الأحوط استحباباً ـ وان كان يكفي بلوغه ستة وثلاثين شبراً (وهو ما يعادل 384 لتراً تقريباً) ، وأما تقديره بحسب الوزن فلا يخلو عن اشكال.
( مسألة 165 ) : يعتبر في التطهير بالماء القليل ـ في غير المتنجس ببول الرضيع الذي سيأتي بيان حكمه ـ مضافاً إلى استيلاء الماء على المتنجس على نحو تنحل فيه القذارة عرفاً ـ حقيقة أو اعتباراً ـ مروره عليه وتجاوزه عنه على النحو المتعارف ، بان لا يبقى منه فيه الا ما يعدّ من توابع المغسول ، وهذا ما يعبر عنه بلزوم انفصال الغسالة ، فاذا كان باطن الشيء متنجساً وكان مما ينفذ فيه الماء بوصف الاطلاق فلابُدّ في تطهيره من اخراج الغسالة منه بالضغط عليه بعصر ، أو غمز أو نحوهما ، أو بسبب تدافع الماء أو توالي الصب.
( مسألة 166 ) : الغسالة بالمعنى المتقدم محكومة بالنجاسة مطلقاً حتى في الغسلة التي تتعقبها طهارة المحل ، أو الغسلة غير المزيلة لعين النجاسة على ـ الاحوط لزوماً ـ في الموردين.
( مسألة 167 ) : غسالة الاستنجاء محكومة بحكم سائر الغسالات ولكن لا يجب الاجتناب عن ملاقيها الا في صور:
(1) أن تتميز فيها عين النجاسة.
(2) أن تتغير باحد اوصاف النجاسة (اللون والطعم والريح).
(3) أن تتعدى النجاسة من المخرج على نحو لا يصدق معها الاستنجاء.
(4) أن تصيبها نجاسة اخرى من الداخل أو الخارج.
( مسألة 168 ) : تختلف كيفية التطهير باختلاف المتنجسات ، وماتنجست به والمياه وهذا تفصيله:
1 ـ اللباس أو البدن المتنجس بالبول يطهر بغسله في الماء الجاري مرة ، ولابُدّ من غسله مرتين إذا غسل في غيره كالكرّ والماء القليل ، ويعتبر في الغسل بالماء القليل انفصال الغسالة عنه كما مر في المسألة (165).
2 ـ الأواني المتنجسة بالخمر لابُدّ في طهارتها من الغسل ثلاث مرات ، سواء في ذلك الماء القليل وغيره ، والأولى ان تغسل سبعاً.
3 ـ يكفي في طهارة المتنجس ببول الصبي أو الصبية ـ ما دام رضيعاً لم يتغذ بالطعام ـ صب الماء عليه وإن كان قليلاً مرة واحدة بمقدار يحيط به ، ولا حاجة معه إلى العصر ، أو ما بحكمه فيما إذا كان المتنجس لباساً أو نحوه.
4 ـ الاناء المتنجس بولوغ الكلب يغسل ثلاثاً أولاهن بالتراب وغسلتان بعدها بالماء ، والمقصود بولوغ الكلب شربه الماء ، أو أي مايع آخر بطرف لسانه ، وإذا لطع الاناء كان ذلك بحكم الولوغ في كيفية التطهير ـ والاحوط وجوباً ـ في مطلق مباشرته بغير اللسان ، أو وقوع لعابه أو شعره ، أو عرقه ، الغسل بالتراب مرة وبالماء ثلاث مرات.
5 ـ الاناء المتنجس بولوغ الخنزير ، أو بموت الجرذ فيه لابُدّ في طهارته من غسله سبع مرات ، من غير فرق بين الماء القليل وغيره.
6 ـ إذا تنجس داخل الاناء ـ بغير الخمر وولوغ الكلب ، أو الخنزير وموت الجرذ فيه من النجاسات ـ وجب في تطهيره بالماء القليل غسله ثلاث مرات ، وهكذا تطهيره بالجاري ، أو الكر ، أو المطر ـ على الأحوط لزوماً ـ ويجري هذا الحكم فيما إذا تنجس الاناء بملاقاة المتنجس أيضاً ، ويدخل في ذلك ما إذا تنجس بالمتنجس بالخمر أو بولوغ الكلب ، أو الخنزير أو موت الجرذ.
7 ـ يكفي في طهارة المتنجس ـ غير ما تقدم ـ ان يغسل بالماء مرة واحدة ، وان كان قليلاً ـ والأحوط استحباباً ـ الغسل مرتين ، ولابُدّ في طهارة اللباس ونحوه من انفصال الغسالة عند الغسل بالماء القليل كما مر في المسألة (165).
( مسألة 169 ) : الماء القليل المتصل بالكر ـ وان كان الاتصال بوساطة انبوب ونحوه ـ يجري عليه حكم الكر فلا ينفعل بملاقاة النجاسة ، ويقوم مقام الكر في تطهير المتنجس به ، وأما الراكد المتصل بالجاري فلا يكون له حكم الجاري في عدم انفعاله بالملاقاة النجس والمتنجس ، فالحوض المتصل بالنهر بساقية ينجس بالملاقاة إذا كان المجموع أقل من الكر.
( مسألة 170 ) : إذا تنجس اللباس المصبوغ ، يغسل كما يغسل غيره فيطهر بالغسل بالماء الكثير إذا بقي الماء على اطلاقه إلى ان ينفذ إلى جميع اجزائه ويستولي عليها ، بل بالقليل أيضاً إذا كان الماء باقياً على اطلاقه إلى ان يتم عصره أو ما بحكمه ، ولا ينافي في الفرضين التغير بوصف المتنجس ما لم يوجب الاضافة ، سواء أكان التغير قبل النفوذ أو العصر أو بعدهما.
( مسألة 171 ) : ما ينفذ الماء فيه بوصف الاطلاق ولكن لا يخرج عن باطنه بالعصر وشبهه ـ كالحب والكوز ونحوهما ـ يكفي في طهارة اعماقه ان وصلت النجاسة اليها ان يغسل بالماء الكثير ويصل الماء إلى ما وصلت اليه النجاسة ، ولا حاجة إلى ان يجفف أولاً ثم يوضع في الكر ، أو الجاري ، وأما تطهير باطنه بالماء القليل فغير ممكن على ـ الاحوط لزوماً ـ .
( مسألة 172 ) : ما لا ينفذ فيه الماء بوصف الاطلاق مثل الصابون والطين لا يمكن تطهير باطنه ان وصلت النجاسة اليه ، لابالماء الكثير ولاالقليل وان جفف أولاً.
(الثاني من المطهرات): الأرض ، وهي تطهر باطن القدم والنعل بالمشي عليها أو المسح بها ، بشرط ان تزول عين النجاسة بهما ، ولو زالت النجاسة قبل ذلك ففي كفاية تطهير موضعها بالمسح بها أو المشي عليها اشكال ، ويعتبر في الأرض الطهارة والجفاف ، والأحوط الاقتصار على النجاسة الحادثة من المشي على الأرض النجسة ، أو الوقوف عليها ونحوه ، ولا فرق في الأرض بين التراب والرمل والحجر ، بل الظاهر كفاية المفروشة بالآجر ، أو الجص ، أو النورة أو السمنت ، ولا تكفي المفروشة بالقير ونحوه على ـ الأحوط لزوماً ـ.
(الثالث من المطهرات): الشمس: وهي تطهر الأرض وما يستقر عليها من البناء ، وفي الحاق ما يتصل بها من الأبواب والأخشاب والأوتاد والأشجار ، وما عليها من الأوراق والثمار والخضروات والنباتات اشكال ، نعم لا يبعد الالحاق في الحصر والبواري سوى الخيوط التي تشتمل عليها ، ويعتبر في التطهير بالشمس ـ مضافاً إلى زوال عين النجاسة وإلى رطوبة الموضع رطوبة مسرية ـ الجفاف المستند إلى الاشراق عرفاً وان شاركها غيرها في الجملة كالريح.
(الرابع من المطهرات): الاستحالة ، وهي تبدل شيء إلى شيء آخر يخالفه في الصورة النوعية عرفاً ، ولا اثر لتبدل الاسم والصفة فضلاً عن تفرق الأجزاء ، فيطهر ما احالته النار رماداً أو دخاناً ، سواء كان نجساً كالعذرة أو متنجساً كالخشبة المتنجسة ، وكذا ما صيرته فحماً إذا لم يبق فيه شيء من مقومات حقيقته السابقة وخواصه من النباتية والشجرية ونحوهما.
وأما ما احالته النار خزفاً ، أو آجراً أو جصاً أو نورة ، ففيه اشكال ـ والأحوط لزوماً ـ عدم طهارته ، وأما مجرد تفرق اجزاء النجس أو المتنجس بالتبخير فلا يوجب الحكم بطهارة المائع المصعد فيكون نجساً ومنجساً ، نعم لا ينجس بخارهما ما يلاقيه من البدن والثوب وغيرهما.
(الخامس من المطهرات): الانقلاب: ويختص تطهيره بمورد واحد وهو ما إذا انقلب الخمر خلاً ، سواء أكان الانقلاب بعلاج أم كان بغيره ، ويلحق به في ذلك العصير العنبي إذا انقلب خلاً فانه يحكم بطهارته لو قلنا بنجاسته بالغليان.
(السادس من المطهرات) : الانتقال : ويختص تطهيره بانتقال دم الانسان والحيوان إلى جوف ما لا دم له عرفاً من الحشرات ، كالبق والقمل والبرغوث ، ويعتبر فيه ان يكون على وجه يستقر النجس المنتقل في جوف المنتقل اليه بحيث يكون في معرض صيرورته جزءاً من جسمه ، وأما اذا لم يعد كذلك ، أو شك فيه لم يحكم بطهارته وذلك كالدم الذي يمصّه العلق من الانسان على النحو المتعارف في مقام المعالجة فانه لا يطهر بالانتقال ـ والأحوط الاولى ـ الاجتناب عما يمصه البق أو نحوه حين مصه.
(السابع من المطهرات): الاِسلام: فانه مطهر لبدن الكافر من النجاسة الناشئة من كفره ، وأما النجاسة العرضية ـ كما اذا لاقى بدنه البول مثلاً ـ فهي لا تزول بالاسلام ، بل لابد من ازالتها بغسل البدن ، ولا فرق في طهارة بدن الكافر بالاسلام بين الكافر الاصلي وغيره ، فاذا تاب المرتد ولو كان فطرياً يحكم بطهارته.
(الثامن من المطهرات): التبعية: وهي في عدة موارد:
(1) اذا اسلم الكافر يتبعه ولده الصغير في الطهارة بشرط كونه محكوماً بالنجاسة تبعاً ـ لا بها اصالة ولا بالطهارة كذلك ، كما لو كان مميزاً واختار الكفر أو الاسلام ـ وكذلك الحال فيما اذا اسلم الجد أو الجدة أو الأم ، ولا يبعد اختصاص طهارة الصغير بالتبعية بما اذا كان مع من اسلم ، بان يكون تحت كفالته أو رعايته ، بل وان لا يكون معه كافر اقرب منه اليه.
(2) اذا اسر المسلم ولد الكافر غير البالغ فهو يتبعه في الطهارة اذا لم يكن معه أبوه أو جده ، والحكم بالطهارة ـ هنا أيضاً ـ مشروط بما تقدم في سابقه.
(3) اذا انقلب الخمر خلاً يتبعه في الطهارة الاناء الذي حدث فيه الانقلاب ، بشرط ان لا يكون الاناء متنجساً بنجاسة اخرى.
(4) اذا غسل الميت تتبعه في الطهارة يد الغاسل ، والسدة التي يغسل عليها ، والثياب التي يغسل فيها ، والخرقة التي يستر بها عورته ، وأما لباس الغاسل وبدنه وسائر آلات التغسيل فالحكم بطهارتها تبعاً للميت محل اشكال.
( مسألة 173 ) : اذا تغير ماء البئر بملاقاة النجاسة فقد مر انه يطهر بزوال تغيره بنفسه بشرط الامتزاج ، أو بنزح مقدار منه ، وقد ذكر بعض الفقهاء (رض) انه اذا نزح حتى زال تغيره تتبعه في الطهارة اطراف البئر والدلو والحبل وثياب النازح ، اذا اصابها شيء من الماء المتغير ولكنه مشكل ـ والاحوط لزوماً ـ عدم تبعيتها في الطهارة.
(التاسع من المطهرات): غياب المسلم البالغ ، أو المميز ، فاذا تنجس بدنه أو لباسه ونحو ذلك مما في حيازته ثم غاب يحكم بطهارة ذلك المتنجس إذا احتمل تطهيره احتمالاً عقلائياً وان علم انه لا يبالي بالطهارة والنجاسة كبعض افراد الحائض المتهمة ، ولا يشترط في الحكم بالطهارة للغيبة ان يكون من في حيازته المتنجس عالماً بنجاسته ، ولا ان يستعمله فيما هو مشروط بالطهارة ، كأن يصلي في لباسه الذي كان متنجساً بل يحكم بالطهارة بمجرد احتمال التطهير كما سبق ، وفي حكم الغياب العمى والظلمة ، فاذا تنجس بدن المسلم ، أو ثوبه ولم ير تطهيره لعمى ، أو ظلمة يحكم بطهارته بالشرط المتقدم.
(العاشر من المطهرات): زوال عين النجاسة: وتتحقق الطهارة بذلك في موضعين: الأوّل ـ بواطن الانسان غير المحضة كباطن الأنف والأذن والعين ونحو ذلك ، فاذا اصاب داخل الفم مثلاً نجاسة خارجية طهر بزوال عينها ولو كانت النجاسة داخلية ـ كدم اللّثة ـ لم ينجس بها اصلاً ، وأما البواطن المحضة للانسان ، وكذا الحيوان فلا تتنجس بملاقاة النجاسة وان كانت خارجية ، الثاني ـ بدن الحيوان ، فاذا اصابته نجاسة خارجية أو داخلية فانه يطهر بزوال عينها.
( مسألة 174 ) : مطبق الشفتين من الباطن وكذا مطبق الجفنين.
( مسألة 175 ) : الملاقي للنجس في البواطن المحضة للإنسان أو الحيوان لا يحكم بنجاسته اذا خرج وهو غير ملوّث به ، فالنواة أو الدود ، أو ماء الاحتقان الخارج من الإنسان كل ذلك لا يحكم بنجاسته اذا لم يكن ملوثاً بالنجس ، ومن هذا القبيل الابرة المستعملة في التزريق اذا خرجت من بدن الإنسان وهي غير ملوثة بالدم ، وأما الملاقي للنجس في باطن الفم ونحوه من البواطن غير المحضة فلابُدّ من تطهيره فيما اذا كان الملاقى والملاقى خارجيين ، كالأسنان الصناعية اذا لاقت الطعام المتنجس.
(الحادي عشر من المطهرات): استبراء الحيوان ، فكل حيوان مأكول اللحم إذا صار جلالاً ـ أي تعوَّد أكل عذرة الانسان ـ يحرم اكل لحمه ولبنه ، فينجس بوله ومدفوعه وكذا عرقه كما تقدم ، ويحكم بطهارة الجميع بعد الاستبراء ، وهو ان يمنع الحيوان عن اكل النجاسة لمدة يخرج بعدها عن صدق الجلاّل عليه ، ـ والأحوط الأولى ـ مع ذلك ان يراعى في الاستبراء مضي المدة المعينة لها في بعض الأخبار ، وهي للدجاجة ثلاثة أيام ، وللبطة خمسة ، وللغنم عشرة ، وللبقرة عشرون ، وللبعير اربعون يوماً.
(الثاني عشر من المطهرات): خروج الدم عند تذكية الحيوان ، فانه بذلك يحكم بطهارة ما يتخلف منه في جوفه ـ والاحوط لزوماً ـ اختصاص ذلك بالحيوان المأكول اللحم كما مر بيان ذلك في الصفحة (92).
كتاب الصلاة » الصلاة
الصلوات الواجبة في زمان غيبة امام العصر ـ عجل الله فرجه الشريف ـ خمسة انواع:
(1) الصلوات اليومية وتندرج فيها صلاة الجمعة كما سيأتي.
(2) صلاة الآيات.
(3) صلاة الطواف الواجب.
(4) الصلاة الواجبة بالاجارة والنذر ، والعهد واليمين ونحو ذلك.
(5) الصلاة على الميت ، وتضاف إلى هذه: الصلاة الفائتة عن الوالد فان ـ الأحوط وجوباً ـ ان يقضيها عنه ولده الأكبر على تفصيل يأتي في محله.
كتاب الصلاة » صلاة الجمعة
وهي ركعتان كصلاة الصبح ، وتجب قبلها خطبتان يلقيهما الإمام ففي الأُولى: منهما يقوم ويحمد الله ويثني عليه ويوصي بتقوى الله ، ويقرأ سورة قصيرة من الكتاب العزيز ثم يجلس قليلاً ، وفي الثانية يقوم ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على محمد صلى الله عليه وآله وعلى أئمة المسلمين ـ والأحوط استحباباً ـ أن يضم إلى ذلك الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات.
( مسألة 176 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ إتيان الحمد والصلاة من الخطبة باللغة العربية ، وأما غيرهما من أجزائها كالثناء على الله والوصية بالتقوى فيجوز إتيانها بغير العربية أيضاً ، بل ـ الأحوط لزوماً ـ فيما إذا كان أكثر الحضور غير عارفين باللغة العربية أن تكون الوصية بتقوى الله تعالى باللغة التي يفهمونها.
( مسألة 177 ) : صلاة الجمعة واجبة تخييراً ، ومعنى ذلك ان المكلف يوم الجمعة مخير بين الاتيان بصلاة الجمعة على النحو الذي تتوفر فيه شروطها الآتية ، وبين الاتيان بصلاة الظهر ولكن الإتيان بالجمعة أفضل ، فإذا أتى بها بشروطها أجزأت عن الظهر.
( مسألة 178 ) : تعتبر في صحة صلاة الجمعة الجماعة ، فلاتصح فرادى.
( مسألة 179 ) : يشترط في جماعة الجمعة عدد خاص وهو خمسة نفر أحدهم الامام ، فلا تصح الجمعة ما لم يكن المجتمعون خمسة نفر من المسلمين أحدهم الإمام.
( مسألة 180 ) : يشترط في صحة صلاة الجمعة استجماعها للأمور الآتية المعتبرة في صلاة الجماعة ، ومنها ان يكون الإمام جامعاً لشروط الإمامة من العدالة وغيرها ، فلا تصح الجمعة إذا لم يكن الامام جامعاً للشروط.
( مسألة 181 ) : تعتبر في صحة الجمعة في بلد أن لا تكون المسافة بينها وبين جمعة اخرى اقل من فرسخ ( ½5 كم تقريباً ) ، فلو اقيمت جمعة اخرى فيما دون فرسخ بطلتا جميعاً إن كانتا مقترنتين زماناً ، وأما إذا كانت أحداهما سابقة على الاُخرى ولو بتكبيرة الاحرام صحت السابقة دون اللاحقة.
( مسألة 182 ) : اقامة الجمعة إنما تكون مانعة عن جمعة اخرى في تلك المسافة إذا كانت صحيحة وواجدة للشرائط ، وأما إذا لم تكن واجدة لها فلا تمنع عن ذلك.
( مسألة 183 ) : إذا اقيمت الجمعة في بلد واجدة للشرائط فإن كان من اقامها الامام عليه السلام أو من يمثله وجب الحضور فيها تعييناً ، وان كان غيره لم يجب الحضور ، بل يجوز الاتيان بصلاة الظهر ولو في اول وقتها.
( مسألة 184 ) : لا يجب الحضور على المرأة ولا على المسافر ـ وإن كانت وظيفته الاتمام ـ ولا على المريض ، ولا على الأعمى ، ولا على الشيخ الكبير ، ولا على من كان بينه وبين الجمعة اكثر من فرسخين (11 كم تقريباً) ولا على من كان الحضور عليه حرجياً لمطر ، أو برد شديد ، أو نحوهما ، فهؤلاء جميعاً لا يجب عليهم الحضور في صلاة الجمعة حتى في فرض وجوبها تعييناً الذي تقدم بيانه في المسألة السابقة.
كتاب الصلاة » النوافل اليومية
يستحب التنفل في اليوم والليلة بأربع وثلاثين ركعة: ثمان ركعات لصلاة الظهر قبلها ، وثمان ركعات لصلاة العصر كذلك ، وأربع ركعات بعد صلاة المغرب ، وركعتان بعد صلاة العشاء من جلوس وتحسبان بركعة ، وثمان ركعات نافلة الليل ـ والأحوط الأولى ـ الاتيان بها بعد منتصف الليل والأفضل اداؤها قريباً من الفجر الصادق ، وركعتا الشفع بعد صلاة الليل ، وركعة الوتر بعد الشفع ، وركعتان نافلة الفجر قبل فريضته ، ولا يبعد ان يكون مبدأ وقتها مبدأ وقت صلاة الليل ـ بعد مضي مقدار يتمكن المكلف من الاتيان بها ـ ويمتد إلى قبيل طلوع الشمس.
( مسألة 185 ) : النوافل ركعتان ركعتان ـ إلاّ صلاة الوتر فإنها ركعة واحدة ويجوز الاتيان بها متصلة بالشفع أيضاً ـ ويستحب فيها القنوت ولكن يؤتى به في صلاة الشفع رجاءً ، ويجوز الاكتفاء فيها بقراءة الحمد من دون سورة ، كما يجوز الاكتفاء ببعض انواعها دون بعض ، بل يجوز الاقتصار في نوافل الليل على الشفع والوتر بل على الوتر خاصة ، وفي نافلة العصر على أربع ركعات بل ركعتين ، وإذا اريد التبعيض في غير هذه الموارد ـ فالأحوط لزوماً ـ الاتيان به بقصد القربة المطلقة حتى في الاقتصار في نافلة المغرب على ركعتين.
والأولى أن يقنت في صلاة الوتر بالدعاء الآتي: «لا إلهَ إلاّ اللهُ الحَليمُ الكَريم ، لا إله إلاّ اللهُ العَليّ العَظيم ، سُبْحانَ اللهِ رَبِّ السمواتِ السَبْع ، وَربّ الاَرضينَ السبع ، وَما فيهن وما بَيْنَهُنّ ، وَرَبُّ العَرش العَظيم ، والحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمين ، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين» ، وان يدعو لأربعين مؤمناً ، وان يقول: «أَسْتَغْفِرُ اللهَ رَبّي وَأَتوبُ إليه» سبعين مرة ، وأن يقول: «هذا مَقامُ العائِذِ بِكَ مِنَ النّار» سبع مرات ، وأن يقول: «العفو» ثلاثمائة مرة.
( مسألة 186 ) : تسقط ـ في السفر ـ نوافل الظهر والعصر بل والعشاء أيضاً ، ولا تسقط بقية النوافل ، ويجوز أن يأتي بنافلة العشاء رجاءً.
( مسألة 187 ) : صلاة الغفيلة ركعتان ما بين فرضي المغرب والعشاء ، يقرأ في الركعة الأولى بعد سورة الحمد ( وَذَا النّونِ إذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أنْ لَنْ نَقْدِرَ عَليه ، فَنَادى في الظُّـلُماتِ اَنْ لا إلهَ إلاّ أنت سُبْحانَك إنّي كُنْتُ من الظّالِمين ، فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجّيْناهُ مِنَ الغَمّ وَكَذَلِكَ نُنْجي المُؤمِنين ) ويقرأ في الركعة الثانية بعد سورة الحمد ( وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الغَيبِ لا يَعْلَمُها إلاّ هو ، وَيَعْلَمُ مَا في البَرِّ والبَحرِ ، وما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إلاّ يَعْلَمُها ، ولا حَبّةٍ في ظُلُماتِ الاَرضِ ، ولا رَطْبٍ ولا يابِسٍ إلاّ في كِتَابٍ مُبِين ) ثم يقنت فيقول: « اللّهُمَّ إنّي أَسْأَلُكَ بِمَفاتِحِ الغَيبِ التي لا يَعْلَمُها إلاّ أَنْتَ أنْ تُصلي عَلى مُحمد وَآل مُحمد » ويطلب حاجته ويقول: « اللّهم أنت وَليّ نِعْمَتي والقادِرُ على طَلِبَتي تَعْلَمُ حاجَتي فَاسألك بحق محمد وآله عليه وعليهم السلام لمّا قضيتها لي » ويجوز أن يأتي بهاتين الركعتين بقصد نافلة المغرب أيضاً فتجزى عنهما جميعاً.
كتاب الصلاة » مقدمات الصلاة
مقدمات الصلاة خمس:
1 ـ الوقت
( مسألة 188 ) : وقت صلاة الظهرين من زوال الشمس إلى الغروب ، وتختص صلاة الظهر من أوله بمقدار أدائها ، كما تختص صلاة العصر من آخره بمقدار ادائها ، ولا تزاحم كل منهما الاَُخرى وقت اختصاصها ، ولو صلى الظهر قبل الزوال معتقداً دخول الوقت ثم علم بدخوله وهو في الصلاة صحت صلاته ، وجاز له الاتيان بصلاة العصر بعدها وإن كان ـ الأحوط استحباباً ـ إتمامها وإعادتها.
( مسألة 189 ) : يعتبر الترتيب بين الصلاتين ، فلا يجوز تقديم العصر على الظهر عمداً ، نعم إذا صلى العصر قبل ان يأتي بالظهر لنسيان ونحوه صحت صلاته ، فإن التفت في اثناء الصلاة عدل بها إلى الظهر وأتم صلاته وإن التفت بعد الفراغ صحت عصراً وأتى بالظهر بعدها.
( مسألة 190 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ عدم تأخير صلاة الظهرين إلى سقوط قرص الشمس ، نعم مع الشك في سقوط القرص واحتمال اختفائه بالأبنية ونحوها يجوز التأخير والاتيان بهما قبل زوال الحمرة المشرقية.
( مسألة 191 ) : وقت صلاة العشاءين للمختار من أول المغرب إلى نصف الليل (منتصف ما بين غروب الشمس والفجر) وتختص صلاة المغرب من أوله بمقدار أدائها ، كما تختص العشاء من آخره بمقدار أدائها نظير ما تقدم في الظهرين ، وأما المضطر لنوم أو نسيان ، أو حيض أو غيرها فيمتد وقتهما له إلى الفجر ، وتختص العشاء من آخره بمقدار أدائها ، ويعتبر الترتيب بينهما ، ولكنه لو صلى العشاء قبل أن يصلي المغرب لنسيان ونحوه ولم يتذكر حتى فرغ منها صحت صلاته ، وأتى بصلاة المغرب بعدها ولو كان في الوقت المختص بالعشاء.
( مسألة 192 ) : لا يجوز تقديم صلاة المغرب على زوال الحمرة المشرقية عند الشك في سقوط قرص الشمس واحتمال استتاره بحاجب كالجبال ، والأبنية والأشجار بل ـ الأحوط لزوماً ـ عدم تقديمها عليه حتى مع العلم بسقوط القرص ، والأولى عدم تأخيرها عن ذهاب الشفق وهو الحمرة المغربية.
( مسألة 193 ) : إذا دخل في صلاة العشاء ، ثم تذكر انه لم يصلّ المغرب عدل بها إلى صلاة المغرب إذا كان تذكره قبل ان يدخل في ركوع الركعة الرابعة ، وإذا كان تذكره بعده صحت صلاته عشاءً ويأتي بعدها بصلاة المغرب ، وقد مرّ آنفاً حكم التذكر بعد الصلاة.
( مسألة 194 ) : إذا لم يصل صلاة المغرب أو العشاء إختياراً حتى انتصف الليل ـ فالأحوط وجوباً ـ ان يصليها قبل أن يطلع الفجر بقصد ما في الذمة ، من دون نية الأداء أو القضاء ، ومع ضيق الوقت يأتي بالعشاء ثم يقضيها بعد قضاء المغرب ـ احتياطاً وجوبياً ـ.
( مسألة 195 ) : وقت صلاة الفجر من الفجر إلى طلوع الشمس ، ويعرف الفجر باعتراض البياض في الاُفق المتزايد وضوحاً وجلاءً ويسمى بالفجر الصادق.
( مسألة 196 ) : وقت صلاة الجمعة أول الزوال عرفاً من يوم الجمعة ، ولو لم يصلها في هذا الوقت لزمه الاتيان بصلاة الظهر.
( مسألة 197 ) : يعتبر في جواز الدخول في الصلاة ان يستيقن بدخول الوقت ، أو تقوم به البينة ، ويجتزأ بالاطمينان الحاصل من اذان الثقة العارف بالوقت ، أو من اخباره أو من سائر المناشىء العقلائية ، ولا يكتفى بالظن وان كان للمكلف مانع شخصي عن معرفة الوقت ، كالعمى والحبس ، بل وان كان المانع نوعياً ـ كالغيم ـ على ـ الأحوط لزوماً ـ فلا بد في الحالتين من تأخير الصلاة إلى حين الاطمينان لدخول الوقت.
( مسألة 198 ) : إذا صلى معتقداً دخول الوقت بأحد الأمور المذكورة ثم انكشف له أنّ الصلاة وقعت بتمامها خارج الوقت بطلت صلاته ، نعم إذا علم أنّ الوقت قد دخل وهو في الصلاة صحت صلاته ، وإذا صلى غافلاً وتبين دخول الوقت في الأثناء لم تصح ولزمه اعادتها.
( مسألة 199 ) : لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها اختياراً ، ولا بد من الاتيان بجميعها في الوقت ، ولكنه لو أخرها عصياناً أو نسياناً حتى ضاق الوقت وتمكن من الاتيان بها فيه ولو بركعة وجبت المبادرة إليها وكانت الصلاة اداءً.
( مسألة 200 ) : يجوز التنفّل في وقت الفريضة ـ والأحوط الأولى ـ الاتيان بالفريضة أوّلاً في غير النوافل اليومية السابقة على الفريضة.
2 ـ القبلة وأحكامها
( مسألة 201 ) : يجب استقبال القبلة مع الامكان في جميع الفرائض وتوابعها من الأجزاء المنسية ، وصلاة الاحتياط ، دون سجدتي السهو ، وأما النوافل فلا يعتبر فيها الاستقبال حال المشي أو الركوب ـ والأحوط وجوباً ـ اعتباره فيها حال الاستقرار ، والقبلة هي المكان الواقع فيه البيت الشريف ويتحقق استقباله بمحاذاة عينه مع التمكن من تمييزها ، والمحاذاة العرفية عند عدم التمكن من ذلك.
( مسألة 202 ) : ما كان من الصلوات واجبة زمان حضور الامام عليه السلام كصلاة العيدين يعتبر فيها استقبال القبلة وان كانت مستحبة فعلاً ، وأما ما عرض عليه الوجوب بنذر وشبهه فلا يعتبر فيه الاستقبال حال المشي والركوب.
( مسألة 203 ) : يجب العلم باستقبال القبلة ، وتقوم البينة مقامه إذا كانت مستندة إلى المبادىء الحسية أو ما بحكمها ، كالاعتماد على الآلات المستحدثة لتعيين القبلة ، والظاهر حجيّة قول الثقة من أهل الخبرة في تعيين القبلة ، وان لم يفد الظن حتى مع التمكن من تحصيل العلم بها ، ومع عدم التمكن من تحصيل العلم أو ما بحكمه يجب ان يبذل المكلف جهده في معرفتها ويعمل على ما يحصل له من الظن ، ومع عدم التمكن منه أيضاً يجزئ التوجه إلى ما يحتمل وجود القبلة فيه ـ والأحوط استحباباً ـ ان يصلي إلى أربع جهات.
( مسألة 204 ) : إذا ثبت له بوجه شرعي ان القبلة في جهة فصلى إليها ، ثم إنكشف له الخلاف فان كان انحرافه عنها لم يبلغ حد اليمين أو اليسار توجه إلى القبلة وأتم صلاته فيما إذا كان الانكشاف اثناء الصلاة ، وإذا كان بعد الفراغ منها لم تجب الاعادة ، وأما إذا بلغ الانحراف حد اليمين أو اليسار أو كانت صلاته إلى دبر القبلة ، فان كان الانكشاف قبل مضي الوقت أعادها ، ولا يجب القضاء إذا انكشف الحال بعد مضي الوقت وان كان ـ أحوط استحباباً ـ.
3 ـ الطهارة في الصلاة
( مسألة 205 ) : تعتبر في الصلاة طهارة ظاهر البدن حتى الظفر والشعر وطهارة اللباس ، نعم لا بأس بنجاسة ما لا تتم فيه الصلاة من اللباس كالقلنسوة ، والتكة ، والجورب ، بشرط أن لا يكون متخذاً من الميتة النجسة ، ولانجس العين ، كالكلب على ـ الأحوط وجوباً ـ ولا بأس بحمل النجس والمتنجس في الصلاة كان يضع منديله المتنجس في جيبه.
( مسألة 206 ) : لا بأس بنجاسة البدن أو اللباس من دم القروح أو الجروح قبل البرء ، ولا سيما إذا كان التطهير أو التبديل حرجياً نوعاً ، نعم يعتبر في الجرح أن يكون مما يعتد به وله ثبات واستقرار ، وأما الجروح الجزئية فيجب تطهيرها إلاّ فيما سيأتي.
( مسألة 207 ) : لا بأس بالصلاة في الدم إذا كان اقل من الدرهم ـ أي ما يساوي عقد الابهام ـ بلا فرق بين اللباس والبدن ، ولا بين اقسام الدم ، ويستثنى من ذلك دم الحيض ، ويلحق به ـ على الأحوط لزوماً ـ دم نجس العين والميتة والسباع ، بل مطلق غير مأكول اللحم ، ودم النفاس والاستحاضة فلا يعفى عن قليلها أيضاً ، وإذا شك في دم انه أقل من الدرهم أم لا بنى على العفو عنه ، إلاّ إذا كان مسبوقاً بالأكثرية عن المقدار المعفو عنه ، وإذا علم انه اقل من الدرهم وشك في كونه من الدماء المذكورة المستثناة فلا بأس بالصلاة فيه.
( مسألة 208 ) : إذا صلى جاهلاً بنجاسة البدن أو اللباس ، ثم علم بها بعد الفراغ منها صحت صلاته إذا لم يكن شاكاً فيها قبل الصلاة ، أو شك وفحص ولم يحصل له العلم بها ، وأما الشاك غير المتفحص ـ فالاحوط لزوماً ـ فيما إذا وجد النجاسة بعد الصلاة ان يعيدها في الوقت ويقضيها في خارجه ، وإذا علم بالنجاسة في الأثناء فان احتمل حدوثها بعد الدخول في الصلاة وتمكن من التجنب عنها بالتبديل أو التطهير ، أو النزع على نحو لا ينافي الصلاة فعل ذلك وأتم صلاته ولا شيء عليه ، وان لم يتمكن منه فان كان الوقت واسعاً استأنف الصلاة على ـ الاحوط لزوماً ـ وان كان ضيقاً اتمها مع النجاسة ولا شيء عليه ، وإن علم ان النجاسة كانت قبل الصلاة ـ فالأحوط لزوماً ـ استينافها مع سعة الوقت ، وأما مع ضيقه حتى عن ادراك ركعة فإن أمكن التجنب عن النجاسة بالتبديل أو التطهير أو النزع ، من غير لزوم المنافي فعل ذلك واتم الصلاة ، وإلاّ صلى معها وتصح صلاته.
( مسألة 209 ) : إذا علم بنجاسة البدن أو اللباس فنسيها وصلى ، فان كان نسيانه ناشئاً عن الاهمال وعدم التحفظ ـ فالأحوط لزوماً ـ أن يعيد الصلاة ، سواءً تذكر في اثنائها أم بعد الفراغ منها ، وهكذا لو تذكر بعد مضي الوقت ، وأما إذا لم يكن منشأ نسيانه الاهمال فحكمه حكم الجاهل بالموضوع وقد تقدم في المسألة السابقة.
( مسألة 210 ) : تجب في الصلاة الطهارة من الحدث بالوضوء أو الغسل أو التيمم ، وقد مرّ تفصيل ذلك في مسائل الوضوء والغسل والتيمم.
4 ـ مكان المصلي
( مسألة 211 ) : لا تصح الصلاة في المكان المغصوب على ـ الأحوط لزوماًـ وان كان الركوع والسجود بالاِيماء ، ويختص هذا الحكم بالعالم العامد ، فلو صلى من المغصوب غافلاً أو جاهلاً بغصبيته ، أو ناسياً لها ولم يكن هو الغاصب صحت صلاته.
( مسألة 212 ) : إذا أوصى الميت بصرف الثلث من تركته في مصرف ما وعيّن الثلث من دار أو بستان أو دكان ونحوها لم يجز التصرف فيه قبل اخراج الثلث ، فلا يجوز الوضوء أو الغسل ، أو الصلاة في ذلك المكان.
( مسألة 213 ) : إذا كان الميت مشغول الذمة بدين أو زكاة أو نحوهما من الحقوق المالية ـ عدا الخمس ـ لم يجز التصرف في تركته بما ينافي أداء الحق منها ، سواء أكان مستوعباً لها أم لا ، وأما التصرف بمثل الصلاة في داره فالظاهر جوازه باذن الورثة. وإذا كان مشغول الذمة بالخمس فان كان ممن يدفع الخمس جرى عليه ما تقدم ، وان كان ممن لا يدفعه ـ عصياناً أو اعتقاداً منه بعدم وجوبه ـ لم يجب على وارثه المؤمن ابراء ذمته وجاز له التصرف في التركة.
( مسألة 214 ) : لا تجوز الصلاة ولا سائر التصرفات في مال الغير إلاّ برضاه وطيب نفسه ، وهو يستكشف بوجوه:
(1) الإذن الصريح من المالك.
(2) الإذن بالفحوى ، فلو أذن له بالتصرف في داره ـ مثلاً ـ بالجلوس والأكل والشرب والنوم فيها ، وقطع بكونه ملازماً للاذن بالصلاة جاز له أن يصلي فيها ، وان لم يأذن للصلاة صريحاً.
(3) شاهد الحال ، وذلك بأن تدل القرائن على رضا المالك بالتصرف في ماله ولو لم يكن ملتفتاً إليه فعلاً لنوم أو غفلة بحيث يعلم او يطمأن بانّه لو التفت لأذن.
( مسألة 215 ) : لا بأس بالصلاة في الأراضي المتسعة اتساعاً عظيماً ، كما لا بأس بالوضوء من مائها وان لم يعلم رضا المالك به ، بل وان علم كراهته ـ سواء أكان كاملاً أم قاصراً ، صغيراً أم مجنوناً ـ وبحكمها أيضاً الأراضي غير المحجبة كالبساتين التي لا سور لها ولا حجاب فيجوز الدخول إليها والصلاة فيها وإن لم يعلم رضا المالك ، نعم إذا علم كراهته أو كان قاصراً ـ فالأحوط لزوماً ـ الاجتناب عنها ، ولا بأس أيضاً بالصلاة في البيوت المذكورة في القرآن والأكل منها ما لم يحرز كراهة المالك ، وتلك البيوت بيوت الأب والأم ، والأخ والاخت ، والعم والعمة ، والخال والخالة والصديق ، والبيت الذي يكون مفتاحه بيد الانسان.
( مسألة 216 ) : الأرض المفروشة لا تجوز الصلاة عليها إذا كان الفرش أو الاَرض مغصوباً ، ولو صلى بطلت على ـ الأحوط لزوماً ـ .
( مسألة 217 ) : الأرض المشتركة لا تجوز فيها الصلاة ولا سائر التصرفات ، إذا لم يأذن جميع الشركاء ، ولو صلّى بطلت على ـ الأحوط لزوماً ـ .
( مسألة 218 ) : العبرة في الأرض المستأجرة باجازة المستأجر دون المؤجر.
( مسألة 219 ) : إذا كانت الأرض المملوكة متعلقة لحق الغير وكان الحق مما ينافيه مطلق التصرف في متعلقه حتى بمثل الصلاة فيه ـ كحق السكنى ـ فلا بد في جواز التصرف فيها من اجازة المالك وذي الحق معاً.
( مسألة 220 ) : المحبوس في الأرض المغصوبة ـ إذا لم يتمكن من التخلص من دون ضرر أو حرج ـ تصح صلاته فيها ، ويصلي صلاة المختار إذا لم تستلزم تصرفاً زائداً على الكون فيها على الوجه المتعارف ، وإلاّ صلى بما يمكنه من دون تصرف زائد.
( مسألة 221 ) : يعتبر في مكان المصلي ان لا يكون نجساً على نحو تسري النجاسة منه إلى اللباس أو البدن نجاسة غير معفو عنها ، ومع عدم السراية كذلك لا بأس بالصلاة عليها ، نعم تعتبر الطهارة في مسجد الجبهة كما سيأتي.
( مسألة 222 ) : لا يجوز استدبار قبور المعصومين : في حال الصلاة وغيرها إذا عدّ هتكاً لحرمتهم واساءة للأدب معهم.
( مسألة 223 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ عدم تقدم المرأة على الرجل ولامحاذاتهما في الصلاة في مكان واحد فيلزم ، تأخرها عنه ـ ولو بمقدار يكون مسجد جبهتها محاذياً لركبتيه في حال السجود ـ أو يكون بينهما حائل ، أو مسافة أكثر من عشرة اذرع بذراع اليد ( ½5 متراً تقريباً ).
( مسألة 224 ) : تستحب الصلاة في المساجد للرجال والنساء ، وان كان الأفضل للمرأة ان تختار الصلاة في المكان الأستر حتى في بيتها.
5 ـ لباس المصلي
( مسألة 225 ) : يعتبر في الصلاة ستر العورة ، وهي في الرجل القبل ( القضيب والبيضتان ) والدبر ، وفي المرأة جميع بدنها غير الوجه ـ بالمقدار الذي لا يستره الخمار عادة مع ضربه على الجيب ـ واليدين إلى الزند ، والرجلين إلى أول جزء من الساق ، ولا يعتبر ستر الرأس وشعره والرقبة في صلاة غير البالغة.
( مسألة 226 ) : يكفي في الساتر الصلاتي في حال الاختيار مطلق ما يخرج المصلي عن كونه عارياً ، كالورق والحشيش ، والقطن والصوف غير المنسوجين ، بل الطين إذا كان من الكثرة بحيث لا يصدق معه كون المصلي عارياً ، وأما في حال الاضطرار فيجزي التلطخ بالطين ونحوه.
( مسألة 227 ) : إذا انكشف له اثناء الصلاة ان عورته لم تستر فعلاً وجبت المبادرة إلى سترها ـ مع عدم الاشتغال بشيء من الصلاة في حال الانكشاف على ـ الاحوط لزوماً ـ وتصح صلاته ، كما تصح أيضاً إذا كان الانكشاف بعد الفراغ من الصلاة.
( مسألة 228 ) : إذا لم يتمكن المصلي من الساتر بوجه فإن تمكن من الصلاة قائماً مع الركوع والسجود بحيث لا تبدو سوأته للغير المميِّز ـ إما لعدم وجوده أو لظلمة ـ أو نحوها ـ اتى بها كذلك ، ولو اقتضى التحفظ على عدم بدوّ سوءته ترك القيام والركوع والسجود صلى جالساً مومياً ، ولو اقتضى ترك واحد من الثلاثة تركه واتى ببدله فيومي بالرأس بدلاً عن الركوع والسجود ، ويجلس بدلاً عن القيام ، ـ والأحوط لزوماً ـ للعاري ستر السوأتين ببعض اعضائه كاليد في حال القيام ، والفخذين في حال الجلوس.
كتاب الصلاة » شرائط لباس المصلي
يشترط في لباس المصلي امور:
( الأول ): الطهارة وقد مرّ تفصيله في المسألة ( 205 ) وما بعدها.
( الثاني ): اباحته على ـ الأحوط لزوماً ـ فيما كان ساتراً للعورة فعلاً واستحباباً في غيره.
( مسألة 229 ) : إذا صلى في ثوب جاهلاً بغصبيته ثم انكشف له ذلك صحت صلاته ، وكذلك إذا كان ناسياً وتذكر بعد الصلاة إذا لم يكن هو الغاصب وإلاّ ـ فالأحوط وجوباً ـ إعادتها.
( مسألة 230 ) : إذا اشترى ثوباً بما فيه الخمس كان حكمه حكم المغصوب ، وأما إذا اشترى بما فيه حق الزكاة فلا يلحقه حكمه كما سيأتي في المسألة ( 551 ).
( الثالث ): أن لا يكون من اجزاء الميتة التي تحلها الحياة من دون فرق بين ما تتم الصلاة فيه وما لا تتم فيه الصلاة على الأحوط وجوباً ، ويختص هذا الحكم بالميتة النجسة وان كان ـ الأحوط الأولى ـ الاجتناب عن الميتة الطاهرة أيضاً ، وأما ما لا تحله الحياة من ميتة حيوان يحل أكل لحمه ـ كالشعر والصوف ـ فلا بأس بالصلاة فيه.
( مسألة 231 ) : يجوز حمل ما تحله الحياة من اجزاء الميتة النجسة في الصلاة وان كان ملبوساً ، كأن يضع الثوب المتخذ من جلد الميتة في جيبه.
( مسألة 232 ) : اللحم أو الجلد ونحوهما المأخوذ من يد المسلم يحكم عليه بالتذكية ويجوز اكله بشرط اقترانها بما يقتضي تصرفه فيه تصرفاً يناسب التذكية ، وفي حكم المأخوذ من يد المسلم ما صنع في أرض غلب فيها المسلمون ، وما يوجد في سوق المسلمين إذا لم يعلم ان المأخوذ منه غير مسلم ، وأما ما يوجد مطروحاً في أرضهم فيحكم بطهارته ولا يحكم بحليته على ـ الاحوط لزوماً ـ إلاّ مع الاطمينان بسبق احد الأمور الثلاثة.
( مسألة 233 ) : اللحم أو الجلد ونحوهما المأخوذ من يد الكافر أو المجهول إسلامه ، وما وجد في بلاد الكفر ، وما اخذ من يد المسلم مما علم انه قد أخذه من يد الكافر ولم يحرز تذكيته لا يجوز أكله ، ولكن يجوز بيعه ويحكم بطهارته وبجواز الصلاة فيه إذا احتمل ان يكون مأخوذاً من الحيوان المذكى.
( مسألة 234 ) : تجوز الصلاة في ما لم يحرز انه جلد حيوان ، وان اخذ من يد الكافر.
( مسألة 235 ) : إذا صلى في ثوب ثم علم بعد الصلاة أنه كان متخذاً من الميتة النجسة صحت صلاته ، إلاّ اذا كان شاكاً ولم يفحص قبل الدخول في الصلاة حسبما تقدم في المسألة ( 208 ) ، واما إذا نسي ذلك وتذكره بعد الصلاة ـ فالاحوط لزوماً ـ إعادتها ـ سواء أكان الثوب مما تتم فيه الصلاة أم لا ـ إذا كان نسيانه ناشئاً من اهماله وعدم تحفظه وإلاّ فلا شيء عليه.
( الرابع ): ان لا يكون من اجزاء السباع ، بل مطلق ما لا يؤكل لحمه من الحيوان على ـ الأحوط وجوباً ـ ويختص المنع بما تتم الصلاة فيه وان كان الاجتناب عن غيره أيضاً ـ أحوط استحباباً ـ وتجوز الصلاة في جلد الخز والسنجاب ووبرهما وإن كانا من غير مأكول اللحم.
( مسألة 236 ) : لا بأس بالصلاة في شعر الانسان ، سواء أكان من نفس المصلي أو من غيره.
( مسألة 237 ) : لا بأس بالصلاة في الشمع والعسل ، والحرير غير الخالص ودم البق والبرغوث والقمل ونحوها من الحيوانات التي لا لحم لها.
( مسألة 238 ) : لا بأس بالصلاة في ما يحتمل انه من غير مأكول اللحم ، وكذلك ما لا يعلم انه من أجزاء الحيوان. وما لا يعلم كون الحيوان المتخذ منه ذا لحم عرفاً.
( مسألة 239 ) : إذا صلى في ما لا يؤكل لحمه جهلاً أو نسياناً حتى فرغ من الصلاة صحت صلاته إلاّ إذا كان جاهلاً بالحكم عن تقصير فانه تجب عليه الاعادة.
( الخامس ): ان لا يكون لباس الرجل من الذهب الخالص ، أو المغشوش دون المموه والمطلي الذي يعد الذهب فيه لوناً محضاً ، والمراد باللباس هنا كل ما يطلق على استعماله عنوان ( اللبس ) عرفاً وان لم يكن من الثياب كالخاتم والزناجير المعلقة ، والساعة اليدوية ، نعم لا بأس بحمل الذهب في الصلاة ، ومن هذا القبيل حمل الساعة الذهبية الجيبية.
( مسألة 240 ) : يحرم لبس الذهب للرجال في غير حال الصلاة أيضاً ، والأحوط لزوماً ترك التزيُّن به مطلقاً حتى فيما لا يطلق عليه اللبس عرفاً كجعل ازرار اللباس من الذهب ، أو جعل مقدم الاسنان منه ، نعم لا بأس بشدها به أو جعل الأسنان الداخلية منه.
( مسألة 241 ) : إذا شك في فلزّ ولم يعلم انه من الذهب جاز لبسه في نفسه ولا يضر بالصلاة.
( مسألة 242 ) : لا فرق في حرمة لبس الذهب وابطاله الصلاة بين أن يكون ظاهراً أو لا.
( مسألة 243 ) : إذا صلى في فلزّ لم يعلم انه من الذهب أو نسيه ثم التفت إليه بعد الصلاة صحت صلاته.
( السادس ): ان لا يكون لباس الرجل الذي تتم فيه الصلاة من الحرير الخالص ، وأما إذا امتزج بغيره ولم يصدق عليه الحرير الخالص جاز لبسه والصلاة فيه.
( مسألة 244 ) : لا بأس بأن يكون سجاف الثوب ونحوه من الحرير الخالص ـ والأحوط استحباباً ـ ان لا يزيد عرضه على أربعة اصابع مضمومة.
( مسألة 245 ) : لا بأس بحمل الحرير في الصلاة ، وان كان مما تتم الصلاة فيه.
( مسألة 246 ) : لا يجوز للرجال لبس الحرير الخالص في غير حال الصلاة أيضاً ، نعم لا بأس به في الحرب والضرورة والحرج كالبرد والمرض ونحوهما ، وفي هذه الموارد تجوز الصلاة فيه أيضاً.
( مسألة 247 ) : إذا صلى في الحرير جهلاً أو نسياناً ، ثم انكشف له الحال بعد الصلاة صحت صلاته.
( مسألة 248 ) : إذا شك في لباس ولم يعلم انه من الحرير ، جاز لبسه والصلاة فيه.
( مسألة 249 ) : تختص حرمة لبس الذهب والحرير بالرجال ـ كما تقدم ـ ولا بأس به للنساء في الصلاة وفي غيرها ، وكذلك الأطفال الذكور فيجوز للولي ان يلبسهم الذهب والحرير وتصح صلاتهم فيهما.
( مسألة 250 ) : يحرم لبس لباس الشهرة ، وهو اللباس الذي يظهر المؤمن في شنعة وقباحة وفظاعة عند الناس ، لحرمة هتك المؤمن نفسه واذلاله اياها.
( مسألة 251 ) : الأحوط وجوباً ان لا يتزيّ اي من الرجل والمرأة بزيّ الآخر في اللباس ، وأما لبس الرجل بعض ملابس المرأة لغرض آخر ـ وكذا العكس ـ فلا بأس به ، وفيما إذا حرم اللبس لم يضر بصحة الصلاة مطلقاً وإن كان ساتراً له حالها.
( مسألة 252 ) : إذا انحصر لباس المصلي بالمغصوب أو الحرير ، أو الذهب أو السباع صلى عارياً ، وإذا انحصر بما عدا السباع من غير مأكول اللحم من الحيوان ـ فالأحوط وجوباً ـ الجمع بين الصلاة فيه والصلاة عارياً ، وإذا انحصر في النجس جاز الصلاة فيه.
( مسألة 253 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ تأخير الصلاة عن أول الوقت إذا لم يكن عنده ساتر واحتمل حصوله عليه في آخر الوقت ، أما لو يئس عن حصوله عليه فله ان يصلي عارياً ولا تلزمه اعادتها لو صادف فحصل على الساتر في الوقت.
كتاب الصلاة » الأذان والإقامة
يستحب الأذان والأقامة في الفرائض اليومية اداءً وقضاءً.
وكيفية الاَذان أن يقول:
( الله أكبر ) أربع مرات.
( أشهد أن لا اله إلاّ الله ) مرتين.
( أشهد أنّ محمداً رسول الله ) مرتين.
( حيّ على الصلاة ) مرتين.
( حيّ على الفلاح ) مرتين.
( حيّ على خير العمل ) مرتين.
( الله اكبر ) مرتين.
( لا إله إلاّ الله ) مرتين.
وكيفية الاقامة ان يقول:
( الله اكبر ) مرتين ثم يمضي على ترتيب الأذان إلى ( حيّ على خير العمل ) وبعد ذلك يقول:
( قد قامت الصلاة ) مرتين.
( الله اكبر ) مرتين.
( لا إله إلاّ الله ) مرة واحدة.
والشهادة بولاية أمير المؤمنين عليه السلام مكملة للشهادة بالرسالة ومستحبة في نفسها وان لم تكن جزءاً من الأذان ولا الاقامة وكذا الصلاة على محمد وآل محمد عند ذكر اسمه الشريف.
( مسألة 254 ) : يتأكد استحباب الأذان والإقامة في خصوص المغرب والصبح من الفرائض اليومية ، كما يتأكدان للرجال وأشدّهما تأكيداً لهم الاقامة ، بل ـ الأحوط استحباباً ـ لهم عدم تركها ، ولا يتأكدان بالنسبة للنساء.
( مسألة 255 ) : يسقط الأذان والأقامة في موارد منها ما يأتي:
( 1 ) ما إذا دخل في الجماعة التي اُذّن لها واقيم ، سواء كان الداخل هو الإمام أم المأموم.
( 2 ) ما إذا دخل المسجد للصلاة وقد انتهت صلاة الجماعة ولكن لم تتفرق صفوفها بعد ، فإنه إذا أراد الصلاة منفرداً لم يتأكد له الأذان والإقامة ـ بل ـ الأحوط الأولى ـ أن لا يأتي بالأذان إلاّ سرّاً ـ وإذا أراد اقامة جماعة اخرى لم يشرع له الأذان والأقامة ، ويشترط في السقوط وحدة المكان عرفاً وصحة الجماعة السابقة ، وان يكونوا قد اذنوا لصلاتهم واقاموا.
( 3 ) ما إذا سمع اقامة واذان غيره للصلاة ، فإنه يجزي عن اذانه واقامته فيما إذا لم يقع بين صلاته وبين ما سمعه من الأذان والاقامة فصل كثير ، ولافرق في ذلك بين أن يكون الآتي بهما اماماً أو مأموماً أو منفرداً.
( مسألة 256 ) : يسقط الأذان للصلاة الثانية من المشتركتين في الوقت إذا جمع بينهما عند استحباب الجمع ـ كما في الظهرين يوم عرفة في وقت صلاة الظهر ، والعشاءين ليلة العيد بمزدلفة في وقت صلاة العشاء ـ بل في مطلق موارده ، فمتى جمع بين الفرضين أداءً سقط أذان الثانية ، وكذا إذا جمع بين قضاء الفوائت في مجلس واحد فإنّه يسقط الأذان عما عدا الأولى ، ـ والاحوط وجوباً ـ تركه في الجميع بداعي المشروعية بل لا يؤتى به في الموردين الأولين مطلقاً ولو رجاءً.
( مسألة 257 ) : يعتبر في الأذان والإقامة النية والترتيب ، والموالاة ودخول الوقت ، ويعتبر في الإقامة الطهارة والقيام وينبغي عدم التكلم في أثنائهما ، ويكره التكلم بعد قوله ( قد قامت الصلاة ) إلاّ فيما يتعلق بالصلاة ، كتسوية الصف ونحوه.
كتاب الصلاة » أجزاء الصلاة وواجباتها
وهي امور:
( الأول ) النية ، وهي من الأركان ، فتبطل الصلاة بنقصانها ولو كان عن سهو ، ومعنى النية القصد إلى العمل متعبداً به ، أي باضافته إلى الله تعالى اضافة تذللية كالاتيان به بداعي امتثال امره ، ولا يعتبر التلفظ بها ولا الإخطار بالبال بل يكفي وجود الداعي القلبي ، نعم يعتبر فيها الاستمرار بمعنى انه لابد من وقوع جميع اجزاء الصلاة بالقصد المذكور بحيث لو التفت إلى نفسه لرأى انه يصلي عن قصد قربي ، كما يعتبر فيها الاخلاص؛ فإذا انضم الرياء إلى الداعي الالهي بطلت الصلاة ، وأما الضمائم الأخرى غير الرياء فان كانت راجحة ، أو مباحة وكان الداعي إليها قصد القربة ـ كما إذا اتى بالصلاة قاصداً تعليم الغير أيضاً قربة إلى الله تعالى ـ لم تضر بالصحة ، وأما إذا لم يكن الداعي إلى الضميمة قصد القربة أدّى ذلك إلى بطلان الصلاة ان لم يكن الداعي الالهي محركاً وداعياً بالاستقلال ، بل وان كان كذلك على ـ الاحوط لزوماً ـ .
( مسألة 258 ) : إذا تردد المصلي في اتمام صلاته ، أو عزم على قطعها ولو بعد ذلك أو نوى الاتيان بالقاطع مع الالتفات إلى كونه مبطلاً فان لم يأت بشيء من اجزائها في الحال ولم يأت بمبطل آخر جاز له الرجوع إلى نيته الأولى واتمام صلاته ، وأما إذا اتى ببعض الأجزاء ثم عاد إلى النية الاُولى فان قصد به جزئية الواجب وكان فاقداً للنية المعتبرة ، كما إذا اتى به بداعوية الأمر التشريعي بطلت صلاته ، وان لم يقصد به الجزئية فالبطلان موقوف على كونه فعلاً كثيراً ماحياً لصورة الصلاة ، أو مما تكون زيادته ولو بغير قصد الجزئية مبطلة ، وسيأتي ضابطه في احكام الخلل.
( مسألة 259 ) : إذا دخل في صلاة معينة ، ثم قصد بسائر الأجزاء صلاة أخرى غفلة واشتباهاً صحت صلاته على ما نواه اولاً ، ولا فرق في ذلك بين ان يلتفت إلى ذلك بعد الفراغ من الصلاة أو في اثنائها ، مثلاً: إذا شرع في فريضة الفجر ثم تخيل انه في نافلة الفجر فاتمها كذلك ، أو انه التفت إلى ذلك قبل الفراغ فاتمها على النية الأولى صحت صلاته.
( مسألة 260 ) : إذا شك في النية وهو في الصلاة ، فان علم بنيته فعلاً وكان شكه في الاجزاء السابقة مضى في صلاته ، كمن شك في نية صلاة الفجر حال الركوع مع علمه بانه قد اتى بالركوع بنية صلاة الفجر ، وأما إذا لم يعلم بنيته حتى فعلاً فلا بد له من اعادة الصلاة ، هذا في غير المترتبتين الحاضرتين ، وأما فيهما فلو لم يكن آتياً بالأولى أو شك في اتيانه بها وكان في وقت تجب عليه ، جعل ما بيده الاُولى وأتمها ثم أتى بالثانية.
كتاب الصلاة » تكبيرة الاحرام
( الثاني ) تكبيرة الاحرام ، وهي أيضاً من الأركان ، فتبطل الصلاة بنقصانها عمداً أو سهواً ، واما زيادتها السهوية فلا توجب البطلان.
( مسألة 261 ) : الواجب في التكبيرة ان يقول ( الله أكبر ) على النهج العربي مادة وهيئة ، فلو قال ( الله واكبر ) أو قال ( الله اكبار ) باشباع فتحة الباء حتى تولد الالف او شدّد راء ( اكبر ) بطل.
( مسألة 262 ) : الجاهل بالتكبيرة يلقنه غيره أو يتعلم ، فان لم يمكن ولو لضيق الوقت اجتزأ بما امكنه منها وان كان غلطاً ما لم يكن مغيراً للمعنى ، فان عجز جاء بمرادفها ، وان عجز فبترجمتها على ـ الأحوط وجوباً ـ في الصورتين الأخيرتين.
( مسألة 263 ) : الأخرس لعارض مع التفاته إلى لفظة التكبيرة يأتي بها على قدر ما يمكنه ، فان عجز حرك بها لسانه وشفتيه حين اخطارها بقلبه واشار باصبعه إليها على نحو يناسب تمثيل لفظها اذا تمكن منها على هذا النحو وإلاّ فبأيِّ وجه ممكن ، وأما الأخرس الأصم من الأول فيحرك لسانه وشفتيه تشبيهاً بمن يتلفظ بها مع ضم الاشارة بالاصبع إليها أيضاً ، وكذلك حالهما في القراءة وسائر اذكار الصلاة.
( مسألة 264 ) : يعتبر في تكبيرة الاحرام في الصلاة الفريضة القيام التام والاستقرار ومع عدم التمكن من أي منهما يسقط وجوبه ـ والأحوط وجوباً ـ رعاية الاستقلال أيضاً بان لا يتكئ على شيء مثل العصا مع التمكن من تركه ، وإذا دار الأمر بين القيام مستنداً والجلوس مستقلاً تعين الأول.
( مسألة 265 ) : إذا كبّر وهو غير قائم بطلت صلاته وان كان عن سهو ، ولا تبطل بعدم الاستقرار إذا لم يكن عن عمد.
( مسألة 266 ) : ـ الأحوط وجوباً ـ ان يكون القيام على القدمين جميعاً ولابأس بأن يجعل ثقله على إحداهما اكثر منه على الاُخرى ، ويعتبر ان لايكون التباعد بين الرجلين فاحشاً بحيث لا يصدق معه القيام عرفاً ، بل وان لم يخرج عن صدقه على ـ الأحوط لزوماً ـ .
( مسألة 267 ) : إذا لم يقدر على ما يصدق عليه القيام عرفاً بلحاظ حاله ـ ولو منحنياً أو منفرج الرجلين ـ كبّر وصلّى جالساً ، فان لم يتمكن صلى مضطجعاً على الجانب الايمن أو الأيسر ـ والأحوط لزوماً ـ تقديم الأيمن على الأيسر مع الإمكان ، فان لم يتمكن منهما صلّى مستلقياً على قفاه على وجه لو جلس كان وجهه إلى القبلة.
( مسألة 268 ) : إذا شك في تكبيرة الإحرام بعد الدخول في الاستعاذة أو القراءة لم يعتن به ، ويجب الاعتناء به قبله ، وإذا شك في صحتها بعد الفراغ منها لم يعتن به وان لم يدخل فيما بعدها.
( مسألة 269 ) : يجزي لإفتتاح الصلاة تكبيرة واحدة ، ويستحب الاتيان بسبع تكبيرات ـ والأحوط الأولى ـ ان يجعل السابعة تكبيرة الاحرام مع الاتيان بغيرها بقصد القربة المطلقة.
كتاب الصلاة » القراءة
( الثالث ) القراءة ، وهي واجبة في الصلاة ، ولكنها ليست بركن ، وهي عبارة عن قراءة سورة الفاتحة وسورة كاملة بعدها على ـ الأحوط لزوماً ـ إلاّ في المرض والاستعجال ، وكذا في ضيق الوقت والخوف ونحوهما من موارد الضرورة وان كانت عرفية ، فإنّه يجوز الاقتصار فيها على قراءة الحمد وترك السورة ، بل يجب ذلك في صورة ضيق الوقت وبعض موارد الخوف.
ومحل القراءة الركعة الاُولى والثانية من الفرائض اليومية ، وإذا قدم السورة على الحمد فإن كان متعمداً بطلت صلاته ، وان كان ناسياً وذكر قبل الركوع اعادها بعد الحمد ، وان كان قد ذكر بعد الركوع صحت صلاته.
( مسألة 270 ) : يجب أن يأتي بالقراءة صحيحة فيجب التعلم مع الامكان ، ومن لا يقدر على قراءة الحمد إلاّ على الوجه الملحون ولايستطيع ان يتعلم اجزأه ذلك إذا كان يحسن منه مقداراً معتداً به ، وإلاّ ـ فالأحوط لزوماً ـ ان يضم إلى قراءته ملحوناً قراءة شيء يحسنه من سائر القرآن ، وإلاّ فالتسبيح.
وأمّا القادر على التعلم إذا ضاق وقته عن تعلم جميعه فان تعلم بعضه بمقدار معتد به بحيث يصدق عليه ( قراءة القرآن ) عرفاً اجزأه ذلك ، وان لم يتعلم المقدار المذكور قرأ من سائر القرآن بذلك المقدار ، وان لم يعرف أجزأه ان يسبح ، وفي كلتا الصورتين إذا اتى بما سبق صحت صلاته ولايجب عليه الائتمام ، نعم من تهاون في تعلم القراءة مع القدرة عليه فهو وان صحت منه الصلاة على الوجه المتقدم إلاّ أنّه يجب عليه عقلاً الائتمام تخلصاً من العقاب.
هذا كله في الحمد ، واما السورة فتسقط عن الجاهل بها مع العجز عن تعلمها.
ثم ان الأنسب أن تكون القراءة على طبق المتعارف من القراءات السبع ، وتكفي القراءة على النهج العربي وان كانت مخالفة لها في حركة بنية أو اعراب ، نعم لا يجوز التعدي عن القراءات التي كانت متداولة في عصر الأئمة عليهم السلام فيما يتعلق بالحروف والكلمات ـ والأحوط الأولى ـ ترك الوقف بالحركة ، والوصل بالسكون في القراءة ، وكذا في سائر الأذكار.
( مسألة 271 ) : إذا نسي القراءة في الصلاة حتى ركع مضى في صلاته ولا شيء عليه ـ والأحوط الأولى ـ ان يسجد سجدتين للسهو بعد الصلاة.
( مسألة 272 ) : تجب قراءة البسملة في سورة الفاتحة لأنها جزء منها ، ـ والاحوط لزوماً ـ الاتيان بها في سائر السور ـ غير سورة التوبة ـ مع عدم ترتيب آثار الجزئية عليها ، كالاقتصار على قراءتها بعد الحمد في صلاة الآيات مثلاً.
( مسألة 273 ) : لا يجوز تفويت الوقت بقراءة السور الطوال ، فان قرأها ولو سهواً بطلت صلاته إذا استلزم عدم ادراك ركعة من الوقت ، بل وإن أدرك ركعة منه إذا أتى بالمقدار المفوّت عمداً ، بل وان شرع فيه عمداً على ـ الأحوط لزوماً ـ وأما ان أتى به سهواً وادرك ركعة من الوقت فصلاته صحيحة.
ومن قرأ في الصلاة الفريضة احدى سور العزائم حتى آية السجدة ، وجب عليه السجود للتلاوة فإن سجد اعاد صلاته على ـ الأحوط لزوماً ـ إلاّ إذا أتى به ساهياً ، وإن عصى ولم يسجد فله اتمام صلاته ولا تجب عليه الإعادة ، وهكذا الحكم فيما إذا قرأها نسياناً وتذكر بعد قراءة آية السجدة فإنه ان سجد نسياناً أيضاً اتم صلاته وصحت ، وان التفت قبل السجود جرى عليه ما تقدم في القراءة العمدية ، ومن قرأ احدى العزائم في الصلاة النافلة وجب عليه السجود اثناءها عند قراءة آية السجدة فيسجد ثم يعود إلى صلاته فيتمها ، ولا يجوز له تأخير السجدة حتى الفراغ منها.
( مسألة 274 ) : يجب السجود فوراً على من قرأ آية السجدة أو أصغى إلى قراءتها ، وأما من سمعها بغير اختيار فلا يجب عليه السجود ، ولو استمع إلى آية السجدة وهو في صلاة الفريضة ـ فالاحوط لزوماً ـ ان يومي إلى السجدة وهو في الصلاة ، ثم يأتي بها بعد الفراغ منها.
( مسألة 275 ) : يجوز قراءة أكثر من سورة في الركعة الواحدة من الصلاة ، ولكن يكره ذلك في الفريضة.
( مسألة 276 ) : لا يكره القران بين سورتي ( الفيل ) و( الإيلاف ) وكذا بين سورتي ( الضحى ) و( الم نشرح ) ، بل ـ الأحوط وجوباً ـ عدم الاجتزاء بواحدة منهما في الصلاه فيجمع بينهما مرتّبة مع البسملة الواقعة بينهما.
( مسألة 277 ) : لا يجب تعيين البسملة حين قراءتها وانها لاَي سورة ، ولكن لو عينها لسورة ثم اراد قراءة غيرها ـ فالاحوط لزوماً ـ اعادتها.
( مسألة 278 ) : يجوز العدول اختياراً من سورة إلى سورة اخرى ما لم يبلغ نصفها ، والا لم يجز العدول على ـ الأحوط لزوماً ـ هذا في غير سورتي ( التوحيد والكافرون ) وأما فيهما فلا يجوز العدول عنهما إلى سورة اخرى وإن لم يبلغ النصف ، ويستثنى من هذا الحكم مورد واحد وهو ما إذا قصد المصلي في يوم الجمعة قراءة سورة الجمعة في الركعة الأولى وقراءة سورة المنافقون في الركعة الثانية إلاّ أنّه ذهل عما نواه فقرأ سورة اخرى وبلغ النصف ، أو قرأ سورة التوحيد أو الكافرون بدل إحداهما فإنّه يجوز له ان يعدل حينئذ إلى ما نواه ـ والأحوط لزوماً ـ عدم العدول عن سورتي التوحيد والكافرون يوم الجمعة فيما إذا شرع فيهما عمداً ، كما ـ ان الأحوط لزوماً ـ عدم العدول عن سورتي الجمعة والمنافقون يوم الجمعة إلى غيرهما حتى إلى سورتي التوحيد والكافرون ، نعم لا بأس بالعدول إلى إحداهما مع الضرورة والحكم نفسه في النوافل أيضاً.
( مسألة 279 ) : إذا لم يتمكن المصلي من اتمام السورة لضيق الوقت عن اتمامها ـ فالاحوط لزوماً ـ ان يعدل إلى سورة اخرى وان كان قد بلغ النصف منها ، وأما إذا كان عدم تمكنه من الاتمام لنسيان بعض السورة فيجوز له الاكتفاء بما قرأ كما يجوز له العدول إلى سورة اخرى وان بلغ النصف ، أو كان ما شرع فيه سورة التوحيد أو الكافرون.
( مسألة 280 ) : يجب المدّ عند علماء التجويد في موردين:
1 ـ ان يقع بعد الواو المضموم ما قبلها ، أو الياء المكسور ما قبلها ، أو الألف المفتوح ، ما قبلها سكون لازم في كلمة واحدة مثل ( اتحآجّوني ) وفواتح السور كـ ( ص ).
2 ـ ان تقع بعد أحد تلك الحروف همزة في كلمة واحدة ، مثل جآء وجَيء ، وسَوء ، ولا تتوقف صحة القراءة على المدّ في شيء من الموردين ، وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ رعايته ولا سيما في الأول ، نعم إذا توقف عليه اداء الكلمة كما في ( الضالّين ) حيث يتوقف التحفظ على التشديد والألف على مقدار من المد وجب بهذا المقدار لا ازيد.
( مسألة 281 ) : إذا اجتمع حرفان متجانسان اصليان في كلمة واحدة وجب الادغام ( كمدّ ، وردّ ) إلاّ فيما ثبت فيه جواز القراءة بوجهين كقوله تعالى ( من يرتدّد منكم عن دينه ) ـ والأحوط الأولى ـ الادغام فيما إذا وقعت النون الساكنة أو التنوين قبل حروف يرملون ( ي ر م ل و ن ).
( مسألة 282 ) : لا يجب شيء من المحسنات التي ذكرها علماء التجويد ، بل ان بعضاً منها لا يخلو عن اشكال وهذا كالإدغام في كلمتي ( سلككم ) و ( خلقكم ) بادغام الكاف أو القاف في الكاف.
( مسألة 283 ) : يجب ـ على الأحوط ـ على الرجل فيما إذا صلى منفرداً أو كان اماماً ان يجهر بالقراءة في فريضة الفجر وفي الركعتين الاوليين من المغرب والعشاء ، وان يخافت بها في الظهرين ، ويستحب له الجهر بالبسملة فيهما ، ويأتي حكم قراءة المأموم في احكام صلاة الجماعة ، ويجب ـ على الأحوط ـ على المرأة أن تخفت في الظهرين ، وتتخير في غيرهما مع عدم سماع الأجنبي صوتها ، وأما معه ـ فالأحوط وجوباً ـ خفوتهن فيما إذا كان الاسماع محرماً كما إذا كان موجباً للريبة ، والعبرة في الجهر والخفوت بالصدق العرفي.
( مسألة 284 ) : ـ الأحوط وجوباً ـ الجهر بالقراءة في صلاة الجمعة ويستحب ذلك في الأوليين من صلاة الظهر يوم الجمعة.
( مسألة 285 ) : إذا جهر في القراءة موضع الخفوت ، أو خفت موضع الجهر ـ جهلاً منه بالحكم أو نسياناً ـ صحت صلاته ، وإذا علم بالحكم أو تذكر اثناء القراءة صح ما مضى ويأتي بوظيفته في الباقي.
( مسألة 286 ) : لا بأس بقراءة الحمد والسورة في المصحف في الفرائض والنوافل ، سواء أتمكن من الحفظ أو الائتمام ، أو المتابعة للقارئ ام لم يتمكن من ذلك ، وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ الاقتصار في ذلك على حال الاضطرار ، ولا بأس بقراءة الأدعية والاَذكار في القنوت وغيره في المصحف وغيره.
( مسألة 287 ) : يتخير المصلي ـ إماماً كان أم مأموماً ـ في الركعة الثالثة من المغرب ، وفي الأخيرتين من الظهرين والعشاء بين قراءة الحمد والتسبيح ـ والأحوط لزوماً ـ الخفوت بهما في هذه الركعات ، ولكن يجوز بل يستحب الجهر بالبسملة فيما إذا اختار قراءة الحمد إلاّ في القراءة خلف الإمام فان ـ الأحوط لزوماً ـ ترك الجهر بالبسملة فيها ، ويجزي في التسبيح ان يقول: ( سبحان الله والحمد لله ولا اله إلاّ الله والله اكبر ) مرة واحدة ، ـ والأحوط استحباباً ـ ثلاث مرات ، والأولى الاستغفار بعد التسبيحات ولو بان يقول ( اللهم اغفر لي ) .
( مسألة 288 ) : إذا لم يتمكن من التسبيح تعيَّن عليه قراءة الحمد.
( مسألة 289 ) : يجوز التفريق في الركعتين الأخيرتين بأن يقرأ في إحداهما فاتحة الكتاب ويُسبّح في الاُخرى.
( مسألة 290 ) : من نسي قراءة الحمد في الركعة الأولى والثانية ـ فالأحوط الأولى ـ أن يختارها على التسبيحات في الركعة الثالثة أو الرابعة.
( مسألة 291 ) : من نسي القراءة أو التسبيحة حتى ركع فلا شي عليه ، ـ والاحوط الأولى ـ ان يسجد سجدتين للسهو بعد الصلاة.
( مسألة 292 ) : حكم القراءة والتسبيحات من جهة اعتبار القيام والطمأنينة والاستقلال فيها كما مر في تكبيرة الاحرام ، وما ذكرناه من الفروع هناك يجري بتمامه هنا ، غير انهما يفترقان من جهتين:
(1) إذا نسي القيام حال القراءة أو التسبيح فقرأ أو سبح جالساً فان تذكره قبل الركوع ـ فالأحوط وجوباً ـ أن يتداركه ، وان تذكر بعد ما قام وركع عن قيام صحت صلاته.
(2) إذا لم يتمكن من القيام في تمام القراءة أو التسبيح وجب القيام فيهما بالمقدار الممكن فإذا عجز جلس ، وكذلك إذا لم يتمكن من الجلوس في تمام القراءة ، أو الاضطجاع على الجانب الأيمن ، أو الأيسر على الترتيب الذي ذكرناه في المسألة (267).
( مسألة 293 ) : إذا شك في القراءة فان كان شكه في صحتها ـ بعد الفراغ منها ـ لم يعتن بالشك ، وكذلك إذا شك في نفس القراءة بعدما هوى إلى الركوع أو دخل في القنوت ، وأما إذا شك فيها قبل ذلك لزمت عليه القراءة.
( مسألة 294 ) : إذا شك في قراءة الحمد ـ بعدما دخل في السورة ـ لم يعتن بالشك ، وكذا إذا دخل في جملة وشك في جملة سابقة عليها.
كتاب الصلاة » الرکوع
(الرابع) الركوع ، وهو من الأركان أيضاً ، وتبطل الصلاة بنقيصته عمداً أو سهواً ، وكذلك تبطل الفريضة بزيادته عمداً ، بل وسهواً على ـ الأحوط لزوماً ـ إلاّ في صلاة الجماعة ـ على تفصيل يأتي ان شاء الله تعالى ـ ويجب الركوع في كل ركعة مرة واحدة إلاّ في صلاة الآيات ، ففي كل ركعة منها خمسة ركوعات ، وسيأتي بيان ذلك ان شاء الله تعالى.
كتاب الصلاة » واجبات الرکوع
يجب في الركوع أمور:
(الأول): ان يكون الإنحناء بمقدار تصل اطراف الأصابع إلى الركبة ، فلا يكفى الانحناء دون ذلك في الرجل ، وكذا في المرأة على ـ الأحوط لزوماً ـ والأحوط الأفضل للرجل ان ينحني بمقدار تصل راحته إلى ركبته ـ ومن كانت يده طويلة ، أو قصيرة يرجع في مقدار الانحناء إلى مستوي الخلقة.
(الثاني): القيام قبل الركوع ، وتبطل الصلاة بتركه عمداً ، وفي تركه سهواً صورتان:
(1) أن يتذكر القيام المنسي بعد دخوله في السجدة الثانية ، أو بعد الفراغ منها ، ففي هذه الصورة تبطل الصلاة أيضاً على ـ الأحوط لزوماً ـ.
(2) ان يتذكره قبل دخوله في السجدة الثانية فيجب عليه حينئذٍ القيام ثم الركوع وتصح صلاته ، ـ والأحوط استحباباً ـ ان يسجد سجدتي السهو إذا كان تذكره بعد دخوله في السجدة الأولى.
( مسألة 295 ) : إذا لم يتمكن من الركوع عن قيام وكانت وظيفته الصلاة قائماً يومي إليه برأسه ان امكن ، والا فيومي بعينيه تغميضاً له وفتحاً للرفع منه.
( مسألة 296 ) : إذا شك في القيام قبل الركوع فان كان شكه في حال كونه منحنياً بمقدار الركوع لم يعتن به ومضى في صلاته ، وان كان قبل ذلك لزمه الإنتصاب ثم الركوع.
(الثالث): الذكر ، من تسبيح أو تحميد أو تكبير أو تهليل ـ والأحوط الأولى ـ اختيار التسبيح ، ويجزى فيه (سبحان ربي العظيم وبحمده) مرة واحدة او (سبحان الله) ثلاث مرات ، ولو اختار غير التسبيح ـ فالأحوط وجوباً ـ ان يكون بقدر الثلاث الصغريات من التسبيح.
( مسألة 297 ) : يعتبر المكث في حال الركوع بمقدار اداء الذكر الواجب ، كما يعتبر فيه استقرار بدن المصلي ، فلا يجوز الاخلال به مع القدرة عليه قبل رفع الرأس منه ولو في حال عدم الاشتغال بالذكر الواجب على ـ الأحوط لزوماً ـ وإذا نسي الذكر أو الاستقرار حتى رفع راسه من الركوع صحت صلاته ولا شيء عليه ، وإذا تذكر عدم الاستقرار وهو في حال الركوع اعاد الذكر على ـ الأحوط الأولى ـ .
(الرابع): القيام بعد الركوع ، ويعتبر فيه الانتصاب وكذا الطمأنينة على ـ الأحوط لزوماً ـ وإذا نسيه حتى خرج عن حد الركوع لم يلزمه الرجوع وان كان ذلك ـ أحوط استحباباً ـ ما لم يدخل في السجود.
( مسألة 298 ) : إذا شك في الركوع أو في القيام بعده وقد دخل في السجود لم يعتن بشكه ، وكذلك إذا شك في الركوع وقد هوى إلى السجود أو شك في القيام وقد هوى إليه كان ـ الأحوط استحباباً ـ فيه الرجوع وتدارك القيام المشكوك فيه.
( مسألة 299 ) : إذا نسي الركوع حتى دخل في السجدة الثانية بطلت صلاته على الأحوط ، وان تذكره قبل ذلك رجع وتداركه ـ والأحوط الأولى ـ أن يسجد سجدتي السهو لزيادة السجدة الواحدة.
( مسألة 300 ) : من كان على هيئة الراكع في اصل الخلقة ، أو لعارض فان تمكن من القيام منتصباً ولو بأن يتكئ على شيء لزمه ذلك قبل الركوع ، وإلاّ فان تمكن من الانتصاب بمقدار يصدق عرفاً على الانحناء بعده عنوان الركوع ولو في حقه تعين ذلك ، وإلا اومأ للركوع برأسه وإن لم يمكن فبعينيه ، وما ذكر من وجوب القيام التام ولو بالاستعانة والقيام الناقص مع عدم التمكن يجري في حال التكبيرة والقراءة والقيام بعد الركوع أيضاً ، ومع عدم التمكن من الجميع يقدم القيام قبل الركوع على غيره ، ومع دوران الأمر بين القيام حال التكبيرة ، والقيام حال القراءة ، أو بعد الركوع يقدم الأول.
( مسألة 301 ) : يعتبر في الانحناء ان يكون بقصد الركوع ، فلو انحنى بمقداره لا بقصد الركوع بل لغاية اخرى ـ كرفع شيء من الأرض ـ لا يكفي في جعله ركوعاً.
( مسألة 302 ) : إذا انحنى للركوع فهوى إلى السجود نسياناً ففيه صور اربع:
(1) أن يكون نسيانه قبل ان يصل إلى حد الركوع ، ويلزمه حينئذٍ الانتصاب قائماً والانحناء للركوع.
(2) أن يكون نسيانه بعد الدخول في الركوع ولكنه لم يخرج عن حد الركوع حين هويه إلى السجود ، ويلزمه حينئذٍ ان يبقى على حاله ولا يهوي اكثر من ذلك ويأتي بالذكر الواجب.
(3) أن يكون نسيانه بعد توقفه شيئاً ما في حد الركوع بقصده ، بان نسي حاله فهوى الى السجود حتى خرج عن حد الركوع ، ففي هذه الصورة صح ركوعه ، ويجري عليه حكم ناسي ذكر الركوع والقيام بعده.
(4) أن يكون نسيانه قبل توقفه في حد الركوع حتى هوى إلى السجود وخرج عن حد الركوع ، فيلزمه ان يرجع إلى القيام ثم ينحني إلى الركوع ثانياً ـ والأحوط استحباباً ـ في هذه الصورة اعادة الصلاة أيضاً.
كتاب الصلاة » السجود
(الخامس): السجود ، ويجب في كلِّ ركعة سجدتان ، وهما معاً من الأركان ، فتبطل الصلاة بنقيصتهما عمداً أو سهواً ، كما تبطل الفريضة بزيادتهما عمداً ، بل وسهواً أيضاً على ـ الأحوط وجوباً ـ وسيأتي حكم زيادة السجدة الواحدة ونقصانها.
ويجب في السجود أمور:
(الأول): وضع المساجد السبعة على الأرض: وهي الجبهة ، والكفان والركبتان ، والابهامان من الرجلين ، وتتقّوم السجدة بوضع الجبهة ـ أو ما يقوم مقامها من الوجه كما سيأتي ـ على المسجَد مع الانحناء الخاص ، وأما وضع غيرها من الأعضاء المذكورة على مساجدها فهو وان كان واجباً حال السجود الا انه ليس بركن ، فلا يضر بالصلاة تركه من غير عمد وان كان الترك في كلتا السجدتين.
( مسألة 303 ) : لا يعتبر في مسجَد الجبهة اتصال اجزائها ، فيجوز السجود على السبحة إذا كانت مصنوعة مما يصح السجود عليه.
( مسألة 304 ) : الواجب وضعه على المسجَد من الجبهة مسماها ولو بقدر طرف الأنملة ـ والأحوط وجوباً ـ وضع المسمى من وسط الجبهة (اي السطح المحاط بخطين موهومين متوازيين بين الحاجبين إلى الناصية) والواجب وضعه من الكفين استيعاب باطنهما عرفاً مع الامكان على ـ الأحوط وجوباً ـ ومن الركبتين بمقدار المسمى ، ومن الابهامين وضع المسمى ولو من ظاهرهما ، او باطنهما وإن كان ـ الأحوط استحباباً ـ وضع طرفيهما ، ولا يعتبر في وضع هذه المواضع ان يجعل ثقله عليها ازيد من المقدار الذي يصدق معه السجود عليها عرفاً ، ويعتبر ان يكون السجود على النحو المتعارف ، فلو وضعها على الأرض وهو نائم على وجهه لم يجزه ذلك ، نعم لا بأس بالصاق الصدر والبطن بالأرض حال السجود ، ـ والأحوط استحباباً ـ تركه.
( مسألة 305 ) : يشترط في الكفين وضع باطنهما مع الاختيار ، ومع الضرورة يجزي الظاهر ، والأحوط وجوباً ـ لمن قطعت يده من الزند ـ أو لم يتمكن من وضع كفه لسبب آخر ان يضع ما هو الأقرب إلى الكف فالاَقرب من الذراع والعضد ، ولمن قطع ابهام رجله ان يضع سائر اصابعها.
(الثاني): أن لا يكون مسجَد الجبهة أعلى من موضع الركبتين والابهامين ولا أسفل منه بما يزيد على اربعة اصابع مضمومة ، ولا يترك الاحتياط بمراعاة ذلك بين المسجَد والموقف أيضاً ، فلو وضع جبهته على مكان مرتفع لعذر من سهو أو غيره فان لم يصدق عليه السجود عرفاً لزمه ان يرفع رأسه ويسجد ، وان صدق عليه ذلك فان التفت بعد الذكر الواجب لم يجب عليه الجر إلى الموضع المساوي ، وان التفت قبله وجب عليه الجر والاتيان بالذكر بعده ، وان لم يمكن الجر إليه اتى به في هذا الحال ومضى في صلاته.
(الثالث): يعتبر في مسجَد الجبهة ان يكون من الأرض أو نباتها غير ما يؤكل أو يلبس ، فلا يصح السجود على الحنطة والشعير والقطن ونحو ذلك.
نعم لا بأس بالسجود على ما يأكله الحيوان من النبات ، وعلى النبات الذي لا يؤكل بنفسه بل يشرب الماء الذي ينقع أو يطبخ فيه ، كاصل السوس وعنب الثعلب ، وورد لسان الثور ، وورق الشاي ، كما يصح السجود على ورق الكرم بعد أوان اكله ، وعلى قشر الجوز ، أو اللوز بعد انفصاله عن اللب ، وعلى نواة التمر وسائر النوى حال انفصالها عن الثمرة.
ويصح السجود اختياراً على القرطاس المتخذ من الخشب ونحوه مما يصح السجود عليه ، بل يصح السجود على القرطاس المتخذ من القطن أو الكتان ايضاً ، دون المتخذ من غيرهما مما لا يصحّ السجود عليه كالحرير.
والسجود على الأرض أفضل من السجود على غيرها ، والسجود على التراب افضل من السجود على غيره ، وافضل من الجميع التربة الحسينية على مشرفها الآف التحية والسلام.
ولا يصح السجود على الذهب والفضة وسائر الفلزات ، وعلى الزجاج والبلور ، وعلى ما ينبت على وجه الماء ، وعلى الرماد وغير ذلك مما لا يصدق عليه الأرض أو نباتها.
ـ والأحوط لزوماً ـ عدم السجود على القير والزفت ، ولكن يقدّمان على غيرهما عند الاضطرار.
ويصحّ السجود على الفحم والخزف والآجر ، وعلى الجص والنورة ولو بعد طبخهما ، وعلى المرمر والعقيق ، والفيروزج والياقوت ، والماس ونحوها من الأحجار الكريمة.
( مسألة 306 ) : لا يصح السجود على ما يؤكل في بعض البلدان إذا عدّ مأكولاً في غيره وان لم يتعارف اكله.
( مسألة 307 ) : إذا لم يتمكن من السجود على ما يصح السجود عليه لفقدانه أو من جهة الحر أو البرد ، أو غير ذلك سجد على القير أو الزفت ، فان لم يتيسر له سقط هذا الشرط لعدم ثبوت بدل خاص له ، وإن كان ـ الأحوط استحباباً ـ تقديم ثوبه على غيره.
( مسألة 308 ) : إذا سجد سهواً على ما لا يصح السجود عليه والتفت في الأثناء فان كان ذلك بعد الاتيان بالذكر الواجب مضى ولا شيء عليه ، وان كان قبله فان تمكن من جر جبهته إلى ما يصح السجود عليه فعل ذلك ومع عدم الامكان يتم سجدته وتصح صلاته.
( مسألة 309 ) : لا بأس بالسجود على ما لا يصح السجود عليه اختياراً حال التقية ، ولا يجب التخلص منها بالذهاب إلى مكان آخر ، ولا تأخير الصلاة إلى زوال سببها.
(الرابع): يعتبر الاستقرار في المسجَد ، فلا يجزي وضع الجبهة على الوحل والطين أو التراب الذي لا تتمكن الجبهة عليه ، ولا بأس بالسجود على الطين إذا تمكنت الجبهة عليه ، ولكن إذا لصق بها شيء من الطين أزاله للسجدة الثانية إذا كان مانعاً عن مباشرة الجبهة للمسجد.
(الخامس): يعتبر في مسْجَد الجبهة الطهارة وكذا الإباحة على الأحوط لزوماً ، وتجزي طهارة الطرف الذي يسجد عليه ، ولا تضر نجاسة الباطن أو الطرف الآخر ، واللازم طهارة المقدار الذي يعتبر وقوع الجبهة عليه في السجود ، فلا بأس بنجاسة الزائد عليه ، وقد تقدم الكلام في اعتبار الاباحة في مكان المصلي في المسألة (211).
(السادس): يجب الذكر في السجود ، والحال فيه كما ذكرناه في ذكر الركوع ، إلاّ أن التسبيحة الكبرى هنا ( سبحان ربي الأعلى وبحمده ) .
(السابع): يجب الجلوس بين السجدتين ، وأما جلسة الاستراحة بعد السجدة الثانية فوجوبها مبني على الاحتياط.
(الثامن): يعتبر المكث في حال السجود بمقدار اداء الذكر الواجب ، كما يعتبر فيه استقرار بدن المصلي ، فلا يجوز الاخلال به مع القدرة عليه قبل رفع الرأس منه ولو في حال عدم الاشتغال بالذكر الواجب على ـ الأحوط لزوماً ـ نعم لا بأس بتحريك بعض الأطراف كاصابع اليد ما لم يضر بصدق الاستقرار عرفاً ـ والأحوط الأولى ـ اعادة الذكر لو تحرك حاله من غير عمد.
( مسألة 310 ) : من لم يتمكن من الانحناء التام للسجود فان امكنه الانحناء بحد يصدق معه السجود عرفاً وجب عليه ان يرفع ما يسجد عليه إلى حد يتمكن من وضع الجبهة عليه ، فان لم يتمكن من الانحناء بذلك المقدار أومأ برأسه للسجود وجعل ايماءه له اكثر من ايمائه للركوع ـ ولايلزمه رفع ما يصح السجود عليه إلى الجبهة وان كان أولى ـ ومع العجز عنه أومأ بعينيه غمضاً له وفتحاً للرفع منه.
( مسألة 311 ) : إذا ارتفعت الجبهة من المسجد قهراً فان كان في السجدة الاولى اتى بالسجدة الثانية ، وان كان في السجدة الثانية مضى في صلاته ولا شيء عليه ، وإذا ارتفعت الجبهة قهراً ثم عادت كذلك لم يحسب سجدتين ، نعم إذا كان الارتفاع قبل الاتيان بالذكر ـ فالأحوط استحباباً ـ ان يأتي به بعد العود لا بقصد الجزئية.
( مسألة 312 ) : إذا كان بجبهته دمل أو نحوه مما لا يتمكن من وضعه على الأرض ولو من غير اعتماد لتعذر أو تعسّر أو تضرر ، فان لم يستغرق الجبهة سجد على الموضع السليم ولو بان يحفر حفيرة ليقع السليم على الأرض ـ والأحوط وجوباًـ تقديم وسط الجبهة ، وقد مر بيانه في المسألة (301) ، وان استغرقها وضع شيئاً من وجهه على الأرض ـ والأحوط لزوماً ـ تقديم الذقن على الجبينين ـ أي طرفي الجبهة بالمعنى الأعم ـ وتقديمهما على غيرهما من أجزاء الوجه ، فإن لم يتمكن من وضع شيء من الوجه ولو بعلاج أومأ برأسه ، أو بعينه ، على التفصيل المتقدم.
( مسألة 313 ) : من نسي السجدتين حتى دخل في الركوع بعدهما بطلت صلاته على ـ الأحوط لزوماً ـ وان تذكرهما قبل ذلك رجع وتداركهما ، ومن نسي سجدة واحدة فان تذكرها قبل الركوع رجع وتداركها ، وان ذكرها بعد ما دخل في الركوع مضى في صلاته وقضاها بعد الصلاة.
( مسألة 314 ) : من نسي السجدتين من الركعة الأخيرة حتى سلم ، فان ذكرهما قبل ان يأتي بما ينافي الصلاة عمداً وسهواً كالحدث رجع وتداركهما واتم صلاته وسجد سجدتين لزيادة السلام سهواً على ـ الأحوط وجوباً ـ وأما إذا ذكرهما بعد الإتيان بشيء من المنافيات بطلت صلاته.
( مسألة 315 ) : من نسي سجدة من الركعة الأخيرة وذكرها بعد السلام قبل الاتيان بما ينافي الصلاة عمداً وسهواً رجع وتداركها واتم صلاته وسجد سجدتي السهو لزيادة السلام سهواً على ـ الأحوط وجوباً ـ وإذا ذكرها بعد الإتيان بالمنافي قضاها ـ والأحوط استحباباً ـ ان يأتي بسجدتي السهو.
( مسألة 316 ) : من نسي وضع عضو من الأعضاء السبعة ـ غير الجبهة ـ على الأرض وذكره بعد رفع الجبهة صحت صلاته ولا شيء عليه.
( مسألة 317 ) : إذا ذكر ـ بعد رفع الرأس من السجود ـ ان مسْجَده لم يكن مما يصح السجود عليه ، أو انه كان أعلى أو أسفل من موضع ركبتيه مثلاً بما يزيد على اربع اصابع مضمومة مضى في صلاته ولا شيء عليه.
( مسألة 318 ) : إذا نسي الذكر أو الطمأنينة حال السجود وذكره بعد رفع الرأس من السجود صحت صلاته.
( مسألة 319 ) : إذا نسي الجلسة بين السجدتين حتى سجد الثانية صحت صلاته.
كتاب الصلاة » التشهد
(السادس) التشهد ، وهو واجب في الركعة الثانية في جميع الصلوات ، وفي الركعة الثالثة من صلاة المغرب ، وفي الرابعة من الظهرين والعشاء ، ولكل من صلاة الاحتياط ـ وان كانت ركعة واحدة ـ وصلاة الوتر إذا اتى بها منفصلة كما هو الأفضل تشهد واحد ، ـ والأحوط لزوماً ـ في كيفيته ان يقول ( اشهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، واشهد ان محمداً عبده ورسوله ، اللهم صل على محمّد وآل محمد ) ويجب تعلم التشهد مع الامكان ولو بان يتبع غيره فيلقنه ، وإذا لم يتمكن لضيق الوقت ونحوه من التعلم اتى بما يقدر عليه مع صدق الشهادة عليه وبترجمة الباقي على ـ الأحوط لزوماً ـ .
( مسألة 320 ) : يجب في التشهد أُمور:
(1) أداؤه صحيحاً.
(2) الجلوس حاله مع القدرة عليه ، ولا تعتبر في الجلوس كيفية خاصة.
(3) الطمأنينة عند اشتغاله بالذكر.
(4) الموالاة بين اجزائه ، بان يأتي بها متعاقبة على نحو يصدق عليه عنوان التشهد ، ولا يضر الفصل بينها بالأذكار المأثورة.
( مسألة 321 ) : إذا نسي التشهد الأول وذكره قبل ان يدخل في الركوع الذي بعده لزمه الرجوع لتداركه ، ولو تذكره بعد الدخول في الركوع مضى في صلاته ويأتي بسجدتي السهو بعدها ـ والأحوط استحباباً ـ أن يقضى التشهد أيضاً ، وإذا نسي الجلوس في التشهد الأول تداركه مع الامكان بان كان تذكره قبل الدخول في الركوع ، والا مضى في صلاته ـ والأحوط استحباباً ـ أن يأتي بعدها بسجدتي السهو ، واذا نسي الطمأنينة فيه ـ فالأحوط الأولى ـ تداركها مع التمكن ومع عدمه فلا شيء عليه ، وإذا نسي التشهد الأخير حتى سلم فان ذكره قبل الاتيان بما ينافي الصلاة رجع وتداركه ثم اتى بسجدتي السهو للسلام الزائد على ـ الأحوط وجوباً ـ وان ذكره بعد الاتيان بالمنافي فعليه سجدتا السهو فقط.
( مسألة 322 ) : إذا تشهد فشك في صحته لم يعتن بشكه ، وكذا إذا شك في الاتيان بالشهادتين حال ( الصلاة على محمد وآل محمد ) أو شك في مجموع التشهد والصلاة على محمد وآله ، أو في خصوص الصلاة عليهم بعدما قام ، أو في حال النهوض أو حين السلام ، فانه لا يعتنى بشكه في مثل ذلك.
كتاب الصلاة » السلام
(السابع): السلام ، وهو واجب في كل صلاة وآخر أجزائها ، ويعتبر اداؤه صحيحاً حال الجلوس مع الطمأنينة كما في التشهد ، وله صيغتان هما ( السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ) و( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) ويكفي في الصيغة الثانية ( السلام عليكم ) بحذف الباقي ـ والأحوط وجوباً ـ عدم ترك هذه الصيغة وان اتى بالأولى ، ويستحب الجمع بينهما وان يقول قبلهما ( السلام عليك أيها النبيُّ ورحمة الله وبركاته ) .
( مسألة 323 ) : من نسي السلام تداركه إذا ذكره قبل أن يأتي بشيء من منافيات الصلاة ، وان ذكره بعد ذلك كأن يذكره بعدما صدر منه الحدث ، أو بعد فصل طويل مخل بهيئة الصلاة صحت صلاته ولا شيء عليه ، وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ اعادتها.
( مسألة 324 ) : إذا شك في صحة السلام ـ بعد الاتيان به ـ لم يعتن بالشك ، وكذلك إذا شك في اصله بعدما دخل في صلاة اخرى ، أو اتى بشيء من المنافيات ، أو اشتغل بالتعقيب. وإلاّ لزمه التدارك.
كتاب الصلاة » الترتيب والموالاة
يجب الاتيان بواجبات الصلاة مرتبة على النحو الذي ذكرناه ، فاذا خالف الترتيب عمداً بطلت صلاته ، وقد تقدم حكم المخالفة سهواً في المسائل المتقدمة ، وتجب الموالاة بين اجزاء الصلاة بأن يؤتى بها متوالية على نحو ينطبق على مجموعها عنوان الصلاة ، ولا يضر بالموالاة تطويل الركوع أو السجود أو القنوت ، أو الاكثار من الأذكار ، أو قراءة السور الطوال ونحو ذلك.
كتاب الصلاة » القنوت
يستحب القنوت مرة واحدة في جميع الصلوات اليومية ـ فريضة كانت أو نافلة ـ بل في جميع النوافل غير الشفع فان ـ الأحوط لزوماً ـ الاتيان به فيها رجاءً ، ويستحب القنوت في صلاة الجمعة مرتين: مرة في الركعة الأولى قبل الركوع ، ومرة في الركعة الثانية بعده ، ويتعدد القنوت في صلوات العيدين والآيات ، ومحله في بقية الصلوات قبل الركوع من الركعة الثانية. وفي صلاة الوتر قبل ما يركع ، ويتأكد استحباب القنوت في الصلوات الجهرية ، ولا سيما صلاة الفجر وصلاة الجمعة.
( مسألة 325 ) : لا يعتبر في القنوت ذكر مخصوص ، ويكفي فيه كل دعاء أو ذكر ، وفي تحقق وظيفة القنوت بالدعاء الملحون ، أو بغير العربية اشكال وان كان لا يقدح ذلك في صحة الصلاة ، والأولى ان يجمع فيه بين الثناء على الله والصلاة على النبي وآله والدعاء لنفسه وللمؤمنين ، نعم قد وردت اذكار خاصة في بعض النوافل فلتطلب من مظانها.
( مسألة 326 ) : من نسي القنوت حتى ركع يستحب له أن يأتي به بعد الركوع ، وان ذكره بعدما سجد يستحب أن يأتي به بعد الصلاة.
كتاب الصلاة » مبطلات الصلاة
مبطلات الصلاة أحد عشر أمراً:
1 ـ ان تفقد الصلاة شيئاً من اجزائها او شروطها ، على التفصيل المتقدم في المسائل المتعلقة بها.
2 ـ ان يحدث المصلي أثناء صلاته ولو في الآنات المتخللة فانه يوجب بطلانها ولو كان وقوعه سهواً أو اضطراراً بعد السجدة الأخيرة على ـ الأحوط لزوماً ـ وقد تقدم حكم دائم الحدث في مسائل الطهارة ، كما مر حكم ناسي السلام حتى احدث في المسألة (323).
3 ـ التكفير على الأحوط لزوماً ـ في غير حال التقية ـ سواء قصد به الجزئية أم لا ، والتكفير هو ان يضع المصلي احدى يديه على الاُخرى خضوعاً وتأدباً ، ولا بأس بالوضع المزبور لغرض آخر كالحك ونحوه.
4 ـ الالتفات عن القبلة من دون عذر بحيث يوجب الاخلال بالاستقبال المعتبر في الصلاة ، وأما الالتفات عن عذر كسهو أو قهر كريح ونحوه ، فإما أن يكون فيما بين اليمين واليسار ، وإما أن يكون أزيد من ذلك ومنه ما يبلغ حد الاستدبار.
أمّا الأول: فلا يوجب الاعادة ـ فضلاً عن القضاء ـ ولكن إذا زال العذر في الأثناء لزم التوجه إلى القبلة فوراً.
وأما الثاني: فيوجب البطلان في الجملة: فان الساهي إذا تذكر في وقت يتسع للاستيناف ولو بإدراك ركعة من الوقت وجبت عليه الاعادة وإلا فلا ، وان تذكر بعد خروج الوقت لم يجب عليه القضاء ، وأما المقهور فان تمكن من ادراك ركعة بلا التفات وجب عليه الاستيناف وان لم يتمكن أتم صلاته ولا يجب عليه قضاؤها.
هذا في الالتفات عن القبلة بكل البدن ، ويشترك معه في الحكم الالتفات بالوجه إلى جهة اليمين أو اليسار التفاتاً فاحشاً بحيث يوجب ليّ العنق ورؤية جهة الخلف في الجملة ، واما الالتفات اليسير الذي لا يخرج معه المصلي عن كونه مستقبلاً للقبلة فهو لا يضر بصحة الصلاة وان كان مكروهاً.
5 ـ التكلم في الصلاة متعمداً ، ويتحقق بالتلفظ ولو بحرف واحد إذا كان مفهماً إما لمعناه مثل (ق) أمراً من الوقاية ، أو لغيره كما لو تلفظ بـ (ب) للتلقين ، أو جواباً عمن سأله عن ثاني حروف المعجم ، وأما التلفظ بغير المفهم مطلقاً فلا يترك الاحتياط بالاجتناب عنه إذا كان مركباً من حرفين فما زاد ، ولا فرق فيما ذكر بين صورتي الاختيار والاضطرار على ـ الأحوط لزوماً ـ بمعنى ان مبطلية التكلم الاضطراري فيما إذا لم يكن ماحياً لصورة الصلاة تبتني على الاحتياط.
وقد استثني من مبطلية التكلم ما إذا سلَّم شخص على المصلي فانه يجب عليه ان يرد سلامه بمثله بأن لا يزيد عليه ، وكذا لا يقدم الظرف إذا سلَّم عليه مع تقديم السلام على ـ الأحوط وجوباً ـ بل الأحوط الأولي أن يكون الرد مماثلاً للسلام في جميع خصوصياته حتى في التعريف والتنكير والجمع والإفراد فإذا قال ( السلام عليك ) ردّه بمثله ، وكذلك إذا قال ( سلام عليك ) أو ( سلام عليكم ) أو ( السلام عليكم ) نعم لو سلم عليه بصيغة الجواب اي (عليكم السلام) تخير بين الرد بالمثل وتقديم السلام.
ثم ان هذا الاستثناء يختص بما إذا وجب الرد على المصلي ، وأما فيما إذا لم يجب عليه كان رده مبطلاً لصلاته ، وهذا كما إذا لم يقصد المسلِّم بسلامه تحية المصلي وانما قصد به أمراً آخر من استهزاء أو مزاح ونحوهما ، وكما إذا سلَّم المسلِّم على جماعة منهم المصلي فرد عليه واحد منهم فانه لو ردّ المصلي عليه سلامه بطلت صلاته على ـ الاحوط لزوماً ـ.
( مسألة 327 ) : لا بأس بالدعاء في الصلاة ولكن ـ الاحوط لزوماً ـ عدم مخاطبة الغير به كقوله (غفر الله لك) ، كما لا بأس بذكر الله سبحانه وبقراءة القرآن فيها ، ولا يندرج شيء من ذلك في الكلام المبطل.
( مسألة 328 ) : لا تبطل الصلاة بالتكلم أو بالسلام فيها سهواً ، وانما تجب بذلك على الاحوط سجدتان للسهو بعد الصلاة.
6 ـ القهقهة متعمداً ، وهي تبطل الصلاة وان كانت بغير اختيار إذا كانت مقدمتها اختيارية ، بل وان كانت غير اختيارية على ـ الأحوط لزوماً ـ إذا وسع الوقت للاعادة وإلاّ لم تبطل الصلاة ، كما لا تبطل بها إذا كانت عن سهو ، والقهقهة هي الضحك المشتمل على الصوت والمدّ والترجيع.
7 ـ البكاء متعمداً لأمر من امور الدنيا ، فانه يبطل الصلاة ـ على الأحوط ـ سواء المشتمل منه على الصوت وغير المشتمل عليه ، وسواء ما كان عن اختيار وما كان بدونه على التفصيل المتقدم في القهقهة ، ولا تبطل الصلاة به إذا كان عن سهو كما لا بأس به اختياراً إذا كان لأمر اخروي كالخوف من العذاب ، أو الطمع في الجنة ، او كان خضوعاً لله سبحانه ولو لأجل طلب امر دنيوي ، وكذلك البكاء لشيء من مصائب اهل البيت سلام الله عليهم لأجل التقرب به إلى الله.
8 ـ كل عمل يخلّ بهيئة الصلاة عند المتشرعة ، ومنه الأكل والشرب إذا كان على نحو تنمحي به صورة الصلاة ، ولا فرق في بطلان الصلاة بذلك بين العمد والسهو ـ والأحوط لزوماً ـ الاجتناب عن الأكل والشرب في الصلاة وان لم يكونا ماحيين للصورة. نعم لا بأس بابتلاع السكر المذاب في الفم وما تخلف من الطعام في فضاء الفم أو خلال الاسنان ، كما لا بأس ايضاً بالأعمال اليسيرة كالإيماء باليد ، أو التصفيق للتنبيه على أمر ما ، وكحمل الطفل أو ارضاعه ، وعد الركعات بالحصى ، ونحوها فان كل ذلك لا يضر بالصلاة كما لا يضر بها قتل الحية أو العقرب.
( مسألة 329 ) : من كان مشتغلا بالدعاء في صلاة الوتر عازماً على الصوم جاز له أن يتخطى إلى الماء الذي امامه بخطوتين أو ثلاث ليشربه إذا خشي مفاجأة الفجر وهو عطشان ، بل يجوز ذلك في غير حال الدعاء بل في كل نافلة.
9 ـ التأمين ، وهو قول (آمين) بعد قراءة سورة الفاتحة ، وهو مبطل للصلاة إذا اتى به المأموم عامداً في غير حال التقية وأما إذا أتى به سهواً أو في حال التقية فلا بأس به ، وأما غير المأموم فبطلان صلاته به مبني على الاحتياط اللزومي ، نعم لا اشكال في حرمته تشريعاً إذا اتى به بعنوان الوظيفة المقررة في المحل شرعاً.
10 ـ الشك في عدد الركعات على تفصيل سيأتي.
11 ـ الزيادة العمدية ، فانها تبطل الصلاة سواء قصد بها الجزئية أم لا وسواء أكان قولاً أم فعلاً ، من اجزاء الصلاة ام مسانخاً لها غير ذكر الله تعالى وذكر رسوله صلى الله عليه وآله والقرآن والدعاء ، وتبطل الصلاة أيضاً بزيادة جزء فيها سهواً إذا كان ركعة ، بل ولو كان ركوعاً أو سجدتين من ركعة واحدة على ـ الأحوط لزوماً ـ وإلاّ فلا تبطل.
كتاب الصلاة » احكام الشك في الصلاة
( مسألة 330 ) : من شك في الاتيان بصلاة في وقتها لزمه الاتيان بها ، ولا يعتني بالشك إذا كان بعد خروج الوقت ويستثنى من ذلك الوسواسي فانه لا يعتني بشكة ولو في الوقت ، وكذلك كثير الشك.
( مسألة 331 ) : من شك في الاتيان بصلاة الظهر ـ بعد ما صلى العصر ـ أو شك في الاتيان بصلاة المغرب ـ بعدما صلى العشاء ـ لزمه الاتيان بها.
( مسألة 332 ) :من شك في الاتيان بالظهرين ولم يبق من الوقت الا مقدار فريضة العصر لزمه الاتيان بها ـ والأحوط لزوماً ـ قضاء صلاة الظهر أيضاً ، ولو كان عالماً بعدم اداء صلاة العصر كفاه الاتيان بها ولم يجب عليه قضاء صلاة الظهر ، وكذلك الحال في العشائين.
( مسألة 333 ) : من شك في صحة صلاته بعد الفراغ منها لم يعتن بشكه ، وكذا إذا شك في صحة جزء من الصلاة بعد الاتيان به ، وكذا إذا شك في اصل الإتيان به بعد ما دخل فيما لا ينبغي الدخول فيه شرعاً مع الإخلال بالمشكوك فيه عمداً ، وأما إذا كان الشك قبل الدخول فيه لزمه الإتيان بالمشكوك فيه ( وقد مر تفصيل ذلك في مسائل واجبات الصلاة ) .
كتاب الصلاة » الشك في عدد الركعات
إذا شك المصلي في عدد ركعات الصلاة جاز له قطعها واستينافها ، ولا يلزمه علاج ما هو قابل للعلاج إذا لم يستلزم محذور فوات الوقت والا لم يجز له ذلك ـ والأحوط وجوباً ـ عدم الاستيناف قبل الاتيان باحد القواطع كالاستدبار مثلاً ، وما يذكر في المسائل الثلاث الآتية في بيان كيفية العلاج فيما يقبل العلاج من الشكوك انما يتعين العمل به في خصوص ما اذا استلزم القطع والاستيناف فوات الوقت.
( مسألة 334 ) : من شك في صلاة الفجر أو غيرها من الصلوات الثنائية أو في صلاة المغرب ـ ولم يحفظ عدد ركعاتها ـ فان غلب ظنه على أحد طرفي الشك بنى عليه ، وإلاّ بطلت صلاته.
( مسألة 335 ) : من شك في عدد ركعات الصلوات الرباعية فان غلب ظنه على احد الطرفين بنى عليه ، والا فإن كان شكه بين الواحدة والأزيد ، أو بين الاثنتين والأزيد قبل الدخول في السجدة الثانية بطلت صلاته ، وإلاّ عمل بوظيفة الشاك في المواضع التالية:
1 ـ من شك بين الإثنين والثلاث بعد الدخول في السجدة الثانية ( بوضع الجبهة على المسجد ولو قبل الشروع في الذكر ) بنى على الثلاث وأتمّ صلاته ثم أتى بركعة من قيام احتياطاً.
2 ـ من شك بين الثلاث والاَربع ـ أينما كان الشك ـ بنى على الأربع ، وأتمّ صلاته ثم أتى بركعتين من جلوس أو بركعة من قيام.
3 ـ من شك بين الإثنين والأربع بعد الدخول في السجدة الثانية بنى على الأربع وأتى بركعتين من قيام بعد الصلاة.
4 ـ من شك بين الاثنين والثلاث والأربع بعد الدخول في السجدة الثانية بنى على الأربع وأتمّ صلاته ، ثم أتى بركعتين قائماً ثم بركعتين جالساً.
5 ـ من شك بين الأربع والخمس ـ بعد الدخول في السجدة الثانية ـ بنى على الأربع وسجد سجدتي السهو بعد الصلاة ولا شيء عليه ، ويجري هذا الحكم في كل مورد يكون الطرف الأقل هو الأربع كالشك بينها وبين الست ، كما يكفى في كل مورد شك فيه بين الأربع والأقل منها والأزيد بعد الدخول في السجدة الثانية العملُ بموجب الشكين بالبناء على الأربع والاتيان بصلاة الاحتياط لاحتمال النقيصة ، ثم بسجدتي السهو لاحتمال الزيادة.
6 ـ من شك بين الأربع والخمس ـ حال القيام ـ هدم قيامه واتى بوظيفة الشاك بين الثلاث والأربع.
7 ـ من شك بين الثلاث والخمس ـ حال القيام ـ هدم قيامه واتى بوظيفة الشاك بين الاثنتين والأربع.
8 ـ من شك بين الثلاث والأربع والخمس ـ حال القيام ـ هدم قيامه واتى بوظيفة الشاك بين الاثنتين والثلاث والأربع.
9 ـ من شك بين الخمس والست ـ حال القيام ـ هدم قيامه واتى بوظيفة الشاك بين الأربع والخمس بعد الدخول في السجدة الثانية ، ـ والأحوط الأولى ـ في المواضع الأربعة الأخيرة أن يسجد سجدتي السهو بعد صلاة الاحتياط لأجل القيام الذي هدمه.
( مسألة 336 ) : إذا شك في صلاته ، ثم انقلب شكه الى الظن ـ قبل ان يتم صلاته ـ لزمه العمل بالظن ، ولا يعتني بشكه الأول ، واذا ظن ثم انقلب إلى الشك لزمه ترتيب أثر الشك ، وإذا انقلب ظنه إلى ظن آخر ، أو انقلب شكه إلى شك آخر لزمه العمل على طبق الظن أو الشك الثاني ، وعلى الجملة يجب على المصلي أن يراعي حالته الفعلية ولا عبرة بحالته السابقة ، مثلاً: إذا ظن ان ما بيده هي الركعة الرابعة ثم شك في ذلك لزمه العمل بوظيفة الشاك ، وإذا شك بين الاثنتين والثلاث فبنى على الثلاث ثم انقلب شكه إلى الظن بانها الثانية عمل بظنه ، وإذا انقلب إلى الشك بين الاثنتين والأربع لزمه ان يعمل بوظيفة الشك الثاني ، وإذا ظن ان ما بيده الركعة الثانية ، ثم تبدل ظنه بالظن بانها الثالثة بنى على انها الثالثة وأتم صلاته.
كتاب الصلاة » الشكوك التي لا يعتني بها في الصلاة
لا يعتنى بالشك في ستة مواضع:
1 ـ ما إذا كان الشك بعد الفراغ من العمل ، كما إذا شك بعد القراءة في صحتها ، أو شك بعدما صلى الفجر في انها كانت ركعتين أو أقل أو أكثر.
2 ـ ما إذا كان الشك بعد خروج الوقت ، كما إذا شك في الاتيان بصلاة الفجر بعدما طلعت الشمس.
3 ـ ما إذا كان الشك في الاتيان بجزء بعدما دخل فيما لا ينبغي الدخول فيه شرعاً مع الاخلال بالمشكوك فيه عمداً سواء أكان جزءاً أم غيره.
4 ـ ما إذا كثر الشك ، فإذا شك في الاتيان بواجب بنى على الاتيان به ، كما إذا شك بين السجدة والسجدتين ، فانه يبني ـ حينئذٍ ـ على انه اتى بسجدتين ، وإذا شك في الاتيان بمفسد بنى على عدمه ، كمن شك كثيراً في صلاة الفجر بين الاثنتين والثلاث فانه يبني على انه لم يأت بالثالثة ويتم صلاته ولا شيء عليه ، ولا فرق في عدم الاعتناء بالشك إذا كثر بين ان يتعلق بالركعات ، أو الأجزاء ، أو الشرائط ، وعلى الجملة: لا يعتنى بشك كثير الشك ويبني معه على صحة العمل المشكوك فيه ، وتتحقق كثرة الشك بعروض الشك أزيد مما يتعارف عروضه للمشاركين مع صاحبه في اغتشاش الحواس وعدمه زيادة معتداً بها عرفاً ، فإذا كان الشخص في الحالات العادية لا تمضي عليه ثلاث صلوات إلا ويشك في واحدة منها فهو من أفراد كثير الشك.
ثم ان كثرة الشك ان اختصت بموضع بان كانت من خواصه وسماته ، فلا بد من ان يعمل فيما عداه بوظيفة الشاك كغيره من المكلفين ، مثلاً: إذا كانت كثرة شكه في خصوص الركعات لم يعتن بشكه فيها ، فإذا شك في الاتيان بالركوع أو السجود أو غير ذلك مما لم يكثر شكه فيه لزمه الاتيان به إذا كان الشك قبل الدخول في الغير ، وأما إذا لم يكن كذلك كما إذا تحقق مسمى الكثرة في فعل معين كالركوع ، ثم شك في فعل آخر أيضاً كالسجود فالظاهر عدم الاعتناء به أيضاً.
5 ـ ما إذا شك الامام وحفظ عليه المأموم وبالعكس ، فاذا شك الامام بين الثلاث والأربع ـ مثلاً ـ وكان المأموم حافظاً لم يعتن الامام بشكه ورجع إلى المأموم ، وكذلك العكس ، ولا فرق في ذلك بين الشك في الركعات والشك في الأفعال ، فإذا شك المأموم في الاتيان بالسجدة الثانية ـ مثلاً ـ والامام يعلم بذلك رجع المأموم إليه ، وكذلك العكس.
( مسألة 337 ) : لا فرق في رجوع الشاك من الامام أو المأموم إلى الحافظ منهما بين ان يكون حفظه على نحو اليقين ، وان يكون على نحو الظن ، فالشاك منهما يرجع إلى الظان كما يرجع إلى المتيقن ، وإذا اختلفا بالظن واليقين عمل كل منهما بوظيفته ، مثلاً: إذا ظن المأموم في الصلوات الرباعية ان ما بيده هي الثالثة ، وجزم الامام بأنها الرابعة وجب على المأموم ان يضم إليها ركعة متصلة ، ولا يجوز له ان يرجع إلى الامام.
( مسألة 338 ) : إذا اختلف الامام والمأموم في جهة الشك فان لم تكن بينهما جهة مشتركة عمل كل منهما بوظيفته ، كما إذا شك المأموم بين الاثنتين والثلاث ، وشك الامام بين الأربع والخمس ، وإلاّ بأن كانت بينهما جهة مشتركة أخذ بها ، والغى كل منهما جهة الامتياز من طرفه ، مثلاً: إذا شك الامام بين الثلاث والأربع وكان شك المأموم بين الاثنتين والثلاث بنيا على الثلاث فان المأموم يرجع إلى الامام في ان ما بيده ليست بالثانية والامام يرجع إلى المأموم في انها ليست بالرابعة ، ولا حاجة حينئذٍ إلى صلاة الاحتياط.
6 ـ ما إذا كان الشك في عدد ركعات النافلة ، فان هذا الشك لا يعتنى به ، والمصلي يتخير بين البناء على الأقل والبناء على الأكثر فيما إذا لم يستلزم البطلان ، ويتعين البناء على الأقل فيما إذا استلزمه ، كما إذا شك بين الاثنتين والثلاث ، والأفضل البناء على الأقل في موارد التخيير ، هذا في غير صلاة الوتر ، وأما فيها فالأحوط اعادتها إذا شك فيها.
( مسألة 339 ) : يعتبر الظن في عدد الركعات من الفريضة وكذلك في النافلة على ـ الأحوط لزوماً ـ بمعنى انه لا يتخير معه في البناء على الأقل والأكثر ، ولا عبرة بالظن فيما إذا تعلق بالأفعال في النافلة أو الفريضة.
( مسألة 340 ) : إذا وجبت النافلة لعارض ـ كنذر وشبهه ـ جرى عليها حكم الشك في النافلة.
( مسألة 341 ) : إذا ترك في صلاة النافلة ركناً ـ سهواً ـ ولم يمكن تداركه بطلت ، ولا تبطل بزيادة الركن فيها سهواً.
كتاب الصلاة » صلاة الاحتياط
صلاة الاحتياط هي ما يؤتى بها بعد الصلاة تداركاً للنقص المحتمل فيها ، ويعتبر فيها أُمور:
1 ـ أن يؤتى بها بعد الصلاة قبل الاتيان بشيء من منافياتها ، وإلاّ لم تصح على ـ الأحوط لزوماً ـ.
2 ـ أن يؤتى بها تامة الأجزاء والشرائط على النحو المعتبر في اصل الصلاة ، غير أن صلاة الاحتياط ليس لها أذان ولا اقامة وليس فيها سورة ـ غير فاتحة الكتاب ـ ولا قنوت.
3 ـ أن يخفت في قراءتها على ـ الأحوط لزوماً ـ وان كانت الصلاة الأصلية جهرية ، ـ والأحوط الأولى ـ الخفوت في البسملة أيضاً.
( مسألة 342 ) : من أتى بشيء من المنافيات قبل صلاة الاحتياط لزمته إعادة أصل الصلاة على ـ الأحوط لزوماً ـ ولا حاجة معها إلى صلاة الاحتياط.
( مسألة 343 ) : إذا علم قبل ان يأتي بصلاة الاحتياط ان صلاته كانت تامة سقط وجوبها ، وإذا علم انها كانت ناقصة وعلم مقدار النقص لزمه تدارك ما نقص ، ثم الاتيان بسجدتي السهو لزيادة السلام على ـ الأحوط لزوماً ـ .
( مسألة 344 ) : إذا علم بعد صلاة الاحتياط نقص صلاته بالمقدار المشكوك فيه لم تجب عليه الاعادة ، وقامت صلاة الاحتياط مقامه ، مثلاً إذا شك بين الثلاث والأربع فبنى على الأربع وأتم صلاته ، ثم تبين له بعد صلاة الاحتياط ان صلاته كانت ثلاثاً صحت صلاته وكانت الركعة من قيام أو الركعتان من جلوس بدلاً عن الركعة الناقصة.
( مسألة 345 ) : إذا شك في الاتيان بصلاة الاحتياط فان كان شكه بعد خروج الوقت لم يعتن بشكه ، وأما إذا كان بعد الاتيان بما ينافي الصلاة عمداً وسهواً ـ فالأحوط لزوماً ـ استيناف الصلاة.
( مسألة 346 ) : إذا شك في عدد الركعات من صلاة الاحتياط بنى على الأكثر إلاّ إذا استلزم البناء عليه بطلانها فيبني حينئذٍ على الأقل ، مثلاً: إذا كانت وظيفة الشاك الاتيان بركعتين احتياطاً ، فشك فيها بين الواحدة والاثنتين بنى على الاثنتين ، وإذا كانت وظيفته الاتيان بركعة واحدة ، وشك فيها بين الواحدة والاثنتين بنى على الواحدة.
( مسألة 347 ) : إذا شك في شيء من افعال صلاة الاحتياط جرى عليه حكم الشك في افعال الصلاة الاصلية.
( مسألة 348 ) : إذا نقص ركناً من صلاة الاحتياط ـ عمداً أو سهواً ـ او زاده فيها عمداً بطلت كما في الصلاة الأصلية ، وهكذا فيما إذا زاد ركناً فيها سهواً على ـ الأحوط لزوماً ـ ويجتزي حينئذٍ باعادة اصل الصلاة ، ولا تجب سجدتا السهو بزيادة غير الأركان أو نقصانه فيها سهواً.
كتاب الصلاة » قضاء الاجزاء المنسية
( مسألة 349 ) : من ترك سجدة واحدة سهواً ولم يمكن تداركها في الصلاة قضاها بعدها ـ والأحوط الأولى ـ أن يأتي بسجدتي السهو أيضاً ، ويجري هذا الحكم فيما إذا كان المنسي سجدة واحدة في اكثر من ركعة ، ويعتبر في قضاء السجدة ما يعتبر في ادائها من الطهارة والاستقبال وغير ذلك.
( مسألة 350 ) : ـ الاحوط وجوباً ـ في قضاء السجدة ان يؤتى بها بعد الصلاة قبل صدور ما ينافيها ، ولو صدر المنافي جاز الاكتفاء بقضائها وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ اعادة الصلاة أيضاً.
( مسألة 351 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ تقديم قضاء السجدة على الاتيان بسجدتي السهو لأي سبب كان ، كما ان ـ الأحوط لزوماً ـ تقديم صلاة الاحتياط على قضاء السجدة لو وجبا جميعاً على المكلف.
( مسألة 352 ) : من شك في الاتيان بقضاء السجدة قبل خروج وقت الصلاة وجب الاتيان بها ، وهكذا إذا كان الشك بعد خروج الوقت على الأحوط لزوماً.
( مسألة 353 ) : إذا نسي قضاء السجدة وتذكر بعد الدخول في صلاة فريضة تخير بين قطع الصلاة وقضاء السجدة وبين تأخير قضائها إلى ما بعد الصلاة ، وان تذكر بعد الدخول في صلاة نافلة قضاها في اثنائها وله البناء على صلاته.
كتاب الصلاة » سجود السهو
تجب سجدتان للسهو في موارد ، ولكن لا تتوقف صحة الصلاة على الاتيان بهما ، وهذا الموارد هي:
(1) ما إذا تكلم في الصلاة سهواً على ـ الأحوط لزوماً ـ.
(2) ما إذا سلّم في غير موضعه على ـ الأحوط لزوماً ـ كما إذا اعتقد ان ما بيده هي الركعة الرابعة فسلم ثم انكشف انها كانت الثانية ، والمراد بالسلام هو جملة ( السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ) او جملة ( السلام عليكم ) مع اضافة ( ورحمة الله وبركاته ) او بدونها ، وأمّا جملة ( السلام عليك أيها النبيُّ ورحمة الله وبركاته ) فزيادتها سهواً لا توجب سجدتي السهو.
(3) ما إذا نسي التشهد في الصلاة ، على ما مر في المسألة (349).
(4) ما إذا شك بين الأربع والخمس أو ما بحكمه ، على ما مر في المسألة (332).
(5) ما إذا علم اجمالاً ـ بعد الصلاة ـ انه زاد فيها او نقص ، مع كون صلاته محكومة بالصحة فانه يسجد سجدتي السهو على ـ الأحوط لزوماً ـ .
ـ والأحوط الأولى ـ ان يأتي بسجدتي السهو فيما لو نسي سجدة واحدة كما مر في المسألة (349) ، وفيما إذا قام في موضع الجلوس أو جلس في موضع القيام سهواً ، بل ـ الأحوط الأولى ـ ان يسجد لكل زيادة ونقيصة.
( مسألة 354 ) : إذا تعدد ما يوجب سجدتي السهو لزم الاتيان بهما بتعداده ، نعم إذا سلم في غير موضعه بكلتا الجملتين المتقدمتين ، او تكلم سهواً بكلام طويل لم يجب الاتيان بسجدتي السهو الا مرة واحدة.
( مسألة 355 ) : تجب المبادرة الى سجدتي السهو ، ولو أخرهما عمداً لم تسقطا على ـ الأحوط وجوباً ـ فيأتي بهما فوراً ففوراً ، ولو أخرهما نسياناً اتى بهما متى تذكر.
( مسألة 356 ) : كيفية سجدتي السهو أن ينوي ثم يسجد ـ ولا حاجة إلى التكبير قبل السجود وان ـ كان احوط استحباباً ـ ثم يرفع رأسه ويجلس ثم يسجد ثم يرفع رأسه ويتشهد تشهد الصلاة ، ثم يقول ( السلام عليكم ) والأولى ان يضيف اليه جملة ( ورحمة الله وبركاته ) كما ان ـ الأحوط استحباباً ـ ان يقول في كل من السجدتين ( بسم الله وبالله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ) .
( مسألة 357 ) : ـ الأحوط وجوباً ـ في سجود السهو ان يكون على ما يصح السجود عليه في الصلاة ، ولا تعتبر فيه بقية شرائط السجود أو الصلاة وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ رعايتها.
( مسألة 258 ) : من شك في تحقق ما يوجب سجدتي السهو لم يعتن به ، ومن شك في الاتيان بهما مع العلم بتحقق موجبهما وجب عليه الاتيان بهما مع عدم فوات المبادرة بل ـ الأحوط لزوماً ـ الاتيان بهما مع فوات المبادرة أيضاً.
( مسألة 359 ) : إذا علم بتحقق ما يوجب سجدتي السهو وشك في الأقل والأكثر بنى على الأقل ، مثلاً: إذا علم انه سلّم في غير موضعه ولم يدر انه كان مرة واحدة أو مرتين ، او احتمل انه تكلم ايضاً لم يجب عليه إلا الاتيان بسجدتي السهو مرة واحدة.
( مسألة 360 ) : إذا شك في الاتيان بشيء من أجزاء سجدتي السهو وجب الاتيان به ان كان شكه قبل تجاوز محله ، والا لم يعتن به ، وكذا لا يعتني به إذا كان الشك بعد الفراغ.
( مسألة 361 ) : إذا شك ولم يدر أنّه أتى بسجدتين أو ثلاث لم يعتن به ، سواء شك قبل دخوله في التشهد أم شك بعده ، وإذا علم أنه أتى بثلاث اعاد سجدتي السهو.
( مسألة 362 ) : إذا نسي سجدة واحدة من سجدتي السهو فإن أمكنه التدارك بان ذكرها قبل ان يتحقق فصل طويل لزمه التدارك ، والا أتى بسجدتي السهو من جديد.
كتاب الصلاة » صلاة الجماعة
تستحب الجماعة في الصلوات اليومية ، ويتأكد استحبابها في صلاة الفجر وفي العشاءين ، وينبغي تقديم الأفضل ففي الحديث ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله ) إمام القوم وافدهم إلى الله تعالى ، فقدّموا في صلاتكم أفضلكم ) ، وكلما زاد عدد الجماعة زاد فضلها ، وتجب الجماعة في صلاة الجمعة كما تقدم في بيان شرائط صلاة الجمعة.
( مسألة 363 ) : قد تجب الجماعة في الصلوات اليومية ، وهو في موارد:
(1) ما إذا أمكن المكلف تصحيح قراءته وتسامح حتى ضاق الوقت عن التعلم والصلاة ، وقد تقدم في المسألة (270).
(2) ما إذا ابتلي المكلف بالوسواس لحدّ تبطل معه الصلاة كلما صلى وتوقف دفعه على أن يصلي جماعة.
(3) ما إذا لم يسع الوقت ان يصلي فرادى ووسعها جماعة ، كما إذا كان المكلف بطيئاً في قراءته أو لأمر آخر غير ذلك.
(4) ما إذا تعلق النذر أو اليمين أو العهد ونحو ذلك بأداء الصلاة جماعة ، واذا أمر أحد الوالدين ولده بالصلاة جماعة ـ فالأحوط الأولى ـ امتثاله.
كتاب الصلاة » موارد مشروعية الجماعة
تشرع الجماعة في جميع الفرائض اليومية ، وان اختلفت صلاة الامام وصلاة المأموم من حيث الجهر والخفوت ، أو القصر والتمام ، أو القضاء والأداء ، ومن هذا القبيل ان تكون صلاة الامام ظهراً وصلاة المأموم عصراً وبالعكس وكذلك في العشاءين.
( مسألة 364 ) : لا تشرع الجماعة فيما إذا اختلفت صلاة الامام وصلاة المأموم في النوع كالصلوات اليومية ، والآيات ، والأموات ، نعم يجوز أن يأتم في صلاة الآيات بمن يصلي تلك الصلاة وان اختلفت الآيتان ، بأن كانت إحدى الصلاتين للكسوف اداءً ، والاُخرى للخسوف قضاءً ، أو بالعكس ولم تثبت مشروعية الائتمام في صلاة الطواف ولا في صلاة الآيات في غير الكسوفين ولو كان بمن يصلي تلك الصلاة ، فلا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك.
( مسألة 365 ) : لا يجوز الائتمام في الصلوات اليومية بمن يصلي صلاة الاحتياط ـ والأحوط وجوباً ـ ترك الائتمام في صلاة الاحتياط حتى بمن يصلي صلاة الاحتياط وان كان الاحتياط في كلتي الصلاتين من جهة واحدة ، فإذا شك كل من الامام والمأموم بين الثلاث والأربع وبنيا على الأربع انفرد كل منهما في صلاة الاحتياط على ـ الأحوط وجوباً ـ .
( مسألة 366 ) : يجوز لم يريد اعادة صلاته من جهة الاحتياط الوجوبي أو الاستحبابي ان يأتم فيها ، ولا يجوز لغيره ان يأتم به فيها ، ويستثنى من هذا الحكم ما إذا كانت كل من صلاتي الامام والمأموم احتياطية وكانت جهة احتياط الامام جهةً لاحتياط المأموم أيضاً ، كما إذا صلّيا عن وضوء بماء مشتبه بالمضاف غفلة ولزمتهما اعادة الوضوء والصلاة للاحتياط الوجوبي ، أو صلّيا مع المحمول النجس اجتهاداً أو تقليداً وأرادا اعادة الصلاة للاحتياط الاستحبابي ، ففي مثل ذلك يجوز لأحدهما أن يأتم بالآخر في صلاته.
( مسألة 367 ) : لا تشرع الجماعة في النوافل الأصلية ـ على ـ الأحوط لزوماً ـ في بعض مواردها ـ ولا فرق في ذلك بين ما وجبت بنذر أو شبهه وغيره ، كما لا فرق بين أن يكون كل من صلاتي الامام والمأموم نافلة ، وان تكون إحداهما نافلة ، وتستثنى من ذلك صلاة الاستسقاء فان الجماعة مشروعة فيها ، وكذا لا بأس بها فيما صار مستحباً بالعارض فتجوز في صلاة العيدين مع عدم توفر شرائط الوجوب.
( مسألة 368 ) : يجوز لمن يصلي عن غيره ـ تبرعاً أو استيجاراً ـ ان يأتم فيها مطلقاً ، كما يجوز لغيره ان يأتم به إذا علم فوت الصلاة عن المنوب عنه.
( مسألة 369 ) : من صلى منفرداً استحب له أن يعيد صلاته جماعة ـ اماماً ، أو مأموماً ـ ويشكل جوازه فيما إذا صلّيا منفردين ثم أرادا اعادتها جماعة بائتمام احدهما بالآخر من دون ان يكون في الجماعة من لم يؤد فريضته ، بل يشكل ذلك أيضاً لمن صلى جماعة ـ اماماً أو مأموماً ـ فاراد أن يعيدها جماعة.
كتاب الصلاة » شرائط الامامة
تعتبر في الإمامة أُمور:
1 ـ بلوغ الإمام: فلا يجوز الائتمام بالصّبي حتى للصّبي ، نعم يحتمل جواز الائتمام بالبالغ عشراً ولكن ـ الأحوط لزوماً ـ تركه.
2 ـ عقله: فلا يجوز الاقتداء بالمجنون وان كان ادوارياً ، نعم لا بأس بالاقتداء به حال إفاقته.
3 ـ إيمانه ، وعدالته: وقد مرّ تفسير العدالة في المسألة (20) ، ويكفي في احرازها حسن الظاهر ، وتثبت بشهادة عدلين ، وبالشياع المفيد لليقين ، أو الاطمينان ، بل يثبت بالاطمينان الحاصل من أي منشأ عقلائي كشهادة عدل واحد.
4 ـ طهارة المولد: فلا يجوز الائتمام بولد الزنا.
5 ـ صحة قراءته: فلا يجوز ائتمام من يجيد القراءة بمن لا يجيدها وان كان معذوراً في عمله ، بل لا يجوز ائتمام من لا يجيد القراءة بمثله اذا اختلفا في المحل بل ـ الأحوط لزوماً ـ تركه مع اتحاد المحل أيضاً ، نعم لا بأس بالائتمام بمن لا يجيد القراءة في غير المحل الذي يتحمله الامام عن المأموم ، كأن يأتم به في الركعة الثانية بعد أن يركع ، أو في الركعتين الأخيرتين ، كما لا بأس بالائتمام بمن لا يجيد الأذكار كذكر الركوع والسجود والتشهد والتسبيحات الأربع إذا كان معذوراً من تصحيحها.
6 ـ ذكورته: إذا كان المأموم ذكراً ، ولا بأس بائتمام المرأة بالمرأة ، وإذا أمتّ المرأة النساء ـ فالأحوط وجوباً ـ ان تقف في صفهن دون ان تتقدم عليهن.
7 ـ أن لا يكون ممن جرى عليه الحد الشرعي على ـ الأحوط وجوباً ـ .
8 ـ أن تكون صلاته عن قيام إذا كان المأموم يصلي عن قيام ، ولا بأس بإمامة الجالس للجالسين ـ والأحوط وجوباً ـ عدم الائتمام بالمستلقي أو المضطجع ـ وان كان المأموم مثله ـ وعدم ائتمامهما بالقائم والقاعد.
9 ـ توجهه إلى الجهة التي يتوجه إليها المأموم ، فلا يجوز لمن يعتقد ان القبلة في جهة أن يأتم بمن يعتقد انها في جهة اُخرى ، نعم يجوز ذلك إذا كان الاختلاف بينهما يسيراً تصدق معه الجماعة عرفاً.
10 ـ صحة صلاة الامام عند المأموم ، فلا يجوز الائتمام بمن كانت صلاته باطلة بنظر المأموم اجتهاداً أو تقليداً ، مثال ذلك.
(1) إذا تيمم الامام في موضع باعتقاد ان وظيفته التيمم فلا يجوز لمن يعتقد ان الوظيفة في ذلك الموضع هي الوضوء أو الغسل ان يأتم به.
(2) إذا علم ان الإمام نسي ركناً من الأركان لم يجز الاقتداء به وان لم يعلم الامام به ولم يتذكره.
(3) إذا علم ان الماء الذي توضأ به الامام كان نجساً لم يجز له الاقتداء به وان كان الامام يعتقد طهارته ، نعم إذا علم بنجاسة بدن الامام أو لباسه ـ وهو جاهل به ـ جاز ائتمامه به ولا يلزمه إخباره وذلك لأن صلاة الامام حينئذٍ صحيحة في الواقع ، وبهذا يظهر الحال في سائر موارد الاختلاف بين الامام والمأموم فيما إذا كان المأموم يعتقد صحة صلاة الإمام بالنسبة اليه لكون الخلل الواقع فيها مما لا يضر بالصحة مع الاعتماد فيه على حجة شرعية ومن أمثلة ذلك:
(1) إذا رأى الامام جواز الاكتفاء بالتسبيحات الأربع في الركعة الثالثة والرابعة مرة واحدة ، فانه يجوز لمن يرى وجوب الثلاث ان ياتم به.
(2) إذا اعتقد الامام عدم وجوب السورة في الصلاة فانه يجوز لمن يرى وجوبها ان يأتم به بعدما دخل في الركوع ، وكذلك الحال في بقية الموارد إذا كان الاختلاف من هذا القبيل.
كتاب الصلاة » شرائط صلاة الجماعة
يعتبر في صلاة الجماعة أُمور:
1 ـ قصد المأموم الائتمام ، ولا يعتبر فيه ان يكون الائتمام بقصد القربة فلا بأس بالائتمام بداع آخر غيرها ، كالتخلّص من الوسواس ، أو سهولة الأمر عليه اذا قصد بذلك القربة ، والا لم تصح على ـ الأحوط لزوماً ـ .
ولا يعتبر قصد الامامة الا في ثلاث صلوات:
(1) الصلاة المعادة جماعة فيما إذا كان المعيد إماماً (2) صلاة الجمعة (3) صلاة العيدين حين وجوبها.
2 ـ تعيُّن الامام لدى المأموم ، ويكفي تعينه اجمالاً ، كما لو قصد الائتمام بالامام الحاضر وان لم يعرف شخصه.
( مسألة 370 ) : إذا ائتم باعتقاد ان الامام زيد فظهر بعد الفراغ انه عمرو صحت صلاته وجماعته ، سواء اعتقد عدالة عمرو أيضاً أم لم يعتقدها ، وإذا ظهر له ذلك في الأثناء ولم يُحرز عدالته انفرد في صلاته.
( مسألة 371 ) : لا يجوز للمأموم ان يعدل في صلاة الجماعة عن إمام إلى آخر الا أن يحدث للامام الأول ما يعجز به عن اكمال صلاته ، أو الاستمرار في الامامة ، كما لو صار فرضه الجلوس وهم قيام ، أو اكمل صلاته دونهم لكون فرضه القصر وفرضهم التمام ، وفي مثله يجوز للمأمومين تقديم غيره واتمام الصلاة معه ـ والاحوط الأولى ـ ان يكون الامام احدهم.
3 ـ عدم كون الامام مأموماً ، فلا يجوز الائتمام بمن ائتم في صلاته بشخص آخر.
4 ـ ان يكون الائتمام من أول الصلاة ، فلا يجوز لمن شرع في صلاة فرادى ان يأتم في اثنائها.
5 ـ ان لا ينفرد المأموم في اثناء الصلاة من غير عذر والا فصحة جماعته محل اشكال ، سواء أنوى الانفراد من أول الأمر ، أم بدا له ذلك في الأثناء ، ولكنه لا يضر بصحة الصلاة الا مع الاخلال بوظيفة المنفرد فان ـ الأحوط لزوماً ـ حينئذٍ اعادة الصلاة ، نعم إذا اخل بما يغتفر الاخلال به عن عذر فلا حاجة إلى الاعادة وهذا فيما إذا بدا له العدول بعد فوات محل القراءة أو بعد زيادة سجدة واحدة للمتابعة مثلاً.
6 ـ إدراك المأموم الامام حال القيام قبل الركوع أو في الركوع وان كان بعد الذكر ، ولو لم يدركه حتى رفع الامام رأسه من الركوع لم تنعقد له الجماعة.
( مسألة 372 ) : لو ائتم بالامام حال ركوعه وركع ولم يدركه راكعاً بان رفع الامام رأسه قبل ان يصل المأموم إلى حدّ الركوع جاز له اتمام صلاته فرادى ، وكذا لو شك في ادراكه الامام راكعاً مع عدم تجاوز المحل ، وأما مع التجاوز عنه كما لو شك في ذلك بعد الركوع فتصح صلاته جماعة.
( مسألة 373 ) : لو كبّر بقصد الائتمام والامام راكع ورفع الامام رأسه من الركوع قبل ان يركع المأموم فله أن يقصد الانفراد ويتم صلاته ، ويجوز له أيضاً متابعة الامام في السجود بقصد القربة المطلقة ثم تجديد التكبير بعد القيام بقصد الأعم من الافتتاح والذكر المطلق.
( مسألة 374 ) : لو ادرك الامام ـ وهو في التشهد من الركعة الأخيرة ـ جاز له أن يكبّر بنية الجماعة ويجلس قاصداً به التبعية ، ويجوز له ان يتشهد بنية القربة المطلقة ولكن لا يسلّم على ـ الأحوط وجوباً ـ فإذا سلم الامام قام وأتم صلاته من غير استئناف للنية والتكبير ويكتب له ثواب الجماعة.
7 ـ ان لا ينفصل الامام عن المأموم ـ إذا كان المأموم رجلاً ـ بحائل يمنع عن مشاهدته بل مطلق الحائل وان لم يمنع عنها كالزجاج ، وكذا بين بعض المأمومين مع الآخر ممن يكون واسطة في اتصاله بالامام كمن في صفه من طرف الامام ، أو قدامه إذا لم يكن في صفه من يتصل بالامام.
8 ـ أن لا يكون موقف الامام أعلى من موقف المأموم ، ولا بأس بالمقدار اليسير الذي لا يعد علّواً عرفاً ، كما لا بأس بالعلّو التسريحي ( التدريجي ) اذا لم يناف صدق انبساط الأرض عرفاً ، والا فلابد من ملاحظة أن لا يكون موقف الامام أعلى من موقف المأموم بمقدار معتد به ، ولا بأس بأن يكون موقف المأموم أعلى من موقف الامام بكثير وان كان العلّو دفعياً ما لم يبلغ حداً لا يصدق معه الجماعة.
9 ـ أن لا يكون الفصل بين المأموم والامام ، أو بينه وبين من هو سبب الاتصال بالامام كثيراً في العادة ، ـ والأحوط لزوماً ـ أن لا يكون بين موقف الامام ومسجد المأموم أو بين موقف السابق ومسجد اللاحق أزيد من أقصى مراتب الخطوة ، والأفضل بل الأحوط استحباباً أن لا يكون بين الموقفين أزيد مما يشغله انسان متعارف حال سجوده.
كتاب الصلاة » أحكام صلاة الجماعة
( مسألة 377 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ ترك المأموم القراءة في الركعة الأولى والثانية من الظهرين ، ويستحب له أن يشتغل بالتسبيح أو التحميد ، أو غير ذلك من الأذكار ، ويجب عليه ترك القراءة في صلاة الفجر ، وفي الركعتين الأوليين من العشاءين إذا سمع صوت الامام ولو همهمته ـ والأحوط الأولى ـ حينئذٍ أن ينصت ويستمع لقراءة الامام ولا ينافيه الاشتغال بالذكر ونحوه في نفسه ، وأما إذا لم يسمع شيئاً من القراءة ولا الهمهمة فهو بالخيار إن شاء قرأ مع الخفوت وإن شاء ترك والقراءة أفضل ، هذا كله فيما إذا كان الامام في الركعة الأولى أو الثانية من صلاته ، وأما إذا كان في الركعة الثالثة أو الرابعة فلا يتحمل عن المأموم شيئاً ، فلابد للمأموم من أن يعمل بوظيفته فان كان في الركعة الأولى أو الثانية لزمته القراءة ، وإن كان في الركعة الثالثة أو الرابعة تخير بين القراءة والتسبيحات ، والتسبيح أفضل ، ولا فرق في بقية الأذكار بين ما إذا أتى بالصلاة جماعة ، وبين ما إذا أتى بها فرادى.
( مسألة 378 ) : يختص سقوط القراءة عن المأموم في الركعة الاَُولى والثانية بما إذا استمر في ائتمامه ، فاذا انفرد اثناء القراءة لزمته القراءة من أولها ، ولا تجزيه قراءة ما بقي منها على ـ الأحوط لزوماً ـ وكذا إذا انفرد لا لعذر بعد القراءة قبل أن يركع مع الامام فتلزمه القراءة حينئذٍ على ـ الأحوط لزوماً ـ .
( مسألة 379 ) : إذا ائتم بالامام وهو راكع سقطت عنه القراءة وإن كان الائتمام في الركعة الثالثة أو الرابعة للامام.
( مسألة 380 ) : لزوم القراءة على المأموم في الركعة الاولى والثانية له ـ إذا كان الامام في الركعة الثالثة أو الرابعة ـ يختص بما إذا أمهله الامام للقراءة ، فان لم يمهله جاز له أن يكتفي بقراءة سورة الفاتحة ويركع معه ، وإن لم يمهله لذلك أيضاً بأن لم يتمكن من ادراك الامام راكعاً إذا أتم قراءته جاز له قطع الحمد والركوع معه وإن كان ـ الأحوط الأولى ـ ان ينفرد في صلاته.
( مسألة 381 ) : تعتبر في صلاة الجماعة متابعة الامام في الأفعال ، فلايجوز التقدم عليه فيها ، بل الأولى التأخر عنه يسيراً ، ولو تأخر كثيراً بحيث أخلّ بالمتابعة في جزء بطل الائتمام في ذلك الجزء ، بل مطلقاً على ـ الأحوط لزوماً ـ إذا لم يكن الإخلال بها عن عذر وإلاّ لم يبطل الائتمام ، كما إذا أدرك الامام قبل ركوعه ومنعه الزحام عن الالتحاق به حتى قام إلى الركعة التالية فانه يجوز له أن يركع ويسجد وحده ويلتحق بالامام بعد ذلك.
( مسألة 382 ) : إذا ركع المأموم أو سجد باعتقاد ان الامام قد ركع ، أو سجد فبان خلافه اتى بالذكر الواجب فيهما ثم يلزمه ـ على الأحوط ـ أن يرجع ويتابع الامام في ركوعه ، أو سجوده ـ والأحوط الأولى ـ أن يأتي بذكر الركوع أو السجود عند متابعة الامام أيضاً ، وليس له الاخلال بالذكر الواجب لأجل متابعة الامام في ركوعه وسجوده بل يأتي به ثمّ يلحق بالإمام وتصح جماعته.
( مسألة 383 ) : إذا رفع المأموم رأسه من الركوع ـ باعتقاد أن الإمام قد رفع رأسه ـ لزمه على الأحوط العود اليه لمتابعة الامام ولا تضره زيادة الركن ، فان لم يرجع ففي صحة صلاته جماعة اشكال ، وإذا رفع رأسه قبل الامام متعمداً بطلت جماعته وينفرد في صلاته ، وكذلك الحال في السجود.
( مسألة 384 ) : إذا رفع المأموم رأسه من السجود فرأى الامام ساجداً واعتقد أنّها السجدة الأُولى فسجد للمتابعة ، ثم انكشف أنّها الثانية حُسبت له سجدة ثانية ولا تجب عليه السجدة الأُخرى.
( مسألة 385 ) : إذا رفع المأموم رأسه من السجدة فرأى الامام في السجدة واعتقد انها الثانية فسجد ، ثم انكشف انها كانت الأُولى لم تحسب له الثانية ، ولزمته سجدة اُخرى مع الامام.
( مسألة 386 ) : لا تجب متابعة الإمام في الأقوال ، ويجوز التقدم عليه فيها ، سواء في ذلك الأقوال الواجبة والمستحبة ، من دون فرق بين حالتي سماع صوت الامام وعدمه ، وتستثنى من ذلك تكبيرة الاحرام فلا يجوز التقدم فيها على الامام بان يشرع فيها قبل الامام ، أو يفرغ منها قبله ، بل ـ الأحوط استحباباً ـ أن يأتي بها بعد انتهاء الامام منها ، ويجوز ترك المتابعة في التشهد الأخير لعذر ، فيجوز أن يتشهد ويسلِّم قبل الامام ، كما لا تجب رعايتها في التسليم الواجب مطلقاً ، فيجوز أن يسلِّم قبل الامام وينصرف.
( مسألة 387 ) : لا يجب على من يريد الدخول في الجماعة ان ينتظر حتى يكبّر أولاً من هو واسطة في اتصاله بالامام كالواقف في الصف المتقدم فيجوز ان يكبّرا جميعاً دفعة واحدة ، بل يجوز ان يكبر المتأخر قبل ان يكبر المتقدم إذا كان متهيئاً له.
( مسألة 388 ) : إذا كبّر المأموم قبل الامام سهواً كانت صلاته فرادى ويجوز له قطعها واستينافها جماعة ، وفي مشروعية العدول بها إلى النافلة مع كونه بانياً على قطعها اشكال.
( مسألة 389 ) : إذا ائتم والامام في الركعة الثانية من الصلوات الرباعية لزمه التخلف عن الامام لأداء وظيفة التشهد مقتصراً فيه على المقدار الواجب من غير توانٍ ثم يلتحق بالامام وهو قائم ، فإن لم يمهله للتسبيحات الأربع اكتفى بالمرة ولحقه في الركوع أو السجود حسبما يتيسر له.
( مسألة 390 ) : إذا ائتم والامام قائم ولم يدر أنه في الركعة الأولى ، أو الثانية لتسقط القراءة عنه ، أو أن الامام في الثالثة أو الرابعة لتجب عليه القراءة ـ فالأحوط لزوماً ـ له الإتيان بالقراءة قاصداً بها القربة المطلقة.
( مسألة 391 ) : إذا ائتم والامام في الركعة الثانية ، تستحب متابعته في القنوت والتشهد ـ والأحوط وجوباً ـ له التجافي حال التشهد ، وهو أن يضع يديه على الأرض ويرفع ركبتيه عنها قليلاً.
( مسألة 392 ) : لا تجب الطمأنينة على المأموم حال قراءة الامام ولكنها ـ أحوط استحباباً ـ
( مسألة 393 ) : إذا انكشف للمأموم بعد الصلاة فسق الامام صحت صلاته وجماعته ، وإذا انكشف له ذلك في الأثناء انفرد في صلاته.
كتاب الصلاة » أحكام صلاة المسافر
يجب على المسافر التقصير في الصلوات الرباعية ، وهو أن يقتصر على الركعتين الأوليين ويسلم في الثانية ، وللتقصير شروط:
(الشرط الأول) قصد المسافة ، بمعنى احراز قطعها ولو من غير إرادة ، فإذا خرج غير قاصد للمسافة لطلب ضالة أو غريم ونحوه لم يقصر في ذهابه ، وإن كان المجموع مسافة أو أزيد ، نعم إذا قصد المسافة بعد ذلك ـ ولو بالتلفيق مع مسافة الرجوع ـ لزمه التقصير من حين الشروع فيها ، وهكذا الحكم في النائم والمغمى عليه إذا سوفر بهما من غير سبق التفات.
والمسافة هي ثمانية فراسخ ، والفرسخ ثلاثة أميال ، والميل أربعة الآف ذراع بذراع انسان عادي ، وعليه فالمسافة تتحقق بما يقارب (44) كيلومتراً.
( مسألة 394 ) : يتحقق طي المسافة بأنحاء:
(1) أن يسير ثمانية فراسخ مستقيماً.
(2) أن يسيرها غير مستقيم ، بأن يكون سيره في دائرة أو خط منكسر.
(3) أن يسير أربعة فراسخ ويرجع مثلها ، وفي حكمه ما إذا كان الذهاب أو الرجوع أقل من أربعة فراسخ إذا بلغ مجموعهما ثمانية فراسخ ، وان كان ـ الأحوط الأولى ـ في ذلك الجمع بين القصر والتمام.
( مسألة 395 ) : لا يعتبر في المسافة الملفقة أن يكون الذهاب والاياب في يوم واحد ، فلو سافر أربعة فراسخ قاصداً الرجوع وجب عليه التقصير ما لم تحصل الاقامة القاطعة للسفر ولا غيرها من قواطعه ، وإن كان ـ الأحوط استحباباً ـ في غير ما قصد الرجوع ليومه الجمع بين القصر والاتمام.
( مسألة 396 ) : تثبت المسافة بالعلم ، وبشهادة عدلين ، وبالاطمينان الحاصل من المبادى العقلائية كالشياع ، وخبر العادل الواحد ، أو مطلق الثقة ونحو ذلك ، وإذا لم تثبت المسافة بشيء من هذه الطرق وجب التمام.
( مسألة 397 ) : إذا قصد المسافر محلاً خاصاً واعتقد أن مسيره لا يبلغ المسافة ، أو أنه شك في ذلك فأتم صلاته ثم انكشف إنه كان مسافة أعادها قصراً فيما إذا بقي الوقت ، ووجب عليه التقصير فيما بقي من سفره ، وإذا اعتقد انه مسافة فقصر صلاته ثم انكشف خلافه اعادها تماماً ، سواء كان الانكشاف في الوقت ، أم في خارجه ويتمها فيما بقي من سفره ما لم ينشئ سفراً جديداً.
( مسألة 398 ) : تحتسب المسافة من الموضع الذي يعد الشخص بعد تجاوزه مسافراً عرفاً وهو آخر البلد غالباً ، وربما يكون آخر الحي ، أو المحلة في بعض البلاد الكبيرة جداً.
( مسألة 399 ) : إذا قصد الصبي مسافة ثم بلغ أثناءها قصر في صلاته وإن كان الباقي من سفره لا يبلغ المسافة.
( مسألة 400 ) : لا يعتبر الاستقلال في قصد المسافة ، فمن سافر بتبع غيره ـ باختيار أو باكراه ـ من زوج أو والد أو غيرهما وجب عليه التقصير إذا علم أن مسيره ثمانية فراسخ ، وإذا شك في ذلك لزمه الاتمام ولا يجب الاستعلام وإن تمكن منه.
( مسألة 401 ) : إذا اعتقد التابع أن مسيره لا يبلغ ثمانية فراسخ ، أو أنه شك في ذلك فاتم صلاته ، ثم انكشف خلافه لم تجب عليه الاعادة ويجب عليه التقصير إذا كان الباقي بنفسه مسافة وإلاّ لزمه الاتمام ، نعم إذا كان قاصداً محلاً خاصاً معتقداً أنه لا يبلغ المسافة ثم انكشف الخلاف جرى عليه حكم غيره المتقدم في المسألة (397).
(الشرط الثاني) استمرار القصد ولو حكماً ، بمعنى أنه لا ينافيه الا العدول عنه أو التردد فيه ، فلو قصد المسافة وعدل عنه ، او تردد قبل بلوغ الاربعة اتم صلاته ، نعم إذا كان عازماً على الرجوع وكان ما سبق منه قبل العدول مع ما يقطعه في الرجوع بمقدار المسافة بقي على تقصيره.
( مسألة 402 ) : إذا سافر قاصداً للمسافة فعدل عنه ثم بدا له في السفر ففي ذلك صورتان:
(1) أن يبلغ الباقي من سفره مقدار المسافة ولو كان بضميمة الرجوع اليه ، ففي هذه الصورة يتعين عليه التقصير.
(2) أن لا يكون الباقي مسافة ولكنه يبلغها بضم مسيره الأول إليه ، ولا يبعد وجوب القصر في هذه الصورة أيضاً وإن كان ـ الأحوط استحباباً ـ أن يجمع بينه وبين الاتمام.
( مسألة 403 ) : إذا قصد المسافة وصلى قصراً ثم عدل عن سفره ـ فالأحوط لزوماً ـ أن يعيدها أو يقضيها تماماً.
( مسألة 404 ) : لا يعتبر في قصد المسافة أن يقصد المسافر موضعاً معيناً ، فلو سافر قاصداً ثمانية فراسخ متردداً في مقصده وجب عليه التقصير ، وكذلك الحال فيما إذا قصد موضعاً خاصاً وعدل في الطريق إلى موضع آخر وكان المسير إلى كل منهما مسافة.
( مسألة 405 ) : لو عدل من المسير في المسافة الامتدادية إلى المسير في المسافة التلفيقية أو بالعكس بقي على التقصير.
(الشرط الثالث) أن لا يتحقق أثناء المسافة شيء من قواطع السفر: ( المرور بالوطن على ما سيجيء ، قصد الاقامة عشرة أيام ، التوقف ثلاثين يوماً في محل متردداً وسيأتي تفصيل ذلك ) فلو خرج قاصداً طي المسافة الامتدادية ، أو التلفيقية وعلم أنه يمرّ بوطنه وينزل فيه أثناء المسافة ، أو أنه يقيم أثناءها عشرة أيام لم يشرع له التقصير من الأول ، وكذلك الحال فيما إذا خرج قاصداً المسافة واحتمل أنه يمرّ بوطنه وينزل فيه ، أو يقيم عشرة أيام أثناء المسافة ، أو أنه يبقى أثناءها في محل ثلاثين يوماً متردداً فإنه في جميع ذلك يتم صلاته من أول سفره ، نعم إذا اطمأن من نفسه أنه لا يتحقق شيء من ذلك قصر صلاته وإن احتمل تحققه ضعيفاً.
( مسألة 406 ) : إذا خرج قاصداً المسافة واتفق أنه مرّ بوطنه ونزل فيه أو قصد اقامة عشرة أيام ، أو أقام ثلاثين يوماً متردداً ، أو أنه احتمل شيئاً من ذلك اثناء المسافة احتمالاً لا يطمأن بخلافه ، ففي جميع هذه الصور يتم صلاته ، وما صلاه قبل ذلك قصراً يعيده أو يقضيه تماماً على ـ الأحوط وجوباً ـ ولا بد في التقصير بعد ذلك من انشاء السفر لمسافة جديدة والا أتم فيما بقي من سفره أيضاً.
نعم في الصورة الأخيرة إذا عزم على المضي في سفره ـ بعد أن إحتمل قطعه ببعض القواطع ـ يجري عليه ما تقدم في المسألة (402).
(الشرط الرابع) أن يكون سفره سائغاً ، فإن كان السفر بنفسه حراماً ، أو قصد الحرام بسفره أتم صلاته ، ومن هذا القبيل ما إذا سافر قاصداً به ترك واجب كسفر الغريم فراراً من أداء دينه مع وجوبه عليه ، ومثله السفر في السيارة المغصوبة إذا قصد الفرار بها عن المالك ، ويدخل فيه أيضاً السفر في الأرض المغصوبة.
( مسألة 407 ) : العاصي بسفره يجب عليه التقصير في ايابه إذا لم يكن الاياب بنفسه من سفر المعصية ، ولا فرق في ذلك بين من تاب عن معصيته ومن لم يتب.
( مسألة 408 ) : إذا سافر سفراً سائغاً ، ثم تبدل سفره إلى سفر المعصية أتم صلاته ما دام عاصياً ، فإن عدل عنه إلى سفر الطاعة قصر في صلاته سواء كان الباقي مسافة أم لا.
( مسألة 409 ) : إذا كانت الغاية من سفره أمرين: أحدهما مباح والآخر حرام أتم صلاته ، إلاّ إذا كان الحرام تابعاً وكان الداعي إلى سفره هو الأمر المباح.
( مسألة 410 ) : اتمام الصلاة ـ إذا كانت الغاية محرمة ـ يتوقف على تنجز حرمتها ، فإن لم تتنجز ، أو لم تكن الغاية محرمة في نفس الأمر لم يجب الاتمام ، مثلاً إذا سافر لغاية شراء دار يعتقد إنها مغصوبة فانكشف ـ اثناء سفره أو بعد الوصول إلى المقصد ـ خلافه كانت وظيفته التقصير ، وكذلك إذا سافر قاصداً شراء دار يعتقد جوازه ثم انكشف إنها مغصوبة ، نعم لا يضر بالاتمام عدم تحقق الغاية المحرمة صدفة.
(الشرط الخامس): أن لا يكون سفره للصيد لهواً ، وإلاّ أتم صلاته في ذهابه ، وقصر في إيابه إذا لم يكن كالذهاب للصيد لهواً ، وإذا كان الصيد لقوت نفسه ، أو عياله وجب التقصير ، وكذلك إذا كان الصيد للتجارة.
(الشرط السادس): أن لا يكون ممن لا مقرّ له كالسائح الذي يرتحل من بلد إلى بلد وليس له مقرّ في أي منها ، ومثله البدو الرحّل ممن يكون بيوتهم معهم ، ولو كانت له حالتان كأن يكون له مقر في الشتاء يستقر فيه ورحلة في الصيف يطلب فيها العشب والكلأ ، مثلاً كما هو الحال في بعض أهل البوادي كان لكل منهما حكمه ، فيقصر لو خرج إلى حد المسافة في الحالة الاولى ، ويتم في الثانية.
(الشرط السابع): أن لا يكون كثير السفر إما باتخاذ عمل سفري مهنة له كالسائق ، والملاح أو بتكرر السفر منه خارجاً وان لم يكن مقدمة لمهنته ، بل كان له غرض آخر منه كالتنزه والزيارة ، فالمعيار كثرة السفر ولو تقديراً كما في القسم الأول ، ولو سافر السائق أو شبهه في غير عمله وجب عليه التقصير كغيره من المسافرين إلاّ مع تحقق الكثرة الفعلية في حقه ، وسيأتي ضابطها.
( مسألة 411 ) : الحطاب ، أو الراعي ، أو السائق ، أو نحوهم إذا كان عمله فيما دون المسافة واتفق أنه سافر ولو في عمله يقصر في صلاته.
( مسألة 412 ) : من كان السفر عمله في أكثر أيام السنة أو في بعض فصولها ، كمن يدور في تجارته ، أو يشتغل بالمكاراة ، أو الملاحة أيام الصيف فقط يتم صلاته حينما يسافر في عمله ، وأما من كان السفر عمله في فترة قصيرة ـ كثلاثة أسابيع ـ من كل عام وإن زاد على مرة واحدة كمن يؤجر نفسه للنيابة في حج أو زيارةٍ ، أو لخدمة الحجاج أو الزائرين ، أو لارائتهم الطريق ، أو للسياقة أو الملاحة ، ونحوهما أياماً خاصة فيجب القصر عليهم.
( مسألة 413 ) : لا يعتبر تعدد السفر في من اتخذ العمل السفري مهنة له ، فمتى ما صدق عليه عنوان السائق أو نحوه وجب عليه الاتمام ، نعم إذا توقف صدقه على تكرار السفر وجب التقصير قبله ، والظاهر توقف صدق عنوان السائق مثلاً على العزم على مزاولة مهنة السياقة مرة بعد اُخرى على نحو لا تكون له. فترة غير معتادة لمن يتخذ تلك المهنة عملاً له ، وتختلف الفترة طولاً وقصراً بحسب اختلاف الموارد.
( مسألة 414 ) : تتحقق كثرة السفر في حق من يتكرر منه السفر خارجاً لكونه مقدمة لمهنته ، أو لغرض آخر إذا كان يسافر في كل شهر ما لا يقل عن عشر مرات من عشرة أيام منه ، أو يكون في حال السفر فيما لا يقل عن عشرة أيام في الشهر ولو بسفرين أو ثلاثة ، مع العزم على الاستمرار على هذا المنوال مدة ستة أشهر مثلاً من سنة واحدة ، أو مدة ثلاثة أشهر من سنتين فما زاد ، وأما إذا كان يسافر في كل شهر أربع مرات مثلاً او يكون مسافراً في سبعة أيام منه فما دون فحكمه القصر ، ولو كان يسافر ثمان مرات في الشهر الواحد ، أو يكون مسافراً في ثمانية أيام منه أو تسعة ـ فالأحوط لزوماً ـ ان يجمع بين القصر والتمام.
( مسألة 415 ) : إذا أقام مَنْ عَمَلُهُ السفر في بلده ، أو في غيره عشرة أيام بنية الإقامة لم ينقطع حكم عملية السفر فيتم الصلاة بعده حتى في سفره الأول ، ولا يبعد جريان هذا الحكم حتى في المكاري وان كان الأحوط استحباباً له الجمع بين القصر والاتمام في سفره الأول.
( الشرط الثامن ) : أن يصل إلى حد الترخص ، فلا يجوز التقصير قبله ، وحدّ الترخص هو المكان الذي يتوارى المسافر بالوصول إليه عن أنظار أهل البلد بسبب ابتعاده عنهم ، وعلامة ذلك غالباً تواريهم عن نظره بحيث لا يراهم ، والعبرة في عين الرائي وصفاء الجو بالمتعارف مع عدم الاستعانة بالآلات المتداولة لمشاهدة الأماكن البعيدة.
( مسألة 416 ) : لا يعتبر حد الترخص في الاياب كما يعتبر في الذهاب ، فالمسافر يقصّر في صلاته حتى يدخل بلده ولا عبرة بوصوله إلى حد الترخص وإن كان الأولى رعاية الاحتياط بتأخير الصلاة إلى حين الدخول في البلد ، أو الجمع بين القصر والتمام إذا صلى بعد الوصول إلى حد الترخص.
( مسألة 417 ) : إنما يعتبر حد الترخص ذهاباً فيما إذا كان السفر من بلد المسافر ، وأما إذا كان من المكان الذي أقام فيه عشرة أيام ، أو بقي فيه ثلاثين يوماً متردداً فالظاهر أنه يقصر من حين شروعه في السفر ، ولا يعتبر فيه الوصول إلى حد الترخص ولكن رعاية الاحتياط أولى.
( مسألة 418 ) : إذا شك المسافر في وصوله إلى حد الترخص بنى على عدمه وأتم صلاته ، فإذا انكشف بعد ذلك خلافه وكان الوقت باقياً أعادها قصراً ، ولا يجب القضاء لو انكشف بعده وكذلك الحال في من اعتقد عدم وصوله حد الترخص ثم بان خطاؤه.
كتاب الصلاة » قواطع السفر
إذا تحقق السفر واجداً للشرائط الثمانية المتقدمة بقي المسافر على تقصيره في الصلاة ما لم يتحقق أحد الامور (القواطع) الآتية:
(الأول: المرور بالوطن) فإن المسافر إذا مرّ به في سفره ونزل فيه وجب عليه الاتمام ما لم ينشيء سفراً جديداً ، وأما المرور اجتيازاً من غير نزول ففي كونه قاطعاً اشكال ـ فالأحوط وجوباً ـ ان يجمع بعده بين القصر والتمام ما لم يكن قاصداً للمسافة ولو بالتلفيق مع ما يطويه في الرجوع.
والمقصود بالوطن أحد المواضع الثلاثة:
1 ـ مقره الأصلي الذي ينسب إليه ، ويكون مسكن أبويه ومسقط رأسه عادة.
2 ـ المكان الذي اتخذه مقراً ومسكناً دائمياً لنفسه بحيث يريد أن يبقى فيه بقية عمره.
3 ـ المكان الذي اتخذه مقراً لفترة طويلة بحيث لا يصدق عليه أنه مسافر فيه ، ويراه العرف مقراً له حتى إذا اتخذ مسكناً موقتاً في مكان آخر لمدة عشرة أيام أو نحوها ، كما لو أراد السكنى في مكان سنة ونصف السنة أو أكثر فانه يلحقه حكم الوطن بعد شهر من اقامته فيه بالنية المذكورة وأما قبله فيحتاط بالجمع بين القصر والتمام.
ثم انه لا فرق في الوطن الاتخاذي (القسمين الأخيرين) بين أن يكون ذلك بالاستقلال ، أو يكون بتبعية شخص آخر من زوج أو غيره ، ولا تعتبر إباحة المسكن في أي من الأقسام الثلاثة ويزول عنوان الوطن فيها بالخروج معرضاً عن سكنى ذلك المكان.
وقد ذكر بعض الفقهاء نحواً آخراً من الوطن يسمى بالوطن الشرعي ويقصد به المكان الذي يملك فيه منزلاً قد أقام فيه ستة أشهر متصلة عن قصد ونية ، ولكن لم يثبت عندنا هذا النحو.
ثم إنه يمكن أن يتعدد الوطن الاتخاذي وذلك كأن يتخذ الانسان على النحو المذكور مساكن لنفسه يسكن أحدها ـ مثلا ـ أربعة أشهر أيام الحر ، ويسكن ثانيها أربعة أشهر أيام البرد ويسكن الثالث باقي السنة.
(الثاني: قصد الإقامة في مكان معين عشرة أيام) وبذلك ينقطع حكم السفر ويجب عليه التمام ، ونعني بقصد الإقامة اطمئنان المسافر باقامته في مكان معين عشرة أيام ، سواء أكانت الاقامة اختيارية ، أم كانت اضطرارية أم اكراهية ، فلو حبس المسافر في مكان وعلم أنه يبقى فيه عشرة أيام وجب عليه الاتمام ، ولو عزم على اقامة عشرة أيام ولكنه لم يطمئن بتحققه في الخارج بأن احتمل سفره قبل اتمام اقامته لأمر ما وجب عليه التقصير وإن اتفق أنه أقام عشرة أيام.
( مسألة 419 ) : من تابع غيره في السفر والاقامة كالزوجة والخادم ونحوهما إن اعتقد أن متبوعه لم يقصد الاقامة ، أو أنه شك في ذلك قصر في صلاته ، فإذا انكشف له اثناء الاقامة أن متبوعه كان قاصداً لها من أول الأمر بقى على تقصيره ، إلاّ إذا علم أنه يقيم بعد ذلك عشرة أيام ، وكذلك الحكم في عكس ذلك فإذا اعتقد التابع أن متبوعه قصد الاقامة فاتم ثم انكشف أنه لم يكن قاصداً لها فالتابع يتم صلاته حتى يسافر.
( مسألة 420 ) : إذا قصد المسافر الاقامة في بلد مدة محددة وشك في انها تبلغ عشرة أيام أم لا كان حكمه القصر ، وإن تبين بعد ذلك أنها تبلغ العشرة ، مثال ذلك: ما إذا دخل المسافر بلدة النجف المقدسة في اليوم الحادي والعشرين من شهر رمضان عازماً على الاقامة إلى يوم العيد ولكنه شك في نقصان الشهر وتمامه فلم يدر أنه يقيم فيها تسعة أيام ، أو عشرة قصر في صلاته وإن اتفق أن الشهر لم ينقص ، وهكذا الحال فيما إذا تخيل ان ما قصده لا يبلغ عشرة أيام ثم انكشف خطاؤه ، كما اذا دخل النجف ـ في المثال المذكور ـ في اليوم الرابع عشر من الشهر وعزم على الاقامة إلى نهاية ليالي القدر معتقداً أن اليوم الذي دخل فيه هو اليوم الخامس عشر وأن مدة اقامته تبلغ تسعة أيام فانه يقصر في صلاته وإن انكشف له بعد ذلك أن دخوله كان في اليوم الرابع عشر منه.
( مسألة 421 ) : لا يعتبر في قصد الإقامة وجوب الصلاة على المسافر ، فالصبي المسافر إذا قصد الاقامة في بلد وبلغ اثناء اقامته اتم صلاته وإن لم يقم بعد بلوغه عشرة ايام ، وكذلك الحال في الحائض أو النفساء إذا طهرت أثناء اقامتها.
( مسألة 422 ) : إذا قصد الاقامة في بلد ثم عدل عن قصده ففيه صور:
(1) أن يكون عدوله بعدما صلى صلاة ادائية تماماً ، ففي هذه الصورة يبقى على حكم التمام ما بقي في ذلك البلد.
(2) أن يكون عدوله قبل أن يصليها تماماً ، ففي هذه الصورة يجب عليه التقصير.
(3) أن يكون عدوله أثناء ما يصليها تماماً ، ففي هذه الصورة يعدل بها إلى القصر ما لم يدخل في ركوع الركعة الثالثة ويتم صلاته ـ والأحوط الأولى ـ أن يعيدها بعد ذلك ، وإذا كان العدول بعدما دخل في ركوع الثالثة بطلت صلاته على ـ الأحوط لزوماً ـ ولزمه استئنافها قصراً.
( مسألة 423 ) : لا يعتبر في قصد الاقامة أن لا ينوي الخروج من محل الاقامة ، فلا بأس بأن يقصد الخروج لتشييع جنازة أو لزيارة قبور المؤمنين أو للتفرج وغير ذلك ما لم يبلغ حد المسافة ولو ملفقة ولم تطل مدة خروجه بمقدار ينافي صدق الاقامة في البلد عرفاً.
( مسألة 424 ) : إذا نوى الخروج أثناء اقامته تمام النهار ، أو ما يقارب تمامه فلا اشكال في عدم تحقق قصد الاقامة ووجوب التقصير عليه وكذا لو نوى الخروج تمام الليل ، وأما لو نوى الخروج نصف النهار والرجوع ولو ساعة بعد دخول الليل فهو لا ينافي قصد الاقامة ما لم يتكرر بحد تصدق معه الاقامة في أزيد من مكان واحد.
( مسألة 425 ) : يشترط التوالي في الأيام العشرة ، ولا عبرة بالليلة الأولى والأخيرة ، فلو قصد المسافر اقامة عشرة أيام كاملة مع الليالي المتوسطة بينها وجب عليه الاتمام ، والظاهر كفاية التلفيق أيضاً ، بأن يقصد الاقامة من زوال يوم الدخول إلى زوال اليوم الحادي عشر مثلاً.
( مسألة 426 ) : إذا قصد اقامة عشرة أيام في بلد وأقام فيها أو أنه صلى تماماً ، ثم عزم على الخروج إلى ما دون المسافة ففي ذلك صور:
(1) أن يكون عازماً على الاقامة عشرة أيام بعد رجوعه ، ففي هذه الصورة يجب عليه الاتمام في ذهابه وإيابه ومقصده.
(2) أن يكون عازماً على الاقامة أقل من عشرة أيام بعد رجوعه ، ففي هذه الصورة يجب عليه الاتمام أيضاً في الاياب والذهاب والمقصد.
(3) أن لا يكون قاصداً للرجوع وكان ناوياً للسفر من مقصده ، ففي هذه الصورة يجب عليه التقصير من حين خروجه من بلد الاقامة.
(4) أن يكون ناوياً للسفر من مقصده ، ولكنه يرجع فيقع محل اقامته في طريقه ، وحكمه في هذه الصورة وجوب القصر أيضاً في الذهاب والمقصد ومحل الاقامة.
(5) أن يغفل عن رجوعه وسفره ، أو يتردد في ذلك فلا يدري أنه يسافر من مقصده أو يرجع إلى محل الاقامة ، وعلى تقدير رجوعه لا يدري باقامته فيه وعدمها ففي هذه الصورة يجب عليه الاتمام ما لم ينشيء سفراً جديداً.
(الثالث): بقاء المسافر في محل خاص ثلاثين يوماً ، فإذا دخل المسافر بلدة اعتقد أنه لا يقيم فيها عشرة أيام ، أو تردد في ذلك ولكنه بقي فيها حتى تم له ثلاثون يوماً وجب عليه الاتمام بعد ذلك ما لم ينشيء سفراً جديداً ، والظاهر كفاية التلفيق هنا كما تقدم في اقامة عشرة أيام ، ولا يكفي البقاء في أمكنة متعددة ، فلو بقي المسافر في بلدين كالكوفة والنجف ثلاثين يوماً لم يترتب عليه حكم الاتمام.
( مسألة 427 ) : لا يضر الخروج من البلد لغرض ما اثناء البقاء ثلاثين يوماً بمقدار لا ينافي صدق البقاء في ذلك البلد ـ كما تقدم في اقامة عشرة أيام ـ وإذا تم له ثلاثون يوماً وأراد الخروج إلى ما دون المسافة فالحكم فيه كما ذكرناه في المسألة السابقة ، والصور المذكورة هناك جارية هنا أيضاً.
كتاب الصلاة » أحكام الصلاة في السفر
( مسألة 428 ) : من أتم صلاته في موضع يتعين فيه التقصير عالماً عامداً بطلت صلاته ، وفي غير ذلك صور:
(1) أن يكون ذلك لجهله بأصل مشروعية التقصير للمسافر أو كونه واجباً ، ففي هذه الصورة تصح صلاته ، ولا تجب اعادتها.
(2) أن يكون ذلك لجهله بالحكم في خصوص المورد وإن علم به في الجملة: وذلك كمن أتم صلاته في المسافة التلفيقية لجهله بوجوب القصر فيها وإن علم به في المسافة الامتدادية ، وفي هذه الصورة ـ الأحوط وجوباً ـ اعادة الصلاة اذا علم بالحكم في الوقت ولا يجب قضاؤها اذا علم به بعد خروج الوقت.
(3) أن يكون ذلك لخطأه واشتباهه في التطبيق مع علمه بالحكم ، ففي هذه الصورة تجب الاعادة في الوقت ، ولا يجب القضاء اذا انكشف له الحال بعد مضي الوقت.
(4) أن يكون ذلك لنسيانه سفره أو وجوب القصر على المسافر ، ففي هذه الصورة تجب الاعادة في الوقت ولا يجب القضاء إذا تذكر بعد مضي الوقت.
(5) أن يكون ذلك لأجل السهو أثناء العمل مع علمه بالحكم والموضوع فعلاً ، ففي هذه الصورة تجب الاعادة في الوقت فإن لم يتذكر حتى خرج الوقت ـ فالأحوط وجوباً ـ قضاؤها.
( مسألة 429 ) : إذا قصر في صلاته في موضع يجب فيه الاتمام بطلت ولزمته الاعادة ، أو القضاء من دون فرق بين العامد والجاهل والناسي والخاطئ ، نعم إذا قصد المسافر الاقامة في مكان وقصر في صلاته لجهله بأن حكمه الاتمام ثم علم به كان الحكم بوجوب الاعادة عليه مبنياً على الاحتياط الوجوبي.
( مسألة 430 ) : إذا كان في أول الوقت حاضراً فأخر صلاته حتى سافر يجب عليه التقصير حال سفره ، ولو كان أول الوقت مسافراً فأخر صلاته حتى أتى بلده ، أو قصد الاقامة في مكان وجب عليه الاتمام ، فالعبرة في التقصير والاتمام بوقت العمل دون وقت الوجوب ، وسيأتي حكم القضاء في هاتين الصورتين في المسألة (438).
كتاب الصلاة » التخير بين القصر والاتمام
يتخير المسافر بين التقصير والاتمام في مواضع أربعة: مكة المعظمة والمدينة المنورة ، والكوفة ، وحرم الحسين عليه السلام ، فللمسافر السائغ له التقصير أن يتم صلاته في هذه المواضع بل هو أفضل وإن كان التقصير ـ أحوط استحباباً ـ وذكر جماعة اختصاص التخيير في البلاد الثلاثة بمساجدها ، ولكنه لا يبعد ثبوت التخيير فيها مطلقاً وإن كان الاختصاص ـ أحوط استحباباً ـ والظاهر أن التخيير ثابت في حرم الحسين عليه السلام فيما يحيط بالقبر الشريف بمقدار خمسة وعشرين ذراعاً ( أي ما يقارب 5|11 متراً ) من كل جانب فتدخل بعض الأروقة في الحد المذكور ويخرج عنه بعض المسجد الخلفي.
( مسألة 431 ) : إذا شرع المسافر في الصلاة في مواضع التخيير قاصداً بها التقصير جاز له أن يعدل بها إلى الاتمام ، وكذلك العكس.
كتاب الصلاة » قضاء الصلاة
من لم يؤد الفريضة اليومية ، أو أتى بها فاسدة حتى ذهب وقتها يجب عليه قضاؤها خارج الوقت ـ إلاّ صلاة الجمعة فإنه إذا خرج وقتها يلزم الاتيان بصلاة الظهر ـ ولا فرق في ذلك بين العامد والناسي والجاهل وغيرهم ، ويستثنى من هذا الحكم موارد:
(1) ما فات من الصلوات من الصبي أو المجنون.
(2) ما فات من المغمى عليه إذا لم يكن الاغماء بفعله واختياره ، وإلاّ وجب عليه القضاء على ـ الأحوط لزوماً ـ .
(3) ما فات من الكافر الأصلي فلا يجب عليه القضاء بعد اسلامه ، وأما المرتد فيلزمه القضاء.
(4) الصلوات الفائتة من الحائض أو النفساء فلا يجب قضاؤها بعد الطهر.
( مسألة 432 ) : إذا بلغ الصبي أو أسلم الكافر ، أو أفاق المجنون أو المغمى عليه ، أو طهرت الحائض أو النفساء ، في أثناء الوقت فان لم يتسع لأداء الصلاة ولو بادراك ركعة من الوقت فلا شيء عليه أداءً ولا قضاءً ، وأما ان اتسع ولو لركعة منها فيجب اداؤها وان لم يصلها وجب القضاء في خارج الوقت ، نعم وجوب الأداء مع عدم سعة الوقت إلاّ للصلاة مع الطهارة الترابية ، أو مع عدم سعته لتحصيل سائر الشرائط مبنى على الاحتياط ، وكذلك وجوب القضاء في مثل ذلك اذا لم يصلّ حتى فات الوقت.
( مسألة 433 ) : من تمكن من أداء الصلاة في أول وقتها مع الطهارة ولو كانت ترابية ولم يأت بها ثم جنّ ، أو اغمي عليه حتى خرج الوقت وجب عليه القضاء ، وهكذا المرأة اذا تمكنت بعد دخول الوقت من تحصيل الطهارة ولو الترابية واداء الفريضة ولم تفعل حتى حاضت وجب عليها القضاء ، ولا فرق في الموردين بين التمكن من تحصيل بقية الشرائط قبل دخول الوقت وعدمه على ـ الأحوط لزوماً ـ في الصورة الأخيرة.
( مسألة 434 ) : فاقد الطهورين ـ الماء والتراب ـ يجب عليه القضاء ويسقط عنه الأداء وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ الجمع بينهما.
( مسألة 435 ) : من رجع إلى مذهبنا من سائر الفرق الاسلامية لا يجب عليه أن يقضي الصلوات التي صلاها صحيحة في مذهبه ، أو على وفق مذهبنا مع تمشي قصد القربة منه ، بل لا تجب إعادتها إذا رجع وقد بقي من الوقت ما يسع إعادتها.
( مسألة 436 ) : الفرائض الفائتة يجوز قضاؤها في أي وقت من الليل أو النهار في السفر أو في الحضر ، ولكن ما يفوت في الحضر يجب قضاؤه تماماً وإن كان في السفر ، وما يفوت في السفر يجب قضاؤه قصراً وإن كان في الحضر ، وما فات المسافر في مواضع التخيير يجب قضاؤه قصراً على ـ الأحوط لزوماً ـ وإن كان القضاء في تلك المواضع ، وأما ما يفوت المكلف من الصلوات الاضطرارية كصلاة المضطجع والجالس فيجب قضاؤه على نحو صلاة المختار ، وكذا الحكم في صلاة الخوف وشدته.
( مسألة 437 ) : من فاتته الصلاة وهو مكلف بالجمع بين القصر والتمام ـ لأجل الاحتياط الوجوبي ـ وجب عليه الجمع في القضاء أيضاً.
( مسألة 438 ) : من فاتته الصلاة ـ وقد كان حاضراً في أول وقتها ومسافراً في آخره أو بعكس ذلك ـ وجب عليه في القضاء رعاية آخر الوقت ، فيقضي قصراً في الفرض الأول ، وتماماً في الفرض الثاني ـ والأحوط استحباباً ـ الجمع في كلا الفرضين.
( مسألة 439 ) : لا ترتيب في قضاء الفرائض ، فيجوز قضاء المتأخر فوتاً قبل قضاء المتقدم عليه ، وإنْ كان ـ الأحوط استحباباً ـ رعاية الترتيب ، نعم ما كان مرتباً من أصله كالظهرين ، أو العشاءين من يوم واحد وجب الترتيب في قضائه.
( مسألة 440 ) : إذا لم يعلم بعدد الفوائت ، ودار أمرها بين الأقل والأكثر جاز أن يقتصر على المقدار المتيقن ، ولا يجب عليه قضاء المقدار المشكوك فيه.
( مسألة 441 ) : إذا فاتته صلاة واحدة وترددت بين صلاتين مختلفتي العدد ، كما إذا ترددت بين صلاة الفجر وصلاة المغرب وجب عليه الجمع بينهما في القضاء ، وإن ترددت بين صلاتين متساويتين في العدد كما إذا ترددت بين صلاتي الظهر والعشاء جاز له أن يأتي بصلاة واحدة عما في الذمة ، ويتخير بين الجهر والخفوت إذا كانت احداهما اخفاتية دون الاُخرى.
( مسألة 442 ) : وجوب القضاء موسّع فلا بأس بتأخيره ما لم ينته إلى المسامحة في أداء الوظيفة.
( مسألة 443 ) : لا ترتيب بين الحاضرة والفائتة ، فمن كانت عليه فائتة ودخل عليه وقت الحاضرة تخير في تقديم أيهما شاء إذا وسعهما الوقت ، ـ والأحوط استحباباً ـ تقديم الفائتة ولا سيما إذا كانت فائتة ذلك اليوم ، وفي ضيق الوقت تتعين الحاضرة ولا تزاحمها الفائتة.
( مسألة 444 ) : إذا شرع في صلاة حاضرة وتذكر أن عليه فائتة جاز له أن يعدل بها إلى الفائتة إذا أمكنه العدول.
( مسألة 445 ) : يجوز التنفّل لمن كانت عليه فائتة ، سواء في ذلك النوافل المرتبة وغيرها.
( مسألة 446 ) : من كان معذوراً عن تحصيل الطهارة المائية ـ فالأحوط لزوماً ـ ان لا يقضي فوائته مع التيمم اذا كان يرجو زوال عذره فيما بعد ذلك ، وهكذا من لا يتمكن من الصلاة التامة لعذر فانه لا يجوز له على الاحوط أن يأتي بقضاء الفوائت ، إذا علم بارتفاع عذره فيما بعد ، ولا بأس به إذا اطمأن ببقاء عذره وعدم ارتفاعه ، بل لا بأس به مع الشك أيضاً ، إلاّ أنه إذا ارتفع عذره لزمه القضاء ثانياً على ـ الأحوط وجوباً ـ ويستثنى من ذلك ما إذا كان عذره في غير الأركان ، ففي مثل ذلك لا يجب القضاء ثانياً وصح ما أتى به أولاً ، مثال ذلك:
إذا لم يتمكن المكلف من الركوع أو السجود لمانع واطمأن ببقائه إلى آخر عمره ، أو أنه شك في ذلك فقضى ما فاته من الصلوات مع الايماء بدلاً عن الركوع أو السجود ، ثم ارتفع عذره وجب عليه القضاء ثانياً ، وأما إذا لم يتمكن من القراءة الصحيحة لعيب في لسانه واطمأن ببقائه ، أو شك في ذلك فقضى ما عليه من الفوائت ثم ارتفع عذره لم يجب عليه القضاء ثانياً.
( مسألة 447 ) : لا يختص وجوب القضاء بالفرائض اليومية بل يجب قضاء كل ما فات من الصلوات الواجبة حتى المنذورة في وقت معين على ـ الأحوط لزوماً ـ وسيأتي حكم قضاء صلاة الآيات في محله.
( مسألة 448 ) : من فاتته الفريضة لعذر ولم يقضها مع التمكن منه حتى مات ـ فالأحوط وجوباً ـ أن يقضيها عنه ولده الأكبر إن لم يكن قاصراً حين موته ـ لصغر أو جنون ـ ولم يكن ممنوعاً من ارثه ببعض أسبابه ، كالقتل والكفر ، وإلاّ لم يجب عليه ذلك ـ والأحوط الأولى ـ القضاء عن الأُم أيضاً ، ويختص وجوب القضاء بما وجب على الميت نفسه ، وأمّا ما وجب عليه باستيجار ونحو ذلك فلا يجب على الولد الأكبر قضاؤه ، ومن هذا القبيل ما وجب على الميت من فوائت أبيه ولم يؤده حتى مات فإنه لا يجب قضاء ذلك على ولده.
( مسألة 449 ) : إذا تعدد الولد الأكبر وجب ـ على الأحوط ـ القضاء عليهما وجوباً كفائياً ، فلو قضى أحدهما سقط عن الآخر.
( مسألة 450 ) : لا يجب على الولد الأكبر أن يباشر قضاء ما فات أباه من الصلوات ، بل يجوز أن يستأجر غيره للقضاء ، بل لو تبرع أحد فقضى عن الميت سقط الوجوب عن الولد الأكبر ، وكذلك إذا أوصى الميت باستيجار شخص لقضاء فوائته كانت وصيته نافذة شرعاً.
( مسألة 451 ) : إذا شك الولد الأكبر في فوت الفريضة عن أبيه لم يجب عليه القضاء ، وإذا دار أمر الفائتة بين الأقل والأكثر اقتصر على الأقل ، وإذا علم بفوتها وشك في قضاء أبيه لها وجب عليه القضاء على ـ الأحوط لزوماً ـ .
( مسألة 452 ) : لا تخرج اجرة قضاء ما فات الميت من الصلوات من أصل التركة ، فلو لم يكن له ولد ، ولم يوص بذلك لم يجب الاستيجار على سائر الورثة.
( مسألة 453 ) : لا يحكم بفراغ ذمة الولد الأكبر ولا ذمة الميت بمجرد الاستيجار ما لم يتحقق العمل في الخارج ، فإذا مات الأجير قبل الاتيان بالعمل ، أو منعه مانع عنه وجب على الولي القضاء بنفسه ، أو باستيجار غيره على ـ الأحوط لزوماً ـ كما مر.
كتاب الصلاة » صلاة الاستيجار
يجب على المكلف أن يقضي بنفسه ما فاته من الصلوات كما مرّ ، فإن لم يفعل ذلك وجب عليه أن يتوسل إلى القضاء عنه بالايصاء ، أو باخباره ولده الأكبر ، أو بغير ذلك ، ولا يجوز القضاء عنه حال حياته باستيجار أو تبرع.
( مسألة 454 ) : لا تعتبر العدالة في الأجير ، بل يكفي الوثوق بصدور العمل منه نيابة مع احتمال صحته ـ والأحوط لزوماً ـ اعتبار البلوغ فيه ، ولا تعتبر المماثلة بين القاضي والمقضي عنه ، فالرجل يقضي عن المرأة وبالعكس ، والعبرة في الجهر والخفوت بحال القاضي ، فيجهر في القراءة في الصلوات الجهرية فيما إذا كان القاضي رجلاً ، وإن كان القضاء عن المرأة ، وتتخير المرأة فيها بين الجهر والخفوت ، وإن كان القضاء عن الرجل.
( مسألة 455 ) : يجب على الأجير ان يأتي بالعمل على النحو المتعارف إذا لم تشترط في عقد الاجارة كيفية خاصة ، وإلاّ لزمه العمل بالشرط.
كتاب الصلاة » صلاة الآيات
تجب صلاة الآيات بالكسوف والخسوف ، وكذا بالزلزلة على ـ الأحوط وجوباً ـ وإن لم يحصل الخوف بشيء من ذلك ، ـ والأحوط الأولى ـ الاتيان بها لكل حادثة سماوية مخوفة لاغلب الناس ، كهبوب الريح السوداء ، أو الحمراء ، أو الصفراء ، وظلمة الجو الخارقة للعادة والصاعقة ونحو ذلك ، وكذا في الحوادث الأرضية المخوفة كذلك ، كخسف الأرض وسقوط الجبل ، وغور ماء البحر ونحو ذلك ، وتتعدد صلاة الآيات بتعدد موجبها.
( مسألة 456 ) : وقت صلاة الآيات في الكسوف والخسوف من ابتداء حدوثهما إلى تمام الانجلاء ـ والأحوط الأولى ـ عدم تأخيرها عن الشروع في الانجلاء ، وأما في غيرهما فتجب المبادرة بمجرد حصول الآية مع ضيق زمانها ، وأما مع سعته فلا يجب البدار ، وان لم يصلّ حتى مضى الزمان المتصل بالآية سقط وجوبها.
( مسألة 457 ) : صلاة الآيات ركعتان ، وفي كل ركعة منها خمسة ركوعات ، وكيفية ذلك أن يكبّر ويقرأ سورة الفاتحة وسورة تامة غيرها ، ثم يركع فإذا رفع رأسه من الركوع قرأ سورة الفاتحة وسورة تامة ، ثم يركع وهكذا إلى أن يركع الركوع الخامس ، فإذا رفع رأسه منه هوى إلى السجود وسجد سجدتين كما في الفرائض اليومية ، ثم يقوم فيأتي في الركعة الثانية بمثل ما أتى به في الركعة الاولى ، ثم يتشهد ويسلم كما في سائر الصلوات.
ويجوز الاقتصار في كل ركعة على قراءة سورة الفاتحة مرة وقراءة سورة اُخرى ، بأن يقرأ بعد سورة الفاتحة شيئاً من السورة ـ بشرط أن يكون آية كاملة أو جملة تامة على ـ الأحوط لزوماً ـ ثم يركع فإذا رفع رأسه من الركوع يقرأ جزءاً آخراً من تلك السورة من حيث قطعها ثم يركع ، وهكذا ، ويتم السورة بعد الركوع الرابع ثم يركع ، وكذلك في الركعة الثانية.
ويجوز له التبعيض بأن يأتي بالركعة الأولى على الكيفية الأولى ، ويأتي بالركعة الثانية على الكيفية الاُخرى ، أو بالعكس ، ولها كيفيات أخر لاحاجة إلى ذكرها.
( مسألة 458 ) : يستحب القنوت في صلاة الآيات قبل الركوع الثاني والرابع ، والسادس ، والثامن ، والعاشر ، ويجوز الاكتفاء بقنوت واحد قبل الركوع العاشر.
( مسألة 459 ) : ـ الأحوط وجوباً ـ عدم الاقتصار على قراءة البسملة بعد الحمد في صلاة الآيات كما تقدم في المسألة (299).
( مسألة 460 ) : يجوز الاتيان بصلاة الآيات للخسوف والكسوف جماعة ، كما يجوز أن يؤتى بها فرادى ، ولكن إذا لم يدرك الامام في الركوع الأول من الركعة الأُولى ، أو الركعة الثانية أتى بها فرادى.
( مسألة 461 ) : ما ذكرناه في الصلوات اليومية من الشرائط والمنافيات واحكام الشك والسهو كل ذلك يجري في صلاة الآيات.
( مسألة 462 ) : إذا شك في عدد الركعات في صلاة الآيات ولم يرجح أحد طرفيه على الآخر بطلت صلاته ، وإذا شك في عدد الركوعات لم يعتن به إذا كان بعد تجاوز المحل ، وإلاّ بنى على الأقل وأتى بالمشكوك فيه.
( مسألة 463 ) : إذا علم بالكسوف أو الخسوف ولم يصلّ عصياناً ، أو نسياناً حتى تم الانجلاء وجب عليه القضاء ، بلا فرق بين الكلي والجزئي منهما ـ والأحوط وجوباً ـ الاغتسال قبل قضائها فيما إذا كان كلياً ولم يصلها عصياناً ، وإذا لم يعلم به حتى تم الانجلاء ، فإن كان الكسوف أو الخسوف كلياً بأن احترق القرص كله وجب القضاء وإلاّ فلا ، والأحوط الأولى الاتيان بها في غير الكسوفين ، سواء أعلم بحدوث الموجب حينه ، أم لم يعلم به.
( مسألة 464 ) : لا تصح صلاة الآيات من الحائض والنفساء والأحوط الأولى أن تقضياها بعد طهرهما.
( مسألة 465 ) : إذا اشتغلت ذمة المكلف بصلاة الآيات وبالفريضة اليومية ، تخير في تقديم ايتهما شاء إن وسعهما الوقت ، وإن وسع إحداهما دون الاَُخرى قدّم المضيَّق ثم أتى بالموسَّع ، وإن ضاق وقتهما قدم اليومية ، وإذا اعتقد سعة وقت صلاة الآيات فشرع في اليومية ، فانكشف ضيق وقتها قطع اليومية وأتى بالآيات ، وإذا اعتقد سعة وقت اليومية فشرع في صلاة الآيات فانكشف ضيق وقت اليومية قطعها وأتى باليومية وعاد إلى صلاة الآية من محل القطع إذا لم يقع منه مناف غير الفصل باليومية.
كتاب الصوم » الصوم وشرائط وجوبه
يجب على كل انسان ان يصوم شهر رمضان عند تحقق هذه الشروط:
(1) البلوغ ، فلا يجب على غير البالغ من أول الفجر ، وان كان الأحوط الاولى اتمامه إذا كان ناوياً للصوم ندباً فبلغ اثناء النهار.
(2 ، 3) العقل وعدم الإغماء ، فلو جنّ أو اغمي عليه بحيث فاتت منه النية المعتبرة في الصوم وافاق اثناء النهار لم يجب عليه صوم ذلك اليوم ، نعم إذا كان مسبوقاً بالنية في الصورة المذكورة ـ فالأحوط لزوماً ـ ان يتم صومه.
(4) الطهارة من الحيض والنفاس ، فلا يجب على الحائض والنفساء ولا يصح منهما ولو كان الحيض أو النفاس في جزء من النهار.
(5) عدم الضرر ، مثل المرض الذي يضر معه الصوم لا يجابه شدته أو طول برئه أو شدة ألمه ، كل ذلك بالمقدار المعتد به الذى لم تجر العادة بتحمل مثله ، ولا فرق بين اليقين بذلك والظن به والاحتمال الموجب لصدق الخوف المستند إلى المناشئ العقلائية ، ففي جميع ذلك لا يجب الصوم ، وإذا أمن من الضرر على نفسه ولكنه خاف من الضرر على عرضه أو ماله مع الحرج في تحمله لم يجب عليه الصوم ، وكذلك فيما إذا زاحمه واجب مساوٍ ، أو اهم كما لو خاف على عرض غيره ، أو ماله مع وجوب حفظه عليه.
(6) الحضر أو ما بحكمه ، فلو كان في سفر تقصر فيه الصلاة لم يجب عليه الصوم ، بل ولا يصح منه أيضاً ، نعم السفر الذي يجب فيه التمام لا يسقط فيه الصوم.
( مسألة 466 ) : الأماكن التي يتخير المسافر فيها بين التقصير والاتمام يتعين عليه فيها الافطار ولا يصح منه الصوم.
( مسألة 467 ) : يعتبر في جواز الافطار للمسافر ان يتجاوز حد الترخص الذي يعتبر في قصر الصلاة ، وقد مر بيانه في ص (191).
( مسألة 468 ) : يجب ـ على الاحوط ـ اتمام الصوم على من سافر بعد الزوال ويجتزي به ، وأما من سافر قبل الزوال فلا يصح منه صوم ذلك اليوم على ـ الأحوط لزوماً ـ وان لم يكن ناوياً للسفر من الليل ـ فيجوز له الافطار بعد التجاوز عن حد الترخص ، وعليه قضاؤه.
( مسألة 469 ) : إذا رجع المسافر إلى وطنه أو محل يريد فيه الاقامة عشرة ايام ففيه صور:
(1) ان يرجع اليه قبل الزوال أو بعده وقد افطر في سفره ، فلا صوم له في هذه الصورة.
(2) ان يرجع قبل الزوال ولم يفطر في سفره ، ففي هذه الصورة يجب عليه ـ على الاحوط ـ ان ينوي الصوم ويصوم بقية النهار ويصح منه .
(3) ان يرجع بعد الزوال ولم يفطر في سفره ، ولا يجب عليه الصوم في هذه الصورة ، بل لا يصح منه على ـ الأحوط لزوماً ـ .
( مسألة 470 ) : إذا صام المسافر جهلا بالحكم وعلم به بعد انقضاء النهار صح صومه ولم يجب عليه القضاء.
( مسألة 471 ) : يجوز السفر في شهر رمضان ولو من غير ضرورة ، ولابد من الافطار فيه ، وأما في غيره من الواجب المعين فلا يجوز السفر إذا كان واجباً بايجار ونحوه ، وكذا الثالث من ايام الاعتكاف ، ويجوز السفر فيما كان واجباً بالنذر ، وفي الحاق اليمين والعهد به اشكال ـ فالاحوط لزوماً ـ عدم السفر فيهما.
( مسألة 472 ) : لا يصح الصوم الواجب من المسافر سفراً تقصر الصلاة فيه ـ مع العلم بالحكم ـ إلاّ في ثلاثة مواضع:
1 ـ صوم الثلاثة ايامٍ وهي جزء من العشرة التي تكون بدل هدي التمتع لمن عجز عنه.
2 ـ صوم الثمانية عشر يوماً التي هي بدل البدنة كفارة لمن افاض من عرفات قبل الغروب عامداً.
3 ـ صوم النافلة في وقت معين المنذور ايقاعه في السفر أو في الأعم من السفر والحضر ، دون النذر المطلق ، وكما لا يصح الصوم الواجب في السفر في غير المواضع المذكورة ، كذلك لا يصح الصوم المندوب فيه ، إلاّ ثلاثة ايام للحاجة في المدينة المنورة ـ والأحوط لزوماً ـ ان يكون في الأربعاء والخميس والجمعة.
( مسألة 473 ) : يعتبر في صحة صوم النافلة ان لا تكون ذمة المكلف مشغولة بقضاء شهر رمضان ، ولا يضر بصحته ان يكون عليه صوم واجب لاجارة أو قضاء نذر مثلاً أو كفارة أو نحوها ، فيصح منه صوم النافلة في جميع ذلك ، كما يصح منه صوم الفريضة عن غيره ـ تبرعاً أو باجارة ـ وان كان عليه قضاء شهر رمضان.
( مسألة 474 ) : الشيخ والشيخة إذا شق عليهما الصوم جاز لهما الافطار ويُكفِّران عن كل يوم بمدّ من الطعام ، ولا يجب عليهما القضاء ، وإذا تعذر عليهما الصوم سقط عنهما ولا يبعد سقوط الكفارة حينئذٍ أيضاً ، ويجري هذا الحكم على ذي العطاش ( من به داء العطش ) أيضاً ، فإذا شق عليه الصوم كفّر عن كل يوم بمد ، وإذا تعذر عليه الصوم سقطت عنه الكفارة أيضاً.
( مسألة 475 ) : الحامل المقرب إذا خافت الضرر على نفسها ، أو على جنينها جاز لها الافطار ـ بل قد يجب كما إذا كان الصوم مستلزماً للاضرار المحرم باحدهما ـ وتُكفِّر عن كل يوم بمد ويجب عليها القضاء أيضاً.
( مسألة 476 ) : المرضع القليلة اللبن إذا خافت الضرر على نفسها ، أو على الطفل الرضيع جاز لها الافطار ـ بل قد يجب كما مر في المسألة السابقة ـ وعليها القضاء والتكفير عن كل يوم بمد ، ولا فرق في المرضع بين الأُم والمستأجرة والمتبرعة ـ والأحوط لزوماً ـ الاقتصار في ذلك على ما إذا انحصر الإرضاع بها ، بان لم يكن هناك طريق آخر لإرضاع الطفل ولو بالتبعيض من دون مانع وإلاّ لم يجز لها الافطار.
( مسألة 477 ) : يكفي في المدّ اعطاء ثلاثة ارباع الكيلو غرام تقريباً ، والأولى ان يكون من الحنطة ، أو دقيقها وإن كان يجزى مطلق الطعام حتى الخبز.
كتاب الصوم » ثبوت الهلال في شهر رمضان
يعتبر في وجوب صيام شهر رمضان ثبوت الهلال بأحد هذه الطرق:
(1) ان يراه المكلف نفسه.
(2) ان يتيقن او يطمئن لشياع أو نحوه برؤيته في بلده ، أو فيما يلحقه حكماً كما سيأتي بيانه.
(3) مضي ثلاثين يوماً من شهر شعبان.
(4) شهادة رجلين عادلين بالرؤية (وقد مرّ معنى العدالة في الصفحة 16) وتعتبر فيها وحدة المشهود به ، فلو ادعى احدهما الرؤية في طرف وادعى الآخر رؤيته في طرف آخر لم يثبت الهلال بذلك ، كما يعتبر فيها عدم العلم أو الاطمينان باشتباههما وعدم وجود معارض لشهادتهما ـ ولو حكماً ـ كما لو استهل جماعة كبيرة من أهل البلد فادعى الرؤية منهم عدلان فقط ، أو استهل جمع ولم يدع الرؤية إلاّ عدلان ولم يره الآخرون وفيهم عدلان يماثلانهما في معرفة مكان الهلال وحِدَّة النظر مع فرض صفاء الجو وعدم وجود ما يحتمل ان يكون مانعاً عن رؤيتهما ، ففي مثل ذلك لا عبرة بشهادة العدلين ، ولا يثبت الهلال بشهادة النساء إلاّ إذا حصل اليقين او الاطمينان به من شهادتهن.
( مسألة 478 ) : لا يثبت الهلال بحكم الحاكم ، ولا بتطوّقه ليدل على انه لليلة السابقة ، ولا بقول المنجم ونحوه.
( مسألة 479 ) : إذا افطر المكلف ثم انكشف ثبوت الهلال بأحد الطرق المزبورة وجب عليه القضاء ، وإذا بقي من النهار شيء وجب عليه الامساك فيه على الأحوط ، وان لم يكن قد افطر وكان ثبوته له قبل الزوال نوى الصوم وصح منه وان كان بعده ـ فالاحوط ـ الجمع بين الامساك بقصد القربة المطلقة والقضاء.
( مسألة 480 ) : يكفي ثبوت الهلال في بلد آخر وان لم ير في بلد الصائم إذا توافق افقهما ، بمعنى كون الرؤية في البلد الأول ملازمة للرؤية في البلد الثاني لولا المانع من سحاب أو جبل أو نحوهما.
( مسألة 481 ) : لابد في ثبوت هلال شوال من تحقق أحد الاُمور المتقدمة ، فلو لم يثبت بشيء منها لم يجز الافطار.
( مسألة 482 ) : إذا صام يوم الشك في انه من شهر رمضان أو شوال ، ثم ثبت الهلال اثناء النهار وجب عليه الافطار.
( مسألة 483 ) : لا يجوز ان يصوم يوم الشك في انه من شعبان او من شهر رمضان بنية انه من شهر رمضان ، نعم يجوز صومه استحباباً ، أو قضاءً فإذا انكشف ـ حينئذٍ ـ اثناء النهار انه من رمضان عدل بنيته واتم صومه ، ولو انكشف الحال بعد مضي الوقت حسب له صومه ولا يجب عليه القضاء.
( مسألة 484 ) : المحبوس أو الأسير إذا لم يتمكن من تشخيص شهر رمضان وجب عليه التحري حسب الامكان فيعمل بما غلب عليه ظنه ، ومع تساوي الاحتمالات يختار شهراً فيصومه ، ويجب عليه ان يحفظ الشهر الذي صامه ليتسنى له ـ من بعد ـ العلم بتطابقه مع شهر رمضان وعدمه ، فان انكشفت له المطابقة فهو ، وإن انكشف خلافها ففيه صورتان:
(الأولى) ان ينكشف ان صومه وقع بعد شهر رمضان ، فلا شيء عليه في هذه الصورة.
(الثانية) ان ينكشف ان صومه كان قبل شهر رمضان فيجب عليه في هذه الصورة ان يقضي صومه إذا كان الانكشاف بعد شهر رمضان.
كتاب الصوم » نية الصوم
يجب على المكلف قصد الامساك عن المفطرات المعهودة من أول الفجر إلى الغروب متقرباً به إلى الله تعالى ، ويجوز الاكتفاء بقصد صوم تمام الشهر من أوله ، فلا يعتبر حدوث القصد المذكور في كل ليلة ، أو عند طلوع الفجر وان كان يعتبر وجوده عنده ولو ارتكازاً.
( مسألة 485 ) : كما تعتبر النية في صيام شهر رمضان تعتبر في غيره من الصوم الواجب ، كصوم الكفارة والنذر والقضاء ، والصوم نيابة عن الغير ، ولو كان على المكلف اقسام من الصوم الواجب وجب عليه التعيين زائداً على قصد القربة ، نعم لا حاجة إلى التعيين في شهر رمضان لأن الصوم فيه متعين بنفسه.
( مسألة 486 ) : يكفي في نية الصوم ان ينوي الامساك عن المفطرات على نحو الاجمال ، ولا حاجة إلى تعيينها تفصيلاً.
( مسألة 487 ) : إذا لم تتحقق منه نية الصوم في يوم من شهر رمضان لنسيان منه مثلاً ولم يأت بمفطر ، فان تذكر بعد الزوال وجب عليه على ـ الأحوط وجوباً ـ الامساك بقية النهار بقصد القربة المطلقة والقضاء بعد ذلك ، وان كان التذكر قبل الزوال نوى الصوم واجتزأ به ، وكذا الحال في غيره من الواجب المعين ، واما الواجب غير المعين فيمتد وقت نيته إلى الزوال ـ والأحوط لزوماً ـ عدم تأخيرها عنه ، وأما صوم النافلة فيمتد وقت نيته إلى الغروب بمعنى ان المكلف إذا لم يكن قد اتى بمفطر جاز له ان يقصد صوم النافلة ويمسك بقية النهار ولو كان الباقي شيئاً قليلاً ويحسب له صوم هذا اليوم.
( مسألة 488 ) : لو عقد نية الصوم ثم نوى الافطار في وقت لا يجوز تأخير النية اليه عمداً ثم جدد النية لم يجتزىء به على ـ الأحوط لزوماً ـ .
( مسألة 489 ) : إذا نوى ليلاً صوم الغد ، ثم نام ولم يستيقظ طول النهار صح صومه.
كتاب الصوم » المفطرات
وهي اُمور:
( الأول والثاني : تعمد الأكل والشرب ) ولا فرق في المأكول والمشروب بين المتعارف وغيره ، ولا بين القليل والكثير ، كما لا فرق في الاكل والشرب بين أن يكونا من الطريق العادي أو من غيره ، فلو شرب الماء من انفه بطل صومه ، ويبطل الصوم ببلع الأجزاء الباقية من الطعام بين الأسنان اختياراً.
( مسألة 490 ) : لا يبطل الصوم بالأكل أو الشرب بغير عمد ، كما إذا نسي صومه فأكل أو شرب ، كما لا يبطل بما إذا وُجِرَ في حلقه بغير اختياره ونحو ذلك.
( مسألة 491 ) : لا يبطل الصوم بزرق الدواء أو غيره بالإبراة في العضلة أو الوريد ، كما لا يبطل بالتقطير في الأذن ، أو العين ولو ظهر أثر من اللون أو الطعم في الحلق ، وكذلك لا يبطل باستعمال البخاخ الذي يسهل عملية التنفس اذا كانت المادة التي يبثها تدخل المجرى التنفسي لا المري.
( مسألة 492 ) : يجوز للصائم بلع ريقه اختياراً ما لم يخرج من فضاء فمه ، بل يجوز له جمعه في فضائه ثم بلعه.
( مسألة 493 ) : لا بأس على الصائم ان يبلع ما يخرج من صدره ، أو ينزل من رأسه من الأخلاط ما لم يصل إلى فضاء الفم ، وإلاّ ـ فالأحوط استحباباً ـ تركه.
( مسألة 494 ) : يجوز للصائم الاستياك ، لكن إذا أخرج المسواك لايرده إلى فمه وعليه رطوبة الا ان يبصق ما في فمه من الريق بعد الرد أو تستهلك الرطوبة التي عليه في الريق.
( مسألة 495 ) : يجوز لمن يريد الصوم ترك تخليل الأسنان بعد الأكل ما لم يعلم بدخول شيء من الأجزاء الباقية بين الأسنان إلى الجوف في النهار ، والا وجب التخليل.
( مسألة 496 ) : لا بأس على الصائم ان يمضغ الطعام للصبي أو الحيوان ، وان يذوق المرق ونحو ذلك مما لا يتعدى إلى الحلق ، ولو اتفق تعدي شيء من ذلك إلى الحلق من غير قصد ولا علم بانه يتعدى قهراً أو نسياناً ، لم يبطل صومه.
( مسألة 497 ) : يجوز للصائم المضمضة بقصد الوضوء ، أو لغيره ما لم يبتلع شيئاً من الماء متعمداً ، وينبغي له بعد المضمضة ان يبزق ريقه ثلاثاً.
( مسألة 498 ) : إذا ادخل الصائم الماء في فمه للتمضمض أو غيره فسبق إلى جوفه بغير اختياره ، فان كان عن عطش كأن قصد به التبريد وجب عليه القضاء ، وأما في غير ذلك من موارد ادخال المايع في الفم أو الأنف وتعديه الى الجوف بغير اختيار فلا يجب القضاء ، وان كان هو ـ الأحوط الأولى ـ فيما إذا كان ذلك في الوضوء لصلاة النافلة بل مطلقاً إذا لم يكن لوضوء صلاة الفريضة.
( الثالث من المفطرات : على الأحوط لزوماً تعمد الكذب على الله ، أو على رسوله ، أو على أحد الأئمة المعصومين عليهم السلام ) وتلحق بهم على ـ الأحوط الأولى ـ الصديقة الطاهرة وسائر الأنبياء واوصيائهم عليهم السلام .
( مسألة 499 ) : إذا اعتقد الصائم صدق خبره عن الله ، أو عن أحد المعصومين عليهم السلام ثم انكشف له كذبه لم يبطل صومه ، نعم إذا أخبر عن الله أو عن أحد المعصومين : على سبيل الجزم غير معتمد على حجة شرعية مع احتمال كذب الخبر وكان كذباً في الواقع جرى عليه حكم التعمد.
( مسألة 500 ) : من يلحن في قراءة القرآن المجيد تجوز له قراءته من دون قصد الحكاية عن القرآن المنزل ، ولا يبطل بذلك صومه.
( الرابع من المفطرات : ـ على المشهور بين الفقهاء (رض) ـ تعمد الارتماس في الماء ) ولكن الأظهر انه لا يضر بصحة الصوم ، بل هو مكروه كراهة شديدة ، ولا فرق في ذلك بين رمس تمام البدن ورمس الرأس فقط ، ولا بأس بوقوف الصائم تحت المطر ونحوه وان احاط الماء بتمام بدنه.
( مسألة 501 ) : ـ الأحوط استحباباً ـ للصائم في شهر رمضان وفي غيره عدم الاغتسال برمس الرأس في الماء.
( الخامس من المفطرات : تعمد الجماع الموجب للجنابة ) ولايبطل الصوم به إذا لم يكن عن عمد.
( السادس من المفطرات : الاستمناء بملاعبة أو تقبيل أو ملامسة أو غير ذلك ) بل إذا أتى بشيء من ذلك ، ولم يطمئن من نفسه بعدم خروج المني فاتفق خروجه بطل صومه.
( مسألة 502 ) : إذا احتلم في شهر رمضان جاز له الاستبراء بالبول وان تيقن بخروج ما بقي من المني في المجرى ، من غير فرق بين كونه قبل الغسل أو بعده وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ الترك في الثاني.
( السابع من المفطرات : تعمد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر ) ويختص ذلك بصوم شهر رمضان (1) وبقضائه ، وأما في غيرهما من اقسام الصوم فلا يضر ذلك ، وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ تركه في سائر اقسام الصوم الواجب ، كما أن ـ الأحوط الأولى ـ عدم قضاء شهر رمضان في اليوم الذي يبقى فيه على الجنابة حتى يطلع الفجر من غير تعمد.
( مسألة 503 ) : البقاء على حدث الحيض أو النفاس مع التمكن من الغسل أو التيمم مبطل لصوم شهر رمضان ، بل ولقضائه أيضاً على ـ الأحوط لزوماً ـ دون غيرهما.
( مسألة 504 ) : من أجنب في شهر رمضان ليلاً ، ثم نام قاصداً ترك الغسل فاستيقظ بعد طلوع الفجر جرى عليه حكم تعمد البقاء على الجنابة وهكذا الحكم فيما لو نام متردداً في الاتيان بالغسل على ـ الأحوط لزوماً ـ وأما اذا كان ناوياً للغسل مطمئناً بالانتباه في وقت يسع له ـ لإعتياد أو غيره ـ فاتفق انه لم يستيقظ الا بعد الفجر فلا شيء عليه وصح صومه ، نعم اذا استيقظ ثم نام ولم يستيقظ حتى طلع الفجر وجب عليه القضاء ، وكذلك الحال في النومة الثالثة ، إلاّ أن ـ الأحوط الأولى ـ فيه اداء الكفارة أيضاً.
( مسألة 505 ) : اذا اجنب في شهر رمضان ليلا وأراد النوم ولم يكن مطمئناً بالاستيقاظ في وقت يسع الاغتسال قبل طلوع الفجر ـ فالأحوط لزوماً ـ ان يغتسل قبل النوم ، فان نام ناوياً للغسل ولم يستيقظ فالأحوط وجوباً القضاء حتى في النومة الأولى ، بل ـ الأحوط الأولى ـ اداء الكفارة أيضاً ولا سيما في النومة الثالثة.
( مسألة 506 ) : اذا علم بالجنابة ونسي غسلها حتى طلع الفجر من نهار شهر رمضان كان عليه قضاؤه ، ولكن يجب عليه امساك ذلك اليوم ـ والأحوط لزوماً ـ ان ينوي به القربة المطلقة ، ولا يلحق صيام غير شهر رمضان به في هذا الحكم حتى قضائه كما مر ، واذا لم يعلم بالجنابة ، أو علم بها ونسي وجوب صوم الغد حتى طلع الفجر صح صومه ولا شيء عليه.
( مسألة 507 ) : اذا لم يتمكن الجنب من الاغتسال ليلاً وجب عليه ان يتيمم قبل الفجر بدلاً عن الغسل فان تركه بطل صومه ، ولا يجب عليه ان يبقى مستيقظاً بعده حتى يطلع الفجر وان كان ذلك أحوط.
( مسألة 508 ) : حكم المرأة في الاستحاضة القليلة حكم الطاهرة ، وهكذا في الاستحاضة المتوسطة والكثيرة ، فلا يعتبر الغسل في صحة صومهما ، وان كان ـ الأحوط استحباباً ـ ان تراعيا فيه الاتيان بالأغسال النهارية التي للصلاة.
( الثامن من المفطرات : تعمد ادخال الغبار ، أو الدخان الغليظين في الحلق على ـ الأحوط لزوماً ـ ) ولا بأس بغير الغليظ منهما ، وكذا بما يتعسر التحرز عنه عادة كالغبار المتصاعد باثارة الهواء.
( التاسع من المفطرات : تعمد القيء ولو للضرورة ) ويجوز التجشؤ للصائم وان احتمل خروج شيء من الطعام أو الشراب معه ، ـ والأحوط لزوماً ـ ترك ذلك مع اليقين بخروجه ما لم يصدق عليه التقيأ والا فلا يجوز.
( مسألة 509 ) : لو خرج شيء من الطعام ، أو الشراب بالتجشؤ ، أو بغيره إلى حلق الصائم قهراً فابتلعه ثانياً بطل صومه على ـ الأحوط لزوماً ـ .
( العاشر من المفطرات: تعمد الإحتقان بالماء ، أو بغيره من المائعات ولو للضرورة ) ولا بأس بغير المائع ، كما لا بأس بما تستدخله المرأة من المائع أو الجامد في مهبلها.
( تذييل ) المفطرات المتقدمة ـ عدا الأكل والشرب والجماع ـ انما تبطل الصوم اذا ارتكبها العالم بمفطريتها ، أو الجاهل المقصر ، وكذا غير المقصر اذا كان متردداً ، ولا توجب البطلان اذا صدرت عن المعتمد في عدم مفطريتها على حجة شرعية ، أو عن الجاهل المركب اذا كان قاصراً.
كتاب الصوم » من أحكام المفطرات
( مسألة 510 ) : تجب الكفّارة على من افطر في شهر رمضان بالأكل أو الشرب ، أو الجماع أو الاستمناء ، أو البقاء على الجنابة مع العمد والاختيار من غير كره ولا اجبار ، ويتحقق التكفير حتى في الافطار بالمحرّم ـ بتحرير رقبة أو صيام شهرين متتابعين ، او اطعام ستين مسكيناً بتوضيح سيأتي في احكام الكفارات.
( مسألة 511 ) : إذا اكره الصائم زوجته على الجماع في نهار شهر رمضان وهي صائمة تضاعفت عليه الكفارة على ـ الأحوط لزوماً ـ ويعزّر بما يراه الحاكم الشرعي ، ومع عدم الاكراه ورضا الزوجة بذلك فعلى كل منهما كفارة واحدة ، ويعزران بما يراه الحاكم أيضاً.
( مسألة 512 ) : من ارتكب شيئاً من المفطرات في نهار شهر رمضان فبطل صومه ـ فالأحوط وجوباً ـ ان يمسك بقية ذلك النهار ، بل الأحوط لزوماً ان يكون امساكه برجاء المطلوبية في الافطار بادخال الدخان أو الغبار الغليظين في الحلق ، أو الكذب على الله ورسوله ، ولا تجب الكفارة الا بأول مرة من الافطار ، ولا تتعدد بتعدده حتى في الجماع والاستمناء ، فإنه لا تتكرر الكفارة بتكررهما وان كان ذلك ـ أحوط استحباباً ـ .
( مسألة 513 ) : من أفطر في شهر رمضان متعمداً ثم سافر لم يسقط عنه وجوب الكفارة وان كان سفره قبل الزوال.
( مسألة 514 ) : يختص وجوب الكفارة بالعالم بالحكم ، ولا كفارة على الجاهل القاصر ، ومثله الجاهل المقصر اذا لم يكن متردداً ـ والا لزمته الكفارة على الأحوط وجوباً ـ فلو استعمل مفطراً واثقاً بانه لا يبطل الصوم لم تجب عليه الكفارة وان اعتقد حرمته في نفسه ، كما لو استمنى متعمداً عالماً بحرمته ولكن واثقاً ـ ولو لتقصير ـ بعدم بطلان الصوم به فانه لا كفارة عليه ، نعم لا يعتبر في وجوب الكفارة العلم بوجوبها.
كتاب الصوم » موارد وجوب القضاء
( مسألة 515 ) : من افطر في شهر رمضان لعذر من سفر أو مرض ونحوهما وجب عليه القضاء في غيره من أيام السنة إلاّ يومي العيدين (الفطر والاضحى) فلا يجوز الصوم فيهما قضاءً وغير قضاء من سائر اقسام الصوم حتى النافلة.
( مسألة 516 ) : من اكره في نهار شهر رمضان على الاكل أو الشرب ، أو الجماع أو اقتضت التقية ارتكابها ، أو اضطر اليها ، أو إلى القيء ، أو الاحتقان جاز له الافطار بها ـ مع الاقتصار فيه على مقدار الضرورة على ـ الأحوط وجوباً ـ ولكن يبطل صومه ويجب عليه القضاء ، بل ـ الأحوط لزوماً ـ القضاء في الإكراه والاضطرار إلى الافطار بغير المذكورات أيضاً.
( مسألة 517 ) : تقدمت جملة من الموارد التي يجب فيها القضاء فقط والبقية كما يلي:
(1) ما إذا اخلّ بالنية في شهر رمضان ولكنه لم يرتكب شيئاً من المفطرات المتقدمة.
(2) ما إذا ارتكب شيئاً من المفطرات من دون فحص عن طلوع الفجر ، فانكشف طلوعه حين الافطار ، فإنه يجب عليه القضاء ـ مع الامساك بقية يومه برجاء المطلوبية على ـ الأحوط لزوماً ـ وأما إذا فحص ولم يظهر له طلوع الفجر فأتى بمفطر ثم انكشف طلوعه صح صومه ولا شيء عليه.
(3) ما إذا اتى بمفطر معتمداً على من أخبره ببقاء الليل ، أو على الساعة ونحوها ثم انكشف خلافه ، فإنه يجب عليه القضاء مع الامساك في بقية النهار برجاء المطلوبية على ـ الأحوط لزوماً ـ .
(4) ما إذا اخبر بطلوع الفجر فأتى بمفطر بزعم ان المخبر انما اخبر مزاحاً ثم انكشف ان الفجر كان طالعاً ، وحكمه ما تقدم في الفقرة (3).
(5) ما إذا اخبر من يعتمد على قوله شرعاً ـ كالبينة ـ عن دخول الليل فافطر وانكشف خلافه ، وأما إذا كان المخبر ممن لا يعتمد على قوله ومع ذلك افطر اهمالاً وتسامحاً وجبت الكفارة أيضاً الا إذا انكشف ان الافطار كان بعد دخول الليل.
(6) ما إذا افطر الصائم باعتقاد دخول الليل ثم انكشف عدمه ، حتى فيما إذا كان ذلك من جهة الغيم في السماء على ـ الأحوط لزوماً ـ.
كتاب الصوم » احكام القضاء
( مسألة 518 ) : لا يُعتبر الترتيب ولا الموالاة في القضاء ، فيجوز التفريق فيه ، كما يجوز قضاء ما فات ثانياً قبل ان يقضي ما فاته اولاً.
( مسألة 519 ) : ـ الأحوط الاولى ـ أن يقضي ما فاته في شهر رمضان لعذر أو بغير عذر اثناء سنته إلى رمضان الآتي ، ولا يؤخره عنه ، ولو أخره عمداً وجب ان يكفر عن كل يوم بالتصدق بمدّ من الطعام ، سواء فاته صوم شهر رمضان لعذر ام بدونه؛ على ـ الأحوط لزوماً ـ في الصورة الثانية ، كما ان ـ الأحوط وجوباً ـ اداء الكفارة مع التأخير في القضاء بغير عمد في الصورتين ، ولو فاته الصوم لمرض واستند التأخير في قضائه إلى استمرار المرض الى رمضان الآتي ، بحيث لم يتمكن المكلف من القضاء في مجموع السنة سقط وجوب القضاء ولزمته الفدية فقط ، وهي بمقدار الكفارة المذكورة.
( مسألة 520 ) : يجوز الافطار في قضاء شهر رمضان قبل الزوال ولايجوز بعده ، ولو افطر لزمته الكفارة ، وهي اطعام عشرة مساكين يعطي كل واحد منهم مداً من الطعام ، فلو عجز عنه صام بدله ثلاثة أيام ، هذا اذا لم يكن القضاء من ذلك اليوم متعيناً عليه بنذر أو نحوه ، والا لم يجز الافطار فيه مطلقاً ، كما هو الحكم في غيره من الواجب المعين بل قد تترتب الكفارة على ذلك كالافطار في الصوم المعين بالنذر ، وأما الواجب الموسّع ـ غير القضاء عن النفس ـ فيجوز الافطار فيه قبل الزوال وبعده والأولى ان لا يفطر بعد الزوال ، ولا سيما اذا كان الواجب هو قضاء صوم شهر رمضان عن غيره باجارة أو غير اجارة.
( مسألة 521 ) : من فاته صيام شهر رمضان لعذر او غيره ولم يقضه مع التمكن منه حتى مات ـ فالأحوط وجوباً ـ ان يقضيه عنه ولده الأكبر بالشرطين المتقدمين في المسألة (448) ـ ويجزى عن القضاء التصدق بمدّ من الطعام عن كل يوم ـ والأحوط الأولى ـ ذلك في الام أيضاً ، وما ذكرناه في المسألة (448) إلى المسألة (453) من الأحكام الراجعة إلى قضاء الصلوات يجري في قضاء الصوم أيضاً.
( مسألة 522 ) : إذا فاته صوم شهر رمضان لمرض ، أو حيض او نفاس ولم يتمكن من قضائه كأن مات قبل البرء من المرض ، او النقاء من الحيض او النفاس ، أو بعد ذلك قبل مضي زمان يصح منه قضاؤه فيه لم يقض عنه.
الحج » احكام الحج
الحج من أهم الفرائض في الشريعة الاسلامية ، قال الله تعالى ( ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين ) وفي المروي عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال : ( من مات ولم يحج حجة الاسلام لم يمنعه من ذلك حاجة تُجحف به أو مرض لا يطيق فيه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهودياً أو نصرانياً ) .
( مسألة 523 ) : يجب الحج على البالغ العاقل المستطيع ، وتتحقق الاستطاعة بتوفر الامور التالية:
1 ـ سلامة البدن ، بمعنى ان يكون متمكناً من مباشرة الحج بنفسه ، فالمريض أو الهرم ـ اي كبير السن ـ الذي لا يتمكن من اداء الحج إلى اخر عمره ، أو كانت مباشرته لاداء الحج موجبةً لوقوعه في حرج شديد لايتحمل عادة لا يجب عليه الحج بنفسه.
2 ـ تخلية السرب: ويقصد بها ان يكون الطريق مفتوحاً ومأموناً ، فلا يكون فيه مانع لا يمكن معه من الوصول إلى اماكن اداء المناسك ، وكذلك لا يكون خطراً على النفس أو المال أو العرض والا لم يجب الحج.
وإذا كان طريق الحج مغلقاً أو غير مأمون الا لمن يدفع مبلغاً من المال فان كان بذله مُجحِفاً بحال الشخص لم يجب عليه ذلك والا وجب وان كان المبلغ معتداً به.
3 ـ النفقة ، ويقصد بها كل ما يحتاج اليه في سفر الحج من تكاليف الذهاب والاياب ـ أو الذهاب فقط لمن لا يريد الرجوع إلى بلده ـ واجور المسكن وما يصرف خلال ذلك من المواد الغذائية والادوية وغير ذلك.
4 ـ الرجوع إلى الكفاية ، وهو ان يتمكن بالفعل أو بالقوة من اعاشة نفسه وعائلته بعد الرجوع إذا خرج إلى الحج وصرف ما عنده في نفقته بحيث لا يحتاج إلى التكفف ولا يقع في الشدة والحرج بسبب الخروج إلى الحج وصرف ما عنده من المال في سبيله.
5 ـ السعة في الوقت ، بان يكون له متسع من الوقت للسفر إلى الاماكن المقدسة واداء مناسك الحج فلو حصل له المال الكافي لاداء الحج في وقت متأخر لا يتسع لتهيئة متطلبات السفر إلى الحج ـ من تحصيل الجواز والتأشيرة ونحو ذلك ـ أو كان يمكن ذلك ولكن بحرج ومشقة شديدة لا تتحمل عادة ففي هذه الحالة لا يجب عليه الحج في هذا العام ، وعليه أن يحتفظ بماله لاداء الحج في عام لاحق إذا كان محرزاً تمكنه من ذلك من دون عوائق اخرى وكان التصرف فيه يخرجه عن الاستطاعة بحيث لا يتيسر له التدارك ، واما مع عدم احراز التمكن من الذهاب لاحقاً أو تيسر تدارك المال فلا بأس بصرفه وعدم التحفظ عليه.
( مسألة 524 ) : إذا كان عنده ما يفي بنفقات الحج ولكنه كان مديناً بدين مستوعب لما عنده من المال أو كالمستوعب بان لم يكن وافياً لنفقاته لو اقتطع منه مقدار الدين ـ لم يجب عليه الحج ، الا إذا كان مؤجلاً بأجل بعيد جداً كخمسين سنة مثلاً.
( مسألة 525 ) : إذا وجب عليه الحج وكان عليه خمس أو زكاة أو غيرها من الحقوق الواجبة لزمه اداؤها ولم يجز له تأخيرها لاجل السفر إلى الحج ، ولو كان ساتره في الطواف أو في صلاة الطوف من المال الذي تعلق به الخمس أو نحوه من الحقوق لم يصحا على الاحوط لزوماً ، ولو كان ثمن هدية من ذلك المال لم يجزئه إلاّ إذا كان الشراء بثمن في الذمة والوفاء من ذلك المال.
( مسألة 526 ) : تجب الاستنابة في الحج اي ارسال شخص للحج عن غيره في حالات ثلاث:
أ ـ إذا كان الشخص قادراً على تأمين نفقة الحج ولكنه كان في حال لا يمكنه معها فعل الحج لمرض ونحوه.
ب ـ إذا كان متمكناً من ادائه بنفسه فتسامح ولم يحج حتى ضعف عن الحج وعجز عنه بحيث لا يأمل التمكن منه لاحقاً.
ج ـ إذا كان متمكناً من اداء الحج ولم يحج حتى مات فيجب ان يستأجر من تركته من يحج عنه.
( مسألة 527 ) : الحج على ثلاثة أنواع: حج التمتع ، وحج الافراد ، وحج القران ، والاول هو وظيفة كل من كان محل سكناه يبعد عن مكة المكرمة اكثر من ثمانية وثمانين كيلومترا ، والاخران وظيفة من كان من اهل مكة أو من كانت المسافة بين محل سكناه ومكة اقل من المقدار المذكور كالمقيمين في جدة.
( مسألة 528 ) : يتألف حج التمتع من عبادتين الاولى ( العمرة ) والثانية ( الحج ) وتجب في عمرة التمتع خمسة امور حسب الترتيب الآتي:
1 ـ الاحرام بالتلبية.
2 ـ الطواف حول الكعبة المعظمة سبع مرات.
3 ـ صلاة الطواف خلف مقام إبراهيم عليه السلام.
4 ـ السعي بين الصفا والمروة سبع مرات.
5 ـ التقصير بقص شيء من شعر الرأس أو اللحية أو الشارب.
ويجب في حج التمتع ثلاثة عشر أمراً:
1 ـ الاحرام بالتلبية.
2 ـ الوقوف في عرفات يوم التاسع من ذي الحجة من زوال الشمس إلى غروبها.
3 ـ الوقوف في المزدلفة مقداراً من ليلة العيد إلى طلوع الشمس.
4 ـ رمي جمرة العقبة يوم العيد سبع حصيات.
5 ـ الذبح او النحر في يوم العيد وفيما بعده إلى آخر ايام التشريق في منى.
6 ـ حلق شعر الرأس او التقصير في منى.
7 ـ الطواف بالبيت طواف الحج.
8 ـ صلاة الطواف خلف مقام إبراهيم عليه السلام.
9 ـ الطواف بالبيت طواف النساء.
11 ـ صلاة طواف النساء.
12 ـ المبيت في منى ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر من ذي الحجة.
13 ـ رمي الجمار الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني عشر.
( مسألة 529 ) : يتألف حج الافراد من الامور الثلاثة عشر المذكور لحج التمتع باستثناء (الذبح والنحر) فانه ليس من اعماله ، كما يشترك حج القرآن مع حج الافراد في جميع الأعمال باستثناء أن المكلف يصحب معه الهدي وقت احرامه لحج القران ، وبذلك يجب الهدي عليه ، والاحرام له كما يصح ان يكون بالتلبية يصح ان يكون بالإشعار والتقليد.
ثم ان من تكون وظيفته حج الافراد أو حج القران يجب عليه اداء العمرة المفردة ايضاً إذا تمكن منها بل إذا تمكن منها ولم يتمكن من الحج وجب عليه اداؤها ، وإذا تمكن منهما معاً في وقت واحد فالاحوط لزوماً تقديم الحج على العمرة المفردة.
وتشترك عمرة المفردة مع عمرة التمتع في الامور الخمسة المذكورة ويضاف اليها : الطواف بالبيت طواف النساء وصلاة هذا الطواف خلف مقام إبراهيم ويتخير الرجل فيها بين التقصير والحلق ولا يتعين عليه التقصير كما في عمرة التمتع.
( مسألة 530 ) : كل واحد من افعال العمرة والحج ـ باقسامهما المذكورة ـ عمل عبادي لا بد من ادائه تخضعاً لله تعالى ، ولها الكثير من الخصوصيات والاحكام مما تكفلت لبيانها رسالة ( مناسك الحج ) فعلى من يروم ادائها ان يتعلم احكامها بصورة وافية لئلا يخالف وظيفته فينقص أو يبطل حجّه أو عمرته.
الزكاة » زكاة الاموال
الزكاة من الواجبات التي اهتم الشارع المقدس بها ، وقد قرنها الله تبارك وتعالى بالصلاة في غير واحد من الآيات الكريمة ، وهي احدى الخمس التي بني عليها الإسلام ، وقد ورد أن الصلاة لا تقبل من مانعها ، وإنَّ من منع قيراطاً من الزكاة فليمت ان شاء يهودياً أو نصرانياً ، وهي على قسمين: زكاة الاموال ، وزكاة الأبدان ( زكاة الفطرة ) وسيأتي بيان القسم الثاني بعد ذلك.
( مسألة 531 ) : تجب الزكاة في اربعة اشياء:
(1) في الأنعام: الغنم بقسميها المعز والضأن ، والابل ، والبقر ومنه الجاموس.
(2) في النقدين: الذهب والفضة.
(3) في الغلاّت: الحنطة والشعير ، والتمر والزبيب.
(4) في مال التجارة على ـ الأحوط وجوباً ـ .
ويعتبر في وجوبها في الجميع أمران:
(الأول): الملكية الشخصية ، فلا تجب في الأوقاف العامة ، ولا في المال الذي أوصى بان يصرف في التعازي أو المساجد ، أو المدارس ونحوها.
(الثاني): ان لا يكون محبوساً عن مالكه شرعاً ، فلا تجب الزكاة في الوقف الخاص ، والمرهون وما تعلق به حق الغرماء ، وأما المنذور التصدق به فتجب فيه الزكاة ولكن يلزم اداؤها من مال آخر لكي لا ينافي الوفاء بالنذر.
الزكاة » زكاة الحيوان
( مسألة 532 ) : يشترط في وجوب الزكاة في الأنعام امور: فلا تجب بفقدان شيء منها:
(1) استقرار الملكية في مجموع الحول ، فلو خرجت عن ملك مالكها اثناء الحول لم تجب فيها الزكاة ، والمراد بالحول هنا مضي احد عشر شهراً والدخول في الشهر الثاني عشر ـ وان كان الحول الثاني يبدأ من بعد انتهائه ـ وابتداء السنة فيها من حين تملكها وفي نتاجها من حين ولادتها.
(2) تمكن المالك ، أو وليّه من التصرف فيها في تمام الحول ، فلو غصبت أو ضلت ، أو سرقت فترة يعتد بها عرفاً لم تجب الزكاة فيها.
(3) السوم ، فلو كانت معلوفة ـ ولو في بعض السنة ـ لم تجب فيها الزكاة ، نعم لا يقدح في صدق السوم علفها قليلاً ، والعبرة فيه بالصدق العرفي ، وتحسب مدة رضاع النتاج من الحول وان لم تكن امهاتها سائمة.
(4) بلوغها حد النصاب ، وسيأتي بيانه.
( مسألة 533 ) : صدق السائمة على ما رعت من الأرض المستأجرة ، او المشتراة للرعي محل اشكال ، فثبوت الزكاة فيها مبني على ـ الاحتياط اللزومي ـ .
( مسألة 534 ) : لا يشترط في وجوب الزكاة في البقر والابل زائداً على كونها سائمة ان لا تكون عوامل على ـ الأحوط لزوماً ـ فلو استعملت في السقي ، أو الحرث ، أو الحمل ، أو نحو ذلك فلا يترك الاحتياط باخراج زكاتها ، وإذا كان استعمالها من القلة بحد يصدق عليها انها فارغة ـ وليست بعوامل ـ وجبت فيها الزكاة بلا اشكال.
( مسألة 535 ) : في الغنم خمسة نصب:
(1) اربعون ، وفيها شاة.
(2) مائة واحدى وعشرون ، وفيها شاتان.
(3) مائتان وواحدة ، وفيها ثلاث شياه.
(4) ثلاثمائة وواحدة ، وفيها اربع شياه.
(5) اربعمائة فصاعداً ففي كل مائة شاة ، وما بين النصابين في حكم النصاب السابق ـ والأحوط لزوماً ـ في الشاة المخرجة زكاة ان تكون داخلة في السنة الثالثة ان كانت معزاً ، وان تكون داخلة في السنة الثانية ان كانت ضأناً.
( مسألة 536 ) : في الإبل اثنا عشر نصاباً:
(1) خمس ، وفيها شاة.
(2) عشرة ، وفيها شاتان.
(3) خمس عشرة ، وفيها ثلاث شياه.
(4) عشرون ، وفيها اربع شياه.
(5) خمس وعشرون ، وفيها خمس شياه.
(6) ست وعشرون ، وفيها بنت مخاض ، وهي الداخلة في السنة الثانية.
(7) ست وثلاثون ، وفيها بنت لبون ، وهي الداخلة في السنة الثالثة.
(8) ست واربعون ، وفيها حقة ، وهي الداخلة في السنة الرابعة.
(9) احدى وستون ، وفيها جذعة ، وهي التي دخلت في السنة الخامسة.
(10) ست وسبعون ، وفيها بنتا لبون.
(11) احدى وتسعون وفيها حقتان.
(12) مائة واحدى وعشرون فصاعداً ، وفيها حقة لكل خمسين ، وبنت لبون لكل اربعين ، بمعنى انه يتعين عدها بالأربعين اذا كان عادَّاً لها بحيث اذا حسبت به لم تكن زيادة ولا نقيصة ، كما اذا كانت مائة وستين رأساً ، ويتعين عدها بالخمسين اذا كان عاداً لها ـ بالمعنى المتقدم ـ كما اذا كانت مائة وخمسين رأساً ، وان كان كل من الأربعين والخمسين عاداً كما اذا كانت مأتي رأس تخير المالك في العدّ باي منهما ، وان كانا معاً عادين لها وجب العد بهما كذلك كما اذا كانت مأتين وستين رأساً فيحسب خمسينين واربع اربعينات.
( مسألة 537 ) : في البقر نصابان :
(1) ثلاثون ، وزكاتها ما دخل منها في السنة الثانية ـ والأحوط لزوماً ـ ان يكون ذكراً.
(2) اربعون ، وزكاتها مسنّة ، وهي الداخلة في السنة الثالثة ، وفي ما زاد على اربعين يعد بثلاثين أو أربعين على التفصيل المتقدم ، وما بين النصابين في البقر والابل في حكم النصاب السابق كما تقدم في الغنم.
( مسألة 538 ) : اذا تولى المالك اخراج زكاة ماله لم يجز له اخراج المريض زكاة اذا كان جميع النصاب في الانعام صحاحاً ، كما لا يجوز له اخراج المعيب اذا كان النصاب باجمعه سليماً ، وكذلك لا يجوز له اخراج الهرم اذا كان كان الجميع شباباً ، بل الأمر كذلك مع الاختلاف على ـ الأحوط لزوماً ـ نعم إذا كان جميع افراد النصاب مريضاً ، أو معيباً أو هرماً جاز له الاخراج منها.
( مسألة 539 ) : اذا ملك من الأنعام بمقدار النصاب ثم ملك مقداراً آخر بنتاج او شراء او غير ذلك ، ففيه صور:
(الأولى): ان يكون ملكه الجديد بعد تمام الحول لما ملّكه أولاً ، ففي هذه الصورة يبتدئ الحول للمجموع ، مثلاً إذا كان عنده من الابل خمس وعشرون ، وبعد انتهاء الحول ملك واحدة فحينئذٍ يبتدئ الحول لست وعشرين.
(الثانية): ان يكون ملكه الجديد اثناء الحول ، وكان هو بنفسه بمقدار النصاب ، ففي هذه الصورة لا ينضم الجديد إلى الملك الاول ، بل يعتبر لكل منهما حول بانفراده ـ وان كان الملك الجديد مكملاً للنصاب اللاحق على الاحوط لزوماً ـ ، فإذا كان عنده خمس من الابل فملك خمساً اخرى بعد مضي ستة اشهر ، لزم عليه اخراج شاة عند تمام السنة الاولى ، واخراج شاة اخرى عند تمام السنة من حين تملكه الخمس الاخرى ، واذا كان عنده عشرون من الابل وملك ستة في اثناء حولها فالاحوط لزوماً ان يعتبر للعشرين حولاً وللستة حولاً آخر ويدفع على رأس كل حول فريضته.
(الثالثة): ان يكون ملكه الجديد مكملا للنصاب اللاحق ولا يعتبر نصاباً مستقلاً ، ففي هذه الصورة يجب اخراج الزكاة للنصاب الأول عند انتهاء سنته ، وبعده يضم الجديد الى السابق ، ويعتبر لهما حولا واحداً ، فاذا ملك ثلاثين من البقر ، وفي اثناء الحول ملك احد عشر رأساً من البقر وجب عليه ـ بعد انتهاء الحول ـ اخراج الزكاة للثلاثين ويبتدئ الحول للاربعين.
(الرابعة): ان لا يكون ملكه الجديد نصاباً مستقلاً ولا مكملاً للنصاب اللاحق ، ففي هذه الصورة لا يجب عليه شيء لملكه الجديد ، وان كان هو بنفسه نصاباً لو فرض انه لم يكن مالكاً للنصاب السابق ، فاذا ملك اربعين رأساً من الغنم ثم ملك اثناء الحول اربعين غيرها لم يجب شيء في ملكه ثانياً ما لم يصل إلى النصاب الثاني.
( مسألة 540 ) : إذا كان مالكاً للنصاب لا أزيد ـ كاربعين شاة مثلاً ـ فحال عليه ، احوال فان اخرج زكاته كل سنة من غيره تكررت لعدم نقصانه حينئذٍ عن النصاب ، وان اخرجها منه أو لم يخرجها اصلاً لم تجب الا زكاة سنة واحدة ، ولو كان عنده ازيد من النصاب ـ كأن كان عنده خمسون شاة ـ وحال عليه احوال لم يؤد زكاتها وجبت عليه الزكاة بمقدار ما مضى من السنين الى ان ينقص عن النصاب.
( مسألة 541 ) : لا يجب اخراج الزكاة من شخص الأنعام التي تعلقت الزكاة بها ، فلو ملك من الغنم اربعين جاز له ان يعطي شاة من غيرها زكاة.
الزكاة » زكاة النقدين
يعتبر في وجوب الزكاة في الذهب والفضة أمور:
(الأول): كمال المالك بالبلوغ والعقل ، فلا تجب الزكاة في النقدين من اموال الصبي والمجنون.
(الثاني): بلوغ النصاب ، ولكل منهما نصابان ، ولا زكاة فيما لم يبلغ النصاب الأول منهما ، وما بين النصابين بحكم النصاب السابق ، فنصابا الذهب: خمسة عشر مثقالاً صيرفياً ، ثم ثلاثة فثلاثة ، ونصابا الفضة: مائة وخمسة مثاقيل ، ثم واحد وعشرون ، فواحد وعشرون مثقالاً وهكذا ، والمقدار الواجب اخراجه في كل منهما ربع العشر ( 5‚2%).
(الثالث): ان يكونا من المسكوكات النقدية التي يتداول التعامل بها سواء في ذلك السكة الاسلامية وغيرها ، فلا تجب الزكاة في سبائك الذهب والفضة ، والحلي المتخذة منهما ، وفي غير ذلك مما لا يكون مسكوكاً او يكون من المسكوكات القديمة الخارجة عن رواج المعاملة.
وبذلك يعلم انه لا موضوع لزكاة الذهب والفضة في العصر الحاضر الذي لا يتداول فيه التعامل بالعملات النقدية الذهبية والفضية.
(الرابع): مضي الحول ، بان يبقى في ملك مالكه واجداً للشروط تمام الحول ، فلو خرج عن ملكه اثناء الحول ، أو نقص عن النصاب ، او الغيت سكته ـ ولو بجعله سبيكة ـ لم تجب الزكاة فيه ، نعم لو ابدل الذهب المسكوك بمثله ، أو بالفضة المسكوكة ، أو ابدل الفضة المسكوكة بمثلها ، أو بالذهب المسكوك كلاً أو بعضاً بقصد الفرار من الزكاة وبقي واجداً لسائر الشرائط الى تمام الحول فلا يترك الاحتياط باخراج زكاته حينئذٍ ، ويتم الحول بمضي احد عشر شهراً ، ودخول الشهر الثاني عشر.
(الخامس): تمكن المالك من التصرف فيه في تمام الحول ، فلا تجب الزكاة في المغصوب والمسروق ، والمال الضائع فترة يعتد بها عرفاً.
الزكاة » زكاة الغلات الاربع
يعتبر في وجوب الزكاة في الغلات الأربع أمران:
( الأول: بلوغ النصاب ) ولها نصاب واحد وهو ثلاثمائة صاع ، وهذا يقارب ـ فيما قيل ـ ثمانمائة وسبعة واربعين كيلو غراماً (1) ، ولا تجب الزكاة في ما لم يبلغ النصاب ، فاذا بلغه وجبت فيه وفي ما يزيد عليه ، وان كان الزائد قليلاً.
( الثاني: الملكية حال تعلق الزكاة بها ) فلا زكاة فيها اذا تملكها الانسان بعد تعلق الزكاة بها.
( مسألة 542 ) : تتعلق الزكاة بالغلات حينما يصدق عليها اسم الحنطة أو الشعير ، أو التمر أو العنب ، إلاّ أن المناط في اعتبار النصاب بلوغها حده بعد يبسها ، حين تصفية الحنطة والشعير من التبن ، واجتذاذ التمر واقتطاف الزبيب ، فاذا كانت الغلة حينما يصدق عليها احد هذه العناوين بحد النصاب ، ولكنها لا تبلغه حينذاك لجفافها لم تجب الزكاة فيها.
( مسألة 543 ) : لا تتعلق الزكاة بما يؤكل ويصرف من ثمر النخل حال كونه بُسراً (خلالاً) أو رطباً وإن كان يبلغ مقدار النصاب لو بقي وصار تمراً ، وأمّا ما يؤكل ويصرف من ثمر الكرم عنباً فيجب إخراج زكاته لو كان بحيث لو بقي وصار زبيباً لبلغ حد النصاب.
( مسألة 544 ) : لا تجب الزكاة في الغلات الأربع إلاّ مرة واحدة ، فاذا ادى زكاتها لم تجب في السنة الثانية ، ولا يشترط فيها الحول المعتبر في النقدين والأنعام.
( مسألة 545 ) : يختلف مقدار الزكاة في الغلات باختلاف الصور الآتية:
(الأولى): ان يكون سقيها بالمطر ، أو بماء النهر ، أو بمصّ عروقها الماء من الأرض ونحو ذلك مما لا يحتاج السقي فيه إلى العلاج ، ففي هذه الصورة يجب اخراج عشرها (10%) زكاة.
(الثانية): ان يكون سقيها بالدلو والرشا ، والدوالي والمضخات ونحو ذلك ، ففي هذه الصورة يجب اخراج نصف العشر (5%).
(الثالثة): ان يكون سقيها بالمطر أو نحوه تارة ، وبالدلو أو نحوه تارة اُخرى ، ولكن كان الغالب احدهما بحد يصدق عرفاً انه سقي به ، ولا يعتد بالآخر ، ففي هذه الصورة يجري عليه حكم الغالب.
(الرابعة): ان يكون سقيها بالأمرين على نحو الاشتراك ، بان لا يزيد احدهما على الآخر ، أو كانت الزيادة على نحو لا يسقط بها الآخر عن الاعتبار ، ففي هذه الصورة يجب اخراج ثلاثة ارباع العشر (7.5%).
( مسألة 546 ) : المدار في التفصيل المتقدم في الثمرة عليها لا على شجرتها ، فاذا كان الشجر حين غرسه يسقى بالدلاء مثلا فلما بلغ اوان اثمارها صار يمص ماء النزيز بعروقه وجب فيه العشر 10%.
( مسألة 547 ) : إذا زرع الأرض حنطة ـ مثلاً ـ وسقاها بالمضخات أو نحوها ، فتسرّب الماء إلى ارض مجاورة فزرعها شعيراً فمصّ الماء بعروقه ولم يحتج الى سقي آخر فمقدار الزكاة في الزرع الأول 5% وفي الزرع الثاني 10% على ـ الأحوط لزوماً ـ ومثل ذلك ما إذا زرع الأرض وسقاها بعلاج ثم حصده وزرع مكانه شعيراً مثلا فمصّ الماء المتخلف في الأرض ولم يحتج الى سقي جديد فان ـ الأحوط لزوماً ـ ثبوت الزكاة فيه بنسبة 10%.
( مسألة 548 ) : لا يعتبر في بلوغ الغلات حدّ النصاب استثناء ما صرفه المالك في المؤن قبل تعلق الزكاة وبعده ، فلو كان الحاصل يبلغ حد النصاب ولكنه إذا وضعت المؤن لم يبلغه وجبت الزكاة فيه ، بل الأحوط لزوماً إخراج الزكاة من مجموع الحاصل من دون وضع المؤن ، نعم ما تأخذه الحكومة من اعيان الغلات لا تجب زكاته على المالك.
( مسألة 549 ) : اذا تعلقت الزكاة بالغلات لا يتعين على المالك تحمل مؤونتها إلى أوان الحصاد أو الاجتناء ، فان له المخرج عن ذلك بان يسلمها الى مستحقها ، أو الحاكم الشرعي وهي على الساق ، أو على الشجر ثم يشترك معه في المؤن.
( مسألة 550 ) : لا يعتبر في وجوب الزكاة أن تكون الغلة في مكان واحد ، فلو كان له نخيل أو زرع في بلد لم يبلغ حاصله حد النصاب ، وكان له مثل ذلك في بلد آخر ، وبلغ مجموع الحاصلين في سنة حد النصاب وجبت الزكاة فيه.
( مسألة 551 ) : إذا ملك شيئاً من الغلات وتعلقت به الزكاة ثم مات وجب على الورثة إخراجها ، وإذا مات قبل تعلقها به انتقل المال باجمعه الى الورثة ، فمن بلغ نصيبه حد النصاب ـ حين تعلق الزكاة به ـ وجبت عليه ، ومن لم يبلغ نصيبه حده لم تجب عليه.
( مسألة 552 ) : من ملك نوعين من غلة واحدة كالحنطة الجيدة والرديئة ، جاز له اخراج الزكاة منهما مراعياً للنسبة ، ولا يجوز اخراج تمامها من القسم الرديء على ـ الأحوط لزوماً ـ.
( مسألة 553 ) : إذا اشترك اثنان أو أكثر في غلة ـ كما في المزارعة وغيرها ـ لم يكف في وجوب الزكاة بلوغ مجموع الحاصل حد النصاب ، بل يختص الوجوب بمن بلغ نصيبه حده.
الزكاة » زكاة مال التجارة
وهو المال الذي يتملكه الشخص بعقد المعاوضة قاصداً به الاكتساب والاسترباح ، فيجب ـ على الأحوط ـ اداء زكاته ، وهي ربع العشر (2.5%) مع استجماع الشرائط التالية:
(الأول): كمال المالك بالبلوغ والعقل.
(الثاني): بلوغ المال حد النصاب وهو نصاب احد النقدين المتقدم في ص (229).
(الثالث): مُضيِّ الحول عليه بعينه من حين قصد الاسترباح.
(الرابع): بقاء قصد الاسترباح طول الحول ، فلو عدل عنه ونوى به القنية ، أو الصرف في المؤونة مثلاً في الأثناء لم تجب فيه الزكاة.
(الخامس): تمكن المالك من التصرف فيه في تمام الحول.
(السادس): ان يطلب برأس المال أو بزيادة عليه طول الحول ، فلو طلب بنقيصة اثناء السنة لم تجب فيه الزكاة.
الزكاة » أحکام الزكاة
يجب قصد القربة في اداء الزكاة حين تسليمها الى المستحق ، أو الحاكم الشرعي ، أو العامل المنصوب من قبله ، أو الوكيل في ايصالها الى المستحق ـ والأحوط استحباباً ـ استمرار النية حتى يوصلها الوكيل ، وان ادى قاصداً به الزكاة من دون قصد القربة فالأظهر تعيّنه واجزاؤه وإن أثم ، والأولى تسليم الزكاة إلى الحاكم الشرعي ليصرفها في مصارفها.
( مسألة 554 ) : لا يجب اخراج الزكاة من عين ما تعلقت به فيجوز اعطاء قيمتها من النقود ، دون غيرها على ـ الأحوط لزوماً ـ .
( مسألة 555 ) : من كان له على الفقير دين جاز له ان يحتسبه زكاة ، سواء في ذلك موت المديون وحياته ، نعم يعتبر في المديون الميت ان لا تفي تركته باداء دينه ، أو يمتنع الورثة عن ادائه ، او يتعذر استيفاؤه لسبب آخر.
( مسألة 556 ) : يجوز اعطاء الفقير الزكاة من دون إعلامه بالحال.
( مسألة 557 ) : إذا أدى الزكاة الى من يعتقد كونه مصرفاً لها ثم انكشف خلافه استردها إذا كانت عينها باقية ، وكان له استرداد بدلها إذا تلفت العين وقد علم الآخذ ان ما اخذه زكاة ، وأما إذا لم يكن الآخذ عالماً بذلك فلا ضمان عليه ، ويجب على المالك حينئذٍ وعند عدم امكان الاسترداد في الصورة الاولى اخراج بدلها ، نعم اذا كان أداؤه بعد الفحص والاجتهاد ، أو مستنداً الى الحجة الشرعية فوجوب اخراج البدل مبني على الاحتياط ، وإذا سلَّم الزكاة الى الحاكم الشرعي فصرفها في غير مصرفها باعتقاد انه مصرف لها برئت ذمة المالك ، ولا يجب عليه اخراجها ثانياً.
( مسألة 558 ) : يجوز نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر ، وإذا كان في بلد الزكاة مستحق كانت اجرة النقل على المالك ، ولو تلفت الزكاة بعد ذلك ضمنها ، وإذا لم يجد المستحق في بلده فنقلها لغاية الايصال إلى مستحقه استجاز الحاكم الشرعي ، أو وكيله في احتساب الأُجرة على الزكاة لم يضمنها إذا تلفت بغير تفريط.
( مسألة 559 ) : يجوز عزل الزكاة من العين أو من مال آخر فيتعين المعزول زكاة ويكون أمانة عنده ، ولا يضمنه حينئذٍ الا إذا فرط في حفظه أو أخر أداءه مع وجود المستحق من دون غرض صحيح ، وفي ثبوت الضمان إذا كان التأخير لغرض صحيح كما إذا أخّره لانتظار مستحق معين ، أو للإيصال الى المستحق تدريجاً اشكال فلا يترك مراعاة الاحتياط في ذلك.
( مسألة 560 ) : لا يجوز للمالك أن يسترجع من الفقير ـ بشرط ، أو بدونه ـ ما دفعه اليه من الزكاة مع عدم طيب نفسه بذلك ، كما لا يجوز للفقير ان يصالح المالك على تعويض الزكاة بشيء قبل تسلمها.
( مسألة 561 ) : اذا اتفق تلف شيء من الأنعام اثناء الحول فان نقص الباقي عن النصاب لم تجب الزكاة فيه ، والا وجبت الزكاة فيما بقي منها ، ولو كان التلف بعد تعلق الزكاة به فان نقص به النصاب حسب التالف من الزكاة ومن مال المالك بالنسبة اذا لم يكن بتفريط منه ، وان لم ينقص به النصاب كان التلف من المالك فحسب على ـ الأحوط لزوماً ـ ويجري نظير هذا الحكم في النقدين والغلات أيضاً.
( مسألة 562 ) : إذا باع المالك ما تعلقت به الزكاة قبل اخراجها صح البيع ، سواء وقع على جميع العين الزكوية ، أو على بعضها المعين أو المشاع ، ويجب على البائع اخراج الزكاة ولو من مال آخر ، وأما المشتري القابض للمبيع فان اعتقد ان البائع قد اخرجها قبل البيع ، أو احتمل ذلك لم يكن عليه شيء والا فيجب عليه اخراجها ، فان اخرجها وكان مغروراً من قبل البائع جاز له الرجوع بها عليه.
الزكاة » موارد صرف الزكاة
تصرف الزكاة في ثمانية موارد:
( الأول والثاني : الفقراء والمساكين ) والمراد بالفقير من لا يملك مؤونة سنته اللائقة بحاله لنفسه وعائلته ، لا بالفعل ولا بالقوة ، فلا يجوز اعطاء الزكاة لمن يجد من المال ما يفي ـ ولو بالتجارة والاستنماء ـ بمصرفه ومصرف عائلته مدة سنة ، أو كانت له صنعة أو حرفة يتمكن بها من اعاشة نفسه وعائلته وان لم يملك ما يفي بمؤونة سنته بالفعل ، والمسكين أسوأ حالاً من الفقير كمن لا يملك قوته اليومي.
( مسألة 563 ) : يجوز اعطاء الزكاة لمن يدعي الفقر إذا علم فقره سابقاً ولم يعلم غناه بعد ذلك ، ولو جهل حاله من أول أمره ـ فالأحوط لزوماً ـ عدم دفع الزكاة اليه الا مع الوثوق بفقره ، وإذا علم غناه سابقاً فلا يجوز ان يعطى من الزكاة ما لم يثبت فقره بعلم أو بحجة معتبرة.
( مسألة 564 ) : لا يضر بصدق عنوان (الفقير) التمكن من تأمين مؤونته بالتكسب بمهنة ، أو صنعة لا تناسب شأنه ، كما لا يضر به كونه مالكاً رأس مال لا يكفي ربحه بمؤونته وان كانت عينه تكفي لذلك ، وكذلك لا يضرُّ به تملكه داراً لسكناه واثاثاً لمنزله وسائر ما يحتاج اليه من وسائل الحياة اللائقة بشأنه ، نعم إذا كان له من ذلك اكثر من مقدار حاجته وكانت تفي بمؤونته لم يعد فقيراً ، بل لو كان يملك داراً فخمة ـ مثلاً ـ تندفع حاجته باقل منها قيمة وكان التفاوت بينهما يكفيه لمؤونته لم يعد فقيراً اذا بلغت الزيادة حد الاسراف بان خرج عما يناسب حاله كثيراً والا لم يمنع من ذلك.
ومن كان قادراً على تعلم صنعة أو حرفة يفي مدخولها بمؤونته لا يجوز له ـ على الأحوط ـ ترك التعلم والأخذ من الزكاة ، نعم يجوز له الأخذ منها في فترة التعلم ، بل يجوز له الأخذ ما لم يتعلم وإن كان مقصراً في تركه ، وكذلك من كان قادراً على التكسب وتركه تكاسلاً وطلباً للراحة حتى فات عنه زمان الاكتساب بحيث صار محتاجاً فعلاً الى مؤونة يوم ، أو ايام فانه يجوز له ان يأخذ من الزكاة وان كان ذلك العجز قد حصل بسوء اختياره.
( الثالث : العاملون عليها ) من قبل النبي صلى الله عليه وآله أو الامام عليه السلام أو الحاكم الشرعي أو نائبه.
( الرابع : المؤلفة قلوبهم ) وهم طائفة من الكفار يتمايلون الى الاسلام ، أو يعاونون المسلمين بإعطائهم الزكاة ، أو يُؤمَن بذلك من شرهم وفتنتهم ، وطائفة من المسلمين شكاك في بعض ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله فيعطون من الزكاة ليحسن اسلامهم ويثبتوا على دينهم ، أو قوم من المسلمين لا يدينون بالولاية فيعطون من الزكاة ليرغبوا فيها ويثبتوا عليها ، ولا ولاية للمالك في صرف الزكاة على المذكورين في المورد الثالث والرابع ، بل ذلك منوط برأي الامام عليه السلام أو نائبه.
( الخامس : العبيد ) فانهم يعتقون من الزكاة ، على تفصيل مذكور في محله.
( السادس : الغارمون ) فمن كان عليه دين وعجز عن ادائه جاز اداء دينه من الزكاة ، وان كان متمكناً من إعاشةِ نفسه وعائلته سنة كاملة بالفعل أو بالقوة.
( مسألة 565 ) : يعتبر في الدين ان لا يكون قد صرف في حرام ، والا لم يجز اداؤه من الزكاة ـ والأحوط لزوماً ـ اعتبار استحقاق الدائن لمطالبته ، فلو كان عليه دين مؤجل لم يحل اجله فلا يترك الاحتياط بعدم ادائه من الزكاة ، وكذلك ما إذا قنع الدائن بادائه تدريجاً وتمكن المديون من ذلك من دون حرج.
( مسألة 566 ) : لا يجوز اعطاء الزكاة لمن يدعي الدين ، بل لا بد من ثبوته بعلم أو بحجة معتبرة.
( السابع : سبيل الله ) ويقصد به المصالح العامة للمسلمين كتعبيد الطرق ، وبناء الجسور والمستشفيات ، وملاجىء للفقراء ، والمساجد والمدارس الدينية ، ونشر الكتب الاسلامية المفيدة وغير ذلك مما يحتاج اليه المسلمون ، وفي ثبوت ولاية المالك على صرف الزكاة فيه اشكال ، فلايترك الاحتياط بالاستئذان من الحاكم الشرعي.
( الثامن : ابن السبيل ) وهو المسافر الذي نفدت نفقته ، أو تلفت راحلته ولا يتمكن معه من الرجوع الى بلده وان كان غنياً فيه ، ويعتبر فيه ان لا يجد ما يبيعه ويصرف ثمنه في وصوله الى بلده ، وان لا يتمكن من الاستدانة بغير حرج ، بل ـ الأحوط لزوماً ـ اعتبار ان لا يكون متمكناً من بيع ، او ايجار ماله الذي في بلده ، ويعتبر فيه أيضاً ان لا يكون سفره في معصية ؛ فإذا كان شيء من ذلك لم يجز ان يعطى من الزكاة.
( مسألة 567 ) : يجوز للمالك دفع الزكاة الى مستحقيها مع استجماع الشرائط الآتية:
(1) الايمان ، ولا فرق في المؤمن بين البالغ وغيره ، ويصرفها المالك على غير البالغ بنفسه ، أو بتوسط أمين ، أو يعطيها لوليه.
(2) ان لا يصرفها الآخذ في حرام ، فلا يعطيها لمن يصرفها فيه ، بل ـ الأحوط لزوماً ـ اعتبار ان لا يكون في الدفع اليه اعانة على الإثم واغراء بالقبيح ، وان لم يكن يصرفها في الحرام ، كما ان ـ الأحوط لزوماً ـ عدم اعطائها لتارك الصلاة أو شارب الخمر ، أو المتجاهر بالفسق.
(3) ان لا تجب نفقته على المالك ، فلا يعطيها لمن تجب نفقته عليه كالولد والأبوين ، والزوجة الدائمة ، ولا بأس باعطائها لمن تجب نفقته عليهم ، فإذا كان الوالد فقيراً وكانت له زوجة تجب نفقتها عليه جاز للولد ان يعطي زكاته لها.
( مسألة 568 ) : يختص عدم جواز اعطاء المالك الزكاة لمن تجب نفقته عليه بما إذا كان الاعطاء بعنوان الفقر ، فلا بأس باعطائها له بعنوان آخر ، كما إذا كان مديوناً أو ابن سبيل.
( مسألة 569 ) : لا يجوز اعطاء الزكاة للزوجة الفقيرة اذا كان الزوج باذلاً لنفقتها ، أو كان قادراً على ذلك مع امكان اجباره عليه ، كما أن ـ الأحوط لزوماً ـ عدم اعطاء الزكاة للفقير الذي وجبت نفقته على شخص آخر مع استعداده للقيام بها من دون منة لا تتحمل عادة.
(4) ان لا يكون هاشمياً ، فلا يجوز اعطاء الزكاة للهاشمي من سهم الفقراء أو من غيره ، وهذا شرط عام في مستحق الزكاة وان كان الدافع اليه هو الحاكم الشرعي ، ولا بأس بأن ينتفع الهاشمي ـ كغيره ـ من المشاريع الخيرية المنشأة من سهم سبيل الله ، ويستثنى مما تقدم ما إذا كان المعطي هاشمياً ، فلا تحرم على الهاشمي زكاة مثله ، وأما إذا اضطر الهاشمي إلى زكاة غير الهاشمي جاز له الأخذ منها ولكن ـ الأحوط لزوماً ـ تحديده بعدم كفاية الخمس ونحوه والاقتصار على قدر الضرورة يوماً فيوماً مع الامكان.
( مسألة 570 ) : لا بأس بان يعطى الهاشمي ـ غير الزكاة ـ من الصدقات الواجبة أو المستحبة ، وان كان المعطي غير هاشمي ـ والأحوط الأولى ـ ان لا يعطى من الصدقات الواجبة كالمظالم والكفارات.
( مسألة 571 ) : لا تجب على المالك قسمة الزكاة على جميع الموارد التي يجوز له صرفها فيها ، بل له ان يقتصر على صرفها في مورد واحد منها فقط.
( مسألة 572 ) : يجوز ان يعطى الفقير ما يفي بمؤونته ومؤونة عائلته سنة واحدة ، ولا يجوز ان يعطى اكثر من ذلك دفعة واحدة على ـ الأحوط لزوماً ـ وأما إذا اعطي تدريجاً حتى بلغ مقدار مؤونة سنة نفسه وعائلته فلا يجوز اعطاؤه الزائد عليه بلا اشكال.
الزكاة » زكاة الفطرة
تجب الفطرة على كل مكلف بشروط:
(1) البلوغ.
(2) العقل وعدم الإغماء.
(3) الغنى ـ وهو يقابل الفقر الذي تقدم معناه في ص (257) ـ ويعتبر تحقق هذه الشرائط آناً ما قبل الغروب إلى أول جزء من ليلة عيد الفطر على المشهور ، ولكن لا يترك الاحتياط في ما إذا تحققت الشرائط مقارناً للغروب بل بعده أيضاً ما دام وقتها باقياً ، ويجب في ادائها قصد القربة على النحو المعتبر في زكاة المال وقد مر في الصفحة (254).
( مسألة 573 ) : يجب على المكلف اخراج الفطرة عن نفسه وكذا عمن يعوله في ليلة العيد سواء في ذلك من تجب نفقته عليه وغيره وسواء فيه المسافر والحاضر ، والصغير والكبير.
( مسألة 574 ) : لا يجب اداء زكاة الفطرة عن الضيف إذا لم يعد عرفاً ممن يعوله مضيفه ـ ولو موقتاً ـ سواء أنزل بعد دخول ليلة العيد أم نزل قبل دخولها ، وأما إذا عدّ كذلك فيجب الأداء عنه بلا اشكال فيما إذا نزل قبل دخول ليلة العيد وبقي عنده ، وكذلك فيما إذا نزل بعده على الأحوط لزوماً.
( مسألة 575 ) : لا تجب الفطرة على من تجب فطرته على غيره ، لكنه إذا لم يؤدها من وجبت عليه وجب على الأحوط اداؤها على نفسه إذا كان مستجمعاً للشرائط المتقدمة.
( مسألة 576 ) : الغني الذي يعيله فقير تجب فطرته على نفسه مع استجماعه لسائر الشروط ، ولو اداها عنه المعيل الفقير لم تسقط عنه ولزمه إخراجها على ـ الأحوط وجوباً ـ.
( مسألة 577 ) : لا يجب أداء الفطرة عن الأجير ، كالبناء ، والنجار والخادم إذا كانت معيشتهم على انفسهم ولم يعدوا ممن يعولهم المستأجر وإلاّ فيجب عليه اداء فطرتهم.
( مسألة 578 ) : لا تحل فطرة غير الهاشمي للهاشمي ، والعبرة بحال المعطي نفسه لا بعياله ، فلو كانت زوجة الرجل هاشمية وهو غير هاشمي لم تحل فطرتها لهاشمي ، ولو انعكس الأمر حلت فطرتها له.
(مسألة 579 ) : يستحب للفقير اخراج الفطرة عنه وعمن يعوله ، فإن لم يجد غير صاع واحد جاز له ان يعطيه عن نفسه لأحد عائلته وهو يعطيه إلى آخر منهم ، وهكذا يفعل جميعهم حتى ينتهي إلى الأخير منهم وهو يعطيها إلى فقير غيرهم.
الزكاة » مقدار الفطرة ونوعها
الضابط في جنس زكاة الفطرة ان يكون قوتاً شايعاً لأهل البلد ، يتعارف عندهم التغذي به وان لم يقتصروا عليه ، سواء أكان من الأجناس الأربعة ( الحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب ) أم من غيرها كالأرز والذرة ، وأما ما لا يكون كذلك ـ فالأحوط لزوماً ـ عدم اخراج الفطرة منه وان كان من الأجناس الأربعة ، كما أنّ ـ الأحوط لزوماً ـ ان لا تخرج الفطرة من القسم المعيب ، ويجوز اخراجها من النقود عوضاً عن الأجناس المذكورة ، والعبرة في القيمة بوقت الإخراج ومكانه ، ومقدار الفطرة صاع وهو أربعة أمداد ، ويكفي فيها اعطاء ثلاث كيلوغرامات.
( مسألة 580 ) : تجب زكاة الفطرة بدخول ليلة العيد على المشهور بين الفقهاء (رض) ويجوز تأخيرها إلى زوال شمس يوم العيد لمن لم يصل صلاة العيد ـ والأحوط لزوماً ـ عدم تأخيرها عن صلاة العيد لمن يصليها ، وإذا عزلها ولم يؤدها إلى الفقير لنسيان ، أو لانتظار فقير معين مثلاً جاز أداؤها إليه بعد ذلك ، وإذا لم يعزلها حتى زالت الشمس لم تسقط عنه على ـ الاحوط لزوماً ـ ولكن يؤديها بقصد القربة المطلقة من دون نية الأداء والقضاء.
( مسألة 581 ) : يجوز اعطاء زكاة الفطرة بعد دخول شهر رمضان ، وان كان ـ الأحوط إستحباباً ـ أن لا يعطيها قبل حلول ليلة العيد.
( مسألة 582 ) : تتعين زكاة الفطرة بعزلها ، فلا يجوز تبديلها بمال آخر ، وان تلفت بعد العزل ضمنها إذا وجد مستحقاً لها واهمل في ادائها إليه.
( مسألة 583 ) : يجوز نقل زكاة الفطرة إلى الإمام عليه السلام أو نائبه وان كان في البلد من يستحقها ، والأحوط عدم النقل إلى غيرهما خارج البلد مع وجود المستحق فيه ، ولو نقلها ـ والحال هذه ـ ضمنها ان تلفت ، وأما إذا لم يكن فيه من يستحقها ونقلها ليوصلها إليه فتلفت من غير تفريط لم يضمنها ، وإذا سافر من بلده إلى غيره جاز دفعها فيه.
( مسألة 584 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ اختصاص مصرف زكاة الفطرة بفقراء المؤمنين ومساكينهم مع استجماع الشرائط المتقدمة في المسألة (567) ، وإذا لم يكن في البلد من يستحقها منهم جاز دفعها إلى غيرهم من المسلمين ، ولا يجوز اعطاؤها للناصب.
( مسألة 585 ) : لا تعطى زكاة الفطرة لشارب الخمر ، وكذلك لتارك الصلاة ، أو المتجاهر بالفسق على ـ الأحوط لزوماً ـ .
( مسألة 586 ) : لا تعتبر المباشرة في اداء زكاة الفطرة فيجوز ايصالها إلى الفقير من غير مباشرة ، والأولى اعطاؤها للحاكم الشرعي ليضعها في موضعها ـ والأحوط استحباباً ـ ان لا يدفع للفقير من زكاة الفطرة أقل من صاع إلاّ إذا اجتمع جماعة لا تسعهم ، واكثر ما يدفع له منها ما ذكرناه في زكاة المال في المسألة (572).
( مسألة 587 ) : الأولى تقديم فقراء الأرحام والجيران على سائر الفقراء وينبغي الترجيح بالعلم والدين والفضل.
الخمس » الخمس
وهو في أصله من الفرائض المؤكدة المنصوص عليها في القرآن الكريم ، وقد ورد الاهتمام بشأنه في كثير من الروايات المأثورة عن أهل بيت العصمة سلام الله عليهم ، وفي بعضها اللعن على من يمتنع عن ادائه وعلى من يأكله بغير استحقاق.
( مسألة 588 ) : يتعلق الخمس بانواع من المال:
( الأول : ما يغنمه المسلمون من الكفار في الحرب من الأموال المنقولة وغيرها ) إذا كانت الحرب باذن الامام عليه السلام وإلاّ فجميع الغنيمة له ، نعم الأراضي التي ليست من الأنفال فيء للمسلمين مطلقاً.
( مسألة 589 ) : في جواز تملك المؤمن مال الناصب واداء خمسه اشكال ـ فالأحوط لزومّاً ـ تركه .
( مسألة 590 ) : ما يؤخذ من الكفار سرقة ، أو غيلة ونحو ذلك ـ مما لا يرتبط بالحرب وشؤونها ـ لا يدخل تحت عنوان الغنيمة؛ ولكنه يدخل في ارباح المكاسب ويجري عليه حكمها ( وسيأتي بيانه في الصفحة 254 ) ، هذا إذا كان الأخذ جائزاً وإلاّ ـ كما إذا كان غدراً ونقضاً للأمان الممنوح لهم ـ ـ فالأحوط لزوماً ـ رده إليهم.
( مسألة 591 ) : لا تجري احكام الغنيمة على ما في يد الكافر إذا كان المال محترماً كأن يكون لمسلم أو لذمي أَودعه عنده.
( الثاني : المعادن ) فكل ما صدق عليه المعدن عرفاً بان تعرف له مميزات عن سائر اجزاء الأرض توجب له قيمة سوقية ـ كالذهب والفضة والنحاس والحديد ، والكبريت والزئبق ، والفيروزج والياقوت ، والملح والنفط والفحم الحجري وامثال ذلك ـ فهو من الأنفال ( أي إنّها مملوكة للاِمام عليه السلام ) وان لم يكن ارضه منها ، ولكن يثبت الخمس في المستخرج منه ويكون الباقي للمخرج إذا كان في ارض مملوكة له ، او كان في ارض خراجية مع اذن ولي المسلمين ، او كان في أرض الأنفال ولم يمنع عنه مانع شرعي ، وان استخرجه من أرض مملوكة للغير بدون اذنه ـ فالأحوط لزوماً ـ ان يتراضيا بشأن ما زاد على الخمس منه.
( مسألة 592 ) : يعتبر في وجوب الخمس فيما يستخرج من المعادن بلوغه حال الاخراج ـ بعد استثناء مؤونته ـ قيمة النصاب الأول في زكاة الذهب ( أي خمسة عشر مثقالاً صيرفياً من الذهب المسكوك ) فإذا كانت قيمته أقل من ذلك لا يجب الخمس فيه بعنوان المعدن ، وإنما يدخل في أرباح السنة.
( مسألة 593 ) : انما يجب الخمس في المستخرج من المعادن بعد استثناء مؤونة الاخراج وتصفيته ، مثلاً: إذا كانت قيمة المستخرج تساوي ثلاثين مثقالاً من الذهب المسكوك وقد صرف عليه ما يساوي خمسة عشر مثقالاً وجب الخمس في الباقي وهو خمسة عشر مثقالاً.
( الثالث : الكنز ) فعلى من ملكه بالحيازة ان يخرج خمسه ، ولا فرق فيه بين الذهب والفضة المسكوكين وغيرهما ، ويعتبر فيه بلوغه نصاب أحد النقدين في الزكاة ، وتستثنى منه أيضاً مؤونة الاخراج على النحو المتقدم في المعادن.
( مسألة 594 ) : إذا ملك ارضاً ووجد فيها كنزاً فان كان لها مالك قبله ـ وكان ذا يدٍ عليها واحتمل كونه له احتمالاً معتداً به ـ راجعه فان ادعاه دفعه إليه وإلاّ راجع من ملكها قبله كذلك وهكذا ، فان نفاه الجميع جاز له تملكه وأخرج خمسه.
( الرابع : الغوص ) فمن اخرج شيئاً من البحر ، أو الأنهار العظيمة مما يتكون فيها ، كاللؤلؤ والمرجان ، واليسر بغوص وبلغت قيمته ديناراً ( اي 4/3 ثلاثة ارباع المثقال الصيرفي من الذهب المسكوك ) وجب عليه اخراج خمسه ، وكذلك إذا كان بآلة خارجية على الأحوط ، وما يؤخذ من سطح الماء ، أو يلقيه البحر إلى الساحل لا يدخل تحت عنوان الغوص ويجري عليه حكم ارباح المكاسب ، نعم يجب اخراج الخمس من العنبر المأخوذ من سطح الماء.
( مسألة 595 ) : الحيوان المستخرج من البحر ـ كالسمك ـ لا يدخل تحت عنوان الغوص ، وكذلك إذا استخرج سمكة ووجد في بطنها لؤلؤاً أو مرجاناً ، وكذلك ما يستخرج من البحر من الأموال غير المتكونة فيه ، كما إذا غرقت سفينة وتركها اربابها واباحوا ما فيها لمستخرجه فاستخرج شخص لنفسه شيئاً منها فان كل ذلك يدخل في الأرباح.
( الخامس : الحلال المخلوط بالحرام ) في بعض صوره وتفصيلها انه:
1 ـ إذا علم مقدار الحرام ولم تتيسر له معرفة مالكه ـ ولو اجمالاً في ضمن اشخاص معدودين ـ يجب التصدق بذلك المقدار عن مالكه قلّ أو كثر ـ والأحوط وجوباً ـ الاستجازة في ذلك من الحاكم الشرعي.
2 ـ إذا لم تتيسر له معرفة مقدار الحرام وعلم مالكه ، فان امكن التراضي معه بصلح أو نحوه فهو ، وإلاّ اكتفى برد المقدار المعلوم إليه إذا لم يكن الخلط بتقصير منه ، وإلاّ لزم رد المقدار الزائد إليه أيضاً على ـ الأحوط لزوماً ـ هذا إذا لم يتخاصما وإلاّ تحاكما إلى الحاكم الشرعي.
3 ـ إذا لم تتيسر له معرفة مقدار الحرام ولا مالكه وعلم انه لا يبلغ خمس المال وجب التصدق عن المالك بالمقدار الذي يعلم انه حرام إذا لم يكن الخلط بتقصير منه ، وإلاّ ـ فالأحوط وجوباً ـ التصدق بالمقدار المحتمل أيضاً ولو بتسليم المال كله إلى الفقير قاصداً به التصدق بالمقدار المجهول مالكه ثم يتصالح هو والفقير في تعيين حصة كل منهما ـ والأحوط لزوماً ـ أن يكون التصدق باذن من الحاكم الشرعي.
4 ـ إذا لم تتيسر له معرفة مقدار الحرام ولا مالكه وعلم انه يزيد على الخمس فحكمها حكم الصورة السابقة ولا يجزي اخراج الخمس من المال.
5 ـ اذا لم تتيسر له معرفة مقدار الحرام ولا مالكه واحتمل زيادته على الخمس ونقيصته عنه يجزئ اخراج الخمس وتحل له بقية المال ـ والأحوط وجوباًـ اعطاؤه بقصد الأعم من الخمس والصدقة عن المالك إلى من يكون مصرفاً للخمس ومجهول المالك معاً.
( السادس : الأرض التي تملكها الكافر من مسلم ببيع ، أو هبة ونحو ذلك ) على المشهور بين الفقهاء (رض) ، ولكن ثبوت الخمس فيها بمعناه المعروف لا يخلو عن اشكال.
( السابع : أرباح المكاسب ) وهي كل ما يستفيده الانسان بتجارة أو صناعة ، أو حيازة أو أي كسب آخر ، ويدخل في ذلك ما يملكه بهدية أو وصية ومثلهما على ـ الأحوط لزوماً ـ ما يأخذه من الصدقات الواجبة والمستحبة من الكفارات ، ومجهول المالك ورد المظالم وغيرها عدا الخمس والزكاة ، ولا يجب الخمس في المهر وعوض الخلع وديات الأعضاء ، ولافي ما يملك بالارث عدا ما يجوز اخذه للمؤمن بعنوان ثانوي كالتعصيب ـ والأحوط وجوباً ـ اخراج خمس الميراث الذي لا يحتسب من غير الأب والابن.
( مسألة 596 ) : يختص وجوب الخمس في الأرباح ـ بعد استثناء ما صرفه من مال مخمّس ، أو ممّا لم يتعلّق به الخمس في سبيل تحصيلها ـ بما يزيد على مؤونة سنته لنفسه وعائلته ، ويدخل في المؤونة المأكول والمشروب ، والمسكن والمركوب ، وأثاث البيت ، وما يصرفه في تزويج نفسه أو من يتعلق به ، وفي الزيارات والأسفار والهدايا والإطعام ونحو ذلك ، ويختلف كل ذلك باختلاف الأشخاص ، والعبرة في كيفية الصرف وكميته بما يناسب شأن الشخص نفسه ، فإذا كان شأنه يقتضي أن يصرف في مؤونة سنته مائة دينار لكنه صرف أزيد منها على نحو يعد سفهاً واسرافاً منه عرفاً وجب عليه الخمس فيما زاد على المائة ، وأما إذا قتّر على نفسه فصرف خمسين ديناراً وجب عليه الخمس فيما زاد على الخمسين ، ولو كان المصرف راجحاً شرعاً ولكنه غير متعارف من مثل المالك؛ وذلك كما إذا صرف جميع ارباحه اثناء سنته في عمارة المساجد أو الزيارات ، أو الانفاق على الفقراء ونحو ذلك ـ فالأحوط وجوباً ـ أن يدفع خمس الزائد على المقدار المتعارف.
( مسألة 597 ) : العبرة في المؤونة المستثناة عن الخمس بمؤونة سنة حصول الربح ، فلا يُستثنى مؤن السنين اللاحقة ، فمن حصل لديه ارباح تدريجية فاشترى في السنة الأولى عرصة لبناء دار ، وفي الثانية حديداً ، وفي الثالثة مواد انشائية أخرى وهكذا ، لا يكون ما اشتراه من المؤن المستثناة لأنه مؤونة للسنين الآتية التي يحصل فيها السكنى فعليه تخميس تلك الأعيان ، نعم إذا كان المتعارف لمثله بحسب العرف الذي يعيش فيه تحصيل الدار تدريجاً على النحو المتقدم بحيث انه لو لم يفعل ذلك لعدّ مقصراً في حق عائلته ومتهاوناً بمستقبلهم مما ينافي ذلك شأنه عدّ ما اشتراه في كل سنة من مؤونته في تلك السنة.
ومثل ذلك ما يتعارف إعداده لزواج الأولاد خلال عدة سنوات إذا كان تركه منافياً لشأن الأب أو الأم ولو لعجزهما عن تحصيله لهم في اوانه.
( مسألة 598 ) : الظاهر أن رأس مال التجارة ليس من المؤونة المستثناة فيجب اخراج خمسه إذا اتخذه من ارباحه وإن كان مساوياً لمؤونة سنته ، نعم إذا كان بحيث لا يفي الاتجار بالباقي ـ بعد اخراج الخمس ـ بمؤونته اللائقة بحاله فالظاهر عدم ثبوت الخمس فيه ، إلاّ إذا امكنه دفعه تدريجاً ـ بعد نقله إلى الذمة بمراجعة الحاكم الشرعي ـ فانه لا يعفى عن التخميس في هذه الصورة.
( مسألة 599 ) : إذا آجر نفسه سنين كانت الأجرة الواقعة بازاء عمله في سنة الاجارة من ارباحها ، وما يقع بازاء العمل في السنين الآتية من ارباح تلك السنين ، وأما إذا باع ثمرة بستانه سنين كان الثمن بتمامه من أرباح سنة البيع ، ووجب فيه الخمس بعد المؤونة وبعد استثناء ما يجبر به النقص الوارد على البستان من جهة كونه مسلوب المنفعة في المدة الباقية بعد انتهاء السنة.
( مسألة 600 ) : إذا اشترى بربحه شيئاً من المؤن فزادت قيمته ولو لزيادة متصلة تستوجبها لم يجب فيه الخمس ، نعم إذا باعه خلال سنته أو استغنى عنه فيها مطلقاً ـ فالأحوط لزوماً ـ اداء خمسه ، إذا زاد على مؤونته السنوية مثلاً: إذا اشترى بشيء من أرباحه فرساً لركوبه واستخدمه في ذلك فزادت قيمته السوقية لم يجب الخمس فيه ما لم يبعه خلال سنته ، أو يستغن عنه فيها بالمرة وإلاّ ـ فالأحوط وجوباً ـ اداء خمسه مع زيادته على مؤونته ، ولو باعه خلال سنته ، أو بعدها وربح فيه فلا اشكال في ثبوت الخمس في الربح إذا كان زائداً على مؤونة سنة حصوله. وأما الزيادات المنفصلة فهي داخلة في الأرباح ، فيجب فيها الخمس ان لم تصرف في المؤونة ، فإذا ولد الفرس ـ في مفروض المثال ـ كان النتاج من الأرباح ، ومن هذا القبيل ثمر الأشجار واغصانها المعدة للقطع ، وصوف الحيوان ووبره وحليبه وغير ذلك ، وفي حكم الزيادة المنفصلة الزيادة المتصلة إذا عدت عرفاً مصداقاً لزيادة المال كما لو سمن الحيوان المعّد للاستفادة من لحمه كالمسمى بـ (دجاج اللحم).
( مسألة 601 ) : من اتخذ رأس ماله مما يقتنى للاكتساب بمنافعه مع المحافظة على عينه ـ كالفنادق والمحلات التجارية وسيارات الأجرة والحقول الزراعية ، والمعامل الانتاجية ، وبعض اقسام الحيوان كالأبقار التي يكتسب بحليبها ـ لم يجب الخمس في زيادة قيمته السوقية ، إذا كان متخذاً من مال مخمس ، أو غير متعلق للخمس ، نعم لو كان قد ملكّه بالمعاوضة كالشراء فباعه بالزائد تدخل الزيادة في ارباح سنة البيع ، كما انه تدخل في الأرباح زيادته المنفصلة ، وكذا المتصلة الملحقة بها حكماً فيما يفرض له مثلها.
( مسألة 602 ) : الأموال المعدة للاتجار بعينها كالبضائع المعروضة للبيع تعد زيادة قيمتها السوقية ربحاً وان لم يتم بيعها بعدُ بالزيادة ـ وكذلك ما يفرض لها من زيادة منفصلة ، أو ما بحكمها من الزيادة المتصلة ـ فلو اشترى كمية من الحنطة قاصداً الاكتساب ببيعها فحلّ رأس سنته الخمسية وقد زادت قيمتها عما اشتراها به وجب اخراج خمس الزيادة إذا كان بمقدوره بيعها واخذ قيمتها اثناء السنة.
( مسألة 603 ) : إذا اشترى ما ليس من المؤونة بالذمة أو استدان مبلغاً لاضافته إلى رأس ماله ونحو ذلك لم يجب فيه الخمس ما لم يؤد دينه ، فإن أدّاه من ارباح سنته وكان بدله موجوداً عدّ البدل من ارباح هذه السنة فيجب تخميسه بعد انقضائها اذا كان زائداً على مؤونتها.
( مسألة 604 ) : رأس سنة المؤونة فيمن لا مهنة له يتعاطها في معاشه ـ كالذي يعيله شخص آخر ـ وحصل له فائدة اتفاقاً أول زمان حصولها ؛ فمتى حصلت جاز له صرفها في مؤونته اللاحقة إلى عام كامل ، وأما من له مهنة يتعاطاها في معاشه كالتاجر والطبيب ، والموظف والعامل ، واضرابهم ـ فرأس سنته حين الشروع في الاكتساب فيجوز له احتساب المؤن المصروفة بعده من الربح اللاحق ، ولا يحق له صرف شيء من الربح الحاصل قبل نهاية السنة في مؤونة السنة التالية إلاّ بعد تخميسه.
( مسألة 605 ) : إذا كان لديه مال لا يجب فيه الخمس ، كما لو كان عنده ارث من أبيه لم يجب عليه صرفه في مؤونته ، ولا توزيع المؤونة عليه وعلى الارباح ، بل جاز له ان يصرف ارباحه في مؤونة سنته ، فإذا لم تزد عنها لم يجب فيها الخمس ، نعم إذا كان عنده ما يغنيه عن صرف الربح كأن كانت عنده دار لسكناه فسكنها مدة لم يجز له احتساب اجرتها من المؤونة واستثناء مقدارها من الربح ، كما ليس له ان يشتري داراً أخرى من الأرباح ويحسبها من المؤن إذا كانت الدار الأولى تفي بحاجته.
( مسألة 606 ) : إذا اشترى بربحه شيئاً من المؤن فاستغنى عنه بعد مدة؛ فان كان الاستغناء عنه بعد سنته لم يجب الخمس فيه إلا إذا باعه بأزيد مما اشتراه فان الزيادة تعدّ من ارباح سنة البيع فيجب اخراج خمسها إذا لم تصرف في مؤونة تلك السنة ، وان كان الاستغناء عنه في اثناء سنته فان كان مما يتعارف اعداده للسنين الآتية كالثياب الصيفية والشتوية لم يجب الخمس فيه أيضاً ، وإلاّ ـ فالأحوط وجوباً ـ اداء خمسه.
( مسألة 607 ) : إذا ربح ثم مات اثناء سنته وجب اداء خمسه الزائد عن مؤونته إلى زمان الموت ولا ينتظر به إلى تمام السنة.
( مسألة 608 ) : إذا ربح واستطاع اثناء سنته ، أو كان مستطيعاً قبلها ولم يحج جاز له ان يصرفه في سفر الحج ولا يجب فيه الخمس ، لكنه إذا لم يحج بعصيان أو غيره ـ حتى انتهت السنة ـ وجب فيه الخمس.
( مسألة 609 ) : إذا ربح ولكنه لم يف بتكاليف حجه لم يجز ابقاؤه بلا تخميس للحج في السنة الثانية إلا مع استقرار حجة الاسلام في ذمته وعدم تمكنه من أدائها لاحقاً إلا مع ابقاء الربح بتمامه لمؤونتها فانه لا يجب عليه حينئذٍ اخراج خمسه عند انتهاء سنته ، بل يجوز له إبقاؤه ليصرف في تكاليف حجه.
( مسألة 610 ) : ما يتعلق بذمته من الأموال بنذر أو دين ، أو كفارة ونحوها ، سواء كان التعلق في سنة الربح ، أم كان من السنين السابقة يجوز أداؤه من ربح السنة الحالية ، نعم إذا لم يؤد دينه إلى ان انقضت السنة وجب الخمس من دون استثناء مقداره من ربحه ، إلا ان يكون ديناً لمؤونة تحصيل الربح من دون وجود بدل له ، أو يكون ديناً لمؤونته في تلك السنة فان مقداره يكون مستثنى من الربح.
ثم ان ادّى دينه في السنة التالية من نفس هذا الربح المستثنى فهو ، وان اداه من ارباح تلك السنة فان كان بعد تلف هذا المال ، او صرفه في مؤونته فلا شيء عليه وان كان هذا المال باقياً بنفسه ، او ببدله كما لو اشترى به بضاعة للبيع فان دفع دينه من ربح غير مخمس عدّ هذا المال من ارباح هذه السنة فيجب تخميسه ان لم يُصرف في مؤونتها.
( مسألة 611 ) : اعتبار السنة في وجوب الخمس انما هو من جهة الارفاق بالمالك ، وإلا فالخمس يتعلق بالربح من حين ظهوره ويجوز للمالك اعطاء الخمس قبل انتهاء السنة ، ويترتب على ذلك جواز تبديل حوله بان يؤدي خمس أرباحه في أي وقت شاء ويتخذ مبدأ سنته الشروع في الاكتساب بعده ، أو حصول الفائدة الجديدة لمن لا كسب له.
( مسألة 612 ) : ما يتلف اثناء السنة من الأموال على اقسام:
(1) ان لا يكون التالف من مال تجارته ولا من مؤنه ، فلا يجوز في هذا القسم تداركه من ارباح سنة التلف ، اي لا تستثنى منها قيمة التالف قبل اخراج خمسها.
(2) ان يكون التالف من مؤنه كالدار التي يسكنها ، واللباس الذي يحتاج اليه وغير ذلك ، وفي هذا القسم ايضاً لا يتدارك التالف من ارباح سنة التلف ، نعم يجوز له تعويضه منها اذا احتاج إليه فيما بقي من السنة ويكون ذلك من الصرف في المؤونة المستثناة من الخمس.
(3) ان يكون التالف من اموال تجارته ويتحقق له ربح فيها ايضاً ، وفي هذا القسم يجوز تدارك التالف من ارباح سنته ، اي لا يثبت الخمس إلا في الزائد منها على قيمة التالف ، ولا فرق في ذلك بين ان تنحصر تجارته في نوع واحد أم تتعدد ، كما إذا كان يتجر بانواع من الأمتعة ، فانه يجوز تدارك التالف من أي نوع بربح النوع الآخر ، وفي حكم التالف في جواز التدارك في كلا الفرضين ما إذا خسر في تجارته احياناً ، مثلاً إذا كان يتجر ببيع السكر فاتفق ان تلف قسم منه في أثناء السنة بغرق أو غيره ، أو انه خسر في بيعه فانه يجوز له تدارك التالف أو الخسران من ارباحه في معاملة السكر أو غيرها في تلك السنة ، سواء أكان الربح سابقاً على الخسارة أو لاحقاً لها ، ويجب الخمس في الزائد على مؤونة سنته بعد التدارك ، نعم إذا كانت لديه تجارات متعددة مستقلة بعضها عن بعض بان تمايزت فيما يرتبط بشؤون التجارة من رأس المال والحسابات ، والأرباح والخسائر ونحوها كان حكم ما يقع في بعضها من التلف أو الخسران حكم القسم الرابع الآتي.
(4) ان يكون التالف وما بحكمه من مال التجارة وكان له ربح في غير التجارة من زراعة أو غيرها فلا يجوز ـ على الأحوط ـ في هذا القسم تدارك خسران التجارة بربح الزراعة وكذلك العكس.
( مسألة 613 ) : يتخير المالك بين اخراج الخمس من العين ، واخراجه من النقود بقيمته.
( مسألة 614 ) :إذا تعلق الخمس بمال ولم يؤده المالك لا من العين ولا من قيمتها ثم ارتفعت قيمتها السوقية لزمه اخراج الخمس من العين أو من قيمتها الفعلية ، ولا يكفي اخراجه من قيمتها قبل الارتفاع ، وإذا نزلت القيمة قبل الاخراج يجزي اداء القيمة الفعلية أيضاً ، إلا اذا كان المال معداً للاتجار بعينه فزادت قيمته في اثناء السنة وامكنه بيعه واخذ قيمته فلم يفعل وبعدها نقصت القيمة فانه يضمن خمس النقص على ـ الأحوط لزوماً ـ .
( مسألة 615 ) : لا يجوز للمالك ان يتصرف فيما تعلق به الخمس بعد انتهاء السنة وقبل ادائه ، ويجوز ذلك بمراجعة الحاكم الشرعي.
( مسألة 616 ) : اذا لم يحاسب الشخص نفسه مدة وقد حصل خلالها على ارباح واشترى اعياناً ثم اراد اخراج ما وجب عليه من الخمس فيها ؛ فالواجب ان يخمّس ما اشتراه من ارباح نفس سنة الشراء إما من عينه ، او بقيمته حين التخميس إلا ما استخدمه في مؤونته في سنة حصول الربح فانه يعفى عن التخميس.
وأما ما اشتراه بثمن في الذمة ودفع الثمن من ارباح سنة سابقة فيضمن خمس ما دفعه ولا يجب عليه الخمس في ارتفاع قيمة العين المشتراة إلا اذا كانت معدة للاتجار بنفسها فانه يثبت الخمس في ارتفاع قيمتها ايضاً ، واذا شك في متاع انه اشتراه في اثناء السّنة ليجب خمس نفسه المرتفع قيمته على الفرض ، أو انه اشتراه بثمن في الذمة ـ ثم ادى الثمن من ارباح سنة سابقة ـ لئلا يجب الخمس إلاّ من مقدار الثمن امكنه الرجوع الى الحاكم الشرعي ، أو المأذون من قبله لإجراء المصالحة معه بنسبة الاحتمال.
( مسألة 617 ) : يجب على المرأة اخراج خمس ما تربحه بكسب ، أو غيره في آخر السنة إذا لم تصرفه في مؤونتها لقيام زوجها أو غيره بها ، بل اذا علمت بعدم الحاجة إليه في اثناء السنة ـ فالأحوط وجوباً ـ المبادرة إلى اخراج خمسه وكذلك غير المرأة إذا علم بذلك.
( مسألة 618 ) : لا يشترط في ثبوت الخمس كمال المالك بالبلوغ والعقل ، فيثبت في أرباح الصبي والمجنون ، وعلى الولي اخراجه منها ، وان لم يخرجه وجب عليهما ذلك بعد البلوغ والافاقة ، نعم إذا كان الصبي المميز مقلداً لمن لا يرى ثبوت الخمس في مال غير البالغ فليس للولي اخراجه منه.
الخمس » مستحق الخمس
يقسم الخمس نصفين نصف للامام عليه السلام خاصة ، ويسمى ( سهم الإمام ) ونصف للأيتام الفقراء من الهاشميين والمساكين ، وابناء السبيل منهم ويسمى ( سهم السادة ) ونعني بالهاشمي من ينتسب إلى هاشم جد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله من جهة الأب ، وينبغي تقديم الفاطميين على غيرهم.
( مسألة 619 ) : يثبت الانتساب الى هاشم بالعلم ، والاطمينان الشخصي ، وبالبينة العادلة ، وباشتهار المدعي له بذلك في بلده الأصلي ، أو ما بحكمه.
( مسألة 620 ) : يجوز للمالك دفع سهم السادة إلى مستحقيه من الطوائف الثلاث مع استجماع ما عدا الشرط الرابع من الشرائط المتقدمة في المسألة (556) من الزكاة.
( مسألة 621 ) : لا يجب تقسيم نصف الخمس على هذه الطوائف بل يجوز اعطاؤه لشخص واحد ـ والأحوط لزوماً ـ ان لا يعطى ما يزيد على مؤونة سنته.
( مسألة 622 ) : لا يتعين الخمس بمجرد عزل المالك ، بل يتوقف ذلك على إذن الحاكم الشرعي ونحوه.
( مسألة 623 ) : يجوز نقل الخمس من بلده الى بلد آخر مع عدم وجود المستحق بل مع وجوده ايضاً إذا لم يكن النقل تسامحاً وتساهلاً في
اداء الخمس ، واذا نقل الخمس فتلف ـ قبل ان يصل الى مستحقه ـ ضمنه ان كان في بلده من يستحقه على ـ الأحوط لزوماً ـ وإن لم يكن فيه مستحق ونقله للايصال اليه فتلف من غير تفريط لم يضمنه ، وقد مر نظير هذا في الزكاة في المسألة (558).
( مسألة 624 ) : تقدم انه يجوز للدائن ان يحسب دينه زكاة ويشكل هذا في الخمس بلا اجازة من الحاكم الشرعي ، فان اراد الدائن ذلك ـ فالأحوط لزوماً ـ ان يتوكّل عن الفقير الهاشمي في قبض الخمس وفي ايفائه دينه أو انه يوكل الفقير في استيفاء دينه واخذه لنفسه خمساً.
الخمس » سهم الامام عليه السلام
لابدّ في سهم الإمام عليه السلام من اجازة الحاكم الشرعي في صرفه ، أو تسليمه اياه ليصرفه في وجوهه ـ والأحوط لزوماً ـ ان يكون هو المرجع الأعلم المطّلع على الجهات العامة ، ومحل صرفه كل مورد أحرز فيه رضا الامام عليه السلام ، كدفع ضرورات المؤمنين المتدينين ، بلا فرق في ذلك بين الهاشميين وغيرهم ، ومن أهم مصارفه اقامة دعائم الدين ورفع اعلامه وترويج الشرع المقدس ، ونشر تعاليمه واحكامه ، ويندرج في ذلك تأمين مؤونة اهل العلم الصالحين؛ الباذلين انفسهم في تعليم الجاهلين ونصح المؤمنين ووعظهم وارشادهم واصلاح ذات بينهم ونحو ذلك مما يرجع الى صلاح دينهم وتكميل نفوسهم.
( مسألة 625 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ اعتبار قصد القربة في اداء الخمس ، ولكن يجزي اداؤه مجرداً عنه أيضاً.
( مسألة 626 ) : ما ذكرناه في المسألة (560) من عدم جواز إسترجاع المالك من الفقير ما دفعه زكاة إليه مع عدم طيب نفسه بذلك وعدم جواز مصالحة الفقير مع المالك على تعويض الزكاة بشيء قبل تسلمها ، يجري في الخمس حرفاً بحرف.
( مسألة 627 ) : إذا ادى الخمس الى من يعتقد استحقاقه ثم انكشف خلافه ، أو اداه الى الحاكم فصرفه كذلك جرى فيه ما ذكرناه في الزكاة فی المسألة (559) ، ولكن هنا لا يتعين عليه في الصورة الأولى استرداد عين ما اداه خمساً ، بل يتخير بين استردادها مع الامكان واداء الخمس ثانياً.
( مسألة 628 ) : إذا مات وفي ذمته شيء من الخمس جرى عليه حكم سائر الديون فيلزم اخراجه من اصل التركة مقدماً على الوصية والارث ، واذا كان الخمس في عين ماله لزم اخراجه مقدماً على سائر الحقوق ، نعم إذا كان الميت ممن لا يعتقد الخمس ، أو ممن لا يعطيه فلا يبعد تحليله للوارث المؤمن في كلتا الصورتين.
( مسألة 629 ) : لا بأس بشركة المؤمن مع من لا يخمّس لعدم اعتقاده بوجوبه ، أو لعصيانه وعدم مبالاته بأمر الدين ، ولا يلحقه وزر من قبل شريكه ، ويجزيه ان يخرج خمسه من حصته من الربح.
( مسألة 630 ) : ما يأخذه المؤمن من الكافر ، أو من المسلم الذي لا يعتقد بالخمس كالمخالف ، بارث أو معاملة أو هبة أو غير ذلك لا بأس بالتصرف فيه ولو علم الآخذ ان فيه الخمس ، فان ذلك مرخصّ له من قبل الإمام عليه السلام ، بل الحكم كذلك في ما يأخذه المؤمن ممن يعتقد بالخمس ولكنه لا يؤديه عصياناً ، والأولى ان يحتاط في هذه الصورة باخراج الخمس.
قد تم القسم الأول في احكام العبادات ويتلوه القسم الثاني في أحكام المعاملات.
والحمد لله أولاً وآخراً
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
ان من اعظم الواجبات الدينية هو ( الامر بالمعروف ) و ( النهي عن المنكر ) قال الله تعالى ، ( ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون ) .
وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) انه قال: لا تزال امتي بخير ما امروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البر ، فاذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات وسُلّط بعضهم على بعض ولم يكن لهم ناصر في الارض ولا في السماء ) ، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: ( لا تتركوا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فيُولَّى عليكم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم ) .
( مسألة 631 ) : يجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا كان المعروف واجباً والمنكر حراماً ، ووجوبه عندئذ كفائي يسقط بقيام البعض به ، نعم وجوب اظهار الكراهة قولاً أو فعلاً من ترك الواجب أو فعل الحرام عينيٌ لا يسقط بفعل البعض ، قال أمير المؤمنين (ع) (امرنا رسول الله (ص) ان نلقي أهل المعاصي بوجوه مكفهرة).
وإذا كان المعروف مستحباً يكون الامر به مستحباً ويلزم أن يراعي فيه ان لا يكون على نحو يستلزم ايذاء المأمور أو اهانته ، كما لا بد من الاقتصار فيه على ما لا يكون ثقيلاً عليه بحيث يزهده في الدين ، وهكذا في النهي عن المكروه.
( مسألة 632 ) : يشترط في وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر امور:
أ ـ معرفة المعروف والمنكر ولو اجمالاً ، فلا يجب الامر بالمعروف على الجاهل بالمعروف ، كما لا يجب النهي عن المنكر على الجاهل بالمنكر ، نعم قد يجب التعلم مقدمة للامر بالاول والنهي عن الثاني.
ب ـ احتمال إئتمار المأمور بالمعروف بالامر ، وانتهاء المنهي عن المنكر بالنهي ، فلو علم انه لا يبالى ولا يكترث بهما فالمشهور بين الفقهاء (رض) انه لا يجب شيء تجاهه ولكن لا يترك الاحتياط بابداء الانزعاج والكراهة لتركه المعروف أو إرتكابه المنكر وان علم عدم تأثيره فيه.
ج ـ ان يكون تارك المعروف أو فاعل المنكر بصدد الاستمرار في ترك المعروف وفعل المنكر ولو عُرِف من الشخص انه بصدد ارتكاب المنكر أو ترك المعروف ولو لمرة واحدة وجب امره أو نهيه قبل ذلك.
د ـ ان لا يكون فاعل المنكر أو تارك المعروف معذوراً في فعله للمنكر أو تركه للمعروف ، لإعتقاد ان ما فعله مباح وليس بحرام ، أو ان ما تركه ليس بواجب ، نعم إذا كان المنكر مما لا يرضى الشارع بوجوده مطلقاً كقتل النفس المحترمة فلا بد من الردع عنه ولو لم يكن المباشر مكلفاً فضلاً عما إذا كان جاهلاً.
هـ ـ ان لا يخاف الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ترتب ضرر عليه في نفسه أو عرضه أو ماله بالمقدار المعتد به ولا يستلزم ذلك وقوعه في حرج شديد لا يتحمل عادة ، الا إذا احرز كون فعل المعروف أو ترك المنكر بمثابة من الاهمية عند الشارع المقدس يهون دونه تحمل الضرر والحرج.
وإذا كان في الامر بالمعروف أو النهي عن المنكر خوف الاضرار
ببعض المسلمين في نفسه أو عرضه أو ماله المعتدّ به سقط وجوبه ، نعم إذا كان المعروف والمنكر من الامور المهمة شرعاً فلا بد من الموازنة بين الجانبين من جهة درجة الاحتمال واهمية المحتمل فربما لا يحكم بسقوط الوجوب.
( مسألة 633 ) : للامر بالمعروف والنهي عن المنكر عدة مراتب:
(الاولى): ان يأتي المكلف بفعل يظهر به انزجاره القلبي وتذمّره من ترك المعروف أو فعل المنكر كالأعراض عن الفاعل وترك الكلام معه.
(الثانية): ان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بقوله ولسانه ، سواء أكان بصورة الوعظ والارشاد أم بغيرهما.
(الثالثة): أن يتخذ اجراءات عملية للالزام بفعل المعروف وترك المنكر كفرك الاذن والضرب والحبس ونحو ذلك.
ولكل مرتبة من هذه المراتب درجات متفاوتة شدة وضعفاً ، ويجب الابتداء بالمرتبة الاولى أو الثانية مع مراعاة ما هو اكثر تأثيراً واخف ايذاءً ثم التدرج إلى ما هو اشد منه.
وإذا لم تنفع المرتبتان الاولى والثانية تصل النوبة إلى المرتبة الثالثة والأحوط لزوماً استحصال الاذن من الحاكم الشرعي في إعمالها ، ويتدرج فيها من الاجراء الاخف ايذاءً إلى الاجراء الاشد والاقوى من دون ان يصل إلى حد الجرح أو الكسر.
( مسألة 634 ) : يتأكد وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في حق المكلّف بالنسبة إلى أهله ، فيجب عليه إذا رأى منهم التهاون في بعض الواجبات كالصلاة أو الصيام أو الخمس أو بقية الواجبات أن يأمرهم بالمعروف على الترتيب المتقدم ، وهكذا إذا رأى منهم التهاون في بعض المحرمات كالغيبة والكذب ونحوهما فانه يجب ان ينهاهم عن المنكر وفق الترتيب المار ذكره ، نعم في جواز الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بالنسبة إلى الابوين بغير القول اللين وما يجري مجراه من المراتب المتقدمة اشكال فلا يترك مراعاة الاحتياط في ذلك.
أحكام المعاملات » أحكام التجارة
( مسألة 635 ) : ينبغي للمكلف أن يتعلم أحكام التجارة التي يتعاطاها ، بل يجب عليه ذلك إذا كان في معرض الوقوع في مخالفة تكليف إلزامي بسبب ترك التعلم ، وفي المروي عن الصادق عليه السلام : ( من أراد التجارة فليتفقه في دينه ليعلم بذلك ما يحل له مما يحرم عليه ، ومن لم يتفقه في دينه ثم اتجر تورط في الشبهات ) .
( مسألة 636 ) : إذا شك في صحة المعاملة وفسادها بسب الجهل بحكمها لم يجز له ترتيب آثار أيّ من الصحة والفساد ، فلا يجوز له التصرف فيما أخذه من صاحبه ولا فيما دفعه إليه ، بل يتعين عليه اما التعلم أو الاحتياط ولو بالصلح ونحوه ، نعم إذا أحرز رضاه بالتصرف في المال المأخوذ منه حتى على تقدير فساد المعاملة جاز له ذلك.
( مسألة 637 ) : يجب على المكلف التكسب لتحصيل نفقة من تجب نفقته عليه كالزوجة والأولاد إذا لم يكن واجداً لها ، ويستحب ذلك للاُمور المستحبة ، كالتوسعة على العيال ، وإعانة الفقراء.
( مسألة 638 ) : يستحب في التجارة ـ فيما ذكره الفقهاء رضوان الله عليهم ـ أمور منها:
(1) التسوية بين المبتاعين في الثمن الاّ لمرجّح كالفقر.
(2) التساهل في الثمن الا اذا كان في معرض الغبن.
(3) الدفع راجحاً والقبض ناقصاً.
(4) الاقالة عند الاستقالة.
ويكره في المعاملات ـ على ما ذكره الفقهاء قدس الله أسرارهم ـ أمور منها:
(1) مدح البائع سلعته وذم المشتري لها.
(2) الدخول في سوم المسلم.
(3) الربح على المؤمن زائداً على مقدار الحاجة.
(4) الحلف في المعاملة إذا كان صادقاً وإلاّ حرم.
(5) البيع في موضع يستتر فيه العيب.
أحكام المعاملات » المعاملات المحرمة
( مسألة 639 ) : المعاملات المحرمة ـ وضعاً أو تكليفاً ـ كثيرة: منها ما يلي:
(1) بيع المسكر المايع والكلب غير الصيود والخنزير ، وكذا الميتة النجسة ـ على الأحوط لزوماً ـ ، ويجوز بيع غير هذه الأربعة من الأعيان النجسة إذا كانت له منفعة محللة كالعذرة للتسميد والدم للتزريق ، وان كان الأحوط استحباباً تركه.
(2) بيع المال المغصوب.
(3) بيع ما لا مالية له ـ على الأحوط لزوماً ـ ، كالسباع إذا لم تكن لها منفعة محللة معتد بها.
(4) بيع ما تنحصر منفعته المتعارفة في الحرام كآلات القمار واللهو المحرم.
(5) المعاملة الربوية.
(6) المعاملة المشتملة على الغش ، وهو على أنواع منها: مزج المبيع المرغوب فيه بغيره مما يخفى من دون إعلام كمزج الدهن بالشحم ، ومنها: إظهار الصفة الجيدة في المبيع مع أنها مفقودة واقعاً كرش الماء على بعض الخضروات ليتوهم أنها جديدة ، وفي النبوي: ( ليس منا من غش مسلماً أو ضره أو ماكره ) وفي آخر: ( من غش أخاه المسلم نزع الله بركة رزقه ، وسد عليه معيشته ، ووكله الى نفسه ) .
( مسألة 640 ) : لا بأس ببيع المتنجس القابل للتطهير كالفراش ، وكذا غير القابل له مع عدم توقف منافعه المتعارفة السائغة على الطهارة كالنفط ، بل حتى مع توقفها عليها ـ كالدبس والعسل ـ إذا كانت له منفعة محللة معتد بها.
( مسألة 641 ) : يجب على البائع إعلام المشتري بنجاسة المتنجس إذا كان مع عدم الاعلام في معرض مخالفة تكليف إلزامي تحريمي ـ كاستعماله في الأكل والشرب ـ أو وجوبي ـ كاستعمال الماء المتنجس في الوضوء والغسل وإتيان الفريضة بهما ـ بشرط احتمال تأثير الاعلام في حقه ، بان لم يحرز كونه غير مُبال بالدين مثلاً.
( مسألة 642 ) : لا يجوز بيع لحم الحيوان المذبوح على وجه غير شرعي وكذلك جلده وسائر أجزائه التي تحلّها الحياة فانه في حكم الميتة.
( مسألة 643 ) : يجوز بيع الجلود واللحوم والشحوم ومشتقاتها إذا احتمل ان تكون مأخوذة من الحيوان المذكى ـ وان لم يجز الاكل منها ما لم يحرز ذلك ـ والاحوط لزوماً مع عدم إحراز تذكيتها اعلام المشتري بالحال فيما إذا احتمل استخدامه لها فيما يشترط فيه التذكية مع احتمال تأثير الاعلام في حقه.
وتحرز تذكية اللحم ونحوه فيما إذا وجدت عليه احدى الامارت التالية.
1 ـ يد المسلم مع اقترانها بما يقتضي تصرفه فيه تصرفاً يناسب التذكية كعرض اللحم للأكل واعداد الجلد للبس والفرش.
2 ـ سوق المسلمين سواء أكان فيها بيد المسلم أم مجهول الحال.
3 ـ الصنع في بلاد الاسلام ، كاللحوم المعلبة والمصنوعات الجلدية
من الاحذية وغيرها.
( مسألة 644 ) : ما يستورد من البلاد غير الاسلامية وسائر ما يؤخذ من يد الكافر من لحم وشحم وجلد يجوز بيعه اذا احتمل كونه مأخوذاً من الحيوان المذكى مع اعلام المشتري بالحال ـ كما سبق ـ ولكن لا يجوز الأكل منه ما لم يحرز تذكيته ولو من جهة العلم بكونه مسبوقاً باحدى الأمارات الثلاث المتقدمة ، ولا يجدي في الحكم بتذكيته اخبار ذي اليد الكافر بكونه مذكى ، وهكذا الحال فيما يؤخذ من يد المسلم إذا علم انه قد أخذه من يد الكافر من غير استعلام عن تذكيته.
( مسألة 645 ) : بيع المال المغصوب باطل ، ويجب على البائع ردّ ما أخذه من الثمن الى المشتري.
( مسألة 646 ) : إذا لم يكن من قصد المشتري إعطاء الثمن للبائع ، أو قصد عدمه لم يبطل البيع إذا كان قاصداً للمعاملة جداً ، ويلزمه اعطاؤه بعد الشراء ، وكذلك إذا قصد أن يعطي الثمن الكلي من الحرام.
( مسألة 647 ) : يحرم بيع آلات اللهو المحرم مثل العود والطنبور والمزمار والأحوط لزوماً الاجتناب عن بيع المزامير التي تصنع للعب الأَطفال ، وأما الآلات المشتركة التي تستعمل في الحرام تارة وفي الحلال أُخرى ولا تناسب صورتها الصناعية التي بها قوام ماليتها عند العرف ان تستخدم في الحرام خاصة كالراديو والمسجل والفيديو والتلفزيون فلا بأس ببيعها وشرائها كما لا بأس باقتنائها واستعمالها في منافعها المحللّة ، نعم لا يجوز اقتناؤها لمن لا يأمن من انجرار نفسه أو بعض أهله الى استخدامها في الحرام.
( مسألة 648 ) : يحرم بيع العنب والتمر إذا قصد ببيعهما صنع
المسكر ، ولا بأس به مع عدم القصد وان علم البائع ان المشتري يصرفهما فيه.
( مسألة 649 ) : يحرم ـ على الاحوط ـ تصوير ذوات الأرواح من انسان وغيره ان كان مجسماً كالتماثيل المعمولة من الحجر والشمع والفلزات ، واما غير المجسم فلا بأس به ، كما لا بأس باقتناء الصور المجسمة وبيعها وشرائها وان كان يكره ذلك.
( مسألة 650 ) : لا يصح شراء المأخوذ بالقمار ، أو السرقة ، أو المعاملات الباطلة ، وان تسلّمه المشتري وجب عليه ان يردّه الى مالكه.
( مسألة 651 ) : لا يصح بيع أوراق اليانصيب وشراؤها ، كما لا يجوز إعطاء المال عند أخذها بقصد البدلية عن الفائدة المحتملة ، واما إذا كان الاعطاء مجاناً فلا بأس به ، كما إذا كان بقصد الاعانة على مشروع خيري ، كبناء مدرسة أو جسر أو نحو ذلك ، وعلى كل تقدير لا يجوز التصرف في المال المعطى لِمَن اصابت القرعة باسمه من دون اذن الحاكم الشرعي اذا كان المتصدي لها شركة حكومية في الدول الاسلامية ، واما اذا كان شركة اهلية فلا بأس بالتصرف في المال المُعطى ما لم يعلم باشتماله على الحرام.
( مسألة 652 ) : الغش وان حرم لا تفسد المعاملة به ، لكن يثبت الخيار للمغشوش بعد الاطلاع ، إلاّ في إظهار الشيء على خلاف جنسه كبيع المطلي بماء الذهب أو الفضة على أنه منهما ، فانه يبطل فيه البيع ويحرم الثمن على البائع ، هذا اذا وقعت المعاملة على شخص ما فيه الغش. واما إذا وقعت على الكلي في الذمة وحصل الغش فى مرحلة الوفاء فللمغشوش ان يطلب تبديله بفرد آخر لا غش فيه.
( مسألة 653 ) : يحرم بيع المكيل والموزون باكثر منه كأن يبيع كيلوغرام من الحنطة بكيلو غرامين منها ، ويعم هذا الحكم ما إذا كان أحد
العوضين صحيحاً والآخر معيباً ، أو كان احدهما جيداً والآخر رديئاً ، أو كانت قيمتهما مختلفة لأمر آخر ، فلو أعطى الذهب المصوغ وأخذ اكثر منه من غير المصوغ فهو رباً وحرام.
( مسألة 654 ) : لا يعتبر في الزيادة أن يكون الزائد من جنس العوضين ، فإذا باع كيلو غرام من الحنطة بكيلو غرام منها ودرهم فهو أيضاً رباً وحرام ، بل لو كان الزائد من الأعمال ـ كأن شرط أحد المتبايعين على الآخر أن يعمل له عملاً ـ فهو أيضاً رباً وحرام ، وكذلك إذا كانت الزيادة حكمية كأن باع كيلو غرام من الحنطة نقداً بكيلو غرام منها نسيئة.
( مسألة 655 ) : لا بأس بالزيادة في أحد الطرفين إذا أضيف الى الاخر شيء كأن يبيع كيلوغرام من الحنطة مع منديل بكيلو غرامين من الحنطة؛ بشرط ان تكون المعاملة نقديه ويقصد المتبايعان كون المنديل بازاء المقدار الزائد من الحنطة وكذلك لا بأس بالزيادة إذا كانت الإضافة في الطرفين كأن باع كيلو غرام من الحنطة مع منديل بكيلو غرامين ومنديل وتصح المعاملة نقداً ونسيئة إذا قصدا كون المنديل في كل طرف بازاء الحنطة في الطرف الآخر ، وكذا تصح نقداً إذا قصدا كون المنديل في طرف الناقص بازاء المنديل والكيلو غرام الزائد من الحنطة في الطرف الآخر.
( مسألة 656 ) : يجوز في ما يباع بالمساحة أو العد ، كالأقمشة والكتب بيعه باكثر منه نقداً ونسيئة مع اختلافهما جنساً ، واما مع الاتحاد في الجنس فالاحوط لزوماً ترك بيعه بالأكثر كأن يبيع متراً من الحرير بمترين منه الى شهر واحد.
( مسألة 657 ) : الأوراق النقدية بما أنها من المعدود يجوز بيع بعضها ببعض متفاضلاً مع اختلافهما جنساً نقداً ونسيئة ، فيجوز بيع خمسة دنانير كويتية بعشرة دنانير عراقية مطلقاً ، واما مع الاتحاد في الجنس فيجوز التفاضل في البيع بها نقداً واما نسيئة فالاحوط لزوماً تركه ، ولا بأس بتنزيل الصكوك نقداً بمعنى ان المبلغ المذكور فيها إذا كان الشخص مديناً به واقعاً جاز خصمها في المصارف وغيرها بأن يبيعه الدائن بأقل منه حالاً ويكون الثمن نقداً.
( مسألة 658 ) : ما يباع في غالب البلدان بالكيل أو الوزن يجوز بيعه نقداً باكثر منه في البلد الذي يباع فيه بالعد ، وما يختلف حاله في البلاد من غير غلبة فحكمه في كل بلد يتبع ما تعارف فيه ، فلا يجوز بيعه بالزيادة في بلد يباع فيه بالكيل والوزن ، ويجوز نقداً فيما يباع فيه بالعدّ ، واما إذا اختلف حاله في بلد واحد فالاحوط وجوباً عدم بيعه فيه بالتفاضل.
( مسألة 659 ) : إذا كان العوضان من المكيل أو الموزون ولم يكونا من جنس واحد جاز أخذ الزيادة ان كانت المعاملة نقدية ، واما في النسيئة فالاحوط لزوماً تركه كأن يبيع كيلو غرام من الأُرز بكيلو غرامين من الحنطة الى شهر واحد.
( مسألة 660 ) : المشهور بين الفقهاء (رض) انه لا يجوز التفاضل بين العوضين المأخوذين من أصل واحد ، فلا يجوز بيع كيلو غرام من الزُبد بكيلو غرامين من الجبن ، ولكن إطلاق هذا الحكم مبني على الاحتياط اللزومي ، ولا يجوز التفاضل في بيع الرطب من فاكهة بالجاف منها.
( مسألة 661 ) : تعتبر الحنطة والشعير من جنس واحد في باب الربا ، فلا يجوز بيع كيلو غرام من أحدهما بكيلو غرامين من الآخر ، وكذا لا يجوز بيع كيلو غرام من الشعير نقداً بكيلو غرام من الحنطة نسيئة.
( مسألة 662 ) : لا ربا بين الوالد والولد ولا بين الرجل وزوجته فيجوز لكل منهما أخذ الزيادة من الاخر ، وكذا لا ربا بين المسلم والكافر غير الذمي اذا أخذ المسلم الزيادة.
أحكام المعاملات » شرائط المتبائعين
( مسألة 663 ) : يشترط في المتبايعين ستة أمور:
(1) البلوغ.
(2) العقل.
(3) الرشد.
(4) القصد.
(5) الاختيار.
(6) ملك العقد ، فلا تصح معاملة الصبي والمجنون والسفيه والهازل والمكره والفضولي ، على تفصيل في بعض ذلك يأتي في المسائل الاتية.
( مسألة 664 ) : لا يجوز استقلال غير البالغ في المعاملة على أمواله وإن أذن له الولي ، الا في الأشياء اليسيرة التي جرت العادة بتصدي الصبي المميز لمعاملتها فانه تصح معاملته فيها ، وإذا كانت المعاملة من الولي وكان المميز وكيلاً عنه في مجرد إنشاء الصيغة جازت ، وكذا تجوز معاملته بمال الغير بأذنه وان لم يكن بأذن الولي كما لا مانع من وساطة الصبي في إيصال الثمن أو المبيع الى البائع أو المشتري.
( مسألة 665 ) : إذا اشترى من غير البالغ شيئاً من أمواله ـ في غير المورد الذي تصح معاملته فيه ـ وجب رد ما اشتراه الى وليه ، ولا يجوز رده الى الطفل نفسه ، وإذا اشترى منه مالاً لغيره من دون اجازة المالك وجب رده اليه أو استرضاؤه فان لم يتمكن من معرفة المالك تصدق بالمال عنه ، والأحوط وجوباً أن يكون ذلك باذن الحاكم الشرعي.
( مسألة 666) : لو اكره أحد المتعاملين على المعاملة ، ثم رضي بها صحت ، ولا حاجة إلى إعادة الصيغة.
( مسألة 667 ) : اذا باع مال الغير فضولاً اي من دون إذنه ، ثم اجازه بعد ذلك صح من حين العقد.
(مسألة 668 ) : يجوز لكل من الاب والجد من طرف الاب ان يبيع مال غير البالغ ومن بلغ مجنوناً أو سفيهاً او يشتري باموالهم اذا لم يكن فيه مفسدة لهم ، ويجوز ذلك أيضاً لوصيّ الاب والجد ولكن عليه ان يراعي مصلحتهم ولا يكفي عدم المفسدة ، ومع فقد الجميع يجوز للمجتهد العادل ووكيله في ذلك ـ وللعدل من المؤمنين عند عدم التمكن من الوصول إليهما ـ ان يبيع اموال هؤلاء ومال الغائب او يشتري باموالهم اذا اقتضت مصلحتهم ذلك ، وان كان الاحوط استحباباً الاقتصار على ما اذا كان في تركه الضرر والفساد.
( مسألة 669 ) : إذا بيع المال المغصوب ، ثم أجازه المالك صح ، وكان المال ومنافعه من حين المعاملة للمشتري والعوض ومنافعه للمالك الأصيل ، ولا فرق في ذلك بين أن يبيعه الغاصب لنفسه أو للمالك.
أحكام المعاملات » شرائط العوضين
( مسألة 670 ) : يشترط في العوضين خمسة أمور:
(1) العلم بمقدار كل منهما بما يتعارف تقديره به عند البيع من الوزن أو الكيل أو العدّ أو المساحة.
(2) القدرة على إقباضه ، وإلاّ بطل البيع ـ إلاّ ان يضم إليه ما يتمكن من تسليمه ـ ويكفي تمكن من انتقل اليه العوض من الاستيلاء عليه ، فإذا باع الدابة الشاردة وكان المشتري قادراً على أخذها صح البيع.
(3) معرفة جنسه وخصوصياته التي تختلف بها القيم.
(4) ان لا يتعلق به لأحدٍ حق يقتضي بقاء متعلقه في ملكية مالكه ، والضابط فوت الحق بانتقاله الى غيره ، وذلك كحق الرهانة ، فلا يصح بيع العين المرهونة الا بموافقة المرتهن أو مع فك الرهن.
(5) ان يكون المبيع من الأعيان وان كانت في الذمة ، فلا تصح بيع المنافع ، فلو باع منفعة الدار سنة لم يصح ، نعم لا بأس بجعل المنفعة ثمناً.
( مسألة 671 ) : ما يباع في بلد بالوزن أو الكيل لا يصح بيعه في ذلك البلد الا بالوزن أو الكيل ، ويجوز بيعه بالمشاهدة في البلد الذي يباع فيه بالمشاهدة.
( مسألة 672 ) : ما يباع بالوزن يجوز بيعه بالكيل ، إذا كان الكيل طريقاً الى الوزن ، وذلك كأن يجعل مكيال يحوي كيلو غرام من الحنطة ، فتباع الحنطة بذلك المكيال.
( مسألة 673 ) : إذا بطلت المعاملة لفقدانها شيئاً من الشروط المتقدمة ـ
عدا الشرط الرابع ـ ومع ذلك رضي كل من المتبايعين بتصرف الآخر في ماله من العوضين جاز له التصرف فيه.
( مسألة 674 ) : يجوز بيع الوقف إذا خرب بحيث سقط عن الانتفاع به في جهة الوقف ، أو صالا ذا منفعة يسيرة ملحقة بالمعدوم وذلك كالحصير الموقوف على المسجد إذا خلق وتمزق بحيث لا يمكن الانتفاع به منفعة معتد بها فانه يجوز عندئذ بيعه للمتولي ومن بحكمه ، ومثل ذلك ما اذا طرأ على الوقف ما يستوجب ان يؤدي بقاؤه الى الخراب المسقط للمنفعة المعتد بها ولكن اللازم حينئذ تأخير البيع الى آخر أزمنة امكان الانتفاع به. والاحوط لزوماً في كل ذلك ان يشترى بثمن الوقف ملك ويوقف على نهج الوقف الاول ، بل الاحوط لزوماً ان يكون الوقف الجديد معنوناً بعنوان الوقف الاول مع الامكان.
( مسألة 675 ) : لو وقع الخلاف بين الموقوف عليهم على وجه يظن بتلف المال أوالنفس إذا بقي الوقف على حاله ، ففي جواز بيعه وصرفه فيما هو أقرب الى مقصود الواقف إشكال فلا يترك مراعاة مقتضي الاحتياط فيه.
( مسألة 676 ) : لو شرط الواقف بيع الوقف إذا اقتضت المصلحة كقلة المنفعة أو وقوع الخلاف بين الموقوف عليهم ونحو ذلك جاز بيعه.
( مسألة 677 ) : يجوز بيع العين المستأجرة من المستأجر وغيره ، وإذا كان البيع لغير المستأجر لم يكن له انتزاع العين من المستأجر ، ولكن يثبت له الخيار إذا كان جاهلاً بالحال ، وكذا الحال لو علم بالايجار لكنه اعتقد قصر مدته فظهر خلافه.
أحكام المعاملات » عقد البيع
( مسألة 678 ) : لا تشترط العربية في صيغة البيع ، بل يجوز إنشاؤه بأية لغة كانت ، بل يصح بالأخذ والإعطاء بقصده من دون صيغة أصلاً.
أحكام المعاملات » بيع الثمار
( مسألة 679 ) : يصح بيع الفواكه والثمار قبل الاقتطاف من الاشجار إذا استبان حالها وأنّ بها آفة أم لا بحيث أمكن تعيين مقدارها بالخرص ، ويجوز بيعها بعد ظهورها وان كان قبل ان يستبين حالها في الصور التالية:
1 ـ ان يكون المبيع ثمر عامين فما زاد.
2 ـ أن يكون المبيع نفس ما هو خارج منها فعلاً ـ بشرط ان تكون له مالية معتد بها ـ وان لم يشترط على المشتري ان يقتطفها في الحال.
3 ـ ان يضم اليها بعض نباتات الأرض أو غيره ، والأحوط وجوباً في الضميمة ان تكون بحيث يتحفظ معها على رأس مال المشتري إن لم تخرج الثمرة ، وأما في غير هذه الصور الثلاث فجواز البيع محل اشكال: فلايترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
واما بيعها قبل ظهورها فلا يجوز إذا كان لعامٍ واحد وبغير ضميمة ، ولا بأس به إذا كان مع الضميمة أو لعامين فما زاد.
( مسألة 680 ) : يجوز بيع التمر على النخل ، ويلزم ان لا يجعل عوضه تمراً من ذلك النخل أو غيره ، الا أن يكون لشخص نخلة في دار شخص
آخر يشق دخوله اليها ، فانه يجوز تخمين مقدار تمرها وبيعه من صاحب الدار بذلك المقدار من التمر ، ولا يجوز بيع ثمر غير النخل بثمره أيضاً ويجوز بيعه بثمر غيره.
( مسألة 681 ) : يجوز بيع الخيار والباذنجان ونحوهما من الخضروات التي تلتقط وتجّز كل سنة مرات عديدة فيما لو ظهرت وعين عدد اللقطات في اثناء السنة ، ولا يجوز بيعها قبل ظهورها على الأحوط وجوباً.
( مسألة 682 ) : لا يجوز بيع سنبل الحنطة بالحنطة ولو من غيره ، كما لا يجوز بيع سنبل غير الحنطة من الحبوب بحبّ منه ، والاحوط استحباباً عدم بيع سنبل الشعير بالشعير من غيره.
أحكام المعاملات » النقد والنسيئة
( مسألة 683 ) : يجوز لكل من المتبايعين في المعاملة النقدية مطالبة الآخر تسليم عوض ماله بعد المعاملة في الحال ، والتسليم الواجب في المنقول وغيره هو التخلية برفع يده عنه ورفع المنافيات بحيث يتمكن من التصرف فيه ، ويختلف صدقها بحسب اختلاف الموارد والمقامات.
( مسألة 684 ) : يعتبر في النسيئة ضبط الأجل بحيث لا يتطرق إليه احتمال الزيادة والنقصان ، فلو جعل الأجل وقت الحصاد مثلاً لم يصح.
( مسألة 685 ) : لا يجوز مطالبة الثمن من المشتري في النسيئة قبل الأجل ، نعم لو مات وترك مالاً فللبايع مطالبته من ورثته قبل الأجل.
( مسألة 686 ) : يجوز مطالبة الثمن من المشتري في النسيئة بعد انقضاء الأجل ، ولو لم يتمكن المشتري من أدائه فللبائع إمهاله أو فسخ البيع وارجاع شخص المبيع إذا كان موجوداً ، وان كان تالفاً استقر في ذمة المشتري بدله من المثل أو القيمة.
( مسألة 687 ) : اذا عيّن عند المقاولة لبضاعته ثمناً نقداً وآخر مؤجلاً بأزيد منه فابتاعها المشتري باحدهما المعين صحّ ، واما لو باعها بثمن نقداً وباكثر منه مؤجلاً بايجاب واحد ـ بأن قال مثلاً بعتك هذا الكتاب بعشرة نقدا وبعشرين مؤجلاً الى شهر ـ وقبل المشتري فيحتمل صحة البيع بأقلّ الثمنين مؤجلاً ولكن المشهور بين الفقهاء (رض) بطلانه فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
( مسألة 688 ) : إذا باع شيئاً نسيئة وبعد مضي مدة من الأجل تراضيا على تنقيص مقدار من الثمن وأخذه نقداً فلا بأس به.
أحكام المعاملات » بيع السلف
( مسألة 689 ) : بيع السلف هو ( ابتياع كلي مؤجل بثمن حال ) عكس النسيئة ، فلو قال المشتري للبائع : ( اعطيك هذا الثمن على ان تسلمني المتاع بعد ستة اشهر ) وقال البائع : ( قبلت ) ، أو ان البائع قبض الثمن من المشتري وقال: ( بعتك متاع كذا ، على ان اسلمه لك بعد ستة أشهر ) فهذه المعاملة صحيحة.
( مسألة 690 ) : لا يجوز بيع الذهب أو الفضة سلفاً بالذهب أو الفضة ويجوز بغيرهما ، كما يجوز بيع غير الذهب والفضة سلفاً بالذهب أو الفضة أو بمتاع آخر ـ على تفصيل يأتي في الاَمر السابع من شرائط بيع السلف ـ والأحوط الأولى ان يجعل بدل المبيع في السلف من النقود.
أحكام المعاملات » شرائط بيع السلف
( مسألة 691 ) : يعتبر في بيع السلف سبعة أمور:
(1) أن يكون المبيع مضبوطاً من حيث الصفات الموجبة لاختلاف القيمة ولا يلزم الاستقصاء والتدقيق ، بل يكفي الضبط عرفاً ، ولا يصح فيما لا يمكن ضبط اوصافه مما لا ترتفع الجهالة فيه إلاّ بالمشاهدة.
(2) قبض تمام الثمن قبل افتراق المتبايعين ، ولو كان البائع مديوناً للمشتري بمقدار الثمن وكان الدين حالاً أو حلّ قبل افتراقهما وجعل ذلك ثمناً كفى ، ولو قبض البائع بعض الثمن صح البيع بالنسبة الى المقدار المقبوض فقط ، وثبت الخيار له في فسخ أصل البيع.
(3) تعيين زمان تسليم المبيع مضبوطاً ، فلا يصح جعله وقت الحصاد مثلاً.
(4) ان يتمكن البائع من تسليم المبيع عند حلول الأجل سواء كان نادر الوجود أم لا.
(5) تعيين مكان تسليم المبيع مضبوطاً على الأحوط لزوماً ، إذا لم يكن تعيّن عندهما ولو لانصراف ونحوه.
(6) تعيين وزن المبيع أو كيله أو عدده ، والمتاع الذي يباع بالمشاهدة يجوز بيعه سلفاً ، ولكن يلزم أن يكون التفاوت بين أفراده غير معتنى به عند العقلاء كبعض أقسام الجوز والبيض.
(7) أن لا يلزم منه الربا ، فاذا كان المبيع سلفاً من المكيل أو الموزون لم يجز ان يجعل ثمنه من جنسه ، بل ولا من غير جنسه من المكيل والموزون على الأحوط لزوما ، وإذا كان من المعدود فالاحوط وجوباً ان لا يجعل ثمنه من جنسه بزيادة عينية.
أحكام المعاملات » أحكام بيع السلف
( مسألة 692 ) : لا يجوز بيع ما اشتراه سلفاً من غير البائع قبل انقضاء الأجل ، ويجوز بعد انقضائه ولو لم يقبضه ، نعم لا يجوز بيع الحنطة والشعير وغيرهما مما يباع بالكيل أو الوزن ـ عدا الثمار ـ قبل القبض الا ان يبيعه بمقدار ثمنه الذي اشتراه به أو بوضيعة منه.
( مسألة 693 ) : لو سلم البائع المبيع على طبق ما قرر بينه وبين المشتري في بيع السلف بعد حلول الأجل وجب على المشتري قبوله ، ومنه ما إذا كان واجداً لصفة لم يشترط وجودها أو انتفاؤها فيه.
( مسألة 694 ) : إذا سلّمه المبيع قبل الأجل ، أو فاقداً للصفة التي اشترطها لم يجب القبول ، وكذا إذا اعطاه زائداً على المقدار المقرر بينهما.
( مسألة 695 ) : إذا قبل المشتري تسلم المبيع قبل حلول الأجل ، أو رضي بما دفعه اليه البائع وان لم يطابق المقرر بينهما ـ كماً أو كيفاً ـ جاز ذلك.
( مسألة 696 ) : إذا لم يوجد المبيع سلفاً في الزمان الذي يجب تسليمه فيه فللمشتري أن يصبر الى أن يتمكن منه ، أو يفسخ البيع ويسترجع العوض أو بدله وكذا اذا دَفَعَ البعض وعجز عن الباقي ، ولا يجوز له أن يبيعه من البائع أكثر مما اشتراه به على الأحوط لزوماً.
( مسألة 697 ) : إذا باع متاعاً في الذمة مؤجلا الى مدة بثمن مؤجل بطل البيع.
أحكام المعاملات » بيع الذهب والفضة
( مسألة 698 ) : لا يجوز بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة مع الزيادة ، سواء في ذلك المسكوك وغيره.
( مسألة 699 ) : لا بأس ببيع الذهب بالفضة وبالعكس نقداً ، ولا يعتبر تساويهما في الوزن ، وأما بيع أحدهما بالاخر نسيئة فلا يجوز مطلقاً.
( مسألة 700 ) : يشترط في بيع الذهب أو الفضة بالذهب أو الفضة تقابض العوضين قبل الافتراق وإلاّ بطل البيع ، ولو قبض البائع تمام الثمن وقبض المشتري بعض المبيع أو بالعكس وافترقا صح البيع بالنسبة الى ذلك البعض ويبطل البيع بالنسبة الى الباقي ، ويثبت الخيار في أصل البيع لمن لم يتسلم التمام.
( مسألة 701 ) : لا يجوز أن يشتري من الصائغ أو غيره خاتماً أو غيره من المصوغات الذهبية أو الفضية بجنسِهِ مع زيادة بملاحظة اُجرة الصياغة ، بل اما ان يشتريه بغير جنسه أو باقل من مقداره من جنسه مع الضميمة على ما تقدم في كيفية التخلص من الربا.
( مسألة 702 ) : اذا كان له دراهم في ذمة غيره فقال له حوِّلها دنانير في ذمتك فقبل المديون صحّ ذلك وتحوَّل ما في الذمة الى دنانير ، وهكذا الحكم في غيرهما من العملات النقدية اذا كانت في الذمة فيجوز تحويلها من جنس إلى آخر بلا قبض.
أحكام المعاملات » الخيارات
( مسألة 703 ) : الخيار هو «ملك فسخ العقد» وللمتبايعين الخيار في أحد عشر مورداً:
(1) قبل ان يتفرق المتعاقدان ، فلكل منهما فسخ البيع قبل التفرق ، ولو فارقا مجلس البيع مصطحبين بقي الخيار لهما حتى يفترقا ، ويسمى هذا الخيار بـ (خيار المجلس).
(2) ان يكون أحد المتبايعين مغبوناً ـ بان يكون ما انتقل اليه اقل قيمة مما انتقل عنه بمقدار لا يتسامح به عند غالب الناس ـ فللمغبون حق الفسخ بشرط وجود الفرق حين الفسخ أيضاً وأمّا مع زوال الفرق الى ذلك الحين فثبوت الخيار لهُ محل إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك ، وهذا الخيار يسمى بـ ( خيار الغبن ) ويجري في غير البيع من المعاملات التي لا تبتني على اغتفار الزيادة والنقيصة كالاجارة وغيرها ، وثبوته انما هو بمناط الشرط الارتكازي في العرف العام ، فلو فرض مثلاً كون المرتكز في عرف خاص ـ في بعض أنحاء المعاملات أو مطلقاً ـ هو اشتراط حق استرداد ما يساوي مقدار الزيادة وعلى تقدير عدمه ثبوت الخيار يكون هذا المرتكز الخاص هو المتبع في مورده ، ويجري نظير هذا الكلام في كل خيار مبناه على الشرط الارتكازي.
(3) اشتراط الخيار في المعاملة للطرفين أو لأحدهما أو لأجنبي الى مدة معينة ، ويسمّى بـ ( خيار الشرط ) .
(4) تدليس أحد الطرفين باراءة ماله أحسن مما هو في الواقع ليرغب فيه الطرف الأخر أو يزيد رغبة فيه ، فانه يثبت الخيار حينئذٍ للطرف الاخر ، ويسمى بـ ( خيار التدليس ) .
(5) ان يلتزم أحد الطرفين في المعاملة ، بأن يأتي بعمل أو بأن يكون ما يدفعه ـ إن كان شخصياً ـ على صفة مخصوصة ، ولا يأتي بذلك العمل أو لا يكون ما دفعه بتلك الصفة ، فللآخر حق الفسخ ويسمى بـ ( خيار تخلف الشرط ) .
(6) أن يكون أحد العوضين معيباً ، فيثبت الخيار لمن انتقل اليه المعيب ، ويسمى بـ ( خيار العيب ) .
(7) أن يظهر ان بعض المتاع لغير البائع ، ولا يجيز مالكه بيعه ، فللمشتري حينئذٍ فسخ البيع ، ويسمى هذا بـ ( خيار تبعض الصفقة ) .
(8) أن يعتقد المشتري وجدان العين الشخصية الغائبة حين البيع لبعض الصفات ـ إما لاخبار البائع ، أو اعتماداً على رؤية سابقة ـ ثم ينكشف أنها غير واجدة لها ، فللمشتري الفسخ ويسمى هذا بـ ( خيار الرؤية ) .
(9) أن يؤخر المشتري الثمن ولا يسلمه الى ثلاثة ايام ، ولا يسلم البائع المتاع الى المشتري ، فللبائع حينئذٍ فسخ البيع ، هذا إذا أمهله البايع في تأخير تسليم الثمن من غير تعيين مدة الامهال صريحاً أو ضمناً بمقتضى العرف والعادة ، والا فان لم يمهله اصلاً فله حق فسخ العقد بمجرد تأخير المشتري في تسليم الثمن ، وان أمهله مدة معينة أو اشترط المشتري عليه ذلك ـ في ضمن العقد ـ لم يكن له الفسخ خلالها سواء كانت أقل من ثلاثة أيام أو أزيد ويجوز له بعدها.
ومن هنا يعلم أن في المبيع الشخصي إذا كان مما يتسرّع اليه الفساد ـ كبعض الفواكه ـ فالامهال فيه محدود طبعاً باقل من ثلاثة ايام من الزمان الذي لا يتعرض خلاله للفساد فيثبت للبائع الخيار بمضي زمانه ، ويسمى هذا بـ ( خيار التأخير ) .
(10) إذا كان المبيع حيواناً ، فللمشتري فسخ البيع الى ثلاثة أيام ، وكذلك الحكم إذا كان الثمن حيواناً ، فللبائع حينئذٍ الخيار الى ثلاثة أيام ، ويسمى هذا بـ ( خيار الحيوان ) .
(11) أن لا يتمكن البائع من تسليم المبيع ، كما إذا شرد الفرس الذي باعه ، فللمشتري فسخ المعاملة ويسمى هذا بـ ( خيار تعذر التسليم ) .
( مسألة 704 ) : اذا لم يتمكن البايع من تسليم المبيع لتلفه بآفة سماوية او ارضية فلاخيار للمشتري بل البيع باطل من أصله ويرجع الثمن إلى المشتري ـ ومثله ما إذا تلف الثمن قبل تسليمه الى البايع فانه ينفسخ البيع ويرجع المبيع الى البايع ـ وفي حكم التلف تعذر الوصول اليه عادة كما لو انفلت الطائر الوحشي أو وقع السمك في البحر أو سرق المال الذي لا علامة له ونحو ذلك.
( مسألة 705 ) : لا بأس بما يسمى بـ ( بيع الشرط ) ، وهو بيع الدار ـ مثلاً ـ التي قيمتها الف دينار بمائتي دينار ، مع اشتراط الخيار للبائع لو أرجع مثل الثمن في الوقت المقرر الى المشتري ، هذا إذا كان المتبائعان قاصدين للبيع والشراء حقيقة ، والا لم يتحقق البيع بينهما.
( مسألة 706 ) : يصح بيع الشرط وان علم البائع برجوع المبيع اليه ، حتى لو لم يسلِّم الثمن في وقته الى المشتري ، لعلمه بان المشتري يسمح له في ذلك ، نعم إذا لم يسلِّم الثمن في وقته ليس له بعد ذلك أن يطالب المبيع من المشتري ، أو من ورثته على تقدير موته.
( مسألة 707 ) : لو اطلع المشتري على عيب في المبيع الشخصي ، كأن اشترى حيواناً فتبين انه كان أعمى ، فله الفسخ إذا كان العيب ثابتاً قبل البيع ، ولو لم يتمكن من الارجاع لحدوث تغيير فيه أو تصرف فيه بما يمنع من الرد ، فله ان يسترجع من الثمن بنسبة التفاوت بين قيمتي الصحيح والمعيب ، مثلاً: المتاع المعيب المشترى بأربعة دنانير إذا كانت قيمته سالماً ثمانية دنانير ، وقيمة معيبه ستة دنانير ، فالمسترجع من الثمن ربعه ، وهو نسبة التفاوت بين الستة والثمانية.
واذا كان المبيع كلياً فاطلع المشتري على عيب في الفرد المدفوع له منه لم يكن له فسخ البيع أو المطالبة بالتفاوت بل له المطالبة بفرد آخر من المبيع.
( مسألة 708 ) : لو اطلع البائع بعد البيع على عيب في الثمن الشخصي سابق على البيع فله الفسخ ، وارجاعه الى المشتري ، ولو لم يجز له الرد للتغير أو التصرف فيه المانع من الرد فله ان يأخذ من المشتري التفاوت من قيمة السالم من العوض ومعيبه ( بالبيان المتقدم في المسألة السابقة ) .
واذا كان الثمن كلياً ـ كما هو المتعارف في المعاملات ـ فاطلع البائع على عيب في الفرد المدفوع منه لم يكن له الفسخ ولا المطالبة بالتفاوت بل يستحق المطالبة بفرد آخر من الثمن.
( مسألة 709 ) : لو طرأ عيب على المبيع بعد العقد وقبل التسليم ثبت الخيار للمشتري إذا لم يكن طرو العيب بفعله ، ولو طرأ على الثمن عيب بعد العقد وقبل تسليمه ثبت الخيار للبائع كذلك ، واذا لم يتمكن من الارجاع جازت المطالبة بالتفاوت بين قيمتي الصحيح والمعيب.
( مسألة 710 ) : الظاهر اعتبار الفورية العرفية في خيار العيب بمعنى عدم التأخير فيه أزيد مما يتعارف عادة حسب اختلاف الموارد ، ولا يعتبر في نفوذه حضور من عليه الخيار.
( مسألة 711 ) : لا يجوز للمشتري فسخ البيع بالعيب ولا المطالبة بالتفاوت في أربع صور:
(1) ان يعلم بالعيب عند الشراء.
(2) ان يرضى بالمعيب بعد البيع.
(3) ان يُسقط حقه عند البيع من جهة الفسخ ومطالبته بالتفاوت.
(4) ان يتبرأ البائع من العيب ، ولو تبرأ من عيب خاص فظهر فيه عيب آخر فللمشتري الفسخ به ، وإذا لم يتمكن من الرد أخذ التفاوت على ما تقدم.
( مسألة 712 ) : إذا ظهر في المبيع عيب ، ثم طرأ عليه عيب آخر بعد القبض فليس له الرد وله أخذ التفاوت ، نعم لو اشترى حيواناً معيباً فطرأ عليه عيب جديد في الايام الثلاثة التي له فيها الخيار فله الرد وان قبضه ، وكذلك الحال في كل مورد طرأ على المعيب عيب جديد في زمان كان فيه خيار آخر للمشتري.
( مسألة 713 ) : إذا لم يطَّلع البائع على خصوصيات ماله بل أخبره بها غيره ، فباعه على ذلك او باعه باعتقاد انه على ما رآه سابقاً ، ثم ظهر انه كان أحسن من ذلك فله الفسخ.
( مسألة 714 ) : إذا أعلم البائع المشتري برأس المال فلا بد أن يخبره أيضاً ـ حذراً من التدليس ـ بكل ما أوجب نقصانه أو زيادته مما لا يستغنى عن ذكره لانصراف ونحوه ، فان لم يفعل كأن لم يخبره بانه اشتراه نسيئة أو مشروطاً بشرط ، ثم اطلع المشتري على ذلك كان له فسخ البيع ، ولو باعه مرابحة ـ اي بزيادة على رأس المال ـ ولم يذكر انه اشتراه نسيئة كان للمشتري مثل الأجل الذي كان له ، كما أن له حق فسخ المعاملة.
( مسألة 715 ) : إذا اخبر البائع المشتري برأس المال ثم تبين كذبه في إخباره ، كما إذا اخبر ان رأس ماله مائة دينار وباع بربح عشرة دنانير وفي الواقع كان رأس المال تسعين ديناراً تخيَّر المشتري بين فسخ البيع وإمضائه بتمام الثمن المذكور في العقد وهو مائة وعشرة دنانير.
( مسألة 716 ) : لا يجوز للقصاب ان يبيع لحماً على أنه لحم الخروف ويسلّم لحم النعجة ، فان فعل ذلك ثبت الخيار للمشتري إذا كانت المعاملة شخصية ، وله المطالبة بلحم الخروف إذا كان المبيع كلياً في الذمة ، وكذلك الحال في نظائر ذلك كما إذا باع ثوباً على ان يكون لونه ثابتاً فسلم الى المشتري ما يزول لونه.
أحكام المعاملات » خاتمة في الاقالة
وهي فسخ العقد من أحد المتعاملين بعد طلبه من الآخر ، والظاهر جريانها في عامة العقود اللازمة حتى الهبة اللازمة ، نعم لا تجري في النكاح وفي جريانها في الضمان والصدقة إشكالٌ فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك ، وتقع بكل لفظ يدل على المراد وان لم يكن عربياً ، بل تقع بالفعل كما تقع بالقول ، فاذا طلب أحد المتبايعين مثلاً الفسخ من صاحبه فدفع اليه ما أخذه منه كان فسخاً وإقالة ووجب على الطالب إرجاع ما في يده من العوض الى صاحبه.
( مسألة 717 ) : لا تجوز الاقالة بزيادة عن الثمن أو المثمن أو نقصان ، فلو أقال كذلك بطلت وبقي كل من العوضين على ملك مالكه.
( مسألة 718 ) : إذا جعل له مالاً خارجياً او في الذمة ليقيله بان قال له أقلني ولك هذا المال ، أو أقلني ولك عليّ كذا صحّ ذلك فيستحق المال بعد الاقالة.
( مسألة 719 ) : لو أقال بشرط مال عين أو عمل كما لو قال للمستقيل: أقلتك بشرط أن تعطيني كذا ، أو تخيط ثوبي فقبل صح.
( مسألة 720 ) : لا يقوم وارث المتعاقدين مقامهما في صحة الاقالة فلا ينفسخ العقد بتقايل الوارثين.
أحكام المعاملات » أحكام الشفعة
( مسألة 721 ) : إذا باع أحد الشريكين حصته على ثالث كان لشريكه ـ مع اجتماع الشرائط الآتية ـ حق أن يتملك المبيع بالثمن المقرر له في البيع ، ويسمى هذا الحق بالشفعة وصاحبه بالشفيع.
( مسألة 722 ) : تثبت الشفعة في البيع وما يفيد فائدته كالهبة المعوضة والصلح بعوض ، كما تثبت في المنقول وغير المنقول سواء قَبِل القسمة أم لم يقبلها ، وتثبت أيضاً في الوقف فيما يجوز بيعه.
( مسألة 723 ) : يشترط في ثبوت الشفعة أن تكون العين المبيعة مشتركة بين اثنين ، فإذا كانت مشتركة بين ثلاثة فما زاد وباع أحدهم لم تكن لأحدهم شفعة ، وكذا إذا باعوا جميعاً الا واحداً منهم ويستثنى مما تقدم ما إذا كانت داران يختص كل منهما بشخص وكانا مشتركين في طريقهما فبيعت احدى الدارين مع الحصة المشاعة من الطريق ، ففي مثل ذلك تثبت الشفعة لصاحب الدار الاخرى ، ويجري هذا الحكم أيضاً في صورة تعدد الدور وإختصاص كل واحدة منها بواحد على الشرط المتقدم.
( مسألة 724 ) : يعتبر في الشفيع الاسلام ، إذا كان المشتري مسلماً فلا شفعة للكافر على المسلم وإن اشترى من كافر ، وتثبت للمسلم على الكافر وللكافر على مثله.
( مسألة 725 ) : يشترط في الشفيع أن يكون قادراً على أداء الثمن فلا تثبت للعاجز عنه وان بذل الرهن أو وجد له ضامن الا ان يرضى المشتري بذلك ، نعم إذا طلب الشفعة وادعى غيبة الثمن أُجِّل ثلاثة أيام فان لم يحضره بطلت شفعته فان ذكر أن المال في بلد آخر أُجّل بمقدار وصول
المال اليه وزيادة ثلاثة أيام فان انتهى فلا شفعة ، ويكفي في الايام الثلاثة التلفيق ، كما ان مبدأها زمان الأخذ بالشفعة لا زمان البيع.
( مسألة 726 ) : الشفيع يتملك المبيع باعطاء قدر الثمن لا باكثر منه ولا بأقل ، ولا يلزم ان يعطي عين الثمن في فرض التمكن منها بل له أن يعطي مثله ان كان مثلياً.
( مسألة 727 ) : في ثبوت الشفعة في الثمن القيمي بان يأخذ المبيع بقيمة الثمن إشكال.
( مسألة 728 ) : يلزم المبادرة الى الأخذ بالشفعة ، فيسقط مع المماطلة والتأخير بلا عذر ، ولا يسقط إذا كان التأخير عن عذر ـ ولو كان عرفياًـ كجهله بالبيع أو جهله باستحقاق الشفعة أو توهمه كثرة الثمن فبان قليلاً ، أو كون المشتري زيداً فبان عمراً ، أو انه اشتراه لنفسه فبان لغيره أو العكس ، أو انه واحد فبان اثنين أو العكس ، أو ان المبيع النصف بمائة دينار فتبين انه الربع بخمسين ديناراً ، أو كون الثمن ذهباً فبان فضة ، أو لكونه محبوساً ظلماً أو بحق يعجز عن أدائه ، وأمثال ذلك من الاعذار.
أحكام المعاملات » أحكام الشركة
( مسألة 729 ) : تطلق الشركة على معنيين:
1 ـ كون شيء واحدٍ لاثنين أو أزيد بأرث أو عقد ناقل أو حيازة أو امتزاج أو غير ذلك.
2 ـ العقد الواقع بين إثنين أو أزيد على الاشتراك فيما يحصل لهم من ربح وفائدة من الاتجار أو الاكتساب أو غيرهما ، وتسمى بـ ( الشركة العقدية ) وتقع على انحاء بعضها صحيح وبعضها فاسد كما يأتي.
( مسألة 730 ) : لو اتفق شخصان ـ مثلاً ـ على الاتجار والتكسب بعين أو أعيان مشاعة بينهما على أن يكون بينهما ما يحصل من ذلك من ربح أو خسران كانت الشركة صحيحة ، وتسمى هذه بـ ( الشركة الاذنية ) ولو انشأ شخصان ـ مثلاً ـ المشاركة في رأس مال مكوّن من مالهما للاتجار والتكسب به وفق شروط معينة كانت الشركة صحيحة أيضاً وتسمى بـ ( الشركة المعاوضية ) لتضمنها انتقال حصة من مال كل منهما الى الآخر.
( مسألة 731 ) : لو قرر شخصان ـ مثلاً ـ الاشتراك فيما يربحانه من أُجرة عملهما ، كما لو قرر حلاقان ان يكون كل ما يأخذانه من اجرة الحلاقة مشتركاً بينهما كانت الشركة باطلة ، نعم لو صالح احدهما الآخر بنصف منفعته الى مدة معينة ـ كسنة مثلاً ـ بازاء نصف منفعة الآخر الى تلك المدة وقبل الآخر صح واشترك كل منهما فيما يحصله الآخر في تلك المدة من الاَُجرة.
( مسألة 732 ) : لا يجوز إشتراك شخصين ـ مثلاً ـ على أن يشتري كل منهما متاعاً نسيئة لنفسه ويكون ما يبتاعه كل منهما بينهما ، فيبيعانه ويؤديان الثمن ويشتركان فيما يربحانه منه ، نعم لا بأس بان يوكل كل منهما صاحبه في أن يشاركه فيما اشتراه بان يشتري لهما وفي ذمتهما ، فإذا اشترى شيئاً كذلك يكون لهما ويكون الربح والخسران أيضاً بينهما.
( مسألة 733 ) : يعتبر في عقد الشركة ـ مضافاً الى لزوم إنشائها بلفظ أو فعل يدل عليها ـ توفر الشرائط الآتية في الطرفين: البلوغ والعقل ، والاختيار ، وعدم الحجر ـ لسفه أو فلس ـ فلا يصح شركة الصبي والمجنون والمكره والسفيه الذي يصرف امواله في غير موقعه والمفلس فيما حجر عليه من أمواله.
( مسألة 734 ) : لا بأس باشتراط زيادة الربح عما تقتضيه نسبة المالين لمن يقوم بالعمل من الشريكين ، أو الذي يكون عمله أكثر أو أهم من عمل الأخر ، ويجب الوفاء بهذا الشرط ، وهكذا الحال لو اشترطت الزيادة لغير العامل منهما أو لغير من يكون عمله أكثر أو أهم من عمل صاحبه ، ولو اشترطا ان يكون تمام الربح لاحدهما أو يكون تمام الخسران على أحدهما ففي صحة العقد اشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك.
( مسألة 735 ) : إذا لم يشترطا لأحدهما زيادة في الربح ، فان تساوى المالان تساويا في الربح والخسران ، والا كان الربح والخسران بنسبة المالين ، فلو كان مال أحدهما ضعف مال الآخر كان ربحه وضرره ضعف الآخر ، سواء تساويا في العمل أو اختلفا أو لم يعمل أحدهما أصلاً.
( مسألة 736 ) : لو اشترطا في عقد الشركة أن يشتركا في العمل كل منهما مستقلاً ، أو يعمل أحدهما فقط ، أو يعمل ثالث يستأجر لذلك وجب العمل على طبق الشرط.
( مسألة 737 ) : إذا لم يعيِّنا العامل فان كانت الشركة اذنية لم يجز لايّ منهما التصرف في رأس المال بغير إجازة الآخر ، وان كانت الشركة معاوضية جاز تكسب كل منهما برأس المال على نحو لا يضرّ بالشركة.
( مسألة 738 ) : يجب على من له العمل ان يكون عمله على طبق ما هو المقرر بينهما ، فلو قررا ـ مثلاً ـ أن يشتري نسيئة ويبيع نقداً ، أو يشتري من المحل الخاص وجب العمل به ، ولو لم يعين شيء من ذلك لزم العمل
بما هو المتعارف على وجه لا يضر بالشركة.
( مسألة 739 ) : لو تخلّف العامل عما شرطاه ، أو عمل على خلاف ما هو المتعارف في صورة عدم الشرط أثم ولكن تصح المعاملة ، فان كانت رابحة اشتركا في الربح وان كانت خاسرة أو تلف المال ضمن العامل الخسارة أو التلف.
( مسألة 740 ) : الشريك العامل في رأس المال أمين ، فلا يضمن التالف كلاً أو بعضاً من دون تعدٍّ أو تفريط.
( مسألة 741 ) : لو ادعى العامل التلف في مال الشركة فان كان مأموناً عند صاحبه لم يطالبه بشيء ، والا جاز له رفع امره الى الحاكم الشرعي.
( مسألة 742 ) : لو جعلا للشركة أجلاً فان كانت معاوضية لزم مطلقاً ، وان كانت اذنية لم يلزم؛ فيجوز لكل منهما الرجوع قبل الانقضاء ، نعم لو اشترطا عدم فسخها الى أجل معين صحّ الشرط ووجب العمل به ولكن مع ذلك تنفسخ بفسخ أي منهما وان كان الفاسخ آثماً.
( مسألة 743 ) : إذا مات أحد الشركاء لم يجز للاخرين التصرف في مال الشركة ، وكذلك الحال في الجنون والاغماء والسفه.
( مسألة 744 ) : لو اتجر أحد الشريكين بمال الشركة ثم ظهر بطلان عقد الشركة ، فان لم يكن الاذن في التصرف مقيداً بصحة الشركة صحت المعاملة ويرجع ربحها اليهما ، وان كان الاذن مقيداً بصحة العقد كان العقد بالنسبة الى الآخر فضولياً ، فان أجاز صح والا بطل.
( مسألة 745 ) : لا يجوز لبعض الشركاء التصرف في المال المشترك الا برضا الباقين ، ومتى طلب أحدهم القسمة فان كانت قسمة ردّ ( أي يتوقف تعديل السهام على ضم مقدار من المال الى بعضها ليعادل البعض الاخر ) او كانت مستلزمة للضرر لم يجب على الباقين القبول وإلاّ وجب عليهم ذلك ، ولو طلب احدهم بيع ما يترتب على قسمته ضرر ليقسم الثمن تجب اجابته ويجبر عليه الممتنع.
أحكام المعاملات » أحكام الصلح
( مسألة 746 ) : الصلح هو ( التسالم بين شخصين على تمليك عين أو منفعة أو على إسقاط دين أو حق بعوض مادي أو مجاناً ) . ولا يشترط كونه مسبوقاً بالنزاع.
( مسألة 747 ) : يعتبر في المتصالحين البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، والقصد ، كما يعتبر فيمن تقتضي المصالحة ان يتصرف في ماله من الطرفين ان لا يكون محجوراً عليه من ذلك لسفه أو فلس.
( مسألة 748 ) : لا يعتبر في الصلح صيغة خاصة ، بل يكفي فيه كل لفظ أو فعل دال عليه.
( مسألة 749 ) : لا يعتبر في الصلح العلم بالمصالح به ، فاذا اختلط مال أحد الشخصين بمال الآخر جاز لهما ان يتصالحا على الشركة بالتساوي او بالاختلاف ، كما يجوز لاَحدهما ان يصالح الاخر بمال خارجي معين ، ولا يفرق في ذلك بين ما اذا كان التمييز بين المالين متعذراً وما اذا لم يكن متعذراً.
( مسألة 750 ) : اسقاط الحق أو الدين لا يحتاج الى قبول ، واما المصالحة عليه فلا بد فيها من القبول.
( مسألة 751 ) : لو علم المديون بمقدار الدين ، ولم يعلم به الدائن وصالحه بأقل منه لم يحل الزائد للمديون ، الا ان يعلم برضا الدائن بالمصالحة حتى لو علم بمقدار الدين أيضاً.
( مسألة 752 ) : إذا كان شخصان لكل منهما مال في يد الآخر أو على ذمته وعلمت زيادة أحدهما على الآخر ، فان كان المالان بحيث لا يجوز بيع أحدهما بالاخر لاستلزامه الربا لم يجز التصالح على المبادلة بينهما
أيضاً ، لان حرمة الربا تعم الصلح على هذا النحو ، وهكذا الحكم في صورة احتمال الزيادة وعدم العلم بها على الأحوط لزوماً.
ويمكن الاستغناء عن الصلح بالمبادلة بين المالين بالصلح على نحو آخر بان يقول احدهما لصاحبه في الفرض الأول ( صالحتك على ان تهب لي ما في يدي وأهب لك ما في يدك ) فيقبل الآخر ، ويقول في الفرض الثاني ( صالحتك على أن تبرأني مما لك في ذمتي وابرأك ممّا لي في ذمتك ) فيقبل الآخر.
( مسألة 753 ) : لا بأس بالمصالحة على مبادلة دينين على شخص واحد أو على شخصين فيما إذا لم يستلزم الربا على ما مر في المسألة السابقة ، مثلاً إذا كان أحد الدينين الحالّين من الحنطة الجيدة والآخر من الحنطة الرديئة وكانا متساويين في المقدار جاز التصالح على مبادلة أحدهما بالآخر ، ولا يجوز ذلك في صورة عدم التساوي.
( مسألة 754 ) : يصح الصلح في الدين المؤجل بأقل منه إذا كان المقصود ابراء ذمة المديون من بعض الدين وأخذ الباقي منه نقداً لا المعاوضة بين الزائد والناقص ، هذا فيما إذا كان الدين من جنس الذهب أو الفضة أو غيرهما في المكيل أوالموزون ، وأما في غير ذلك كالعملات الورقية فتجوز المعاوضة عنه ـ صلحاً وبيعاً ـ بالاقل نقداً؛ سواء من المديون وغيره ومن ذلك خصم الصكوك وتنزيل الكمپيالات من المصارف وغيرها كما مر في المسألة (653).
( مسألة 755 ) : ينفسخ الصلح بتراضي المتصالحين بالفسخ ، وكذا إذا فسخ من جعل له حق الفسخ منهما في ضمن الصلح.
( مسألة 756 ) : لا يجري خيار المجلس ولا خيار الحيوان في الصلح ، كما لا يجري خيار الغبن في الصلح الواقع في موارد قطع النزاع والخصومات بل ولا في غيره على الاحوط لزوماً ، وكذلك لا يجري في
الصلح خيار التأخير على النحو المتقدم في البيع ، نعم لو أخّر تسليم المصالح به عن الحد المتعارف ، أو اشترط تسليمه نقداً فلم يعمل به فللآخر أن يفسخ المصالحة ، واما بقية الخيارات التي سبق ذكرها في البيع فهي تجري في الصلح أيضاً.
( مسألة 757 ) : لو ظهر العيب في المصالح به جاز الفسخ ، والاحوط لزوماً عدم المطالبة بالتفاوت بين قيمتي الصحيح والمعيب عند عدم امكان الرد.
( مسألة 758 ) : يجوز للمتنازعين في دين أو عين أو منفعة أن يتصالحا بشيء من المدعى به أو بشيء آخر حتى مع إنكار المدعى عليه ، ويسقط بهذا الصلح حق الدعوى ، وكذا يسقط حق اليمين الذي كان للمدعي على المنكر ، فليس للمدعي بعد ذلك تجديد المرافعة ، ولكن هذا قطع للنزاع ظاهراً ولا يحل لغير المحق ما يأخذه بالصلح الا مع رضا صاحب الحق بذلك واقعاً لا لمجرد استنقاذ بعض حقه أو تخلصاً من الدعوى الكاذبة.
أحكام المعاملات » أحكام الاجارة
( مسألة 759 ) : الاجارة هي ( المعاوضةُ على المنفعة عملاً كانت أو غيره ) والاول مثل اجارة الخياط للخياطة والثاني مثل اجارة الدار للسكنى ، ويعتبر في المؤجر والمستأجر البلوغ والعقل والاختيار والرشد ، ولا تصح إجارة المفلس امواله التي حجر عليها ، ولكن تصح اجارته نفسه.
( مسألة 760 ) : لا تصح الاجارة اذا لم يكن المؤجر مالكاً للمنفعة أو بحكمه ولم يكن ولياً على المالك ولا وكيلاً عنه ، نعم تصح إذا تعقبت بالاجازة.
( مسألة 761 ) : إذا آجر الولي مال الطفل مدة ، وبلغ الطفل أثناءها كانت صحة الاجارة بالنسبة الى ما بعد بلوغه موقوفه على اجازته حتى فيما إذا كان عدم جعل ما بعد البلوغ جزءاً من مدة الايجار على خلاف مصلحة الطفل ، وهكذا الحكم فيما إذا آجر الولي الطفل نفسه الى مدة فبلغ أثناءها ، نعم إذا كان امتداد مدة الايجار الى ما بعد البلوغ مقتضى مصلحة ملزمةً شرعاً بحيث يعلم عدم رضا الشارع بتركها صح الايجار كذلك باذن الحاكم الشرعي ولم يكن للطفل ان يفسخه بعد بلوغه.
( مسألة 762 ) : لا يجوز استيجار الطفل الذي لا ولي له ـ من الاب أو الجد من طرفه أو الوصي لاحدهماـ إلاّ بأجازة المجتهد العادل أو وكيله ، وإذا لم يتمكن من الوصول إليه جاز استيجاره باجازة بعض عدول المؤمنين.
( مسألة 763 ) : لا تعتبر العربية في صيغة الاجارة ، بل لا يعتبر اللفظ في صحتها ، فلو سلّم المؤجر ماله للمستأجر بقصد الايجار وقبضه المستأجر بقصد الاستيجار صحت الاجارة ، وتكفي في الأخرس الاشارة المفهمة للايجار والاستيجار.
( مسألة 764 ) : لو استأجر دكاناً أو داراً أو بيتاً بشرط أن ينتفع به هو بنفسه لم يجز ايجاره للغير على وجه ينتفع به الغير ، ويجوز لو كان على نحو يرجع الانتفاع به لنفس المستأجر الأول ، كأن تستأجر إمراة داراً ثم تتزوج فتؤجر الدار لزوجها لسكناها.
( مسألة 765 ) : إذا استأجر عيناً فله أن يؤجرها من غيره ـ الا إذا اشترط عليه عدم ايجارها صريحاً أو كان الايجار غير متعارف خارجاً بحيث أغنى ذلك عن التصريح باشتراط عدمه ـ ولكن الاحوط لزوماً عدم تسليم العين الى المستأجر الثاني من دون رضا المؤجر المستكشف ولو من قرائن الحال ، وعلى هذا فلو استأجر سيارة للركوب أو لحمل المتاع مدة معينة فآجرها في تلك المدة أو في بعضها من آخر صحّ ولكن يستأذن المالك في تسليمها اليه أو لا يسلِّمها بل يبقى فيها وان ركبها ذلك الآخر أو حَمَّلها متاعه.
( مسألة 766 ) : لو جاز للمستأجر ان يؤجر العين المستأجرة واراد ان يؤجرها بأزيد مما استأجرها به فلا بد ان يحدث فيها شيئاً كالترميم أو التبييض أو يغرم فيها غرامة ولو لحفظها وصيانتها ، والا لم يجز له ذلك.
هذا في الدار والسفينة والحانوت ، وكذا في غيرها من الاعيان المستأجرة ـ حتى الاراضي الزراعية ـ على الأحوط لزوماً ، ولا فرق في عدم جواز الايجار بالازيد بين ان يؤجرها بنفس الجنس الذي استأجرها به أو بغير ذاك الجنس سواء كان من النقود أم من غيرها.
( مسألة 767 ) : لو اشترط في الاجارة ان يكون عمل الاجير لشخص المستأجر لم يجز له إيجاره ليعمل لشخص آخر ، ويجوز ذلك مع عدم الاشتراط أو ما بحكمه كما مر ، الا انه لا يجوز أن يؤجره بأزيد مما استأجره سواء أكانت الاجرتان من جنس واحد أم لا .
( مسألة 768 ) : إذا آجر نفسه لعمل من دون تقييد بالمباشرة ولا مع الانصراف اليها لم يجز له أن يستأجر غيره لذلك العمل بعينه بالاقل قيمة من الاجرة في اجارة نفسه ، نعم لا بأس بذلك إذا أتى ببعض العمل ولو قليلا فاستأجر غيره للباقي بالاقل قيمة من الاجرة.
( مسألة 769 ) : إذا استأجر الدكان ـ مثلاً ـ لمدة وانتهت المدة لم يجز له البقاء فيه من دون رضا المالك ، الا إذا كان قد اشترط عليه في ضمن عقد الاجارة أو في عقد لازم آخر أن يكون له أو لمن يعينه مباشرة أو بواسطة حق اشغال الدكان والاستفادة منه ازاء مبلغ معين سنوياً أو ازاء ما يعادل اجرته المتعارفة في كل سنة ، فانه في هذه الصورة يجوز للمستأجر أو لمن يعينه البقاء في الدكان ولو مِنْ دون رضا المالك ولا يحق للمالك الا أن يطالب بالمبلغ الذي اتفقا عليه ازاء الحق المذكور المسمى في عرفنا بـ ( السرقفلية ) .
( مسألة 770 ) : يعتبر في العين المستأجرة أُمور:
(1) التعيين ، فلو قال آجرتك إحدى دوري لم تصح الاجارة.
(2) المعلومية ، بأن يشاهد المستأجر العين المستأجرة ، أو توصف له خصوصيتها التي تختلف فيها الرغبات ولو كان ذلك بتوصيف المؤجر ، وهكذا فيما لو كانت كلية.
(3) التمكن من التسليم ، ويكفي تمكن المستأجر من الاستيلاء عليها ، فتصح اجارة الدابة الشاردة ـ مثلاً ـ إذا كان المستأجر قادراً على أخذها.
(4) إمكان الانتفاع بها مع بقاء عينها ، فلا تصح إجارة النقود ونحوها للاتجار بها.
(5) قابليتها للانتفاع المقصود من الاجارة ، فلا تصح إجارة الارض للزراعة إذا لم يكن المطر وافياً ولم يمكن سقيها من النهر أو غيره.
( مسألة 771 ) : يصح إيجار الشجر للانتفاع بثمرها غير الموجود فعلاً ، وكذلك إيجار الحيوان للانتفاع بلبنه أو البئر للاستقاء.
( مسألة 772 ) : يجوز للمرأة إيجار نفسها للارضاع من غير حاجة الى إجازة زوجها ، نعم لو أوجب ذلك تضييع حقه توقفت صحة الاجارة على إجازته.
( مسألة 773 ) : تعتبر في المنفعة التي يستأجر المال لأجلها أُمور أربعة:
(1) ان تكون محللة ، فلو انحصرت منافع المال في الحرام أو اشترط الانتفاع بخصوص المحرّم منها أو اوقع العقد مبنياً على ذلك بطلت الاجارة ، كما لو آجر الدكان بشرط ان يباع أو يحفظ فيه الخمر ، أو آجر السيارة بشرط أن يحمل الخمر عليها.
(2) أن تكون لها مالية يبذل المال بازائها عند العقلاء على الأحوط لزوماً.
(3) تعيين نوع المنفعة ، فلو آجر سيارة تصلح للركوب ولحمل الأثقال وجب تعيين حق المستأجر من الركوب أو الحمل أو كليهما.
(4) تعيين مقدار المنفعة ، وهو اما بتعيين المدة كما في إجارة الدار والدكان ونحوهما ، واما بتعيين العمل كخياطة الثوب المعين على كيفية معينة أو سياقة السيارة إلى بلد معلوم من طريق معين واما بتعيين المسافة كركوب السيارة لمسافة معلومة.
( مسألة 774 ) : يحرم حلق اللحيّة وأخذ الاجرة عليه على الأحوط لزوماً إلاّ إذا كان مكرهاً على الحلق أو مضطراً إليه لعلاج أو نحوه أو خاف الضرر من تركه أو كان تركه حرجياً عليه بحدٍّ لا يتحمل عادةً ، ففي هذه الموارد يجوز الحلق كما يجوز للحلاق أخذ الاجرة عليه.
( مسألة 775 ) : لا بد من تعيين الزمان في موارد تعيين المنفعة بالمدة ـ كسكنى الدار ـ أو بالمسافة ـ كركوب السيارة ـ الا اذا كان هناك قرينة على التعيين كالاطلاق الذي هو قرينة على أن ابتداءها من حين اجراء العقد ، ولا يعتبر تعيين المدة في الاجارة على الاعمال كالخياطة الا إذا اختلفت الاغراض باختلاف الازمنة التي يقع فيها العمل فلا بد من تعيين الزمان فيه أيضاً إلاّ إذا وُجدت قرينة عليه كالاطلاق الذي يقتضي التعجيل على الوجه العرفي.
( مسألة 776 ) : لو آجر داره سنة ، وجعل إبتداءها بعد مضي شهر ـ مثلاً ـ من إجراء الصيغة صحت الاجارة ، وان كانت العين عند اجراء الصيغة مستأجرة للغير.
( مسألة 777 ) : لا تصح الاجارة إذا لم تتعين مدة الايجار فلو قال ( آجرتك الدار كل شهر بدينار مهما أقمت فيها ) لم تصح ، وإذا آجرها شهراً معيناً بدينار وقال ( كلما أقمت بعد ذلك فبحسابه ) صحت الاجارة في الشهر الأول خاصة.
( مسألة 778 ) : الدور المعدة لاقامة الغرباء والزوار إذا لم يعلم مقدار مكثهم فيها ، وحصل الاتفاق على اداء مقدار معين عن إقامة كل ليلة ـ مثلاً ـ يجوز التصرف فيها ، ولكن لا يصح ذلك إجارة حيث لا يعلم مدة الايجار بل يكون من الاباحة المشروطة بالعوض فللمالك إخراجهم متى ما أراد.
( مسألة 779 ) : لا بأس بأخذ الاجرة على ذكر مصيبة سيد الشهداء وسائر الأئمة عليهم السلام وذكر فضائلهم والخطب المشتملة على المواعظ ونحو ذلك.
( مسألة 780 ) : تجوز الاجارة عن الميت في العبادات الواجبة عليه نظير الصلاة والصيام والحج ، ولا يجوز ذلك عن الحي الا في الحج عن المستطيع العاجز عن المباشرة أو من استقر عليه الحج ولم يتمكن من المباشرة ، وتجوز الاجارة عن الحي والميت في بعض المستحبات العبادية كالحج المندوب وزيارة الأئمة عليهم السلام ، وما يتبعهما من الصلاة ، ولا بأس باتيان المستحبات واهداء ثوابها الى الاحياء كما يجوز ذلك في الاموات.
( مسألة 781 ) : لا تجوز ـ على الأحوط ـ الاجارة على تعليم مسائل الحلال والحرام وتعليم الواجبات مثل الصلاة والصيام ونحوهما مما كان محل الابتلاء دون غيره ، والاحوط لزوماً عدم أخذ الاجرة على تغسيل الاموات وتكفينهم ودفنهم ، نعم لا بأس بأخذ الاجرة على خصوصية زائدة فيها على المقدار الواجب.
( مسألة 782 ) : يعتبر في الاجرة أن تكون معلومة ، فلو كانت من المكيل أو الموزون قدرت بهما ، ولو كانت من المعدود كالنقود قدرت بالعد ، وإن كانت مما تعتبر مشاهدته في المعاملات لزم ان يشاهدها المؤجر أو يبين المستأجر خصوصياتها له.
( مسألة 783 ) : يجوز للأجير على الخياطة ونحوها أن يحبس العين التي استؤجر للعمل فيها بعد اتمام العمل الى أن يستوفي الاجرة ، واذا حبسها لذلك فتلفت من غير تفريط لم يضمن.
( مسألة 784 ) : لا يستحق المؤجر مطالبة الاجرة قبل تسليم العين المستأجرة ، وكذلك الاجير لا يستحق مطالبة الاجرة قبل اتيانه بالعمل الا إذا جرت العادة بتسليمها مسبقاً ـ كالاجير للحج ـ أو اشترط ذلك.
( مسألة 785 ) : إذا سلّم المؤجر العين المستأجرة وجب على المستأجر تسليم الاجرة ، وان لم يتسلّم العين المستأجرة أو لم ينتفع بها في بعض المدة أو تمامها.
( مسألة 786 ) : إذا آجر نفسه لعمل وسلّم نفسه الى المستأجر ليعمل له استحق الاجرة ، وان لم يستوفه المستأجر ، مثلاً: إذا آجر نفسه لخياطة ثوب في يوم معين ، وحضر في ذلك اليوم للعمل وجب على المستأجر اعطاء الاجرة وان لم يسلمه الثوب ليخيطه ، ولا فرق في ذلك بين ان يكون الاجير فارغاً في ذلك اليوم أو مشتغلاً بعمل آخر لنفسه أو لغيره.
( مسألة 787 ) : لو ظهر بطلان الاجارة بعد انقضاء مدتها وجب على المستأجر اداء اجرة المثل ، فلو استأجر داراً سنة بمائة دينار وظهر بطلانها بعد مضي المدة ، فان كانت اجرته المتعارفة خمسين ديناراً لم يجب على المستأجر أزيد من خمسين ديناراً ، نعم لو كانت الاجرة المتعارفة مائتي دينار مثلاً وكان المؤجر هو المالك أو وكيله المفوض اليه أمر تحديد الاجرة
ـ وكان عالماً باجرة المثل ـ لم يكن له أخذ الزائد على الاُجرة المسماة وهي المائة دينار ، ولو ظهر بطلان الاجارة اثناء المدة فحكمه بالنسبة الى ما مضى حكم ظهور البطلان بعد تمام المدة.
( مسألة 788 ) : إذا تلفت العين المستأجرة لم يضمنها المستأجر إذا لم يتعدّ ولم يقصر في حفظها ، وكذلك الحال في تلف المال عند الأجير كالخياط ، فانه لا يضمن تلف الثوب إذا لم يكن منه تعدّ أو تفريط ، نعم إذا أفسده بعمله فيه كان ضامناً له وان لم يكن عن قصدٍ ، ومثله كل من آجر نفسه لعمل في مال غيره اذا افسد ذلك المال.
( مسألة 789 ) : إذا ذبح القصاب حيواناً بطريق غير مشروع فهو ضامن له ، ولا فرق في ذلك بين الاجير والمتبرع بعمله.
( مسألة 790 ) : إذا استأجر سيارة لحمل كمية معلومة من المتاع فحمّلها اكثر من تلك الكمية ، فعابت كان عليه ضمانها ، وكذا إذا لم تعين الكمية وحملها اكثر من المقدار المتعارف ، وعلى كلا التقديرين يجب عليه دفع اجرة الزائد أيضاً سواء عابت السيارة أم لا.
( مسألة 791 ) : لو آجر دابة لحمل الزجاج ـ مثلاً ـ فعثرت فانكسر الزجاج لم يضمنه المؤجر ، إلاّ إذا كانت عثرتها بسببه كما لو ضربها ضرباً غير متعارف فعثرت.
( مسألة 792 ) : الختّان إن قصّر أو أخطأ في عمله كأن تجاوز عن الحد المتعارف فتضرر الطفل أو مات كان ضامناً ، وان تضرر أو مات بأصل الختان لم يكن عليه ضمان إذا لم يعهد الا اجراء عملية الختان ـ دون تشخيص ما اذا كان الطفل يتضرر بها أم لا ـ ولم يكن يعلم بتضرره مسبقاً.
( مسألة 793 ) : لو عالج الطبيب المريض مباشرة أو وصف له الدواء حسب ما يراه ، فاستعمله المريض وتضرر أو مات كان ضمانه عليه وان لم يكن مقصراً.
( مسألة 794 ) : لو تبرأ الطبيب من الضمان ومات المريض أو تضرر بطبابته لم يضمن إذا كان حاذقاً وقد أعمل دقته واحتاط في المعالجة.
( مسألة 795 ) : تنفسخ الاجارة بفسخ المؤجر والمستأجر إذا تراضيا على ذلك ، وكذلك تنفسخ بفسخ من اشترط له حق الفسخ في عقد الاجارة من المؤجر أو المستأجر أو كليهما.
( مسألة 796 ) : إذا ظهر غبن المؤجر أو المستأجر كان له خيار الغبن ـ على تفصيل تقدم نظيره في البيع ـ ولو اسقط حقه في ضمن العقد أو بعده لم يستحق الفسخ.
( مسألة 797 ) : إذا غصبت العين المستأجرة قبل التسليم الى المستأجر فله فسخ الاجارة واسترجاع الاجرة ، وله أن لا يفسخ ويطالب الغاصب بعوض المنفعة الفائتة ، فلو استأجر سيارة شهراً بعشرة دنانير وغصبت عشرة أيام ، وكانت اجرتها المتعارفة في العشرة أياماً خمسة عشر ديناراً جاز للمستأجر ان يطالب الغاصب بخمسة عشر ديناراً.
( مسألة 798 ) : إذا منع المستأجر من تسلّم العين المستأجرة أو غصبت منه بعد تسلمها أو منع من الانتفاع بها لم يجز له الفسخ ، وكانت له المطالبة من الغاصب بعوض المنفعة الفائتة.
( مسألة 799 ) : لا تبطل الاجارة ببيع المؤجر العين المستأجرة قبل انقضاء المدة من المستأجر أو من غيره.
( مسألة 800 ) : تبطل الاجارة بسقوط العين المستأجرة عن قابلية الانتفاع منها بالمنفعة الخاصة المملوكة ، فإذا استأجر داراً سنة ـ مثلاً ـ فانهدمت قبل دخول السنة أو بعد دخولها بلا فصل بطلت الاجارة ، وإذا انهدمت اثناء السنة تبطل الاجارة بالنسبة الى المدة الباقية وكان للمستأجر الخيار في فسخ الايجار ، فان فسخ رجع على المؤجر بتمام الاجرة المسماة وعليه له أجرة المثل بالنسبة الى المدة الماضية ، وان لم يفسخ قسطت الاجرة بالنسبة وكان للمالك حصة من الاجرة بنسبة المدة الماضية.
( مسألة 801 ) : إذا استأجر داراً فانهدم قسم منها ، فان كانت بحيث لو اعيد بناء القسم المهدوم على الوجه المتعارف لعدت بعد التعمير مغايرة لما قبله في النظر العرفي كان حكمه ما تقدم في المسألة السابقة ، وان لم تعد كذلك فان أقدم المؤجر على تعميرها فوراً على وجه لا يتلف شيء من منفعتها عرفاً لم تبطل الاجارة ولم يكن للمستأجر حق الفسخ ، وان لم يقدم على ذلك وكان قادراً عليه فللمستأجر الزامه به ، فان لم يفعل كان له مطالبته باجرة مثل المنفعة الفائتة كما ان له الخيار في فسخ الاجارة رأساً ـ ولو مع التمكن من الزامه ـ فإن فسخ كان عليه للمؤجر اجرة مثل ما استوفاه من المنافع ويرجع عليه بتمام الاجرة المسماة ، وان لم يقدم على تعميرها على الوجه المذكور لتعذره ولو في حقه فتلف مقدار من منفعة الدار بطلت الاجارة بالنسبة الى المنافع الفائتة ، وكان للمستأجر حق فسخ اصل الاجارة فان فسخ جرى عليه ما تقدم في الصورة السابقة عند الفسخ.
( مسألة 802 ) : الظاهر ان موت المؤجر أو المستأجر لا يقتضي بنفسه بطلان الاجارة مطلقاً ، نعم قد يقتضيه من جهة اخرى ، كما إذا لم يكن المؤجر مالكاً للعين المستأجرة بل مالكاً لمنفعتها ما دام حياً ـ بوصية أو نحوها ـ فمات اثناء مدة الاجارة فانها تبطل حينئذٍ بالنسبة الى المدة الباقية.
( مسألة 803 ) : لو وكل شخصاً في أن يستأجر له عمالاً فاستأجرهم بأقل مما عين الموكل حرمت الزيادة على الوكيل ووجب ارجاعها الى الموكل.
( مسألة 804 ) : اذا استأجره على عملٍ مقيد بقيد خاص من زمان أو مكان أو آلةٍ أو وصفٍ فجاء به على خلاف القيد لم يستحق شيئاً على عمله ، فان لم يمكن الاتيان بالعمل ثانياً تخيّر المستأجر بين فسخ الاجارة وبين مطالبة الاجير باجرة المثل للعمل المستأجر عليه ، فان طالبه بها لزمه اعطاؤه اجرة المثل ، وان أمكن اداء العمل ثانياً وجب الاتيان به على النهج الذي وقعت عليه الاجارة.
أحكام المعاملات » أحكام الجعالة
( مسألة 805 ) : الجعالة: هو ( الالتزام بعوض معلوم ولو في الجملة على عمل معلوم كذلك ) كأن يلتزم شخص بدينار لكل من يجد ضالته ، ويسمى الملتزم ( جاعلا ) ومن يأتي بالعمل ( عاملاً ) ، ومما تفترق به عن الاجارة وجوب العمل على الأجير بعد العقد دون العامل ، كما تشتغل ذمة المستأجر للأجير قبل العمل بالاُجرة ، ولا تشتغل ذمة الجاعل للعامل ما لم يأت بالعمل.
( مسألة 806 ) : يعتبر في الجاعل: البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، وعدم الحجر لسفه أو فلس ، فالسفيه الذي يصرف ماله فيما لا يجدي لا تصح الجعالة منه ، وكذا المفلس فيما حجر عليه من امواله.
( مسألة 807 ) : يعتبر في الجعالة أن لا يكون العمل محرماً ، أو خالياً من الفائدة ، فلا يصح جعل العوض لشرب الخمر ، أو الدخول ليلاً في محل مظلم ـ مثلاً ـ إذا لم يكن فيه غرض عقلائي.
( مسألة 808 ) : لا يعتبر في الجعالة تعيين العوض بخصوصياته ، بل يكفي أن يكون معلوماً لدى العامل بحد لا يكون معه الاقدام على العمل سفهياً فلو قال ( بع هذا المال بأزيد من عشرة دنانير والزائد لك ) صح ، وكذا لو قال (من رد فرسي فله نصفها أو له كذا مقدار من الحنطة).
( مسألة 809 ) : إذا كان العوض في الجعالة مجهولاً محضاً كما لو قال ( من ردّ فرسي فله شيء ) بطلت ، وللعامل اجرة المثل.
( مسألة 810 ) : لا يستحق العامل شيئاً إذا اتى بالعمل قبل الجعالة أو بعدها تبرعاً.
( مسألة 811 ) : يجوز للجاعل الرجوع عن الجعالة قبل الشروع في
العمل ، واما بعد الشروع فالاحوط لزوماً عدم الرجوع الا بالتوافق مع العامل
( مسألة 812 ) : الجعالة لا تقتضي وجوب اتمام العمل على العامل إذا شرع فيه ، نعم قد تقتضيه لجهة اخرى ، كما إذا اوجب تركه الاضرار بالجاعل أو من يكون له العمل ، كأن يقول : ( كل من عالج عيني فله كذا ) فشرع الطبيب باجراء عملية في عينه ، بحيث لو لم يتمها لتعيبت عينه فيجب عليه الاتمام.
( مسألة 813 ) : لا يستحق العامل شيئاً من العوض إذا لم يتم العمل الذي جعل بازائه ، فإذا جعل العوض على ردّ الدابة الشاردة مثلاً فجاء بها الى البلد ولم يوصلها اليه لم يستحق شيئاً ، وكذا لو جعل العوض على مثل خياطة الثوب فخاط بعضه ولم يكمله ، نعم لو جعله موزعاً على اجزاء العمل من دون ترابط بينها في الجعل ، استحق العامل منه بنسبة ما اتى به من العمل.
أحكام المعاملات » أحكام المزارعة
( مسألة 814 ) : المزارعة هي ( الاتفاق بين مالك الأرض او من له حق التصرف فيها وبين الزارع على زرع الارض بحصة من حاصلها ) .
( مسألة 815 ) : يعتبر في المزارعة امور:
(1) الايجاب من المالك والقبول من الزارع بكل ما يدل عليهما من لفظ: كأن يقول المالك للزارع ( سلمت اليك الأرض لتزرعها ) فيقول الزارع (قبلت) ، أو فعلٍ دالٍ على تسليم الأرض للزارع وقبوله لها.
(2) أن يكونا بالغين عاقلين مختارين غير محجورين ، نعم يجوز أن يكون الزارع محجوراً عليه لفلس إذا لم تقتض المزارعة تصرفه في امواله التي حجر عليها.
(3) أن يجعل لكل واحد منهما نصيب من الحاصل وان يكون محدداً بالكسور كالنصف والثلث ، فلو لم يجعل لاحدهما نصيب أصلاً ، أو عيّن له مقدار معين كطن مثلاً ، أو جعل نصيبه ما يحصد في الايام العشرة الاولى من الحصاد والبقية للاخر لم تصح المزارعة ، نعم لا بأس أن يشترط اختصاص أحدهما بنوع ـ كالذي يحصد أولاً ـ والاخر بنوع آخر ، فلو قال المالك ( ازرع ولك النصف الاول من الحاصل ، أو النصف الحاصل من القطعة الكذائية ) صحت المزارعة.
(4) تعيين المدة بمقدار يدرك الزرع فيه عادة ، ولو عينا اول المدة وجعلا آخرها إدراك الحاصل كفى.
(5) أن تكون الارض قابلة للزرع ولو بالعلاج والاصلاح.
(6) تعيين المزروع من حيث نوعه ، وانه حنطة أو شعير أو رز أو غيرها ، وكذا تعيين صنفه إذا كان للنوع صنفان فاكثر تختلف فيها الاغراض
ويكفي في التعيين الانصراف المغني عن التصريح ـ لتعارف أو غيره ـ ولو صرحا بالتعميم صح ويكون للزارع حق اختيار أي نوع أو صنف شاء.
(7) تعيين الارض فيما إذا كانت للمالك قطعات مختلفة في مستلزمات الزراعة وسائر شؤونها ، واما مع التساوي فلا يلزم التعيين.
(8) تعيين ما عليهما من المصارف إذا لم يتعين مصرف كل منهما بالتعارف خارجاً.
( مسألة 816 ) : لو اتفق المالك مع الزارع على أن يكون مقدار من الحاصل لاحدهما ، ويقسم الباقي بينهما بنسبة معينة بطلت المزارعة وان علما ببقاء شيء من الحاصل بعد استثناء ذلك المقدار ، نعم يجوز الاتفاق على إستثناء مقدار الخراج (الضريبة) وكذا مقدار البذر لمن كان منه.
( مسألة 817 ) : إذا حددا للمزارعة امداً معيناً يدرك الزرع خلاله عادة ، فانقضى ولم يدرك ، فان لم يكن للتحديد المتفق عليه بينهما اطلاق يشمل صورة عدم ادراك الزرع على خلاف العادة الزم المالك ببقاء الزرع في الأرض الى حين الادراك ، وان كان له اطلاق من هذا القبيل فمع تراضي المالك والزارع على بقاء الزرع ـ بعوض أو مجاناً ـ لا مانع منه ، وان لم يرض المالك به فله أن يجبر الزارع على ازالته وان تضرر الزارع بذلك ، وليس له إجبار المالك على بقاء الزرع ولو باجرة.
( مسألة 818 ) : اذا ترك الزارع الارض بعد عقد المزارعة فلم يزرع حتى انقضت المدة فان كانت الارض في تصرفه ضمن اجرة مثلها للمالك ، وان لم تكن في تصرفه بل في تصرف المالك فلا ضمان عليه الا مع جهل المالك بالحال ، هذا اذا لم يكن ترك الزرع لعذر عام كانقطاع الماء عن الأرض والا كشف ذلك عن بطلان المزارعة.
( مسألة 819 ) : عقد المزارعة من العقود اللازمة ولا ينفسخ الا برضا الطرفين ، نعم لو اشترط في ضمن العقد استحقاق المالك أو الزارع أو
كليهما للفسخ جاز الفسخ حسب الشرط ، وكذا لو خولف بعض الشروط المأخوذة فيه من أحدهما على الاخر.
( مسألة 820 ) : لا تنفسخ المزارعة بموت المالك أو الزارع بل يقوم الوارث مقام مورثه ، الا إذا قيدت بمباشرة الزارع للعمل فمات قبل انتهائه منه فانها تنفسخ بموته ، واذا كان العمل المستحق على الزارع كلياً مشروطاً بمباشرته لم تنفسخ المزارعة بموته ـ وان كان للمالك حق فسخها ـ كما لا تنفسخ إذا مات الزارع بعد الانتهاء مما عليه من العمل مباشرة ولو قبل ادراك الزرع ، فتكون حصته من الحاصل لوارثه ، كما ان له سائر حقوقه ، ويحق له ايضاً إجبار المالك على بقاء الزرع في ارضه حتى انتهاء مدة المزارعة.
( مسألة 821 ) : إذا ظهر بطلان المزارعة بعد الزرع ، فان كان البذر للمالك فالحاصل له ، وعليه للزارع ما صرفه ، وكذا أُجرة عمله واجرة الآلات التي استعملها في الأرض ، وان كان البذر للزارع فالزرع له وعليه للمالك أُجرة الارض وما صرفه المالك وأُجرة آلاته التي استعملت في ذلك الزرع.
( مسألة 822 ) : إذا كان البذر للزارع فظهر بطلان المزارعة بعد الزرع فان رضي المالك والزارع على ابقاء الزرع في الارض باجرة أو مجاناً جاز والا فالاحوط لزوماً للمالك عدم اجبار الزارع على إزالة الزرع لو اراد ابقاءه في الأرض باجرة ، ولو اراد الزارع قلعه فليس للمالك اجباره على ابقائه ولو مجاناً.
( مسألة 823 ) : الباقي من اصول الزرع في الارض بعد الحصاد وانقضاء المدة إذا إخضر في السنة الجديدة وادرك فحاصله لمالك البذر إن لم يشترط في المزارعة اشتراكهما في الاصول والا كان بينهما بالنسبة.
أحكام المعاملات » أحكام المضاربة
( مسألة 824 ) : المضاربة : هي ( عقد واقع بين شخصين على أن يدفع احدهما إلى الاخر مالاً ليتّجر به ويكون الربح بينهما ) ويعتبر فيها اُمور:
(الاول): الإيجاب والقبول ، ويكفي فيهما كل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل.
(الثاني): البلوغ والعقل والرشد والاختيار في كل من المالك والعامل ، وأما عدم الحجر من فلس فهو إنّما يعتبر في المالك دون العامل إذا لم تقتض المضاربة تصرفه في أمواله التي حجر عليها.
(الثالث): تعيين حصة كل منهما بالكسور من نصف أو ثلث أو نحو ذلك ـ الاّ أن يكون هناك تعارف خارجي ينصرف إليه الإطلاق ـ ولا يجوز تعيين حصة أي منهما بغير ذلك ، كأن تعين حصة المالك بمائة دينار في كل شهر ، نعم يجوز بعد ظهور الربح ان يصالح أحدهما الاخر عن حصته منه بمبلغ محدد.
(الرابع): أن يكون الربح بينهما فلو شرط مقدار منه لأجنبي لم تصح المضاربة الاّ إذا اشترط عليه عمل متعلق بالتجارة.
(الخامس): ان يكون العامل قادراً على التجارة فيما كان المقصود مباشرته للعمل ، فإذا كان عاجزاً عنه لم تصح.
هذا إذا أخذت المباشرة قيداً ، وأما إذا كانت شرطاً لم تبطل المضاربة ولكن يثبت للمالك الخيار عند تخلف الشرط.
وأما إذا لم يكن لا هذا ولا ذالك وكان العامل عاجزاً من التجارة حتى بالتسبيب بطلت المضاربة ، ولا فرق في البطلان بين تحقق العجز من الأوّل وطروه بعد حين فتنفسخ المضاربة من حين طرو العجز.
( مسألة 825 ) : العامل أمين لا ضمان عليه لو تلف المال أو تعيب تحت يده الا مع التعدي أو التفريط ، كما أنّه لا ضمان عليه من جهة الخسارة في التجارة بل هي واردة على صاحب المال ، ولو اشترط المالك على العامل ان يكون شريكاً معه في الخسارة كما يكون شريكاً معه في الربح بطل الشرط ، ولو اشترط أن يكون تمام الخسارة على ذمته صحّ الشرط ولكن يكون تمام الربح ايضا للعامل من دون مشاركة المالك فيه ، ولو اشترط عليه أن يعوضه عما تقع من الخسارة في رأس المال ـ كلاًّ أو بعضاً ـ صحّ الشرط ولزم العامل الوفاء به.
( مسألة 826 ) : المضاربة الاذنية عقد جائز من الطرفين بمعنى أن للمالك أن يسحب إذنه في تصرف العامل في ماله متى شاء ، كما أن للعامل أن يكف عن العمل متى ما أراد سواء أكان قبل الشروع في العمل أم بعده ، وسواء كان قبل تحقق الربح أو بعده ، وسواء كان العقد مطلقاً أو مقيداً إلى أجل خاص ، نعم لو اشترطا عدم فسخه إلى أجل معين صح الشرط ووجب العمل به ولكن مع ذلك ينفسخ بفسخ أي منهما وان كان الفاسخ آثماً.
( مسألة 827 ) : يجوز للعامل مع اطلاق عقد المضاربة التصرف حسب ما يراه مصلحة من حيث البائع والمشتري ونوع الجنس ، نعم لا يجوز له أن يسافر به إلى بلدٍ آخر إلاّ إذا كان أمراً متعارفاً بحيث يشمله الاطلاق أو يستأذن المالك فيه بالخصوص ، ولو سافر من دون اذنه وتلف المال أو خسر ضمن.
( مسألة 828 ) : تبطل المضاربة الاذنية بموت كل من المالك والعامل ، أما على الأوّل فلفرض انتقال المال إلى وارثه بعد موته فابقاء المال بيد العامل يحتاج إلى مضاربة جديدة ، وأما على الثاني فلفرض اختصاص الاذن به.
( مسألة 829 ) : يجوز لكل من المالك والعامل أن يشترط على الآخر في عقد المضاربة مالاً أو عملاً كخياطة ثوب ونحوها ، ويجب الوفاء بالشرط ما دام العقد باقياً لم يفسخ سواء تحقق ربح أم لا.
( مسألة 830 ) : ما يرد على مال المضاربة من خسارة أو تلف ـ بحريق او سرقة او غيرهما ـ يجبر بالربح ما دامت المضاربة باقية من دون فرق في ذلك بين الربح اللاحق والسابق ، فملكية العامل لحصته من الربح السابق متزلزلة كلها أو بعضها بعروض الخسران أو التلف فيما بعد ، ولايحصل الاستقرار إلا بانتهاء أمد المضاربة أو حصول الفسخ ، نعم إذا اشترط العامل على المالك في ضمن العقد عدم كون الربح جابراً للخسران أو التلف المتقدّم على الربح أو المتأخر عنه صح الشرط وعمل به.
( مسألة 831 ) : يجوز ايقاع الجعالة على استثمار الاموال بطرقه المشروعة بجزء من الربح العائد منه ، بان يدفع مالاً إلى شخص ويقول له (استثمر هذا المال في العمل الكذائي ـ كالتجارة ـ ولك نصف الربح) فيكون جعالة تفيد فائدة المضاربة.
أحكام المعاملات » أحكام المساقاة
( مسألة 832 ) : المساقاة : هي ( اتفاق شخص مع آخر على رعاية أشجار ونحوها واصلاح شؤونها إلى مدة معينة بحصة من حاصلها ) .
( مسألة 833 ) : يعتبر في المساقاة امور:
(الاول): الايجاب والقبول بكل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل ، فيكفي دفع المالك أشجارهُ ـ مثلاً ـ للفلاح وتسلمه أيّاها بهذا القصد.
(الثاني): البلوغ والعقل والاختيار وعدم الحجر لسفه أو فلس في كل من المالك والفلاح ، نعم لا بأس بكون الفلاح محجوراً عليه لفلس إذا لم تقتض المساقاة تصرفه فى أمواله التي حجر عليها.
(الثالث): أن تكون اصول الاشجار مملوكة عيناً ومنفعة أو منفعة فقط أو يكون تصرفه فيها نافذاً بولاية أو وكالة.
(الرابع): تعيين مدة العمل بمقدار تبلغ فيها الثمرة عادة ، ولو عين أولها وجعل آخرها إدراك الثمرة صحّت.
(الخامس): ان يجعل لكلٍّ منهما نصيب من الحاصل محدداً باحد الكسور كالنصف والثلث ، ولا يعتبر في الكسر أن يكون مشاعاً في جميع الحاصل كما تقدّم نظيره في المزارعة ، وان اتفقا على ان يكون طن من الثمرة للمالك والباقي للفلاح بطلت المساقاة.
(السادس): تعيين ما على المالك من الامور وما على الفلاح من الاعمال ، ويكفي الانصراف ـ إذا كان ـ قرينة على التعيين.
( مسألة 834 ) : لا يعتبر في المساقاة أن يكون العقد قبل ظهور الثمرة فتصح إذا كان العقد بعده أيضاً ، إذا كان قد بقي عمل يتوقف عليه اكتمال نمو الثمرة أو كثرتها أو جودتها أو وقايتها عن الافات ونحو ذلك ، وأمّا إذا لم يبق عمل من هذا القبيل وان احتيج الى عمل من نحو آخر كاقتطاف الثمرة وحراستها أو ما يتوقف عليه تربية الاشجار ففي الصحة إشكال.
( مسألة 835 ) : تصح المساقاة في الاصول غير الثابتة ، كالبطيخ والخيار ، كما تصح في الاشجار غير المثمرة إذا كانت لها حاصل آخر من ورد أو ورق ونحوهما مما له مالية يعتد بها عرفاً كشجر الحناء الذي يستفاد من ورقه.
( مسألة 836 ) : تصح المساقاة في الاشجار المستغنية عن السقي بالمطر أو بمص رطوبة الارض إن احتاجت إلى أعمال اخر مما تقدّم في المسألة (834).
( مسألة 837 ) : عقد المساقاة لازم لا يبطل ولا ينفسخ إلاّ بالتقايل والتراضي او الفسخ ممن له الخيار ولو من جهة تخلف بعض الشروط التي جعلاها في ضمن العقد أو بعروض مانع يوجب البطلان.
( مسألة 838 ) : لا تنفسخ المساقاة بموت المالك ، ويقوم ورثته مقامه.
( مسألة 839 ) : إذا مات الفلاح قام وارثه مقامه ، ان لم تؤخذ المباشرة في العمل قيداً ولا شرطاً ، فان لم يقم الوارث بالعمل ولا استأجر من يقوم به فللحاكم الشرعي أن يستأجر من مال الفلاح من يقوم بالعمل ، ويقسم الحاصل بين المالك ووراث الفلاح ، وأما إذا أخذت المباشرة في العمل قيداً انفسخت المعاملة ، كما أنها إذا أخذت شرطاً كان المالك بالخيار بين فسخ المعاملة والرضا بقيام الوارث بالعمل مباشرة أو تسبيباً.
( مسألة 840 ) : إذا اتفّق المالك والفلاح على ان يكون تمام الحاصل للمالك وحده لم يصح العقد ولم يكن مساقاة ، ومع ذلك يكون تمام الحاصل للمالك ، وليس للفلاح مطالبته بالاجرة لانّه اقدم على العمل مجاناً ، ولو بطلت المساقاة لفقد شرط آخر وجب على المالك أن يدفع للفلاح اجرة ما عمله على النحو المتعارف.
( مسألة 841 ) : تجب الزكاة على كل من المالك والعامل إذا بلغت حصة كل منهما حد النصاب فيما إذا كانت الشركة قبل زمان الوجوب وإلاّ فالزكاة على المالك فقط.
( مسألة 842 ) : المغارسة جائزة وهي أن يدفع أرضاً إلى الغير ليغرس فيه أشجاراً على أن يكون الحاصل لهما ، سواء اشترط كون حصة من الارض أيضاً للعامل أم لا ، وسواء كانت الاصول من المالك أم من العامل ، والأحوط الأولى ترك هذه المعاملة ، ويمكن التوصل إلى نتيجتها بمعاملة لا اشكال في صحتها كايقاع الصلح بين الطرفين على النحو المذكور ، أو الاشتراك في الاصول بشرائها بالشركة ثم اجارة الغارس نفسه لغرس حصة صاحب الارض وسقيها وخدمتها في مدة معينة بنصف منفعة أرضه إلى تلك المدة أو بنصف عينها مثلاً.
أحكام المعاملات » أحكام الحجر
( مسألة 843 ) : لا ينفذ تصرف غير البالغ في ماله ولا في ذمته مستقلاً ولو كان في كمال التمييز والرشد ، ولا يجدي في الصحة إذن وليه ، ويستثنى من ذلك موارد منها: الاشياء اليسيرة التي جرت العادة بتصدي الصبي المميز لمعاملتها كما مرَّ في المسألة (664) ، ومنها: وصيته لذوي ارحامه وفي المبرّات والخيرات العامة كما سيأتي في المسألة (1290) ، وعلامة البلوغ في الانثى اكمال تسع سنين هلالية ، وفي الذكر احد الامور الثلاثة: (1) نبات الشعر الخشن على العانة ، وهي بين البطن والعورة. (2) خروج المني. (3) إكمال خمس عشرة سنة هلالية.
( مسألة 844 ) : نبات الشعر الخشن في الخد وفي الشارب علامة للبلوغ ، وأما نباته في الصدر وتحت الابط ، وكذا غلظة الصوت ونحوها فليست امارة عليه.
( مسألة 845 ) : لا ينفذ تصرف المجنون ولو كان ادوارياً حال جنونه في ماله ولا في ذمته ، وكذا لا ينفذ تصرف السفيه في ماله أو ذمته إلا باذن وليه أو إجازته ، وهكذا المفلس إذا حجر عليه الحاكم لم تنفذ تصرفاته في امواله التي حجر عليها إلاّ باذن غرمائه أو اجازتهم.
( مسألة 846 ) : الولاية في مال الطفل وكذلك في المجنون والسفيه إذا بلغا كذلك للاب والجد له ، فان فقدا فللقيم من قبل احدهما ، فان فقد أيضاً فالولاية للحاكم الشرعي ، وأما السفيه والمجنون اللذان عرض عليهما السفه والجنون بعد البلوغ ففي كون الولاية عليهما للجد والاب أيضاً أو للحاكم خاصة اشكال ، فالاحوط وجوباً توافقهما معاً ، وأما المفلس فللحاكم الولاية عليه في بيع أمواله التي حجر عليها لتسديد ديونه ان هو أبى من بيعها.
( مسألة 847 ) : يجوز للمالك صرف ماله في مرض موته في الانفاق على نفسه ومن يعوله والصرف على ضيوفه وفي حفظ شأنه واعتباره والتصدق لاجل عافيته وشفائه وغير ذلك مما يليق به ولا يعد سرفاً وتبذيراً ، وكذا يجوز له بيع ماله بالقيمة المتعارفة واجارتها كذلك ، وأما تصرفه في ماله بمثل الهبة والوقف والابراء والصلح بلا عوض ونحوها من التصرفات التبرعية ، وكذا بيع ماله واجارته بالاقل من المتعارف فحكمه حكم وصاياه في نفوذه بمقدار الثلث فما دونه ، وأما بالنسبة إلى الاكثر منه فلا يصح الا مع اجازة ورثته ، ويقتصر في المرض الذي يطول بصاحبه فترة طويلة على أواخره القريبة من الموت فالتصرفات التبرعية الصادرة قبل ذلك نافذة من الاصل.
أحكام المعاملات » أحكام الوكالة
( مسألة 848 ) : الوكالة هي : ( تسليط الشخص غيره على معاملة من عقد أو ايقاع أو ما هو من شؤونهما كالقبض والاقباض ) كأن يوكل شخصاً في بيع داره ، أو قبض الثمن له.
( مسألة 849 ) : لا تعتبر الصيغة في الوكالة ، بل يصح انشاؤها بكل ما دل عليها ، فلو دفع ماله إلى شخص لبيعه وقبضه الوكيل بهذا العنوان صحت الوكالة ، وهكذا لو كتب إلى شخص بأنه قد وكلّه في بيع ماله فقبل ذلك فإنّه تصح الوكالة ، وان كان الوكيل في بلد آخر وتأخر وصول الكتاب إليه.
( مسألة 850 ) : يعتبر في الموكل والوكيل: العقل والقصد والاختيار ، ويعتبر في الموكل أيضاً البلوغ إلاّ فيما تصح مباشرته من الصبي المميز ، كما يعتبر فيه أن يكون جائز التصرف فيما وكل فيه فلا يصح توكيل المحجور عليه لسفه أو فلس فيما حجر عليهما فيه دون غيره كالطلاق ونحوه ، ويعتبر في الوكيل أيضاً كونه متمكناً عقلاً وشرعاً من مباشرة ما وكلّ فيه فالمُحرِم لا يجوز أن يتوكل في عقد النكاح لانّه يحرم عليه اجراء العقد.
( مسألة 851 ) : يعتبر في متعلق الوكالة أن لا يكون مما يعتبر ايقاعه مباشرة كاليمين والنذر والعهد والشهادة والاقرار ، كما يعتبر أن يكون امراً سائغاً في نفسه فلا تصح الوكالة في المعاملات الفاسدة كالبيع الربوي والطلاق الفاقد للشروط الشرعية.
( مسألة 852 ) : يصح التوكيل العام في جميع الاعمال التي ترجع إلى الموكل ولا يصح التوكيل في عمل غير معين منها ، نعم يجوز التوكيل في الجامع بين امرين أو أكثر كأن يقول: وكلتك في بيع داري أو إجارتها.
( مسألة 853 ) : تبطل الوكالة ببلوغ العزل إلى الوكيل ، والعمل الصادر منه قبل بلوغ العزل إليه بطريق معتبر شرعاً صحيح.
( مسألة 854 ) : للوكيل ان يعزل نفسه وان كان الموكل غائباً.
( مسألة 855 ) : ليس للوكيل أن يوكل غيره في ايقاع ما توكل فيه لا عن نفسه ولا عن الموكل ، الا أن يأذن له الموكل في ذلك ، فيوكل في حدود اذنه ، فإذا قال له: ( اختر وكيلاً عني ) فلا بد أن يوكل شخصاً عنه ، لا عن نفسه.
( مسألة 856 ) : لا يعتبر التنجيز في الوكالة ، فيجوز تعليقها على شيء كأن يقول مثلاً ( إذا جاء رأس الشهر فأنت وكيلي في بيع داري ) .
( مسألة 857 ) : إذا وكله في بيع سلعةٍ أو شراء متاع ولم يصرح بكون البيع أو الشراء من غيره أو مما يعم نفسه جاز للوكيل أن يبيع السلعةِ من نفسه أو يشتري المتاع من نفسه إلاّ مع انصراف الاطلاق إلى غيره.
( مسألة 858 ) : إذا وكل شخص جماعة في عمل على أن يكون لكل منهم القيام بذلك العمل وحده جاز لكل منهم ان ينفرد به ، وان مات احدهم لم تبطل وكالة الباقين ، وان وكلهم على أن يكون لكل واحد منهم القيام بالعمل بعد موافقة الاخرين لم يجز لواحد منهم ان ينفرد به ، وان مات احدهم بطلت وكالة الباقين.
( مسألة 859 ) : تبطل الوكالة بموت الوكيل أو الموكل وكذا بجنون احدهما أو إغمائه ان كان مطبقاً ، واما ان كان ادوارياً فبطلانها في زمان الجنون أو الاغماء ـ فضلاً عما بعده ـ محل إشكال فلا يترك مراعاة الاحتياط في مثل ذلك ، وتبطل أيضاً بتلف مورد الوكالة كالحيوان الذي وكل في بيعه.
( مسألة 860 ) : لو جعل الموكل عوضاً للعمل الذي يقوم به الوكيل وجب دفعه إليه بعد إتيانه به.
( مسألة 861 ) : إذا لم يقصر الوكيل في حفظ المال الذي دفعه الموكل إليه ولم يتصرف فيه بغير ما اجازه الموكل فيه ، فتلف اتفاقاً لم يضمنه ، وأما لو قصر في حفظه ، أو تصرف فيه بغير ما اجازه الموكل فيه وتلف ضمنه ، فلو لبس الثوب الذي وكل في بيعه وتلف حينذاك لزمه عوضه.
( مسألة 862 ) : لو تصرف الوكيل في المال الذي دفعه الموكل إليه بغير ما اجازه لم تبطل وكالته ، فيصح منه الإتيان بما هو وكيل فيه ، فلو توكل في بيع ثوب فلبسه ثم باعه صح البيع.
أحكام المعاملات » أحكام القرض
( مسألة 848 ) : الوكالة هي : ( تسليط الشخص غيره على معاملة من عقد أو ايقاع أو ما هو من شؤونهما كالقبض والاقباض ) كأن يوكل شخصاً في بيع داره ، أو قبض الثمن له.
( مسألة 849 ) : لا تعتبر الصيغة في الوكالة ، بل يصح انشاؤها بكل ما دل عليها ، فلو دفع ماله إلى شخص لبيعه وقبضه الوكيل بهذا العنوان صحت الوكالة ، وهكذا لو كتب إلى شخص بأنه قد وكلّه في بيع ماله فقبل ذلك فإنّه تصح الوكالة ، وان كان الوكيل في بلد آخر وتأخر وصول الكتاب إليه.
( مسألة 850 ) : يعتبر في الموكل والوكيل: العقل والقصد والاختيار ، ويعتبر في الموكل أيضاً البلوغ إلاّ فيما تصح مباشرته من الصبي المميز ، كما يعتبر فيه أن يكون جائز التصرف فيما وكل فيه فلا يصح توكيل المحجور عليه لسفه أو فلس فيما حجر عليهما فيه دون غيره كالطلاق ونحوه ، ويعتبر في الوكيل أيضاً كونه متمكناً عقلاً وشرعاً من مباشرة ما وكلّ فيه فالمُحرِم لا يجوز أن يتوكل في عقد النكاح لانّه يحرم عليه اجراء العقد.
( مسألة 851 ) : يعتبر في متعلق الوكالة أن لا يكون مما يعتبر ايقاعه مباشرة كاليمين والنذر والعهد والشهادة والاقرار ، كما يعتبر أن يكون امراً سائغاً في نفسه فلا تصح الوكالة في المعاملات الفاسدة كالبيع الربوي والطلاق الفاقد للشروط الشرعية.
( مسألة 852 ) : يصح التوكيل العام في جميع الاعمال التي ترجع إلى الموكل ولا يصح التوكيل في عمل غير معين منها ، نعم يجوز التوكيل في الجامع بين امرين أو أكثر كأن يقول: وكلتك في بيع داري أو إجارتها.
( مسألة 853 ) : تبطل الوكالة ببلوغ العزل إلى الوكيل ، والعمل الصادر منه قبل بلوغ العزل إليه بطريق معتبر شرعاً صحيح.
( مسألة 854 ) : للوكيل ان يعزل نفسه وان كان الموكل غائباً.
( مسألة 855 ) : ليس للوكيل أن يوكل غيره في ايقاع ما توكل فيه لا عن نفسه ولا عن الموكل ، الا أن يأذن له الموكل في ذلك ، فيوكل في حدود اذنه ، فإذا قال له: ( اختر وكيلاً عني ) فلا بد أن يوكل شخصاً عنه ، لا عن نفسه.
( مسألة 856 ) : لا يعتبر التنجيز في الوكالة ، فيجوز تعليقها على شيء كأن يقول مثلاً ( إذا جاء رأس الشهر فأنت وكيلي في بيع داري ) .
( مسألة 857 ) : إذا وكله في بيع سلعةٍ أو شراء متاع ولم يصرح بكون البيع أو الشراء من غيره أو مما يعم نفسه جاز للوكيل أن يبيع السلعةِ من نفسه أو يشتري المتاع من نفسه إلاّ مع انصراف الاطلاق إلى غيره.
( مسألة 858 ) : إذا وكل شخص جماعة في عمل على أن يكون لكل منهم القيام بذلك العمل وحده جاز لكل منهم ان ينفرد به ، وان مات احدهم لم تبطل وكالة الباقين ، وان وكلهم على أن يكون لكل واحد منهم القيام بالعمل بعد موافقة الاخرين لم يجز لواحد منهم ان ينفرد به ، وان مات احدهم بطلت وكالة الباقين.
( مسألة 859 ) : تبطل الوكالة بموت الوكيل أو الموكل وكذا بجنون احدهما أو إغمائه ان كان مطبقاً ، واما ان كان ادوارياً فبطلانها في زمان الجنون أو الاغماء ـ فضلاً عما بعده ـ محل إشكال فلا يترك مراعاة الاحتياط في مثل ذلك ، وتبطل أيضاً بتلف مورد الوكالة كالحيوان الذي وكل في بيعه.
( مسألة 860 ) : لو جعل الموكل عوضاً للعمل الذي يقوم به الوكيل وجب دفعه إليه بعد إتيانه به.
( مسألة 861 ) : إذا لم يقصر الوكيل في حفظ المال الذي دفعه الموكل إليه ولم يتصرف فيه بغير ما اجازه الموكل فيه ، فتلف اتفاقاً لم يضمنه ، وأما لو قصر في حفظه ، أو تصرف فيه بغير ما اجازه الموكل فيه وتلف ضمنه ، فلو لبس الثوب الذي وكل في بيعه وتلف حينذاك لزمه عوضه.
( مسألة 862 ) : لو تصرف الوكيل في المال الذي دفعه الموكل إليه بغير ما اجازه لم تبطل وكالته ، فيصح منه الإتيان بما هو وكيل فيه ، فلو توكل في بيع ثوب فلبسه ثم باعه صح البيع.
أحكام المعاملات » أحكام الحوالة
( مسألة 879 ) : الحوالة هي ( تحويل المدين ما في ذمته من الدين إلى ذمة غيره بإحالة الدائن عليه ) فهي متقومة بأشخاص ثلاثة: ( المحيل ) وهو المديون و( المحال ) وهو الدائن و( المحال عليه ) وإذا تحققت الحوالة وفق شروطها الشرعية برئت ذمة المحيل ، وانتقل الدين إلى ذمة المحال عليه ، فليس للدائن مطالبة المديون الاول بعد ذلك.
( مسألة 880 ) : يعتبر في الحوالة الايجاب من المحيل والقبول من المحال والمحال عليه سواء كان بريئاً أم مديناً ، ويكفي في الإيجاب والقبول كل قول وفعل دال عليهما.
( مسألة 881 ) : يعتبر في الحوالة أن يكون الدين ثابتاً في ذمة المحيل فلا تصح في غير الثابت في ذمته وان وجد سببه كمالِ الجعالة قبل العمل فضلاً عمّا إذا لم يوجد سببه كالحوالة بما سيقترضه.
( مسألة 882 ) : يستحق المحال عليه البرئ ان يطالب المحيل بالمحال به ولو قبل ادائه ، نعم إذا كان الدين المحال به مؤجّلاً لم يكن له مطالبة المحيل به إلاّ عند حلول أجله وان كان قد أدّاه قبل ذلك ، ولو تصالح المحال مع المحال عليه على أقل من الدين لم يجز له أن يأخذ من المحيل إلاّ الأقلّ.
( مسألة 883 ) : الحوالة عقد لازم فليس للمحيل ولا المحال عليه فسخها ، وكذلك المحال وان اُعسر المحال عليه بعدما كان مؤسراً حين الحوالة ، بل لا يجوز فسخها مع إعسار المحال عليه حين الحوالة إذا كان المحال عالماً بحاله ، نعم لو لم يعلم به ـ حينذاك ـ كان له الفسخ إلاّ إذا صار المحال عليه غنياً حين استحقاق المحال عليه للدين فان في ثبوت حق
الفسخ له في هذه الصورة اشكالاً فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك.
( مسألة 884 ) : يجوز اشتراط حق الفسخ للمحيل والمحال والمحال عليه أو لأحدهم.
( مسألة 885 ) : إذا أدى المحيل الدين ، فان كان بطلب من المحال عليه وكان مديوناً للمحيل فله أن يطالب المحال عليه بما أداه ، وان لم يكن بطلبه أو لم يكن مديوناً فليس له ذلك.
( مسألة 886 ) : لا فرق في المحال به بين كونه عيناً في ذمة المحيل وبين كونه منفعة أو عملاً لا يعتبر فيه المباشرة ، كما لا فرق فيه بين كونه مثلياً كالنقود أو قيميّاً كالحيوان.
( مسألة 887 ) : تصح الحوالة مع اختلاف الدين المحال به مع الدين الذي على المحال عليه جنساً ونوعاً كما تصح مع إتّحادهما في ذلك ، فلو كان على ذمته لشخص دنانير وله على ذمة غيره دراهم جاز أن يحيله عليه بالدراهم أو بالدنانير.
( مسألة 888 ) : إذا أحال البائع دائنه على المشتري بدينه وقبلها المشتري على أساس كونه مديناً للبائع بالثمن ثم تبيّن بطلان البيع بطلت الحوالة ، وهكذا اذا أحال المشتري البائع بالثمن على شخص آخر ثم ظهر بطلان البيع فإنّه تبطل الحوالة أيضاً بخلاف ما إذا انفسخ البيع بخيار أو بالإقالة فإنّه تبقى الحوالة ولا تتبع البيع فيه.
أحكام المعاملات » أحكام الرهن
( مسألة 889 ) : الرهن : هو (جعل عين وثيقة للتأمين على دين أو عين مضمونة).
( مسألة 890 ) : الرهن عقد مركب من ايجاب من الراهن وقبول من المرتهن ، ولا يعتبر فيه أن يكون المديون هو الراهن ـ وان كان هذا هو الغالب ـ بل يصح أن يكون غيره بأن يجعل شخص ماله رهناً لدين آخر ، كما لا يعتبر فيه القبض ، نعم مقتضى اطلاقه كون العين المرهونة بيد المرتهن الاّ أن يشترط كونها بيد ثالث أو بيد الراهن فيصح ما لم يناف التأمين المقوّم له.
( مسألة 891 ) : لا تعتبر الصيغة في الرهن ، بل يكفي دفع المديون ـ مثلاً ـ مالاً للدائن بقصد الرهن ، واخذ الدائن له بهذا القصد.
( مسألة 892 ) : يعتبر في الراهن والمرتهن البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، وعدم كون الراهن سفيهاً ولا محجوراً عليه لفلس إلاّ إذا لم تكن العين المرهونة ملكاً له أو لم تكن من أمواله التي حجر عليها.
( مسألة 893 ) : يعتبر في العين المرهونة جواز تصرف الراهن فيها ولو بالرهن فقط ، فإذا رهن مال الغير فصحته موقوفة على اجازة المالك.
( مسألة 894 ) : يعتبر في العين المرهونة أن تكون عيناً خارجية مملوكة يجوز بيعها وشراؤها فلا يصح رهن الخمر ونحوه ، ولا رهن الدين قبل قبضه ولا رهن الوقف ولو كان خاصاً إلاّ مع وجود أحد مسوغات بيعه.
( مسألة 895 ) : منافع العين المرهونة لمالكها ـ سواء أكان هو الراهن أم غيره ـ دون المرتهن.
( مسألة 896 ) : يجوز لمالك العين المرهونة أن يتصرف فيها بما لا ينافي حق الرهانة بأن لا يكون متلفاً لها أو موجباً للنقص في ماليّتها أو مخرجاً لها عن ملكه ، فيجوز له الانتفاع من الكتاب بمطالعته ومن الدار بسكناها ونحو ذلك ، وأما التصرف المتلف أو المنقص لماليتها فغير جائز إلاّ بإذن المرتهن ، وكذلك التصرف الناقل فيها ببيع أو هبة أو نحوهما فإنّه لا يجوز إلاّ بإذنه ، وان وقع توقفت صحته على اجازته فإن أجاز بطل الرهن.
( مسألة 897 ) : لو باع المرتهن العين المرهونة قبل حلول الاجل باذن المالك بطل الرهن ولا يكون ثمنها رهناً بدلاً عن الأصل ، وكذلك لو باعها فاجازه المالك ، ولو باعها المالك باذن المرتهن على أن يجعل ثمنه رهناً فلم يفعل بطل البيع إلاّ أن يجيزه المرتهن.
( مسألة 898 ) : إذا حان زمان قضاء الدين وطالبه الدائن فلم يؤده جاز له بيع العين المرهونة ، واستيفاء دينه إذا كان وكيلاً عن مالكها في البيع واستيفاء دينه منه ، وإلاّ لزم إستجازته فيهما ، فإن لم يتمكن من الوصول إليه استجاز الحاكم الشرعي على الأحوط وجوباً ، وإذا امتنع من الاجازة رفع امره الى الحاكم ليلزمه بالوفاء أو البيع ، فإن تعذر على الحاكم الزامه باعها عليه بنفسه أو بتوكيل الغير وعلى التقديرين لو باعها وزاد الثمن على الدين كانت الزيادة أمانة شرعيه يوصلها إلى مالكها.
( مسألة 899 ) : إذا كانت العين المرهونة من مستثنيات الدين كدار السكنى وأثاث المنزل جاز للمرتهن بيعها واستيفاء دينه من ثمنها كسائر الرهون.
أحكام المعاملات » أحكام الضمان
( مسألة 900 ) : الضمان هو ( التعهد بمال لآخر ) وهو على نحوين:
1 ـ نقل الدين من ذمة المضمون عنه ( المدين ) إلى ذمة الضامن للمضون له ( الدائن ) ومقتضاه إستغال ذمة الضامن بنفس المال المضمون ، فلو مات قبل وفاتِهِ اخرج من تركته مقدماً على الارث كسائر ديونه.
2 ـ التزام الضامن للمضمون له باداء مال إليه ونتيجته وجوب الاداء تكليفاً دون إشتغال الذمة وضعاً فلو مات قبل الاداء لم يخرج من تركته إلاّ إذا أوصى بذلك.
( مسألة 901 ) : يعتبر في الضمان الايجاب من الضامن والقبول من المضمون له بلفظ أو فعل مفهم ـ ولو بضميمة القرائن ـ للتعهد بالمال من الأوّل ورضا الثاني بذلك ، ولا يعتبر رضا المديون للمضمون عنه ويشترط في الضامن والمضمون له: البلوغ ، والعقل والاختيار وعدم السفه كما يعتبر في الدائن المضمون له ان لا يكون محجوراً عليه لفلس ، ولا يعتبر شيء من ذلك في المديون المضمون عنه فلو ضمن شخص دين الصغير أو المجنون صح.
( مسألة 902 ) : إذا علق الضامن في النحو الاول ضمانه على أمر كعدم أداء المضمون عنه ونحو ذلك لم يصح على الأحوط لزوماً ، وأما في النحو الثاني فلا مانع من التعليق بمثل ذلك.
( مسألة 903 ) : يعتبر في الضمان على النحو الاول أن يكون الدين ثابتاً حين الضمان وإلاّ لم يصح كأن يطلب شخص قرضاً من آخر فيضمنه ثالث قبل ثبوته ، ويصح الضمان على النحو الثاني في مثل ذلك.
( مسألة 904 ) : يتعبر في الضمان تعيين المضمون له والمدين المضمون عنه ، والمال المضمون فإذا كان أحد مديوناً لشخصين فضمن شخص لاحدهما لا على التعيين لم يصح الضمان وهكذا إذا كان شخصان مديونين لاحد فضمن شخص عن احدهما لا على التعيين ، كما أنّه إذا كان شخص مديوناً لاحد بكيلو غرام من الحنطة وبدينار فضمن شخص أحد الدينين لا على التعيين لم يصح الضمان.
( مسألة 905 ) : إذا أبرأ الدائن المضمون له الضامن فليس للضامن مطالبة المديون المضمون عنه بشيء وإذا أبرأ بعضه فليس له مطالبته بذلك البعض.
( مسألة 906 ) : عقد الضمان على النحو الأوّل لازم فلا يجوز للضامن فسخه ولا المضمون له ، كما لا يصحّ اشتراط حق الفسخ فيه على الاحوط لزوماً ، ولو اشترط لاحدهما وفسخ فلا بد من مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك ، وأما الضمان على النحو الثاني فهو لازم من طرف الضامن ويجوز للمضمون له ابراء الضامن من الضمان فيسقط.
( مسألة 907 ) : إذا كان الضامن حين الضمان قادراً على أداء المال المضمون فليس للدائن المضمون له فسخ الضمان ومطالبة المديون المضمون عنه ولو عجز الضامن عن الاداء بعد ذلك ، وكذلك إذا كان الدائن المضمون له عالماً بعجز الضامن ورضي بضمانه ، واما إذا كان جاهلاً بذلك ففي ثبوت حق الفسخ له اشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك.
( مسألة 908 ) : ليس للضامن مطالبة المديون المضمون عنه بالدين إذا لم يكن الضمان باذن منه وطلبه وإلاّ فله مطالبته به ولو قبل وفائه ، وإذا ادى الدين من غير جنسه لم يكن له اجبار المديون المضمون عنه بالاداء من خصوص الجنس الذي دفعه إلى الدائن المضمون له.
أحكام المعاملات » أحكام الكفالة
( مسألة 909 ) : الكفالة هي (التعهد لشخص باحضار شخص اخر له حق عليه عند طلبه ذلك) ويسمى المتعهدّ (كفيلا).
( مسألة 910 ) : تصح الكفالة بالايجاب من الكفيل بلفظ أو بفعل مفهم ـ ولو بحسب القرائن ـ بالتعهد المذكور وبالقبول من المكفول له والاحوط لزوماً اعتبار رضا المكفول بل كونه طرفاً للعقد بان يكون عقدها مركباً من ايجاب من الكفيل وقبولين من المكفول له والمكفول.
( مسألة 911 ) : يعتبر في الكفيل والمكفول له: البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، والاحوط لزوماً اعتبار ذلك في المكفول أيضاً ، كما يعتبر في الكفيل القدرة على إحضار المكفول ، وعدم الحجر عليه من التصرف في ماله ـ لسفه أو فلس ـ إذا كان احضار المكفول يتوقف على التصرف فيه.
( مسألة 912 ) : تبطل الكفالة بأحد امور خمسة:
(1) ان يسلِّم الكفيل المكفول للمكفول له ، أو يبادر المكفول إلى تسليم نفسه إليه ، أو يقوم المكفول له بأخذ المكفول بحيث يتمكن من استيفاء حقه أو احضاره مجلس الحكم.
(2) قضاء حق المكفول له.
(3) اسقاط المكفول له لحقه على المكفول ، أو نقله إلى غيره إذا كان قابلاً للنقل كما في الدين.
(4) موت الكفيل أو المكفول ، وأما موت المكفول له فلا يوجب بطلان الكفالة بل ينتقل حقه إلى ورثته.
(5) ابراء المكفول له الكفيل من الكفالة.
( مسألة 913 ) : من خلص غريماً من يد صاحبه قهراً أو حيلة وجب عليه تسليمه اياه أو أداء ما عليه ان كان قابلاً للاداء كالدين ، ولو خلي القاتل عمداً من يد ولي الدم لزمه احضاره ويحبس لو امتنع من ذلك ، فان تعذّر الاحضار لموت أو غيره دفع إليه الديّة.
أحكام المعاملات » أحكام الوديعة
( مسألة 914 ) : الوديعة : هي (جعل الشخص حفظ عين وصيانتها على عهدة غيره) ويقال لذلك الشخص (المودع) ولذلك الغير (الودعي) وتحصل الوديعة بايجاب من المودع بلفظ أو فعل مفهم لمعناها ـ ولو بحسب القرائن ـ ولقبول من الودعي دال على التزامه بالحفظ والصيانة.
( مسألة 915 ) : يعتبر في المودع والودعي: البلوغ والعقل والاختيار والقصد ، فلا يجوز استقلال الصبي بايداع ماله عند آخر وان كان مميزاً واذن وليه في ذلك ، كما لا يصح استيداعه مطلقاً ، نعم يجوز ان يودع الطفل المميز مال غيره باذنه كما مر نظيره في البيع ، ويعتبر في المودع أيضاً أن لا يكون سفيهاً ولا محجوراً عليه لفلس إلاّ إذا لم تكن الوديعة من امواله التي حجر عليها ، كما يعتبر في الودعي ان لا يكون محجوراً عليه في ماله لسفه أو فلس إذا كانت صيانة الوديعة وحفظها تتوقف على التصرفات الناقلة أو المستهلكة فيه.
( مسألة 916 ) : لا يجوز تسلم ما يودعه الصبي من أمواله ومن أموال غيره بدون اذن مالكه ، فان تسلمه الودعي ضمنه ووجب ردّ مال الطفل إلى وليه ، وردّ مال الغير إلى مالكه ، نعم لو خيف على ما في يد الطفل من التلف والهلاك جاز أخذه منه حسبة ووجب رده إلى الولي أو المالك ولا يضمنه الآخذ حينئذٍ من دون تعد ولا تفريط.
( مسألة 917 ) : من لا يتمكن من حفظ الوديعة لا يجوز له قبولها ، ولو تسلمها كان ضامناً ، نعم مع علم المودع بحاله يجوز له القبول ولا ضمان عليه.
( مسألة 918 ) : إذا طلب شخص من آخر ان يكون ماله وديعة لديه فلم يوافق على ذلك ولم يتسلمه منه ومع ذلك تركه المالك عنده ومضى فتلف المال لم يكن ضامناً وان كان الأولى ان يحفظه بقدر الامكان.
( مسألة 919 ) : الوديعة جائزة من الطرفين وان كانت مؤجلّة ، فيجوز لكل منهما فسخها متى شاء.
( مسألة 920 ) : لو فسخ الودعي الوديعة وجب عليه ان يوصل المال فوراً إلى صاحبه أو وكيله أو وليه أو يخبره بذلك ، وإذا لم يفعل من دون عذر شرعي وتلف فهو ضامن.
( مسألة 921 ) : إذا لم يكن للودعي محل مناسب لحفظ الوديعة وجبت عليه تهيئته على وجه لا يقال في حقه إنه قصر في حفظها ، فلو أهمل وقصر في ذلك ضمن
( مسألة 922 ) : لا يضمن الودعي المال إلاّ بالتعدي أو التفريط ، والتعدي هو ان يتصرف فيه بما لم يأذن له المالك كأن يلبس الثوب أو يفرش الفراش ونحو ذلك إذا لم يتوقف حفظها على التصرف ، والتفريط هو ان يقصر في حفظه بأن يضعه ـ مثلاً ـ في محل لا يأمن عليه من السرقة ، فلو تعدى أو فرط ضمنه ، ولو رجع عن تعديه أو تفريطه ارتفع الضمان ، ومعنى كونه مضموناً عليه بالتعدي والتفريط كون بدله عليه لو تلف وان لم يكن تلفه مستنداً إلى تعديه أو تفريطه.
( مسألة 923 ) : لو أخذت الوديعة من يد الودعي قهراً بأن انتزعت من يده او أمره الظالم بدفعها إليه بنفسه فدفعها كرهاً لم يضمنها ، ولو تمكن من دفع الظالم بالوسائل المشروعة الموجبة لسلامة الوديعة وجب ، حتى إنه لو توقف دفعه عنها ، على انكارها كاذباً بل الحلف على ذلك جاز بل وجب فإن لم يفعل ضمن ، ولكن مع التفاته إلى التورية وتيسرها له فالاحوط وجوباً اختيارها بدلاً عن الكذب.
( مسألة 924 ) : إذا عين المودع للوديعة محلاً معيناً وكان ظاهر كلامه ـ ولو بحسب القرائن ـ انّه لا خصوصية لذلك المحل عنده وإنّما كان تعيينه نظراً إلى أنه احد موارد حفظه فللودعي أن يضعه في محل آخر أحفظ من المحل الاول أو مثله ولو تلف المال ـ حينئذٍ ـ لم يضمن.
( مسألة 925 ) : إذا اودع الغاصب ما غصبه عند أحد لا يجوز له ردّه عليه من مع الاِمكان بل يكون امانة شرعيّة في يده فيجب عليه ايصاله إلى صاحبه أو اعلامه به ، هذا إذا عرفه وإلاّ عرّف به فان يأس من الوصول إليه تصدّق به عنه مع الاستجازة في ذلك من الحاكم الشرعي على الاحوط لزوماً.
( مسألة 926 ) : إذا مات المالك المودع بطلت الوديعة فان انتقل المال إلى وارثه من غير ان يكون متعلقاً لحق الغير وجب على الودعي ايصاله إلى الوارث أو وليه أو اعلامه بذلك ـ بخلاف ما إذا لم ينتقل إليه أصلاً كما لو أوصى بصرفه في الخيرات وكانت وصيّته نافذة أو انتقل متعلقاً لحق الغير كأن يكون عيناً مرهونة اتفق الراهن والمرتهن على إيدعها عند ثالث ـ فإن أهمل لا لعذر شرعي ضمن ومن العذر عدم علمه بكون من يدعي الارث وارثاً أو انحصار الوارث فيه ، فان في مثل ذلك يجوز له التأخير في رد المال لاجل التروي والفحص عن حقيقة الحال ولا يكون عليه ضمان مع عدم التعدي والتفريط.
( مسألة 927 ) : لو مات المودع وتعدد مستحق المال وجب على الودعي أن يدفعه إلى جميعهم أو إلى وكيلهم في قبضه فلو دفع تمام الوديعة إلى أحدهم من دون اجازة الباقين ضمن سهامهم.
( مسألة 928 ) : لو مات الودعي أو اغمي عليه مطبقاً بطلت الوديعة ووجب على من بيده المال اعلام المودع به فوراً أو ايصاله إليه ، وأما لو كان
إغماؤه موقتاً ففي بطلان الوديعة به اشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك.
( مسألة 929 ) : إذا أحس الودعي بامارات الموت في نفسه ولم يكن وكيلاً في تسليمها الى غيره فان امكنه ايصالها إلى صاحبها أو وكيله أو وليه أو اعلامه بذلك تعين عليه ذلك على الأحوط لزوماً وان لم يمكنه لزمه الاستيثاق من وصولها إلى صاحبها بعد وفاته ولو بالإيصاء بها والاستشهاد على ذلك واعلام الوصي والشاهد باسم صاحب الوديعة وخصوصياته ومحله ، ولو لم يعمل بما تقدم كان ضامناً للوديعة ، وان برئ من المرض أو ندم بعد مدة وعمل بما تقدم ارتفع عنه الضمان.
( مسألة 930 ) : الامانة على قسمين مالكية وشرعية:
أمّا الأوّل: فهو ما كان باستيمان من المالك واذنه ، سواء أكان عنوان عمله ممحضاً في الحفظ والصيانة كالوديعة ام كان بتبع عنوان آخر مقصود بالذات كما في الرهن والعارية والإجارة والمضاربة.
وأمّا الثاني: فهو ما لم يكن الاستيلاء فيه على العين باستيمان من المالك واذنه وقد صارت تحت اليد لا على وجه العدوان ، بل إمّا قهراً كما إذا أطارت الريح الثوب إلى بيت الجار فصار في يده ، وأما بتسليم المالك لها من دون اطلاع منهما كما إذا تسلم البايع أو المشتري زائداً على حقّهما من جهة الغلط في الحساب ، واما برخصة الشارع كاللقطة والضالة وما ينتزع من يد السارق أو الغاصب من مال الغير حسبة للايصال إلى صاحبه ، فإن العين في جميع هذه الموارد تكون تحت يد المستولي عليها امانة شرعية يجب عليه حفظها ، فان كان يعرف صاحبها لزمه اعلامه بكونها عنده والتخلية بينها وبينه بحيث لو أراد أن يأخذها أخذها ، وأما لو كان صاحبها مجهولاً كما في اللقطة فيجب الفحص عن المالك على ما سيأتي من التفصيل في ذلك.
أحكام المعاملات » أحكام العارية
( مسألة 931 ) : العارية : ( تسليط الشخص غيره على عين ليستفيد من منافعها مجاناً ) .
( مسألة 932 ) : تحصل العارية بالايجاب من المعير والقبول من المستعير ، ولا يعتبر أن يكونا لفظيين فلو دفع ثوبه لشخص بقصد الاعارة وقصد الآخذ بأخذه الاستعارة صحت العارية.
( مسألة 933 ) : يعتبر في المعير أن يكون مالكاً للمنفعة أو من بحكمه فلا تصح اعارة ما يملك عينه ولا يملك منفعته إلا باذن مالك المنفعة أو مع العلم برضاه ولو من قرائن الحال.
( مسألة 934 ) : تصح اعارة المستأجر ما أستأجره من الاعيان إذا لم يشترط عليه استيفاء المنفعة بنفسه ، ولكن ليس له تسليم العين المستأجرة إلى المستعير من غير اذن مالكها على الأحوط لزوماً.
( مسألة 935 ) : لا تصح اعارة الطفل والمجنون مالهما ، كما لا تصح اعارة السفيه ماله إلا بإذن الولي ، وكذلك لا تصح اعارة المفلس ماله الذي حجر عليه إلا بإذن الغرماء وإذا رأى ولي الطفل مصلحة في اعارة ماله جاز أن يكون الطفل وسيطاً في ايصاله الى المستعير.
( مسألة 936 ) : لا يضمن المستعير العارية إلاّ أن يقصر في حفظها أو يتعدى في الانتفاع بها ، نعم لو اشترط ضمانها ضمنها ، وتضمن عارية الذهب والفضة ، إلاّ إذا اشترط عدم ضمانها.
( مسألة 937 ) : حكم العارية في بطلانها بموت المعير حكم الوديعة في ذلك وقد تقدّم في المسألة (915).
( مسألة 938 ) : العارية جائزةٌ من الطرفين وان كانت مؤجلّة فلكل منهما فسخها متى شاء ، نعم مع اشتراط عدم فسخها إلى أجل معيّن يصح الشرط ويـجب الوفاء به ولكن مع ذلك تنفسخ بالفسخ وان كان الفاسخ آثماً.
( مسألة 939 ) : يعتبر في العين المستعارة ان تكون مما يمكن الانتفاع بها منفعة محللة مع بقاء عينها ، فلا تصح اعارة الأطعمة للأكل ولا إعارة النقود للاتجار بها ، كما لا تصح اعارة ما تنحصر منافعه المتعارفة في الحرام لينتفع به في ذلك كآلات القمار.
( مسألة 940 ) : يجب على المستعير الاقتصار في نوع المنفعة على ما عيّنها المعير ، فلا يجوز له التعدّي إلى غيرها ولو كانت أدنى ضرراً على المعير ، كما يجب أن يقتصر في كيفية الانتفاع على ما جرت به العادة ، فلو أعاره سيّارة للحمل لم يجز له أن يحمِّلها إلا القدر المعتاد بالنسبة إلى تلك السيارة وذلك المحمول والزمان والمكان.
( مسألة 941 ) : لا يتحقق رد العارية إلاّ بردها إلى مالكها أو وكيله أو وليه ، ولو ردّها إلى حرزها الذي كانت فيه بلا يد للمالك ولا اذن منه كما إذا رد الدابة إلى الاصطبل وربطها فيه فتلفت أو اتلفها متلف ضمنها.
( مسألة 942 ) : حكم العارية في وجوب الاعلام بالنجاسة في اعارة المتنجس حكم البيع في ذلك وقد تقدّم في
( مسألة 943 ) : لا يجوز للمستعير اعارة العين المستعارة من غير اذن مالكها وتصح مع اذنه ولا تبطل العارية الثانية ـ حينئذٍ ـ بموت المستعير الاول.
( مسألة 944 ) : إذا علم المستعير بان العارية مغصوبة وجب عليه ارجاعها إلى مالكها ، ولم يجز دفعها إلى المعير.
( مسألة 945 ) : إذا استعار ما يعلم بغصبيته فللمالك ان يطالبه أو يطالب الغاصب بعوضه إذا تلف ، كما ان له أن يطالب كلاً منهما بعوض ما استوفاه المستعير أو تلف في يده أو الايادي المتعاقبة عليها من المنافع ، وإذا استوفى المالك العوض من المستعير فليس للمستعير الرجوع به على الغاصب.
( مسألة 946 ) : إذا لم يعلم المستعير بغصبية العارية وتلفت في يده ، ورجع المالك عليه بعوضها فله ان يرجع على المعير بما غرمه للمالك إلاّ إذا كانت العارية ذهباً أو فضة أو اشترط المعير ضمان العارية عليه عند التلف ، وإن رجع المالك عليه بعوض المنافع جاز له الرجوع إلى المعير بما دفع.
أحكام المعاملات » أحكام الهبة
( مسألة 947 ) : الهبة : هي ( تمليك عين من دون عوض عنها ) وهي عقد يحتاج إلى ايجاب من الواهب وقبول من الموهوب له بلفظ أو فعل يدل على ذلك.
( مسألة 948 ) : يعتبر في الواهب البلوغ والعقل والقصد والاختيار وعدم الحجر عليه من التصرف في الموهوب لسفه أو فلس ، وتصح الهبة من المريض في مرض الموت على تفصيل تقدم في المسألة (847).
( مسألة 949 ) : تصح الهبة في الأعيان المملوكة وان كانت مشاعة ولا تصح هبة المنافع ، وتصح هبة ما في الذمة لغير من هو عليه ويكون قبضه بقبض مصداقه ، ولو وهبه ما في ذمته قاصداً به اسقاطه كان إبراءاً ولا يحتاج إلى القبول.
( مسألة 950 ) : يشترط في صحة الهبة القبض ولابد فيه من اذن الواهب إلاّ أن يهبه ما في يده فلا حاجة حينئذٍ إلى قبض جديد وان كان الأحوط لزوماً اعتبار الاذن في القبض بقاءاً ، ولا تعتبر الفورية في القبض ولا كونه في مجلس العقد فيجوز فيه التراخي عن العقد بزمان كثير ، ومتى تحقق القبض صحت الهبة من حينه ، فإذا كان للموهوب نماء سابق على القبض قد حصل بعد الهبة كان للواهب دون الموهوب له ، وإن أوهبه شيئين فقبض الموهوب له أحدهما دون الآخر صحت الهبة في المقبوض دون غيره.
( مسألة 951 ) : للأب والجدّ ولاية القبول والقبض عن الصغير والمجنون إذا بلغ مجنوناً ، اما لو جن بعد البلوغ فالأحوط لزوماً أن يتم
القبول والقبض بالتوافق مع الحاكم الشرعي ، ولو وهب ولي الصغير أو المجنون ما بيده الى أحدهما لم يحتج إلى قبض جديد.
( مسألة 952 ) : يتحقق القبض في المنقول وغير المنقول باستيلاء الموهوب له على الموهوب وصيرورته تحت يده وسلطانه ويختلف صدق ذلك بحسب اختلاف الموارد.
( مسألة 953 ) : ليس للواهب الرجوع في هبته بعد الإقباض إذا قصد بها القربة ووجه الله تعالى ، أو كانت لذي رحم ، كما لا يحق له الرجوع لو عوّضه الموهوب له عنها أو نقل المال الموهوب إلى غيره أو تصرف فيه تصرفاً مغيّراً للعين كما لو صبغ الدار أو فصلّ القماش للخياطة ، وله الرجوع في غير ذلك كما في لبس الثوب وفرش الفراش ، فان رجع وكانت العين معيبة فليس له أن يطالب بالتفاوت وان كانت لها زيادة منفصله كالولد أو زيادة متّصلة قابلة للانفصال كالصوف والثمرة فهي للموهوب له وان كانت زيادة متصلة غير قابلة للانفصال كالسمن والطول فهي تابعة للعين.
( مسألة 954 ) : المقصود بذي رحم الواهب من يعد من أقاربه عرفاً ولا يلحق به الزوج والزوجة وان كان الأحوط استحباباً لهما عدم الرجوع فيها ولو قبل القبض.
( مسألة 955 ) : لو مات الواهب قبل القبض بطلت الهبة وانتقل الموهوب إلى وارث الواهب ، وكذا تبطل بموت الموهوب له قبل القبض ويبقى الموهوب في ملك الواهب.
( مسألة 956 ) : لو مات الواهب أو الموهوب له بعد القبض لزمت الهبة فليس للواهب الرجوع الى ورثة الموهوب له بعد موته كما انه ليس لورثة الواهب بعد موته الرجوع إلى الموهوب له.
( مسألة 957 ) : لا يعتبر في صحة الرجوع اطلاع الموهوب له فيصح الرجوع من دون علمه أيضاً.
( مسألة 958 ) : في الهبة المشروطة يجب على الموهوب له العمل بالشرط فإذا وهب شيئاً بشرط أن يهبه شيئاً وجب على الموهوب له العمل بالشرط ، فإذا تعذر أو امتنع من العمل بالشرط جاز للواهب الرجوع في الهبة ـ ولو لم يكن الموهوب قائماً بعينه ـ بل يجوز الرجوع في الهبة المشروطة قبل العمل بالشرط أيضاً ، نعم إذا كان تدريجياً وشرع فيه الموهوب له لم يكن للواهب الرجوع إلاّ مع عدم الإكمال في المدّة المضروبة أو المتعارفة.
( مسألة 959 ) : في الهبة المطلقة لا يجب التعويض وان كان من الأدنى إلى الأعلى ، كما لا يجب على الواهب قبول العوض لو بذله الموهوب له ولكن لو قبل واخذه لزمت الهبة ولم يجز له الرجوع فيما وهبه كما لا يجوز للموهوب له الرجوع فيما أعطاه.
( مسألة 960 ) : العوض المشروط ان كان معيناً تعين وان كان غير معين فان اتفقا على شيء فهو ، وإلاّ فالأحوط لزوماً ان يعوض بالمساوي من مثل أو قيمة الاّ إذا كانت قرينة من عادة أو غيرها على الاجتزاء باليسير.
( مسألة 961 ) : لا يعتبر في التعويض أن يكون العوض هبة ، بل يجوز أن يكون غيرها من العقود أو الايقاعات كبيع شيء على الواهب أو أبراء ذمته من دين له عليه ونحو ذلك ، بل يجوز أن يكون عملاً خارجياً ـ ولو في العين الموهوبة ـ يتعلق به غرض الواهب كأن يشترط على الموهوب له أن يبني في الأرض الموهوبة مدرسة أو مسجداً أو غيرهما.
أحكام المعاملات » أحكام الاقرار
( مسألة 962 ) : الاقرار :هو ( إخبار الشخص عن حق ثابت عليه أو نفي حق له سواء كان من حقوق الله تعالى أم من حقوق الناس ) ولا يعتبر فيه لفظ خاص فيكفي كل لفظ مفهم له عرفاً ، بل لا يعتبر ان يكون باللفظ فتكفي الإشارة المفهمة له أيضاً.
( مسألة 963 ) : لا يعتبر في تحقق الاقرار واخذ المقر به دلالة الكلام عليه باحد طرق الدلالة اللفظية ( المطابقة والتضمن والالتزام ) ولا كونه مقصوداً بالإفادة ، فيؤخذ المتكلم بلوازم كلامه وان لم ينعقد له ظهور فيها بل وحتى مع جهله بالملازمة أو غفلته عنها ، فإذا نفى الاسباب الشرعية لانتقال مال إليه واحداً بعد واحد كان ذلك اعترافاً منه بعدم مالكيته له فيلزم به.
( مسألة 964 ) : يعتبر في المقرّ به ان يكون مما لو كان المقرّ صادقاً في اخباره لأمكن الزامه به شرعاً ، وذلك بان يكون المقر به مالاً في ذمته أو عيناً خارجية أو منفعة أو عملاً أو حقاً كحق الخيار والشفعة وحق الاستطراق في ملكه أو اجراء الماء في نهره أو نصب ميزاب على سطح داره أو يكون فعلاً مستوجباً للحد شرعاً كالزنا وشرب الخمر وما شاكل ذلك ، وأما إذا أقرّ بما لا يمكن الزامه به شرعاً فلا أثر له فإذا أقر بان عليه لزيد شيئاً من ثمن خنزير ونحو ذلك لم ينفذ اقراره.
( مسألة 965 ) : إذا أقرّ بشيء ثم عقبه بما يضاده وينافيه ينفذ اقراره ولا أثر للمنافي فلو قال لزيد عليّ عشرون ديناراً ثم قال لا بل عشرة دنانير الزم بالعشرين ، وليس الاستثناء من التعقيب بالمنافي بل يكون المقرّ به ما بقي بعد الاستثناء إن كان الاستثناء من المثبت ونفس المستثنى ان كان الاستثناء من المنفي فلو قال هذه الدار التي بيدي لزيد إلاّ الغرفة الفلانية كان اقراراً بالدار ما عدا الغرفة ولو قال ليس لزيد من هذه الدار الاّ الغرفة الفلانية كان اقراراً له بالغرفة خاصة.
( مسألة 966 ) : يعتبر فى المقر البلوغ والعقل والقصد والاختيار ، فلا ينفذ اقرار الصبي والمجنون والسكران وكذا الهازل والساهي والغافل والمكره ، نعم لا يبعد صحة اقرار الصبي إذا تعلّق بما يحق له أن يفعله كبيع الاشياء اليسيرة ولا ينفذ اقرار السفيه في امواله وما يلحق بها وينفذ في غيرها كالطلاق ونحوه ، وأما المفلس فلا ينفذ اقراره فيما يتعلق بماله الذي حجر عليه وينفذ فيما عدا ذلك كدار سكناه واثاث بيته ونحوهما وكذا ينفذ اقراره في الدين سابقاً ولاحقاً ولكن لا يشارك المقر له الغرماء ، وأما المريض فينفذ اقراره كالصحيح إلاّ في مرض الموت مع التهمة فلا ينفذ اقراره فيما زاد على الثلث سواء أقر لوارث أو أجنبي.
( مسألة 967 ) : إذا اقر بولد أو أخ أو اخت أو غير ذلك نفذ اقراره مع احتمال صدقه فيما عليه من وجوب انفاق أو حرمة نكاح أو مشاركة في ارث ونحو ذلك ، وأما بالنسبة إلى غير ذلك مما عليه من الأحكام ففيه تفصيل ، فان كان الاقرار بالولد وكان صغيراً وتحت يده ثبت النسب باقراره مع احتمال صدقه عادة وشرعاً وعدم المنازع ولا يشترط فيه تصديق الصغير ولا يلتفت إلى انكاره بعد بلوغه ويثبت بذلك النسب بينهما وكذا بين اولادهما وسائر الطبقات على اشكال لا يترك معه مراعاة الاحتياط في ذلك ، واما في غير الولد الصغير فلا أثر للاقرار إلا مع تصديق الآخر فان لم يصدق الآخر لم يثبت النسب وان صدقه ـ ولا وارث غيرهما ـ توارثا ، وفي ثبوت التوارث مع الوارث الاخر ان لم يكن مقراً اشكال والاحتياط لا يترك وكذلك في تعدي التوارث إلى غيرهما ولا يترك الاحتياط أيضاً فيما لو أقر بولد أو غيره ثم نفاه بعد ذلك.
النكاح » أحكام النكاح
( مسألة 968 ) : النكاح ( عقد بين الرجل والمرأة يحل بسببه كل منهما على الاخر ) .
وهو على قسمين:
دائم ومنقطع ، والعقد الدائم هو ( عقد لا تعيّن فيه مدة الزواج ) وتسمى الزوجة بـ ( الدائمة ) والعقد غير الدائم هو ( ما تعيّن فيه المدة ) كساعة أو يوم أو سنة أو اكثر أو اقل وتسمى الزوجة بـ ( المتمتع بها والمنقطعة ) .
النكاح » أحكام االعقد
( مسألة 969 ) : يشترط في النكاح ـ دواماً ومتعة ـ الايجاب والقبول اللفظييان ، فلا يكفي فيه مجرد التراضي القلبي كما لا يكفي ـ على الاحوط لزوماً ـ الايجاب والقبول بالكتابة ، ويجوز لكل من الطرفين توكيل الغير ـ رجلاً كان أو إمراة ـ في اجراء الصيغة كما يجوز لهما المباشرة فيه.
( مسألة 970 ) : اذا وكلا الغير فى اجراء الصيغة لم تجز لهما الاستمتاعات الزوجية حتى النظر الذي لا يحل لهما قبل الزواج ما لم يطمئنا باجراء الوكيل عقد النكاح ولا يكفي مجرد الظن ، ولو اخبر الوكيل بذلك فان حصل الاطمينان بخبره كفى والا فلا عبرة به على الاحوط لزوماً.
( مسألة 971 ) : يجب على الوكيل ان لا يتعدى عما عيّنه الموكل من حيث المهر والخصوصيات الاخرى وان كان على خلاف مصلحة الموكل حسب اعتقاده ، فان تعدى كان فضولياً موقوفاً على اجازته.
( مسألة 972 ) : يجوز ان يكون شخص واحد وكيلاً عن الطرفين كما يجوز ان يكون الرجل وكيلاً عن المرأة في ان يعقدها لنفسه وان كان الأحوط ـ استحباباً ـ ان لا يتولى شخص واحد كلا طرفي العقد.
النكاح » صيغة العقد الدائم
( مسألة 973 ) : اذا باشر الطرفان العقد الدائم وبعد تعيين المهر قالت المرأة مخاطبة للرجل (زوجتك نفسي على الصداق المعلوم) وقال الرجل من دون فصل معتد به (قبلت التزويج) صح العقد، ولو وكلا غيرهما وكان اسم الرجل (احمد) واسم المرأة (فاطمة) مثلاً فقال وكيل المرأة: (زوجت موكلك أحمد موكلتي فاطمة، أو زوجت موكلتي فاطمة موكلك احمد على الصداق المعلوم) وقال وكيل الرجل من دون فصل معتد به (قبلت التزويج لموكلي احمد على الصداق المعلوم) صح العقد، والأحوط الأولى تطابق الايجاب والقبول، مثلاً لو قالت المرأة (زوجتك) فعلى الزوج ان يقول: (قبلت التزويج) ولا يقول (قبلت النكاح) مثلاً.
النكاح » صيغة العقد غير الدائم
( مسألة 974 ) : اذا باشر الطرفان العقد غير الدائم بعد تعيين المدة والمهر فقالت المرأة ( زوجتك نفسي في المدة المعلومة على المهر المعلوم ) وقال الرجل من دون فصل معتد به ( قبلت التزويج ) صح العقد ولو وكلا غيرهما فقال وكيل المرأة: ( زوجت موكلك موكلتي أو زوجت موكلتي موكلك في المدة المعلومة على المهر المعلوم ) وقال وكيل الرجل من دون فصل معتد به ( قبلت التزويج لموكلي هكذا ) صح أيضاً.
النكاح » شرائط العقد
( مسألة 975 ) : يشترط في عقد الزواج أُمور:
(1) العربية ـ مع التمكن منها ـ على الأحوط لزوماً ، ويكفي غيرها من اللغات المفهمة لمعنى النكاح والتزويج لغير المتمكن منها وان تمكن من التوكيل.
(2) القصد الى ايجاد مضمون العقد ، بمعنى ان تقصد المرأة بقولها: (زوجتك نفسي) ايقاع الزواج وصيرورتها زوجة له كما ان الرجل يقصد بقوله (قبلت) انشاء قبول زوجيتها له ، وهكذا الوكيلان.
(3 ، 4) ان يكون العاقد ـ موجباً كان أم قابلاً ـ عاقلاً وكذا بالغاً على الاحوط لزوماً.
(5) تعيين الزوج والزوجة على وجه يمتاز كل منهما عن غيره بالاسم أو الوصف أو الاشارة فلو قال: ( زوجتك احدى بناتي ) بطل ، وكذا لو قال ( زوجت بنتي احد ابنيك أو احد هذين ) .
(6) رضا الطرفين واقعاً ، فلو اذنت المرأة متظاهرة بالكراهة مع العلم برضاها القلبي صح العقد ، كما انه اذا علمت كراهتها واقعاً وان تظاهرت بالرضا بطل العقد الا ان تجيز بعده.
( مسألة 976 ) : اذا لحن في الصيغة بحيث لم تكن معه ظاهرة في المعنى المقصود لم يكف ، والا كفى وان كان اللحن في المادة ، فيكفي (جوزتك) في اللغة الدارجة بدل ( زوجتك ) اذا كان المباشر للعقد من اهل تلك اللغة.
( مسألة 977 ) : اذا كان مجري الصيغة عالماً بمعناها اجمالاً وقاصداً لتحقق المعنى صح العقد ، ولا يشترط علمه به تفصيلاً بان يكون مميزاً للفعل والفاعل والمفعول مثلاً.
( مسألة 978 ) : العقد الواقع فضولياً اذا تعقب بالاجازة صح سواء أكان فضولياً من الطرفين أم كان فضولياً من أحدهما.
( مسألة 979 ) : لو اكره الزوجان على العقد ثم رضيا بعد ذلك واجازا العقد صح ، وكذلك الحال في اكراه احدهما ، والاحوط الاولى اعادة العقد في كلتا الصورتين.
( مسألة 980 ) : الاب والجد من طرف الاب لهما الولاية على الطفل الصغير والصغيرة والمتصل جنونه بالبلوغ ، فلو زوجهم الولي صح الا انه يحتمل ثبوت الخيار للصغير والصغيرة بعد البلوغ والرشد ، فاذا فسخا فلا يترك الاحتياط بتجديد العقد أو الطلاق ، هذا اذا لم تكن في العقد مفسدة على القاصر بنظر العقلاء في ظرف وقوعه واما مع المفسدة فيكون العقد فضولياً ولا يصح الا مع الاجازة بعد البلوغ والرشد أو الافاقة.
( مسألة 981 ) : يشترط في نكاح البالغة الرشيدة البكر اذن ابيها أو جدها من طرف الاب اذا لم تكن مالكة لأمرها ومستقلة في شؤون حياتها ، بل الاحوط لزوماً اشتراط اذن احدهما اذا كانت مستقلة ايضاً ، ولا تشترط اجازة الام والاخ وغيرهما من الاقارب.
ولا فرق فيما ذكر بين الزواج الدائم والموقت ولو مع اشتراط عدم الدخول في متن العقد.
( مسألة 982 ) : يصح زواج البالغة الرشيدة البكر من غير استئذان من أبيها أو جدها ، اذا تعقب بالاجازة من أحدهما.
( مسألة 983 ) : لا يعتبر اذن الاب والجد اذا كانت البنت ثيباً ، وكذلك اذا كانت بكراً ومنعاها عن الزواج بكفؤها شرعاً وعرفاً مطلقاً ، أو اعتزلا التدخل في امر زواجها مطلقاً ، أو سقطا عن اهلية الاذن لجنون أو نحوهِ ، وكذا اذا لم تتمكن من استئذان احدهما لغيابهما مثلاً فانه يجوز لها الزواج حينئذ مع حاجتها الملحة اليه فعلاً من دون اذن أيّ منهما.
( مسألة 984 ) : المقصود بالبكر ـ هنا ـ من لم يدخل بها زوجها ، فمن تزوجت ومات عنها زوجها او طلقها قبل ان يدخل بها فهي بكر ، وكذا من ذهبت بكارتها بغير الوطء من وثبة أو نحوها ، واما ان ذهبت بالزناء او بالوطء شبهة فهي بمنزلة البكر ، واما من دخل بها زوجها فهي ثيبة وان لم يفتض بكارتها.
النكاح » موجبات خيار الفسخ من العيب والتدليس
( مسألة 985 ) : يثبت للزوج خيار العيب اذا علم بعد العقد بوجود احد العيوب الستة الآتية في الزوجة حين العقد فيكون له الفسخ من دون طلاق:
(1) الجنون ولو كان أدوارياً ، وليس منه الاغماء والصرع.
(2) الجذام.
(3) البرص.
(4) العمى.
(5) العرج ولو لم يبلغ حد الاقعاد.
(6) العفل وهو لحم أو عظم ينبت في الرحم سواء منع من الحمل أو الوطء في القبل أم لا.
وفي ثبوت خيار العيب للزوج فيما لو علم بكون زوجته مفضاة حين العقد اشكال فلو فسخ فالاحوط لزوماً لهما عدم ترتيب اثر الزوجية او الفرقة الا بعد تجديد العقد أو الطلاق.
ولا يثبت الخيار للزوج في العيوب المتقدمة اذا حدثت بعد العقد وان كان قبل الوطء.
( مسألة 986 ) : يثبت خيار العيب للزوجة إذا كان الزوج مجبوباً ( اي مقطوع الذكر بحيث لم يبق منه ما يمكنه الوطء به ) أو مصاباً بالعنن ( وهو المرض المانع عن انتشار العضو بحيث لا يقدر معه على الايلاج ) سواء كان الجب أو العنن سابقاً على العقد أم كان حادثاً بعده أو بعد العقد والوطء معاً.
وهل يثبت للزوجة خيار العيب في جنون الزوج سواء كان سابقاً على العقد أم حادثاً بعده أو بعد العقد والوطء أم لا ؟ فيه اشكال ، وكذا فيما لو كان خصياً حين العقد ( الخصاء هو اخراج الانثيين ) أو وجّياً ( الوجاء رض الانثيين بحيث يبطل اثرهما ) أو مجذوماً أو ابرص ، فان اختارت الفسخ فلا يترك الاحتياط في جميع ذلك بعدم ترتيب اثر الزوجية أو الفرقة الا بعد تجديد العقد أو الطلاق.
( مسألة 987 ) : يجوز للرجل الفسخ بعيب المرأة من دون إذن الحاكم وكذا المرأة بعيب الرجل ، نعم مع ثبوت العنن إذا لم ترض المرأة بالصبر معه لا يحق لها الفسخ الا بعد رفع امرها الى الحاكم الشرعي فيؤجل الزوج بعد المرافعة سنة فان وطئها أو وطىء غيرها في اثناء هذه المدة فلا فسخ ، والاّ كان لها التفرد بالفسخ عند انقضاء المدة وتعذر الوطء من دون مراجعة الحاكم ، واذا علم بشهادة الطبيب الاخصائي الموثوق به ان الزوج سوف لا يقدر على الوطء ابداً جاز لها الفسخ من دون الانتظار إلى تمام السنة.
( مسألة 988 ) : إذا فسخ الرجل بأحد عيوب المرأة فان كان الفسخ بعد الدخول استحقت المرأة تمام المهر وعليها العدة كما في الطلاق وان كان الفسخ قبله لم تستحق شيئاً ولا عدة عليها. هذا إذا لم يكن تدليس ، واما مع التدليس ( المتحقق بتوصيف المرأة للرجل عند ارادة الزواج بالسلامة من العيب مع العلم به او بالسكوت عن بيان العيب ممن عليه البيان مع اقدام الزوج بارتكاز السلامة منه ) فان كان المدلس نفس المرأة لم تستحق المهر إذا اختار الرجل الفسخ وان اختار البقاء فعليه تمام المهر لها ، وان كان المدلس غير الزوجة فالمهر المسمى يستقر على الزوج بالدخول ولكن يحق له بعد دفعه اليها ان يرجع به على المدلس.
واذا فسخت المرأة بعيب الرجل استحقت تمام المهر ان كان بعد الدخول وان كان قبله لم تستحق شيئاً الا في العنن فانها تستحق عليه فيه نصف المهر المسمى.
( مسألة 989 ) : يثبت في النكاح خيار التدليس ـ في غير العيوب التي مر انه يثبت بسببها خيار العيب ـ عند التستر على عيب في احد الزوجين ( سواء كان نقصاً عن الخلقة الاصلية كالعور ونحوه أو زيادة عليها كاللحية للمرأة ) أو الايهام بوجود صفة كمال لا وجود لها كالشرف والنسب والجمال والبكارة ونحوها.
فلو خطب امرأة وطلب زواجها على انه من بني فلان فتزوجته المرأة على ذلك فبان انه من غيرهم كان لها خيار التدليس فان فسخت فلها المهر إذا كان بعد الدخول وان كان قبله فلا شيء لها ، وانما يتحقق التدليس الموجب للخيار فيما إذا كان عدم العيب أو وجود صفة الكمال مذكوراً في العقد بنحو الاشتراط أو التوصيف ويلحق بهما توصيف الزوج أو الزوجة بصفة الكمال أو عدم العيب أو إراءته متصفاً بها قبل العقد عند الخطبة والمقاولة ثم ايقاع العقد مبنياً عليه ، ولا يتحقق بمجرد سكوت الزوجة ووليها مثلاً مع اعتقاد الزوج عدم العيب أو وجود صفة الكمال.
( مسألة 990 ) : اذا تزوج امراة على انها بكر فبانت ثيباً ففسخ ـ حيث يكون له الفسخ ـ فان كان قبل الدخول فلا مهر ، وان كان بعده استقر المهر ورجع به على المدلس ، وان كانت هي المدلّس لم تستحق شيئاً ، واذا اختار البقاء أو لم يكن له الفسخ ـ كما في صورة اعتقاد البكارة من دون اشتراط أو توصيف أو بناء ـ كان له ان ينقص من مهرها بنسبة ما به التفاوت بين مهر مثلها بكراً وثيباً.
النكاح » أسباب التحريم
( مسألة 991 ) : يحرم الزواج من جهة النسب بالام وان علت ، وبالبنت وان نزلت ، وبالاخت ، وببنات الاَخ والاخت وان نزلن ، وبالعمات وبالخالات وإن علون ، اي عمة الاب والام وخالاتهما وهكذا.
( مسألة 992 ) : تحرم من جهة المصاهرة أم الزوجة وجداتها من طرف الاب أو الام ، فلا يجوز الزواج بهن وان لم يدخل بزوجته ، وكذلك تحرم بنت الزوجة المدخول بها ، سواء أكانت بنتها بلا واسطة أو مع الواسطة ، وسواء أكانت موجودة في زمان زوجية الام أم ولدت بعد طلاق الام وتزوجها برجل آخر ، ولا تحرم بنت الزوجة ما لم يدخل بأُمها ، نعم لا يصح نكاحها ما دامت امها باقية على الزوجية على الأحوط لزوماً ، فلو تزوجها لم يحكم بصحة نكاح البنت ولا ببقاء زوجية الام.
( مسألة 993 ) : يحرم الزواج بمعقودة الأب أو احد الأجداد كما يحرم التزويج بمعقودة الابن ، أو احد الأحفاد أو الأسباط.
( مسألة 994 ) : يحرم الجمع بين الاختين ، فاذا عقد على احداهما حرمت عليه الثانية ما دامت الاولى باقية على زواجها ، ولو عقد عليهما في زمان واحد بطلا ، ولا فرق في ذلك بين العقد الدائم والمنقطع.
( مسألة 995 ) : إذا طلق زوجته ـ رجعياً ـ لم يجز له نكاح اختها فى عدتها ، وإذا كان الطلاق بائناً صح ذلك ، واذا تزوج بامرأة بعقد منقطع فانتهت المدة أو ابرأها فالاحوط لزوماً عدم الزواج باختها في عدتها.
( مسألة 996 ) : إذا عقد على امرأة لم يجز له ان يتزوج ببنت اخيها أو ببنت اختها الا باذنها ، ولو عقد بدون اذنها توقفت صحته على اجازتها فان أجازته صح والا بطل ، وان علمت بالزواج فسكتت ثم أجازته صح أيضاً.
( مسألة 997 ) : لو زنى بخالته أو عمته قبل ان يعقد على بنتها حرمت عليه البنت على الأحوط لزوماً ، ولو زنى بالعمة أو الخالة بعد العقد على البنت لم تحرم عليه وان كان الزنى قبل الدخول بها ، ولو زنى بغير العمة والخالة لم تحرم عليه بنتها وان كان الاحوط ـ استحباباً ـ أن لا يتزوج بنتها.
( مسألة 998 ) : لا يجوز للمسلمة أن تتزوج دواماً أو متعة من الكافر وان كان كتابياً ، وكذلك لا يجوز للمسلم أن يتزوج بغير الكتابية من اصناف الكفار مطلقاً ، ويجوز له الزواج متعة من اليهودية والنصرانية اذا لم تكن له زوجة مسلمة ، والا لم يجز له الزواج منهما من دون اذن المسلمة بل ولا باذنها على الاحوط وجوباً ، كما لا يجوز ـ على الاحوط ـ ان يتزوج منهما دواماً ولا من المجوسية ولو متعة.
( مسألة 999 ) : لا يجوز للمؤمن أو المؤمنة ان يتزوج دواماً أو متعة بعض المنتحلين لدين الاسلام ممن يحكم بنجاستهم كالنواصب ، ويجوز زواج المؤمن من المخالفة غير الناصبية ، كما يجوز زواج المؤمنة من المخالف غير الناصبي على كراهة ، نعم اذا خيف عليه أو عليها الضلال حرم وان صحّ العقد.
( مسألة 1000 ) : لو زنى بذات بعل أو بذات العدة الرجعية حرمت عليه مؤبداً على الأحوط لزوماً ، أما الزنا بذات العدة غير الرجعية فلا يوجب حرمة المزني بها ، فللزاني الزواج بها بعد انقضاء عدتها.
( مسألة 1001 ) : لو زنى بامرأة ليس لها زوج وليست بذات عدة رجعية لم يجز له ان يتزوجها الا بعد توبتها على الأحوط وجوباً ، ويجوز لغيره ان يتزوجها قبل ذلك الا ان تكون امرأة مشهورة بالزنا ، فان الأحوط وجوباً عدم الزواج بها قبل ان تتوب ، كما ان الأحوط وجوباً عدم الزواج بالرجل المشهور بالزنا الا بعد توبته ، والأحوط الأولى استبراء رحم الزانية من ماء الفجور بحيضة قبل التزوج بها ، سواء ذلك بالنسبة الى الزاني وغيره.
( مسألة 1002 ) : يحرم الزواج بالمرأة دواماً أو متعة في عدتها من الغير ، رجعية كانت أو غير رجعية ، فلو علم الرجل أو المرأة بانها في العدة وبحرمة الزواج فيها وتزوج بها حرمت عليه مؤبداً وان لم يدخل بها بعد العقد ، واذا كانا جاهلين بانها في العدة أو بحرمة الزواج فيها وتزوج بها بطل العقد ، فان كان قد دخل بها في عدتها حرمت عليه مؤبداً أيضاً ، والا جاز الزواج بها بعد تمام العدة.
( مسألة 1003 ) : لو تزوج بامرأة عالماً بانها ذات بعل حرمت عليه مؤبداً ـ دخل بها أم لم يدخل ـ ولو تزوجها مع جهله بالحال فسد العقد ولم تحرم عليه لو لم يدخل بها حتى مع علم الزوجة بالحال ، واما لو دخل بها فتحرم عليه مؤبداً على الأحوط لزوماً.
( مسألة 1004 ) : لا تحرم الزوجة على زوجها بزناها ، وان كانت مصرة على ذلك ، والأولى ـ مع عدم التوبة ـ ان يطلقها الزوج.
( مسألة 1005 ) : إذا تزوجت المرأة ثم شكت فى ان زواجها وقع في العدة أو بعد انقضائها لم تعتن بالشك.
( مسألة 1006 ) : إذا لاط البالغ شرعاً بغير البالغ فأوقب ولو ببعض الحشفة حرمت على اللائط أمّ الملوط واخته وبنته ، والاحوط لزوماً ثبوت هذا الحكم فيما إذا كان اللائط غير بالغ أو كان الملوط بالغاً أو كان اللواط بعد الزواج باحدى المذكورات ، ولا يحكم بالتحريم مع الشك في الدخول بل ولا مع الظن به أيضا.
( مسألة 1007 ) : لا تحرم على اللائط بنت اخت الملوط ولا بنت اخيه ،
كما لا تحرم على الملوط ام اللائط ولا بنته ولا اخته.
( مسألة 1008 ) : يحرم الزواج حال الاحرام وان لم تكن المرأة محرمة ، ويقع العقد فاسداً حتى مع جهل الرجل المحرم بالحرمة ، ومع علمه بالحرمة تحرم عليه مؤبداً.
( مسألة 1009 ) : لا يجوز للمحرمة ان تتزوج برجل ولو كان محلاً ، ولو فعلت بطل العقد مطلقاً ، ومع علمها بالحرمة تحرم عليه مؤبداً على الأحوط لزوماً.
( مسألة 1010 ) : إذا لم يأت المحرم او المحرمة بطواف النساء في الحج أو العمرة المفردة لم تحل لهما الممارسات الجنسية التي حرمت عليهما بالإحرام ، وإذا أتيا به في أي وقت بعد ذلك ارتفعت الحرمة.
( مسألة 1011 ) : لا يجوز الدخول بالزوجة قبل اكمالها تسع سنين ولكنه لو فعل لم يحرم عليه وطؤها بعد بلوغها وان كان قد افضاها.
( مسألة 1012 ) : تحرم المطلقة ثلاثاً على زوجها المطلق لها ، نعم لو تزوجت بغيره ودخل بها فطلقها حلت لزوجها الاول ـ على تفصيل يأتي في احكام الطلاق ـ واما لو طلقها تسعاً فهي تحرم عليه مؤبداً.
النكاح » أحكام العقد الدائم
( مسألة 1013 ) : يحرم على الزوجة الدائمة ان تخرج من دارها من دون اذن زوجها وان لم يكن ذلك منافياً لحقه في الاستمتاع بها ويجب عليها ان تمكن زوجها من نفسها متى شاء ، وليس لها منعه من المقاربة ونحوها من الممارسات الجنسية المتعارفة الا لعذر شرعي ، فاذا عملت بوظيفتها استحقت النفقة على زوجها من الغذاء واللباس والمسكن وسائر ما تحتاج اليه بحسب شانها بالقياس اليه.
( مسألة 1014 ) : إذا نشزت الزوجة على زوجها بان منعت نفسها عنه مطلقاً لم تستحق النفقة عليه سواء خرجت من عنده أم لا ، واما إذا منعت نفسها عنه في بعض الاحيان لا لعذر مقبول شرعاً أو خرجت من بيتها بغير اذنه من دون مسوغ شرعي فالأحوط لزوماً عدم سقوط نفقتها بذلك ، واما المهر فهو لا يسقط بالنشوز بلا اشكال.
( مسألة 1015 ) : لا يستحق الزوج على زوجته خدمة البيت وما شاكلها وان كان يستحب لها ان تقوم بذلك.
( مسألة 1016 ) : إذا استصحب الزوج زوجته في سفره كانت نفقتها عليه وان كانت اكثر من نفقتها في الحضر ، كما يجب عليه بذل أجور سفرها ونحوها مما تحتاج اليه من حيث السفر ، وهكذا الحكم فيما لو سافرت الزوجة بنفسها في سفر ضروري يرتبط بشؤون حياتها كأن كانت مريضة وتوقف علاجها على السفر الى طبيب ، واما في غير ذلك من السفر الواجب كسفر الحج او السفر غير الواجب الذي اُذن فيه الزوج لها فليس عليه بذل أجوره ، ولكن يجب عليه بذل نفقتها فيه كاملة وان كانت ازيد من نفقتها في الحضر ، نعم إذا علق الزوج اذنه لها في السفر غير الواجب على اسقاطها لنفقتها فيه كلاً أو بعضاً وقبلت هي بذلك لم تستحقها عليه.
( مسألة 1017 ) : لو امتنع الزوج الموسر عن بذل نفقة زوجته المستحقة لها مع مطالبتها جاز لها ان تأخذها من ماله بدون اذنه ويجوز لها رفع امرها الى الحاكم الشرعي لاجباره على الانفاق ، فان لم يتيسر لها هذا ولا ذاك. واضطرت الى اتخاذ وسيلة لتحصيل معاشها لم يجب عليها اطاعة زوجها حال اشتغالها بتلك الوسيلة ، والاحوط لزوماً ان لا تمتنع عن القيام بحقوقه في غير تلك الحال.
( مسألة 1018 ) : لا يعتبر في استحقاق الزوجة النفقة على زوجها فقرها وحاجتها بل تستحقها عليه وان كانت غنية غير محتاجة ، واذا لم تحصلها ـ كلاً او بعضاً ـ لفقر الزوج أو امتناعه بقي ما لم تحصله دينا على ذمته يؤديه متى ما تمكن ، ويصح ان تسقط عنه ما تستحقه عليه فعلاً أو في الأزمنة المستقبلة بشرط أو بدونه.
واذا كان للزوج مالٌ لا يفي بنفقته ونفقة زوجته جاز له تأمين نفقته منه فان زاد صرفه اليها.
( مسألة 1019 ) : يثبت للابوين حق الانفاق على الابن ، كما يثبت للولد ذكراً كان أو انثى حق الانفاق على ابيه ، والاحوط لزوماً ثبوت حق الانفاق للابوين على البنت وثبوته لهما مع فقد الولد او اعساره على اولاد الاولاد اي ابناء الابناء والبنات وبناتهم الاقرب فالاقرب.
وكذلك الاحوط لزوماً ثبوت حق الانفاق للولد مع فقد الاب او اعساره على جده لأبيه وان علا الاقرب فالاقرب ، وثبوته مع فقد الجد او
اعساره على امه ومع فقدها او اعسارها على الجد او الجدة من قبلها ومن قبل ام الاب أو الجد مِن طرفه وان علوا مع مراعاة الاقرب فالاقرب إليه.
واذا تعدد من يثبت عليه حق الانفاق كما لو كان للشخص اب مع ابن او كان له اكثر من ابن واحد فيحتمل ثبوت الحق على كل واحد كفاية كما يحتمل اشتراك الجميع فيه بالسوية فالاحوط لزوما فيما إذا لم يقم البعض منهم بما يلزمه على تقدير الاشتراك ان يقوم به البعض الاخر.
( مسألة 1020 ) : يشترط في ثبوت الانفاق بالقرابة فقر المنفق عليه بمعنى ان لا يتوفر له ما يحتاج اليه فعلاً من معيشته من طعام او لباس او مسكن او دواء او نحوها ولا يتمكن ايضا من توفيره بالاكتساب أللائق بشأنه ولا بالاقتراض من دون حرج ومشقة مع التمكن من الوفاء لاحقاً.
ولا يشترط في ثبوت الانفاق بها كمال المنفق بالعقل والبلوغ فيجب على الولي ان ينفق من مال الصبي والمجنون على من يثبت له حق الانفاق عليه ، نعم يشترط تمكن المنفق منه بعد نفقة نفسه وزوجته الدائمة فلو كان له من المال قدر كفاية نفسه وزوجته خاصة لم يثبت عليه الانفاق على اقاربه ولو زاد صرفه في الانفاق عليهم ، والاقرب منهم مقدم على الابعد فالولد مقدم على ولد الولد ، ولو تساووا وعجز عن الانفاق عليهم جميعاً وجب توزيع الميسور عليهم بالسوية اذا كان مما يقبل التوزيع ويمكنهم الانتفاع به وإلاّ تخير في الانفاق على اي منهم شاء.
واذا امتنع من وجبت نفقة قريبه عن بذلها جاز لمن له الحق اجباره عليه ولو باللجوء الى الحاكم وان كان جائراً ولكن ان لم ينفق حتى مضى زمانه سقط عنه وان كان آثماً.
( مسألة 1021 ) : اذا اضطر شخص الى التصرف في مال غيره من طعام أو دواء أو ثياب او سلاح أو غيرها لانقاذ نفسه من الهلاك أو ما يدانيه وجب على المالك مع حضوره وعدم اضطراره اليه ان يبذله له بعوض او بدونه ، ويجوز للمضطر مع غياب المالك التصرف في ماله بقدر الضرورة مع ضمانه العوض.
( مسألة 1022 ) : الاحوط وجوباً ان ينفق المالك على ما لديه من الحيوان او ينقله الى غيره او يذكيه بذبح أو غيره اذا كان من المذكى ولم يعد ذلك تضييعاً للمال ، ولا يجوز له حبسه من دون الانفاق عليه حتى يموت.
( مسألة 1023 ) : اذا كان للرجل زوجتان دائمتان أو ازيد فبات عند احداهن ليلة ثبت لغيرها حق المبيت ليلة من اربع ليال ، ولا يثبت حق المبيت للزوجة على زوجها ـ سواء كانت واحدة أو ازيد ـ في غير هذه الصورة ، نعم الأحوط الأولى لمن عنده زوجة دائمة واحدة ان يقسم لها ليلة من كل اربع ليال ولمن عنده زوجتان كذلك ان يقسم لها ليلتين وهكذا ، ولا يثبت حق المبيت للصغيرة ولا للمجنونة حال جنونها ولا للناشزة كما يسقط حال سفر الزوج وفيما لو اسقطته الزوجة بعوض أو بدونه ، ولا يجوز متاركة الزوجة الدائمة رأساً وجعلها كالمعلقة لا هي ذات بعل ولا هي مطلقة.
( مسألة 1024 ) : لا يجوز ترك وطء الزوجة الشابة اكثر من أربعة اشهر الا لعذر كالحرج والضرر أو مع رضاها أو نشوزها أو اشتراط تركه عليها حين العقد والاحوط لزوماً شمول هذا الحكم للزوجة المنقطعة ولما اذا كان الزوج مسافراً فلا يحق له أن يطيل السفر من دون عذر شرعي اذا كان يفوت على الزوجة حقها.
هذا واذا لم تقدر الزوجة على الصبر الى اربعة اشهر بحيث خاف الزوج وقوعها في الحرام اذا لم يقاربها فالاحوط وجوبا المبادرة الى مقاربتها
قبل تمام الاربعة أو طلاقها وتخلية سبيلها.
( مسألة 1025 ) : اذا كان المهر حالاً فللزوجة الامتناع من التمكين قبل قبضه سواء كان الزوج متمكناً من الاداء أم لا ، ولو مكنته من نفسها فليس لها الامتناع بعد ذلك لاجل ان تقبضه ، واما لو كان المهر كله أو بعضه مؤجلاً ـ وقد اخذت بعضه الحال ـ لم يكن لها الامتناع من التمكين وان حلّ الأجل.
النكاح » النكاح المنقطع
( مسألة 1026 ) : يصح النكاح المنقطع ، وان كان الداعي اليه امراً آخر غير الاستمتاع كحصول المحَرمية ، ولا بد فيه من تعيين المهر والمدة ، فان لم يتعينا بطل العقد ، ولا حد للمدة قلة وكثرة ، نعم يبطل العقد مع العلم بعدم وفاء عمر احد الزوجين أو كليهما للمدة المعينة.
( مسألة 1027 ) : يجوز للمرأة في النكاح المنقطع ـ وكذا الدائم ـ ان تشترط على زوجها عدم الدخول بها ، فلو اشترطت عليه ذلك لم يجز له مقاربتها ويجوز له ما سوى ذلك من الاستمتاعات ، نعم لو رضيت الزوجة بعد ذلك بمقاربتها جازت له.
( مسألة 1028 ) : لا تجب نفقة الزوجة في النكاح المنقطع وان حملت من زوجها ولا تستحق من زوجها المبيت عندها ، ولا توارث بينها وبين زوجها ، ولو شرط ثبوت الارث لهما أو لاحدهما ففي نفوذ الشرط اشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
( مسألة 1029 ) : يصح العقد المنقطع ولو مع جهل الزوجة بعدم استحقاقها النفقة والمبيت ، ولا يثبت لها حق على الزوج من جهة جهلها ، ويحرم عليها الخروج بغير اذن زوجها ، اذا كان خروجها منافياً لحقه ، لا مع عدم المنافاة.
( مسألة 1030 ) : لو وكلت المراة رجلاً في تزويجها لمدة معينة بمهر معلوم فخالف الوكيل فعقدها دواماً أو متعة لغير تلك المدة أو بغير ذلك المهر ، فان اجازت العقد صح والا بطل.
( مسألة 1031 ) : لو زوج الأب أوالجد من طرفه بنته الصغيرة أو ابنه الصغير لفترة قصيرة لا لغاية الاستمتاع بل لغاية اخرى من حصول المحرمية ونحوه صح العقد مع عدم ترتب مفسدة عليه ، نعم مع عدم قابلية المدة المعينة للاستمتاع من الصغيرة أو لاستمتاع الصغير فيها بوجه فصحة العقد لا تخلو من اشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك.
( مسألة 1032 ) : لو وهب الزوج مدة زوجته المنقطعة بعد الدخول بها لزمة تمام المهر ، وينتصف المهر اذا كانت الهبة قبل الدخول.
( مسألة 1033 ) : لا بأس على الزوج في الزواج من المتمتع بها في عدتها منه دواماً أو منقطعاً ، ولكن لا يصح تجديد العقد عليها دائماً أو منقطعاً قبل انقضاء الاجل أو بذل المدة.
النكاح » مسائل متفرقة في النكاح
( مسألة 1034 ) : لا يجوز للرجل ان ينظر إلى ما عدا الوجه والكفين من جسد المرأة الأجنبية وشعرها ، وكذا الوجه والكفين منها إذا كان النظر بتلذذ شهوي أو مع خوف الوقوع في الحرام ، بل الأحوط ـ استحباباً ـ تركه بدونهما أيضاً ، وكذلك الحال في نظر المرأة الى الرجل الأجنبي على الأحوط لزوماً في غير ما جرت السيرة على عدم الإلتزام بستره كالرأس واليدين والقدمين ونحوها ، واما نظرها الى هذه المواضع منه فالظاهر جوازه من دون تلذذ شهوي وعدم خوف الوقوع في الحرام وان كان الأحوط ـ استحباباً ـ تركه أيضاً.
( مسألة 1035 ) : يجوز النظر الى النساء المبتذلات اللاتي لا ينتهين إذا نهين عن التكشف بشرط ان لا يكون بتلذذ شهوي ولا يخاف الوقوع في الحرام ، ولا فرق في ذلك بين نساء الكفار وغيرهن ، كما لا فرق فيه بين الوجه والكفين وبين سائر ما جرت عادتهن على عدم ستره من بقية أعضاء البدن.
( مسألة 1036 ) : يجب على المرأة ان تستر شعرها وما عدا الوجه والكفين من بدنها عن غير الزوج والمحارم من البالغين مطلقاً ، بل الأحوط لزوماً ان تتستر عن غير البالغ أيضاً إذا كان مميزاً وأمكن ان يترتب على نظره اليها ثوران الشهوة فيه ، واما الوجه والكفان فيجوز لها ابداؤها إلاّ مع خوف الوقوع في الحرام أو كونه بداعي ايقاع الرجل في النظر المحرم فيحرم الابداء حينئذٍ حتى بالنسبة الى المحارم. هذا في غير المرأة المسنة التي لا ترجوا النكاح واما هي فيجوز لها ابداء شعرها وذراعها ونحوهما
مما لا يستره الخمار والجلباب عادة ـ من دون ان تتبرج بزينة.
( مسألة 1037 ) : يحرم النظر إلى عورة الغير ـ غير الزوج والزوجة ـ سواء كان النظر مباشرة أم من وراء الزجاج أو في المرآة أو في الماء الصافي ونحو ذلك ، نعم حرمة النظر الى عورة الكافر المماثل في الجنس والصبي المميز تبتني على الاحتياط اللزومي.
( مسألة 1038 ) : يجوز لكل من الرجل والمراة ان ينظر الى بدن محارمه ـ ما عدا العورة منه ـ من دون تلذذ ، وأما النظر مع التلذذ فلا فرق في حرمته بين المحارم وغيرهم ، والمقصود بالمحارم كل من يحرم عليه نكاحه مؤبداً لنسب أو رضاع أو مصاهرة دون المحرم بغيرها كالزنا واللواط واللعان.
( مسألة 1039 ) : لا يجوز لكل من الرجل والمرأة النظر الى مماثله بقصد التلذذ الشهوي.
( مسألة 1040 ) : الأحوط لزوماً ترك النظر الى صورة المرأة الاجنبية غير المبتذلة اذا كان الناظر يعرفها ، ويستثنى من ذلك الوجه والكفان فيجوز النظر اليهما في الصورة من دون تلذذ شهوي وعدم خوف الوقوع في الحرام.
( مسألة 1041 ) : اذا دعت الحاجة الى ان يحقن الرجل رجلاً أو امرأة غير زوجته أو أن يغسل عورتهما لزمه التحفظ مع الامكان من لمس العورة بيده أو النظر اليها ، وكذلك المرأة بالنسبة الى المرأة أو الرجل غير زوجها.
( مسألة 1042 ) : اذا اضطرت المرأة الى العلاج من مرض وكان الرجل الاجنبي ارفق بعلاجها جاز له النظر الى بدنها ومسه بيده اذا توقف عليهما معالجتها ، ومع امكان الاكتفاء باحدهما ـ النظر والمس ـ لا يجوز الآخر ، فلو تمكن من المعالجة بالنظر فقط لا يجوز له المس وكذلك العكس.
( مسألة 1043 ) : لو اضطر الطبيب في معالجة المريض غير زوجته الى النظر الى عورته فالأحوط لزوماً ان لا ينظر اليها مباشرة بل في المرآة
وشبهها ، الا اذا اقتضى ذلك النظر لفترة اطول أو لم تتيسر المعالجة بغير النظر مباشرة.
( مسألة 1044 ) : يجب الزواج على من لا يستطيع التمالك على نفسه عن الوقوع في الحرام ـ كالاستمناء ـ بسبب عدم زواجه.
( مسألة 1045 ) : لا يجوز الخلوة بالمرأة الاجنبية مع عدم الامن من الفساد وان تيسر دخول الغير عليهما ، ولا بأس بها مع الامن منه تماماً.
( مسألة 1046 ) : لو تزوج امرأة على مهر معين وكان من نيته ان لا يدفعه اليها صح العقد ووجب عليه دفع المهر.
( مسألة 1047 ) : المرتد وهو من خرج عن الاسلام واختار الكفر على قسمين: فطري وملي ، والفطري من ولد على اسلام ابويه أو احدهما واختار الاسلام بعد ان وصل الى حد التمييز ثم كفر ، ويقابله الملي.
( مسألة 1048 ) : لو ارتد الزوج عن ملة أو ارتدت الزوجة عن ملة أو فطرة بطل النكاح ، فان كان الارتداد قبل الدخول بها أو كانت الزوجة يائسة أو صغيرة لم تكن عليها عدة ، واما اذا كان الارتداد بعد الدخول وكانت المرأة في سن من تحيض وجب عليها ان تعتد عدة الطلاق واذا رجع عن ارتداده الى الاسلام قبل انقضاء العدة بقي الزواج على حاله. ويأتي مقدار عدة الطلاق في بابه.
( مسألة 1049 ) : اذا ارتد الزوج عن فطرة حرمت عليه زوجته ووجب عليها ان تعتد عدة الوفاة وثبوت العدة حينئذ على غير المدخول بها واليائسة والصغيرة مبني على الاحتياط اللزومي ، وان رجع عن ارتداده في اثناء العدة فالاحوط وجوباً عدم ترتيب آثار الفرقة ولا الزوجية الا بعد الطلاق أو تجديد العقد ، ويأتي مقدار عدة الوفاة في باب الطلاق.
( مسألة 1050 ) : اذا اشترطت المرأة في عقدها ان لا يخرجها الزوج من
بلدها مثلاً وقبل ذلك زوجها لم يجز له اخراجها منه بغير رضاها.
( مسألة 1051 ) : اذا كانت لزوجة الرجل بنت من غيره جاز له ان يزوجها من ابنه من زوجة غيرها وكذلك العكس.
( مسألة 1052 ) : اذا حملت المرأة من السفاح لم يجز لها ان تسقط جنينها.
( مسألة 1053 ) : لو زنا بامرأة ليست بذات بعل ولا في عدة الغير ثم تزوج بها فولدت ولم يعلم ان الولد من الحلال أو الحرام فهو يلحق بهما شرعاً ويحكم عليه بأنه من الحلال.
( مسألة 1054 ) : لو تزوج بامرأة جاهلاً بكونها في العدة بطل العقد ، وان كان قد دخل بها في عدتها تحرم عليه مؤبداً كما مر ، وان ولدت بعد ذلك فان امكن لحوق الولد به دون الزوج الاول أُلحِق به وكذلك العكس ، وان امكن لحوقه بكلٍّ منهما ـ كما لو مضى من وطء كل منهما ستة اشهر فاكثر ولم يتجاوز اقصى مدة الحمل ـ اقرع بينهما ان لم يمكن رفع الاشتباه بالرجوع الى طريقة علمية بينة لا تتخللها الاجتهادات الشخصية كما يدعى ذلك بشان بعض الفحوصات الحديثة.
هذا في لحوق الولد بابيه ، واما لحوقه بامه فان كانت المراة جاهلة بكونها في العدة أو بحرمة التزويج فيها لحق الولد بها ، وإن كانت عالمة بذلك لم يلحق بها شرعاً فإنها زانية حينئذٍ.
( مسألة 1055 ) : لو ادعت المرأة انها يائسة لم تسمع دعواها ولو ادعت انها خلية من الزوج صدقت الا اذا كانت متهمة في دعواها فان الاحوط لزوماً عدم الزواج منها الا بعد الفحص عن حالها.
( مسألة 1056 ) : لو تزوج بامرأة ادعت انها خلية وادعى ـ بعد ذلك ـ مدع انها زوجته لم تسمع دعواه الا بالبينة ، فان اقامها حكم له بها والاّ فليس له طلب توجيه اليمين اليهما.
( مسألة 1057 ) : حضانة الولد وتربيته وما يتعلق بها من مصلحة حفظه ورعايته تكون في مدة الرضاع ـ اعني حولين كاملين ـ من حق ابويه بالسوية ، فلايجوز للاب ان يفصله عن أُمه خلال هذه المدة وان كان انثى والاحوط الاولى عدم فصله عنها حتى يبلغ سبع سنين وان كان ذكراً.
واذا افترق الابوان بطلاق ونحوه قبل أن يبلغ الولد السنتين لم يسقط حق الام في حضانته ما لم تتزوج من غيره ، فلا بد من توافقهما على حضانته بالتناوب ونحوه.
( مسألة 1058 ) : ينبغي ان لا يردّ الخاطب اذا كان ممن يرضى خلقه ودينه فعن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : اذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير.
( مسألة 1059 ) : إذا صالحت المرأة زوجها على أن لا يتزوج عليها ويكون له مهرها صحت المصالحة ووجب على زوجها أن لا يتزوج عليها كما ليس لها أن تطالب زوجها بالمهر.
( مسألة 1060 ) : المتولد من ولد الزنى اذا لم يكن الحمل به بالزنى فهو ولد حلال.
( مسألة 1061 ) : اذا جامع زوجته حراماً كما في نهار شهر رمضان أو في حيضها ارتكب معصية الا انها اذا حملت فولدت يعتبر الولد ولداً شرعياً لهما.
( مسألة 1062 ) : اذا تيقنت زوجة الغائب بموت زوجها فتزوجت بعد ما اعتدت عدة الوفاة ثم علمت بحياة زوجها الاول انفصلت عن زوجها الثاني بغير طلاق ، وهي محللة لزوجها الاول ، ثم أن الثاني ان كان دخل بها لزمه مهر مثلها ويجب عليها الاعتداد من وطئها شبهة فلا يجوز لزوجها الاول مقاربتها أيام عدتها واما سائر الاستمتاعات فيجوز لَهُ ، ولا تجب على الواطىء نفقتها في مدة العدة وانما هي على زوجها.
الرضاع » أحكام الرضاع
اذا أرضعت امرأة ولداً لغيرها اوجب ذلك حرمة النكاح بين عدد من الذكور والاناث ، وتفصيل ذلك في المسائل الاتية:
( مسألة 1063 ) : تحرم على المرتضع عدة من النساء:
(1) المرضعة لانها امه من الرضاعة ، كما ان صاحب اللبن ابوه.
(2) ام المرضعة وان علت نسبية كانت أم رضاعية لانها جدته.
(3) بنات المرضعة ولادة لانهن أخواته ، واما بنات المرضعة رضاعاً اذا ارتضعن بلبن رجل آخر فلا يحرمن على هذا المرتضع.
(4) البنات النسبيات والرضاعيات من اولاد المرضعة ولادة ذكوراً واناثاً لان المرتضع اما ان يكون عمهن أو خالهن من الرضاعة.
(5) اخوات المرضعة وان كن رضاعيات ، لانهن خالات المرتضع.
(6) عمات المرضعةُ وخالاتها وعمات آبائها وامهاتها نسبيات كنّ أم رضاعيات ، فانهن عمات المرتضع وخالاته من الرضاعة.
(7) بنات صاحب اللبن النسبيات والرضاعيات بلا واسطة أو مع الواسطة لان المرتضع اما ان يكون اخاهن أو عمهن أو خالهن من الرضاعة.
(8)امهات صاحب اللبن النسبيات والرضاعيات لانهن جدات المرتضع من الرضاعة.
(9) اخوات صاحب اللبن النسبيات والرضاعيات لانهن عمات المرتضع.
(10) عمات صاحب اللبن وخالاته وعمات وخالات آبائه وامهاته النسبيات والرضاعيات لانهن عمات المرتضع وخالاته من الرضاعة.
(11) حلائل صاحب اللبن لانهن حلائل أبيه.
(مسألة 1064 ) : تحرم المرتضعة على عدة من الرجال:
(1) صاحب اللبن لانه ابوها من الرضاعة ، والمقصود به الاب الشرعي للولد الذي در اللبن بولادته.
(2) آباء صاحب اللبن والمرضعة من النسب أو الرضاع لانهم اجدادها من الرضاعة.
(3) اولاد صاحب اللبن من النسب أو الرضاع وان نزلوا لانها تكون اختهم أو عمتهم أو خالتهم وكذلك اولاد المرضعة ولادة واولادهم نسباً أو رضاعاً ، واما اولاد المرضعة رضاعاً فان لم يكونوا اولاداً لصاحب اللبن نسباً او رضاعاً لم يحرموا عليها.
(4) اخوة صاحب اللبن من النسب او الرضاع لانهم اعمامها من الرضاعة.
(5) اعمام صاحب اللبن واخواله واعمام آبائه وامهاته من النسب والرضاع لانهم اما ان يكونوا اعمامها أو اخوالها.
( مسألة 1065 ) : تحرم بنات المرتضع ـ أو المرتضعة ـ النسبيات والرضاعيات وان نزلت على آبائه واخوته واعمامه واخواله من الرضاعة.
( مسألة 1066 ) : تحرم على ابناء المرتضع أو المرتضعة امهاته واخواته وخالاته وعماته من الرضاعة.
( مسألة 1067 ) : لا يجوز ان يتزوج ابو المرتضع أو المرتضعة بنات المرضعة النسبيات وان نزلن ، والاولى ان لا يتزوج بناتها الرضاعيات وان كان يحرم عليه ان ينظر منهن الى ما لا يحل النظر اليه لغير المحارم.
( مسألة 1068 ) : لا يجوز ـ على الاحوط ـ ان يتزوج ابو المرتضع أو المرتضعة بنات صاحب اللبن النسبيات والرضاعيات.
( مسألة 1069 ) : لا تحرم اخوات المرتضع والمرتضعة على صاحب اللبن ولا على آبائه وأبنائه واعمامه واخوانه ، وان كان الأولى ان لا يتزوج صاحب اللبن بهن.
( مسألة 1070 ) : لا تحرم المرضعة وبناتها وسائر اقاربها من النساء على اخوة المرتضع والمرتضعة ، كما لا تحرم عليهم بنات صاحب اللبن وسائر اقاربه من النساء.
( مسألة 1071 ) : اذا تزوج امرأة ودخل بها حرمت عليه بنتها الرضاعية ، كما تحرم عليه بنتها النسبية ، واذا تزوج امراة حرمت عليه امها الرضاعية وان لم يكن دخل بها كما تحرم عليه امها النسبية.
( مسألة 1072 ) : لا فرق في نشر الحرمة بالرضاع بين ما إذا كان الرضاع سابقاً على العقد وما اذا كان لاحقاً له مثلاً: اذا زوّج الولي صغيراً من صغيرة فارضعتها ام الصغير أو زوجة ابيه او جدته صاحب اللبن بطل العقد وحرمت الصغيرة عليه لانها تكون اخته أو عمته أو خالته.
( مسألة 1073 ) : اذا ارضعت المرأة طفلاً لزوج بنتها سواء أكان الطفل من بنتها أم من ضرتها بطل عقد البنت وحرمت على زوجها مؤبداً لانه يحرم على أبي المرتضع بنات المرضعة النسبيات كما مر ، واما اذا ارضعت المرأة طفلاً لابنها لم يبطل عقد الابن على زوجته ولم تحرم عليه نعم يترتب عليه سائر الاثار كحرمة المرتضع او المرتضعة على اولاد عمه وعمته لصيرورته عمّا او عمة لاولاد عمه وخالاً أو خالة لاولاد عمته.
( مسألة 1074 ) : اذا ارضعت زوجة الرجل بلبنه طفلاً لزوج بنته سواء أكان الطفل من بنته أم من ضرتها بطل عقد البنت وحرمت على زوجها مؤبداً بناءاً على انه يحرم على أبي المرتضع بنات صاحب اللبن وقد مر في المسألة 1064. انه مبني على الاحتياط ومقتضاه الانفصال عنها مع الطلاق.
( مسألة 1075 ) : ليس للرضاع اثر في التحريم ما لم تتوفر فيه شروط ثمانية وهي:
(1) حياة المرضعة ، فلو كانت المرأة ميتة حال ارتضاع الطفل منها الرضعات كلها أو بعضها لم يكن لهذا الرضاع أثر.
(2) حصول اللبن للمرضعة من ولادة شرعية وان كانت بوطء شبهة ، فلو درّ اللبن من المرأة من دون ولادة أو ولدت من الزنا فأرضعت بلبنها منه طفلاً لم يكن لارضاعها أثر.
(3) الارتضاع بالامتصاص من الثدي ، فاذا القي اللبن في فم الطفل أو شرب اللبن المحلوب من المرأة ونحو ذلك لم يكن له أثر.
(4) خلوص اللبن ، فالممزوج في فم الطفل بشيء آخر مائع أو جامد كاللبن والسكر لا أثر له.
(5) كون اللبن الذي يرتضعه الطفل منتسباً بتمامه الى رجل واحد ، فلو طلق الرجل زوجته وهي حامل أو بعد ولادتها منه فتزوجت شخصاً آخر وحملت منه وقبل ان تضعٍ حملها ارضعت طفلاً بلبن ولادتها السابقة من زوجها الاول ثمان رضعات مثلاً واكملت بعد وضعها لحملها بلبن ولادتها الثانية من زوجها الأخير بسبع رضعات لم يكن هذا الرضاع مؤثراً ، ويعتبر أيضاً وحدة المرضعة فلو كان لرجل واحد زوجتان ولدتا منه فارتضع الطفل من احداهما سبع رضعات ومن الاخرى ثمان رضعات ـ مثلاً ـ لم يكن لرضاعه أثر.
(6) تعذي الطفل بالحليب فلو ارتضع ثم قاء الحليب لمرض أو نحوه لم يترتب اثر على تلك الرضعة.
(7) بلوغ الرضاع حدّ انبات اللحم وشدّ العظم ، ويكتفي مع الشك في حصوله برضاع يوم وليلة (24 ساعة) أو بما بلغ خمس عشرة رضعه ، واما مع القطع بعدم حصوله وتحقق احد التقديرين ـ الزماني والكمي ـ فلا يترك مراعاة مقتضى الأحتياط.
ويلاحظ في التقدير الزماني ـ أي اليوم والليلة ـ ان يكون ما يرتضعه الطفل من المرضعة هو غذاؤه الوحيد طيلة تلك المدة بحيث يرتضع منها متى احتاج اليه أو رغب فيه ، فلو منع منه في بعض المدة أو تناول طعاماً آخر أو لبناً من مرضعة اخرى لم يؤثر ، نعم لا بأس بتناول الماء أو الدواء أو الشيء اليسير من الاكل بدرجة لا يصدق عليه الغذاء عرفاً ، والأحوط وجوباً اعتبار ان يكون الطفل في اول المدة جائعاً ـ ليرتضع كاملاً ـ وفي آخرها روّياً.
كما يلاحظ في التقدير الكمي ـ أي الخمس عشرة رضعة ـ توالي الرضعات بان لا يفصل بينها رضاع من امرأة اخرى ولا يضر تخلل غير الرضاع وان تغذى به بشرط ان يرتضع بعده جائعاً فيرتوي من اللبن فقط ، ويلاحظ فيه أيضاً ان تكون كل واحدة منها رضعة كاملة بان يكون الصبي جائعاً فيرتضع حتى يرتوي ، فلا تندرج الرضعة الناقصة في العدد ولا تعتبر الرضعات الناقصة المتعددة بمثابة رضعة كاملة ، نعم إذا التقم الصبي الثدي ثم رفضه لا بقصد الاعراض عنه ، بل لغرض التنفس أو الانتقال من ثدي الى آخر ونحوهما ثم عاد اليه اعتبر عوده استمراراً للرضعة وكان الكل رضعة واحدة كاملة.
(8) عدم تجاوز الرضيع للحولين ، فلو رضع أو أكمل الرضاع بعد ذلك لم يؤثر شيئاً ، واما المرضعة فلا يلزم في تأثير ارضاعها ان يكون دون الحولين من ولادتها.
( مسألة 1076 ) : يعتبر في تحقق الاخوة الرضاعية بين مرتضعين اتحاد صاحب اللبن فاذا ارضعت امرأة صبياً رضاعاً كاملاً ، ثم طلقها زوجها وتزوجت من آخر وولدت منه وتجدد لديها اللبن ـ لاجل ذلك ـ فارضعت به صبية رضاعاً كاملاً لم تحرم هذه الصبية على ذلك الصبي ولا اولاد احدهما على اولاد الآخر لاختلاف اللبنين من ناحية تعدد الزوج ، واما إذا ولدت المرأة مرتين لزوج واحد وارضعت في كل مرة واحداً منهما اصبح الطفلان أخوين وحرم احدهما على الآخر كما يحرم الرضيع على المرضعة والرضيعة على زوجها ، وكذلك الحال إذا كان للرجل زوجتان ولدتا منه وارضعت كل منهما واحداً منهما ، فان احد الطفلين يحرم على الاخر كما يحرمان على المرضعتين وزوجهما ، فالمناط ـ اذن ـ في حرمة احد الطفلين على الآخر بالرضاعة وحدة الرجل المنتسب اليه اللبن الذي ارتضعا منه ، سواء اتحدت المرضعة أم تعددت ، نعم يعتبر ان يكون تمام الرضاع المحرم من امرأة واحدة كما تقدم.
( مسألة 1077 ) : إذا حرم احد الطفلين على الآخر بسبب ارتضاعهما من لبن منتسب الى رجل واحد لم يؤد ذلك الى حرمة اخوة احدهما على اخوات الاخر ، ولا الى حرمة الاخوة على المرضعة.
( مسألة 1078 ) : لا يجوز الزواج ببنت أخي الزوجة وبنت اختها من الرضاعة الا برضاها ، كما لا يجوز الزواج بهما من النسب الا برضاها فان الرضاع بمنزلة النسب ، وكذلك الاخت الرضاعية بمنزلة الاخت النسبية فلا يجوز الجمع بين الاختين الرضاعيتين كما لا يجوز الجمع بين الاختين النسبيتين ، ويحرم على من ارتكب فاحشة اللواط بنت الملوط وامه واخته الرضاعيات كما هو الحال في النسبيات على التفصيل المتقدم من المسألة (1006).
( مسألة 1079 ) : لا تحرم المرأة على زوجها فيما إذا ارضعت بلبنه من اقربائها اخاها أو اولاد اخيها ، أو اختها أو اولاد اختها ، أو عمها أو خالها أو اولادهما أو عمتها أو خالتها أو اولادهما أو ابن ابنها ، وكذلك لا تحرم المرأة على زوجها فيما إذا ارضعت بلبنه من اقربائه اخاه أو اخته أو عمه أو عمته أو خاله أو خالته أو ولد بنته من زوجته الاخرى أو ولد اخته.
( مسألة 1080 ) : لا تحرم على الرجل امرأة أرضعت طفل عمته أو طفل خالته وان كان الأحوط الاولى ترك الزواج منها ، كما لا تحرم عليه زوجته إذا ارتضع ابن عمها من زوجة اخرى له.
( مسألة 1081 ) : لا توارث في الرضاع فيما يتوارث به من النسب.
الرضاع » الرضاع وآدابه
( مسألة 1082 ) : الام أحق بارضاع ولدها من غيرها ، فليس للاب تعيين غيرها لارضاع الولد ، الا إذا طالبت باجرة وكانت غيرها تقبل الارضاع باجرة أقل أو بدون اجرة فان للاب حينئذٍ ان يسترضع له اخرى ، وان كان الأفضل ان لا يفعل ذلك ويتركه مع امه لانها خير له وارفق به كما ورد في الخبر.
( مسألة 1083 ) : ينبغي ان يختار لرضاع الولد المرضعة المسلمة العاقلة ذات الصفات الحميدة خَلقاً وخُلقاً ففي الخبر عن علي ( عليه السلام ) : ( انظروا من يرضع اولادكم فان الولد يشب عليه ) ولا ينبغي ان تسترضع الكافرة والحمقاء والعشماء وقبيحة الوجه ، كما يكره استرضاع الزانية من اللبن الحاصل من الزنا أو المرأة المتولدة من الزنا.
( مسألة 1084 ) : يحسن إرضاع الولد واحداً وعشرين شهراً ولا ينبغي ارضاعه أقل من ذلك ، كما لا ينبغي ارضاعه فوق حولين كاملين ، ولو اتفق ابواه على فطامه قبل ذلك كان حسناً.
الرضاع » مسائل متفرقة في الرضاع
( مسألة 1085 ) : الأولى امتناع النساء من الاسترسال في ارضاع الاطفال حذراً من نسيانهن وحصول الزواج المحرم بلا التفات الى العلاقة الرضاعية.
( مسألة 1086 ) : لا يجوز للزوجة ارضاع ولد الغير إذا زاحم ذلك حق زوجها الا أن يأذن لها في ذلك.
( مسألة 1087 ) : ذكر بعض الفقهاء ( رضوان الله عليهم ) انه يمكن لاحد الاخوين ان يجعل نفسه محرماً على زوجة الاخر عن طريق الرضاع ، وذلك بان يتزوج طفلة ثم ترضع من زوجة اخيه لتصير المرضعة أم زوجته ، وبذلك تندرج في محارمه فيجوز له النظر اليها فيما يجوز النظر الى المحارم ، ولا يجب عليها التستر عنه مثلما يلزمها التستر عن الاجنبي ولكن هذا محل اشكال الا اذا كان الرضاع بلبن رجل آخر غير الاخ فانه يحقق الغرض المذكور كما لو كان للمرأة زوج سابق قد ارضعت صبية بلبنه فتزوجها اخو زوجها الثاني فانه تحرم عليه المرضعة اى زوجة الاخ لانها تصبح أم زوجته من الرضاعة.
( مسألة 1088 ) : إذا اعترف الرجل بحرمة امرأة اجنبية عليه بسبب الرضاع وامكن صدقه لم يسعه ان يتزوجها ، وإذا ادعى حرمة المراة عليه ـ بعد أن عقد عليها ـ وصدقته المرأة حكم ببطلان العقد وثبت لها مهر المثل إذا كان قد دخل بها ولم تكن عالمة بالحرمة وقتئذٍ ، واما إذا لم يكن قد دخل بها أو كان قد دخل بها مع علمها بالحرمة فلا مهر لها ، ونظير اعتراف الرجل بحرمة المرأة اعتراف المرأة بحرمة رجل عليها قبل العقد أو بعده
فيجري فيه التفصيل الانف الذكر.
( مسألة 1089 ) : يثبت الرضاع المحرم بأمرين:
(الاول): اخبار شخص أو أكثر يوجب العلم أو الاطمينان بوقوعه.
(الثاني): شهادة عدلين على وقوع الرضاع المحرم بالتفصيل المتقدم كأن يشهدا على خمس عشرة رضعة متوالية ونحو ذلك ، وفي ثبوته بشهادة رجل مع امراتين أو نساء اربع اشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في مثله.
( مسألة 1090 ) : إذا لم يعلم بوقوع الرضاع أو كماله حكم بعدمه ، وان كان الأحتياط مع الظن بوقوعه كاملاً ـ بل مع احتماله ـ حسناً.
الطلاق » احكام الطلاق
( مسألة 1091 ) : يُشترط في المطلق اُمور:
(1) البلوغ ، فلا يصح طلاق الصبي المميز ان لم يبلغ عشر سنين ، واما طلاق من بلغها فلا يترك مقتضى الاحتياط فيه.
(2) العقل ، فلا يصح طلاق المجنون وان كان جنونه ادوارياً اذا كان الطلاق في دور جنونه.
(3) الاختيار ، فلا يصح طلاق المكره ومَن بحكمه وان تعقبه الرضا.
(4) قصد الفراق حقيقة بالصيغة ، فلا يصح الطلاق إذا صدرت الصيغة من السكران ونحوه ممن ليس له قصد معتد به ، كما لا تصح لو تلفظ بها في حالة النوم ، أو هزلاً ،أو سهواً ، أو نحو ذلك.
( مسألة 1092 ) : اذا طلق ثم ادعى عدم القصد فيه أو الاكراه عليه فان صدقته المرأة فهو والا لم يسمع منه.
( مسألة 1093 ) : لا يجوز الطلاق ما لم تكن المطلقة طاهرة من الحيض والنفاس ، وتستثنى من ذلك موارد:
(الاول): ان لا يكون الزوج قد دخل بزوجته.
(الثاني): ان تكون الزوجة مستبينة الحمل ، فان لم يستبن حملها وطلقها زوجها ـ وهي حائض ـ ثم علم انها كانت حاملاً ـ وقتئذٍ ـ بطل طلاقها وان كان الاولى رعاية الاحتياط في ذلك ولو بتطليقها ثانياً.
(الثالث): ان يكون الزوج غائباً أو نحوه ، والمناط انفصاله عن زوجته بحيث لا يعلم حالها من حيث الطهر والحيض ، فانه يصح منه طلاقها حينئذٍ وان صادف أيام حيضها ، ولكن مع توفر شرطين: (احدهما) ان لا يتيسر له استعلام حالها ولو من جهة الاطمينان الحاصل من العلم بعادتها الوقتية أو بغيره من الامارات الشرعية (ثانيهما) ان تمضي على انفصاله عنها مدة شهر واحد على الأحوط وجوباً واحوط منه مضي ثلاثة أشهر ، ولو طلقها ولم يتوفر الشرطان وصادف أيام حيضها لم يحكم بصحة الطلاق.
وإذا انفصل الزوج عن زوجته وهي حائض لم يجز له طلاقها الا بعد مضي مدة يقطع بانقطاع ذلك الحيض وعدم طرو حيض آخر ، ولو طلقها بعد ذلك في زمان لم يعلم بكونها حائضاً صح طلاقها بالشرطين المتقدمين.
وإذا طلق الزوج زوجته في غير هذه الصور الثلاث ـ وهي حائض ـ لم يجز الطلاق ، وان طلقها باعتقاد انها حائض فبانت طاهرة صح الطلاق.
( مسألة 1094 ) : كما لا يجوز طلاق المرأة في الحيض والنفاس كذلك لا يجوز طلاقها في طهر قاربها فيه ولو بغير انزال ، فلو قاربها في طهر او قبل طهرها لزمه الانتظار حتى تحيض وتطهر ثم يطلقها بدون مواقعة ، ويستثنى من ذلك الصغيرة واليائسة فانه يجوز طلاقهما في طهر المواقعة ، وكذلك الحامل المستبين حملها ، ولو طلقها قبل ذلك ثم ظهر انها كانت حاملاً بطل طلاقها وان كان الأولى رعاية الاحتياط في ذلك ولو بتطليقها ثانياً ، وأما المسترابة التي لا تحيض ومثلها تحيض فلا يجوز طلاقها إذا واقعها الزوج إلا بعد ان يعتزل عنها ثلاثة أشهر.
وإذا انفصل الزوج عن زوجته في طهر واقعها فيه لم يجز له طلاقها ما دام يعلم بعدم انتقالها من ذلك الطهر الى طهر آخر ، واما مع الشك فيجوز له طلاقها بالشرطين المتقدمين في المسألة السابقة وان انكشف وقوعه في طهر المواقعة.
( مسألة 1095 ) : لا يقع الطلاق إلاّ بالصيغة الخاصة الدالة على تعيين المطلقة والمشتملة على لفظ ( طالق ) كان يقول الزوج مثلاً ( زوجتي فلانه طالق ) او يخاطب زوجته ويقول ( انت طالق ) أو يقول وكيله ( زوجة موكلي فلانة طالق ) وإذا كانت الزوجة معينة لم يلزم ذكر اسمها ، ولا يقع الطلاق بما يرادف الصيغة المذكورة من سائر اللغات مع القدرة على ايقاعه بتلك الصيغة ، واما مع العجز عنه وعدم تيسر التوكيل أيضاً فيجزي ايقاعه بما يرادفها باي لغة كانت ، ويشترط في صحة الطلاق ايقاعه بمحضر عدلين ذكرين مجتمعين يسمعان الانشاء.
( مسألة 1096 ) : لا يصح طلاق المستمتع بها ، بل فراقها يتحقق بانقضاء المدة أو بذله لها ، بان يقول الرجل : ( وهبتك مدة المتعة ) ولا يعتبر في صحة البذل الاشهاد ، ولا خلوها من الحيض والنفاس.
الطلاق » عدة الطلاق
( مسألة 1097 ) : لا عدة على الصغيرة التي لم تكمل التسع وان دخل بها زوجها ، وكذلك اليائسة ـ وهي التي بلغت خمسين سنة قمرية وقد انقطع عنها الدم ولا يرجى عوده لكبر السن ـ ، فيسمح لهما بالزواج بمجرد الطلاق ، وكذلك من لم يدخل بها زوجها وان كانت بالغة الا إذا دخل ماؤه
في فرجها بجذب أو نحوه فان عليها العدة منه.
( مسألة 1098 ) : إذا طلق الرجل زوجته المدخول بها ومن بحكمها ـ غير الصغيرة واليائسة ـ وجبت عليها العدة ، وعدة غير الحامل ـ التي يكون الطهر الفاصل بين حيضتين منها اقل من ثلاثة أَشهر ـ ثلاثة اطهار ، ويحسب الطهر الفاصل بين الطلاق وحيضها ولو كان لحظة طهراً واحداً ، فتنقضي عدتها برؤية الدم الثالث.
( مسألة 1099 ) : المطلقة الحامل عدتها مدة حملها ، فتنقضي بوضع الحمل تاماً أو سقطاً ـ حتى العلقة ـ ولو كان بعد الطلاق بساعة ، ولكن يعتبر في ذلك الحاق الولد بذي العدة ، فلو لم يلحق به كما لو حملت من الزنا لم يكن وضعه موجباً للخروج عن العدة منه ، بل تكون عدتها بالاقراء أو الشهور.
( مسألة 1100 ) : إذا حملت باثنين فانقضاء عدتها بوضع الاخير منهما.
( مسألة 1101 ) : المطلقة غير الحامل إذا كانت مسترابة وهي التي لا تحيض مع كونها في سن من تحيض ولو لانقطاع حيضها لمرض أو رضاع أو استعمال دواء ونحو ذلك عدتها ثلاثة اشهر ومثلها من يكون الطهر الفاصل بين حيضتين منها ثلاثة اشهر او ازيد ، فإذا طلقها في أول الشهر اعتدت الى ثلاثة اشهر هلالية ، وإذا طلقها في اثناء الشهر اعتدت بقية شهرها وشهرين هلاليين آخرين ومقداراً من الشهر الرابع تكمل به نقص الشهر الاول ثلاثين يوماً على الأحوط ، فمن طلقت في غروب اليوم العشرين من شهر رجب ـ مثلاً ـ وكان الشهر تسعة وعشرين يوماً وجب عليها ان تعتد الى اليوم الحادي والعشرين من شوال ليكتمل بضمه الى أيام
العدة من رجب ثلاثون يوماً.
( مسألة 1102 ) : عدة المتمتع بها إذا كانت بالغة مدخولاً بها غير يائسة حيضتان كاملتان ولا تكفي حيضة واحدة على الأحوط لزوماً ، واما من لا تحيض لمرض او رضاع ونحوه فعدتها خمسة واربعون يوماً ، وعدة الحامل المتمتع بها وضع حملها.
(مسألة 1103 ) : ابتداء عدة الطلاق من حين وقوعه ، فلو طلقت المرأة ـ وهي لا تعلم به ـ فعلمت به والعدة قد انقضت جاز لها الزواج دون ان تنتظر مضي زمان ما ، وإذا علمت بالطلاق ـ اثناء العدة ـ اكملتها ، ومثلها المتمتع بها فان ابتداء عدتها من حين انقضاء المدة او هبتها وان لم تعلم بهما.
( مسألة 1104 ) : إذا توفي الزوج وجبت على زوجته العدة مهما كان عمر الزوجة فتعتد الصغيرة والبالغة واليائسة على السواء من دون فرق بين الزوجة المنقطعة والدائمة والمدخول بها وغيرها ، ويختلف مقدار العدة تبعاً لوجود الحمل وعدمه ، فإذا لم تكن الزوجة حاملاً اعتدت اربعة اشهر وعشرة أيام ، وإذا كانت حاملاً كانت عدتها ابعد الأجلين من هذه المدة ووضع الحمل فتستمر الحامل في عدتها الى ان تضع ثم ترى ، فان كان قد مضى على وفاة زوجها ـ حين الوضع ـ أربعة اشهر وعشرة أيام فقد انتهت عدتها ، والا استمرت في عدتها الى ان تكمل هذه المدة ، ومبدأ عدة الوفاة ـ فيما اذا لم يبلغها خبر وفاته الا بعد مدة لسفر او مرض أو حبس او غير ذلك ـ من حين بلوغ خبر الموت الى الزوجة دون زمان الوفاة واقعاً على اشكال في المجنونة والصغيرة فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيهما.
( مسألة 1105 ) : كما يجب على الزوجة ان تعتد عند وفاة زوجها ، كذلك يجب عليها إذا كانت بالغة عاقلة الحداد بترك ما يُعدّ زينة لها سواء في البدن او الثياب ، فيحرم عليها لبس الاحمر والاصفر ونحوهما واستخدام الحلي والتزين بالكحل والطيب والخضاب وما الى ذلك مما يعد زينة الزوجات بحسب العرف الاجتماعي الذي تعيشه المرأة.
( مسألة 1106 ) : إذا غاب الزوج عن زوجته ، وبعد ذلك تأكدت الزوجة لقرائن خاصة من موت زوجها في غيبته ، كان لها ان تتزوج بآخر بعد انتهاء عدتها ، فلو تزوجت شخصاً آخر ودخل بها ثم ظهر ان زوجها الاول مات بعد زواجها من الثاني وجب عليها الانفصال من زوجها الثاني والاعتداد منه عدة وطء الشبهة (وهي تماثل عدة الطلاق) ومن الاول عدة الوفاة ، ولا تتداخل العدتان على الاحوط وجوباً وعليه فإذا كانت حاملاً اعتدت منه عدة وطء الشبهة الى ان تضع حملها ثم تعتد أربعة اشهر وعشراً عدة الوفاة لزوجها الاول ، واما إذا لم تكن حاملاً فتعتد اولاً عدة الوفاة للزوج الاول ثم تعتد عدة وطء الشبهة للثاني.
( مسألة 1107 ) : إذا ادعت المرأة انقضاء عدتها قبلت دعواها ويجوز الزواج بها ما لم تكن متهمة على الأحوط لزوماً كان تكون دعواها مخالفة للعادة الجارية بين النساء كما لو ادعت انها حاضت في شهر واحد ثلاث مرات فانها لا تصدق الا إذا شهدت النساء من بطانتها بان عادتها كانت فيما مضى كذلك.
الطلاق » الطلاق البائن والرجعي
( مسألة 1108 ) : الطلاق البائن ما ليس للزوج بعده الرجوع الى الزوجة إلاّ بعقد جديد وهو ستة:
(1) طلاق الصغيرة التي لم تبلغ التسع.
(2) طلاق اليائسة.
(3) الطلاق قبل الدخول.
(4) الطلاق الذي سبقه طلاقان إذا وقع منه رجوعان ـ أو ما بحكمهما ـ في البين دون ما لو وقعت الثلاثة متوالية.
(5) طلاق الخلع والمباراة مع عدم رجوع الزوجة فيما بذلت وإلا كانت له الرجعة كما سيأتي .
(6) طلاق الحاكم زوجة الممتنع عن الطلاق وعن الانفاق عليها ، وستمر عليك احكام تلك الاقسام ، واما غير الاقسام المذكورة فهو طلاق رجعي وهو الذي يحق للمطلق بعده ان يراجع المطلقة ما دامت في العدة.
( مسألة 1109 ) : تثبت النفقة والسكنى لذات العدة الرجعية في العدة ويجب عليها ان تمكنه من نفسها في الاستمتاعات التي يستحقها الزوج ويستحب لها التزين له ويحرم عليها ان تخرج من دارها بدون اذنه الا في حاجة لازمة ، كما يحرم عليه اخراجها من دار سكناها عند الطلاق الا ان تأتي بفاحشة مبينة وابرزها الزناء.
الطلاق » الرجعة وحكمها
( مسألة 1110 ) : الرجعة عبارة عن ( رد المطلقة الرجعية في زمان عدتها الى نكاحها السابق ) فلا رجعة في البائنة ولا في الرجعية بعد انقضاء عدتها ، وتتحقق الرجعة بأحد أمرين:
(الاول) ان يتكلم بكلام دال على انشاء الرجوع كقوله: (راجعتك) ونحوه.
(الثاني) ان يأتي بفعل يقصد به الرجوع اليها ، فلا يتحقق بالفعل الخالي عن قصد الرجوع حتى مثل النظر بشهوة ، نعم في تحققه باللمس والتقبيل بشهوة من دون قصد الرجوع اشكال فلا يترك مراعاة الاحتياط بتجديد العقد أو الطلاق ، واما الوطء فالظاهر تحقق الرجوع به مطلقاً وان لم يقصد به ذلك.
( مسألة 1111 ) : لا يعتبر الاشهاد في الرجعة وان كان افضل ، كما لا يعتبر فيها اطلاع الزوجة عليها ، وعليه فلو رجع بها عند نفسه من دون اطلاع احد صحت الرجعة وعادت المرأة الى نكاحها السابق.
( مسألة 1112 ) : إذا طلق الرجل زوجته طلاقاً رجعياً ثم صالحها على ان لا يرجع اليها بازاء مال اخذه منها صحت المصالحة ولزمت ، ولكنه مع ذلك لو رجع اليها بعد المصالحة صح رجوعه.
( مسألة 1113 ) : لو طلق الرجل زوجته ثلاثاً مع تخلل رجعتين أو
عقدين جديدين أو عقد جديد ورجعة في البين حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره ، ويعتبر في زوال التحريم بالنكاح الثاني أُمور:
(الاول) ان يكون العقد دائماً لا متعة.
(الثاني) ان يطأها الزوج الثاني والأحوط لزوماً ان يكون الوطء في القبل.
(الثالث) ان يكون الزوج الثاني بالغاً حين الوطء فلا يكفي كونه مراهقاً على الأحوط لزوماً.
(الرابع) ان يفارقها الزوج الثاني بموت أو طلاق.
(الخامس) انقضاء عدتها من الزوج الثاني.
الطلاق » الطلاق الخلعي
( مسألة 1114 ) : الخلع هو ( الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها ) يعتبر فيه بلوغ كراهتها حداً يحملها على تهديد زوجها بعدم رعاية حقوقه الزوجية وعدم اقامة حدود الله فيه.
( مسألة 1115 ) : صيغة الخلع ان يقول الزوج ـ بعد ان تقول الزوجة لزوجها: بذلت لك مهري او الشي الفلاني على ان تطلقني ( زوجتي فلانه طالق على ما بذلت ) او يقول ( زوجتي فلانة خالعتها أو مختلعة ـ بالكسر ـ على ما بذلت ) والأحوط الأولى عندئذ ان يعقبه بكلمة ( هي طالق ) ، وإذا كانت الزوجة معينة لم يلزم ذكر اسمها في الخلع.
( مسألة 1116 ) : إذا وكلت المرأة احداً في بذل مهرها لزوجها ووكله زوجها أيضاً في طلاقها قال الوكيل ( عن موكلتي فلانه بذلْتُ مهرها لموكلي فلان ليخلعها عليه ) ويعقبه بقوله ( زوجة موكلي طالق او خالعتها أو مختلعة ـ بالكسر ـ على ما بذلت ) ولو وكلت الزوجة شخصاً في بذل شيء آخر غير المهر لزوجها يذكره الوكيل مكان كلمة المهر مثلاً إذا كان المبذول مائة دينار قال الوكيل ( عن موكلتي بذلتُ مائة دينار لموكلي فلان ليخلعها عليه ) ثم يعقبه بما تقدم.
الطلاق » المباراة وحكمها
( مسألة 1117 ) : المباراة هي ( طلاق الزوج الكاره لزوجته بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها ) فالكراهة في المباراة تكون من الطرفين.
( مسألة 1118 ) : صيغة المباراة ان يقول الزوج ـ بعد ان تقول الزوجة لزوجها بذلت لك مهري أو الشيء الفلاني لتطلقني ـ ( زوجتي فلانه طالق على ما بذلت) او يقول: ( بارأت زوجتي فلانة على ما بذلت ) والأحوط لزوماً في الصيغة الثانية ان يعقبها بقوله ( فهي طالق ) ، ولو وكلّ غيره في اجراء هذا الطلاق يقول الوكيل ( زوجة موكلي فلانه طالق على ما بذلت ) او يقول ( بارأت زوجة موكلي فلانه على ما بذلت فهي طالق ) وإذا كانت المرأة معينة لم يلزم ذكر اسمها في المباراة كما عرفت نظيره في الخلع.
( مسألة 1119 ) : تعتبر العربية الصحيحة في صيغتي الخلع والمباراة مع القدرة على ايقاعهما بها ، واما مع العجز عن ذلك وعن التوكيل فيجزى ما يرادفهما باي لغة كانت ، ولا تعتبر العربية في بذل الزوجة مالها للزوج ليطلقها بل يقع ذلك بكل لغة مفيدة للمعنى المقصود.
( مسألة 1120 ) : لو رجعت الزوجة عن بذلها في عدة الخلع والمباراة
جاز للزوج أيضاً ان يرجع اليها ، فينقلب الطلاق البائن رجعياً.
( مسألة 1121 ) : يعتبر في المباراة ان لا يكون المبذول اكثر من المهر بل الاحوط الاولى ان يكون اقل منه ، ولا بأس بزيادته في الخلع.
الطلاق » مسائل متفرقة في الطلاق
( مسألة 1122 ) : إذا وطئ الرجل امرأة شبهة باعتقاد انها زوجته اعتدت عدة الطلاق ـ على التفصيل المتقدم ـ سواء تخيلت المرأة أن الرجل زوج لها أم علمت بكونه أجنبيّاً عنها ، ومبدأ عدة وطء الشبهة المجردة عن الزواج حين الفراغ من الوطء ، وأما اذا كان مع الزواج الفاسد فمبدؤها من حين تبين الحال على الاحوط لزوماً.
( مسألة 1123 ) : إذا زنى بامرأة ـ أي وطأها مع العلم بكونها أجنبية ـ لم تجب عليها العدة مع علمها بالحال أيضاً ، وأما إذا اعتقدت أنه زوجها فالأحوط لزوماً ثبوت العدة عليها.
( مسألة 1124 ) : لو اشترطت الزوجة على زوجها في عقد الزواج ان يكون اختيار الطلاق بيدها مطلقاً أو إذا سافر أو إذا لم ينفق عليها بطل الشرط ، وأما إذا اشترطت عليه أن تكون وكيلة عنه في طلاق نفسها مطلقاً أو إذا سافر أو إذا لم ينفق عليها صح الشرط وصح طلاقها حينئذٍ.
( مسألة 1125 ) : طلاق زوجة المجنون المطبق ـ سواء بلغ كذلك أو عرض عليه الجنون بعد البلوغ ـ بيد ابيه وجده لأبيه فيجوز لهما الطلاق مع مراعاة مصلحته فان لم يكن له اب ولا جد كان الأمر بيد الحاكم الشرعي.
( مسألة 1126 ) : إذا زوج الطفل أبوه أو جده من أبيه بعقد انقطاع جاز لهما بذل مدة زوجته مع المصلحة ، ولو كانت المدة تزيد على زمان صباه ،
كما إذا كان عمر الصبي أربع عشرة سنة وكانت مدة المتعة سنتين مثلاً ، وليس لهما تطليق زوجته الدائمة.
( مسألة 1127 ) : لو اعتقد الرجل بعدالة رجلين وطلق زوجته عندهما جاز لغيره ان يتزوجها بعد انقضاء عدتها وان لم يحرز هو عدالة الشاهدين ، بل يكفي ان يحتمل احراز المطلق عدالتهما فيبني على صحة الطلاق ما لم ينكشف الخلاف ولا يجب الفحص عن حالهما.
( مسألة 1128 ) : لا يعتبر في صحة الطلاق إطلاع الزوجة عليه فضلاً عن رضاها به.
( مسألة 1129 ) : المفقود المنقطع خبره عن أهله الذي لا تعلم زوجته حياته ولا موته ان كان له مال ينفق منه عليها أو يقوم وليه بالانفاق عليها من مال نفسه لزمها الصبر والانتظار إلى أن يرجع إليها أو يأتيها خبر موته أو طلاقه وليس لها المطالبة بالطلاق قبل ذلك وان طالت المدة.
وأما إذا لم يكن للزوج مال ينفق منه على زوجته ولا ولي يُنفِق عليها من مال نفسه جاز لها ان ترفع امرها إلى الحاكم الشرعى فيؤجلها أربع سنين ويأمر بالفحص عنه خلال هذه المدة فان انقضت السنوات الاربع ولم تتبين حياته ولا موته أمر الحاكم وليه بطلاقها فان لم يقدم على الطلاق ولم يمكن إجباره عليه طلّقها الحاكم بنفسه أو بوكيله فتعتد أربعة أشهر وعشرة أيام فاذا خرجت من العدة صارت أجنبية عن زوجها وجاز لها أن تتزوج ممن تشاء.
( مسألة 1130 ) : إذا رفعت زوجة المفقود أمرها إلى الحاكم الشرعي بعد أربع سنوات مثلاً من فقد زوجها مع قيامها بالفحص عنه خلال تلك المدة
أمر الحاكم بتجديد الفحص عنه مقداراً ما ـ مع احتمال ترتب الفائدة عليه ـ فإذا لم يبلغ عنه خبر أمر بطلاقها على ما تقدم.
واذا تبين بعد الطلاق وإنقضاء العدة عدم تحقق الفحص على وجهه ـ أو تبين عدم وقوع بعض المقدمات الاُخرى على الوجه المعتبر شرعاً ـ لزم التدارك والاستيناف ، وإذا كان ذلك بعد تزوجها من الغير كان باطلاً وان كان الزوج الثاني قد دخل بها جاهلاً بالحال حرمت عليه أبداً على الاحوط ، نعم إذا تبين ان العقد عليها وقع بعد موت زوجها المفقود وقبل ان يبلغ خبره إليها فالعقدُ وإن كان باطلاً إلاّ انه لا يوجب الحرمة الابدية حتى مع الدخول.
الغصب » أحكام الغصب
( مسألة 1131 ) : الغصب هو ( استيلاء الانسان عدواناً على مال الغير أو حقه ) وهو من كبائر المحرمات ، وقد ورد التشديد بشأنه كثيراً ، وعن النبي الاكرم صلى الله عليه وآله انه قال: ( من غصب شبراً من الأرض طوقه الله من سبع ارضين يوم القيامة ) .
( مسألة 1132 ) : الاستيلاء على الأوقاف العامة وما فيه الناس شرع سواء كالمساجد والشوارع والقناطر ونحوها ومنع الناس من الانتفاع بها مثل الاستيلاء على الاملاك الخاصة غصبٌ محرّم ، ومن سبق إلى مكان في المسجد للصلاة أو لغيرها من الاغراض الراجحة كالدعاء وقراءة القرآن والتدريس لم يجز لغيره ازاحته عن ذلك المكان ومنعه من الانتفاع به ، سواء توافق السابق مع المسبوق في الغرض أم تخالفا فيه ، نعم يحتمل عند التزاحم تقدم الطواف على غيره فيما يتعارف اتخاذه مطافاً حول الكعبة المعظمة ، كما يحتمل تقدم الصلاة على غيرها في سائر المساجد ، فلا يترك الاحتياط للسابق بتخلية المكان للمسبوق في مثل ذلك.
( مسألة 1133 ) : لو استولى على انسان فحبسه ظلماً لم يعدّ غاصباً ـ وان كان آثماً بذلك ـ فلو اصابه ضرر أو مات تحت استيلائه من غير استناد اليه لم يضمنه ، كما لا يضمن منافعه إلاّ إذا كان كسوباً فتوقف عن كسبه بسبب الحبس فانه يضمن عندئذٍ اجرة مثله من حيث تفويت منافعه عليه.
( مسألة 1134 ) : يتقوم الغصب ـ كما تقدم ـ باستيلاء الغاصب على المغصوب وصيرورته تحت يده عرفاً ، ويختلف ذلك باختلاف المغصوبات ، فيتحقق في المتاع والطعام والنقود ونحوها بأخذها بيده أو نقلها إلى ما تحت يده من بيت ونحوه ولو بأمر الغير بذلك ، ويتحقق في مثل السيارة بركوبها وقيادتها مثلاً وفي مثل الدار بالسكنى فيها مع عدم حضور المالك أو كونه ضعيفا لا يقدر على مدافعته وإخراجه.
( مسألة 1135 ) : يجب على الغاصب رفع اليد عن المغصوب وردّه إلى المغصوب منه وإن كان في ردّه مؤنه ، بل وإن استلزم الضرر عليه. وإذا كان المغصوب من الاموال ـ عيناً أو منفعة ـ وجب عليه ردّ عوضه إليه على تقدير تلفه.
( مسألة 1136 ) : نماء المغصوب من الاعيان الخارجية ـ كالولد واللبن ـ ملك لمالكه ، فيجب على الغاصب ردّه إليه ما دام باقياً وردّ عوضه على تقدير تلفه ، واما منافعه الاخرى ـ كسكنى الدار وركوب السيارة فيجب على الغاصب ان يعوض المالك عنها سواء استوفاها أم تلفت تحت يده كما لو بقيت الدار معطلة لم يسكنها أحد.
( مسألة 1137 ) : المال المغصوب من الصبي أو المجنون أو السفيه يرد إلى وليهم ومع التلف يرد إليه عوضه ، ولا يرتفع الضمان بالرد إليهم انفسهم.
( مسألة 1138 ) : إذا اشترك اثنان في الغصب فان اشتركا في الاستيلاء على جميع المال كان كل منهما ضامناً لجميعه ، سواءاً كان أحدهما أو كلاهما متمكناً لوحده من الاستيلاء على جميعه أم كان بحاجة في ذلك إلى مساعدة الآخر وتعاونه ، فيتخير المالك في الرجوع إلى ايهما شاء مثل ما سيأتي في المسألة 1150.
( مسألة 1139 ) : لو كان المغصوب باقياً لكن نزلت قيمته السوقية ردّه ولم يضمن نقصان القيمة ما لم يكن ذلك بسبب نقصان العين ، ولو بزوال صفة كمال منها.
( مسألة 1140 ) : إذا غصب قلادة ذهبية أو نحوها فتلفت عنده هيئتها كأن اذابها مثلاً لزمه رد عينها إلى المالك وعليه الأرش أيضاً ـ أي ما تتفاوت به قيمتها قبل تلف الهيئة وبعده ـ ولو طلب الغاصب ان يصوغها ثانياً كما كانت سابقاً فراراً عن اعطاء الأرش لم يجب على المالك القبول ، كما ان المالك ليس له اجبار الغاصب على الصياغة وارجاع المغصوب إلى حالته الاولى.
( مسألة 1141 ) : لو اوجد في العين المغصوبة أثراً محضاً تزيد به قيمتها كما إذا غصب ذهباً فصاغه قرطاً أو قلادة ، وطلب المالك ردها اليه بتلك الحالة وجب ردها اليه ، ولا شيء له بازاء عمله ، بل ليس له ارجاعها إلى حالتها السابقة من دون اذن مالكها ، ولو ارجعها من دون اذنه إلى ما كانت عليه سابقاً أو إلى حالة اخرى لا تكون فيها أقل مالية من حالتها الاولى ففي ضمانه للارش اشكال لا يترك معه مراعاة الاحتياط.
( مسألة 1142 ) : لو تصرف الغاصب في العين المغصوبة بما تزيد به قيمتها عما قبل وطلب المالك ارجاعها إلى حالتها السابقة وجب ولا يضمن الغاصب حينئذ قيمة الصفة ، ولكن لو نقصت القيمة الاولية للعين بذلك ضمن ارش النقصان ، فالكتاب الذي قام بتجليده إذا طلب المالك اعادته
إلى ما كان عليه سابقاً فاعاده الغاصب على ما كان عليه فنقصت قيمته عما كانت عليه قبل التجليد ضمن النقص.
( مسألة 1143 ) : لو غصب ارضاً فغرسها أو زرعها فالغرس والزرع ونماؤهما للغاصب ، وإذا لم يرض المالك ببقائها في الأرض ـ مجاناً أو باجرة ـ وجب عليه ازالتهما فوراً وان تضرر بذلك ، كما ان عليه أيضاً طم الحفر وأجرة الأرض ما دامت مشغولة بهما ، ولو حدث نقص في قيمة الأرض بالزرع أو القلع وجب عليه أرش النقصان ، وليس له إجبار المالك على بيع الارض منه أو اجارتها إياه ، كما ان المالك لو بذلك قيمة الغرس والزرع لم تجب على الغاصب اجابته.
( مسألة 1144 ) : اذا تلف المغصوب وكان قيمياً ، وهو ما لا يكثر وجود مثله في الصفات التي تختلف باختلافها الرغبات ـ كالاحجار الكريمة وغالب انواع الحيوان كالبقر والغنم ـ وجب رد قيمته بحسب النقد الرائج في بلد التلف ، فان تفاوتت قيمته من يوم الغصب إلى يوم الاداء كانت العبرة بقيمته يوم التلف ، نعم اذا كان النقد الرائج في يوم التلف اكثر مالية منه في يوم الاداء فاللازم احتساب قيمته بما يتقدر به في زمن الاداء.
( مسألة 1145 ) : اذا غصب قيمياً فتلف ولم تتفاوت قيمته السوقية في زماني الغصب والتلف ، إلاّ انه حصل فيه في الاثناء ما يوجب ارتفاع قيمته فان لم يكن بفعل الغاصب كما اذا كان الحيوان مريضاً حين غصبه ثم صار صحيحاً ثم عاد مرضه فمات ضمن قيمته حال صحته ، وان كان بفعله كما لو كان الحيوان مهزولاً فاعلفه كثيراً واحسن طعامه حتى سمن ثم عاد إلى الهزال وتلف لم يضمن قيمته حال سمنه.
( مسألة 1146 ) : المغصوب التالف اذا كان مثلياً ، وهو ما يكثر وجود مثله في الصفات التي تختلف باختلاف الرغبات ـ كالحنطة والشعير وغيرهما من الحبوب وغالب منتجات المصانع في هذا العصر ـ وجب رد مثله ، أي ما يكون مطابقاً له في جميع الخصوصيات النوعية والصنفية ، فلا يجزى الرديء من الحنطة ـ مثلاً ـ عن جيدها.
( مسألة 1147 ) : اذا وجد المثل بازيد من ثمن المثل وجب على الغاصب تحصيله ودفعه إلى المالك ، نعم إذا كانت الزيادة كثيرة بحيث عدّ المثل متعذراً عرفاً لم يجب ذلك ، بل يكفي دفع قيمته المتعارفة في يوم الاداء كما هو الحال في سائر موارد تعذر المثل.
( مسألة 1148 ) : لو وجد المثل ولكن تنزل قيمته لم يكن على الغاصب إلاّ اعطاؤه ، وليس للمالك مطالبته بالقيمة ولا بالتفاوت ، ولو سقط المثل عن القيمة تماماً فان تراضيا على الانتظار إلى زمان أو مكان يؤمّل ان يكون للمثل فيه قيمة فلا اشكال ، وإلاّ فللغاصب دفع قيمة المغصوب إلى المالك وليس للمالك الامتناع عن قبولها ، وهل يراعى في القيمة زماناً ومكاناً وعاء الغصب أو التلف او أدنى القيم وهو قيمته في الزمان أو المكان المتصل بسقوطه عن المالية ؟ وجوه والأحوط لزوماً التصالح.
( مسألة 1149 ) : الفلزات والمعادن المنطبعة كالذهب والفضة والحديد والنحاس من المثليات ، وهل المصنوع منها يعدّ مثلياً أو قيمياً أو انه مثليّ بحسب مادته وقيمي بحسب هيئته ، الظاهر هو التفصيل بين الموارد ، فانه اذا كانت الصنعة بمثابة من النفاسة والاهمية تكون هي في الاساس محطّ انظار العقلاء ومورد رغباتهم كالمصنوعات الاثرية القديمة جداً يعدّ المصنوع قيمياً ، واذا لم تكن كذلك ، فان كان يكثر وجود مثله في الصفات التي تختلف باختلافها الرغبات ـ كغالب المصنوع في معامل هذا العصر ـ فهو مثلي ، واذا لم يكن المصنوع من القسمين كغالب انواع الحلي والمصوغات الذهبية والفضية فهو مثلي بمادته وقيمي بهيئته ، فلو غصب قرطاً ذهبياً كان وزنه عشر غرامات فتلف عنده ضمن عشر غرامات من الذهب مع ما به التفاوت بين قيمته مصوغاً وقيمته غير مصوغ.
( مسألة 1150 ) : اذا غصبت العين من مالكها ، ثم غصبها آخر من الغاصب ، فتلفت عنده فللمالك مطالبة أي منهما ببدلها من المثل أو القيمة ، كما ان له مطالبة أي منهما بمقدار من العوض.
ثم انه اذا أخذ العوض من الغاصب الاول فللاول مطالبة الغاصب الثاني بما غرمه للمالك ، وأما اذا اخذ العوض من الغاصب الثاني فليس له ان يرجع إلى الاول بما دفعه إلى المالك.
( مسألة 1151 ) : اذا بطلت المعاملة لفقدها شرطاً من شروطها ، كما إذا باع ما يباع بالوزن من دون وزن فان علم كل من الطرفين برضا الطرف الآخر بتصرفه في ماله حتى على تقدير فساد المعاملة جاز لهما التصرف في المبيع والثمن ، وإلاّ فما في يد كل منهما من مال صاحبه كالمغصوب يجب رده إلى مالكه ، فلو تلف تحت يده وجب دفع عوضه اليه سواء أعلم ببطلان المعاملة ام لا.
اللقطة » أحكام اللقطة
( مسألة 1152 ) : اللقطة هي: ( المال المأخوذ المعثور عليه بعد ضياعه عن مالكه المجهول ) .
( مسألة 1153 ) : إذا لم تكن للمال الملتقط علامة يصفه بها من يدعيه ـ كالمسكوكات المفردة ـ جاز للملتقط أن يتملكه وإن بلغت قيمته درهماً ( 6|12 حمصة من الفضة المسكوكة ) أو زادت عليه ، ولكن الأحوط استحباباً أن يتصدق به عن مالكه.
( مسألة 1154 ) : إذا كانت للقطة علامة يمكن أن يصفها بها من يدعيها وكانت قيمتها دون الدرهم لم يجب تعريفها والفحص عن مالكها ، والاحوط وجوباً ان لا يتملكها الملتقط بل يتصدق بها عن مالكها.
( مسألة 1155 ) : اللقطة اذا كانت لها علامة يمكن الوصول بها إلى مالكها وبلغت قيمتها درهماً فما زاد وجب على الملتقط تعريفها في مجامع الناس أو ما بحكمها سنة كاملة من يوم الالتقاط سواء أكان مالكها مسلماً أو كافراً محترم المال ، ولا تعتبر المباشرة في التعريف ، بل للملتقط الاستنابة فيه مع الاطمينان بوقوعه ، ويسقط وجوبه عنه مع تبرع غيره به.
( مسألة 1156 ) : يسقط وجوب التعريف فيما إذا كان الملتقط يخاف من التهمة والخطر ان عرّف باللقطة ، كما يسقط مع الاطمينان بعدم الفائدة في تعريفها أو في الاستمرار فيه. ولو لأجل احراز أن مالكها قد سافر إلى بلد بعيد لا يصله خبرها وإن عرّفها ، وفي مثل ذلك الأحوط وجوباً أن يحتفظ باللقطة لمالكها ما دام لم ييأس من الوصول إليه ـ ولو لاحتمال أنه بنفسه يتصدى للتعريف بماله الضائع ليصل إلى الملتقط خبره ـ ومع حصول اليأس من ذلك يتصدق بها عن المالك باذن الحاكم الشرعي ولا ينتظر بها حتى تمضي سنة ، ولو صادف مجيء المالك كان بالخيار بين أن يرضى بالتصدق وبين أن يطالبه ببدلها.
( مسألة 1157 ) : إذا عرف اللقطة سنة ولم يظهر مالكها فإن كانت اللقطة في الحرم ـ أي حرم مكة زادها الله شرفاً ـ فالاحوط لزوماً أن يتصدق بها عن مالكها ، وأما إذا كانت في غير الحرم تخير الملتقط بين أن يحفظها لمالكها ـ ولو بالايصاء ما لم ييأس من ايصالها اليه ـ وله حينئذ أن ينتفع بها مع التحفظ على عينها ، وبين أن يتصدق بها عن مالكها ، والأحوط وجوباً عدم تملكها.
( مسألة 1158 ) : لو عرّف اللقطة سنة ولم يظفر بمالكها فقصد التحفظ بها للمالك فتلفت من دون تعدٍ ولا تفريط لم يضمنها لمالكها وان ظفر به ، وأما اذا كان قد تصدق بها عن مالكها ثم توصل اليه كان المالك بالخيار بين أن يرضى بالتصدق وبين أن يطالبه ببدلها.
( مسألة 1159 ) : لو أخّر تعريف اللقطة عن أول زمن الالتقاط عصى إلاّ إذا كان لعذر ، ولا يسقط عنه وجوبه على كل تقدير ، فيجب تعريفها بعد ذلك إلاّ إذا كان التأخير بحد لا يرجى معه العثور على مالكها وإن عرّف بها.
( مسألة 1160 ) : إذا كان الملتقط صبياً أو مجنوناً وكانت اللقطة ذات علامة وبلغت قيمتها درهماً فما زاد فللولي أن يتصدى لتعريفها ـ بل يجب عليه ذلك مع استيلائه عليها ـ فإذا لم يجد مالكها جرى عليها التخيير المتقدم في المسألة (1157).
( مسألة 1161 ) : لو تلفت اللقطة قبل تمام السنة ، فإن لم يخلّ بالمبادرة إلى التعريف ولم يتعد في حفظها ولم يفرط لم يكن عليه شيء ، وإلاّ ضمن عوضها ويجب عليه الاستمرار في التعريف فاذا عثر على المالك دفع اليه العوض من المثل أو القيمة.
( مسألة 1162 ) : لو عثر على مال وحسب أنه له فأخذه ثم ظهر أنه مال ضائع للغير كان لقطة وتجرى عليه أحكامها.
( مسألة 1163 ) : يعتبر في التعريف أن يكون على نحو لو سمعه المالك لاحتمل ـ احتمالاً معتداً به ـ أن يكون المال المعثور عليه له ، وهذا يختلف بحسب اختلاف الموارد ، فقد يكفي أن يقول ( من ضاع له شيء أو مال ) وقد لا يكفي ذلك بل لابد أن يقول ( من ضاع له ذهب ) أو نحوه ، وقد لا يكفي هذا أيضاً بل يلزم اضافة بعض الخصوصيات إليه ، كأن يقول ( من ضاع له قرط ذهب ) مثلاً ، ولكن يجب على كل حال الاحتفاظ بابهام اللقطة فلا يذكر جميع صفاتها حتى لا يتعين بل الأحوط لزوماً عدم ذكر ما لا يتوقف عليه التعريف.
( مسألة 1164 ) : لو ادّعى اللقطة أحد ولم يعلم أنها له سئل عن أوصافها وعلاماتها فإذا توافقت الصفات والعلائم التي ذكرها مع الخصوصيات الموجودة فيها ، وحصل الاطمئنان بانها له ـ كما هو الغالب ـ اعطيت له ، ولا يعتبر أن يذكر الأوصاف التي لا يلتفت إليها المالك غالباً ، وأما مع عدم حصول الاطمينان فلا يجوز دفعها اليه.
( مسألة 1165 ) : اللقطة ذات العلامة إذا لم يعمل الملتقط فيها بما تقدم ضمنها ، فلو وضعها في مجامع الناس كالمسجد والزقاق فأخذها شخص آخر أو تلفت ضمن بدلها للمالك.
( مسألة 1166 ) : لو كانت اللقطة مما لا يبقى سنة لزم الملتقط أن يحتفظ بها لأطول مدة تبقى محتفظة بصفاتها الدخيلة في ماليتها ، والأحوط وجوباً أن يعرف بها خلال ذلك فإن لم يظفر بمالكها كان بالخيار بين أن يقوّمها على نفسه ويتصرف فيها بما يشاء وبين أن يبيعها ويحفظ ثمنها لمالكها ، ولا يسقط عنه بذلك ما سبق من التعريف ، فعليه أن يحفظ خصوصياتها وصفاتها ويُتمّ تعريفها سنة كاملة ، فإن وجد صاحبها دفع بدلها إليه وإلاّ عمل فيه بما تقدم في المسألة (1157).
هذا فيما إذا اختار الملتقط ان يقوّمها على نفسه أو تيسر بيعها فباعها ، ومع عدم الأمرين يجب عليه أن يتصدق بها ، ولا يلزمه تعريفها بعد ذلك ولو عثر على مالكها لم يضمن له قيمتها ، والأحوط وجوباً أن يكون التقويم والبيع والتصدق في الموارد المتقدمة باجازة الحاكم الشرعي أو وكيله إن أمكنت.
( مسألة 1167 ) : لا تبطل الصلاة بحمل اللقطة حالها وإن لم يكن من قصده دفعها إلى المالك على تقدير الظفر به.
( مسألة 1168 ) : إذا تبدل حذاء الشخص بحذاء غيره جاز له التصرف فيه بكل نحو يحرز رضا صاحبه به ، ولو علم أنه قد تعمد التبديل ظلماً وعدواناً جاز له أن يقابله بالمثل فيأخذ حذاءه بدلاً عن حذاء نفسه بشرط أن لا تزيد قيمة المتروك على قيمة المأخوذ وإلاّ فالزيادة من مجهول المالك
وتترتب عليه أحكامه ، وهكذا الحكم فيما لو علم أنه قد اشتبه أولاً ولكنه تسامح وتهاون في الرد بعد الالتفات إلى اشتباهه ، وأما في غير هاتين الصورتين ـ سواء علم باشتباهه حدوثاً وبقاءاً أم احتمل الاشتباه ولم يتيقنه ـ فتجرى على المتروك حكم مجهول المالك الآتي في المسألة اللاحقة ، هذا فيما إذا لم يكن الشخص هو الذي بدّل ماله بمال غيره ـ عمداً أو اشتباهاً ـ وإلاّ فلا يجوز له التقاص منه بل يجب عليه ردّه إلى مالكه.
( مسألة 1169 ) : إذا وقع المال المجهول مالكه ـ غير اللقطة ـ بيد شخص فإن علم رضا مالكه بالتصرف فيه جاز له التصرف على النحو الذي يحرز رضاه به ، وإلاّ وجب عليه الفحص عنه ما دام يحتمل الفائدة في ذلك ، وأما مع العلم بعدم الفائدة في الفحص فإن لم يكن قد يئس من الوصول إلى المالك حفظ المال له ، ومع اليأس يتصدق به أو يقوّمه على نفسه أو يبيعه ويتصدق بثمنه ، والأحوط لزوماً أن يكون ذلك باجازة الحاكم الشرعي ، ولو صادف فجاء المالك ولم يرض بالتصدق ضمنه له على الأحوط لزوماً.
( مسألة 1170 ) : إذا وجد مالاً في دار سكناه ولم يعلم انه له أو لغيره فان لم يكن يدخلها أحد غيره أو يدخلها قليل من الناس فهو له وان كان يدخلها كثير كما في المضائف والدواوين ونحوهما جرى عليه حكم اللقطة.
( مسألة 1171 ) : إذا وجد حيوان مملوك في غير العمران كالبراري والجبال والآجام والفلوات ونحوها فإن كان الحيوان يحفظ نفسه ويمتنع عن صغار السباع كالذئب والثعلب لكبر جثته أو سرعة عدوه أو قوته كالبعير والفرس والجاموس والثور ونحوها لم يجز أخذه سواء أكان في كلاء وماء
أم لم يكن فيهما إذا كان صحيحاً يقوى على السعي اليهما ، فإن أخذه الواجد حينئذٍ كان آثماً وضامناً له وتجب عليه نفقته ولا يرجع بها على المالك ، وإذا استوفى شيئاً من نمائه كلبنه وصوفه كان عليه مثله أو قيمته وإذا ركبه أو حمله حملاً كان عليه أجرته ولا تبرأ ذمته من ضمانه إلاّ بدفعه إلى مالكه ولا يزول الضمان ولو بإرساله في الموضع الذي أخذه منه ، نعم إذا يئس من الوصول إليه ومعرفته تصدق به عنه بإذن الحاكم الشرعي.
( مسألة 1172 ) : اذا كان الحيوان المذكور لا يقوى على الامتناع من صغار السباع ـ سواء كان غير ممتنع أصلاً كالشاة أم لم يبلغ حد الامتناع كصغار الإبل والخيل أو زال عنه لعارض كالمرض ونحوه ـ جاز أخذه ، فإن أخذه عرّفه في موضع الالتقاط إن كان فيه نزّال ، فإن لم يعرف المالك جاز له تملكه والتصرف فيه بالأكل والبيع ونحو ذلك ولكن اذا وجد صاحبه وجب عليه دفع قيمته إليه لو طالبه بها ، ويجوز له أيضاً ابقاؤه عنده إلى أن يعرف صاحبه مادام لم ييأس من الظفر به ولا شيء عليه حينئذٍ.
( مسألة 1173 ) : إذا وجد الحيوان في العمران ـ وهي مواضع يكون الحيوان مأموناً فيها من السباع عادة كالبلاد والقرى وما حولها مما يتعارف وصول الحيوان منها إليه ـ لم يجز أخذه ، ومن أخذه ضمنه ويجب عليه حفظه من التلف والانفاق عليه بما يلزم وليس له الرجوع على صاحبه بما انفق ، كما يجب عليه تعريفه ويبقى في يده مضموناً إلى أن يؤديه إلى مالكه ، فإن يئس منه تصدق به بإذن الحاكم الشرعي على الأحوط لزوماً ، نعم إذا كان غير مأمون من التلف لبعض الطوارئ كالمرض ونحوه جاز له أخذه لدرء الخطر عنه ولا ضمان عليه ويجب عليه أيضاً الفحص عن مالكه ، فإن يئس من الوصول إليه تصدق به كما تقدم.
( مسألة 1174 ) : إذا دخلت الدجاجة أو السخلة مثلاً في دار انسان ولم يعرف صاحبها لم يجز له أخذها ، ويجوز له أخراجها من الدار وليس عليه شيء إذا لم يكن قد أخذها ، وأما إذا أخذها فيجرى عليها حكم مجهول المالك وقد تقدم في المسألة (1169) ، نعم يجوز تملك الحمام ونحوه من الطيور اذا ملك جناحيه ولم يعرف صاحبه من دون فحص عنه.
( مسألة 1175 ) : إذا احتاجت الضالة إلى النفقة فإن وجد متبرع بها انفق عليها ، وإلاّ انفق عليها من ماله فإن كان يجوز له أخذها ولم يكن متبرعاً في الانفاق عليها جاز له الرجوع بما انفقه على المالك وإلاّ لم يجز له ذلك.
( مسألة 1176 ) : إذا كان للضالة نماء أو منفعة جاز للآخذ ـ إذا كان ممن يجوز له أخذها ـ أن يستوفيها ويحتسبها بدل ما انفقه عليها ، ولكن لابد أن يكون ذلك بحساب القيمة.
( مسألة 1177 ) : اللقيط ـ وهو الطفل الذي لا كافل له ولا يستقل بنفسه على السعي فيما يصلحه ودفع ما يضرّه ـ يستحب أخذه بل يجب ذلك كفاية اذا توقف عليه حفظه ، ويجب التعريف به اذا احرز عدم كونه منبوذاً من قبل أهله واحتمل الوصول اليهم بالفحص والتعريف.
( مسألة 1178 ) : من أخذ اللقيط فهو أحق من غيره بحضانته وحفظه والقيام بضرورة تربيته إلى أن يبلغ ، فليس لأحد ـ غير أبويه وأجداده ووصي الاب أو الجد ـ أن ينتزعه من الملتقط ويتصدى لحضانته.
( مسألة 1179 ) : لا يجوز للملتقط أن يتبنى اللقيط ويلحقه بنفسه ولو فعل لم يترتب على ذلك شيء من أحكام البنوة والابوة والامومة.
الذباحة » أحكام الذباحة
( مسألة 1180 ) : الحيوان وحشياً كان أم أهلياً ـ غير المحرّم أكله ولو لعارض وسيأتي بيان المحرّم أكله في أحكام الأطعمة والأشربة ـ إذا ذكّي بالذبح على الترتيب الآتي في هذا الباب وخرجت روحه يحل أكله ، هذا في غير الإبل والسمك والجراد ، وأما هذه الثلاثة فتذكى بغير الذبح على ما سيتضح في المسائل الآتية.
( مسألة 1181 ) : الحيوان الوحشي المحلل لحمه ـ كالغزال ـ والحيوان الأهلي المحلل إذا استوحش ـ كالبقر ـ يحل لحمهما بالاصطياد أيضاً ، وأما الحيوانات المحللة الأهلية كالشاة والدجاجة والبقر غير المتوحش ونحوها ، وكذلك الحيوانات الوحشية إذا تأهلت فلا يحكم بطهارة لحمها ولا بحليتها بالاصطياد.
( مسألة 1182 ) : الحيوان الوحشي الحلال أكله إنما يحكم بحليته وطهارته بالاصطياد فيما إذا كان قادراً على العدو أو ناهضاً للطيران ، فولد الوحش قبل أن يقدر على الفرار وفرخ الطير قبل أن ينهض للطيران لا يحلان بالاصطياد ولا يحكم بطهارتهما حينئذٍ فلو رمى ظبياً وولده غير القادر على العدو فماتا حل الظبي وحرم الولد.
( مسألة 1183 ) : الحيوان المحلل لحمه الذي ليست له نفس سائلة كالسمك إذا مات بغير تذكية حرم أكله لكنه طاهر.
( مسألة 1184 ) : الحيوان المحرم أكله إذا لم تكن له نفس سائلة ـ كالحية ـ لا أثر لذبحه أو صيده لأن ميتته طاهرة.
( مسألة 1185 ) : الكلب والخنزير لا يقبلان التذكية فلا يحكم بطهارتهما ولا بحليتهما بالذبح أو الصيد ، وأما السباع وهي ما تفترس الحيوان وتأكل اللحم كالذئب والنمر فهي قابلة للتذكية فلو ذبحت أو اصطيدت بالرمي ونحوه حكم بطهارة لحومها وجلودها وإن لم يحل أكلها بذلك ، نعم إذا اصطيدت بالكلب الصائد ففي تذكيتها اشكال فالاحوط لزوماً عدم طهارتها.
( مسألة 1186 ) : لا يبعد أن يكون حكم القرد والفيل والدبّ حكم السباع فيما مر ، وأما الحشرات والمقصود بها هي الدواب الصغار التي تسكن باطن الأرض كالضب والفار فهي لا تقبل التذكية ، فإن كانت لها نفس سائلة وذبحت ـ مثلاً ـ لم يحكم بطهارة لحومها وجلودها.
( مسألة 1187 ) : لو خرج الجنين ميتاً من بطن أمه في حال حياتها لم يحل أكله.
الذباحة » كيفية الذباحة
( مسألة 1188 ) : الكيفية المعتبرة في الذبح هي: أن تقطع الأوداج الأربعة تماماً ، فلا يكتفى ـ على الأحوط لزوماً ـ بشقها عن قطعها ولا بقطع الحلقوم وحده ، ولا يتحقق قطع الأوداج إلاّ إذا كان القطع من تحت العقدة المسماة بـ ( الجوزة ) ، والأوداج الأربع هي المريء ( مجرى الطعام والشراب ) والحلقوم ( مجرى النفس ) والعرقان الغليظان المحيطان بالحلقوم.
( مسألة 1189 ) : يعتبر في قطع الأوداج الأربعة بالاضافة إلى قصد الذبح به: أن يكون في حال حياة الحيوان ، فلو قطع الذابح بعضها وارسله فمات لم يؤثر قطع الباقي ، ولا يعتبر فيه التتابع فلو قطع الأوداج قبل زهوق روح الحيوان إلاّ أنه فصل بينها بما هو خارج عن المتعارف المعتاد لم يضرّ بحليته.
( مسألة 1190 ) : لو قطعت الأوداج الأربعة على غير النهج الشرعي ـ كأن ضربها شخص بآلة فانقطعت أو عضها الذئب فقطعها بأسنانه أو غير ذلك ـ وبقيت حياة الحيوان فإن لم يبق شيء من الأوداج اصلاً أو لم يبق شيء من الحلقوم يصلح للذبح فلا يحل اكله ، وهكذا إذا بقي مقدار من الجميع معلقة بالرأس أو متصلة بالبدن على الأحوط لزوماً ، نعم إذا كان المقطوع غير المذبح وكان الحيوان حياً حل أكله بالذبح.
الذباحة » شرائط الذبح
( مسألة 1191 ) : يشترط في تذكية الذبيحة أُمور:
(الأول) أن يكون الذابح مسلماً ـ رجلاً كان أو امرأة أو صبياً مميزاً ـ فلا تحل ذبيحة غير المسلم حتى الكافر الكتابي وإن سمى على الأحوط لزوماً ، كما لا تحل ذبيحة المنتحلين للاسلام المحكومين بالكفر ومنهم الناصب المعلن بعداوة أهل البيت عليهم السلام .
(الثاني) أن يكون الذبح بالحديد مع الامكان فلا يكفي الذبح بغيره حتّى الحديد المخلوط بالكروم ونحوه المسمى بـ ( استالس ستيل ) على الاحوط لزوماً ، نعم إذا لم يوجد الحديد جاز ذبحها بكل ما يقطع الأوداج من الزجاجة والحجارة الحادة ونحوهما حتى إذا لم تكن هناك ضرورة تدعو إلى الاستعجال في ذبحها كالخوف من تلفها بالتأخير.
(الثالث) الاستقبال بالذبيحة حال الذبح إلى القبلة ، ويتحقق الاستقبال فيما إذا كان الحيوان قائماً أو قاعداً بما يتحقق به استقبال الانسان حال الصلاة في الحالتين ، وأما إذا كان مضطجعاً على الأيمن أو الأيسر فيتحقق باستقبال المنحر والبطن ولا يعتبر استقبال الوجه واليدين والرجلين ، وتحرم الذبيحة بالاخلال بالاستقبال متعمداً ، ولا بأس بتركه نسياناً أو خطاءاً أو للجهل بالاشتراط ـ كمن لا يعتقد لزومه شرعاً ـ أو لعدم العلم بجهتها أو عدم التمكن من توجيه الذبيحة إليها ولو من جهة خوف موت الذبيحة لو اشتغل بتوجيهها إلى القبلة.
(الرابع) التسمية ، بأن يذكر الذابح اسم الله وحده عليها بنية الذبححين الشروع فيه أو متصلاً به عرفاً ، ويكفي في التسمية الاتيان بذكر الله تعالى مقترناً بالتعظيم مثل (الله أكبر) و(بسم الله) بل يكتفى بمجرد ذكر لفظ الجلالة ولو بما يرادفه في سائر اللغات ، كما يكتفى بذكر بقية الاسماء الحسنى وان كان الأحوط استحباباً عدم الاكتفاء بذلك ، ولا أثر للتسمية من دون نية الذبح ، ولو أخل بها نسياناً لم تحرم الذبيحة ولو تركها جهلاً حرمت.
(الخامس): خروج الدم المتعارف ، فلا تحل إذا لم يخرج منها الدم أو كان الخارج قليلاً ـ بالاضافة إلى نوعها ـ بسبب انجماد الدم في عروقها أو نحوه ، وأما إذا كانت قلته لأجل سبق نزيف الذبيحة ـ لجرح مثلاً ـ لم يضر ذلك بتذكيتها.
(السادس) أن تتحرك الذبيحة بعد تمامية الذبح ولو حركة يسيرة ، بأن تطرف عينها أو تحرك ذنبها أو تركض برجلها ، هذا فيما إذا شك في حياتها حال الذبح وإلاّ فلا تعتبر الحركة اصلاًْ.
( مسألة 1192 ) : الاحوط لزوماً عدم إبانة الرأس عمداً قبل خروج الروح من الذبيحة وإن كانت لا تحرم بذلك ، ولا فرق في ذلك بين الطيور وغيرها ، كما ان الاحوط لزوماً عدم كسر رقبة الذبيحة أو أصابة نخاعها عمداً قبل أن تموت وان لم تحرم بذلك أيضاً ، والنخاع هو الخيط الأبيض الممتد في وسط الفقار من الرقبة إلى الذنب.
والأحوط استحباباً أن يكون الذبح في المذبح من القدام وإن جاز الذبح من القفا أيضاً ، كما أن الأحوط استحباباً وضع السكين على المذبح ثم قطع الأوداج وإن كان يكفي أيضاً ادخال السكين تحت الاَوداج ثم قطعها من خلف.
الذباحة » نحر الابل
( مسألة 1193 ) : يعتبر في حلية لحم الإبِل وطهارته ـ مضافاً إلى الشروط الستة المتقدمة في الذبح ـ أن تنحر بان يدخل سكيناً أو رمحاً أو غيرهما من الآلات الحادة الحديدية في لبتها وهي الموضع المنخفض الواقع بين أصل العنق والصدر.
( مسألة 1194 ) : يجوز نحر الإبل قائمة وباركة وساقطة على جنبها والأولى نحرها قائمة.
( مسألة 1195 ) : لو ذبح الإبل بدلاً عن نحرها أو نحر الشاة أو البقرة أو نحوهما بدلاً عن ذبحها حرم لحمها وحكم بنجاستها ، نعم لو قطع الأوداج الأربعة من الإبل ثم نحرها قبل زهوق روحها أو نحر الشاة مثلاً ثم ذبحها قبل أن تموت حلّ لحمهما وحكم بطهارتهما.
( مسألة 1196 ) : لو تعذر ذبح الحيوان أو نحره لاستعصائه أو لوقوعه في بئر أو موضع ضيق لا يتمكن من الوصول إلى موضع ذكاته وخيف موته هناك جاز أن يعقره في غير موضع الذكاة بشيء من الرمح والسكين ونحوهما ، فإذا مات بذلك العقر طهر وحل أكله وتسقط فيه شرطية الاستقبال ، نعم لابد من أن يكون واجداً لسائر الشروط المعتبرة في التذكية.
الذباحة » آداب الذباحة والنحر
( مسألة 1197 ) : ذكر الفقهاء رضوان الله عليهم أنه يستحب عند ذبح الغنم أن تربط يداه وإحدى رجليه ، وتطلق الاُخرى ويمسك صوفه أو شعره حتى يبرد ، وعند ذبح البقر أن تعقل يداه ورجلاه ويطلق ذنبه ، وعند نحر الإبل أن تربط يداها ما بين الخفين إلى الركبتين أو إلى الابطين وتطلق رجلاها ، هذا إذا نحرت باركة ، أما إذا نحرت قائمة فينبغي أن تكون يدها اليسرى معقولة ، وعند ذبح الطير أن يرسل بعد الذباحة حتى يرفرف ، ويستحب عرض الماء على الحيوان قبل أن يذبح أو ينحر ، ويستحب أن يعامل مع الحيوان عند ذبحه أو نحره ما يبعده عن الأذى والتعذيب ، بأن يحد الشفرة ويمر السكين على المذبح بقوة ويجد في الاسراع وغير ذلك.
الذباحة » مكروهات الذباحة والنحر
( مسألة 1198 ) : يكره في ذبح الحيوانات ونحرها ـ كما ورد في جملة من الروايات ـ أُمور:
(الاَول) سلخ جلد الذبيحة قبل خروج روحها.
(الثاني) أن تكون الذباحة في الليل أو في يوم الجمعة قبل الزوال من دون حاجة.
(الثالث) أن تكون الذباحة بمنظر من حيوان آخر من جنسه.
(الرابع) أن يذبح ما ربّاه بيده من النعم.
الصيد » أحكام الصيد بالسلاح
( مسألة 1199 ) : يشترط في تذكية الوحش المحلل أكله إذا اصطيد بالسلاح أُمور:
(الأول) أن تكون الآلة كالسيف والسكين والخنجر وغيرها من الاسلحة القاطعة ، أو كالرمح والسهم والعصا مما يشاك بحده ويخرق جسد الحيوان سواء كان فيه نصل ـ من حديد أو فلز غيره ـ كالسهم أو صنع خارقاً وشائكاً بنفسه كالمعراض ، ولكن يعتبر فيما لا نصل فيه أن يخرق بدن الحيوان ولا يحل فيما لو قتله بالوقوع عليه ، وأما ما فيه نصل فلا يعتبر فيه ذلك فيحل الحيوان لو قتله وإن لم يجرحه ويخرق بدنه ، ولو اصطيد الحيوان بالحجارة أو العمود أو الشبكة أو الحبالة أو غيرها من الآلات التي ليست بقاطعة ولا شائكة حرم أكله وحكم بنجاسته ، وإذا اصطاد بالبندقية فإن كانت الطلقة تنفذ في بدن الحيوان وتخرقه حل أكله وهو طاهر ، وأما إذا لم تكن كذلك بأن قتلته بسبب ضغطها أو بسبب ما فيها من الحرارة المحرقة لم يحل أكله ولم يكن طاهراً على الأحوط لزوماً.
(الثاني): أن يكون الصائد مسلماً أو بحكمه كالصبي المميز الملحق به ، ولا يحل صيد الكافر وكذا المنتحل للاسلام المحكوم بالكفر كالناصب المعلن بعداوة أهل البيت عليهم السلام على ما مرّ في الذبح.
(الثالث): قصد اصطياد الحيوان المحلل بالصيد ، فلو رمى هدفاً أو عدواً أو خنزيراً أو شاة فاصاب عزالاً مثلاً فقتله لم يحل.
(الرابع): التسمية عند استعمال السلاح في الاصطياد ، ويقوى الاجتزاء بها قبل اصابة الهدف أيضاً ، ولو أخل بها متعمداً لم يحل صيده ولا بأس بالاخلال بها نسياناً.
(الخامس): أن يدركه ميتاً ، أو يدركه وهو حي ولكن لم يكن الوقت متسعاً لتذكيته ، فلو أدركه حياً وكان الوقت متسعاً لذبحه ولم يذبحه حتى خرجت روحه لم يحل أكله.
( مسألة 1200 ) : لو اصطاد اثنان صيداً واحداً ولم تتوفر الشروط المتقدمة إلاّ في أحدهما فقط كأن سمّى أحدهما ولم يسم الآخر متعمداً لم يحل أكله.
( مسألة 1201 ) : يعتبر في حلية الصيد أن تكون الآلة مستقلة في قتله فلو شاركها شيء آخر كما إذا رماه فسقط الصيد في الماء ومات وعلم استناد الموت إلى كلا الأمرين لم يحل ، وكذا الحال فيما إذا شك في استناد الموت إلى الرمي بخصوصه.
( مسألة 1202 ) : لا يعتبر في حلية الصيد اباحة الآلة فلو اصطاد حيواناً بالكلب أو السهم المغصوبين حل الصيد وملكه الصائد دون صاحب الآلة أو الكلب ، ولكن الصائد ارتكب معصية ويجب عليه دفع اجرة الكلب أو الآلة إلى صاحبه.
( مسألة 1203 ) : لو أبانت آلة الصيد كالسيف ونحوه عضواً من الحيوان مثل اليد والرجل كان العضو المبان ميتة يحرم أكله ويحل أكل الباقي مع اجتماع شروط التذكية المتقدمة في المسألة (1188) ، ولو قطعت الآلة الحيوان نصفين فإن لم يدركه حياً أو أدركه حياً إلاّ أن الوقت لم يتسع لذبحه تحل كلتا القطعتين مع توفر الشروط المذكورة ، وأما إذا أدركه حياً وكان الوقت متسعاً لذبحه فالقطعة الفاقدة للرأس والرقبة محرمة والقطعة التي فيها الرأس والرقبة طاهرة وحلال فيما إذا ذبح على النهج المقرر شرعاً.
( مسألة 1204 ) : لو قسم الحيوان قطعتين بالحبالة أو الحجارة ونحوهما مما لا يحل به الصيد حرمت القطعة الفاقدة للرأس والرقبة ، وأما القطعة التي فيها الرأس والرقبة فهي طاهرة وحلال فيما إذا أدركه حياً واتسع الوقت لتذكيته وذبحه مع الشروط المعتبرة وإلاّ حرمت هي أيضاً.
( مسألة 1205 ) : الجنين الخارج من بطن الصيد أو الذبيحة حياً إذا وقعت عليه التذكية الشرعية حل أكله وإلاّ حرم سواء اتسع الوقت لتذكيته أم لا.
( مسألة 1206 ) : الجنين الخارج من بطن الصيد أو الذبيحة ميتاً طاهر وحلال بشرط عدم سبق موته على تذكية امه ، وعدم استناد موته إلى التواني في اخراجه على النحو المتعارف ، وكونه تام الخلقة وقد أشعر أو أوبر.
الصيد » حكم الصيد بالكلب
( مسألة 1207 ) : إذا اصطاد كلب الصيد حيواناً وحشياً محلل اللحم فقتله فالحكم بطهارته وحليته بذلك يتوقف على شروط ستة:
(1) أن يكون الكلب معلماً ، بحيث يسترسل ويهيج إلى الصيد متى أغراه صاحبه به وينزجر عن الهياج والذهاب إذا زجر ، نعم لا يضر عدم انزجاره بزجره إذا قرب من الصيد ووقع بصره عليه كما هو الغالب في الكلاب المعلمة ، ولا يعتبر أن تكون من عادته أن لا يأكل من الصيد شيئاً حتى يصل إليه صاحبه ، كما لا بأس بأن يكون معتاداً بتناول دم الصيد ، نعم الاحوط لزوماً ان يكون بحيث اذا اراد صاحبه أخذ الصيد منه لا يمتنع ولا يحول دونه.
(2) أن يكون صيده بإرساله للاصطياد ، فلا يكفي استرساله بنفسه من دون ارسال ، كما لا يكفي اذا استرسل بنفسه واغراه صاحبه بعد الاسترسال حتى فيما إذا أثّر فيه الاغراء ـ كما إذا زاد في عَدْوه بسببه ـ على الأحوط لزوماً في هذه الصورة.
(3) أن يكون المرسل مسلماً على ما مرّ في شروط الصيد بالسلاح.
(4) تسمية المرسل عند ارساله أو قبل الاصابة ، ولو تركها متعمداً حرم الصيد وإن سمى غيره ، ولا يضر تركها نسياناً.
(5) أن يستند موت الحيوان إلى جرح الكلب وعقره ، فلو مات بسبب آخر كخنقه واتعابه في العدو أو ذهاب مرارته من شدة خوفه لم يحل.
(6) أن لا يدرك صاحب الكلب الصيد إلاّ بعد موته أو إذا أدركه حياً لا يتسع الوقت لذبحه بشرط أن لا يستند ذلك إلى توانيه في الوصول إليه ، فلو تمكن من ادراكه حياً وذبحه أو ادركه كذلك واتسع الوقت لتذكيته فلم يفعل حتى مات لم يحل.
( مسألة 1208 ) : إذا أدرك مرسل الكلب الصيد حياً والوقت متسع لذبحه ، ولكنه اشتغل عن التذكية بمقدماتها من سل السكين ونحوه على النهج المتعارف فمات قبل تذكيته حل ، وأما إذا استند تركه التذكية إلى فقد الآلة كما إذا لم يكن عنده السكين ـ مثلاً ـ حتى ضاق الوقت ومات الصيد قبل تذكيته لم يحل على الأحوط لزوماً ، نعم لو تركه على حاله إلى أن قتله الكلب وازهق روحه بعقره حل أكله.
( مسألة 1209 ) : لو أرسل كلاباً متعددة للاصطياد فقتلت صيداً واحداً فان كانت الكلاب المسترسلة كلها واجده للشروط المتقدمة في المسألة (1207) حل الصيد وإن لم يكن بعضها واجداً لتلك الشروط لم يحل ، نعم اذا استند القتل إلى الكلب الواجد للشروط حلّ كما اذا سبق أحد الكلاب فاثخن بالجراح واشرف على الموت ثم جاء الآخر فاصابه يسيراً.
( مسألة 1210 ) : إذا أرسل الكلب إلى صيد حيوان محلل بالصيد كالغزال وصاد الكلب حيواناً آخر كذلك فهو طاهر وحلال ، وكذا الحال فيما إذا أرسله إلى صيد حيوان فصاده مع حيوان آخر.
( مسألة 1211 ) : لو كان المرسل متعدداً بأن أرسل جماعة كلباً واحداً ولم يسم أحدهم متعمداً حرم صيده ، وكذا الحال فيما إذا تعددت الكلاب ولم يكن بعضها معلماً على النحو المتقدم في المسألة (1207) فإن الصيد حينئذٍ نجس وحرام.
( مسألة 1212 ) : لا يحل الصيد إذا اصطاده غير الكلب من أنواع الحيوانات كالعقاب والصقر والباشق والنمر وغيرها ، نعم إذا أدرك الصائد الصيد وهو حي ، ثم ذكّاه على النهج المقرر في الشرع حل أكله.
الصيد » صيد السمك والجراد
( مسألة 1213 ) : لو أخذ من الماء أو من خارجه حياً السمك الذي له فلس في الاصل وان زال بالعارض حل أكله وهو طاهر ، ولو مات داخل الماء فهو طاهر ولكن يحرم اكله ، وأما ما لا فلس له من الاسماك فيحرم اكله مطلقاً.
( مسألة 1214 ) : لو وثبت السمكة خارج الماء أو نبذتها الأمواج إلى الساحل أو غار الماء وبقيت السمكة وماتت قبل أخذها حرمت ، نعم إذا نصب الصائد شبكة أو صنع حظيرة فدخلتها السمكة فماتت فيها قبل أن يستخرجها الصائد حلّ أكلها ، وهكذا الحال لو أخذها من الماء بآلة اُخرى فماتت قبل ان يخرجها منه.
( مسألة 1215 ) : إذا اخرج السمكة من الماء ثم أعادها إليه كأن وضعها في صحن من الماء فماتت فيه حرم لحمها.
( مسألة 1216 ) : إذا طفا السمك على وجه الماء بسبب إبتلاعه ما يسمى بـ (الزهر) مثلاً فان أخذه حياً حل أكله وان مات قبل ذلك حرم.
( مسألة 1217 ) : لو شوى سمكة حية أو قطعها خارج الماء قبل أن تموت حل أكلها وإن كان الاجتناب عنه أولى.
( مسألة 1218 ) : إذا قطعت من السمكة الحية بعد أخذها قطعة واعيد الباقي إلى الماء حيّاً حلت القطعة المبانة عنها سواء أمات الباقي في الماء أم لا يمت ، ولكن الاجتناب أحوط استحباباً.
( مسألة 1219 ) : لا يعتبر في صائد السمك الاسلام ، ولا يشترط في تذكيته التسمية فلو أخذه الكافر حلّ لحمه.
( مسألة 1220 ) : السمكة الميتة اذا كانت في يد المسلم يحكم بحليتها وان لم يعلم أنها ماتت في خارج الماء بعد أخذها أو في آلة الصيد قبل اخراجها أو انها ماتت على وجه آخر ، وهكذا يحكم بحليتها وان لم يعلم كونها من ذوات الفلس اذا كان ذو اليد المسلم قد عرضها للأكل ولم يكن ممن يستحل غير ذوات الفلس من الاسماك.
واذا كانت السمكة الميتة في يد الكافر لم يحكم بحليتها وان أخبر باصطيادها على الوجه الموجب للحلية الا أن يحرز ذلك ولو من جهة الاطمينان باصطيادها بسفن الصيد التي تعتمد اخراج الاسماك من الماء قبل
موتها ويندر ان يختلط بها شيء من الميتة.
وهكذا لا يحكم بحلية ما في يد الكافر من السمك إذا شك في كونه من ذوات الفلس وان أخبر بكونه منها الا أن يطمئن بذلك.
( مسألة 1221 ) : الجراد اذا استقل بالطيران وأخذ حياً باليد أو بغيرها من الآلات حلّ أكله ، ولا يعتبر في تذكيته اسلام الآخذ ولا التسمية حال أخذه ، نعم لو وجده في يد كافر ميتاً ولم يطمئن انه أخذه حياً لم يحل وان اخبر بتذكيته كما مرّ في السمك.
الاطعمة والاشربة » أحكام الاطعمة والاشربة
( مسألة 1222 ) : يحل من الطيور كل ما كان ذا ريش الا السباع ، فيحل الحمام والدجاج والعصفور بجميع اصنافها ، كما يحل الدراج والقبج والكردان والحبارى والكركي ، ويحل الهدهد والخطاف والشقراق والصرد والصوام وان كان يكره قتلها ، وتحل النعامة والطاووس أيضاً.
وأما السباع وهي كل ذي مخلب سواء أكان قوياً يتمكن به على افتراس الطير كالبازي والصقر أو ضعيفاً لا يقوى به على ذلك كالنسر والبغاث فهي محرمة الاَكل ، ويلحق بها الغراب بجميع أنواعه حتى الزاغ على الاحوط لزوماً ، ويحرم أيضاً كل ما يطير وليس له ريش كالخفاش وكذلك الزنبور والفراشة وغيرهما من الحشرات الطائرة ـ عدا الجراد ـ على الأحوط لزوماً.
( مسألة 1223 ) : الظاهر أن كل طائر يكون صفيفه أكثر من دفيفه ـ أي يكون بسط جناحيه عند الطيران أكثر من تحريكهما ـ يكون ذا مخلب فيحرم لحمه بخلاف ما يكون دفيفه أكثر من صفيفه فانه محلل اللحم.
وعلى هذا يتميز المحرّم من الطيور عن غيره بالنظر إلى كيفية طيرانها ، كما يتميز ما لا يعرف طيرانه بوجود ( الحوصلة أو القانصة أو الصيصية ) في بدنه ، فما يكون له احدى الثلاث يحل أكله دون غيره.
والحوصلة ما يجتمع فيه الحب وغيره من المأكول عند الحلق ، والقانصة ما يجتمع فيه الحصاة الدقاق التي يأكلها الطير ، والصيصيةُ شوكة في رجل الطير خارجه عن الكف.
( مسألة 1224 ) : يحل من حيوان البحر السمك الذي له فلس في الاصل وان زال بالعارض ـ كما تقدم ـ ويحرم غيره من انواع الحيوانات البحرية كالبقر البحري والضفدع والسرطان والسلحفاة وكذلك ما ليس له فلس من السمك كالجري والزمير.
نعم الطيور المسماة بطيور البحر ـ من السابحة والغائصة وغيرهما ـ يحل منها ما يحل مثلها من طيور البرّ.
( مسألة 1225 ) : يحل من البهائم البرية الغنم والبقر والابل والخيل والبغال والحمير بجميع أقسامها سواء الوحشية والأهلية ، وكذلك الغزال ، نعم يكره اكل لحم الخيل والبغال والحمير الاهلية.
ويحرم من البهائم السباع وهي ما كان مفترساً وله ظفر أو ناب ، قوياً كان كالأسد والنمر والفهد أو ضعيفاً كالثعلب والضبع ، وكذلك يحرم الكلب والهر والارنب والخنزير والقرد والفيل والدبّ ، ويحرم الدواب الصغار التي تسكن باطن الأرض كالضب والفأر واليربوع والقنفذ والحية ونحوها ، وتحرم الديدان حتى ديدان الفاكة ـ على الأحوط لزوماً ـ الا ما لا يتسير ازالته فيجوز أكل الفاكهة معها.
( مسألة 1226 ) : ما وطئه الانسان من البهائم ان كان مما يؤكل لحمه كالبقر والغنم والابل حرم لحمه وكذا لبنه ونسله المتجدد بعد الوطء على الاحوط لزوماً ، ووجب ان يذبح ويحرق ، فان كان لغير الواطئ وجب عليه ان يغرم قيمته لمالكه ، وأما إذا كان مما يركب ظهره كالخيل والبغال والحمير وجب نفيه من البلد وبيعه في بلد آخر ، ويغرم الواطئ اذا كان غير المالك قيمته ويكون الثمن له.
( مسألة 1227 ) : كل حيوان محلل الاكل حتى الطير والسمك اذا صار جلالاً حرم لحمه ولبنه وبيضه ، فاذا استبرئ حلّ ، وقد تقدم معنى الجلل وكيفية الاستبراء في المطهرات.
( مسألة 1228 ) : يحرم الجدى وهو ولد المعز اذا رضع من لبن الخنزيرة حتى اشتد لحمه وعظمه ويحرم بذلك نسله ولبنه أيضاً ، ولو لم يشتد فالاحوط لزوماً ان يستبرأ سبعة أيام بلبن طاهر إن لم يكن مستغنياً عن الرضاع والا استبرئ بالعلف والشعير ونحوهما ثم يحل بعد ذلك.
ويلحق بالجدى العجل واولاد سائر الحيوانات المحلل لحمها على الاحوط لزوماً ، ولا يلحق بالرضاع من الخنزيرة الرضاع من سائر الحيوانات المحرم لحمها ، كما لا يحرم الحيوان المحلل لحمه بشربه شيئاً من المائع النجس كالبول والدم ، نعم اذا شرب من الخمر حتى سكر فذبح في تلك الحال فالاحوط لزوماً ان لا يؤكل ما في جوفه من الامعاء والكرش والقلب والكبد وغيرها وان غسل واما لحمه فيجوز اكله ولكن لابد من غسل ما لاقته النجاسة مع بقاء عينها.
( مسألة 1229 ) : يحرم من الحيوان المحلل لحمه: الدم ، والروث ، والقضيب ، والفرج ، والمشيمة ، والغدد وهي كل عقدة في الجسم مدورة شبه البندق ، والبيضتان ، وخرزة الدماغ وهي حبة بقدر الحمصة في وسط الدماغ ، والنخاع وهو خيط ابيض كالمخ في وسط فقار الظهر ، والعلباوان ـ على الاحوط لزوماً ـ وهما عصبتان ممتدتان على الظهر من الرقبة إلى الذنب ، والمرارة ، والطحال ، والمثانة ، وحدقه العين وهي الحبةِ الناظرة منها لا جسم العين كله.
هذا في غير الطيور والسمك والجراد ، اما الطيور فيحرم ما يوجد فيها
من المذكورات: الدم والرجيع ، والاحوط لزوماً الاجتناب عن غيرهما أيضاً ، كما أن الاحوط وجوباً الاجتناب عن رجيع السمك ودمه ورجيع الجراد ، نعم لا بأس بما في جوفهما من ذلك اذا اكل معهما.
( مسألة 1230 ) : يحرم اكل الطين والمدر وكذلك التراب والرمل على الاحوط لزوماً ، ويستثنى من ذلك مقدار حمصة متوسطة الحجم من تربة سيد الشهداء عليه السلام للاستشفاء لا لغيره ، والاحوط وجوباً الاقتصار فيها على ما يؤخذ من القبر الشريف أو مما يقرب منه الملحق به عرفاً ، وفيما زاد على ذلك يمزج بماء ونحوه بحيث يستهلك فيه ويستشفى به رجاءً.
( مسألة 1231 ) : لا يحرم بلع النخامة والاخلاط الصدرية إلى فضاء الفم ، وكذا بلع ما يخرج بتخليل الاسنان من بقايا الطعام.
( مسألة 1232 ) : يحرم تناول كل ما يضرّ الانسان ضرراً بليغاً ، سواء أكان موجباً للهلاك أم موجباً لتعطيل بعض الأعضاء أو فقدان بعض الحواس. ويحرم أيضاً تناول ما يحتمل فيه ذلك اذا كان الاحتمال معتداً به عند العقلاء ولو من جهة الاهتمام بالمحتمل بحيث يصدق معه الخوف عندهم ، حتى لو كان الضرر المترتب عليه غير عاجل.
( مسألة 1233 ) : يحرم استعمال الترياق ومشتقاته وسائر أنواع المواد المخدرة اذا كان مستتبعاً للضرر البليغ بالشخص سواء أكان من جهة زيادة المقدار المستعمل منها أو من جهة ادمانه ، بل الاحوط لزوماً الاجتناب عنها مطلقاً الا في حال الضرورة فتستعمل بمقدار ما تدعو الضرورة إليه.
( مسألة 1234 ) : يحرم شرب الخمر وغيره من المسكرات ، وفي بعض الروايات أنه من أعظم المعاصي ، وروي عن الصادق عليه السلام إنه قال (إن الخمر أُم الخبائث ورأس كل شر ، يأتي على شاربها ساعة يسلب لبه فلا يعرف ربه ولا يترك معصية إلاّ ركبها ولا يترك حرمة إلاّ انتهكها ولا رحماً ماسة إلاّ قطعها ولا فاحشة إلاّ أتاها وإن شرب منها جرعة لعنه الله وملائكته ورسله والمؤمنون وإن شربها حتى سكر منها نزع روح الايمان من جسده وركبت فيه روح سخيفة خبيثة ولم تقبل صلاته أربعين يوماً).
( مسألة 1235 ) : يحرم عصير الزبيب اذا غلى بنفسه أو بالنار أو بالشمس فان لم يصر بذلك مسكراً تزول حرمته بذهاب ثلثيه ، وأما إذا صار مسكراً فلا تزول حرمته الا بالتخليل.
واذا طبخ العنب نفسه فان حصل العلم بغليان ما في جوفه من الماء حرم على الأحوط والا لم يحرم ، كما لا يحرم ما يسمى بالعصير الزبيبي وان غلى الا ان يصير مسكراً فيحرم عندئذٍ ولا تزول حرمته الا بالتخليل.
( مسألة 1236 ) : يحرم الفقاع وهو شراب معروف يوجب النشوة عادة لا السكر ويسمى اليوم بالبيرة.
( مسألة 1237 ) : يحرم الدم من الحيوان ذي النفس السائلة حتى الدم في البيضة وما يتخلف في الاجزاء المأكولة من الذبيحة ، نعم لا اشكال مع استهلاكه في المرق ونحوه.
( مسألة 1238 ) : يحرم لبن الحيوان المحرم أكله ـ ولو لعارض ـ وكذلك بيضه ، واما لبن الانسان فالاحوط ترك شربه.
( مسألة 1239 ) : يحرم الأكل من مائدة يشرب عليها شيء من الخمر أو المسكر ، بل يحرم الجلوس عليها أيضاً على الأحوط لزوماً.
( مسألة 1240 ) : إذا أشرفت نفس محترمة على الهلاك أو ما يدانيه لشدة الجوع أو العطش وجب على كل مسلم انقاذها بأن يبذل لها من الطعام أو الشراب ما يسد به رمقها.
الاطعمة والاشربة » آداب الاكل والشرب
( مسألة 1241 ) : قد عدّ من آداب أكل الطعام أُمور: أن يغسل يديه معاً قبل الطعام وبعده وينشفهما بالمنديل بعده ، وأن يبدأ صاحب الطعام قبل الجميع ويمتنع بعد الجميع ، وأن يبدأ في الغسل قبل الطعام بصاحب الطعام ثم بمن على يمينه إلى أن يتم الدور على من في يساره ، وأن يبدأ في الغسل بعد الطعام بمن على يسار صاحب الطعام إلى أن يتم الدور على صاحب الطعام ، وأن يسمّي عند الشروع في الطعام ولو كانت على المائدة الوان من الطعام استحبت التسمية على كل لون بانفراده ، وأن يأكل باليمين ، وبثلاث أصابع أو أكثر ولا يأكل باصبعين ، وان يأكل مما يليه إذا كانت على المائدة جماعة ولا يتناول من قدام الآخرين ، وان يصغّر اللقم ويطيل الأكل والجلوس على المائدة ، ويجيد المضغ ، وأن يحمد الله بعد الطعام ، وأن يلعق الأصابع ويمصها ، ويخلّل بعد الطعام ولا يكون التخلل بعودة الريحان وقضيب الرمان والخوص والقصب ، وأن يلتقط ما يتساقط خارج السفرة ويأكله إلاّ في البراري والصحاري فإنّه يستحب فيها أن يدع المتساقط عن السفرة للحيوانات والطيور ، وأن يكون أكله غداة وعشياً ويترك الأكل بينهما ، وأن يستلقي بعد الأكل على القفا ويجعل الرجل اليمنى على اليسرى ، وأن يفتتح ويختتم بالملح وأن يغسل الثمار بالماء قبل أكلها ، ولا يأكل على الشبع ، ولا يمتلئ من الطعام ، ولا ينظر في وجوه الناس لدى الأكل ، ولا يأكل الطعام الحار ، ولا ينفخ في الطعام والشراب ، ولا ينتظر بعد
وضع الخبز في السفرة غيره ، ولا يقطع الخبز بالسكين ، ولا يضع الخبز تحت الاناء ، ولا ينظف العظم من اللحم الملصق به على نحو لا يبقى عليه شيء من اللحم ، ولا يقشر الثمار التي تؤكل بقشورها ، ولا يرمي الثمرة قبل أن يستقصي أكلها.
( مسألة 1242 ) : قد عدّ من آداب شرب الماء أُمور: أن يشرب الماء مصاً لاعباً ، ويشربه قائماً بالنهار ولا يشربه قائماً بالليل ، وان يسمّي قبل شربه ويحمّد بعده ويشربه بثلاثة أنفاس وعن رغبة وتلذذ ، وأن يذكر الحسين وأهل بيته عليهم السلام ويلعن قتلته بعد الشرب ، وأن لا يكثر من شرب الماء ، ولا يشربه على الأغذية الدسمة ، ولا يشرب من محل كسر الكوز ومن محل عروته ، ولا يشرب بيساره.
النذر ـ اليمين ـ العهد » احكام النذر
( مسألة 1243 ) : النذر هو (ان يجعل الشخص لله على ذمته فعل شيء أو تركه).
( مسألة 1244 ) : لا ينعقد النذر بمجرد النية بل لابد فيه من الصيغة ويعتبر في صيغة النذر اشتمالها على لفظ (لله) أو ما يشابهه من اسمائه المختصة به ، فلو قال الناذر مثلاً (لله عليَّ أن آتي بنافلة الليل) أو قال (للرحمان عليّ أن اتصدق بمائة دينار) صح النذر ، وله أن يؤدي هذا المعنى بأية لغة اُخرى غير العربية ، ولو اقتصر على قوله (علي كذا) لم ينعقد النذر وان نوى في نفسه معنى (لله) ، ولو قال (نذرت لله أن اصوم) أو (لله عليّ نذر صوم) ففي انعقاده اشكال فلا يترك مراعاة الاحتياط في ذلك.
( مسألة 1245 ) : يعتبر في الناذر البلوغ والعقل والاختيار والقصد وعدم الحجر عن التصرف في متعلق النذر ، فيلغو نذر الصبي وإن كان مميزاً ، وكذلك نذر المجنون ـ ولو كان ادوارياً ـ حال جنونه ، والمكره ، والسكران ، ومن اشتد به الغضب إلى أن سلبه القصد أو الاختيار ، والمفلس إذا تعلق نذره بما تعلق به حق الغرماء من امواله ، والسفيه سواء تعلق نذره بمال خارجي أو بمال في ذمته.
( مسألة 1246 ) : يعتبر في متعلق النذر من الفعل أو الترك أن يكون مقدوراً للناذر حين العمل ، فلا يصح نذر الحج ماشياً ممن ليس له قدرة على ذلك ، وكذلك يعتبر فيه أن يكون راجحاً شرعاً حين العمل كأن ينذر
فعل واجب أو مستحب أو ترك حرام أو مكروه ، وأما المباح فإن قصد به معنى راجحاً كما لو نذر أكل الطعام قاصداً به التقوّي على العبادة مثلاً انعقد نذره وإلاّ لم ينعقد ، كما ينحل فيما إذا زال رجحانه لبعض الطوارئ كما لو نذر ترك التدخين لتتحسن صحته ويقوى على خدمة الدين ثم ضرّه تركه.
( مسألة 1247 ) : لا يصح نذر الزوجة بدون إذن زوجها فيما ينافي حقه في الاستمتاع منها ، وفي صحة نذرها في مالها من دون اذنه ـ في غير الحج والزكاة والصدقة وبرّ والديها وصلة رحمها ـ اشكال فلا يترك مقتضى الاحتياط فيه ، ويصح نذر الولد سواء أذن له الوالد فيه أم لا ، ولكن إذا نهاه أحد الأبوين عما تعلق به النذر فلم يعد بسببه راجحاً في حقه انحل نذره ولم يلزمه الوفاء به ، كما لا ينعقد مع سبق توجيه النهي إليه على هذا النحو.
( مسألة 1248 ) : إذا نذر المكلف الاتيان بالصلاة في مكان بنحو كان منذوره تعيين هذا المكان لها لا نفس الصلاة ، فإن كان في المكان جهة رجحان بصورة أولية ـ كالمسجد ـ أو بصورة ثانوية طارئة مع كونها ملحوظة حين النذر كما إذا كان المكان أفرغ للعبادة وأبعد عن الرياء بالنسبة إلى الناذر صح النذر وإلاّ لم ينعقد وكان لغواً.
( مسألة 1249 ) : إذا نذر الصلاة أو الصوم أو الصدقة في زمان معين وجب عليه التقيد بذلك الزمان في الوفاء ، فلو أتى بالفعل ـ قبله أو بعده ـ لم يعتبر وفاءً ، فمن نذر أن يتصدق على الفقير إذا شفي من مرضه ، أو أن يصوم اول كل شهر ، ثم تصدق قبل شفائه ، أو صام قبل اول الشهر أو بعده لم يتحقق الوفاء بنذره.
( مسألة 1250 ) : إذا نذر صوماً ولم يحدده من ناحية الكمية كفاه صوم يوم واحد ، وإذا نذر صلاة من دون تحديد كيفيتها أو كميتها كفته صلاة واحدة حتى مفردة الوتر ، وإذا نذر صدقة ولم يحددها نوعاً وكماً اجزأه كل ما يطلق عليه اسم الصدقة ، وإذا نذر التقرب إلى الله بشيء ـ على وجه عام ـ كان له أن يأتي بأيّ عمل قربي ، كالصوم أو الصدقة أو الصلاة ولو ركعة الوتر من صلاة الليل ، ونحو ذلك من طاعات وقربات.
( مسألة 1251 ) : إذا نذر صوم يوم معين جاز له أن يسافر في ذلك اليوم ولو من غير ضرورة فيفطر ويقضيه ولا كفارة عليه ، وكذلك إذا جاء عليه اليوم وهو مسافر فإنه لا يجب عليه قصد الاقامة ليتسنى له الصيام ، بل يجوز له الافطار والقضاء ، وإذا لم يسافر فإن صادف في ذلك اليوم أحد موجبات الافطار كمرض أو حيض أو نفاس أو اتفق احد العيدين فيه أفطر وقضاه ، أما إذا أفطر فيه ـ دون موجب ـ عمداً فعليه القضاء والكفارة ، وهي كفارة حنث النذر الآتي بيانها.
( مسألة 1252 ) : إذا نذر المكلف ترك عمل في زمان محدود لزمه تركه في ذلك الزمان فقط ، وإذا نذر تركه مطلقاً أي قاصداً الالتزام بتركه في جميع الأزمنة لزمه تركه مدة حياته ، فإن خالف وأتى بما التزم بتركه عامداً أثم ولزمته الكفارة وقد بطل نذره ولا إثم ولا كفارة عليه فيما أتى به خطأ أو غفلة أو نسياناً أو اكراهاً أو اضطراراً ، ولا يبطل بذلك نذره فيجب الترك بعد ارتفاع العذر.
( مسألة 1253 ) : إذا نذر المكلف التصدق بمقدار معين من ماله ومات قبل الوفاء به ، لم يخرج ذلك المقدار من أصل التركه ، والاحوط استحباباً لكبار الورثة اخراجه من حصصهم والتصدق به من قبله.
( مسألة 1254 ) : إذا نذر الصدقة على فقير لم يجزه التصدق بها على غيره ، وإذا مات الفقير المعين قبل الوفاء بالنذر لم يلزمه شيء وكذلك إذا نذر زيارة أحد الأئمة عليهم السلام معيناً فإنه لا يكفيه أن يزور غيره وإذا عجز عن الوفاء بنذره فلا شيء عليه.
( مسألة 1255 ) : من نذر زيارة أحد الأئمة (ع) لا يجب عليه الغسل لها ولا اداء صلاتها الا إذا كان ذلك مقصوداً له في نذره والتزامه.
( مسألة 1256 ) : المال المنذور لمشهد من المشاهد المشرفة إذا لم يقصد الناذر له مصرفاً معيناً يصرف في مصالحه ، فينفق منه على عمارته أو انارته ، أو لشراء فراش له أو لاداء أُجور خدمه والقائمين على حفظه وصيانته وما إلى ذلك من شؤون المشهد ، فان لم يتسير صرفه فيما ذكر واشباهه أو كان المشهد مستغنياً من جميع الوجوه صرف في معونة زواره ممن قصرت نفقتهم أو قطع بهم الطريق أو تعرضوا لطارئ آخر.
( مسألة 1257 ) : المال المنذور لشخص صاحب المشهد ـ من دون أن يقصد الناذر له مصرفاً معيناً ـ يصرف على جهة راجعة إلى المنذور له كأن ينفق على زواره الفقراء أو على مشهده الشريف أو على ما فيه احياء ذكره ونحو ذلك.
( مسألة 1258 ) : لو نذر التصدق بشاة معينة ـ مثلاً ـ فنمت نمواً متصلاً كالسمن كان النماء تابعاً لها في اختصاصها بالجهة المنذورة لها ، وإذا نمت نمواً منفصلاً كما إذا اولدت شاة اخرى أو حصل فيها لبن فالنماء للناذر إلاّ إذا كان قاصداً للتعميم حين انشاء النذر.
( مسألة 1259 ) : إذا نذر المكلف صوم يوم إذا برئ مريضه أو قدم مسافره فتبين برء المريض وقدوم المسافر قبل نذره لم يكن عليه شيء.
( مسألة 1260 ) : إذا نذر الأب أو الأم تزويج بنتهما من هاشمي أو من غيره في أوان زواجها لم يكن لذلك النذر أثر بالنسبة إليها وعدّ كأن لم يكن.
النذر ـ اليمين ـ العهد » أحكام اليمين
( مسألة 1261 ) : اليمين على ثلاثة أنواع:
1 ـ ما يقع تأكيداً وتحقيقاً للأخبار عن تحقق أمرٍ أو عدم تحققه في الماضي أو الحال أو الاستقبال ، والايمان من هذا النوع أما صادقة وأما كاذبة ، والايمان الصادقة ليست محرمة ولكنها مكروهة بحد ذاتها ، فيكره للمكلف أن يحلف على شيء صدقاً أو ان يحلف على صدق كلامه ، وأما الايمان الكاذبة فهي محرمة ، بل قد تعتبر من المعاصي الكبيرة كاليمين الغموس وهي اليمين الكاذبة في مقام فصل الدعوى ، ويستثنى منها اليمين الكاذبة التي يقصد بها الشخص دفع الظلم عن نفسه أو عن سائر المؤمنين ، بل قد تجب فيما إذا كان الظالم يهدد نفسه أو عرضه أو نفس مؤمن آخر أو عرضه ، ولكن اذا التفت إلى إمكان التورية وكان عارفاً بها ومتيسرة له فالأحوط وجوباً ان يورّي في كلامه ، بان يقصد بالكلام معنى غير معناه الظاهر بدون قرينة موضحة لقصده ، فمثلاً إذا حاول الظالم الاعتداء على مؤمن فسألة عن مكانه وأين هو؟ يقول ( ما رأيته ) فيما إذا كان قد رآه قبل ساعة ويقصد انه لم يره منذ دقائق.
2 ـ ما يقرن به الطلب والسؤال ويقصد به حث المسؤول على انجاح المقصود ويسمى بـ ( يمين المناشدة ) كقول السائل: ( اسألك بالله ان تعطيني ديناراً ) . واليمين من هذا النوع لا يترتب عليها شيء من اثم ولا كفارة لا على الحالف في احلافه ولا على المحلوف عليه في حنثه وعدم انجاح مسؤوله.
3 ـ ما يقع تأكيداً وتحقيقاً لما بنى عليه والتزم به من ايقاع امر أو تركه في المستقبل ويسمى ( يمين العقد ) كقوله ( والله لا صومنّ غداً ) أو ( والله لاتركن التدخين ) .
وهذا اليمين هي التي تنعقد عند اجتماع الشروط الآتية ويجب الوفاء بها وتترتب على حنثها الكفارة وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم ، وفي حال العجز عن هذه الامور يجب صيام ثلاثة ايام متواليات.
واليمين من هذا النوع هي الموضوع للمسائل الآتية.
( مسألة 1262 ) : يعتبر في إنعقاد اليمين ان يكون الحالف بالغاً عاقلاً مختاراً قاصداً غير محجور عن التصرف في متعلق اليمين ، نظير ما تقدم في النذر.
( مسألة 1263 ) : لا تنعقد اليمين الا باللفظ أو ما هو بمثابتة كالاشارة من الأخرس ، وتكفي أيضاً الكتابة من العاجز عن التكلم بَلْ لا يترك الاحتياط في الكتابة من غيره.
( مسألة 1264 ) : لا تنعقد اليمين الا اذا كان المحلوف به هو الذات الالهية سواء بذكر اسمه المختص به كلفظ الجلالة (الله) وما يلحقه كلفظ (الرحمن) ،أو بذكر وصفه أو فعله المختص به الذي لا يشاركه فيه غيره (مقلب القلوب والابصار) و(الذي فلق الحبة وبرأ النسمة) ، أو بذكر وصفه أو فعله الذي يغلبُ إطلاقه عليه بنحو ينصرف اليه تعالى وإن شاركه فيها غيره بل يكفي ذكرُ فعله أو وصفه الذي لا ينصرف اليه في حد نفسه ولكن ينصرف إليه في مقام الحلف كالحي والسميع والبصير.
واذا كان المحلوف به بعض الصفات الإلهية أو ما يلحق بها كما لو
قال ( وحق الله ، أو بجلال الله أو بعظمة الله ) لم تنعقد اليمين إلاّ إذا قصد ذاته المقدسة.
( مسألة 1265 ) : لا يحرم الحلف بالنبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام وسائر النفوس المقدسة والقرآن الشريف والكعبة المعظمة وسائر الامكنة المحترمة ولكن لاتنعقد اليمين بالحلف بها ، ولا يترتب على مخالفتها إثم ولا كفارة.
( مسألة 1266 ) : يعتبر في متعلق اليمين أن يكون مقدوراً في ظرف الوفاء بها ، فلو كان مقدوراً حين اليمين ثم عجز عنه المكلف ـ لا لتعجيز نفسه ـ فان كان معذوراً في تأخيره ولو لاعتقاد قدرته عليه لاحقاً انحلت يمينه وإلاّ أثم ووجبت عليه الكفارة ، ويلحق بالعجز فيما ذكر الضرر الزائد على ما يقتضيه طبيعة ذلك الفعل أو الترك والحرج الشديد الذي لا يتحمل عادة ، فانه تنحل اليمين بهما.
( مسألة 1267 ) : تنعقد اليمين فيما اذا كان متعلقها راجحاً شرعاً كفعل الواجب والمستحب وترك الحرام والمكروه ، وتنعقد أيضاً اذا كان متعلقها راجحاً بحسب الاغراض العقلائية الدنيوية أو مشتملاً على مصلحة دنيوية شخصية للحالف بشرط ان لا يكون تركه راجحاً شرعاً.
وكما لا تنعقد اليمين فيما اذا كان متعلقها مرجوحاً كذلك تنحل فيما اذا تعلقت براجح ثم صار مرجوحاً ، كما لو حلف على ترك التدخين أبداً ثم ضرّه تركه بعد حين فانه تنحل يمينه حينئذٍ ، ولو عاد إلى الرجحان لم تعد اليمين بعد انحلالها.
( مسألة 1268 ) : لا تنعقد يمين الولد مع منع الوالد ، ولا يمين الزوجة مع منع الزوج ، ولا يعتبر في إنعقاد يمينهما اذن الوالد والزوج فلو حلف الولد أو الزوجة ولم يطلعا على حلفهما أو لم يمنعا مع علمهما به صح حلفهما ووجب الوفاء به.
( مسألة 1269 ) : إذا ترك المكلف الوفاء بيمينه نسياناً أو اضطراراً أو اكراهاً أو عن جهل يعذر فيه لم تجب عليه الكفارة ، مثلاً اذا حلف الوسواسي على عدم الاعتناء بالوسواس ، كما اذا حلف ان يشتغل بالصلاة فوراً ، ثم منعه وسواسه عن ذلك فلا شيء عليه اذا كان الوسواس بالغاً إلى درجة يسلبه الاختيار والا لزمته الكفارة.
النذر ـ اليمين ـ العهد » احكام العهد
( مسألة 1270 ) : لا ينعقد العهد بمجرد النية بل يحتاج إلى الصيغة ، فلا يجب العمل بالعهد القلبي وان كان ذلك احوط استحباباً ، وصيغة العهد ان يقول ( عاهدت الله ، أو عليّ عهد الله أن أفعل كذا أو اترك كذا ).
( مسألة 1271 ) : يعتبر في منشئ العهد ان يكون بالغاً عاقلاً مختاراً قاصداً غير محجور عن التصرف في متعلق العهد على حذو ما تقدم اعتباره في النذر واليمين.
( مسألة 1272 ) : لا يعتبر في متعلق العهد ان يكون راجحاً شرعاً كما مرّ اعتباره في متعلق النذر ، بل يكفي ان لا يكون مرجوحاً شرعاً مع كونه راجحاً بحسب الاغراض الدنيوية العقلائية أو مشتملاً على مصلحة دنيوية شخصية مثل ما مرّ في متعلق اليمين.
( مسألة 1273 ) : اذا انشأ العهد مطلقاً أي غير مُعلِّق على تحقق امرٍ وجب الوفاء به على أي حال ، واذا انشاه معلقاً على قضاء حاجته مثلاً كما لو قال (عليّ عهد الله أن أصوم يوماً اذا برئ مريضي) وجب عليه الوفاء به اذا قضيت حاجته.
ومتى خالف المكلف عهده بعد انعقاده لزمته الكفارة ، وهي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكيناً.
الوقف » أحكام الوقف
( مسألة 1274 ) : الوقف هو ( تحبيس الاصل وتسبيل المنفعة ) واذا تمّ بشروطه الشرعية خرج المال الموقوف عن ملك الواقف واصبح مما لا يوهب ولا يورث ولا يباع الا في موارد معينة يجوز فيها البيع كما تقدم في المسألة (659) وما بعدها.
( مسألة 1275 ) : لا يتحقق الوقف بمجرد النية ، بل لابد من انشائه بلفظ كـ ( وقفت هذا الفراش على المسجد ) أو بفعل كاعطاء الفراش إلى قيمّ المسجد بنية وقفه ، ومثله تعمير جدار المسجد أو بناء أرض على طراز ما تُبنى به المساجد بقصد كونه مسجداً فانه يكون وقفاً بذلك.
( مسألة 1276 ) : يعتبر في الواقف: البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، والقصد ، وعدم الحجر عن التصرف في الموقوف لسفه أو فلس ، فلا يصح وقف الصبي والمجنون والمكره والغافل والساهي والمحجور عليه.
( مسألة 1277 ) : يعتبر في الوقف امور:
أ ـ عدم توقيته بمدة ، فلو قال (داري وقف على الفقراء إلى سنة) بطل وقفاً ، ويصح حبساً اذا قصد ذلك.
ب ـ ان يكون منجزاً ، فلو قال (هذا وقف بعد مماتي) لم يصح ، نعم اذا فهم منه عرفاً انه اراد الوصية بالوقف وجب العمل بها اذا كانت الوصية نافذة فيجعل وقفاً بعد وفاته.
ج ـ ان لا يكون وقفاً على نفس الواقف ولو في ضمن آخرين ، فلو وقف أرضاً لان يدفن فيها لم يصح ، ولو وقف دكاناً لأن تصرف منافعه بعد موته على من يقرأ القرآن على قبره ويهدي اليه ثوابه صحّ ، واذا وقف بستاناً على الفقراء لتصرف منافعه عليهم وكان الواقف فقيراً حين الوقف أو أصبح كذلك بعده جاز له الانتفاع بمنافعه كغيره الا اذا كان من قصده خروج نفسه.
د ـ قبض العين الموقوفة إذا كان من الاوقاف الخاصة ، فلا يصح الوقف إذا لم يقبضها الموقوف عليه أو وكيله أو وليّه ، نعم يكفي قبض الطبقة الموجودة عن الطبقات اللاحقة ، بل يكفي قبض الموجود من الطبقة الاولى عمن يوجد منها بعد ذلك ، وإذا وقف على اولاده الصغار واولاد اولاده وكانت العين في يده كفى ذلك في تحقق القبض ولم يحتج إلى قبض آخر.
ولا يعتبر القبض في صحة الوقف على العناوين العامة ، فلو قال ( وقفت هذه الارض مقبرة للمسلمين ) صارت وقفّا وان لم تقبض من قبل المتولي أو الحاكم الشرعي.
هـ ـ ان يكون الموقوف عيناً خارجية ومما يمكن الانتفاع بها مدة معتداً بها منفعة محللة مع بقاء عينها ، فلا يصح وقف الدين ولا وقف الاطعمة ونحوها مما لا نفع فيه الا باتلاف عينه ولا وقف الورد للشم مع انه لا يبقى الا مدة قصيرة ، ولا وقف الآت اللهو المحرّم.
و ـ وجود الموقوف عليه حال الوقف إذا كان من الاوقاف الخاصة ، فلا يصح الوقف على المعدوم في حين الوقف ، كما إذا وقف على من سيولد له من الاولاد ، وفي صحة الوقف على الحمل قبل ان يولد اشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه ، نعم إذا لوحظ الحمل بل المعدوم تبعاً لمن هو موجود بالفعل بان يجعل طبقة ثانية أو مساوياً للموجود في الطبقة بحيث لو وجد لشاركه صح الوقف.
( مسألة 1278 ) : لا يعتبر قصد القربة في صحة الوقف ولا سيما في الوقف الخاص كالوقف على الذرية ، كما لا يعتبر القبول في الوقف بجميع انواعه وان كان اعتباره احوط استحباباً.
( مسألة 1279 ) : يجوز للواقف في وقف غير المسجد ان يجعل في ضمن انشاء الوقف تولية الوقف ونظارته لنفسه مادام الحياة أو الى مدة محددة وكذلك يجوز ان يجعلها لغيره ، كما يجوز ان يجعل أمر التولية لنفسه أو لشخص آخر بان يكون المتولي كل من يعينه نفسه أو ذلك الشخص ، ولو جعل التولية لشخص لم يجب عليه القبول سواء أكان حاضراً في مجلس ايقاع الوقف أم كان غائباً ثم بلغه ذلك ، ولو قبل التولية تعين ووجب عليه العمل بما قرره الواقف من الشروط ، ولكن له ان يعزل نفسه عن التولية بعد ذلك.
( مسألة 1280 ) : يعتبر في متولي الوقف ان تكون له الكفاية لادارة شؤونه ولو بالاستعانة بالغير ، كما يعتبر ان يكون موثوقاً به في العمل وفق ما يقتضيه الوقف.
( مسألة 1281 ) : إذا لم يجعل الواقف متولياً للوقف ولم يجعل حق نصبه لنفسه أو لغيره فالعين الموقوفة ان كانت وقفاً على أفراد معينين على نحو التمليك كاولاد الواقف ـ مثلاً ـ جاز لهم التصرف فيها بما يتوقف عليه انتفاعهم منها من دون اخذ اجازة أحد فيما إذا كانوا بالغين عاقلين رشيدين ، وان لم يكونوا كذلك كان زمام ذلك بيد وليّهم الشرعي ، وأما التصرف في العين الموقوفة بما يرجع الى مصلحة الوقف ومراعاة مصلحة البطون اللاحقة من تعميرها واجارتها على الطبقات اللاحقة فالامر فيه بيد الحاكم الشرعي أو المنصوب من قبله.
وإذا كانت العين الموقوفة وقفاً على جهة عامة أو خاصة أو عنوان كذلك كالبستان الموقوف على الفقراء أو الخيرات فالمتولي له في حال عدم نصب الواقف احداً للتولية وعدم جعل حق النصب لنفسه أو لغيره هو الحاكم الشرعي أو المنصوب من قبله.
( مسألة 1282 ) : تختص المساجد بانه لا تولية لاحد عليها ، فليس لواقف الارض مسجداً ان ينصب متولياً عليه ، نعم تجوز التولية لموقوفات المسجد من بناء وفرش والآت انارة وتبريد وتدفئة ونحوها.
( مسألة 1283 ) : إذا ظهرت خيانة من المتولي للوقف كعدم صرفه منافع الوقف في الموارد المقررة في الوقفية ضمّ اليه الحاكم الشرعي من يمنعه عنها ، وأن لم يمكن ذلك عزله ونصب شخصاً آخر متوليّا له.
( مسألة 1284 ) : إذا خرب المسجد لم تخرج عرصته عن الوقفية ولا يجوز بيعها وان تعذر تعميره إلى الابد ، واما غير المسجد من الاعيان الموقوفة مثل البستان والدار فتبطل وقفيتها بالخراب الموجب لزوال العنوان إذا كانت الوقفية قائمة بذلك العنوان كوقف البستان مادام كذلك وعندئذٍ يرجع ملكاً للواقف ومنه إلى ورثته حين موته ، وهذا بخلاف ما إذا كان الملحوظ في الوقفية كلاًّ من العين والعنوان ـ كما هو الغالب ـ فانه إذا زال العنوان فان امكن تعمير العين الموقوفة واعادة العنوان من دون حاجة إلى بيع بعضها ـ كأن يصالح شخص على اعادة تعميرها على أن تكون له منافعها لمدة معينة ولو كانت طويلة نسبياً ـ لزم ذلك وتعين ، وان توقف اعادة عنوانها على بيعِ بعضها ليعمر الباقي فالاحوط لزوماً تعينه ، وان تعذر
اعادة العنوان اليها مطلقاً ولكن أمكن إستنماء عرصتها بوجه آخر فهو المتعين ، وان لم يمكن بيعت ، والاحوط لزوماً ان يشترى بثمنها ملك آخر ويوقف على نهج وقف الاول ، بل الاحوط لزوماً أن يكون الوقف الجديد معنوناً بعنوان الوقف الاول مع الامكان وإلا فالاقرب اليه ، وان تعذر هذا ايضاً صرف ثمنها على الجهة الموقوفة عليها.
( مسألة 1285 ) : ما يوقف على المساجد والمشاهد ونحوهما من آلات الانارة والتكييف والفرش ونحوها لا يجوز نقلها إلى محل آخر مادام يمكن الانتفاع بها في المكان الذي وقفت عليه ، وأما لو فرض استغناؤه عنها بالمرة بحيث لا يترتب على ابقائها فيه إلا الضياع والتلف نقلت إلى محل آخر مماثل له ، بان يجعل ماللمسجد لمسجدٍ آخر وما للحسينية في حسينية اخرى ، فان لم يوجد المماثل أو استغنى عنه بالمرة جعل في المصالح العامة.
هذا إذا امكن الانتفاع به باقياً على حاله ، واما لو فرض انه لا ينتفع إلا ببيعه بحيث لو بقي لضاع وتلف بيع وصرف ثمنه في ذلك المحل الموقوف عليه ان كان في حاجة اليه وإلا ففي المماثل ثم المصالح العامة مثل ما مرّ.
( مسألة 1286 ) : لا يجوز صرف منافع المال الموقوف على ترميم مسجد معين في ترميم مسجد آخر ، نعم إذا كان المسجد الموقوف عليه في غنى عن الترميم إلى أمد بعيد ولم يتيسر تجميع عوائد الوقف وادخارها إلى حين احتياجه فالاحوط لزوماً صرفها فيما هو الاقرب إلى مقصود الواقف من تأمين سائر احتياجات المسجد الموقوف عليه أو ترميم مسجد آخر حسب اختلاف الموارد.
( مسألة 1287 ) : إذا احتاجت الاملاك الموقوفة إلى التعمير أو الترميم
لاجل بقائها وحصول النماء منها ، فان لم يكن لها ما يصرف عليها في ذلك صرف جزء من نمائها وجوباً مقدماً على حق الموقوف عليهم ، وإذا احتاج إلى تمام النماء في التعمير أو الترميم بحيث لولاه لا يبقى للطبقات اللاحقة صرف النماء بتمامه في ذلك وان أدى إلى حرمان الطبقة الموجودة
( مسألة 1288 ) : إذا أراد المتولي للوقف بيعه بدعوى وجود المسوغ للبيع لم يجز الشراء منه إلا بعد التثبت من وجوده ، واما لو بيعت العين الموقوفة ثم حدث للمشتري أو لطرف ثالث شك في وجود المسوغ للبيع في حينه جاز البناء على صحته ، نعم إذا تنازع المتولي والموقوف عليه مثلاً في وجود المسوغ وعدمه فرفعوا أمرهم إلى الحاكم الشرعي فحكم بعدم ثبوت المسوغ وبطلان البيع لزم ترتيب آثاره.
الوصية » أحكام الوصية
( مسألة 1289 ) : الوصية على قسمين:
أ ـ الوصية التمليكية وهي ان يجعل الانسان شيئاً مما له من مال أو حق لغيره بعد وفاته.
ب ـ الوصية العهدية وهي ان يعهد الانسان بتولي شخص بعد وفاته أمراً يتعلق به أو بغيره كدفنه في مكان معين أو تمليك شيء من ماله لاحد أو القيمومة على صغاره ونحو ذلك.
( مسألة 1290 ) : يعتبر في الموصي البلوغ والعقل والرشد الاختيار ، فلا تصح وصية المجنون والمكره ، ولا وصية السفيه في امواله وتصح في غيرها كتجهيزه ونحوه مما لا تعلق له بمال ، وكذا لا تصح وصية الصبي إلا إذا بلغ عشر سنين فانه تصح وصيته في المبرات والخيرات العامة كما تصح وصيته لارحامه وأقربائه ، وأما الغرباء ففي نفوذ وصيته لهم اشكال ، كما يشكل نفوذ وصية البالغ سبع سنين في الشيء اليسير ، فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيهما.
ويعتبر في الموصي أيضاً أن لا يكون قاتل نفسه متعمداً على وجه العصيان ، فاذا اوصى بعد ما احدث في نفسه ما يجعله عرضة للموت من جرح أو تناول سم أو نحو ذلك لم تصح وصيته في ماله وتصح في غيره من تجهيز ونحوه مما لا تعلق له بالمال ، وكذا تصح فيما إذا فعل ذلك خطأ أو سهواً أو على غير وجه العصيان مثل الجهاد في سبيل الله أو مع ظن
السلامة فاتفق موته به ، وكذا إذا عوفي ثم أوصى ، أو أوصى بعد ما فعل السبب ثم عوفي ثم مات ، أو أوصى قبل أن يحدث في نفسه ذلك ثم احدث فيها وان كان قبل الوصية بانياً على أن يحدث ذلك بعدها.
( مسألة 1291 ) : لا يعتبر في صحة الوصية التلفظ بها أو كتابتها ، بل يكفي كل ما يدل عليها حتى الاشارة المفهمة للمراد وإن كان الشخص قادراً على النطق ، ويكفي في ثبوت الوصية وجود مكتوب للميت يعلم من قرائن الاَحوال أنه اراد العمل به بعد موته ، وأما إذا علم أنه كتبه ليوصي على طبقه بعد ذلك فلا يلزم العمل به.
( مسألة 1292 ) : إذا ظهرت للانسان علامات الموت وجب عليه اُمور:
(منها) ردّ الأمانات إلى أصحابها أو اعلامهم بذلك على تفصيل تقدم في المسألة 929.
و( منها ) الاستيثاق من وصول ديونه إلى أصحابها بعد مماته ، ولو بالوصية بها والاستشهاد عليها ، هذا في ديونه التي لم يحل اجلها بعد أو حلّ ولم يطالبه بها الديان أو لم يكن قادراً على وفائها وإلاّ فتجب المبادرة إلى أدائها فوراً وإن لم يخف الموت.
و( منها ) الوصية بأداء ما عليه من الحقوق الشرعية كالخمس والزكاة والمظالم إذا كان له مال ولم يكن متمكناً من ادائها فعلاً أو لم يكن له مال واحتمل ـ احتمالاً معتداً به ـ أن يؤدي ما عليه بعض المؤمنين تبرعاً واحساناً ، وأما إذا كان له مال وكان متمكناً من الأداء وجب عليه ذلك فوراً من غير تقيد بظهور امارات الموت.
و( منها ) : الاستيثاق من اداء ما عليه من الصلاة والصوم والكفارات ونحوها بعد وفاته ولو بالوصية به إذا كان له مال ، بل إذا لم يكن له مال واحتمل ـ احتمالاً معتداً به ـ أن يقضيها شخص آخر عنه تبرعاً وجبت عليه الوصية به أيضاً ، وربما يغني الاخبار عن الايصاء كما لو كان له من يطمئن بقضائه لما فات عنه ـ كالولد الأكبر ـ فيكفي حينئذٍ اخباره بفوائته.
و( منها ) : اعلام الورثة بما له من مال عند غيره أو في ذمته أو في محل خفي لا علم لهم به إذا عد تركه تضييعاً لحقهم ، ولا يجب على الأب نصب القيم على الصغار إلاّ إذا كان اهمال ذلك موجباً لضياعهم أو ضياع أموالهم فإنه يجب على الأب والحالة هذه جعل القيم عليهم ، ويلزم أن يكون أميناً.
( مسألة 1293 ) : الحج الواجب على الميت بالاستطاعة والحقوق المالية ـ وهي الاموال التي اشتغلت بها ذمته كالديون والزكاة والمظالم ـ تخرج من أصل المال سواء اوصى بها الميت أم لا ، نعم إذا اوصى باخراجها من ثلثة تخرج من الثلث كما سيأتي.
( مسألة 1294 ) : إذا زاد شيء من مال الميت ـ بعد اداء الحج واخراج الحقوق المالية ان وجب ـ فان كان قد اوصى باخراج الثلث أو الاقل منه فلا بد من العمل بوصيته ، والا كان تمام الزائد للورثة ولا يجب عليهم صرف شيء منه عليه حتى في ابراء ذمته مما تعلق بها من الواجبات المتوقفة على صرف المال كالكفارات والنذورات المالية والصلاة والصيام استيجاراً.
( مسألة 1295 ) : لا تنفذ الوصية بغير حجة الاسلام والحقوق المالية فيما يزيد على ثلث التركة ، فمن اوصى بنصف ماله مثلاً لزيد أو للصرف في الاستيجار للصلاة والصيام عنه توقف نفوذها في الزائد على الثلث على امضاء الورثة ، فان امضوا في حياة الموصي أو بعد موته ولو بمدة صحت الوصية ، والا بطلت في المقدار الزائد ، ولو امضاها بعضهم دون بعض نفذت في حصة المجيز خاصة.
( مسألة 1296 ) : إذا أوصى باداء الخمس والزكاة وغيرهما من الديون وباستئجار من يقضي فوائته من الصلاة والصيام وبالصرف في الامور المستحبة كاطعام المساكين كل ذلك من ثلث ماله ، وجب اداء الديون اولاً ، فان بقي شيء صرف في اجرة الصوم والصلاة ، فان زاد صرف الزائد في المصارف المستحبة ، فاذا كان ثلثه بمقدار دينه فقط ولم يجز الوارث وصيته في الزائد على الثلث بطلت الوصية في غير الدين.
( مسألة 1297 ) : إذا اوصى باداء ديونه وبالاستئجار للصوم والصلاة عنه وبالاتيان بالامور المستحبة ولم يذكر اخراج ذلك من ثلث ماله وجب اداء ديونه من اصل المال ، فان بقي منه شيء صرف الثلث في الاستئجار للصلاة والصوم والاتيان بالامور المستحبة اذا وفى الثلث بذلك ، والا فان أجاز الورثة الوصية في المقدار الزائد وجب العمل بها ، وان لم يجزها الورثة وجب الاستئجار للصلاة وللصيام من الثلث ، فان بقي منه شيء يصرف في المستحبات.
( مسألة 1298 ) : إذا اوصى بوصايا متعددة وكلها من الواجبات التي لا تخرج من الاصل أو كلها من التبرعات والخيرات فان زادت على الثلث ولم يجز الورثة جميعها ورد النقص على الجميع بالنسبة مالم تكن قرينة حالية أو مقالية على تقديم بعضها على البعض عند التزاحم.
( مسألة 1299 ) : إذا اوصى باخراج ثلثه ولم يعين له مصرفاً خاصاً عمل الوصي وفق ما تقتضيه مصلحة الميت ، كاداء ما علُقَ بذمته من الواجبات مقدماً على المستحبات ، بل يلزمه مراعاة ما هو اصلح له مع تيسر فعله على النحو المتعارف ، ويختلف ذلك باختلاف الاموات ، فربما يكون الاصلح
اداء العبادات الاحتياطية عنه وربما يكون الاصلح فعل القربات والصدقات.
( مسألة 1300 ) : إذا اوصى باخراج ثلثه ، فان نصّ على ارادة ابقاء عينه وصرف منافعه أو وجدت قرينة حالية أو مقالية على ذلك تعيّن العمل بموجبه ، والا وجب اخراج الثلث عيناً أو قيمة وصرفه في موارده من غير تأخير في ذلك وان توقف على بيع التركة ، نعم إذا وجدت قرينة على عدم ارادة الموصي التعجيل في الاخراج جاز التأخير فيه بمقدار ما تقتضيه القرينة ، مثلاً لو أوصى باخراج ثلثه مع الالتفات إلى أن الاسراع فيه يتوقف على بيع الدار السكنية لورثته المؤدي إلى تشردّهم ـ وهو ما لا يرضى به يقيناً ـ كان ذلك قرنية على اذنه في التأخير إلى الزمان الذي يتمكن فيه الورثة أو وليهّم من تحصيل مسكن لهم ولو بالايجار.
( مسألة 1301 ) : إذا اوصى من لا وارث له الا الامام عليه السلام بجميع ماله للمسلمين والمساكين وابن السبيل لم تنفذ الا بمقدار الثلث منه كما هو الحال فيما إذا اوصى بجميعه في غير الامور المذكورة وسبيل الباقي سبيل سهم الامام عليه السلام من الخمس.
( مسألة 1302 ) : إذا اوصى بوصيةٍ تمليكية أو عهدية ثم رجع عنها بطلت ، فلو اوصى لزيد مثلاً بثلث ماله ثم عدل عن وصيته بطلت الوصية ، وإذا اوصى إلى شخص معين ليكون قيّماً على صغاره ثم اوصى إلى غيره بذلك بطلت الوصية الاولى وتصح الثانية.
( مسألة 1303 ) : يكفي في الرجوع عن الوصية كل ما يدل عليه ، فلو اوصى بداره لزيد مثلاً ثم باعها بطلت الوصية ، وكذا اذا وكلّ غيره في بيعها مع التفاته إلى وصيته.
( مسألة 1304 ) : إذا اوصى بثلثه لزيد ثم اوصى بنصف ثلثه لعمرو كان
الثلث بينهما بالسوية ، ولو اوصى بعين شخصية لزيد ثم اوصى بنصفها لعمرو كانت الثانية مبطلة للاولى بمقدار النصف.
( مسألة 1305 ) : إذا وهب بعض امواله في مرض موته واقبضه واوصى ببعضها الآخر ثم مات ، فان وفى الثلث بهما أو امضاهما الورثة صحّا جميعاً ، وإلاّ يحسب المال الموهوب من الثلث فان بقي شيء حسب منه المال الموصى به.
( مسألة 1306 ) : إذا اعترف في مرض الموت بدين عليه فان لم يكن متّهماً في اعترافه يخرج المقدار المعترف به من اصل التركة ، ومع الاتهام يخرج من الثلث ، والمقصود بالاتّهام وجود امارات يُظن معها بكذبه ، كأن يكون بينه وبين الورثة معاداة يظن معها بانه يريد بذلك اضرارهم ، أو كان له محبة شديدة مع المقرّ له يظن معها بانه يريد بذلك نفعه.
( مسألة 1307 ) : إذا اوصى لشخص بمال فقبل الموصى له الوصية ملك المال بعد موت الموصي وان كان قبوله في حياته ، ولا يكفي مجرد عدم رفضه للوصية في دخول المال في ملكه بوفاة الموصي.
( مسألة 1308 ) : إذا لم يردّ الموصى له الوصية ومات في حياة الموصي أو بعد موته قامت ورثته مقامه فاذا قبلوا الوصية ملكوا المال الموصى به إذا لم يرجع الموصي عن وصيته.
( مسألة 1309 ) : لا يعتبر في الوصية العهدية وجود الموصى له في حال الوصية أو عند موت الموصي ، فلو اوصى باعطاء شيء من ماله الى من سيوجد بعد موته ـ كولد ولده ـ فان وُجد أُعطي له والا كان ميراثاً لورثة الموصي ، نعم إذا فهم منه ارادة صرفه في مورد آخر اذا لم يوجد الموصى له صرف في ذلك المورد ولم يكن ارثاً. وأما الوصية التمليكية فلا تصح للمعدوم إلى زمان موت الموصي ، فلو اوصى بشيء من ماله لما تحمله زوجة ابنه بعد وفاته لم تصح ، وتصح للحمل حين وجود الوصية فان ولد حياً ملك المال بقبول وليه وإلا بطلت ورجع إلى ورثة الموصي.
( مسألة 1310 ) : إذا عيّن الموصي شخصاً لتنفيذ وصيته تعيّن ويسمى ( الوصي ) ، ويعتبر ان يكون عاقلاً ويطمأن بتنفيذه للوصية إذا تضمّنت اداء الحقوق الواجبة عن الموصي بل مطلقاً على الاحوط لزوماً ، والمشهور بين الفقهاء ( رضي الله عنهم ) انه لا تصح الوصاية إلى الصبي منفرداً وان كان كذلك إذا اراد منه التصرف في حال صباه مستقلاً ، ولكن هذا لا يخلو من اشكال ، فلو اوصى اليه كذلك فالاحوط لزوماً توافقه مع الحاكم الشرعي في التصرف ، واما إذا اراد ان يكون تصرفه بعد البلوغ أو مع اذن الوليّ فلا بأس بذلك.
وإذا كان الموصي مسلماً اعتبر ان يكون الوصي مسلماً ايضاً على الاحوط لزوماً.
( مسألة 1311 ) : يجوز للموصي ان يوصي إلى اثنين أو أكثر ، وفي حالة تعدد الاوصياء ان نصّ الموصي على أنّ لكل منهم صلاحية التصرف بصورة مستقله عن الاخرين أو على عدم السماح لهم بالتصرف الا مجتمعين اخذ بنصّه ، وكذا إذا كان ظاهر كلامه احد الامرين ولو لقرينة حالية أو مقالية ، وإلا فلا يجوز لايّ منهم الاستقلال بالتصرف ولا بدّ من اجتماعهم.
وإذا تشاح الوصيان بشرط الانضمام ولم يجتمعا بحيث كان يؤدي ذلك إلى تعطيل العمل بالوصية فان لم يكن السبب فيه وجود مانع شرعي لدى كل واحد منهما عن اتباع نظر الاخر اجبرهما الحاكم الشرعي على الاجتماع ، وان تعذر ذلك او كان السبب فيه وجود المانع عنه لدى كليهما ضمّ الحاكم إلى احدهما شخصاً آخر حسب ما يراه من المصلحة وينفذ تصرفهما.
( مسألة 1312 ) : لا يجب على من يعينه الموصي لتنفيذ وصيته قبول الوصاية بل له ان يردها في حياة الموصي بشرط ان يبلغه الرد ، بل الاحوط لزوماً اعتبار تمكنه من الايصاء إلى شخص آخر ايضاً ، فلو كان الردّ بعد موت الموصي أو قبل موته ولكن لم يبلغه حتى مات فلا أثر له وتكون الوصاية لازمة ، وكذلك إذا بلغه الردّ ولم يتمكن من الايصاء إلى غيره لشدّة ، المرض مثلاً على الاحوط وجوباً ، نعم إذا كان العمل بالوصية حرجياً على الموصى اليه جاز له ردّها.
( مسألة 1313 ) : ليس للوصي ان يفوض امر الوصية إلى غيره بمعنى ان يعزل نفسه عن الوصاية ويجعلها له ، كما ليس له ان يجعل وصياً لتنفيذها بعد موته إلا إذا كان مأذوناً من قبل الموصي في الايصاء ، نعم له ان يوكّل من يثق به في القيام بما يتعلق بالوصية ممالم يكن مقصود الموصي مباشرة الوصي له بشخصه.
( مسألة 1314 ) : إذا اوصى إلى اثنين مجتمعين ومات احدهما أو طرأ عليه جنون أو غيره مما يوجب إرتفاع وصايته أقام الحاكم الشرعي شخصاً آخر مكانه ، واذا ماتا معاً نصب الحاكم اثنين ويكفي نصب شخص واحد ايضاً إذا كان كافياً بالقيام بشؤون الوصية.
( مسألة 1315 ) : إذا عجز الوصي عن انجاز الوصية ـ لكبر السنّ ونحوه ـ حتى على سبيل التوكيل او الاستيجار ضمّ اليه الحاكم الشرعي من يساعده في ذلك.
( مسألة 1316 ) : لا بأس بالايصاء إلى عدة اشخاص على الترتيب ، كأن يقول ( زيد وصيي فأن مات فعمرو وصيي ) ، فوصاية عمرو تتوقف عندئذٍ على موت زيد.
( مسألة 1317 ) : الوصي امين ، فلا يضمن مايتلف في يده الا مع التعدي او التفريط ، مثلا: إذا اوصى الميت بصرف ثلثه على فقراء بلده فنقله الوصي إلى بلد آخر وتلف المال في الطريق ضمنه لتفريطه بمخالفة الوصية.
( مسألة 1318 ) : تثبت دعوى مدعي الوصية له بمال بشهادة مسلمين عدلين ، وبشهادة مسلم عادل مع يمين المدعي ، وبشهادة مسلم عادل مع مسلمتين عادلتين ، وبشهادة اربع مسلمات عادلات ، ويثبت ربع الوصية بشهادة مسلمة عادلة ونصفها بشهادة مسلمتين عادلتين وثلاثة ارباعها بشهادة ثلاث مسلمات عادلات كما تثبت الدعوى الانفة الذكر بشهادة رجلين ذميين عدلين في دينهما عند الضرورة وعدم تيسّر عدول المسلمين.
واما دعوى القيمومة على الصغار من قبل ابيهم او جدهم او الوصاية على صرف مال الميت فلا تثبت الا بشهادة عدلين من الرجال ولا تقبل فيها شهادة النساء منفردات ولا منضمات إلى الرجال.
الكفارات » أحكام الكفارات
( مسألة 1319 ) : الكفارات على خمسة أقسام: فانها اما ان تكون معينة أو مرتبة أو مخيرة أو ما اجتمع فيها الترتيب والتخيير أو تكون كفارة الجمع ، وفيما يلي امثلة للجميع:
أ ـ كفارة القتل خطأً مرتبة وهي عتق رقبة فان عجز صام شهرين متتابعين فان عجز اطعم ستين مسكيناً ، وايضاً كفارة من افطر في قضاء شهر رمضان بعد الزوال مرتبة وهي اطعام عشرة مساكين فان عجز صام ثلاثة ايام.
ب ـ كفارة من تعمد الافطار في يوم من شهر رمضان أو خالف العهد مخيرة ، وهي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكيناً.
ج ـ كفارة حنث اليمين والنذر اجتمع فيها التخيير والترتيب وهي عتق رقبة أو اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فان عجز صام ثلاثة ايام متواليات.
د ـ كفارة قتل المؤمن عمداً وظلماً كفارة جمع وهي عتق رقبة وصيام شهرين متتابعين واطعام ستين مسكيناً.
هـ ـ كفارة من حلف بالبراءة من الله أو من رسوله صلى الله عليه وآله أو من دينه أو من الائمة عليهم السلام ثم حنث كفارة معينة وهي اطعام عشرة مساكين.
( مسألة 1320 ) : إذا اشترك جماعة في القتل العمدي وجبت الكفارة على كل واحد منهم ، وكذلك في قتل الخطأ.
( مسألة 1321 ) : إذا ثبت على مسلم حدّ يوجب القتل كالزاني المحصن واللائط فقتله غير الامام أو المأذون من قبله وجبت الكفارة على القاتل ، نعم لا كفارة في قتل المرتد إذا لم يتب.
( مسألة 1322 ) : لو نذر صوم يوم أو أيام فعجز عنه فالاحوط وجوباً ان يتصدق لكل يوم بمدّ ( 750 غراماً تقريباً ) من الطعام على مسكين ، أو يدفع له مدين ( 5|1 كيلو غراماً تقريباً ) من الطعام ليصوم عنه.
( مسألة 1323 ) : العجز عن العتق الموجب للانتقال إلى الصيام ثم الاطعام في الكفارة المرتبة متحقق في هذا الزمان لعدم الرقبة المملوكة ، واما العجز عن الصيام الموجب لتعين الطعام فيتحقق بالتضرر به أو بكونه شاقاً مشقة لا يتحمل عادة ، واما العجز عن الاطعام والاكساء في كفارة اليمين ونحوها الموجب للانتقال إلى الصيام فيتحقق بعدم تيسر تحصيلهما ولو لعدم توفر ثمنهما أو احتياجه إليه في نفقة نفسِهِ أو واجبي النفقة عليه.
( مسألة 1324 ) : المدار في الكفارة المرتبة على حال الاداء ، فلو كان قادراً على الصوم ثم عجز أطعم ولا يستقر الصوم في ذمته ، ويكفي في تحقق العجز الموجب للانتقال إلى البدل فيها العجز العرفي في وقت التكفير فلو كان عجزه لمدة قصيرة كاسبوع مثلاً لزمه الانتظار ، ولو صدق العجز عرفاً فأتى بالبدل ثم طرأت القدرة اجتزأ به ، بل يكفي الشروع فيه ، فاذا عجز عن الصوم فدخل في الاطعام ثم تمكّن منه اجتزأ باتمام الاطعام.
( مسألة 1325 ) : يجب التتابع في صوم الشهرين من الكفارة المخيرة والمرتبة وكفارة الجمع ، كما يجب التتابع بين صيام الايام الثلاثة في كفارة اليمين والنذر ، والمقصود بالتتابع عدم تخلّل الافطار ولا صوم آخر غير الكفارة بين ايامها ، فلا يجوز الشروع في الصوم في زمان يعلم انه لا يسلم له بتخلل العيد أو تخلل يوم يجب فيه صوم آخر الا إذا كان ذلك الصوم مطلقاً ينطبق على صوم الكفارة كما لو نذر قبل تعلق الكفارة بان يصوم اليوم الاول من شهر رجب فان صومه لا يضرُّ بالتتابع بل يحسب من الكفارة ايضاً مع قصدها ، بخلاف ما إذا نذر ان يصومه شكراً ـ مثلاً ـ فانه يضرّ بالتتابع.
( مسألة 1326 ) : انما يضر الافطار في الاثناء بالتتابع فيما إذا وقع على وجه الاختيار ، فلو وقع لعذر كالمرض وطرّو الحيض والنفاس ـ لا بتسبيب منه ـ والسفر الاضطراري دون الاختياري ونسيان النية إلى فوات وقتها لم يجب الاستيناف بعد زوال العذر بل يبني على ما مضى.
( مسألة 1327 ) : يكفي في تتابع الشهرين من الكفارة صيام شهر ويوم واحد متتابعاً ، ويجوز له التفريق بعد ذلك لايّ عارض يعدُّ عذراً عرفاً وان لم يبلغ درجة الضرورة ، واما التفريق إختياراً لا لعذر اصلاً فالاحوط لزوماً تركه.
( مسألة 1328 ) : من وجب عليه صيام شهرين يجوز له الشروع فيه في اثناء الشهر ولكن الاحوط وجوباً حينئذٍ ان يصوم ستين يوماً وان كان الشهر الذي شرع فيه مع تاليه ناقصين أو مختلفين ، وأما لو شرع فيه من أول الشهر فيجزيه شهران هلاليان وان كانا ناقصين.
( مسألة 1329 ) : يتخير في الاطعام الواجب في الكفارات بين تسليم الطعام إلى المساكين واشباعهم ، ولا يتقدر الاشباع بمقدار معين بل المدار فيه عرض الطعام الجاهز عليهم بمقدار يكفي لاشباعهم مرة واحدة قل أو كثر ، واما نوعه فيجب ان يكون مما يتعارف التغذي به لغالب الناس من المطبوخ وغيره وان كان بلا ادام وهو ما جرت العادة باكله مع الخبز ونحوه ، والافضل ان يكون مع الادام وكل ما كان اجود كان افضل.
واما في التسليم فاقل ما يجزي تسليم كل واحد منهم مد (750 غراماً تقريباً ) والافضل بل الاحوط استحباباً مدان ( 5|1 كيلو غرام تقريباً ) ويكفي فيه مطلق الطعام كالتمر والارز والزبيب والماش والذرة والحنطة وغيرها ، نعم الاحوط لزوماً في كفارة اليمين والنذر الاقتصار على تسليم الحنطة أو دقيقها.
( مسألة 1330 ) : التسليم إلى المسكين تمليك له وتبرأ ذمة المكفر بمجرد ذلك ، ولا تتوقف على اكله الطعام فيجوز له بيعه عليه أو على غيره.
( مسألة 1331 ) : يتساوى الصغير والكبير في الاطعام إذا كان بنحو التسليم ، فيعطى الصغير مد كما يعطى الكبير وان كان اللازم في الصغير التسليم إلى وليّه الشرعي ، واما إذا كان الاطعام بنحو الاشباع فاللازم احتساب الاثنين من الصغار بواحد إذا كانوا منفردين بل وان اجتمعوا مع الكبار على الاحوط وجوباً ، ولا يعتبر فيه اذن من له الولاية والحضانة إذا لم يكن منافياً لحقه.
( مسألة 1332 ) : يجوز التبعيض في التسليم والاشباع فيشبع البعض ويسلم إلى الباقي ، ولا يجوز التكرار مطلقاً بان يشبع واحداً مرات متعددة أو يدفع اليه امداداً متعددة من كفارة واحدة ويجوز من عدة كفارات ، كما لو افطر تمام شهر رمضان فيجوز له اشباع ستين مسكيناً معينين في ثلاثين يوماً أو تسليم ثلاثين مداً من الطعام لكل واحد منهم.
( مسألة 1333 ) : اذا تعذر اكمال العدد الواجب في الاطعام في البلد وجب النقل إلى غيره ، وان تعذر لزم الانتظار ولا يكفي التكرار على العدد الموجود على الاحوط وجوباً.
( مسألة 1334 ) : الكسوة لكل مسكين ثوب وجوباً ، وثوبان استحباباً ، ولا يكتفى فيها بكسوة الصغير جداً كابن شهرين على الاحوط لزوماً.
( مسألة 1335 ) : لا تجزي القيمة في الكفارة لا في الاطعام ولا في الكسوة بل لا بد في الاطعام من بذل الطعام اشباعاً أو تمليكاً ، كما انه لا بد في الكسوة من بذلها تمليكاً.
( مسألة 1336 ) : يجب في الكفارة المخيرة التكفير بجنس واحد ، فلا يجوز ان يكفر بجنسين كأن يصوم شهراً ويطعم ثلاثين مسكيناً في كفارة الافطار في شهر رمضان.
( مسألة 1337 ) : المراد بالمسكين الذي هو مصرف الكفارة هو الفقير المستحق للزكاة ، ويشترط فيه الاسلام بل الايمان على الاحوط لزوماً ، ولكن يجوز دفعها إلى الضعفاء من غير أهل الولاية ـ عدا النُصّاب ـ إذا لم يجد المؤمن ، ولا يجوز دفعها إلى واجب النفقة كالوالدين والاولاد والزوجة الدائمة ، ويجوز دفعها إلى سائر الاقارب بل لعله أفضل.
( مسألة 1338 ) : من عجز عن بعض الخصال الثلاث في كفارة الجمع اتى بالبقية وعليه الاستغفار على الاحوط لزوماً ، وان عجز عن الجميع لزمه الاستغفار فقط.
( مسألة 1339 ) : اذا عجز عن الاطعام في كفارة القتل خطأً فالاحوط وجوباً ان يصوم ثمانية عشر يوماً ويضم اليه الاستغفار ، فان عجز عن الصوم اجزأه الاستغفار وحده.
( مسألة 1340 ) : إذا عجز عن الخصال الثلاث في الكفارة المخيرة لافطار شهر رمضان عمداً فعليه التصدق بما يطيق ، ومع التعذر يتعين عليه الاستغفار ، ولكن إذا تمكن بعد ذلك لزمه التكفير على الاحوط وجوباً.
وإذا عجز عن الخصال الثلاث في الكفارة المخيرة لحنث العهد فليصم ثمانية عشر يوماً ، فان عجز لزمه الاستغفار.
( مسألة 1341 ) : إذا عجز عن صيام ثلاثة ايام في كفارة الافطار في قضاء شهر رمضان بعد الزوال ، وفي كفارة اليمين والنذر فعليه الاستغفار ، وهكذا الحال لو عجز عن اطعام عشرة مساكين في كفارة البراءة.
( مسألة 1342 ) : يجوز التأخير في اداء الكفارة المالية وغيرها بمقدار لا يعدّ توانياً وتسامحاً في اداء الواجب ، وان كانت المبادرة إلى الاداء احوط استحباباً.
( مسألة 1343 ) : يجوز التوكيل في اداء الكفارات المالية ولا يجزئ التبرع فيها على الاحوط لزوماً أي لا يجزي اداؤها عن شخص من دون طلبه ذلك ، كما لا يجزي التبرع عنه من الكفارة البدنية أي الصيام وان كان عاجزاً عن اداءه ، نعم يجوز التبرع عن الميت في الكفارات المالية والبدنية مطلقاً.
الارث » احكام الارث
( مسألة 1333 ) : الأرحام في الإرث ثلاث طبقات، فلا يرث أحد الأقرباء في طبقة إلا إذا لم يوجد للميت أقرباء من الطبقة السابقة عليها، وترتيب الطبقات كما يلي:
(الطبقة الاَُولى): الأبوان والأولاد مهما نزلوا، فالولد وولد الولد كلاهما من الطبقة الأولى، غير أن الولد يمنع الحفيد والسبط عن الإرث عند اجتماعهما مع الولد.
(الطبقة الثانية): الأجداد والجدات مهما تصاعدوا، والأخوة والأخوات أو أولادهما عند فقدهما، وإذا تعدد أولاد الأخ منع الأقرب منهم الأبعد عن الميراث، فإبن الأخ مقدم في الميراث على حفيد الأخ، وهكذا كما أن الجد يتقدم على أبي الجد.
(الطبقة الثالثة): الأعمام والأخوال والعمات والخالات، وإذا لم يوجد أحد منهم قام أبناؤهم مقامهم ولوحظ فيهم الأقرب فالأقرب، فلا يرث الابناء مع وجود العم أو الخال أو العمة أو الخالة إلا في حالة واحدة، وهي أن يكون للميت عم لاب أي يشترك مع أبي الميت في الأب فقط، وله ابن عم من الأبوين أي يشارك أبا الميت في الوالدين معاً، فإن ابن العم ـ في هذه الحالة ـ يقدم على العم بشرط ان لا يكون معهما عم للابوين ولا للام ولا عمة ولا خال ولا خالة، ولو تعدد العم للأب أو ابن العم للابوين أو كان معهما زوج أو زوجة ففي جريان الحكم المذكور اشكال فلا يترك مقتضى الاحتياط في ذلك.
وإذا لم يوجد للميت أقرباء من هذه الطبقات ورثته عمومة أبيه وامه وعماتهما وأخوالهما وخالاتهما وابناء هؤلاء مع فقدهم، وإذا لم يوجد للميت أقرباء من هذا القبيل ورثته عمومة جده وجدته واخوالهما وعماتهما وخالاتهما، وبعدهم أولادهم مهما تسلسلوا بشرط صدق القرابة للميت عرفاً والأقرب منهم يقدم على الأبعد.
وهناك بإزاء هذه الطبقات الزوج والزوجة، فإنهما يرثان بصورة مستقلة عن هذا الترتيب على تفصيل يأتي.
الارث » إرث الطبقة الاولى
( مسألة 1334 ) : إذا لم يكن للميت قريب من الطبقة الاولى إلاّ ابناؤه ورثوا المال كله، فإن كان له ولد واحد ـ ذكراً كان أو انثى ـ كان كل المال له، وإذا تعدد أولاده وكانوا جميعاً ذكوراً أو اناثاً تقاسموا المال بينهم بالسوية، وإذا مات عن أولاد ذكور واناث كان للولد ضعف البنت، فمن مات عن ولد وبنت واحدة قسم ماله ثلاثة أسهم واعطي للولد سهمان، وللبنت سهم واحد.
( مسألة 1335 ) : إذا لم يكن للميت قريب من الطبقة الاولى غير أحد ابويه فقط أخذ المال كله، ومع وجود الأبوين معاً يأخذ الأب ثلثي المال وتأخذ الام الثلث مع عدم الحاجب، ومع وجود الحاجب من الأقرباء ينقص سهم الام من الثلث إلى السدس ويعطى الباقي للأب، والمقصود بالحاجب ان يكون للميت اخوة أو أخوات تتوفر فيهم الشروط الآتية، فانهم عندئذٍ وإن لم يرثوا شيئاً إلاّ أنهم يحجبون الام عن الثلث فينخفض سهمها من الثلث إلى السدس، والشروط هي:
1 ـ وجود الأب حين موت الولد.
2 ـ أن لا يقلوا عن اخوين، أو اربع اخوات، أو أخ واختين.
3 ـ أن يكونوا اخوة الميت لأبيه وامه أو للأب خاصة.
4 ـ أن يكونوا مولودين فعلاً، فلا يكفي الحمل.
5 ـ أن يكونوا مسلمين.
6 ـ أن يكونوا احراراً.
( مسألة 1336 ) : لو اجتمع الأبوان مع الأولاد فلذلك صور:
(منها) أن يجتمع الأبوان مع بنت واحدة ولا تكون للميت اخوة تتوفر فيهم الشروط المتقدمة للحجب فيقسم المال خمسة أسهم، فلكل من الأبوين سهم واحد وللبنت ثلاثة أسهم.
و(منها) أن يجتمع الأبوان مع بنت واحدة وللميت اخوة تجتمع فيهم الشروط المتقدمة للحجب فذهب بعض الفقهاء (رض) إلى ان حكمها حكم الصورة السابقة فيقسم المال خمسة أسهم ايضاً ولا أثر لوجود الاخوة، ولكن المشهور قالوا ان الاخوة يحجبون الام فيقسم المال اسداساً، وتعطى ثلاثة اسهم كاملة منها للبنت كما تعطى ايضاً ثلاثة أرباع سدس آخر، وتنخفض حصة الام إلى السدس فتكون حصة الأب السدس وربع السدس، فبالنتيجة يقسم المال أربعة وعشرين حصة: تعطى أربعة منها للام وخمسة منها للأب، والباقي ـ وهو خمس عشرة حصة ـ للبنت، والمسألة لا تخلو عن اشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيما به التفاوت بين الخمس والسدس من حصة الام.
و(منها) أن يجتمع الأبوان مع ابن واحد، فيقسم المال إلى ستة أسهم، يعطى كل من الأبوين منها سهماً، ويعطى الولد سهاماً أربعة، وكذلك الحال إذا تعدد الأولاد مع وجود الأبوين، فإن لكل من الأب والام السدس وتعطى السهام الأربعة للأولاد يتقاسمونها بينهم بالسوية إن كانوا جميعاً ذكوراً أو اناثاً وإلاّ قسمت بينهم للذكر ضعف ما للانثى.
( مسألة 1337 ) : إذا اجتمع احد الأبوين مع الأولاد فله صور ايضاً:
(منها): أن يجتمع أحد الأبوين مع بنت واحدة، فيعطى ربع المال للأب أو الام، ويعطى الباقي كله للبنت.
و(منها): أن يجتمع أحد الأبوين مع ابن واحد أو عدّة ابناء للميت، وفي هذه الحالة يعطى أحد الأبوين سدس المال والباقي للابن، ومع التعدد يقسم بينهم بالسوية.
و(منها): أن يجتمع أحد الأبوين مع بنات للميت، فيأخذ الأب أو الام خمس المال ويكون الباقي للبنات يقسم بينهن بالسوية.
و(منها): أن يجتمع أحد الأبوين مع ابن وبنت معاً، فيعطى سدس المال للأب أو الام ويقسم الباقي بين أولاده للذكر ضعف حصة الانثى.
( مسألة 1338 ) : إذا لم يكن للميت ابن أو بنت بلا واسطة كان الارث لأولادهما فيرث ولد الابن حصة أبيه وإن كان انثى، ويرث ولد البنت حصة امه وإن كان ذكراً، فلو مات شخص عن بنت ابن وابن بنت اخذت البنت سهمين واخذ الأبن سهماً واحداً، واذا تعدد أولاد الابن أو اولاد البنت فان كانوا جميعاً ذكوراً أو اناثاً تقاسموا حصة ابيهم أو امهم بالسوية والا قسمت بينهم للذكر ضعف ما للانثى.
الارث » إرث الطبقة الثانية
( مسألة 1339 ) : سبق أن الاخوة والاخوات من الطبقة الثانية، وإرثهم يكون على انحاء:
1 ـ أن يكون وارث الميت اخاً واحداً، أو اختاً واحدة: فللأخ أو الاخت ـ في هذه الحالة ـ المال كله سواء أكان من طرف الأب أم من طرف الام أم من الطرفين معاً.
2 ـ أن يرثه اخوة أو اخوات أو اخوة واخوات وكلهم لأبيه وامه، أو كلهم لأبيه فقط، فيقسم المال بينهم بالسوية إن كانوا جميعاً ذكوراً أو اناثاً، وإلاّ قسّم للذكر ضعف ما للانثى، فللاخت سهم وللاخ سهمان.
3 ـ أن يرثه اخوة أو اخوات أو اخوة واخوات وكلهم لامه، فيقسم المال بينهم بالسوية.
4 ـ أن يجتمع الأخ للأبوين مع الأخ للأب دون أخ للام، فيرث المال كله الأخ للأبوين، ولا يرث الأخ للأب شيئاً، ومع تعدد الاخوة للأبوين ـ في هذه الحالة ـ يتقاسمون المال بالسوية، وهكذا الحكم عند اجتماع الاخت للابوين مع الاخت للاب دون اخت للام، ومع اختلاف الورثة في الذكورة والانوثة يقسم المال للذكر ضعف ما للانثى.
5 ـ أن يجتمع الاخوة أو الاخوات للأبوين ـ أو الاخوة أو الاخوات للأب إذا لم يكن اخوة أو اخوات للأبوين ـ مع أخ واحد أو اخت واحدة للام، فيعطى للأخ أو الاخت للام سدس المال، ويقسم الباقي على سائر الأخوة أو الاخوات بالسوية الا إذا اختلفوا في الذكورة والانوثة فيعطى للذكر ضعف ما للانثى.
6 ـ أن يجتمع الاخوة أو الاخوات للأبوين ـ أو الاخوة أو الاخوات للأب إذا لم تكن اخوة أو اخوات للأبوين ـ مع اخوة أو أخوات أو اخوة واخوات للام، فينقسم الميراث ثلاثة اسهم يعطى سهم منها للاخوة من الام، يتقاسمونه بالسوية ذكوراً واناثاً والسهمان الآخران للباقين للذكر ضعف ما للانثى.
7 ـ أن يجتمع الاخوة من الأبوين مع اخوة للأب وأخ واحد أو اخت واحدة للام، فيحرم الاخوة للأب من الميراث ويعطى للأخ أو الاخت من الام سدس المال، ويقسم الباقي ـ كله ـ على اخوته من الأبوين بالسوية، وهكذا الحكم عند اجتماع الاخوات من الابوين مع الاخوات من الاب مع اخ واحد أو اخت واحدة للام، ولو اختلفوا في الذكورة والانوثة يعطى للذكر ضعف ما للانثى.
8 ـ أن يجتمع للميت اخوة أو اخوات أو اخوة واخوات من الأبوين معاً ومن الاب خاصة واخوة أو اخوات أو اخوة واخوات للام فقط، فلا يرث الاخوة والاخوات للأب ـ كما في الصورة السابقة ـ ويعطى للاخوة والاخوات من الام ثلث المال، يقسم بينهم بالسوية ذكوراً واناثاً، والثلثان الآخران لمن كان من الأبوين يقسم بينهم بالسوية ان كانوا جميعاً ذكوراً أو جميعاً ذكوراً أو اناثاً والاقسّم للذكر ضعف ما للأنثى.
( مسألة 1340 ) : إذا مات الزوج عن زوجة واخوة، ورثته الزوجة ـ ربع التركة او ثمنها على تفصيل يأتي ـ وورثته اخوته وفقاً لما عرفت في المسائل السابقة، وإذا ماتت الزوجة عن اخوة وزوج كان للزوج نصف المال والباقي للاخوة طبقاً لما سبق غير انه في بعض صور وراثة الاخوات تكون السهام المفروضة اكثر من الفريضة فيرد النقص على الاخوات من الابوين أو من الاب دون الاخوات من الام مثلاً اذا ماتت المرأة عن زوج واختين من الابوين أو من الاب واختين من الام فان سهم المتقرب بالام الثلث وسهم الاختين من الابوين أو الاب الثلثان وذلك تمام الفريضة ويزيد عليها سهم الزوج فيرد النقص على الاختين من الابوين أو الاب، فاذا كانت التركة ستة دراهم يعطى للاختين من الام درهمان منها كما لو لم يوجد زوج لاختهم المتوفاة، ويعطى للزوج ثلاثة دراهم هي نصف التركة ويبقى درهم واحد للاختين من الأب أو الأبوين، وهذا معنى أن الاخوات للأب أو الأبوين يرد النقص عليهن دون الاخوات من الام.
( مسألة 1341 ) : إذا لم يكن للميت اخوة قامت ذريتهم مقامهم في اخذ حصصهم، فلو خلّف الميت اولاد اخ لام واولاد اخ للابوين أو للاب كان لاولاد الاخ للام السدس وان كثروا، ولاولاد الاخ للابوين أو للاب الباقي وان قلّوا، وتقسم حصة اولاد الاخوة أو الاخوات من الام بينهم بالتساوي وان اختلفوا في الذكورة والانوثة، اما حصة اولاد الاخوة أو الاخوات من الابوين أو الاب فهل تقسم بينهم بالتساوي ايضاً أو يعطى للذكر ضعف حصة الانثى؟ فيه اشكال والاحوط لزوماً هو الرجوع إلى الصلح.
( مسألة 1342 ) : ان الأجداد والجدات هم من الطبقة الثانية ـ كما سبق ـ ولكن لا يرث الجدّ أو الجدة الابعد مع وجود الاقرب، ولأرث الاجداد والجدات صور:
(1) أن ينحصر الوارث في جدًّ أو جدة لأبيه أو لامه فالمال كله للجد أو الجدة.
(2) أن يرثه جده وجدته لأبيه، فللجد الثلثان وللجدة الثلث.
(3) أن يرثه جده وجدته لأمه، فيقسم بينهم المال جميعاً بالسوية.
(4) أن يرثه أحد جديه لأبيه مع أحد جديه لامه، فللجد أو الجدة من الام الثلث والباقي للجد أو الجدة من الأب.
(5) أن يرثه جداه لأبيه ـ الجد والجدة ـ وجداه لامه، فيعطى للجدين من الأب ثلثان، للجد منه ضعف ما للجدة، ويعطى للجدين من الام ثلث يقسم بينهما بالسوية.
( مسألة 1343 ) : إذا مات الرجل وله زوجة وجدان ـ الجد والجدة ـ لأبيه وجدان لامه، يعطى لجديه من الام ثلث مجموع التركة يقسم بين الجد والجدة على السواء وترث الزوجة نصيبها ـ على تفصيل سيأتي ـ ويعطى الباقي لجده وجدته لأبيه للذكر منهما ضعف حظ الانثى.
( مسألة 1344 ) : إذا ماتت المرأة عن زوج وجد وجدة اخذ الزوج نصف المال والباقي للجد والجدة وفقاً للتفصيلات السابقة.
( مسألة 1345 ) : إذا اجتمع الأخ أو الاخت أو الأخوة أو الأخوات مع الجد أو الجدة أو الأجداد والجدات ففيه صور:
(الاولى): أن يكون كل من الجد أو الجدة والأخ أو الاخت جميعاً من قبل الام ففي هذه الصورة يقسم المال بينهم بالسوية وإن اختلفوا في الذكورة والانوثة.
(الثانية): أن يكونوا جميعاً من قبل الأب، ففي هذه الصورة يقسم المال بينهم بالتفاضل للذكر ضعف حصة الانثى مع الاختلاف في الذكورة والانوثة، وإلاّ فبالسوية.
(الثالثة): أن يكون الجد أو الجدة للأب والأخ أو الاخت للأبوين، وحكم هذه الصورة حكم الصورة الثانية، وقد تقدم أنّه إذا كان للميت أخ أو اخت للأب فقط فلا إرث له إذا كان معه أخ أو أخت للأبوين.
(الرابعة): أن يكون الأجداد أو الجدات متفرقين فكان بعضهم للأب وبعضهم للأمم سواء أكانوا جميعاً ذكوراً أم اناثاً أم مختلفين في الذكورة والأنوثة، وكانت الاخوة أو الأخوات ايضاً كذلك أي كان بعضهم للام وبعضهم للأب كانوا جميعاً ذكوراً أو اناثاً أو مختلفين فيهما، ففي هذه الصورة يقسم المال على الشكل التالي: للمتقرب بالام من الأخوة أو الأخوات والأجداد أو الجدات جميعاً الثلث يقسمونه بينهم بالسوية ولو مع الاختلاف في الذكورة والانوثة، وللمتقرب بالأب منهم كذلك الثلثان الباقيان يقتسمونهما بينهم بالتفاضل للذكر ضعف حصة الانثى مع الاختلاف في الذكورة والانوثة وإلاّ فبالسوية.
(الخامسة): أن يكون مع الجد أو الجدة من قبل الأب أخ أو اخت من قبل الام، ففي هذه الصورة يكون للأخ أو الاخت السدس إن كان واحداً، والثلث إن كان متعدداً، يقسم بينهم بالسوية والباقي للجد أو الجدة واحداً كان أو متعدداً، نعم في صورة التعدد يقسم بينهم بالتفاضل مع الاختلاف في الذكورة والانوثة وإلاّ فبالسوية.
(السادسة): أن يكون مع الجد أو الجدة للأم أخ للأب أو أخ واخت أو أكثر، ففي هذه الصورة يكون للجد أو الجدة الثلث واحداً كان أو متعدداً ومع التعدد يقسم المال بينهم بالسوية، وللأخ الثلثان إن كان واحداً ومع التعدد يقسم بينهم بالسوية ومع الاختلاف في الذكورة والانوثة يكون للذكر ضعف ما للانثى.
وإذا كانت مع الجد أو الجدة للام اخت للأب فإن كانتا اثنتين فما فوق فلهن الثلثان وإن كانت واحدة فلها النصف وللجد أو الجدة الثلث في كلتا الصورتين، فيبقى السدس زائداً من الفريضة في الصورة الأخيرة، ولا يترك الاحتياط بالصلح فيه.
(السابعة): أن يكون الأجداد أو الجدات متفرقين فكان بعضهم للأب وبعضهم للام وكان معهم أخ أو اخت للأب واحداً كان أو أكثر، ففي هذه الصورة يقسم المال على النحو التالي: للجد أو الجدة من قبل الام الثلث، ومع التعدد يقسم بينهم بالسوية ولو مع الاختلاف في الذكورة والانوثة، وللجد أو الجدة والأخ أو الاخت للأب جميعاً الثلثان الباقيان يقسمان بالتفاضل مع الاختلاف وإلاّ فبالسوية، وإذا كان معهم أخ أو اخت للام يكون للجد أو الجدة للام مع الأخ أو الاخت لها الثلث بالسوية ولو مع الاختلاف في الذكورة والانوثة، وللجد أو الجدة للأب الثلثان يقسمان بالتفاضل مع الاختلاف فيهما وإلاّ فبالسوية.
(الثامنة): أن يكون مع الاخوة أو الأخوات المتفرقين جد أو جدة للأب، ففي هذه الصورة يكون للأخ أو الاخت للام السدس إن كان واحداً والثلث إن كان متعدداً يقتسمونه بينهم بالسوية، وللأخ أو الاخت للأب مع الجد أو الجدة له الباقي يقتسمونه للذكر ضعف ما للانثى مع الاختلاف وإلاّ فبالسوية، وإن كان معهم جد أو جدة للام فقط فللجد أو الجدة مع الأخ أو الاخت للام جميعاً الثلث يقتسمونه بينهم بالسوية وللاخ أو الاخت للأب الباقي يقتسمونه بينهم بالتفاضل مع الاختلاف وإلاّ فبالسوية.
( مسألة 1346 ) : أولاد الاخوة لا يرثون مع الاخوة شيئاً، فلا يرث ابن الأخ وإن كان للأبوين مع الأخ أو الاخت وإن كان للأب أو الام فقط، هذا فيما إذا زاحمه، وأما إذا لم يزاحمه كما إذا ترك جداً لامه وابن أخ لامه واخاً لأبيه فإن ابن الأخ حينئذٍ يشارك الجد في الثلث والثلثان لأخيه.
الارث » إرث الطبقة الثالثة
( مسألة 1347 ) : العم والعمة من الطبقة الثالثة، ولإرثهما صور:
( منها ) : أن ينحصر الوارث في عم واحد أو عمة واحدة، فالمال كله للعم أو العمة سواء أكانا مشتركين مع أب الميت في الأب والام معاً ( العم أو العمة للأبوين ) أم في الأب فقط ( العم أو العمة للأب ) أم في الام فقط ( العم والعمة للام ) .
و( منها ) : أن يموت الشخص عن اعمام أو عمات، كلهم أعمام أو عمات للاب، أو للام أو للأبوين فيقسم المال عليهم بالسوية.
و( منها ) : أن يموت الشخص عن عم وعمة كلاهما للأب أو كلاهما للأبوين فللعم ضعف ما للعمة، ولا فرق في ذلك بين أن يكون العم أو العمة واحداً أو أكثر من واحد.
و( منها ) : أن يموت الشخص عن أعمام وعمات للام، وفي هذه الصورة ايضاً يقسم المال بينهم بالتفاضل وإن كان الأحوط استحباباً التصالح في الزيادة.
و( منها ) : أن يموت الشخص عن أعمام وعمات، بعضهم للأبوين وبعضهم للأب وبعضهم للام، فلا يرثه الأعمام والعمات للأب وإنما يرثه الباقون، فإذا كان للميت عم واحد أو عمة واحدة للام يعطى السدس ويأخذ الأعمام والعمات للأبوين الباقي يقسم بينهم للذكر ضعف حظ الانثى، وإذا كان للميت عم للام وعمة لها معاً كان لهما الثلث يقسّم بينهما للذكر ضعف ما للانثى.
و( منها ) : أن يموت الشخص عن أعمام وعمات بعضهم للأب وبعضهم للأمم، فيقوم المتقرب بالأب ـ في هذه الصورة ـ مقام المتقرب بالأبوين في الصورة السابقة.
( مسألة 1348 ) : الأخوال والخالات من الطبقة الثالثة ـ كما مرّ ـ وللخال المنفرد المال كله والخالان فما زاد يقسم بينهم بالسوية وللخالة المنفردة المال كله وكذلك الخالتان والخالات، وإذا اجتمع الذكور والاناث بان كان للميت خال فما زاد وخالة فما زاد ـ سواء أكانوا للأبوين ام للاب ام للام ـ ففي كون القسمة بينهم بالتساوي أو بالتفاضل اشكال فلا يترك الاحتياط بالتصالح في الزيادة، وإذا اجتمع منهم المتقربون بالأب والمتقربون بلأم والمتقربون بالأبوين ففي سقوط المتقربين بالأب ـ أي الخال المتحد مع ام الميت في الأب فقط ـ وانحصار الإرث بالباقين إشكال فلا يترك الاحتياط بالصلح، وعلى كل تقدير فمع الاختلاف في الذكورة والانوثة يجري الاشكال المتقدم في كون القسمة بالتساوي أو بالتفاضل فلا يترك الاحتياط بالتصالح ايضاً.
( مسألة 1349 ) : إذا اجتمع من الأعمام والعمات واحد أو أكثر مع واحد أو أكثر من الأخوال والخالات قسم المال ثلاثة أسهم فسهم واحد للخؤولة وسهمان للعمومة، وإذا لم يكن للميت أعمام وأخوال قامت ذريتهم مقامهم على نحو ما ذكرناه في الأخوة غير أن ابن العم للأبوين يتقدم على العم للأب كما تقدم.
( مسألة 1350 ) : إذا كان ورثة الميت من أعمام أبيه وعماته وأخواله وخالاته، ومن أعمام أُمه وعماتها وأخوالها وخالاتها، اعطى ثلث المال
لهؤلاء المتقربين بالأم وفي كون التقسيم بينهم بالسوية أو بالتفاضل اشكال فلا يترك الاحتياط بالتصالح، واعطي ثلث الباقي لخال الأب وخالته، ويقسم بينهما بالسوية ويعطى الباقي لعم الأب وعمته وفي كون التقسيم بينهما بالسوية أو بالتفاضل اشكال فلا يترك الاحتياط بالتصالح، وإذا لم يكن للميت أحد من هؤلاء كان الإرث لذريتهم مع رعاية الأقرب فالأقرب.
الارث » إرث الزوج والزوجة
( مسألة 1351 ) : للزوج نصف التركة إذا لم يكن للزوجة ولد وإن نزل، وله ربع التركة إذا كان لها ولد ولو من غيره، وباقي التركة يقسم على سائر الورثة، وللزوجة ـ إذا مات زوجها ـ ربع المال إذا لم يكن للزوج ولد وإن نزل، ولها الثمن إذا كان له ولد ولو من غيرها، والباقي يعطى لسائر الورثة، غير أن الزوجة لها حكم خاص في الإرث فإن بعض الأموال لا ترث منها مطلقاً ولا نصيب لها لا فيها ولا في قيمتها وثمنها وهي الأراضي بصورة عامة كأرض الدار والمزرعة وما فيها من مجرى القنوات، وبعض الأموال لا ترث منها عيناً ولكنها ترث منها قيمة بمعنى أنها لا حق لها في نفس الأعيان، وإنما لها نصيب من ماليتها وذلك في الأشجار والزرع والأبنية التي في الدور وغيرها، فإن للزوجة سهمها في قيمة تلك الأموال والعبرة بقيمتها يوم الدفع، ولو بذل الوارث لها نفس الأعيان بدلاً عن القيمة وجب عليها القبول فتصبح شريكة مع الوارث في العين.
وأما غير تلك الأموال من أقسام التركة فترث منه الزوجة كما يرث سائر الورثة، ثم إن طريقة التقويم فيما ترث الزوجة من قيمته هي ما تعارف عند المقومين في تقويم مثل الدار والبستان عند البيع من تقويم البناء أو الشجر بما هو هو لا بملاحظته ثابتاً في الأرض بدون أُجرة ولا بملاحظته منقوضاً أو مقطوعاً، فيعطى إرث الزوجة من قيمته المستنبطة على هذا الأساس.
( مسألة 1352 ) : لا يجوز لسائر الورثة التصرف فيما ترث منه الزوجة حتى فيما لها نصيب من قيمته كالأشجار وبناء الدار إلاّ مع الاستيذان منها.
( مسألة 1353 ) : إذا تعددت الزوجات قسم الربع أو الثمن عليهن، ولو لم يكن قد دخل بهن أو ببعضهن، نعم من لم يدخل بها وكان قد تزوجها في مرضه الذي مات فيه فنكاحها باطل ولا مهر لها ولا ميراث، ولكن الزوج إذا تزوج امرأة في مرض موتها يرث منها ولو لم يدخل بها.
( مسألة 1354 ) : الزوجان يتوارثان ـ فيما إذا انفصلا بالطلاق الرجعي ـ ما دامت العدة باقية، فإذا انتهت أو كان الطلاق بائناً فلا توراث.
( مسألة 1355 ) : إذا طلق الرجل زوجته في حال المرض ومات قبل انقضاء السنة ـ أي اثنى عشر شهراً هلالياً ـ ورثت الزوجة عند توفر شروط ثلاثة:
(1) أن لا تتزوج المرأة بغيره إلى موته اثناء السنة.
(2) أن لا يكون الطلاق بأمرها ورضاها بعوض أو بدونه.
(3) موت الزوج في ذلك المرض بسببه أو بسبب أمر آخر، فلو برئ من ذلك المرض ومات بسبب آخر لم ترثه الزوجة.
( مسألة 1356 ) : ما تستعمله الزوجة من ثياب ونحوها باذن من زوجها لها بذلك من دون تمليكها إياها يعتبر جزءً من التركة، يرث منه مجموع الورثة ولا تختص به الزوجة.
الارث » مسائل متفرقة في الارث
( مسألة 1357 ) : يعطى مجاناً من تركة الرجل لاكبر ابناءه حين وفاته مصحفه وخاتمه وسيفه وثياب بدنه دون ما أعده للتجارة ونحوها وهي تسمى بـ ( الحبوة ) ، وإذا تعدد غير الثياب كما إذا كان له خاتمان ففي كون الجميع من الحبوة اشكال، وكذلك الاشكال في كون الرحل ومثل البندقية والخنجر وما يشبههما من الأسلحة من الحبوة، فلا يترك الاحتياط بمصالحة الابن الاكبر مع سائر الورثة بشأنها.
( مسألة 1358 ) : إذا كان على الميت دين فان كان مستغرقاً للتركة وجب على الولد الأكبر صرف مختصاته الآنفة الذكر في أداء الدين أو فكها بما يخصها منه، وإذا لم يكن مستغرقاً فإن كان مزاحماً لها لنقص ما تركه غيرها عن وفائه كان على الولد الأكبر المساهمة في ادائه من تلك المختصات بالنسبة أو فكها بما يخصها منه، وإذا لم يكن مزاحماً فالأحوط وجوباً له أن يساهم أيضاً في أدائه بالنسبة، فلو كان الدين يساوي نصف مجموع التركة صرف نصف تلك المختصات في هذا السبيل، وفي حكم الدين فيما ذكر كفن الميت وغيره من مؤونة تجهيزه التي تخرج من أصل التركة.
( مسألة 1359 ) : يعتبر في الوارث أن يكون مسلماً إذا كان المورث كذلك، فلا يرث الكافر من المسلم وإن ورث المسلم الكافر، وكذلك يعتبر فيه ان لا يكون قد قتل مورثه عمداً ظلماً، وأما إذا قتله خطأً محضاً ـ كما إذا رمى بحجارة إلى بحجارةٍ إلى طيرٍ فوقعت على مورثه ومات بها ـ أو خطأ شبيهاً بالعمد ـ كما إذا ضرب مورثه بما لا يقتل عادة قاصداً ضربه لا قتله فأدى إلى قتله ـ لم يمنع ذلك من ارثه منه، نعم لا يرث من ديته.
( مسألة 1360 ) : الحمل يرث إذا انفصل حياً، ويجوز قبل ولادته تقسيم التركة على سائر الورثة، ولكن إذا لم يطمئن بكونه انثى فالاحوط وجوباً أن يعزل له نصيب ذكر أو ذكرين بل أزيد منه إذا احتمل تعدده احتمالاً معتداً به، فإن ولد حياً وتبين ان المعزول أزيد من نصيبه قسم الزائد على سائر الورثة بنسبة سهامهم.
( مسألة 1361 ) : لا توارث بين ولد الزنى وبين ابيه الزاني وامه الزانية ومن يتقرب بهما، فلا يرثهم كما لا يرثونه، ويثبت التوارث بينه وبين اقربائه من غير الزنى كالولد والحفيد وكذلك الزوج والزوجة فيرثهم ويرثونه، وإذا مات مع عدم الوارث الشرعي فارثه للامام عليه السلام.
( مسألة 1362 ) : الامام عليه السلام هو وارث من لا وراث له بنسب أو سبب آخر، وسبيل ارثه منه سبيل سهمه عليه السلام من الخمس وامره في عصر الغيبة بيد الحاكم الشرعي والاحوط لزوماً ان يرجع فيه إلى المرجع الاعلم المطلع على الجهات العامة.
( مسألة 1363 ) : إذا غاب الشخص غيبة منقطعة لا يعلم معها حياته ولا موته فحكم امواله ان يتربص بها اربع سنين يفحص عنه فيها باذن الحاكم الشرعي فاذا جهل خبره قسمت امواله بين ورثته الذين يرثونه لو مات حين انتهاء مدة التربص، ولا يرثه الذين يرثونه لو مات بعد انتهاء مدة التربص، ويرث هو مورثه إذا مات قبل ذلك ولا يرثه إذا مات بعد ذلك، ويجوز ايضاً تقسيم امواله بعد مضيِّ عشر سنوات من فقده بلا حاجة إلى الفحص.
( مسألة 1364 ) : إذا مات المتوارثان واحتمل في موت كل منهما السبق
واللحوق والاقتران أو علم السبق وجهل السابق ورث كل منهما الاخر، وطريقة ذلك ان يبنى على حياة كل واحد منهما حين موت الاخر فيورث مما كان يملكه حين الموت ولا يورث مما ورثه من الاخر.
المسائل المستحدثة » اعمال المصاريف والبنوك
الاقتراض ـ الاِيداع
المصاريف والبنوك في الدول الاسلامية على ثلاثة أصناف:
1 ـ الاَهلي: وهو الذي يكون رأس ماله من مال شخص واحد أو أشخاص مشتركين.
2 ـ الحكومي: وهو الذي يكون رأس ماله مكوّناً من أموال الدولة.
3 ـ المشترك: وهو الذي تشترك الدولة والاَهالي في تكوين رأس ماله.
مسألة 1 : لا يجوز الاقتراض من البنوك الاَهلية بشرط دفع الزيادة لاَنّه رباً محرّم، ولو اقترض كذلك صحّ القرض وبطل الشرط، ويحرم دفع الزيادة وأخذها وفاءً للشرط.
وقد ذكر للتخلّص من الربا طرق:
منها: اأن يشتري المقترض من صاحب البنك أو من وكيله المفوِّض بضاعة بأكثر من قيمتها الواقعية 10% أو 20% مثلاً بشرط أن يقرضه مبلغاً معيّناً من النقد لمدّة معلومة يتفقان عليها، أو يبيعه متاعاً بأقلّ من قيمته السوقية ويشترط عليه في ضمن المعاملة أن يقرضه مبلغاً معيّناً لمدّة معلومة، فيقال: إنّه يجوز الاقتراض عندئذٍ ولا ربا فيه.
ولكنّه لا يخلو عن إشكال، والاَحوط لزوماً الاجتناب عنه، ومثله الحال في الهبة والاِجارة والصلح بشرط القرض.
وفي حكم جعل القرض شرطاً في المعاملة المحاباتية جعل الاِمهال في أداء الدين شرطاً فيها.
ومنها: تبديل القرض بالبيع ، كأن يبيع البنك مبلغاً معيّناً كمائة دينار بأزيد منه ـ كمائة وعشرين دينار ـ نسيئة لمدّة شهرين مثلاً.
ولكن هذا وإن لم يكن قرضاً ربوياً على التحقيق ، غير إنّ صحّته بيعاً محلّ إشكال.
نعم، لا مانع من أن يبيع البنك مبلغاً كمائة دينار نسيئة إلى شهرين مثلاً، ويجعل الثمن المؤجَّل عملة أُخرى تزيد قيمتها على المائة دينار بموجب أسعار صرف العملات بمقدار ما تزيد ا لمائة والعشرون على المائة ، وفي نهاية المدّة يمكن أن يأخذ البنك من المشتري العملة المقرّرة أو ما يساويها من الدنانير، ليكون من الوفاء بغير الجنس.
ومنها: أن يبيع البنك بضاعة بمبلغ كمائة وعشرين ديناراً نسيئة لمدّة شهرين مثلاً، ثم يشتريها من المشتري نقداً بما ينقص عنها كمائة دينار.
وهذا أيضاً لا يصحّ إذا اشترط في البيع الاَول قيام البنك بشراء البضاعة نقداً بالاَقلّ من ثمنه نسيئة ولو بإيقاع العقد مبنيّاً على ذلك ، وأمّا مع خلّوه عن الشرط فلا بأس به.
ويلاحظ أنّ هذه الطرق ونحوها ـ لو صحّت ـ لا تحقّق للبنك غرضاً أساسياً وهو استحقاق مطالبة المدين بمبلغ زائد لو تأخّر عن أداء دينه عند نهاية الاَجل وازدياده كلّما زاد التأخير، فإنّ أخذ الفائدة بإزاء التأخير في الدفع يكون من الربا المحرّم ولو كان ذلك بصيغة جعله شرطاً في ضمن عقد البيع مثلاً.
مسألة 2 : لا يجوز الاقتراض من البنوك الحكومية بشرط دفع الزيادة ، لاَنّه ربا ، بلا فرق بين كون الاقتراض مع الرهن أو بدونه، ولو اقترض كذلك بطل الشرط كما يبطل اصل القرض وان خلى عن شرط الزيادة، لاَنّ البنك لا يملك ما تحت يده من المال ليملّكه للمقترض.
وللتخلص من ذلك يجوز للشخص أن يقبض المال من البنك بعنوان مجهول المالك لا بقصد الاقتراض، ويتصرف فيه بإذن الحاكم الشرعي، ولا يضرّه العلم بأنّ البنك سوف يستوفي منه أصل المال والزيادة قهراً، فلو طالبه البنك جاز له الدفع اليه.
مسألة 3 : يجوز الاِيداع في البنوك الاَهلية ـ بمعنى إقراضها ـ مع عدم اشتراط الحصول على الزيادة، بمعنى عدم إناطة القرض بالتزام البنك بدفع الزيادة، لا بمعنى ان يبني في نفسه على أنّ البنك لو لم يدفع الزيادة لم يطالبها منه، فإنّ البناء على المطالبة يجتمع مع عدم الاشتراط ، كما يجتمع البناء على عدم المطالبة مع الاشتراط ، فأحدهما أجنبي عن الآخر.
مسألة 4 : لا يجوز الاِبداع في البنوك الاَهلية ـ بمعنى إقراضها ـ مع شرط الزيادة، ولو فعل ذلك صحّ الاِبداع وبطل الشرط ، فإذا قام البنك بدفع الزيادة لم تدخل في ملكه، ولكن يجوز له التصرّف فيها إذا كان واثقاً من رضا أصحابه بذلك حتى على تقدير علمهم بفساد الشرط وعدم استحقاقه للزيادة شرعاً ـ كما هو الغالب ـ .
مسألة 5 : لا يجوز الايداع في البنوك الحكومية ـ بمعنى اقراضها ـ مع اشتراط الحصول على الزيادة، فانه ربا، بل إيداع المال فيها ولو من دون شرط الزيادة بمنزلة الاتلاف له شرعاً لان ما يمكن استرجاعه من البنك ليس هو مال البنك، بل من المال المجهول مالكه، وعلى ذلك يشكل إيداع الارباح والفوائد التي يجنيها الشخص اثناء سنته في البنوك الحكومية قبل إخراج الخمس منها لانه مأذون في صرفه في مؤونته وليس مأذوناً في إتلافه فلو اتلفه ضمنه لاصحابه، هذا إذا لم يقع الايداع بأذن الحاكم الشرعي مع ترخيصه للبنك في اداء عوض المال المودع مما لديه من الاَموال، واما الايداع مع الاذن والترخيص المذكورين ـ كما صدر ذلك منّا للمؤمنين كافة ـ فيقع صحيحاً ويجري عليه حكم الاَيداع في البنك الاهلي، وأما الزيادة الممنوحة من قِبَل البنك وفق قوانينه فنأذن للمودعين بالتصرف في النصف منها مع التصدق بالنصف الاخر على الفقراء المتدينين.
مسألة 6 : لا فرق في الاِيداع ـ فيما تقدّم ـ بين الاِيداع الثابت الذي له أمد خاصّ ـ بمعنى أنّ البنك غير ملزم بوضع المال تحت الطلب ـ وبين الاِيداع المتحرّك ـ المسمّى بالحساب الجاري ـ الذي يكون البنك ملزماً بوضع المال تحت الطلب.
مسألة 7 : تشترك البنوك المشتركة مع البنوك الحكومية فيما تقدّم من الاَحكام، لاَنّ الاَموال الموجودة لديها يتعامل معها معاملة مجهول المالك ، فلا يجوز التصرّف فيها من دون إذن الحاكم الشرعي.
مسألة 8 : ما تقدّم كان حكم الاِيداع والاقتراض من البنوك الاَهلية والحكومية في الدول الاِسلامية، وأمّا البنوك التي يقوم غير المسلمين بتمويلها ـ أهلية كانت أم غيرها ـ فيجوز الاِيداع فيها بشرط الحصول على الفائدة، لجواز أخذ الربا منهم.
وأمّا الاقتراض منها بشرط دفع الزيادة فهو حرام، ويمكن التخلّص منه بقبض المال من البنك وتملّكه لا بقصد الاقتراض، فيجوز له التصرّف فيه بلا حاجة إلى إذن الحاكم الشرعي.
المسائل المستحدثة » الاعتمادات
الاعتماد على قسمين:
1 ـ اعتماد الاستيراد: وهو أنّ يريد استيراد بضاعة أجنبية يتقدّم إلى البنك بطلب فتح اعتماد يتعهدّ البنك بموجبه بتسلّم مستندات البضاعة المستوردة وتسليمها إلى فاتح الاعتماد وتسديد ثمنها إلى الجهة المصدّرة، وذلك بعد تمامية المعاملة بين المستورد والمصدر مراسلة أو بمراجعة الوكيل الموجود في البلد، وإرسال القوائم المحدّدة لنوعية البضاعة كماً وكيفاً حسب الشروط والمواصفات المتفّق عليها، وقيام المستورد بدفع قسم من ثمن البضاعة إلى البنك ، فإنّه بعد هذه المراحل يقوم البنك بتسلّم مستندات البضاعة وأداء ثمنها إلى الجهة المصدّرة.
2 ـ اعماد التصدير: وهو لا يختلف عن اعتماد الاستيراد إلاّ في الاسم، فمن يريد تصدير بضاعة إلى الخارج يقوم المستورد الاَجنبي بفتح اعتماد لدى البنك ليتعهدّ البنك بموجبه بتسلّم مستندات البضاعة وتسديد ثمنها إلى البائع المصدّر بعد طيّ المراحل المشار إليها آنفاً.
فالنتيجة أنّ القسمين لا يختلفان في الحقيقة ، فالاعتماد سواء أكان للاستيراد أم للتصدير يقوم على أساس تعهد البنك للبائع بأداء دين المشتري وهو ثمن البضاعة المشتراة وتسلّم مستنداتها وتسليمها إلى المشتري.
نعم، هنا قسم آخر من الاعتماد، وهو أنّ المصدّر يقوم بإرسال قوائم البضاعة كماً وكيفاً إلى البنك أو فرعه في ذلك البلد دون معاملة مسبقة مع الجهة المستوردة، والبنك بدوره يعرض تلك القوائم على تلك الجهة، فإن قبلتها طلبت من البنك فتح اعتماد لها، ثم يقوم بدور الوسيط إلى أن يتمّ تسليم البضاعة وقبض الثمن.
مسألة 9 : الظاهر جواز فتح الاعتماد لدى البنوك بجميع الاَقسام المذكورة، كما يجوز للبنوك قيامها بما ذكر من الخدمات.
مسألة 10 : يتقاضى البنك من فاتح الاعتماد نحوين من الفائدة:
الاَول: ما يكون بإزاء خدماته له من التعهّد بأداء دينه والاتّصال بالمصدّر وتسلّم مستندات البضاعة وتسليمها إليه، ونحو ذلك من الاَعمال.
وهذا النحو من الفائدة يجوز أخذه على أساس أنّه داخل في عقد الجعالة، أي أنّ فاتح الاعتماد يعيّن للبنك جعلاً إزاء قيامه بالاَعمال المذكورة، ويمكن إدراجه فى عقد الاِجارة أيضاً مع توفّر شروط صحّته المذكورة في محلّها.
الثاني: ما يكون فائدة على المبلغ الذي يقوم البنك بتسديده إلى الجهة المصدّرة من ماله الخاصّ لا من رصيد فاتح الاعتماد، فإنّ البنك يأخذ فائدة نسبية على المبلغ المدفوع إزاء عدم مطالبة فاتح الاعتماد به إلى مدّة معلومة.
وقد يصحّح أخذ هذا النحو من الفائدة بأنّ البنك لا يقوم بعملية إقراض لفاتح الاعتماد، ولا يدخل الثمن في ملكه بعقد القرض ليكون رباً، بل يقوم بدفع دين فاتح الاعتماد بموجب طلبه وأمره، وعليه فيكون ضمان فاتح الاعتماد ضمان غرامة بقانون الاِتلاف، لا ضمان قرض ليحرم أخذ الزيادة.
ولكن من الواضح أنّ فاتح الاعتماد لا يضمن للبنك بطلبه أداء دينه إلاّ نفس مقدار الدين، فأخذ الزيادة بإزاء إمهاله في دفعه يكون من الربا المحرّم، نعم، لو عيّن فاتح الاعتماد للبنك إزاء قيامه بأداء دينه جُعلاً بمقدار أصل الدين والزيادة المقرّرة نسيئة لمدّة شهرين مثلاً، اندرج ذلك في عقد الجُعالة، ويحكم بصحته.
هذا، ويمكن التخلّص من الربا في أخذ هذا النحو من الفائدة بوجه آخر، وهو إدراجه في البيع، فإنّ البنك يقوم بدفع ثمن البضاعة بالعملة الاَجنبية إلى المصدّر، فيمكن قيامه ببيع مقدار من العملة الاَجنبية في ذمّة المستورد بما يعادله من عملة بلد المستورد مع إضافة الفائدة إليه، وبما أنّ الثمن والمثمن يختلفان في الجنس فلا بأس به، هذا كلّه إذا كان البنك أهلياً، وأمّا إذا كان حكومياً أو مشتركاً في بلد اسلامي فحيث إنّ البنك يؤدي دين فاتح الاعتماد من المال المجهول مالكه، لا يصير مديناً شرعاً للبنك بشيء، فلا يكون التعهّد باداء الزيادة إليه من قبيل التعهّد بدفع الربا المحرّم.
المسائل المستحدثة » خزن البضائع
قد يكون البنك وسيطاً في إيصال البضائع من المصدّر إلى المستورد، فربّما يقوم بتخزينها على حساب المستورد، كما إذا تمّ العقد بينه وبين المصدّر وقام البنك بتسديد ثمنها له، فعند وصول البضاعة يقوم البنك بتسليم مستنداتها للمستورد وإخباره بوصولها، فإن تأخّر المستورد عن
تسلّمها في الموعد المقرّر، قام البنك بخزنها وحفظها على حساب المستورد إزاء أجر معيّن، وقد يقوم بحفظها على حساب المصدّر كما إذا أرسل البضاعة إلى البنك دون عقد واتّفاق مسبق مع جهة مستوردة، فعندئذٍ يقوم البنك بعرض قوائم البضاعة على الجهات المستوردة في البلد، فإن لم يقبلوها حفظها على حساب المصدّر إزاء أجر معين.
مسألة 11 : يجوز للبنك أخذ الاُجرة إزاء عملية التخزين في كلتا الصورتين المتقدّمتين إذا كان قيامه بها بطلب من المصدّر أو المستورد، أو كان قد اشترط ذلك في ضمن عقد كالبيع ـ وإن كان الشرط ارتكازياً ـ وإلاّ فلا يستحقّ شيئاً.
المسائل المستحدثة » بيع البضائع عند تخلف أصحابها عن تسلّمها
إذا تخلّف صاحب البضاعة عن تسلّمها ودفع المبالغ المستحقّة للبنك ـ بعد إعلان البنك وإنذاره بذلك ـ يقوم البنك بيع البضاعة لاستيفاء حقّه من ثمنها.
مسألة 12 : يجوز للبنك في الحالة المذكورة أن يقوم ببيع البضاعة، كما يجوز للآخرين شراؤها، لاَنّ البنك وكيل من قبل أصحاب البضاعة في بيعها عند تخلّفهم عن دفع ما عليهم من بقيّة المبالغ المستحقّة له وتسلّم البضاعة، وذلك بمقتضى الشرط الصريح أو الارتكازي الموجود في أمثال هذه الموارد، فإذا جاز بيعها جاز شراؤها أيضاً.
االمسائل المستحدثة » الكفالة عند البنوك
إذا تعهّد شخص أو أشخاص مشتركون لجهة حكومية أو غيرها بإنجاز مشروع، كتأسيس مدرسة أو مستشفى أو جسر أو نحوها، فتمّ الاتّفاق بينهما على ذلك، فإنّ المتعهّد له قد يشترط على المتعهِّد دفع مبالغ من المال في حالة عدم إنجاز المشروع وإتمامه في الوقت المقرّر عوضاً عن الخسائر التي قد تصيبه، ولكي يطمئنّ المتعهَّد له بذلك يطالب المتعهِّد بكفيل على هذا، وفي هذه الحالة يرجع المتعهّد والمقاول إلى البنك ليصدر له مستند ضمان يتكفّل فيه للمتعهّد له بأداء مبالغ التعويض إذا امتنع المقاول المتعهِّد عن دفعها بعد تخلّفه عن القيام بإنجاز المشروع في الموعد المقرّر.
مسألة 13 :تعهّد البنك للجهة صاحبة المشروع بأداء المبالغ المطلوبة على تقدير امتناع المقاول عن أدائها نحوٌ من الكفالة المالية في مقابل الكفالة المصطلحة ـ في أبواب المعاملات ـ التي هى عبارة عن التعهّد لشخص بإحضار شخص آخر له حقّ عليه عند طلبه.
وتفترق الكفالة المالية عن الضمان في أنّ الضامن تشتغل ذمّته للمضمون له بنفس الدين المضمون، فلو مات قبل وفائه أُخرج من تركته مقدَّماً على الاِرث، وأمّا الكفيل المالي فلا تشتغل ذمّته للمكفول له بنفس المال، بل بأدائه إليه، فلو مات قبل ذلك لم يُخرج من تركته شيءٌ إلاّ بوصيّة منه، ويصحّ عقد الكفالة بإيجاب من الكفيل بكلّ ما يدلّ على تعهّده والتزامه، من قول أو كتابة أو فعل، وبقبول من المكفول له بكل ما يدلّ على رضاه بذلك.
المسائل المستحدثة » بيع السهام
قد تطالب الشركات المساهمة وساطة البنك في بيع الاَسهم التي تمتلكها، ويقوم البنك بدور الوسيط في عملية بيعها وتصريفها إزاء عمولة معيّنة بعد الاتّفاق بينه وبين الشركة.
مسألة 16: تجوز هذه المعاملة مع البنك، فإنها ـ في الحقيقة ـ لا تخلو من دخولها إمّا في الاِجارة، بمعنى أنّ الشركة تستأجر البنك للقيام بهذا الدور إزاء أُجرة معينة، وإمّا في الجعالة على ذلك، وعلى كلا التقديرين فالمعاملة صحيحة، ويستحقّ البنك الاَُجرة أو الجُعل إزاء قيامه بالعمل المذكور.
مسألة 17: يصحّ بيع هذه الاَسهم وشراؤها، نعم، إذا كانت معاملات الشركة المساهمة محرّمة ـ كما لو كانت تتاجر بالخمور أو تتعامل بالربا ـ لميجز شراء أسهمها والاشتراك في تلك المعاملات.
المسائل المستحدثة » بيع السندات
السندات: صكوك تصدرها جهات مخوّلة قانوناً بقيمة اسمية معيّنة مؤجّلة إلى مدّة معلومة، وتبيعها بالاَقلّ منها، مثلاً يبيع السند الذي قيمته الاسمية مائة دينار بخمسة وتسعين ديناراً نقداً على أن يؤدّي المائة بعد سنة مثلاً، وقد تتولّى البنوك عملية البيع، وتأخذ على ذلك عمولة معيّنة.
مسألة 18 : هذه المعاملة يمكن أن تقع على نحوين:
1 ـ أن تقترض الجهة التي تصدر السند ممّن يشتريه مبلغ خمسة وتسعين ديناراً ـ في المثال المذكور ـ وتدفع إليه مائة دينار في نهاية المدّة المحدّدة وفاءً لدينه مع اعتبار الخمسة دنيانير الزائدة فائدة على القرض، وهذا رباً محرّم.
2 ـ أن تبيع الجهة التي تصدر السند مائة دنيار مؤجّلة الدفع إلى سنة مثلاً بخمسة وتسعين ديناراً نقداً.
وهذا وإن لم يكن قرضاً ربوياً على التحقيق، ولكنّ صحّته بيعاً محلّ إشكال والاَحوط لزوماً الاجتناب عنه، فالنتيجة أنّه لا يمكن تصحيح بيع السندات المذكورة التي تتعامل بها الجهات الرسمية وغيرها.
مسألة 19 : لا يجوز للبنوك التوسّط في بيع السندات وشرائها، كما لا يجوز لها أخذ العمولة على ذلك.
المسائل المستحدثة » الحوالات الداخلية والخارجية
مسألة 20 : الحوالة في المصطلح الفقهي تقتضي نقل الدين من ذمّة المحيل إلى ذمّة المحال عليه، ولكنّها ـ هنا ـ تستعمل في الاَعمّ من ذلك، وفيما يلى نماذج للحوالات المصرفية:
الاَوّل: أن يصدر البنك صكّاً لعميله بتسلّم المبلغ من وكيله في الداخل أو الخارج على حسابه إذا كان له رصيد مالي في البنك، وعندئذ يأخذ البنك منه عمولة معيّنة إزاء قيامه بهذا الدور، والظاهر جواز أخذه هذه العمولة، لاَنّ للبنك حقّ الامتناع عن قبول وفاء دينه في غير مكان القرض، فيجوز له أخذ عمولة إزاء تنازله عن هذا الحقّ وقبول وفاء دينه في ذلك المكان.
الثاني: أن يصدر البنك صكّاً لشخص يحقّ له بموجبه أن يتسلّم مبلغاً معيناً من بنك آخر في الداخل أو الخارج بعنوان الاقتراض منه، نظراً لعدم وجود رصيد مالي للشخص عنده، ويأخذ البنك عمولة معيّنة إزاء قيامه بهذا العمل، والظاهر أنّه يجوز للبنك أخذ العمولة على إصداره صكّاً من هذا القبيل إذا كان مردّه إلى أخذ الجعل على توكيل البنك الثاني في إقراض حامل الصك المبلغ المذكور فيه من أموال البنك الاَوّل الموجودة لديه، فليس هو من قبيل أخذ الجعل على الاِقراض نفسه ليكون حراماً، بل من قبيل أخذ الجعل على التوكيل في الاِقراض فلا يكون الاِلزام بدفع الجعل مرتبطاً بعملية الاِقراض نفسها، بل بالتوكيل فيها، فلا يكون به بأس حينئذٍ.
ثم إنّ المبلغ المذكور في الصكّ إذا كان من العملة الاَجنبية فيحدث للبنك حقّ، وهو أنّ المدين حيث اشتغلت ذمّته بالعملة المذكورة فله إلزامه بالوفاء بنفس العملة، فلو تنازل عن حقّه هذا وقبل الوفاء بالعملة المحلّية جاز له أخذ شيء منه إزاء هذا التنازل، كما أنّ له تبديلها بالعملة المحلّية مع تلك الزيادة.
الثالث: أن يدفع الشخص مبلغاً معيّناً من المال إلى البنك في النجف الاَشرف مثلاً، ويأُخذ تحويلاً بالمبلغ أو بما يعادله على بنك آخر في الداخل كبغداد، أو الخارج كلبنان أو دمشق مثلاً، ويأخذ البنك إزاء قيامه بعملية التحويل عمولة معيّنة منه، وهذا يمكن أن يقع على نحوين:
أ ـ أن يبيع الشخص مبلغاً معيّناً من العملة المحلّية عل البنك بمبلغ من العملة الاَجنبية تعادل المبلغ الاَول مع إضافة عمولة التحويل إليه، وهذا لا بأس به كما سبق نظيره.
ب ـ أن يقوم الشخص بإقراض البنك مبلغاً معيّناً ويشترط عليه تحويله إلى بنك آخر في الداخل أو الخارج مع عمولة معينة بإزاء عملية التحويل، وهذا لا بأس به أيضاً، لاَنّ التحويل وإن كان عملاً محترماً له مالية عند العقلاء، فيكون اشتراط القيام به على المقترض من قبيل اشتراط النفع الملحوظ فيه المال المحرّم شرعاً، إلاّ أنّ المستفاد من النصوص الخاصّة الدالّة على جواز اشتراط المقرض على المقترض قيامه بأداء القرض في مكان آخر، جواز اشتراط التحويل أيضاً، فإذا كان يجوز اشتراطه مجّاناً وبلا مقابل، فيجوز اشتراطه بإزاء عمولة معيّنة بطريق أولى.
الرابع: أن يقبض الشخص مبلغاً معيّناً من البنك في النجف الاَشرف مثلاً، ويحوّل البنك لاستيفاء بدله على بنك آخر في الداخل أو الخارج، ويأخذ البنك الاَول إزاء قبوله الحوالة عمولة معيّنة منه، وهذا يقع على نحوين:
أ ـ أن يبيع البنك على الشخص مبلغاً من العملة المحلّية بمبلغ من العملة الاَجنبية تعادل المبلغ الاَول مع إضافة عمولة التحويل إليه، فيحوّله المشتري إلى البنك الثاني لاستلام الثمن، وهذا جائز كما سبق.
ب ـ أن يقرضه البنك مبلغاً معيّناً، ويشترط عليه دفع عمولة معيّنة إزاء قبوله بنقل القرض إلى ذمّة أخرى وتسديده في بلد آخر، وهذا رباً، لاَنّه من قبيل اشتراط دفع الزيادة في القرض وإن كانت بإزاء عملية التحويل، نعم، إذا وقع هذا من غير شرط مسبق بأن اقترض المبلغ من البنك أوّلاً، ثم طلب منه تحويل قرضه إلى بنك آخر لاستيفائه منه، فطلب البنك عمولة على قبوله ذلك جاز، لاَنّ من حقّ البنك الامتناع عن قبول ما ألزمه به المقترض من نقل القرض إلى ذمّة أُخرى وتسديده في بلد غير بلد القرض، وليس هذا من قبيل ما يأخذه المقرض بإزاء إبقاء القرض والاِمهال فيه ليكون رباً، بل هو ممّا يأخذه لكي يقبل بانتقال قرضه إلى ذمّة أُخرى وادائه في مكان آخر، فلا بأس به حينئذٍ.
مسألة 21 : قد تنحلّ الحوالة إلى حوالتين، كما إذا أحال المدين دائنه على البنك بإصدار صكّ لاَمره، وقام البنك بتحويل مبلغ الصكّ على فرع له في بلد الدائن، أو على بنك آخر فيه يتسلّمه الدائن هناك، فإنّ مردّ ذلك إلى حوالتين:
إحداهما: حوالة المدين دائنه على البنك، وبذلك يصبح البنك مديناً لدائنه.
ثانيتهما: حوالة البنك دائنه على فرع له في بلد الدائن أو على بنك آخر فيه، ودور البنك في الحوالة الاَولى قبول الحوالة، وفي الثانية
إصدارها، وكلتا الحوالتين صحيحة شرعاً، ولكن إذا كانت حوالة البنك على فرع له يمثل نفس ذمّته، لا تكون هذه حوالة بالمصطلح الفقهي، إذ ليس فيها نقل الدين من ذمّة إلى أُخرى، وإنما مرجعها إلى طلب البنك من وكيله في مكان آخر وفاء دينه في ذلك المكان، وعلى أيّ حال، فيجوز للبنك أن يتقاضى عمولة على قيامه بما ذكر، حتى بإزاء قبوله حوالة من له رصيد في البنك دائنه عليه، لاَنّها من قبيل الحوالة على المدين، والمختار: عدم نفوذها من دون قبول المحال عليه، فله أخذ العمولة على ذلك.
مسألة 22 : ما تقدّم من أقسام الحوالة وتخريجها الفقهي يجري بعينه في الحوالة على الاَشخاص، كي يدفع مبلغاً من المال لشخص ليحوّله بنفس المبلغ أو بما يعادله على شخص آخر في بلده أو بلد آخر، ويأخذ بإزاء ذلك عمولة معيّنة، أو يأخذ من شخص ويحوله على شخص آخر ويأخذ المحول منه إزاء ذلك عمولة معيّنة.
مسألة 23 : لا فرق فيما تقدّم بين أن تكون الحوالة على المدين أو على البريء، والاَول كما إذا كان للمحال عليه رصيد مالي، والثاني ما لم يكن كذلك.
المسائل المستحدثة » جوائز البنك
قد يقوم البنك بعملية القرعة بين عملائه، ويعطي لمن تصيبه القرعة مبلغاً من المال بعنوان الجائزة ترغيباً للاِيداع فيه.
مسألة 24 : هل يجوز للبنك القيام بهذه العملية؟ فيه تفصيل:
فإنّه إن قيامه بها لا باشتراط عملائه عند إيداعهم لاَموالهم في البنك، بل بقصد تشويقهم وترغيبهم على تكثير رصيدهم لديه، وترغيب الآخرين على فتح الحساب عنده، جاز ذلك، كما يجوز عندئذ لمن أصابته القرعة أن يقبض الجائزة ويتصرف فيها بَعد الاستئذان في ذلك من الحاكم الشرعي إذا كان البنك حكومياً أو مشتركاً في بلد إسلامي، وإذا كان أهلياً جاز قبض الجائزة والتصرّف فيها بلا حاجة إلى إذن الحاكم الشرعي، وأمّا إذا كان قيام البنك بعملية القرعة ودفع الجائزة بعنوان الوفاء بالشرط الذي اشترطه عليه عملاؤه في ضمن عقد القرض أو نحوه، فلا يجوز ذلك، كما لا يجوز لمن أصابته القرعة أخذها بعنوان الوفاء بذلك الشرط، ويجوز بدونه.
المسائل المستحدثة » تحصيل الكمبيالات
من الخدمات التي يقوم بها البنك: تحصيل قيمة الكمبيالة لحساب عميله، فإنّه قبل تاريخ استحقاقها يخطر المدين (موقّع الكمبيالة) ويشرح في إخطاره قيمتها ورقمها وتاريخ استحقاقها ليكون على علم ويتهيّأ للدفع، وبعد التحصيل يقيّد القيمة في حساب العميل أو يدفعها إليه نقداً، ويأخذ منه عمولة إزاء هذه الخدمة، ومن هذا القبيل قيام البنك بتحصيل قيمة الصكّ لحامله من بلده أو من بلد آخر، كما إذا لم يرغب الحامل تسلّم القيمة بنفسه من الجهة المحال عليها، فيأخذ البنك منه عمولة إزاء قيامه بهذا العمل.
مسألة 25 : تحصيل قيمة الكمبيالات وأخذ العمولة على ذلك يقع على أنحاء:
1 ـ أن يقدّم المستفيد كمبيالة إلى البنك غير محوّلة عليه ويطلب من البنك تحصيل قيمتها إزاء عمولة معيّنة، والظاهر جواز هذه الخدمة وأخذ العمولة بإزائها، ولكن بشرط أن يقتصر عمل البنك على تحصيل قيمة الكمبيالة فقط، وأمّا تحصيل فوائدها الربوية فهو غير جائز، ويمكن تخريج العمولة فقهياً بأنّها جعالة من الدائن للبنك على تحصيل دينه.
2 ـ أن يقدّم المستفيد كمبيالة إلى البنك محوّلة عليه، ولكن لم يكن مديناً لموقّعها، أو كان مديناً له بعملة أُخرى غير ما أحال بها عليه، وحينئذ يجوز للبنك أخذ عمولة إزاء قبوله هذه الحوالة ـ بالشرط المتقدّم في سابقهـ لاَنّ القبول غير واجب على البريء وكذا على المدين بغير جنس الحوالة، فحينئذ لا بأس بأخذ شيء مقابل التنازل عن حقّه هذا.
3 ـ أن يقدّم المستفيد كمبيالة إلى البنك محوّلة عليه ممّن لديه رصيد مالي لدى البنك، وقد أشار فيها بتقديمها إلى البنك عند الاستحقاق، ليقوم البنك بخصم قيمتها من حسابه الجاري وقيدها في حساب المستفيد (الدائن) أو دفعها له نقداً، فمردّ ذلك إلى أن الموقّع أحال دائنه على البنك المدين له، فيكون ذلك من قبيل الحوالة على المدين، والمختار فيها ـ كما تقدّم ـ اعتبار قبول المحال عليه (وهو البنك هنا) فلا تكون الحوالة نافذة من دون قبوله، وعليه فيجوز له أخذ عمولة إزاء قيامه بقبول الحوالة اداء دينه.
المسائل المستحدثة » بيع العملات الاجنبية وشراؤها
من أعمال البنوك: القيام بشراء العملات الاَجنبية وبيعها، لغرض توفير القدر الكافي منها لتأمين حاجات عملائها، ولا سيّما التجّار المستوردين للبضائع من الخارج ، وللحصول على الربح منه نتيجة الفرق
بين أسعار الشراء والبيع.
مسألة 26 : يصحّ بيع العملات الاَجنبية وشراؤها بقيمتها السوقية ، وبالاءقل وبالاَكثر، بلا فرق في ذلك بين كون البيع أو الشراء حالاً أو مؤجّلاً، فإنّ البنك كما يقوم بعملية العقود الحالّة يقوم بعملية العقود المؤجّلة.
المسائل المستحدثة » السحب على المكشوف
كلّ من لديه رصيد لدى البنك في الحساب الجاري يحقّ له سحب أيّ مبلغ لا يزيد عن رصيده، نعم، قد يسمح البنك له بسحب مبلغ معيّن من دون رصيد ، نظراً لثقته به، ويسمّى ذلك بـ : ( السحب على المكشوف ) ويحتسب البنك فائدة على هذا المبلغ.
مسألة 27 : السحب على المكشوف مردّه إلى الاقتراض من البنك بشرط دفع الفائدة، فهو قرض ربوى محرّم ، وما يتقاضاه البنك من الفوائد على المبالغ المسحوبة تعدّ من الفوائد الربوية المحرّمة، نعم، إذا كان البنك حكومياً أو مشتركاً في بلد اسلامي فلا بأس بالسحب منه، لا بقصد الاقتراض ، بل بقصد الحصول على المال المجهول مالكه ، على نحو ما تقدم في المسألة الثانية.
المسائل المستحدثة » خصم الكمبيالات
تمهيدات:
الأول: يمتاز البيع عن القرض في أنّ البيع تمليك عين بعوض لا مجّاناً، والقرض تمليك للمال بالضمان في الذمّة بالمثل إذا كان مثلياً وبالقيمة إذا كان قيمياً (1) .
كما يمتاز عنه في أنّ البيع الربوي باطل من أصله ، دون القرض الربوي ، فإنّه باطل بحسب الزيادة فقط ، وأمّا أصل القرض فهو صحيح.
ويمتاز عنه أيضاً في أنّ كلّ زيادة في القرض إذا اشترطت تكون رباً ومحرّمة دون البيع ، فإنّه تحرم فيه الزيادة مطلقاً في المكيل والموزون من العوضين المتحدين جنساً ، وأمّا لو اختلفا في الجنس ، أو لم يكونا من المكيل والموزون ، فإن كانت المعاملة نقدية ، فلا تكون الزيادة رباً ، وأمّا لو كانت المعاملة مؤجّلة كما لو باع مائة بيضة بمائة وعشر إلى شهر ، أو باع عشرين كيلو من الأرز بأربعين كيلو من الحنطة إلى شهر ، ففي عدم كون ذلك من الربا إشكال ، فالأحوط لزوماً الاجتناب عنه.
الثاني: الأوراق النقدية بما أنّها من المعدود يجوز بيع بعضها ببعض متفاضلاً مع اختلافهما جنساً نقداً ونسيئة ، وأمّا مع الاتّحاد في الجنس فيجوز التفاضل في البيع بها نقداً ، وأمّا نسيئة فلا يخلو عن إشكال كما تقدّم
والاحوط لزوماً التجنب عنه ، وعلى ذلك ، فيجوز للدائن عشرة دنانير عراقية مثلاً أن يبيع دينه بالأقلّ منها كتسعة دنانير نقداً ، كما يجوز له بيعه بالأقلّ منها من عملة أُخرى كتسعة دنانير أُردنية نقداً ولا يجوز ذلك نسيئة إلا إذا كان دينه حالاً لانه لا يجوز بيع الدين غير الحال بدين مؤجّل.
الثالث: الكمبيالات المتداولة بين التجّار في الأسواق لم تعتبر لها مالية كالأوراق النقدية ، بل هي مجرد وثيقة لإثبات أنّ المبلغ الذي تتضمّنه دين في ذمّه موقّعها لمن كتبت باسمه ، فالمعاملات الجارية عليها لا تجري على أنفسها ، بل على النقود التي تعبّر عنها ، وأيضاً عندما يدفع المشتري كمبيالة للبائع لا يدفع بذلك ثمن البضاعة اليه ولا تفرغ ذمته منه ، ولذا لو ضاعت الكمبيالة أو تلفت عند البائع لا يتلف منه مال بخلاف ما إذا دفع له ورقة نقدية وتلفت عنده أو ضاعت.
مسألة 28 : الكمبيالات على نوعين:
أ ـ ما يعبّر عن وجود قرض واقعي ، بأن يكون موقّع الكمبيالة مديناً لمن كتبت باسمه بالمبلغ الذي تتضمّنه.
ب ـ ما يعبر عن وجود قرض صوري لا واقع له.
أمّا في الأوّل: فيجوز للدائن أن يبيع دينه المؤجّل الثابت في ذمّة المدين بأقل منه حالاً ، كما لو كان دينه مائة دينار فباعه بثمانية وتسعين ديناراً نقداً وبعد ذلك يقوم البنك أو غيره بمطالبة المدين (موّقع الكمبيالة) بقيمتها عند الاستحقاق.
وأمّا في الثاني: فلا يجوز للدائن الصوري بيع ما تتضمّنه الكمبيالة ، لانتفاء الدين واقعاً وعدم اشتغال ذمّة الموقّع للموقّع له (المستفيد) بل إنّما كتبت لتمكين المستفيد من خصمها فحسب ولذا سمّيت (كمبيالة مجاملة).
ومع ذلك ، يمكن تصحيح خصمها بنحو آخر ، بأن يؤكّل موقّع الكمبيالة المستفيد في بيع قيمتها في ذمّته بأقلّ منها ، مراعياً الاختلاف بين العوضين في الجنس ، كأن تكون قيمتها خمسين ديناراً عراقياً والثمن ألف تومان إيراني مثلاً ، وبعد هذه المعاملة تصبح ذمّة موقّع الكمبيالة مشغولة بخمسين ديناراً عراقياً إزاء ألف تومان إيراني ، ويوكّل الموقع أيضاً المستفيد في بيع الثمن ـ وهو ألف تومان في ذمّته ـ بما يعادل المثمن وهو خمسون ديناراً عراقياً ، وبذلك تصبح ذمّة المستفيد مدينة للموقّع بمبلغ يساوي ما كانت ذمّة الموقّع مدينة به للبنك ، ولكن هذا الطريق قليل الفائدة ، حيث إنّه إنّما يفيد فيما إذا كان الخصم بعملة أجنبية ، وأمّا إذا كان بعملة محلّية فلا أثر له ، إذ لا يمكن تنزيله على البيع عندئذ على ما عرفت من الإشكال في بيع المعدود مع التفاضل نسيئة ، وأمّا خصم قيمة الكمبيالة الصورية لدى البنك على نحو القرض ، بأن يقترض المستفيد من البنك مبلغاً أقلّ من قيمة الكمبيالة الاسمية ، ثم يحول البنك الدائن على موقّعها بتمام قيمتها ، ليكون من الحوالة على البريء ، فهذا رباً محرّم ، لأنّ اشتراط البنك في عملية الاقتراض (الخصم) اقتطاع شيء من قيمة الكمبيالة إنّما هو من قبيل اشتراط الزيادة المحرّم شرعاً ولو لم تكن الزيادة بإزاء المدّة الباقية بل بإزاء قيام البنك ببعض الأعمال كتسجيل الدين وتحصيله ونحوهما ، لاَنّه لا يحقّ للمقرض أن يشترط على المقترض أيّ نحو من أنحاء النفع الملحوظ فيه المال.
هذا إذا كان البنك أهلياً ، وأمّا لو كان حكومياً أو مشتركاً في بلد إسلامي فيمكن التخلّص من ذلك بأن لا يقصد المستفيد في عملية الخصم لديه شيئاً من البيع والاقتراض ، بل يقصد الحصول على المال المجهول مالكه فيقبضه ويتصرف فيه باذن الحاكم الشرعي فإذا رجع البنك في نهاية المدّة إلى موقّع الكمبيالة وألزمه بدفع قيمتها ، جاز له الرجوع على المستفيد ببدل ما دفع إذا كان قد وقّع الكمبيالة بأمر وطلب منه.
المسائل المستحدثة » العمل لدى البنوك
تصنّف أعمال البنوك صنفين:
أحدهما: محرّم ، وهو الأعمال التي لها صلة بالمعاملات الربوية كالتوكيل في إجرائها ، وتسجيلها ، والشهادة عليها ، وقبض الزيادة لآخذها ، ونحو ذلك ومثلها الأعمال المرتبطة بمعاملات الشركات التي تتعامل بالربا أو تتاجر بالخمور ، كمبيع أسهمها وفتح الاعتماد لها وما يشبههما.
وهذه كلّها محرّمة لا يجوز الدخول فيها ، ولا يستحقّ العامل أُجرة إزاء تلك الاَعمال.
ثانيهما: سائع ، وهي غير ما ذكر ، فيجوز الدخول فيها وأخذ الاُجرة عليها.
مسألة 29 : إذا كان دافع الزيادة في المعاملة الربوية غير مسلم ـ سواء كان هو البنك الأجنبي أو غيره ـ فقد تقدّم أنّه يجوز حينئذٍ أخذها للمسلم ، وعلى ذلك يجوز الدخول في الأعمال التي ترتبط بإجراء مثل هذه المعاملة الربوية في البنوك وخارجها.
مسألة 30 : الأموال الموجودة لدى البنوك الحكومية والمشتركة في البلاد الإسلامية لمّا كانت تعدّ من المال المجهول مالكه ، الذي يحرم التصرّف فيه من غير مراجعة الحاكم الشرعي ، لم يجُز العمل لدى هذه
البنوك في قبض الأموال وتسليمها إلى المتعاملين مع البنك ممّن يتصرّفون فيها من غير إذن الحاكم الشرعي نعم إذا اُذِنَ الحاكم الشرعي العمل لدى هذه البنوك في المجال المذكور جاز.
مسألة 31 : الجعالة والإجارة والحوالة ونحوها من المعاملات المشروعة الجارية مع البنوك الحكومية في الدول الإسلامية تتوقّف صحّتها على إجازة الحاكم الشرعي ، فلا تصحّ من دون إجازته ، وهكذا المعاملات الجارية مع البنوك المشتركة بين الحكومة والاهالي فيما يخصّ سهم الحكومة فيها فان صحتها تتوقف على اجازة الحاكم الشرعي أيضاً.
المسائل المستحدثة » عقد التأمين
التأمين عقد يلتزم المؤمن له بمقتضاه أن يدفع مبلغاً معيناً ـ شهرياً ، أو سنوياً ، أو دفعة واحدة ـ إلى المؤمِّن في مقابل تعهّد المؤمِّن أن يؤدّي إلى المؤمَّن له أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغاً من المال ، أو إيراداً مرتّباً ، أو أيّ عوض مالي آخر ، في حالة وقوع حادث أو ضرر مبيّن في العقد.
مسألة 32 : التأمين على أقسام ، منها:
التأمين على الأشخاص من خطر الوفاة أو بعض الطوارىء الاَُخرى كالمرض ونحوه.
ومنها: التأمين على الأموال كالسيّارات والطائرات والسفن ونحوها من خطر الحريق أو الغرق أو السرقة أو ما شاكلها.
وهناك تقسيمات أُخرى للتأمين لا يختلف الحكم الشرعي بالنظر إليها
فلاداعي لذكرها.
مسألة 33 : يشتمل عقد التأمين على أركان:
1 و2 ـ الإيجاب والقبول من المؤمِّن والمؤمَّن له ، ويكفي فيهما كلّ ما يدلّ عليهما من لفظ أو كتابة أو غيرهما.
3 ـ تعيين المؤمَّن عليه ، شخصاً كان أو مالاً.
4 ـ تعيين مدّة عقد التأمين بداية ونهاية.
مسألة 34 : يعتبر في التأمين تعيين الخطر الموجب للضرر ، كالغرق والحرق والسرقة والمرض والموت ونحوها ، وكذا يعتبر فيه تعيين أقساط التأمين السنوية أو الشهرية لو كان الدفع أقساطاً.
مسألة 35 : يشترط في طرفي عقد التأمين : البلوغ والعقل والقصد والاختيار وعدم الحجر لسفه أو فلس ، فلا يصحّ من الصغير والمجنون والهازل والمكره والمحجور عليه.
مسألة 36 : عقد التأمين من العقود اللازمة ، ولا ينفسخ إلاّ برضا الطرفين ، نعم ، إذا اشترط في ضمن العقد استحاق المؤمَّن له أو المؤمِّن أو كليهما للفسخ جاز الفسخ حسب الشرط.
مسألة 37 : إذا تخلّف المؤمِّن عن العمل بتعهّده ، كان للمؤمَّن له إلزامه بذلك ـ ولو بالتوسّل إلى الحاكم الشرعي أو غيره ـ وله الخيار في فسخ العقد واسترجاع مبلغ التأمين.
مسألة 38 : إذا تقرّر في عقد التأمين قيام المؤمَّن له بدفع مبلغ التأمين أقساطاً ، فتخلف عن تسديد قسط ـ كمّا أو كيفاً ـ لم يجب على المؤمِّن القيام بدفع المبالغ التي تعهّد بدفعها عند وقوع الضرر المعيّن ، كما لا يحقّ للمؤمَّن له استرجاع ما سدّده من أقسام التأمين.
مسألة 39 : لا تعتبر في صحّة عقد التأمين مدّة خاصة ، بل هي تابعة لِما يتّفق عليه الطرفان: المؤمِّن والمؤمَّن له.
مسألة 40 : إذا اتّفق جماعة على تأسيس شركة يتكوّن رأس مالها من الأموال المشتركة بينهم ، واشترط كلّ منهم على الآخرين في ضمن عقد الشركة أنّه على تقدير حدوث حادثة ـ حدد نوعها في ضمن الشرط ـ على نفسه أو ماله ـ من داره أو سيارته أو نحو ذلك ـ أن تقوم الشركة بتدارك خسارته في تلك الحادثة من رأس مال الشركة أو أرباحها ، وجب العمل بالشرط ما دام العقد باقياً.
المسائل المستحدثة » السرقفلية ـ الخلوّ
من المعاملات الشائعة بين التجّار والكسبة ما يسمّى بـ ( السرقفلية ) ويراد بها تنازل المستأجر عمّا تحت تصرّفه بإيجار المحلّ الذي يشغله لآخر إزاء مقدار من المال يتفّق عليه الطرفان ، وتطلق أيضاً على تنازل المالك للمستأجر عن حقّه في إخراجه من المحلّ أو زيادة بدل الإيجار بعد نهاية مدّة الإجارة إزاء مقدار من المال يتّفقان بشأنه.
مسألة 41 : استئجار الأعيان المستأجرة كمحلاّت الكسب والتجارة لا يُحدث حقّاً للمستأجر فيها بحيث يمكنه إلزام المؤجّر عدم إخراجه منها وتجديد إيجارها منه بمقدار بدل إيجارها السابق بعد نهاية الإجارة ، وكذا طول إقامة المستأجر فى المحل ، ووجاهته في مكسبه الموجبة لتعزيز الموقع التجاري للمحلّ ، لا يوجب شيء من ذلك حقّاً له في البقاء ، بل إذا تمّت مدّة الإجارة يجب عليه تخلية المحلّ وتسليمه إلى صاحبه.
وإذا استغلّ المستأجر القانون الحكومي الذي يقضي بمنع المالك عن إجبار المستأجر على التخلية أو عن الزيادة في بدل الإيجار ، فامتنع عن دفع الزيادة أو التخلية فعمله هذا محرّم ، ويكون تصرّفه في المحل بدون رضا المالك غصباً ، وكذا ما يأخذه من المال إزاء تخليته حراماً.
مسألة 42: إذا آجر المالك محلّه من شخص سنة بمائة دينار مثلاً ، وقبض إضافة على ذلك مبلغ خمسمائة دينار مثلاً إزاء اشتراطه على نفسه في ضمن العقد أن يجدّد الإيجار لهذا المستأجر ، أو لمن يتنازل له بدون زيادة أو بزيادة متعارفة وإذا أراد المستأجر الثاني التنازل عن المحلّ لثالث أن يعامله بمثل ذلك وهكذا ، صح هذا الاشتراط وحينئذ يجوز للمستأجر أن يأخذ إزاء تنازله عن حقّه مبلغاً يساوي ما دفعه إلى المالك نقداً أو أكثر أو أقلّ حسب ما يتّفقان عليه.
مسألة 43 : إذا آجر المالك محلّه من شخص مدّة معلومة وشرط على نفسه ـ إزاء مبلغ من المال أو بدونه ـ في ضمن العقد أن يجدّد إيجاره له سنوياً بعد نهاية المدّة بالصورة التي وقع عليها في السنة الاُولى أو على النحو المتعارف في كل سنة ، فاتّفق أنّ شخصاً دفع مبلغاً للمستأجر إزاء تنازله عن المحلّ وتخليته فقط ـ حيث لا يكون له إلاّ حقّ البقاء وللمالك الحريّة في إيجار المحلّ بعد خروجه كيف ما شاء ـ فعندئذٍ يجوز للمستأجر أخذ المبلغ المتّفق عليه ، وتكون السرقفلية بازاء التخلية فحسب ، لا بإزاء انتقال حقّ التصرّف منه إلى دافعها.
مسألة 44 : يجب على المالك الوفاء بما اشترطه على نفسه في ضمن عقد الإجارة ، فيجب عليه في مفروض المسألة 42 أن يؤجر المحلّ للمستأجر أو لمن يتنازل له عنه بدون زيادة أو بزيادة متعارفة عليه حسب ما إشترط على نفسه كما يجب عليه في مفروض المسألة 43 أن يجدّد الإيجار للمستأجر ما دام يرغب في البقاء في المحلّ بمقدار بدل الإيجار السابق أو بما هو بدل إيجاره المتعارف حسبما هو مقرّر في الشرط.
وإذا تخلّف المالك عن الوفاء بشرطه وامتنع عن تجديد الإيجار فللمشروط له إجباره على ذلك ولو بالتوسّل بالحاكم الشرعي أو غيره ، ولكن إذا لم يتيسّر إجباره ـ لأيّ سبب كان ـ فلا يجوز له التصرّف في المحلّ من دون رضا المالك.
مسألة 45 : إذا جعل الشرط في عقد الإجارة في مفروض المسألتين (42 ـ 43) على نحو شرط النتيجة ـ لا على نحو شرط الفعل ، أي اشتراط تجديد الاجارة كما فرضناه ـ بأن اشترط المستأجر على المؤجر أن يكون له أو لمن يعيّنه مباشرة أو بواسطة حقّ إشغال المحلّ والاستفادة منه إزاء مبلغ معيّن سنوياً ، أو بالقيمة المتعارفة فى كلّ سنة ، فحينئذٍ يكون للمستأجر ـ أو لمن يعيّنه ـ حقّ إشغال المحلّ والاستفادة منه ولو من دون رضا المالك ، ولا يحقّ للمالك أن يطالب بشيء سوى المبلغ الذي اتّفقا عليه إزاء الحقّ المذكور.
المسائل المستحدثة » مسائل في قاعدة الإقرار والمقاصّة النوعية
هناك مسائل تتعلّق بأحكام العقود والإيقاعات والحقوق ، تختلف فيها آراء علماء الإمامية عن آراء غيرهم من أرباب المذاهب الإسلامية ـ كلاً أو بعضاً فيُسأل عن كيفية تعامل الإمامي مع غيره في موارد تلك المسائل.
وقد تعارف لدى فقهائنا المتأخرين ـ رضوان الله عليهم ـ تخريج هذه المسائل على قاعدة الإلزام ، أي إلزام غير الإمامي بأحكام نحلته.
ولكن حيث إنّ هذه القاعدة لم تثبت عندنا بطريق معتبر ، فلا بُدّ من تطبيق تلك المسائل على القواعد البديلة لقاعدة الإلزام ، كقاعدة المقاصّة النوعية ( خذوا منهم كما يأخذون منكم في سننهم وقضاياهم ) وقاعدة الإقرار ( أي إقرار غير الإمامي على مذهبه ومعاملته بموجب أحكامه ) .
مسألة 46 :يصحّ لدى الاِمامية النكاح من غير إشهاد ، ولكنّ العامة اختلفوا في ذلك ، فمنهم من وافق الإمامية في ذلك ، ومنهم من ذهب إلى فساد النكاح بدون الإشهاد ، وهم الحنفية والشافعية والحنابلة ، ومنهم من ذهب إلى فساده بدون الإعلان ، وهم المالكية ، ولكنّ القائلين بفساده على طائفتين: فمنهم من يرى في الأنكحة التي اختلف الفقهاء في صحّتها وفسادها ـ كالعقد المذكور ـ أنّه ليس لأحد أن يتزوّج المرأة قبل أن يطلّقها المعقود له أو يفسخ نكاحها ، وهؤلاء هم المالكية وأكثر الحنابلة ، فإذا كان الزوج من هؤلاء لم يمكن الزواج بالمرأة قبل أن يطلّقها أو يفسخ نكاحها. ومنهم من يرى في الأنكحة المختلف فيها أنّه يجوز الزواج من المرأة من غير حاجة إلى فسخ أو طلاق ، وهؤلاء هم الشافعية والحنفية.
فمتى كان الزوج منهم جاز الزواج بالمرأة بعد انقضاء عدّتها ـ إذا كانت ممّن تجب عليها العدّة عندهم ـ إقراراً للزوج على مذهبه ، وكذا يجوز للمرأة إذا كانت إمامية أن تتزوّج بعد انقضاء عدتها على تقدير وجوب العدّة عليها عندهم ، ولكنّ الأولى ـ في الصورتين ـ خروجاً عن الشبهة ومراعاةً للاحتياط ـ التوصل إلى طلاقها ولو من قبل الحاكم الشرعي إذا كان الزوج ممتنعاً منه.
مسألة 47 : لا يجوز عند العامة الجمع بين العمّة وبنت أخيها ، أو
بين الخالة وبنت أُختها ، بمعنى أنّه يبطل كلا العقدين إذا تقارنا في الوقوع ، كما يبطل المتأخّر منهما متى سبق أحدهما الآخر.
وأمّا عند الإمامية فيجوز عقد العمّة على بنت أخيها والخالة على بنت أُختها مطلقاً ، كما يجوز عقد بنت الأخ على العمّة وبنت الأُخت على الخالة مشروطاً بسبق العقد أو لحوقه برضا العمّة أو الخالة ، وعليه فاذا جمع العامي بين العمّة وبنت أخيها أو الخالة وبنت أُختها في النكاح جاز للإمامي أن يعقد على أيّ منهما مع تقارن العقدين ، بل على كليهما مع رضا العمة أو الخالة ، كما يجوز له أن يعقد على المعقودة بالعقد المتأخّر مع رضا العمة أو الخالة إذا كان عقدهما سابقاً ، وهكذا الحال بالنسبة إلى كلّ واحدة منهما إذا كانت إمامية.
مسألة 48 : لا تجب العدّة على المطلّقة اليائسة والصغيرة على مذهب الإمامية ولو مع الدخول بهما ، ولكن تجب على مذهب العامة على خلاف بينهم في شروط ثبوتها على الصغيرة ، فإذا كان الزوج عامّياً فطلّق زوجته الصغيرة أو اليائسة وكان مذهبه ثبوت العدة عليها أُقرّ على ما يراه في مذهبه من أحكامها كفساد العقد على أُختها خلال فترة العدّة ، وكذا سائر من يحرم عندهم نكاحها جمعاً ، والأحوط لزوماً للإمامي أن لا يتزوّجها قبل انقضاء عدّتها ، وأن لا تتزوّج هي قبل ذلك وإن كانت إمامية أو صارت كذلك ، كما أنّ الأحوط لزوماً لها أن لا تأخذ نفقة أيّام العدّة من الزوج وإن فرض ثبوت النفقة لها على مذهبه إلاّ تطبيقاً لقاعدة المقاصّة النوعية مع توفّر شروطها.
مسألة 49 : تشترط في صحّة الطلاق عند الامامية جملة من الشروط التي لا تشترط عند سائر المذاهب الإسلامية ـ كلاً أو بعضاً ـ فإذا طلّق غير الإمامي زوجته بطلاق صحيح على مذهبه وفاسد حسب مذهبنا ، جاز للإمامي ـ إقراراً له على مذهبه ـ أن يتزوّج مطلّقته بعد انقضاء عدّتها إذا كانت ممّن تجب عليها العدّة في مذهبه ، كما يجوز للمطلّقة إذا كانت من الإمامية أن تتزوّج من غيره كذلك.
وفيما يلي بعض الشروط التي تعتبر في صحّة الطلاق عند الإمامية ولا تعتبر عند غيرهم ـ كلاً أو بعضاً ـ :
1 ـ أن يكون الطلاق في طهر غير طهر المواقعة.
2 ـ أن يكون منجّزاً غير معلّق على شيء.
3 ـ أن يكون باللفظ دون الكتابة.
4 ـ أن يكون عن اختيار لا عن إكراه.
5 ـ أن يكون بحضور شاهدين عدلين.
مسألة 50 : يثبت خيار الرؤية ـ على مذهب الشافعي ـ لمن اشترى شيئاً بالوصف ثم رآه وإن كان المبيع حاوياً للوصف المذكور ، ولا يثبت الخيار على مذهب الإمامية في هذا المورد ، فإذا كان المذهب الشافعي نافذاً على الإمامية ، بحيث كان المشتري الشافعي يأخذ البائع الإمامي بالخيار في هذه الحالة ، فللمشتري الإمامي أن يقابل بالمثل فيأخذ البائع الشافعي بالخيار في هذه الصورة عملاً بقاعدة المقاصّة النوعية.
مسألة 51 : ذهب أبو حنيفة والشافعي إلى عدم ثبوت الخيار للمغبون ، ومذهبنا ثبوته له ، والظاهر أنّ محلّ الكلام في الثبوت وعدمه لا يشمل ما إذا كان بناء المغبون على عدم الاكتراث بالقيمة وشراء البضاعة أو بيعها بأيّ ثمن كان ، فإنّ الظاهر عدم ثبوت الخيار له حينئذٍ ، وكذا لا يشمل ما إذا كان بناء المتعاملين على حصول النقل والانتقال بالقيمة السوقية لا أزيد ، واعتمد المغبون على قول الغابن في عدم الزيادة ، فإنّ الظاهر ثبوت الخيار له هنا عند الجميع من جهة الإغرار ، وكذا لا يشمل ما إذا كان الثابت بحسب الشرط الارتكازي في العرف الخاصّ حقّاً آخر غير حقّ الفسخ كحقّ المطالبة بما به التفاوت.
وعلى أيّ حال ، ففي كلّ مورد كان المذهب الإمامي ثبوت خيار الغبن ومذهب العامي عدم ثبوته ، يجوز للإمامي ـ أخذاً بقاعدة المقاصة النوعية ـ أن يلزم العامّي بعدم ثبوت الخيار له ، وذلك حيث يكون المذهب العامي هو القانون النافذ على الجميع بحيث يلزم به الإمامي أيضاً.
مسألة 52 : يشترط عند الحنفية في صحّة عقد السلم أن يكون المسلم فيه موجوداً حال العقد ، ولا يشترط ذلك لدى الإمامية ، فإذا كان المذهب الحنفي نافذاً على الإمامية بحيث كان المشتري الحنفي يلزم البائع الإمامي ببطلان هذا العقد ، جاز للمشتري الإمامي أن يلزم البائع الحنفي بالبطلان في مثله بمقتضى قاعدة المقاصة النوعية ، وهكذا الحال لو صار المشتري إمامياً بعد ذلك.
مسألة 53 : ذهب العامّة إلى أنّ ما فضل عن السهام المفروضة يرثه عصبة الميّت ـ كالأخ ـ وعدم ردّه على ذوي السهام أنفسهم ، وذهب الاِمامية إلى خلاف ذلك ، فمثلا لو مات الشخص وخلّف أخاً وبنتاً فقد ذهب الإمامية إلى إعطاء البنت نصف تركته فرضاً والنصف الآخر ردّاً ، وعدم إعطاء الأخ شيئاً؛ وأمّا العامة فقد ذهبوا إلى إعطاء النصف الثاني للأخ ، لأنّه من عصبة الميّت.
فإذا كان المذهب العامي نافذاً على الوارث الإمامي بحيث لا يردّ إليه الفاضل على سهمه ، فللعصبة إذا كانوا من الإمامية أخذ الفاضل على سهم
الوارث العامي منه بمقتضى قاعدة المقاصّة النوعية.
مسألة 54 : ترث الزوجة على مذهب العامة من جميع تركة الميت من المنقول وغيره والأراضي وغيرها ، ولا ترث على المذهب الإمامي من الأرض لا عيناً ولا قيمة ، وترث من الأبنية والأشجار قيمة لا عيناً.
وعلى ذلك فلو كان المذهب العامي نافذاً على الشيعة بحيث تورّث الزوجة العامية من الأرض ومن عين الأبنية والأشجار إذا كان بقية الورثة من الإمامية ، فللزوجة الإمامية أيضاً أن تأخذ ما يصل إليها ميراثاً من الأراضي وأعيان الأبنية والأشجار حيث يكون سائر الورثة من العامة.
المسائل المستحدثة » أحكام التشريح
مسألة 55 : لا يجوز تشريح بدن الميّت المسلم ، فلو فعل ذلك لزمته الدية على تفصيل مذكور في كتاب الديات.
مسألة 56 : يجوز تشريح بدن الميّت الكافر بأقسامه إذا لم يكن محقون الدم فى حال حياته ، وإلاّ ـ كما لو كان ذمّياً ـ فالأحوط لزوماً الاجتناب عن تشريح بدنه ، نعم ، إذا كان ذلك جائزاً في شريعته ـ مطلقاً أو مع إذنه في حال الحياة ، أو إذن وليّه بعد الوفاة ـ فلا بأس به حينئذٍ ، وأمّا المشكوك كونه محقون الدم في حال الحياة فيجوز تشريح بدنه إذا لم تكن أمارة على كونه كذلك.
مسألة 57 : لو توقّف حفظ حياة مسلم على التشريح ، ولم يمكن تشريح الكافر غير محقون الدم أو مشكوك الحال ، جاز تشريح غيره من الكفّار ، وإن لم يمكن ذلك أيضاً جاز تشريح المسلم ، ولا يجوز تشريح المسلم لغرض التعلّم ونحوه ما لم تتوقّف عليه انقاذ حياة مسلم أو من بحكمه ولو في المستقبل.
المسائل المستحدثة » أحكام الترقيع
مسألة 58 : إذا توقّف حفظ حياة المسلم على قطع عضو من أعضاء الميّت المسلم ـ كالقلب والكلية ـ لإلحاقه ببدنه جاز القطع ، ولكن تثبت الدية على القاطع على الاحوط لزوماً ، وإذا أُلحق ببدن الحيّ ترتّبت عليه بعد الإلحاق أحكام بدن الحيّ ، نظراً إلى أنّه أصبح جزءاً منه.
مسألة 59 : لا يجوز قطع عضو من أعضاء الميت المسلم لإلحاقه ببدن الحي فيما إذا لم تتوقف عليه حياته وان كان في حاجة ماسة إليه كما في العين ونحوها من الاعضاء ، ولو قطع فعلى القاطع الدية ، ويجب دفن المقطوع ولا يجوز إلحاقه ببدن الحي ولكن إذا تمّ الإلحاق وحلّت فيه الحياة لم يجب قطعه بعد ذلك.
مسألة 60 : إذا أوصى بقطع بعض أعضائه بعد وفاته ليُلحق ببدن الحيّ من غير أن تتوقف حياة الحيّ على ذلك ، ففي نفوذ وصيّته وجواز القطع حينئذٍ إشكال ـ وإن لم تجب الدية على القاطع ـ فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك.
مسألة 61 : المقصود بالميت في الموارد المتقدمة هو من توقفت رئتاه وقلبه عن العمل توقفاً نهائياً لا رجعة فيه وأما الميت دماغياً مع استمرار رئتيه وقلبه في وظائفهما وان كان ذلك عن طريق تركيب اجهزة الانعاش الصناعية فلا يُعدُّ ميّتا ، ويحرم قطع عضو منه لإلحاقه ببدن الحي مطلقا.
مسألة 62 : لا يجوز قطع جزء من إنسان حي لإلحاقه بجسم غيره إذا كان قطعُه يُلحقُ به ضرراً بليغاً كما في قلع العين وقطع اليد وما شاكلها واما إذا لم يُلحق به الضرر البليغ ـ كما في قطع قطعة من الجلد أو جزء من النخاع أو احدى الكليتين لمن لديه كلية أخرى سليمة ـ فلا بأس به مع رضا صاحبه إذا لم يكن قاصراً لصغر أو جنون وإلا لم يجز مطلقاً ، وكما يجوز القطع في الصورة المذكورة يجوز أخذ المال بأزاء الجزء المقطوع.
مسألة 63 : يجوز التبرع بالدم للمرضى المحتاجين اليه كما يجوز أخذ العوض عليه.
مسألة 64 : يجوز قطع عضو من بدن الميت الكافر غير محقون الدم أو مشكوك الحال لإلحاقه ببدن المسلم وتترتب عليه بعد الإلحاق وحلول الحياة فيه احكام بدن المسلم لصيرورته جزءاً منه ، ويجوز أيضاً الحاق بعض أعضاء الحيوان ـ كقلبه ـ ببدن المسلم وان كان الحيوان نجس العين كالخنزير ويُصبحُ بعد الألحاق وحلول الحياة فيه جزءاً من بدن المسلم وتلحقه احكامه.
المسائل المستحدثة » التلقيح الصناعي
مسألة 65 : لا يجوز تلقيح المرأة بمنيّ غير الزوج ، سواء أكانت ذات زوج أم لا ورضي الزوج والزوجة بذلك أم لا ، كان التلقيح بواسطة الزوج أم غيره.
مسألة 66 : لو تمَّ تلقيح المرأة بمنّي غير الزوج فحملت منه ثم
ولدت ، فإن حدث ذلك اشتباهاً ـ كما لو أُريد تلقيحها بمنّي زوجها فاشتبه بغيره ـ فلا إشكال في إنتسابه إلى صاحب المنّي ، فإنّه نظير الوطء بشبهة.
وأمّا إن حدث ذلك مع العلم والعمد ، فلا يبعد انتسابه إليه ايضاً وثبوت جميع أحكام الابوة والبنوة بينهما حتى الارث ، لأنّ المستثنى من الإرث هو الولد عن زناً ، وهذا ليس كذلك وإن كان العمل الموجب لحصول الحمل به محرّماً.
وهكذا الحال في انتسابه إلى اُمّه فإنّه ينتسب اليها حتى في الصورة الثانية ولا فرق بينه وبين سائر أولادها أصلاً ، ومن قبيل هذه الصورة ما لو القت المرأة منّي زوجها في فرج امرأة اخرى بالمساحقة أو نحوها فحملت ثم ولدت فانه ينتسب إلى صاحب النطفة وإلى التي حملته وان كان العمل المذكور محرماً.
مسألة 67 : لو أُخذت بويضة المرأة وحويمن الرجل فلُقِّحت به ووضعت في رحم صناعية أو نحوها وفرض انه تيسّر تنميتُها فيها حتى تكوّن إنسان بذلك فالظاهر أنّه ينتسب إلى صاحب الحويمن وصاحبة البويضة ، ويثبت بينه وبينهما جميع أحكام النسب حتى الارث ، نعم ، لايرث ممّن مات منهما قبل التلقيح.
مسألة 68 : لو نقلت بويضة المرأة الملقّحة بحويمن الرجل إلى رحم امرأة أُخرى فنشأ فيها وتولد ففي انتسابه إلى صاحبة البويضة أو إلى صاحبة الرحم اشكال فلا يترك مراعاة الاحتياط فيما يتعلق بذلك من أحكام الامومة والبنوة ، نعم لا يبعد ثبوت المحرمية بينه وبين صاحبة الرحم وان لم يحكم بأنتسابه اليها.
مسألة 69 : يجوز تلقيح المرأة صناعياً بمنيّ زوجها ما دام حياً ولا يجوز ذلك بعد وفاته ـ على الاحوط لزوماً ـ وحكم الولد المولود بهذه الطريقة حكم سائر أولادهما بلا فرق اصلاً إلاّ إذا كان التلقيح بعد وفاة الزوج فانه لا يرث منه في هذه الصورة وان كان منتسباً اليه ، ثم انه لا يجوز ان يكون المباشر لعملية التلقيح الصناعي غير الزوج إذا توقفت على كشف المرأة عورتها للطبيبة ـ مثلاً ـ لتنظر اليها أو لتلمسها من غير حائل ، نعم إذا لم يكن يتيسر لها الحمل بغير ذلك وكان الصبر على عدم الإنجاب حرجياً عليها بحدٍّ لا يُتحمّل عادة جاز لها ذلك.
المسائل المستحدثة » أحكام تحديد النسل
مسألة 70 : يجوز للمرأة استعمال ما يمنع الحمل من العقاقير المعدّة لذلك بشرط أن لا يلحق بها ضرراً بليغاً ، ولا فرق في ذلك بين رضا الزوج به وعدمه ما لم يناف شيئاً من حقوقه الشرعية.
مسألة 71 : يجوز للمرأة استعمال اللولب المانع من الحمل ونحوه من الموانع بالشرط المتقدّم ، ولكن إذا توقف وضعه في الرحم على ان يباشر ذلك غير الزوج كالطبيبة وتنظر أو تلمس من دون حائل ما يحرم كشفه لها اختياراً كالعورة لزم الاقتصار في ذلك على مورد الضرورة كما إذا كان الحمل مضراً بالمرأة أو موجباً لوقوعها في حرج شديد لا يتحمل عادة ولم يكن يتيسر لها المنع منه ببعض طرقه الاخرى أو كانت ضررية أو حرجية عليها كذلك.
هذا إذا لم يثبت لها أنّ استعمال اللولب يستتبع تلف البويضة بعد تخصيبها ، وإلاّ فالأحوط لزوماً الاجتناب عنه مطلقاً.
مسألة 72 : يجوز للمرأة ان تجري عملية جراحية لغلق القناة التناسلية ( النفير ) وان كان يؤدي إلى قطع نسلها بحيث لا تحمل أبداً ، ولكن إذا توقف ذلك على كشف ما يحرم كشفه من بدنها للنظر اليه أو للمسه من غير حائل لم يجز لها الكشف إلا في حال الضرورة حسب ما مرّ في المسألة السابقة ، ولا يجوز للمرأة أن تجري عملية جراحية لقطع الرحم أو نزع المبيضين ونحو ذلك مما يؤدي إلى قطع نسلها ولكن يستلزم ضرراً بليغاً بها إلا إذا اقتضته ضرورة مرضية ، ونظير هذا الكلام كله يجري في الرجل ايضاً.
مسألة 73 : لا يجوز إسقاط الحمل وان كان بويضة مخصبة بالحويمن إلا فيما إذا خافت الام الضرر على نفسها من إستمرار وجوده ( وكان موجباً لوقوعها في حرج شديد لا يتحمل عادة فانه يجوز لها عندئذٍ إسقاطه ما لم تلجه الروح ، واما بعد ولوج الروح فيه فلا يجوز الاسقاط وهذا الحكم مبني على الاحتياط اللزومي في مورد الضرر والحرج وإذا اسقطت الام حملها وجبت عليها ديته لابيه أو لغيره من ورثته وان اسقطه الاب فعليه ديته لامّه ، وان اسقطه غيرهما ـ كالطبيبة ـ لزمته الدية لهما وان كان الاسقاط بطلبهما ، ويكفي في دية الحمل بعد ولوج الروح فيه دفع ( خمسة آلاف ومائتين وخمسين ) مثقالاً من الفضة ان كان ذكراً ونصف ذلك ان كان انثى سواء أكان موته بعد خروجه حياً أم في بطن اُمّه ـ على الاحوط لزوماً ـ ويكفي في ديته قبل ولوج الروح فيه دفع مائة وخمسة مثاقيل من الفضة ان كان نطفة ومائتين وعشرة مثاقيل إن كان علقة وثلاثمائة وخمسة عشر مثقالاً ان كان مضغة واربعمائة وعشرين مثقالاً ان كانت قد نبتت له العظام وخمسمائة وخمسة وعشرين مثقالاً ان كان تام الاعضاء والجوارح ، ولا فرق في ذلك بين الذكر والانثى ـ على الاحوط لزوما
مسألة 74 : يجوز للمرأة استعمال العقاقير التي تؤجّل الدورة الشهرية عن وقتها لغرض إتمام بعض الواجبات ـ كالصيام ومناسك الحج أو لغير ذلك ـ بشرط أن لا يلحق بها ضرراً بليغاً ، وإذا استعملت العقار فرأت دماً متقطّعاً لم يكن لها أحكام الحيض وإن رأته في أيّام العادة.
المسائل المستحدثة » أحكام الشوارع المفتوحة من قبل الدولة
مسألة 75 : يجوز استطراق الشوارع والأرصفة المستحدثة الواقعة على الدور والأملاك الشخصية للناس التي تستملكها الدولة وتجعلها طرقاً.
نعم ، من علم أنّ موضعاً خاصاً منها قد قامت الدولة باستملاكه قهراً على صاحبه من دون إرضائه بتعويض أو ما بحكمه ، جرى عليه حكم الأرض المغصوبة ، فلا يجوز له التصرّف فيه حتى بمثل الاستطراق إلاّ مع استرضاء صاحبه أو وليّه ـ من الأب أو الجدّ أو القيّم المنصوب من قبل أحدهما ـ فإن لم يعلم صاحبه جرى عليه حكم المال المجهول مالكه ، فيراجع بشأنه الحاكم الشرعي ، ومنه يظهر حكم الفضلات الباقية منها ، فإنّه لا يجوز التصرّف فيها إلاّ بإذن أصحابها.
مسألة 76 : يجوز العبور والمرور من أراضي المساجد الواقعة في الطرق ، وكذا يجوز الجلوس فيها ونحوه من التصرّفات ، وهكذا الحال في أراضي الحسينيات والمقابر وما يشبههما من الأوقاف العامة ، وأمّا أراضي المدارس وما شاكلها ففي جواز التصرّف فيها بمثل ذلك لغير الموقوف عليهم إشكال ، والاحوط لزوماً التجنب عنه.
مسألة 77 : المساجد الواقعة في الشوارع والأرصفة المستحدثة لا
تخرج عرصتها عن الوقفية ، ولكن لا تترتّب عليها الأحكام المترتّبة على عنوان المسجد الدائرة مداره وجوداً وعدماً ، كحرمة تنجيسه ، ووجوب إزالة النجاسة عنه ، وعدم جواز مكث الجنب والحائض والنفساء فيه ، وما شاكل ذلك ، وأمّا الفضلات الباقية منها ، فإن لم تخرج عن عنوان المسجد ترتّبت عليها جميع أحكامه ، وأمّا إذا خرجت عنه ـ كما إذا جعلها الظالم دكّاناً أو محلاً أو داراً ـ فلا تترتّب عليها تلك الأحكام ، ويجوز الانتفاع منها بجميع الانتفاعات المحلّلة الشرعية إلاّ ما يعدّ منها تثبيتاً للغصب ، فإنّه غير جائز.
مسألة 78 : الأنقاض الباقية من المساجد بعد هدمها ـ كأحجارها وأخشابها ـ وآلاتها ـ كفرشها ووسائل إنارتها وتبريدها وتدفئتها ـ إذا كانت وقفاً عليها وجب صرفها في مسجد آخر ، فإن لم يمكن ذلك جعلت في المصالح العامة ، وإن لم يمكن الانتفاع بها إلاّ ببيعها باعها المتولّي أو من بحكمه وصرف ثمنها على مسجد آخر ، وأمّا إذا كانت أنقاض المسجد ملكاً طلقاً له ، كما لو كانت قد اشتريت من منافع العين الموقوفة على المسجد ، فلا يجب صرف تلك الأنقاض بأنفسها على مسجد آخر ، بل يجوز للمتولي أو من بحكمه أن يبيعها إذا رأى المصلحة في ذلك ، فيصرف ثمنها على مسجد آخر ، وما ذكرناه من التفصيل يجري أيضاً في أنقاض المدارس والحسينيات ونحوهما من الأوقاف العامة الواقعة في الطرقات.
مسألة 79 : مقابر المسلمين الواقعة في الطرق إن كانت من الأملاك الشخصية أو من الأوقاف العامة فقد ظهر حكمها ممّا سبق ، هذا إذا لم يكن العبور والمرور عليها هتكاً لموتى المسلمين وإلاّ فلا يجوز ، وأمّا إذا لم تكن ملكاً ولا وقفاً فلا بأس بالتصرّف فيها ما لم يكن هتكاً ، ومن ذلك يظهر حال الأراضي الباقية منها ، فإنّها في الفرض الاَول لا يجوز التصرّف فيها وشراؤها إلاّ بإذن مالكها وفي الفرض الثاني لا يجوز ذلك إلاّ باذن المتولّي ومن بحكمه ، فيصرف ثمنها في مقابر أُخرى للمسلمين مع مراعاة الأقرب فالأقرب على الأحوط لزوماً ، وفي الفرض الثالث يجوز ذلك من دون حاجة إلى إذن أحد ، ما لم يستلزم التصرّف في ملك الغير كآثار القبور المهدّمة.
المسائل المستحدثة » مسائل في الصلاة والصيام
مسألة 80 : لو سافر الصائم في شهر رمضان جوّاً بعد الغروب ـ ولم يفطر في بلده ـ إلى جهة الغرب ، فوصل إلى مكان لم تغرب الشمس فيه بعد ، لم يجب عليه الإمساك إلى الغروب وان كان ذلك أحوط استحباباً.
مسألة 81 : لو صلّى المكلّف صلاة الصبح في بلده ، ثم سافر إلى جهة الغرب فوصل إلى بلد لم يطلع فيه الفجر بعد ، ثم طلع ، أو صلّى صلاة الظهر في بلده ، ثم سافر جوّاً فوصل إلى بلد لم تزل الشمس فيه بعد ، ثم زالت أو صلّى صلاة المغرب فيه ، ثم سافر فوصل إلى بلد لم تغرب الشمس فيه ، ثم غربت لم تجب عليه اعادة الصلاة في شيء من هذه الفروض وان كانت الاعادة احوط استحباباً.
مسألة 82 : لو خرج وقت الصلاة في بلده ـ كأن طلعت الشمس أو غربت ولم يصلِّ الصبح أو الظهرين ـ ثم سافر جوّاً فوصَلَ إلى بلد لمتطلع الشمس فيه أو لم تغرب بعد فالأحوط لزوماً أن يؤدي الصلاة بقصد ما في الذمّة ولا ينوي خصوص الاداء أو القضاء.
مسألة 83 : إذا سافر جوّاً بالطائرة وأراد الصلاة فيها ، فإن تمكّن من الإتيان بها إلى القبلة واجداً لشرطي الاستقبال والاستقرار ولغيرهما من الشروط صحّت ، وإلاّ لم تصحّ ـ على الأحوط لزوماً ـ إذا كان في سعة الوقت ، بحيث يتمكّن من الإتيان بها واجدة للشروط بعد النزول من الطائرة ، وأمّا إذا ضاق الوقت ، وجب عليه الإتيان بها فيها ، وعندئذٍ إن علم بكون القبلة في جهة خاصّة صلّى إليها ، ولا تصحّ صلاته لو أخلّ بالاستقبال إلاّ مع الضرورة ، وحينئذٍ ينحرف إلى القبلة كلّما انحرفت الطائرة ويسكت عن القراءة والذكر في حال الانحراف ، وإن لم يتمكن من استقبال عين القبلة فعليه مراعاة أن تكون بين اليمين واليسار ، وإن لم يعلم بالجهة التي توجد فيها القبلة بذل جهده في معرفتها ويعمل على ما يحصل له من الظنّ ، ومع تعذّره يكتفي بالصلاة إلى أيّ جهة يحتمل وجود القبلة فيها ، وإن كان الأحوط استحباباً الإتيان بها إلى أربع جهات ، هذا فيما إذا تمكّن من الاستقبال ، وإن لم يتمكن منه إلاّ في تكبيرة الإحرام اقتصر عليه ، وإن لم يتمكّن منه أصلاً سقط ، ثم انه يجوز ركوب الطائرة ونحوها اختياراً قبل دخول الوقت وإن علم أنّه يضطر إلى أداء الصلاة فيها فاقداً لشرطي الاستقبال والاستقرار.
مسألة 84 : لو ركب طائرة سرعتها سرعة حركة الأرض ، وكانت متّجهة من الشرق إلى الغرب ، ودارت حول الأرض مدّة من الزمن ، فالأحوط الإتيان بالصلوات الخمس بنيّة القربة المطلقة في كلّ أربع وعشرين ساعة ، وأمّا الصيام فيجب عليه قضاؤه.
وأمّا إذا كانت سرعتها ضعف سرعة الصوت ـ حيث تتمّ الدورة عندئذٍ في كلّ اثنتي عشرة ساعة ـ فالأحوط لزوماً ان يأتي بصلاة الصبح عند كلّ فجر ، وبالظهرين عند كلّ زوال ، وبالعشاءين عند كلّ غروب.
ولو دارت الطائرة حول الأرض بسرعة فائقة بحيث تتمّ كلّ دورة في ثلاث ساعات مثلاً أو أقلّ ، فالظاهر عدم وجوب الصلاة عليه عند كلّ فجر وزوال وغروب ، والأحوط لزوماً ان يأتي بها في كلّ أربع وعشرين ساعة بنيّة القربة المطلقة ، مراعياً وقوع صلاة الصبح بين طلوعين ، والظهرين بين زوال وغروب بعدها ، والعشاءين بين غروب ونصف ليل بعد ذلك.
ومن هنا يظهر حال ما إذا كانت حركة الطائرة من الغرب إلى الشرق ، وكانت سرعتها مساوية لسرعة حركة الأرض ، فأنه يجب عليه الإتيان بالصلوات فى أوقاتها ، وكذا الحال فيما إذا كانت سرعتها أقلّ من سرعة الأرض ، وأمّا إذا كانت سرعتها أكثر من سرعة الأرض بكثير ، بحيث تتمّ الدورة في ثلاث ساعات مثلاً أو أقلّ ، فيظهر حكمه ممّا تقدم.
مسألة 85 : من كانت وظيفته الصيام في السفر ، وطلع عليه الفجر في بلده ، ثم سافر جوّاً ناوياً للصوم ، ووصل إلى بلد آخر لم يطلع الفجر فيه بعد ، جاز له الأكل والشرب ونحوهما من سائر المفطّرات إلى حين طلوع الفجر في البلد الثاني.
مسألة 86 : من سافر في شهر رمضان من بلده بعد الزوال ووصل إلى بلد لم تزل فيه الشمس بعد فالاحوط لزوماً ان يتم صيام ذلك اليوم ولا يجب عليه قضاؤه حينئذ.
مسألة 87 : من كان وظيفته الصيام في السفر ، إذا سافر من بلده الذي رؤي فيه هلال رمضان إلى بلد لم يُرَ فيه الهلال بعد ، لاختلافهما في الاُفق ، لم يجب عليه صيام ذلك اليوم ، ولو عيّد في بلد رؤي فيه هلال شوّال ، ثم سافر إلى بلد لم يُرَ فيه الهلال ، لاختلاف أفقهما ، فالأحوط لزوماً له الإمساك بقيّة ذلك اليوم وقضاؤه.
مسألة 88 : إذا فرض كون المكلّف في مكان نهاره ستة أشهر وليله ستّة أشهر مثلاً ، فالأحوط لزوماً له في الصلاة ملاحظة أقرب الأماكن التي لها ليل ونهار في كلّ اربع وعشرين ساعة ، فيصلّي الخمس على حسب أوقاتها بنيّة القربة المطلقة ، وأمّا في الصوم فيجب عليه الانتقال إلى بلد يتمكّن فيه من الصيام إمّا في شهر رمضان أو من بعده ، وإن لم يتمكّن من ذلك فعليه الفدية بدل الصوم.
وأمّا إذا كان في بلد له في كلّ اربع وعشرين ساعة ليل ونهار ـ وإن كان نهاره ثلاث وعشرين ساعة وليله ساعة أو العكس ـ فحكم الصلاة يدور مدار الأوقات الخاصة فيه ، وأمّا صوم شهر رمضان فيجب عليه أداؤه مع التمكّن منه ويسقط مع عدم التمكّن ، فإن تمكّن من قضائه وجب ، وإلاّ فعليه الفدية بدله.
المسائل المستحدثة » أوراق اليانصيب
وهي أوراق توزّعها بعض الشركات وتأخذ بإزائها مبالغ معيّنة من المال ، وتتعهّد الشركة بأن تقرع بين أصحاب البطاقات ، فمن أصابته القرعة تدفع له مبلغاً بعنوان الجائزة ، وهذه العملية يمكن أن تقع على وجوه:
الأول : أن يكون إعطاء المال عند تسلّم البطاقة بازاء الجائزة المحتمل حصوله عليها أي على تقدير اصابة القرعة باسمه ، وهذه المعاملة محرّمة وباطلة بلا إشكال ، فلو ارتكب المحرّم وأصابت القرعة باسمه ، فإن كانت الشركة حكومية فالمبلغ المأخوذ منها مجهول المالك ، وجواز التصرّف فيه متوقّف على الاستئذان الحاكم الشرعي لإصلاحه ، وإن كانت الشركة أهلية جاز التصرّف فيه مع إحراز رضا أصحابه بذلك حتى مع علمهم بفساد المعاملة.
الثاني : أن يكون إعطاء المال مجّاناً وبقصد الاشتراك في مشروع خيري ، كبناء مدرسة أو جسر أو نحو ذلك ، لا بقصد الحصول على الربح والجائزة ، وهذا لا بأس به.
ثم إنّه إذا أصابت القرعة باسمه يجوز له أخذ الجائزة والتصرف فيها مع الاستئذان في ذلك من الحاكم الشرعي إذا كانت الشركة حكومية في بلد اسلامي ، وإلاّ فلا حاجة إلى إذنه.
الثالث : أن يكون دفع المال بعنوان إقراض الشركة ، بحيث تضمن له عوضه ، ويكون له أخذه بعد ستة أشهر مثلاً ، ولكن الدفع المذكور مشروط بأخذ بطاقة اليانصيب على أن تدفع الشركة له جائزة عند إصابة القرعة باسمه ، وهذه المعاملة محرّمة ، لأنها من القرض الربوي.