الكتب الفتوائية » منهاج الصالحين ـ الجزء الثالث (الطبعة المصححة 1445 هـ.)
البحث في:
كتاب النكاح » تكميل في الشروط المذكورة في النكاح ←
→ كتاب النكاح » الفصل الثامن في خيار العيب والتدليس
كتاب النكاح » الفصل التاسع في المهر
ويسمّى الصِداق أيضاً، وهو ما تستحقّه المرأة بجعله في العقد، أو بتعيينه بعده، أو بسبب الوطء أو ما هو بحكمه على ما سيأتي تفصيله.
مسألة 286: كلّ ما يمكن أن يملكه المسلم يصحّ أن يجعله مهراً بشرط أن يكون متموّلاً عرفاً على الأحوط لزوماً، عيناً كان أو ديناً، أو منفعة لعين مملوكة من دار أو عقار أو حيوان أو نحوها، ويصحّ جعله منفعة الحرّ حتّى عمل الزوج نفسه كتعليم صنعة أو سورة ونحوه من كلّ عمل محلّل، بل يصحّ جعله حقّاً ماليّاً قابلاً للنقل والانتقال كحقّ التحجير ونحوه.
مسألة 287: لا تقدير للمهر في جانب القلّة، فيصحّ ما تراضى عليه الزوجان وإن قلّ ما لم يخرج بسبب القلّة عن الماليّة - على ما مرّ - كحبّة من الحنطة، وكذا لا تقدير له في جانب الكثرة، نعم يستحبّ أن لا يتجاوز به مهر السنّة وهو خمسمائة درهم، فلو أراد التجاوز جعل المهر مهر السنة وبذل الزيادة.
مسألة 288: لا بُدَّ من تعيين المهر بما يخرج عن الإبهام والترديد، فلو أمهرها أحد الشيئين مردّداً أو خياطة أحد ثوبين كذلك بطل المهر دون العقد، وكان لها مع الدخول مهر المثل إلّا أن يزيد على أقلّهما قيمة فيتصالحان في مقدار التفاوت، ولا يعتبر أن يكون المهر معلوماً على النحو المعتبر في البيع وشبهه من المعاوضات، فيكفي مشاهدة عين حاضرة وإن جهل كيلها أو وزنها أو عدّها أو ذرعها كصُبرة من الطعام وقطعة من الذهب وطاقة مشاهدة من القماش وصبرة حاضرة من الجوز وأمثال ذلك.
مسألة 289: لو جعل المهر خادماً أو بيتاً أو داراً من غير تعيين صحّ وينصرف إلى الصنف المتعارف بلحاظ حال الزوجين، ومع الاختلاف بين أفراده في القيمة يعطيها الفرد الوسط على الأحوط وجوباً، ويجري هذا الحكم في غير الثلاثة المذكورات من أنواع الأموال أيضاً.
مسألة 290: لو تزوّج الذمّيّان على خمر أو خنزير صحّ العقد والمهر، فلو أسلما قبل القبض فللزوجة قيمته عند مستحلّيه، وإن أسلم أحدهما قبله تلزم القيمة أيضاً.
ولو تزوّج المسلم علىٰ أحدهما صحّ العقد وبطل المهر ولها بالدخول مهر المثل إلّا أن يكون المهر المسمّى أقلّ قيمة منه فيتصالحان في مقدار التفاوت.
مسألة 291: إذا أصدقها ما في ظرف معيّن على أنّه خلّ فبان خمراً بطل المهر فيه قطعاً، وهل تستحقّ عليه مثله خلّاً أو يثبت عليه مهر مثلها بالدخول؟ وجهان، والصحيح هو الوجه الأوّل.
ولو جعل المهر مال الغير أو شيئاً باعتقاد كونه ماله فبان خلافه بطل المهر فيه أيضاً، وهل تستحقّ عليه مهر مثلها بالدخول أو بدله من المثل أو القيمة؟ وجهان، والصحيح هو الوجه الثاني.
مسألة 292: ذكر المهر ليس شرطاً في صحّة العقد الدائم، فلو عقد عليها ولم يذكر مهراً أصلاً - بأن قالت الزوجة للزوج مثلاً: (زوّجتُكَ نفسي)، أو قال وكيلها: (زوّجتُ مُوَكِّلَتي فلانة)، فقال الزوج: (قبلت) صحّ العقد، بل لو صرّحت بعدم المهر بأن قالت: (زوّجتُكَ نفسي بلا مهر)، فقال: (قبلتُ) صحّ، ويقال لهذا - أي لإيقاع العقد بلا مهر - : (تفويض البضع) وللمرأة التي لم يذكر في عقدها مهر (مُفوِّضَة البُضْع).
مسألة 293: إذا وقع العقد بلا مهر جاز أن يتراضيا بعد العقد على شيء، سواء أكان بقدر مهر المثل أو أقلّ منه أو أكثر، ويتعيّن ذلك مهراً ويكون كالمذكور في العقد.
مسألة 294: إذا وقع العقد بلا مهر ولم يتّفقا على تعيينه بعده لم تستحقّ المرأة قبل الدخول شيئاً إلّا إذا طلّقها حينئذٍ فتستحقّ عليه أن يعطيها شيئاً بحسب حاله من الغنى والفقر واليسار والإعسار، ويقال لذلك الشيء: (المتعة)، ولو انفصلا قبل الدخول بأمرٍ غير الطلاق لم تستحقّ شيئاً لا مهراً ولا متعة، وكذا لو مات أحدهما قبله، وأمّا لو دخل بها استحقّت عليه بسبب الدخول مهر أمثالها.
مسألة 295: المعتبر في مهر المثل في كلّ مورد يحكم بثبوته ملاحظة حال المرأة وصفاتها من السنّ والبكارة والنجابة والعفّة والعقل والأدب والشرف والجمال والكمال وأضدادها، بل يلاحظ كلّ ما له دخل في العرف والعادة في ارتفاع المهر ونقصانه، فتلاحظ أقاربها وعشيرتها وبلدها وغير ذلك من خصوصيّاتها التي يختلف مقدار المهر باختلافها، كما تلاحظ حال الزوج في ذلك أيضاً.
مسألة 296: يجوز أن يذكر المهر في العقد في الجملة ويفوّض تقديره وتعيينه إلى أحد الزوجين بأن تقول الزوجة مثلاً: (زوّجتُكَ نفسي على ما تحكم، أو أحكم من المهر) فيقول الرجل: (قبلتُ)، فإن كان الحاكم الذي فوّض إليه تقدير المهر في العقد هو الزوج جاز له أن يحكم بما يشاء ولم يتقدّر بقدر لا في طرف الكثرة ولا في طرف القلّة مادام متموّلاً.
نعم إذا كان التفويض منصرفاً ولو بحسب الارتكاز عن حدّ معيّن وما دونه لم يجز تعيينه فيه، وإن كان الحكم إلى الزوجة جاز لها تقديره في طرف القلّة بما شاءت وأمّا في طرف الكثرة فلا يمضي حكمها فيما زاد على مهر السنّة - وهو خمسمائة درهم - على الأحوط وجوباً.
مسألة 297: إذا مات الحاكم قبل الحُكم وتقدير المهر وقبل الدخول فللزوجة المتعة وإن مات بعد الدخول فلها مهر المثل إن كان الحُكم إلى الزوج، وأمّا إن كان الحُكم إلى الزوجة فلا يبعد أن يكون الثابت هو مهر السنّة.
مسألة 298: إذا جعل مهر امرأة نكاح امرأة أُخرى ومهر الأُخرى نكاح المرأة الآُولى بطل النكاحان، وهذا ما يسمّى بـ (نكاح الشِّغار) وهو أن تتزوّج امرأتان برجلين على أن يكون مهر كلّ واحدة منهما نكاح الأُخرى ولا يكون بينهما مهر غير النكاحين، مثل أن يقول أحد الرجلين للآخر : (زوّجتُكَ بنتي، أو أُختي، على أن تزوّجَنِي بنتَكَ أو أُختَكَ، ويكون صداق كلٍّ منهما نكاح الأُخرى) ويقول الآخر : (قبلتُ وزوّجتُكَ بنتي، أو أُختي، هكذا).
وأمّا لو زوّج إحداهما الآخر بمهر معلوم وشرط عليه أن يزوّجه الأُخرى بمهر معلوم أيضاً صحّ العقدان مع توفّر سائر شروط الصحّة، مثل أن يقول: (زوّجتُكَ بنتي، أو أُختي على صداق مائة دينار على أن تُزوّجَنِي اُختَكَ، أو بنتَك، هكذا) ويقول الآخر : (قبلتُ وزوّجتُكَ بنتي، أو أُختي على مائة دينار) بل وكذا لو شرط أن يزوّجه الأُخرى ولم يذكر مهراً أصلاً مثل أن يقول: (زوّجتُكَ بنتي على أن تُزوّجَنِي بنتك) فقال: (قبلتُ وزوّجتُك بنتي) فإنّه يصحّ العقدان مع توفّر سائر الشروط، لكن حيث إنّه لم يذكر المهر تستحقّ كلّ منهما مهر المثل بالدخول كما تقدّم.
مسألة 299: إذا تزوّج امرأة على مهر معيّن وكان من نيّته أن لا يدفعه إليها صحّ العقد ووجب عليه دفع المهر .
مسألة 300: إذا أشرك أباها مثلاً في المهر بأن جعل مقداراً من المهر لها ومقداراً منه لأبيها، أو جعل مهرها عشرين مثلاً على أن تكون عشرة منها لأبيها، سقط ما سمّاه للأب فلا يستحقّ شيئاً.
ولو لم يشركه في المهر ولكن اشترط عليها أن تعطيه شيئاً من مهرها صحّ، وكذا لو جعل له شيئاً زائداً على مهرها لشرطها عليه ذلك، وأمّا لو كان شرطاً ابتدائيّاً من الزوج له فلا يصحّ.
مسألة 301: ما تعارف في بعض البلاد من أنّه يأخذ بعض أقارب البنت كأبيها أو أُمّها أو أُختها من الزوج شيئاً - وهو المسمّى في لسان بعض بـ (شير بها) - ليس جزءاً من المهر بل هو شيء آخر يؤخذ زائداً على المهر، وحكمه أنّه إن كان إعطاؤه وأخذه بعنوان الجعالة بازاء عمل مباح - كما إذا أعطى شيئاً للأخ لأن يتوسّط في البين ويرضي أُخته ويسعى في رفع بعض الموانع - فلا إشكال في جوازه وحلّيّته، بل في استحقاق القريب له وعدم سلطنة الزوج على استرجاعه بعد إعطائه، وإن لم يكن بعنوان الجعالة فإن كان إعطاء الزوج للقريب بطيب نفس منه وإن كان لأجل جلب خاطره وإرضائه سواء أكان رضاه في نفسه مقصوداً له أم لتوقّف رضا البنت على رضاه جاز أخذه للقريب لكن يجوز للزوج استرجاعه مادام قائماً بعينه.
وأمّا مع عدم رضا الزوج وكون إعطائه من جهة استخلاص البنت حيث إنّ القريب مانع من تمشية الأمر مع رضاها بالتزويج بما بذل لها من المهر فيحرم أخذه وأكله، ويجوز للزوج الرجوع فيه باقياً كان أو تالفاً.
مسألة 302: يجوز أن يجعل المهر كلّه حالّاً - أي بلا أجل - ومؤجّلاً، وأن يجعل بعضه حالّاً وبعضه مؤجّلاً، ولا بُدَّ في المؤجّل من تعيين الأجل ولو في الجملة مثل ورود المسافر ووضع الحمل ونحو ذلك، ولو كان الأجل مبهماً بَحْتاً مثل زمانٍ ما أو ورود مسافر ما صحّ العقد وصحّ المهر أيضاً ولَغِيَ التأجيل.
مسألة 303: يجب على الزوج تسليم المهر، وهو مضمون عليه حتّى يسلّمه، فلو تلف قبل تسليمه - ولو من دون تعدٍّ ولا تفريط - كان ضامناً لمثله في المثليّ ولقيمته في القيميّ، نعم لو كان التلف بفعل أجنبيّ تخيّرت بين الرجوع عليه والرجوع على الزوج، وإن كان لو رجعت على الزوج جاز له الرجوع به على الأجنبيّ.
مسألة 304: إذا أصدقها شيئاً معيّناً فوجدت به عيباً فإن رضيت به فهو وإلّا كان لها ردّه بالعيب والمطالبة ببدله من المثل أو القيمة، وليس لها إمساكه بالأرش، كما ليس لها الرجوع - مع الردّ والدخول - إلى مهر المثل.
مسألة 305: إذا حدث في الصداق عيب قبل القبض فالأحوط وجوباً الصلح.
مسألة 306: إذا كان المهر حالّاً فللزوجة الامتناع من التمكين قبل قبضه سواء كان الزوج متمكّناً من الأداء أم لا، ولو مكّنته من نفسها فليس لها الامتناع بعد ذلك لأجل أن تقبضه، وأمّا لو كان المهر كلّه أو بعضه مؤجّلاً - وقد أخذت بعضه الحال - فليس لها الامتناع من التمكين وإن حلّ الأجل ولم تقبض المهر بعد.
مسألة 307: إنّما يسقط حقّ امتناعها عن التمكين فيما إذا وطئها بتمكينه من نفسها اختياراً، فلو وطئها جبراً أو في حال النوم ونحوه أو كان تمكينها عن إكراه من جانب الزوج أوغيره لم يسقط حقّها في ذلك.
مسألة 308: المرأة تملك المهر المسمّى بالعقد، فلها التصرّف فيه بهبة أو معاوضة أو غيرهما ولو قبل القبض، نعم لا تستقرّ ملكيّتها لتمامه إلّا بالدخول - قُبُلاً أو دُبُراً - قيل: وفي حكم الدخول إزالة الزوج بكارتها بإصبعه من دون رضاها ولكنّه محلّ إشكال، فالأحوط وجوباً التصالح، وكذلك فيما إذا ألزمها بمراجعة الطبيبة لإزالتها لعدم تمكنه من الوطء بدون ذلك.
مسألة 309: إذا طلّق قبل الدخول سقط نصف المهر المسمّى وبقي نصفه، فإن كان ديناً عليه ولم يكن قد دفعه برئت ذمّته من نصفه، وإن كان عيناً صارت مشتركة بينه وبينها، ولو كان دفعه إليها استعاد نصفه إن كان باقياً، وإن كان تالفاً استعاد نصف مثله إن كان مثليّاً ونصف قيمته إن كان قيميّاً، وفي حكم التلف نقله إلى الغير بناقل لازم، وأمّا لو كان انتقاله منها إلى الغير بناقل جائز - كالبيع بخيار - تخيّرت: بين الرجوع ودفع نصف العين، وبين دفع بدل النصف، وإن كان الأحوط استحباباً هو الأوّل فيما إذا أراد الزوج عين ماله.
مسألة 310: إذا مات أحد الزوجين قبل الدخول فالمشهور بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) استحقاق المرأة تمام المهر، ولكن الصحيح أنّ الموت كالطلاق يكون سبباً لتنصيف المهر خصوصاً في موت المرأة، وإن كان الأحوط استحباباً التصالح خصوصاً في موت الرجل.
مسألة 311: إذا حصل للصداق نماء - متّصل كسِمَنِ الدابّة وكِبَرِ الشجرة - ثُمَّ طلّقها قبل الدخول كان له نصف مثله أو نصف قيمته وقت تعيينه مهراً، وأمّا لو حصل له نماء منفصل - كالنِّتاج واللبن - كان جميعه للزوجة ولا يردّ شيء منه إلى الزوج، ولو أصدقها حيواناً حاملاً على وجه يدخل الحمل في الصداق كان له النصف منهما وإن ولدته عندها.
مسألة 312: إذا أصدقها تعليم صنعة ثُمَّ طلّقها قبل الدخول كان لها نصف أجرة تعليمها، ولو كان قد علّمها قبل الطلاق رجع عليها بنصف الأجرة.
مسألة 313: لو أبرأته من الصداق ثُمَّ طلّقها قبل الدخول رجع عليها بنصفه، ولو كان عيناً ووهبتها له رجع عليها بنصف مثلها في المثليّ وبنصف قيمتها في القيميّ.
مسألة 314: إذا أعطاها عوضاً عن المهر ثُمَّ طلّقها قبل الدخول رجع بنصف المهر لا بنصف العوض.
مسألة 315: لو كان المهر ديناً وأبرأته من نصفه ثُمَّ طلّقها قبل الدخول كان له الباقي ولم يرجع أحدهما على الآخر بشيءٍ، ولو كان عيناً ووهبته نصفها مشاعاً أو معيّناً كان الباقي بينهما ويرجع عليها بنصف مثل الموهوب أو نصف قيمته.
مسألة 316: إذا تبرّع بالمهر غير الزوج فطلّقها قبل الدخول ففي عود النصف إلى المتبرّع أو إلى الزوج إشكال فالأحوط وجوباً التصالح بينهما.
مسألة 317: إذا طلّقها قبل الدخول فقد تقدّم أنّه يبقى لها نصف المهر ويسقط النصف الآخر، ولكن هذا فيما إذا لم تعفُ عن النصف الباقي كلّاً أو بعضاً، وإلّا فيكون الساقط أكثر من النصف.
وكما يجوز للمرأة العفو يجوز ذلك لأبيها وجدّها من طرف الأب ولوكيلها الذي ولّته أمرها، لكن لا يجوز للأب والجدّ العفو عن الجميع والأحوط وجوباً أن يراعيا مصلحتها في أصل العفو ومقداره، وأمّا الوكيل فيتبع حدّ وكالته عنها في ذلك.
مسألة 318: إذا كان المهر ديناً على ذمّة الزوج يصحّ العفو عنه بإسقاطه عن ذمّته وإبرائه منه، ولا يصحّ هبته له إلّا إذا قصد بها الإسقاط فيكون إبراءً ولا يحتاج إلى القبول، وأمّا لو كان المهر عيناً فلا يصحّ العفو عنه إلّا بهبته وتمليكه إيّاه فيحتاج إلى القبول والقبض.
مسألة 319: إذا أزال غير الزوج بكارة المرأة بإكراهها كان عليه مهر مثلها بكراً سواء أزالها بالوطء أم بغيره.
مسألة 320: إذا كان الوطء لشبهة بأن اشتبه الأمر على المرأة - سواء أكان الواطىء عالماً بالحال أم لا - كان لها مهر المثل من غير فرق بين أن يكون الوطء بعقد باطل أو لا بعقد، نعم إذا كان المهر المسمّى أقلّ من مهر المثل فالأحوط لزوماً التصالح في ما به التفاوت بينهما، ولو كانت الموطوءة بالشبهة عالمة بالحال بأن كان الاشتباه من طرف الواطىء فقط فلا مهر لها.
مسألة 321: إذا زوّج الأب أو الجدّ صغيراً فإن لم يكن له مال حين العقد كان المهر على من زوّجه، وإن كان له مال فإن ضمنه من زوّجه كان عليه أيضاً، وإن لم يضمنه كان في مال الطفل إذا لم يكن أزيد من مهر المثل أو كانت مصلحة في تزويجه بأكثر منه، وإلّا صحّ العقد وتوقّف ثبوت المهر المسمّى في مال الطفل على إجازته بعد البلوغ، فإن لم يجز ثبت عليه مهر المثل.
مسألة 322: إذا دفع الأب أو الجدّ المهر الذي كان عليه ثُمَّ بلغ الصغير فطلّق قبل الدخول، ففي عود نصف المهر إلى الولد أو إلى الأب أو الجدّ وجهان، فالأحوط وجوباً التصالح بين الطرفين.
مسألة 323: إذا اختلف الزوجان بعدما طلّقها في تحقّق الدخول وعدمه، فادّعت الزوجة تحقّقه وأنكر الزوج ذلك، فإن كان قولها موافقاً للظاهر - كما إذا عاشا معاً مدّة من دون وجود مانع شرعيّ أو غيره لأيّ منهما عن الدخول - فالقول قولها بيمينها، وإلّا كان القول قول الزوج بيمينه.
وله أن يدفع اليمين عن نفسه بإقامة البيّنة على العدم إن كانت له بيّنة عليه - بناءً على ما هو الصحيح من إغناء بيّنة المدّعى عليه عن يمينه - فتشهد البيّنة على عدم التلاقي بينهما بعد العقد لسفر أو نحوه، أو تشهد على بقاء بكارتها فيما إذا ادّعت الدخول قُبُلاً وفرض المنافاة بينه وبين بقائها كما هو الغالب.
مسألة 324: إذا اختلف الزوجان في أصل المهر فادّعته الزوجة وأنكره الزوج، فإن كان ذلك قبل الدخول ولم يكن لها بيّنة فالقول قوله بيمينه، وكذا إذا كان بعد الدخول وادّعت عليه أزيد من مهر المثل، وأمّا إذا ادّعت عليه مهر المثل أو ما هو أقلّ منه فالقول قولها بيمينها، إلّا أن يقيم الزوح البيّنة على أدائه إليها أو عفوها عنه أو تكفّل الغير به ونحو ذلك فإن أقام البيّنة حكم له وإلّا فله عليها اليمين، فإن حلفت حكم لها، وإن نكلت عن الحلف ولم تردّه على المدّعي جاز للحاكم أن يحكم عليها، كما أنّ له أن يردّ الحلف على المدّعي استظهاراً، فإن ردّت الزوجة اليمين على الزوج أو ردّها الحاكم عليه فحلف حكم له، وإن نكل حكم عليه.
مسألة 325: إذا توافقا على أصل المهر واختلفا في مقداره كان القول قول الزوج بيمينه إلّا إذا أثبتت الزوجة دعواها بالموازين الشرعيّة، وكذا إذا ادّعت كون عين من الأعيان - كدار أو بستان - مهراً لها وأنكر الزوج فإنّ القول قوله بيمينه وعليها البيّنة.
مسألة 326: إذا اختلفا في التعجيل والتأجيل، فقالت المرأة: إنّه حالّ معجّل، وقال الزوج: إنّه مؤجّل، ولم تكن بيّنة كان القول قولها بيمينها، وكذا لو اختلفا في زيادة الأجل، كما إذا ادّعت أنّه سنة وادّعى أنّه سنتان.
مسألة 327: إذا توافقا على المهر وادّعى تسليمه ولا بيّنة، فالقول قولها بيمينها.
مسألة 328: إذا دفع إليها قدر مهرها ثُمَّ اختلفا في كونه هبة أو صداقاً، فإن كان مدّعي الصداق هي الزوجة ومدّعي الهبة هو الزوج يقصد من وراء ذلك استرجاع المال لبقائه قائماً بعينه فالقول قولها بيمينها، وإن كان مدّعي الصداق هو الزوج ومدّعي الهبة هي الزوجة فلا يبعد اندراجه في باب التداعي، فإن تحالفا حكم برجوع المال إلى الزوج.
مسألة 329: إنّما يندرج المورد المذكور في باب التداعي فيما إذا لم يكن قول أحدهما خاصّة مخالفاً للظاهر بمقتضى العرف والعادة، وإلّا قدّم قول خصمه بيمينه، كما إذا لم يكن المال من حيث كمّيّته ونوعه وزمان إعطائه وملاحظة حال الزوجين مناسباً للهبة فإنّه يقدّم حينئذٍ قول الزوج المدّعي للصداق بيمينه.
وكذلك ما مرّ من تقديم قول الزوج أو الزوجة مع اليمين في جملة من المسائل السابقة إنّما هو فيما إذا لم يكن قوله مخالفاً للظاهر، وإلّا قدّم قول خصمه بيمينه إذا لم يكن كذلك، كما إذا ادّعت الزوجة أنّ تمام مهرها حالّ معجّل وكان مبلغاً كبيراً لا يجعل مثله مهراً معجّلاً في العرف والعادة، وادّعى الزوج التأجيل الموافق لهما في مقدار منه فإنّه يقدّم حينئذٍ قوله بيمينه.
كتاب النكاح » تكميل في الشروط المذكورة في النكاح ←
→ كتاب النكاح » الفصل الثامن في خيار العيب والتدليس
مسألة 286: كلّ ما يمكن أن يملكه المسلم يصحّ أن يجعله مهراً بشرط أن يكون متموّلاً عرفاً على الأحوط لزوماً، عيناً كان أو ديناً، أو منفعة لعين مملوكة من دار أو عقار أو حيوان أو نحوها، ويصحّ جعله منفعة الحرّ حتّى عمل الزوج نفسه كتعليم صنعة أو سورة ونحوه من كلّ عمل محلّل، بل يصحّ جعله حقّاً ماليّاً قابلاً للنقل والانتقال كحقّ التحجير ونحوه.
مسألة 287: لا تقدير للمهر في جانب القلّة، فيصحّ ما تراضى عليه الزوجان وإن قلّ ما لم يخرج بسبب القلّة عن الماليّة - على ما مرّ - كحبّة من الحنطة، وكذا لا تقدير له في جانب الكثرة، نعم يستحبّ أن لا يتجاوز به مهر السنّة وهو خمسمائة درهم، فلو أراد التجاوز جعل المهر مهر السنة وبذل الزيادة.
مسألة 288: لا بُدَّ من تعيين المهر بما يخرج عن الإبهام والترديد، فلو أمهرها أحد الشيئين مردّداً أو خياطة أحد ثوبين كذلك بطل المهر دون العقد، وكان لها مع الدخول مهر المثل إلّا أن يزيد على أقلّهما قيمة فيتصالحان في مقدار التفاوت، ولا يعتبر أن يكون المهر معلوماً على النحو المعتبر في البيع وشبهه من المعاوضات، فيكفي مشاهدة عين حاضرة وإن جهل كيلها أو وزنها أو عدّها أو ذرعها كصُبرة من الطعام وقطعة من الذهب وطاقة مشاهدة من القماش وصبرة حاضرة من الجوز وأمثال ذلك.
مسألة 289: لو جعل المهر خادماً أو بيتاً أو داراً من غير تعيين صحّ وينصرف إلى الصنف المتعارف بلحاظ حال الزوجين، ومع الاختلاف بين أفراده في القيمة يعطيها الفرد الوسط على الأحوط وجوباً، ويجري هذا الحكم في غير الثلاثة المذكورات من أنواع الأموال أيضاً.
مسألة 290: لو تزوّج الذمّيّان على خمر أو خنزير صحّ العقد والمهر، فلو أسلما قبل القبض فللزوجة قيمته عند مستحلّيه، وإن أسلم أحدهما قبله تلزم القيمة أيضاً.
ولو تزوّج المسلم علىٰ أحدهما صحّ العقد وبطل المهر ولها بالدخول مهر المثل إلّا أن يكون المهر المسمّى أقلّ قيمة منه فيتصالحان في مقدار التفاوت.
مسألة 291: إذا أصدقها ما في ظرف معيّن على أنّه خلّ فبان خمراً بطل المهر فيه قطعاً، وهل تستحقّ عليه مثله خلّاً أو يثبت عليه مهر مثلها بالدخول؟ وجهان، والصحيح هو الوجه الأوّل.
ولو جعل المهر مال الغير أو شيئاً باعتقاد كونه ماله فبان خلافه بطل المهر فيه أيضاً، وهل تستحقّ عليه مهر مثلها بالدخول أو بدله من المثل أو القيمة؟ وجهان، والصحيح هو الوجه الثاني.
مسألة 292: ذكر المهر ليس شرطاً في صحّة العقد الدائم، فلو عقد عليها ولم يذكر مهراً أصلاً - بأن قالت الزوجة للزوج مثلاً: (زوّجتُكَ نفسي)، أو قال وكيلها: (زوّجتُ مُوَكِّلَتي فلانة)، فقال الزوج: (قبلت) صحّ العقد، بل لو صرّحت بعدم المهر بأن قالت: (زوّجتُكَ نفسي بلا مهر)، فقال: (قبلتُ) صحّ، ويقال لهذا - أي لإيقاع العقد بلا مهر - : (تفويض البضع) وللمرأة التي لم يذكر في عقدها مهر (مُفوِّضَة البُضْع).
مسألة 293: إذا وقع العقد بلا مهر جاز أن يتراضيا بعد العقد على شيء، سواء أكان بقدر مهر المثل أو أقلّ منه أو أكثر، ويتعيّن ذلك مهراً ويكون كالمذكور في العقد.
مسألة 294: إذا وقع العقد بلا مهر ولم يتّفقا على تعيينه بعده لم تستحقّ المرأة قبل الدخول شيئاً إلّا إذا طلّقها حينئذٍ فتستحقّ عليه أن يعطيها شيئاً بحسب حاله من الغنى والفقر واليسار والإعسار، ويقال لذلك الشيء: (المتعة)، ولو انفصلا قبل الدخول بأمرٍ غير الطلاق لم تستحقّ شيئاً لا مهراً ولا متعة، وكذا لو مات أحدهما قبله، وأمّا لو دخل بها استحقّت عليه بسبب الدخول مهر أمثالها.
مسألة 295: المعتبر في مهر المثل في كلّ مورد يحكم بثبوته ملاحظة حال المرأة وصفاتها من السنّ والبكارة والنجابة والعفّة والعقل والأدب والشرف والجمال والكمال وأضدادها، بل يلاحظ كلّ ما له دخل في العرف والعادة في ارتفاع المهر ونقصانه، فتلاحظ أقاربها وعشيرتها وبلدها وغير ذلك من خصوصيّاتها التي يختلف مقدار المهر باختلافها، كما تلاحظ حال الزوج في ذلك أيضاً.
مسألة 296: يجوز أن يذكر المهر في العقد في الجملة ويفوّض تقديره وتعيينه إلى أحد الزوجين بأن تقول الزوجة مثلاً: (زوّجتُكَ نفسي على ما تحكم، أو أحكم من المهر) فيقول الرجل: (قبلتُ)، فإن كان الحاكم الذي فوّض إليه تقدير المهر في العقد هو الزوج جاز له أن يحكم بما يشاء ولم يتقدّر بقدر لا في طرف الكثرة ولا في طرف القلّة مادام متموّلاً.
نعم إذا كان التفويض منصرفاً ولو بحسب الارتكاز عن حدّ معيّن وما دونه لم يجز تعيينه فيه، وإن كان الحكم إلى الزوجة جاز لها تقديره في طرف القلّة بما شاءت وأمّا في طرف الكثرة فلا يمضي حكمها فيما زاد على مهر السنّة - وهو خمسمائة درهم - على الأحوط وجوباً.
مسألة 297: إذا مات الحاكم قبل الحُكم وتقدير المهر وقبل الدخول فللزوجة المتعة وإن مات بعد الدخول فلها مهر المثل إن كان الحُكم إلى الزوج، وأمّا إن كان الحُكم إلى الزوجة فلا يبعد أن يكون الثابت هو مهر السنّة.
مسألة 298: إذا جعل مهر امرأة نكاح امرأة أُخرى ومهر الأُخرى نكاح المرأة الآُولى بطل النكاحان، وهذا ما يسمّى بـ (نكاح الشِّغار) وهو أن تتزوّج امرأتان برجلين على أن يكون مهر كلّ واحدة منهما نكاح الأُخرى ولا يكون بينهما مهر غير النكاحين، مثل أن يقول أحد الرجلين للآخر : (زوّجتُكَ بنتي، أو أُختي، على أن تزوّجَنِي بنتَكَ أو أُختَكَ، ويكون صداق كلٍّ منهما نكاح الأُخرى) ويقول الآخر : (قبلتُ وزوّجتُكَ بنتي، أو أُختي، هكذا).
وأمّا لو زوّج إحداهما الآخر بمهر معلوم وشرط عليه أن يزوّجه الأُخرى بمهر معلوم أيضاً صحّ العقدان مع توفّر سائر شروط الصحّة، مثل أن يقول: (زوّجتُكَ بنتي، أو أُختي على صداق مائة دينار على أن تُزوّجَنِي اُختَكَ، أو بنتَك، هكذا) ويقول الآخر : (قبلتُ وزوّجتُكَ بنتي، أو أُختي على مائة دينار) بل وكذا لو شرط أن يزوّجه الأُخرى ولم يذكر مهراً أصلاً مثل أن يقول: (زوّجتُكَ بنتي على أن تُزوّجَنِي بنتك) فقال: (قبلتُ وزوّجتُك بنتي) فإنّه يصحّ العقدان مع توفّر سائر الشروط، لكن حيث إنّه لم يذكر المهر تستحقّ كلّ منهما مهر المثل بالدخول كما تقدّم.
مسألة 299: إذا تزوّج امرأة على مهر معيّن وكان من نيّته أن لا يدفعه إليها صحّ العقد ووجب عليه دفع المهر .
مسألة 300: إذا أشرك أباها مثلاً في المهر بأن جعل مقداراً من المهر لها ومقداراً منه لأبيها، أو جعل مهرها عشرين مثلاً على أن تكون عشرة منها لأبيها، سقط ما سمّاه للأب فلا يستحقّ شيئاً.
ولو لم يشركه في المهر ولكن اشترط عليها أن تعطيه شيئاً من مهرها صحّ، وكذا لو جعل له شيئاً زائداً على مهرها لشرطها عليه ذلك، وأمّا لو كان شرطاً ابتدائيّاً من الزوج له فلا يصحّ.
مسألة 301: ما تعارف في بعض البلاد من أنّه يأخذ بعض أقارب البنت كأبيها أو أُمّها أو أُختها من الزوج شيئاً - وهو المسمّى في لسان بعض بـ (شير بها) - ليس جزءاً من المهر بل هو شيء آخر يؤخذ زائداً على المهر، وحكمه أنّه إن كان إعطاؤه وأخذه بعنوان الجعالة بازاء عمل مباح - كما إذا أعطى شيئاً للأخ لأن يتوسّط في البين ويرضي أُخته ويسعى في رفع بعض الموانع - فلا إشكال في جوازه وحلّيّته، بل في استحقاق القريب له وعدم سلطنة الزوج على استرجاعه بعد إعطائه، وإن لم يكن بعنوان الجعالة فإن كان إعطاء الزوج للقريب بطيب نفس منه وإن كان لأجل جلب خاطره وإرضائه سواء أكان رضاه في نفسه مقصوداً له أم لتوقّف رضا البنت على رضاه جاز أخذه للقريب لكن يجوز للزوج استرجاعه مادام قائماً بعينه.
وأمّا مع عدم رضا الزوج وكون إعطائه من جهة استخلاص البنت حيث إنّ القريب مانع من تمشية الأمر مع رضاها بالتزويج بما بذل لها من المهر فيحرم أخذه وأكله، ويجوز للزوج الرجوع فيه باقياً كان أو تالفاً.
مسألة 302: يجوز أن يجعل المهر كلّه حالّاً - أي بلا أجل - ومؤجّلاً، وأن يجعل بعضه حالّاً وبعضه مؤجّلاً، ولا بُدَّ في المؤجّل من تعيين الأجل ولو في الجملة مثل ورود المسافر ووضع الحمل ونحو ذلك، ولو كان الأجل مبهماً بَحْتاً مثل زمانٍ ما أو ورود مسافر ما صحّ العقد وصحّ المهر أيضاً ولَغِيَ التأجيل.
مسألة 303: يجب على الزوج تسليم المهر، وهو مضمون عليه حتّى يسلّمه، فلو تلف قبل تسليمه - ولو من دون تعدٍّ ولا تفريط - كان ضامناً لمثله في المثليّ ولقيمته في القيميّ، نعم لو كان التلف بفعل أجنبيّ تخيّرت بين الرجوع عليه والرجوع على الزوج، وإن كان لو رجعت على الزوج جاز له الرجوع به على الأجنبيّ.
مسألة 304: إذا أصدقها شيئاً معيّناً فوجدت به عيباً فإن رضيت به فهو وإلّا كان لها ردّه بالعيب والمطالبة ببدله من المثل أو القيمة، وليس لها إمساكه بالأرش، كما ليس لها الرجوع - مع الردّ والدخول - إلى مهر المثل.
مسألة 305: إذا حدث في الصداق عيب قبل القبض فالأحوط وجوباً الصلح.
مسألة 306: إذا كان المهر حالّاً فللزوجة الامتناع من التمكين قبل قبضه سواء كان الزوج متمكّناً من الأداء أم لا، ولو مكّنته من نفسها فليس لها الامتناع بعد ذلك لأجل أن تقبضه، وأمّا لو كان المهر كلّه أو بعضه مؤجّلاً - وقد أخذت بعضه الحال - فليس لها الامتناع من التمكين وإن حلّ الأجل ولم تقبض المهر بعد.
مسألة 307: إنّما يسقط حقّ امتناعها عن التمكين فيما إذا وطئها بتمكينه من نفسها اختياراً، فلو وطئها جبراً أو في حال النوم ونحوه أو كان تمكينها عن إكراه من جانب الزوج أوغيره لم يسقط حقّها في ذلك.
مسألة 308: المرأة تملك المهر المسمّى بالعقد، فلها التصرّف فيه بهبة أو معاوضة أو غيرهما ولو قبل القبض، نعم لا تستقرّ ملكيّتها لتمامه إلّا بالدخول - قُبُلاً أو دُبُراً - قيل: وفي حكم الدخول إزالة الزوج بكارتها بإصبعه من دون رضاها ولكنّه محلّ إشكال، فالأحوط وجوباً التصالح، وكذلك فيما إذا ألزمها بمراجعة الطبيبة لإزالتها لعدم تمكنه من الوطء بدون ذلك.
مسألة 309: إذا طلّق قبل الدخول سقط نصف المهر المسمّى وبقي نصفه، فإن كان ديناً عليه ولم يكن قد دفعه برئت ذمّته من نصفه، وإن كان عيناً صارت مشتركة بينه وبينها، ولو كان دفعه إليها استعاد نصفه إن كان باقياً، وإن كان تالفاً استعاد نصف مثله إن كان مثليّاً ونصف قيمته إن كان قيميّاً، وفي حكم التلف نقله إلى الغير بناقل لازم، وأمّا لو كان انتقاله منها إلى الغير بناقل جائز - كالبيع بخيار - تخيّرت: بين الرجوع ودفع نصف العين، وبين دفع بدل النصف، وإن كان الأحوط استحباباً هو الأوّل فيما إذا أراد الزوج عين ماله.
مسألة 310: إذا مات أحد الزوجين قبل الدخول فالمشهور بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) استحقاق المرأة تمام المهر، ولكن الصحيح أنّ الموت كالطلاق يكون سبباً لتنصيف المهر خصوصاً في موت المرأة، وإن كان الأحوط استحباباً التصالح خصوصاً في موت الرجل.
مسألة 311: إذا حصل للصداق نماء - متّصل كسِمَنِ الدابّة وكِبَرِ الشجرة - ثُمَّ طلّقها قبل الدخول كان له نصف مثله أو نصف قيمته وقت تعيينه مهراً، وأمّا لو حصل له نماء منفصل - كالنِّتاج واللبن - كان جميعه للزوجة ولا يردّ شيء منه إلى الزوج، ولو أصدقها حيواناً حاملاً على وجه يدخل الحمل في الصداق كان له النصف منهما وإن ولدته عندها.
مسألة 312: إذا أصدقها تعليم صنعة ثُمَّ طلّقها قبل الدخول كان لها نصف أجرة تعليمها، ولو كان قد علّمها قبل الطلاق رجع عليها بنصف الأجرة.
مسألة 313: لو أبرأته من الصداق ثُمَّ طلّقها قبل الدخول رجع عليها بنصفه، ولو كان عيناً ووهبتها له رجع عليها بنصف مثلها في المثليّ وبنصف قيمتها في القيميّ.
مسألة 314: إذا أعطاها عوضاً عن المهر ثُمَّ طلّقها قبل الدخول رجع بنصف المهر لا بنصف العوض.
مسألة 315: لو كان المهر ديناً وأبرأته من نصفه ثُمَّ طلّقها قبل الدخول كان له الباقي ولم يرجع أحدهما على الآخر بشيءٍ، ولو كان عيناً ووهبته نصفها مشاعاً أو معيّناً كان الباقي بينهما ويرجع عليها بنصف مثل الموهوب أو نصف قيمته.
مسألة 316: إذا تبرّع بالمهر غير الزوج فطلّقها قبل الدخول ففي عود النصف إلى المتبرّع أو إلى الزوج إشكال فالأحوط وجوباً التصالح بينهما.
مسألة 317: إذا طلّقها قبل الدخول فقد تقدّم أنّه يبقى لها نصف المهر ويسقط النصف الآخر، ولكن هذا فيما إذا لم تعفُ عن النصف الباقي كلّاً أو بعضاً، وإلّا فيكون الساقط أكثر من النصف.
وكما يجوز للمرأة العفو يجوز ذلك لأبيها وجدّها من طرف الأب ولوكيلها الذي ولّته أمرها، لكن لا يجوز للأب والجدّ العفو عن الجميع والأحوط وجوباً أن يراعيا مصلحتها في أصل العفو ومقداره، وأمّا الوكيل فيتبع حدّ وكالته عنها في ذلك.
مسألة 318: إذا كان المهر ديناً على ذمّة الزوج يصحّ العفو عنه بإسقاطه عن ذمّته وإبرائه منه، ولا يصحّ هبته له إلّا إذا قصد بها الإسقاط فيكون إبراءً ولا يحتاج إلى القبول، وأمّا لو كان المهر عيناً فلا يصحّ العفو عنه إلّا بهبته وتمليكه إيّاه فيحتاج إلى القبول والقبض.
مسألة 319: إذا أزال غير الزوج بكارة المرأة بإكراهها كان عليه مهر مثلها بكراً سواء أزالها بالوطء أم بغيره.
مسألة 320: إذا كان الوطء لشبهة بأن اشتبه الأمر على المرأة - سواء أكان الواطىء عالماً بالحال أم لا - كان لها مهر المثل من غير فرق بين أن يكون الوطء بعقد باطل أو لا بعقد، نعم إذا كان المهر المسمّى أقلّ من مهر المثل فالأحوط لزوماً التصالح في ما به التفاوت بينهما، ولو كانت الموطوءة بالشبهة عالمة بالحال بأن كان الاشتباه من طرف الواطىء فقط فلا مهر لها.
مسألة 321: إذا زوّج الأب أو الجدّ صغيراً فإن لم يكن له مال حين العقد كان المهر على من زوّجه، وإن كان له مال فإن ضمنه من زوّجه كان عليه أيضاً، وإن لم يضمنه كان في مال الطفل إذا لم يكن أزيد من مهر المثل أو كانت مصلحة في تزويجه بأكثر منه، وإلّا صحّ العقد وتوقّف ثبوت المهر المسمّى في مال الطفل على إجازته بعد البلوغ، فإن لم يجز ثبت عليه مهر المثل.
مسألة 322: إذا دفع الأب أو الجدّ المهر الذي كان عليه ثُمَّ بلغ الصغير فطلّق قبل الدخول، ففي عود نصف المهر إلى الولد أو إلى الأب أو الجدّ وجهان، فالأحوط وجوباً التصالح بين الطرفين.
مسألة 323: إذا اختلف الزوجان بعدما طلّقها في تحقّق الدخول وعدمه، فادّعت الزوجة تحقّقه وأنكر الزوج ذلك، فإن كان قولها موافقاً للظاهر - كما إذا عاشا معاً مدّة من دون وجود مانع شرعيّ أو غيره لأيّ منهما عن الدخول - فالقول قولها بيمينها، وإلّا كان القول قول الزوج بيمينه.
وله أن يدفع اليمين عن نفسه بإقامة البيّنة على العدم إن كانت له بيّنة عليه - بناءً على ما هو الصحيح من إغناء بيّنة المدّعى عليه عن يمينه - فتشهد البيّنة على عدم التلاقي بينهما بعد العقد لسفر أو نحوه، أو تشهد على بقاء بكارتها فيما إذا ادّعت الدخول قُبُلاً وفرض المنافاة بينه وبين بقائها كما هو الغالب.
مسألة 324: إذا اختلف الزوجان في أصل المهر فادّعته الزوجة وأنكره الزوج، فإن كان ذلك قبل الدخول ولم يكن لها بيّنة فالقول قوله بيمينه، وكذا إذا كان بعد الدخول وادّعت عليه أزيد من مهر المثل، وأمّا إذا ادّعت عليه مهر المثل أو ما هو أقلّ منه فالقول قولها بيمينها، إلّا أن يقيم الزوح البيّنة على أدائه إليها أو عفوها عنه أو تكفّل الغير به ونحو ذلك فإن أقام البيّنة حكم له وإلّا فله عليها اليمين، فإن حلفت حكم لها، وإن نكلت عن الحلف ولم تردّه على المدّعي جاز للحاكم أن يحكم عليها، كما أنّ له أن يردّ الحلف على المدّعي استظهاراً، فإن ردّت الزوجة اليمين على الزوج أو ردّها الحاكم عليه فحلف حكم له، وإن نكل حكم عليه.
مسألة 325: إذا توافقا على أصل المهر واختلفا في مقداره كان القول قول الزوج بيمينه إلّا إذا أثبتت الزوجة دعواها بالموازين الشرعيّة، وكذا إذا ادّعت كون عين من الأعيان - كدار أو بستان - مهراً لها وأنكر الزوج فإنّ القول قوله بيمينه وعليها البيّنة.
مسألة 326: إذا اختلفا في التعجيل والتأجيل، فقالت المرأة: إنّه حالّ معجّل، وقال الزوج: إنّه مؤجّل، ولم تكن بيّنة كان القول قولها بيمينها، وكذا لو اختلفا في زيادة الأجل، كما إذا ادّعت أنّه سنة وادّعى أنّه سنتان.
مسألة 327: إذا توافقا على المهر وادّعى تسليمه ولا بيّنة، فالقول قولها بيمينها.
مسألة 328: إذا دفع إليها قدر مهرها ثُمَّ اختلفا في كونه هبة أو صداقاً، فإن كان مدّعي الصداق هي الزوجة ومدّعي الهبة هو الزوج يقصد من وراء ذلك استرجاع المال لبقائه قائماً بعينه فالقول قولها بيمينها، وإن كان مدّعي الصداق هو الزوج ومدّعي الهبة هي الزوجة فلا يبعد اندراجه في باب التداعي، فإن تحالفا حكم برجوع المال إلى الزوج.
مسألة 329: إنّما يندرج المورد المذكور في باب التداعي فيما إذا لم يكن قول أحدهما خاصّة مخالفاً للظاهر بمقتضى العرف والعادة، وإلّا قدّم قول خصمه بيمينه، كما إذا لم يكن المال من حيث كمّيّته ونوعه وزمان إعطائه وملاحظة حال الزوجين مناسباً للهبة فإنّه يقدّم حينئذٍ قول الزوج المدّعي للصداق بيمينه.
وكذلك ما مرّ من تقديم قول الزوج أو الزوجة مع اليمين في جملة من المسائل السابقة إنّما هو فيما إذا لم يكن قوله مخالفاً للظاهر، وإلّا قدّم قول خصمه بيمينه إذا لم يكن كذلك، كما إذا ادّعت الزوجة أنّ تمام مهرها حالّ معجّل وكان مبلغاً كبيراً لا يجعل مثله مهراً معجّلاً في العرف والعادة، وادّعى الزوج التأجيل الموافق لهما في مقدار منه فإنّه يقدّم حينئذٍ قوله بيمينه.