الكتب الفتوائية » منهاج الصالحين ـ الجزء الثالث (الطبعة المصححة 1445 هـ.)
البحث في:
كتاب النكاح » الفصل الثاني عشر في أحكام الأولاد
←
→ كتاب النكاح » الفصل العاشر في حقوق الزوجيّة
كتاب النكاح » الفصل الحادي عشر في أحكام النشوز والشقاق
مسألة 350: النشوز قد يكون من الزوجة، وقد يكون من الزوج:
أمّا نشوز الزوجة فيتحقّق بخروجها عن طاعة الزوج الواجبة عليها، وذلك بعدم تمكينه ممّا يستحقّه من الاستمتاع بها، ويدخل في ذلك عدم إزالة المنفّرات المضادّة للتمتّع والالتذاذ منها، بل وترك التنظيف والتزيين مع اقتضاء الزوج لها، وكذا بخروجها من بيتها من دون إذنه، ولا يتحقّق بترك طاعته فيما ليس واجباً عليها كخدمة البيت ونحوها ممّا مرّ .
وأمّا نشوز الزوج فيتحقّق بمنع الزوجة من حقوقها الواجبة عليه، كترك الإنفاق عليها، أو ترك المبيت عندها في ليلتها، أو هجرها بالمرّة، أو إيذائها ومشاكستها من دون مبرّر شرعيّ.
مسألة 351: إذا امتنعت الزوجة من تمكين الزوج من نفسها مطلقاً لم تستحقّ النفقة عليه، سواء خرجت من عنده أم لا، وأمّا إذا امتنعت من التمكين في بعض الأحيان لا لعذر مقبول شرعاً، أو خرجت من بيتها بغير إذنه كذلك فالمشهور بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) أنّها لا تستحقّ النفقة أيضاً، ولكن الأحوط وجوباً عدم سقوطها بذلك، وأمّا المهر فلا يسقط بالنشوز بلا إشكال.
مسألة 352: كما يسقط بالنشوز حقّ الزوجة في النفقة يسقط به حقّها في القَسْم والمواقعة كلّ أربعة أشهر أيضاً، ويستمرّ الحال كذلك مادامت ناشزة فإذا رجعت وتابت رجع الاستحقاق.
مسألة 353: إذا نشزت الزوجة جاز للزوج أن يتصدّى لإرجاعها إلى طاعته، وذلك بأن يَعِظَها أوّلاً فإن لم ينفع الوعظ هجرها في المضجع إذا احتمل نفعه، كأن يُحوّل إليها ظهره في الفراش، أو يعتزل فراشها إذا كان يشاركها فيه من قبل، فإن لم يؤثّر ذلك أيضاً جاز له ضربها إذا كان يُؤمِّل معه رجوعها إلى الطاعة وترك النشوز، ويقتصر منه على أقلّ مقدار يحتمل معه التأثير، فلا يجوزالزيادة عليه مع حصول الغرض به، وإلّا تدرّج إلى الأقوى فالأقوى ما لم يكن مُدْمِياً ولا شديداً مؤثّراً في اسوداد بدنها أو احمراره، واللازم أن يكون ذلك بقصد الإصلاح لا التشفّي والانتقام، ولو حصل بالضرب جناية وجب الغُرم.
وإذا لم تنفع معها الإجراءات المتقدّمة وأصرّت على نشوزها فليس للزوج أن يتّخذ ضدّها إجراءً آخر سواء أكان قوليّاً كإيعادها بما لا يجوز له فعله - بخلاف الإيعاد بما يجوز له كالطلاق أو التزويج عليها - أو كان فعليّاً كفَرْك أُذنها أو جرّ شعرها أو حبسها أو غير ذلك، نعم يجوز له رفع أمره إلى الحاكم الشرعيّ ليلزمها بما يراه مناسباً كالتعزير ونحوه.
مسألة 354: إذا نشز الزوج على زوجته بمنعها حقوقها الواجبة عليه فلها المطالبة بها ووعظه وتحذيره، فإن لم ينفع فلها رفع أمرها إلى الحاكم الشرعيّ وليس لها هجره ولا ضربه والتعدّي عليه.
مسألة 355: إذا امتنع الزوج عن بذل نفقة زوجته المستحقّة لها مع مطالبتها جاز لها أن تأخذها من ماله بدون إذنه، ويجوز لها رفع أمرها إلى الحاكم الشرعيّ لإجباره على الإنفاق، فإن لم يتيسّر هذا ولا ذاك واضطرّت إلى اتّخاذ وسيلة لتحصيل معاشها لم يجب عليها إطاعته حال اشتغالها بتلك الوسيلة، وهل لها الامتناع عن القيام بحقوقه في غير تلك الحال أم لا؟ فيه إشكال، والاحتياط لا يترك.
مسألة 356: إذا امتنع الزوج عن الإنفاق مع قدرته عليه فرفعت الزوجة أمرها إلى الحاكم الشرعيّ، أبلغه الحاكم بلزوم أحد الأمرين عليه: إمّا الإنفاق أو الطلاق، فإن امتنع عن الأمرين ولم يمكن الإنفاق عليها من ماله - ولو ببيع عقاره إذا توقّف عليه - ولا إجباره على الطلاق جاز للحاكم أن يطلّقها بطلبها، وإذا كان الزوج غير قادر على الإنفاق على زوجته وجب عليه طلاقها إذا لم ترضَ بالصبر معه، فإذا لم يفعل جاز لها أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعيّ فيأمر الزوج بالطلاق، فإن امتنع وتعذّر إجباره عليه طلّقها الحاكم، ويقع الطلاق بائناً في الصورتين، ولا فرق فيما ذكر بين الحاضر والغائب وسيأتي حكم المفقود في محلّه.
مسألة 357: إذا امتنع الزوج عن الإنفاق على زوجته أو كان عاجزاً عن الإنفاق عليها فتعمّد إخفاء موضع اقامته؛ لكي لا يتسنّى للحاكم الشرعيّ - فيما إذا رفعت الزوجة أمرها إليه - أن يتّخذ بشأنه الإجراءات المترتّبة المتقدّمة، ففي هذه الحالة يجوز للحاكم أن يقوم بطلاق زوجته تلبية لطلبها فيما إذا تعذّر عليه تنفيذ ما يتقدّم الطلاق من الإبلاغ وغيره.
مسألة 358: إذا هجر زوجته هجراً كلّيّاً فصارت كالمعلّقة لا هي ذات زوج ولا هي مطلّقة، جاز لها رفع أمرها إلى الحاكم الشرعيّ، فيُلزم الزوج بأحد الأمرين: إمّا العدول عن هجرها وجعلها كالمعلّقة، أو تسريحها لتتمكّن من الزواج من رجل آخر، فإذا امتنع منهما جميعاً جاز للحاكم - بعد استنفاد كلّ الوسائل المشروعة لإجباره حتّى الحبس لو أمكنه - أن يطلّقها بطلبها ذلك.
ويقع الطلاق بائناً أو رجعيّاً حسب اختلاف الموارد، ولا فرق فيما ذكر بين بذل الزوج نفقتها وعدمه.
مسألة 359: إذا كان الزوج غير قادر على العود إلى زوجته كما لو كان محكوماً بالحبس مدّة طويلة فصارت كالمعلّقة بغير اختياره، فهل يجب عليه أن يطلّقها إذا لم ترضَ بالصبر على هذا الحال مع بذل الزوج نفقتها أم لا؟ فيه إشكال، فالأحوط وجوباً له الاستجابة لطلبها في الطلاق، ولكن إذا امتنع فعليها الانتظار حتّى يفرج الله تعالى عنه.
مسألة 360: إذا كان الزوج يؤذي زوجته ويشاكسها بغير وجه شرعيّ، جاز لها رفع أمرها إلى الحاكم الشرعي ليمنعه من الإيذاء والظلم ويُلزمه بالمعاشرة معها بالمعروف، فإن نفع وإلّا عزّره - مع الإمكان - بما يراه، فإن لم ينفع أيضاً كان لها المطالبة بالطلاق، فإن امتنع منه ولم يمكن إجباره عليه طلّقها الحاكم الشرعيّ.
مسألة 361: إذا ترك الزوج بعض حقوقها غير الواجبة، أو همّ بطلاقها لكراهته لها مثلاً، أو همّ بالتزويج عليها، فبذلت له مالاً أو بعض حقوقها الواجبة من قَسْم أو نفقة استمالة له صحّ وحلّ له ذلك، وأمّا لو ترك بعض حقوقها الواجبة أو آذاها بالضرب أو الشتم وغير ذلك فبذلت مالاً ليقوم بما ترك من حقّها أو ليمسك عن أذيّتها أو ليطلّقها فتخلص من يده حرم عليه ما بذلت، وإن لم يكن من قصده إلجاؤها إلى البذل.
مسألة 362: إذا وقع نشوز من الزوجين ومنافرة وشقاق بين الطرفين بعث الحاكم حَكَمَيْن - حكماً من جانب الزوج وآخر من جانب الزوجة - للإصلاح ورفع الشقاق بما رأياه صالحاً من الجمع أو الفراق بإذنهما كما يأتي.
ويجب عليهما البحث والاجتهاد في حالهما، وفيما هو السبب والعلّة لحصول الشقاق بينهما، ثُمَّ يسعيان في أمرهما فكلّما استقرّ عليه رأيهما وحكما به نفذ على الزوجين ويلزم عليهما الرضا به بشرط كونه سائغاً، كما لو شرطا على الزوج أن يسكن الزوجة في البلد الفلانيّ أو في مسكن مخصوص أو عند أبويها أو لا يسكن معها في الدار أُمّه أو أُخته ولو في بيت منفرد أو لا تسكن معها ضُرّتها في دار واحدة ونحو ذلك، أو شرطا عليها أن تؤجّله بالمهر الحالّ إلى أجل أو تردّ عليه ما قبضته قرضاً ونحو ذلك، بخلاف ما إذا كان غير سائغ كما إذا شرطا عليه ترك بعض حقوق الضرّة من قَسْم أو نفقة أو غيرهما.
مسألة 363: إذا اجتمع الحكمان على التفريق - بفدية أو بدونها - لم ينفذ حكمهما بذلك إلّا إذا شرطا عليهما حين بعثهما بأنّهما إن شاءا جمعا وإن شاءا فرّقا، أو استأذناهما في الطلاق وبذل الفدية حينما يريدان ذلك.
وحيث إنّ التفريق لا يكون إلّا بالطلاق فلا بُدَّ من وقوعه عند اجتماع الشرائط، بأن يقع في طهر لم يواقعها فيه وعند حضور العدلين وغير ذلك.
مسألة 364: الأحوط وجوباً أن يكون الحَكَمان من أهل الطرفين، بأن يكون حكم من أهله وحكم من أهلها، فإن لم يكن لهما أهل أو لم يكن أهلهما أهلاً لهذا الأمر تعيّن من غيرهم، ولا يعتبر أن يكون من جانب كلٍّ منهما حكم واحد، بل لو اقتضت المصلحة بعث أزيد تعيّن.
مسألة 365: إذا اختلف الحَكَمان بعث الحاكم حَكَمَيْن آخَرَيْن حتّى يتّفقا على شيء.
مسألة 366: ينبغي للحكمين إخلاص النيّة وقصد الإصلاح، فمن حسنت نيّته فيما تحرّاه أصلح الله مسعاه، كما يرشد إلى ذلك قوله (جلّ شأنه) في هذا المقام ﴿إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا﴾.
كتاب النكاح » الفصل الثاني عشر في أحكام الأولاد
←
→ كتاب النكاح » الفصل العاشر في حقوق الزوجيّة
أمّا نشوز الزوجة فيتحقّق بخروجها عن طاعة الزوج الواجبة عليها، وذلك بعدم تمكينه ممّا يستحقّه من الاستمتاع بها، ويدخل في ذلك عدم إزالة المنفّرات المضادّة للتمتّع والالتذاذ منها، بل وترك التنظيف والتزيين مع اقتضاء الزوج لها، وكذا بخروجها من بيتها من دون إذنه، ولا يتحقّق بترك طاعته فيما ليس واجباً عليها كخدمة البيت ونحوها ممّا مرّ .
وأمّا نشوز الزوج فيتحقّق بمنع الزوجة من حقوقها الواجبة عليه، كترك الإنفاق عليها، أو ترك المبيت عندها في ليلتها، أو هجرها بالمرّة، أو إيذائها ومشاكستها من دون مبرّر شرعيّ.
مسألة 351: إذا امتنعت الزوجة من تمكين الزوج من نفسها مطلقاً لم تستحقّ النفقة عليه، سواء خرجت من عنده أم لا، وأمّا إذا امتنعت من التمكين في بعض الأحيان لا لعذر مقبول شرعاً، أو خرجت من بيتها بغير إذنه كذلك فالمشهور بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) أنّها لا تستحقّ النفقة أيضاً، ولكن الأحوط وجوباً عدم سقوطها بذلك، وأمّا المهر فلا يسقط بالنشوز بلا إشكال.
مسألة 352: كما يسقط بالنشوز حقّ الزوجة في النفقة يسقط به حقّها في القَسْم والمواقعة كلّ أربعة أشهر أيضاً، ويستمرّ الحال كذلك مادامت ناشزة فإذا رجعت وتابت رجع الاستحقاق.
مسألة 353: إذا نشزت الزوجة جاز للزوج أن يتصدّى لإرجاعها إلى طاعته، وذلك بأن يَعِظَها أوّلاً فإن لم ينفع الوعظ هجرها في المضجع إذا احتمل نفعه، كأن يُحوّل إليها ظهره في الفراش، أو يعتزل فراشها إذا كان يشاركها فيه من قبل، فإن لم يؤثّر ذلك أيضاً جاز له ضربها إذا كان يُؤمِّل معه رجوعها إلى الطاعة وترك النشوز، ويقتصر منه على أقلّ مقدار يحتمل معه التأثير، فلا يجوزالزيادة عليه مع حصول الغرض به، وإلّا تدرّج إلى الأقوى فالأقوى ما لم يكن مُدْمِياً ولا شديداً مؤثّراً في اسوداد بدنها أو احمراره، واللازم أن يكون ذلك بقصد الإصلاح لا التشفّي والانتقام، ولو حصل بالضرب جناية وجب الغُرم.
وإذا لم تنفع معها الإجراءات المتقدّمة وأصرّت على نشوزها فليس للزوج أن يتّخذ ضدّها إجراءً آخر سواء أكان قوليّاً كإيعادها بما لا يجوز له فعله - بخلاف الإيعاد بما يجوز له كالطلاق أو التزويج عليها - أو كان فعليّاً كفَرْك أُذنها أو جرّ شعرها أو حبسها أو غير ذلك، نعم يجوز له رفع أمره إلى الحاكم الشرعيّ ليلزمها بما يراه مناسباً كالتعزير ونحوه.
مسألة 354: إذا نشز الزوج على زوجته بمنعها حقوقها الواجبة عليه فلها المطالبة بها ووعظه وتحذيره، فإن لم ينفع فلها رفع أمرها إلى الحاكم الشرعيّ وليس لها هجره ولا ضربه والتعدّي عليه.
مسألة 355: إذا امتنع الزوج عن بذل نفقة زوجته المستحقّة لها مع مطالبتها جاز لها أن تأخذها من ماله بدون إذنه، ويجوز لها رفع أمرها إلى الحاكم الشرعيّ لإجباره على الإنفاق، فإن لم يتيسّر هذا ولا ذاك واضطرّت إلى اتّخاذ وسيلة لتحصيل معاشها لم يجب عليها إطاعته حال اشتغالها بتلك الوسيلة، وهل لها الامتناع عن القيام بحقوقه في غير تلك الحال أم لا؟ فيه إشكال، والاحتياط لا يترك.
مسألة 356: إذا امتنع الزوج عن الإنفاق مع قدرته عليه فرفعت الزوجة أمرها إلى الحاكم الشرعيّ، أبلغه الحاكم بلزوم أحد الأمرين عليه: إمّا الإنفاق أو الطلاق، فإن امتنع عن الأمرين ولم يمكن الإنفاق عليها من ماله - ولو ببيع عقاره إذا توقّف عليه - ولا إجباره على الطلاق جاز للحاكم أن يطلّقها بطلبها، وإذا كان الزوج غير قادر على الإنفاق على زوجته وجب عليه طلاقها إذا لم ترضَ بالصبر معه، فإذا لم يفعل جاز لها أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعيّ فيأمر الزوج بالطلاق، فإن امتنع وتعذّر إجباره عليه طلّقها الحاكم، ويقع الطلاق بائناً في الصورتين، ولا فرق فيما ذكر بين الحاضر والغائب وسيأتي حكم المفقود في محلّه.
مسألة 357: إذا امتنع الزوج عن الإنفاق على زوجته أو كان عاجزاً عن الإنفاق عليها فتعمّد إخفاء موضع اقامته؛ لكي لا يتسنّى للحاكم الشرعيّ - فيما إذا رفعت الزوجة أمرها إليه - أن يتّخذ بشأنه الإجراءات المترتّبة المتقدّمة، ففي هذه الحالة يجوز للحاكم أن يقوم بطلاق زوجته تلبية لطلبها فيما إذا تعذّر عليه تنفيذ ما يتقدّم الطلاق من الإبلاغ وغيره.
مسألة 358: إذا هجر زوجته هجراً كلّيّاً فصارت كالمعلّقة لا هي ذات زوج ولا هي مطلّقة، جاز لها رفع أمرها إلى الحاكم الشرعيّ، فيُلزم الزوج بأحد الأمرين: إمّا العدول عن هجرها وجعلها كالمعلّقة، أو تسريحها لتتمكّن من الزواج من رجل آخر، فإذا امتنع منهما جميعاً جاز للحاكم - بعد استنفاد كلّ الوسائل المشروعة لإجباره حتّى الحبس لو أمكنه - أن يطلّقها بطلبها ذلك.
ويقع الطلاق بائناً أو رجعيّاً حسب اختلاف الموارد، ولا فرق فيما ذكر بين بذل الزوج نفقتها وعدمه.
مسألة 359: إذا كان الزوج غير قادر على العود إلى زوجته كما لو كان محكوماً بالحبس مدّة طويلة فصارت كالمعلّقة بغير اختياره، فهل يجب عليه أن يطلّقها إذا لم ترضَ بالصبر على هذا الحال مع بذل الزوج نفقتها أم لا؟ فيه إشكال، فالأحوط وجوباً له الاستجابة لطلبها في الطلاق، ولكن إذا امتنع فعليها الانتظار حتّى يفرج الله تعالى عنه.
مسألة 360: إذا كان الزوج يؤذي زوجته ويشاكسها بغير وجه شرعيّ، جاز لها رفع أمرها إلى الحاكم الشرعي ليمنعه من الإيذاء والظلم ويُلزمه بالمعاشرة معها بالمعروف، فإن نفع وإلّا عزّره - مع الإمكان - بما يراه، فإن لم ينفع أيضاً كان لها المطالبة بالطلاق، فإن امتنع منه ولم يمكن إجباره عليه طلّقها الحاكم الشرعيّ.
مسألة 361: إذا ترك الزوج بعض حقوقها غير الواجبة، أو همّ بطلاقها لكراهته لها مثلاً، أو همّ بالتزويج عليها، فبذلت له مالاً أو بعض حقوقها الواجبة من قَسْم أو نفقة استمالة له صحّ وحلّ له ذلك، وأمّا لو ترك بعض حقوقها الواجبة أو آذاها بالضرب أو الشتم وغير ذلك فبذلت مالاً ليقوم بما ترك من حقّها أو ليمسك عن أذيّتها أو ليطلّقها فتخلص من يده حرم عليه ما بذلت، وإن لم يكن من قصده إلجاؤها إلى البذل.
مسألة 362: إذا وقع نشوز من الزوجين ومنافرة وشقاق بين الطرفين بعث الحاكم حَكَمَيْن - حكماً من جانب الزوج وآخر من جانب الزوجة - للإصلاح ورفع الشقاق بما رأياه صالحاً من الجمع أو الفراق بإذنهما كما يأتي.
ويجب عليهما البحث والاجتهاد في حالهما، وفيما هو السبب والعلّة لحصول الشقاق بينهما، ثُمَّ يسعيان في أمرهما فكلّما استقرّ عليه رأيهما وحكما به نفذ على الزوجين ويلزم عليهما الرضا به بشرط كونه سائغاً، كما لو شرطا على الزوج أن يسكن الزوجة في البلد الفلانيّ أو في مسكن مخصوص أو عند أبويها أو لا يسكن معها في الدار أُمّه أو أُخته ولو في بيت منفرد أو لا تسكن معها ضُرّتها في دار واحدة ونحو ذلك، أو شرطا عليها أن تؤجّله بالمهر الحالّ إلى أجل أو تردّ عليه ما قبضته قرضاً ونحو ذلك، بخلاف ما إذا كان غير سائغ كما إذا شرطا عليه ترك بعض حقوق الضرّة من قَسْم أو نفقة أو غيرهما.
مسألة 363: إذا اجتمع الحكمان على التفريق - بفدية أو بدونها - لم ينفذ حكمهما بذلك إلّا إذا شرطا عليهما حين بعثهما بأنّهما إن شاءا جمعا وإن شاءا فرّقا، أو استأذناهما في الطلاق وبذل الفدية حينما يريدان ذلك.
وحيث إنّ التفريق لا يكون إلّا بالطلاق فلا بُدَّ من وقوعه عند اجتماع الشرائط، بأن يقع في طهر لم يواقعها فيه وعند حضور العدلين وغير ذلك.
مسألة 364: الأحوط وجوباً أن يكون الحَكَمان من أهل الطرفين، بأن يكون حكم من أهله وحكم من أهلها، فإن لم يكن لهما أهل أو لم يكن أهلهما أهلاً لهذا الأمر تعيّن من غيرهم، ولا يعتبر أن يكون من جانب كلٍّ منهما حكم واحد، بل لو اقتضت المصلحة بعث أزيد تعيّن.
مسألة 365: إذا اختلف الحَكَمان بعث الحاكم حَكَمَيْن آخَرَيْن حتّى يتّفقا على شيء.
مسألة 366: ينبغي للحكمين إخلاص النيّة وقصد الإصلاح، فمن حسنت نيّته فيما تحرّاه أصلح الله مسعاه، كما يرشد إلى ذلك قوله (جلّ شأنه) في هذا المقام ﴿إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا﴾.