الكتب الفتوائية » منهاج الصالحين ـ الجزء الثاني (الطبعة المصححة 1445 هـ.)
البحث في:
كتاب الإجارة » فصل مسائل متفرّقة في عقد الإجارة
←
→ كتاب الإجارة » الفصل الرابع في أحكام التلف والإتلاف والضمان في عقد الإجارة
كتاب الإجارة » الفصل الخامس في أحكام الإجارة
مسألة 445: إنّما يجب تسليم العين المستأجرة إلى المستأجر إذا توقّف استيفاء المنفعة على تسليمها - كما في إجارة آلات النسّاجة والنجّارة والخياطة - أو كان المستأجر قد اشترط ذلك، وإلّا لم يجب، فمن استأجر سفينة للركوب لم يجب على المؤجر تسليمها إليه.
مسألة 446: يكفي في صحّة الإجارة أن يكون للمؤجر حقّ التصرّف في المنفعة بتمليكها للغير ولا يتوقّف ذلك على كونه مالكاً للعين، فيجوز للمستأجر أن يؤجر العين المستأجرة من المؤجر أو من غيره إلّا إذا اشترط عليه عدم إيجارها صريحاً أو كان الإيجار غير متعارف خارجاً بحيث أغنى ذلك عن التصريح باشتراط عدمه.
وإذا جاز إيجارها من الغير ففي جواز تسليمها إليه من دون رضا المالك المستكشف ولو من قرائن الحال إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك، وعلى هذا فلو استأجر دابّة للركوب أو لحمل المتاع مدّة معيّنة فآجرها في تلك المدّة أو في بعضها من آخر صحّ ولكن لا يُسَلِّمُها إليه بل يكون هو معها وإن ركبها ذلك الآخر أو حمَّلها متاعه.
هذا إذا كانت الإجارة مطلقة، وأمّا إذا كانت مقيّدة كما إذا استأجر داراً مقيّداً بأن ينتفع بها هو بنفسه، فيجوز له إيجارها على نحو يرجع الانتفاع بها إليه، كأن تستأجر المرأة داراً ثُمَّ تتزوّج فتؤجر الدار لبعلها لسكناها، وأمّا إيجارها على وجه ينتفع بها الغير فلا يجوز، فإذا آجرها كذلك بطلت الإجارة، فإذا استوفى المستأجر الثاني منافعها وكان عالماً بالفساد كان آثماً وتلزم المستأجر الأوّل للمالك الأجرة المسمّاة في الإجارة الأُولى وما به التفاوت بينها وبين أجرة المثل للمنفعة المستوفاة إن كان، وأمّا المستأجر الثاني ففي كونه ضامناً للمالك أو للمستأجر الأوّل بشيء إشكال، بلا فرق في ذلك بين كونه عالماً بالفساد وكونه جاهلاً به.
مسألة 447: إذا آجر الدار للسكنى مثلاً واشترط على المستأجر استيفاء المنفعة بنفسه أو أن لا يؤجرها من غيره فآجرها فقد قال بعض الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) ببطلان الإجارة عندئذٍ، فإذا استوفى المستأجر الثاني المنفعة كان ضامناً للمستأجر الأوّل أجرة المثل لا للمالك، ولكن الصحيح صحّة الإجارة وثبوت الخيار للمالك في فسخ عقده ومطالبة المستأجر الأوّل بأجرة المثل.
مسألة 448: إذا استأجر الدكّان مثلاً مدّة فانتهت وجب عليه إرجاعه إلى المالك ولم يجز له البقاء فيه من دون رضاه، كما لا يجوز له إيجاره من ثالث إلّا بإذنه، ولا يجوز له أيضا أخذ مال من ثالث إزاء تخليته المسمّى في عرفنا بـ (السرقفليّة) إلّا إذا كان له شرط على المالك كما سيأتي، وإذا مات المستأجر والحال هذه لم يجز لوارثه أخذ السرقفليّة من المستأجر الجديد، نعم إذا تبرّع المستأجر بدفع مبلغ إلى الوارث جاز له أخذه، ولم يجب عليه إخراج الثلث للميّت منه إذا كان قد أوصى بإخراج ثلثه إلّا إذا كان التبرّع مشروطاً بإخراج الثلث.
مسألة 449: إذا أخذ المالك مبلغاً من المال من المستأجر واشترط له على نفسه في عقد الإجارة أو في عقد لازم آخر أن يجدّد الإيجار سنويّاً للمستأجر أو لمن يعيّنه مباشرة أو مع الواسطة جاز للمستأجر حينئذٍ أن يأخذ السرقفليّة، أي يأخذ إزاء تنازله عن حقّه للغير مبلغاً يساوي ما دفعه إلى المالك أو أكثر أو أقلّ.
وكــذا الحـال لـو اشتـرط المالـك للمستأجـر عــلى نفسـه أن يكـون لـه أو لمـن يعيّنـه - مباشرة أو بواسطة - حقّ إشغال المحلّ والاستفادة منه إزاء مبلغ معيّن سنويّاً أو بالقيمة المتعارفة في كلّ سنة.
وإذا مات المستأجر والحال هذه كان حقّه في أخذ السرقفليّة موروثاً لوارثه ووجب إخراج ثلثه إذا كان قد أوصى به، كما أنّ حقّه هذا إذا كان قد اشتراه من أرباح سنته يجب عليه إخراج خمسه في نهاية السنة بقيمته، وربّما زادت القيمة وربّما نقصت وربّما ساوت ما دفعه.
مسألة 450: يجوز للمستأجر مع عدم اشتراط المباشرة وما بمعناها أن يؤجر العين المستأجرة بأقلّ قيمة ممّا استأجرها به وبالمساوي، وكذا بالأزيد منه إذا أحدث فيها حدثاً أو غرم فيها غرامة ولو لحفظها وصيانتها - بشرط أن تكون الزيادة متناسبة لما أحدث أو غرم على الأحوط لزوماً - وإلّا لم يجز له ذلك، هذا في الدار والسفينة والحانوت، وكذا الحال في غيرها من الأعيان المستأجرة حتّى الأراضي الزراعيّة على الأحوط لزوماً، ولا فرق في عدم جواز الإيجار بالأزيد بين أن يؤجرها بنفس الجنس الذي استأجرها به أو بغير ذلك الجنس، سواء كان من النقود أم من غيرها.
مسألة 451: لا يجوز أن يؤجّر بعض أحد هذه الثلاثة - بل ولا غيرها أيضاً على الأحوط لزوماً - بأكثر من الأجرة، كما إذا استأجر داراً بعشرة دراهم فسكن بعضها وآجر البعض الآخر بأكثر من عشرة دراهم إلّا أن يحدث فيها حدثاً كالترميم، وأمّا إذا آجره بأقلّ من العشرة جاز، وكذلك إذا آجره بالعشرة.
مسألة 452: إذا استؤجر على عمل من غير تقييد بالمباشرة ولا مع الانصراف إليها يجوز أن يستأجر غيره لذلك العمل بتلك الأجرة أو الأكثر، ولا يجوز بالأقلّ قيمة منها إلّا إذا أتى ببعض العمل ولو قليلاً، كما إذا تقبّل خياطة ثوب بدرهمين ففصله أو خاط منه شيئاً ولو قليلاً، فإنّه يجوز أن يستأجر غيره على خياطته بدرهم، وفي الاكتفاء في جواز الاستئجار بالأقلّ بشراء الخيوط والإبرة إشكال، فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
هذا مع عدم انحلال الإجارة إلى عدّة إجارات بحسب ارتكاز الطرفين، وأمّا مع انحلالها كذلك - كما هو الحال في الإجارة للنيابة في قضاء الصلاة والصوم مدّة من الزمن - فلا يجوز أن يأتي ببعض العمل ويستأجر للباقي بالأقلّ قيمة من الأجرة في إجارة نفسه.
مسألة 453: في الموارد التي يتوقّف العمل المستأجر عليه على تسليم العين إلى الأجير إذا جاز للأجير أن يستأجر غيره على العمل الذي استؤجر عليه لم يجز له على الأحوط لزوماً أن يسلّم العين إلى الأجير الثاني إلّا برضا المالك، نظير ما تقدّم في تسليم العين المستأجرة إلى المستأجر الثاني.
مسألة 454: إذا استؤجر للعمل بنفسه مباشرة ففعله غيره بطلت الإجارة ولم يستحقّ العامل ولا الأجير الأجرة، وكذلك إذا استؤجر على عمل في ذمّته لا بقيد المباشرة ففعله غيره لا بقصد التبرّع عنه، وأمّا إذا فعله بقصد التبرّع عنه كان أداءً للعمل المستأجر عليه واستحقّ الأجير الأجرة.
مسألة 455: إجارة الأجير على قسمين:
الأوّل: أن تكون الإجارة واقعة على منفعته الخارجيّة من دون اشتغال ذمّته بشيء، نظير إجارة الدابّة والدار ونحوهما من الأعيان المملوكة.
الثاني: أن تكون الإجارة واقعة على عمل في الذمّة، فيكون العمل المستأجر عليه ديناً في ذمّته كسائر الديون، وستأتي أحكامهما في المسائل الآتية.
مسألة 456: إذا آجر نفسه وكانت الإجارة واقعة على جميع منافعه الخارجيّة في مدّة معيّنة لا يجوز له في تلك المدّة العمل لنفسه ولا لغيره لا تبرّعاً ولا بإجارة ولا بجعالة، نعم لا بأس ببعض الأعمال التي تنصرف عنها الإجارة ولا تشملها ولا تكون منافية لما شملته، كما أنّه إذا كان مورد الإجـارة أو منصرفـها الاشتغـال بالنهار - مثلاً - فلا مانع من الاشتغال ببعض الأعمال في الليل له أو لغيره تبرّعاً أو بإجارة أو جعالة إلّا إذا أدّى إلى ضعفه في النهار عن القيام بما استؤجر عليه.
فإذا عمل في المدّة المضروبة في الإجارة بعض الأعمال المشمولة لها فإن كان العمل لنفسه تخيّر المستأجر بين فسخ الإجارة واسترجاع تمام الأجرة وبين إبقاء الإجارة ومطالبته بقيمة العمل الذي عمله لنفسه وكذا إذا عمل لغيره تبرّعاً، ولكن في هذه الصورة إذا كان عمله للغير بأمرٍ من ذلك الغير يجوز له أيضاً مطالبة ذلك الغير بقيمة العمل الذي استوفاه، وأمّا إذا عمل لغيره بعنوان الإجارة أو الجعالة فله الخيار بين الأُمور الثلاثة وبين إمضاء الإجارة أو الجعالة وأخذ الأجرة أو الجعل المسمّى فيها، ثُمَّ إذا اختار المستأجر فسخ الإجارة الأُولى في جميع الصور المذكورة ورجع بالأجرة المسمّاة فيها وكان قد عمل الأجير بعض العمل للمستأجر كان له عليه أجرة المثل.
مسألة 457: إذا آجر نفسه وكانت الإجارة واقعة على منفعة خارجيّة معيّنة وعمل مخصوص بالمباشرة - كالخياطة في مدّة معيّنة - فليس له أن يعمل ذلك العمل لنفسه ولا لغيره لا تبرّعاً ولا بإجارة ولا بجعالة، فإذا خالف وعمل لنفسه تخيّر المستأجر بين فسخ الإجارة واسترجاع تمام الأجرة وبين إبقاء الإجارة ومطالبته بقيمة العمل الذي عمله لنفسه، وإن عمل لغيره تبرّعاً بأمر من ذلك الغير تخيّر بين الأمرين المذكورين وبين مطالبة ذلك الغير بقيمة العمل الذي استوفاه.
وإن عمل لغيره بإجارة أو جعالة تخيّر بين الأُمور الثلاثة وبين إمضاء الإجارة أو الجعالة وأخذ الأجرة أو الجعل المسمّى فيها، وفي مفروض المسألة لا مانع من أن يعمل لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة غير ذلك العمل إذا لم يكن منافياً له، فإذا آجر نفسه في يوم معيّن للصوم عن زيد جاز له أن يخيط لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة وله الأجر أو الجعل المسمّى، وأمّا إذا كان منافياً له - كما إذا آجر نفسه للخياطة فاشتغل بالكتابة - تخيّر المستأجر بين فسخ الإجارة والمطالبة بقيمة العمل المستأجر عليه الذي فوّته على المستأجر .
مسألة 458: إذا آجر نفسه وكانت الإجارة واقعة على عمل في الذمّة في وقت معيّن فتارة تؤخذ المباشرة قيداً وأُخرى شرطاً، وعلى التقديرين يجوز له كلّ عمل لا ينافي الوفاء بالإجارة، ولا يجوز له ما ينافيه سواء أكان من نوع العمل المستأجر عليه أم من غيره، وإذا عمل ما ينافيه فإن كانت المباشرة قيداً تخيّر المستأجر بين فسخ الإجارة وبين المطالبة بقيمة العمل الفائت المستأجر عليه، وإن كانت المباشرة شرطاً تخيّر بين فسخ الإجارة وبين إلغاء شرطه فيجب على الأجير العمل له لا بنحو المباشرة.
وإذا آجر نفسه لما ينافيه فإن كانت المباشرة قيداً بطلت الإجارة واستحقّ الأجير على من عمل له أجرة المثل، وكان المستأجر الأوّل مخيّراً بين فسخ الإجارة الأُولى ومطالبته بقيمة العمل الفائت، وإن كانت المباشرة شرطاً تخيّر المستأجر الأوّل بين فسخ الإجارة الأُولى وبين إلغاء شرطه، فإن ألغىٰ شرطه وجب على الأجير العمل له لا بنحو المباشرة والعمل للمستأجر الثاني بنحو المباشرة.
كتاب الإجارة » فصل مسائل متفرّقة في عقد الإجارة
←
→ كتاب الإجارة » الفصل الرابع في أحكام التلف والإتلاف والضمان في عقد الإجارة
مسألة 446: يكفي في صحّة الإجارة أن يكون للمؤجر حقّ التصرّف في المنفعة بتمليكها للغير ولا يتوقّف ذلك على كونه مالكاً للعين، فيجوز للمستأجر أن يؤجر العين المستأجرة من المؤجر أو من غيره إلّا إذا اشترط عليه عدم إيجارها صريحاً أو كان الإيجار غير متعارف خارجاً بحيث أغنى ذلك عن التصريح باشتراط عدمه.
وإذا جاز إيجارها من الغير ففي جواز تسليمها إليه من دون رضا المالك المستكشف ولو من قرائن الحال إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك، وعلى هذا فلو استأجر دابّة للركوب أو لحمل المتاع مدّة معيّنة فآجرها في تلك المدّة أو في بعضها من آخر صحّ ولكن لا يُسَلِّمُها إليه بل يكون هو معها وإن ركبها ذلك الآخر أو حمَّلها متاعه.
هذا إذا كانت الإجارة مطلقة، وأمّا إذا كانت مقيّدة كما إذا استأجر داراً مقيّداً بأن ينتفع بها هو بنفسه، فيجوز له إيجارها على نحو يرجع الانتفاع بها إليه، كأن تستأجر المرأة داراً ثُمَّ تتزوّج فتؤجر الدار لبعلها لسكناها، وأمّا إيجارها على وجه ينتفع بها الغير فلا يجوز، فإذا آجرها كذلك بطلت الإجارة، فإذا استوفى المستأجر الثاني منافعها وكان عالماً بالفساد كان آثماً وتلزم المستأجر الأوّل للمالك الأجرة المسمّاة في الإجارة الأُولى وما به التفاوت بينها وبين أجرة المثل للمنفعة المستوفاة إن كان، وأمّا المستأجر الثاني ففي كونه ضامناً للمالك أو للمستأجر الأوّل بشيء إشكال، بلا فرق في ذلك بين كونه عالماً بالفساد وكونه جاهلاً به.
مسألة 447: إذا آجر الدار للسكنى مثلاً واشترط على المستأجر استيفاء المنفعة بنفسه أو أن لا يؤجرها من غيره فآجرها فقد قال بعض الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) ببطلان الإجارة عندئذٍ، فإذا استوفى المستأجر الثاني المنفعة كان ضامناً للمستأجر الأوّل أجرة المثل لا للمالك، ولكن الصحيح صحّة الإجارة وثبوت الخيار للمالك في فسخ عقده ومطالبة المستأجر الأوّل بأجرة المثل.
مسألة 448: إذا استأجر الدكّان مثلاً مدّة فانتهت وجب عليه إرجاعه إلى المالك ولم يجز له البقاء فيه من دون رضاه، كما لا يجوز له إيجاره من ثالث إلّا بإذنه، ولا يجوز له أيضا أخذ مال من ثالث إزاء تخليته المسمّى في عرفنا بـ (السرقفليّة) إلّا إذا كان له شرط على المالك كما سيأتي، وإذا مات المستأجر والحال هذه لم يجز لوارثه أخذ السرقفليّة من المستأجر الجديد، نعم إذا تبرّع المستأجر بدفع مبلغ إلى الوارث جاز له أخذه، ولم يجب عليه إخراج الثلث للميّت منه إذا كان قد أوصى بإخراج ثلثه إلّا إذا كان التبرّع مشروطاً بإخراج الثلث.
مسألة 449: إذا أخذ المالك مبلغاً من المال من المستأجر واشترط له على نفسه في عقد الإجارة أو في عقد لازم آخر أن يجدّد الإيجار سنويّاً للمستأجر أو لمن يعيّنه مباشرة أو مع الواسطة جاز للمستأجر حينئذٍ أن يأخذ السرقفليّة، أي يأخذ إزاء تنازله عن حقّه للغير مبلغاً يساوي ما دفعه إلى المالك أو أكثر أو أقلّ.
وكــذا الحـال لـو اشتـرط المالـك للمستأجـر عــلى نفسـه أن يكـون لـه أو لمـن يعيّنـه - مباشرة أو بواسطة - حقّ إشغال المحلّ والاستفادة منه إزاء مبلغ معيّن سنويّاً أو بالقيمة المتعارفة في كلّ سنة.
وإذا مات المستأجر والحال هذه كان حقّه في أخذ السرقفليّة موروثاً لوارثه ووجب إخراج ثلثه إذا كان قد أوصى به، كما أنّ حقّه هذا إذا كان قد اشتراه من أرباح سنته يجب عليه إخراج خمسه في نهاية السنة بقيمته، وربّما زادت القيمة وربّما نقصت وربّما ساوت ما دفعه.
مسألة 450: يجوز للمستأجر مع عدم اشتراط المباشرة وما بمعناها أن يؤجر العين المستأجرة بأقلّ قيمة ممّا استأجرها به وبالمساوي، وكذا بالأزيد منه إذا أحدث فيها حدثاً أو غرم فيها غرامة ولو لحفظها وصيانتها - بشرط أن تكون الزيادة متناسبة لما أحدث أو غرم على الأحوط لزوماً - وإلّا لم يجز له ذلك، هذا في الدار والسفينة والحانوت، وكذا الحال في غيرها من الأعيان المستأجرة حتّى الأراضي الزراعيّة على الأحوط لزوماً، ولا فرق في عدم جواز الإيجار بالأزيد بين أن يؤجرها بنفس الجنس الذي استأجرها به أو بغير ذلك الجنس، سواء كان من النقود أم من غيرها.
مسألة 451: لا يجوز أن يؤجّر بعض أحد هذه الثلاثة - بل ولا غيرها أيضاً على الأحوط لزوماً - بأكثر من الأجرة، كما إذا استأجر داراً بعشرة دراهم فسكن بعضها وآجر البعض الآخر بأكثر من عشرة دراهم إلّا أن يحدث فيها حدثاً كالترميم، وأمّا إذا آجره بأقلّ من العشرة جاز، وكذلك إذا آجره بالعشرة.
مسألة 452: إذا استؤجر على عمل من غير تقييد بالمباشرة ولا مع الانصراف إليها يجوز أن يستأجر غيره لذلك العمل بتلك الأجرة أو الأكثر، ولا يجوز بالأقلّ قيمة منها إلّا إذا أتى ببعض العمل ولو قليلاً، كما إذا تقبّل خياطة ثوب بدرهمين ففصله أو خاط منه شيئاً ولو قليلاً، فإنّه يجوز أن يستأجر غيره على خياطته بدرهم، وفي الاكتفاء في جواز الاستئجار بالأقلّ بشراء الخيوط والإبرة إشكال، فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
هذا مع عدم انحلال الإجارة إلى عدّة إجارات بحسب ارتكاز الطرفين، وأمّا مع انحلالها كذلك - كما هو الحال في الإجارة للنيابة في قضاء الصلاة والصوم مدّة من الزمن - فلا يجوز أن يأتي ببعض العمل ويستأجر للباقي بالأقلّ قيمة من الأجرة في إجارة نفسه.
مسألة 453: في الموارد التي يتوقّف العمل المستأجر عليه على تسليم العين إلى الأجير إذا جاز للأجير أن يستأجر غيره على العمل الذي استؤجر عليه لم يجز له على الأحوط لزوماً أن يسلّم العين إلى الأجير الثاني إلّا برضا المالك، نظير ما تقدّم في تسليم العين المستأجرة إلى المستأجر الثاني.
مسألة 454: إذا استؤجر للعمل بنفسه مباشرة ففعله غيره بطلت الإجارة ولم يستحقّ العامل ولا الأجير الأجرة، وكذلك إذا استؤجر على عمل في ذمّته لا بقيد المباشرة ففعله غيره لا بقصد التبرّع عنه، وأمّا إذا فعله بقصد التبرّع عنه كان أداءً للعمل المستأجر عليه واستحقّ الأجير الأجرة.
مسألة 455: إجارة الأجير على قسمين:
الأوّل: أن تكون الإجارة واقعة على منفعته الخارجيّة من دون اشتغال ذمّته بشيء، نظير إجارة الدابّة والدار ونحوهما من الأعيان المملوكة.
الثاني: أن تكون الإجارة واقعة على عمل في الذمّة، فيكون العمل المستأجر عليه ديناً في ذمّته كسائر الديون، وستأتي أحكامهما في المسائل الآتية.
مسألة 456: إذا آجر نفسه وكانت الإجارة واقعة على جميع منافعه الخارجيّة في مدّة معيّنة لا يجوز له في تلك المدّة العمل لنفسه ولا لغيره لا تبرّعاً ولا بإجارة ولا بجعالة، نعم لا بأس ببعض الأعمال التي تنصرف عنها الإجارة ولا تشملها ولا تكون منافية لما شملته، كما أنّه إذا كان مورد الإجـارة أو منصرفـها الاشتغـال بالنهار - مثلاً - فلا مانع من الاشتغال ببعض الأعمال في الليل له أو لغيره تبرّعاً أو بإجارة أو جعالة إلّا إذا أدّى إلى ضعفه في النهار عن القيام بما استؤجر عليه.
فإذا عمل في المدّة المضروبة في الإجارة بعض الأعمال المشمولة لها فإن كان العمل لنفسه تخيّر المستأجر بين فسخ الإجارة واسترجاع تمام الأجرة وبين إبقاء الإجارة ومطالبته بقيمة العمل الذي عمله لنفسه وكذا إذا عمل لغيره تبرّعاً، ولكن في هذه الصورة إذا كان عمله للغير بأمرٍ من ذلك الغير يجوز له أيضاً مطالبة ذلك الغير بقيمة العمل الذي استوفاه، وأمّا إذا عمل لغيره بعنوان الإجارة أو الجعالة فله الخيار بين الأُمور الثلاثة وبين إمضاء الإجارة أو الجعالة وأخذ الأجرة أو الجعل المسمّى فيها، ثُمَّ إذا اختار المستأجر فسخ الإجارة الأُولى في جميع الصور المذكورة ورجع بالأجرة المسمّاة فيها وكان قد عمل الأجير بعض العمل للمستأجر كان له عليه أجرة المثل.
مسألة 457: إذا آجر نفسه وكانت الإجارة واقعة على منفعة خارجيّة معيّنة وعمل مخصوص بالمباشرة - كالخياطة في مدّة معيّنة - فليس له أن يعمل ذلك العمل لنفسه ولا لغيره لا تبرّعاً ولا بإجارة ولا بجعالة، فإذا خالف وعمل لنفسه تخيّر المستأجر بين فسخ الإجارة واسترجاع تمام الأجرة وبين إبقاء الإجارة ومطالبته بقيمة العمل الذي عمله لنفسه، وإن عمل لغيره تبرّعاً بأمر من ذلك الغير تخيّر بين الأمرين المذكورين وبين مطالبة ذلك الغير بقيمة العمل الذي استوفاه.
وإن عمل لغيره بإجارة أو جعالة تخيّر بين الأُمور الثلاثة وبين إمضاء الإجارة أو الجعالة وأخذ الأجرة أو الجعل المسمّى فيها، وفي مفروض المسألة لا مانع من أن يعمل لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة غير ذلك العمل إذا لم يكن منافياً له، فإذا آجر نفسه في يوم معيّن للصوم عن زيد جاز له أن يخيط لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة وله الأجر أو الجعل المسمّى، وأمّا إذا كان منافياً له - كما إذا آجر نفسه للخياطة فاشتغل بالكتابة - تخيّر المستأجر بين فسخ الإجارة والمطالبة بقيمة العمل المستأجر عليه الذي فوّته على المستأجر .
مسألة 458: إذا آجر نفسه وكانت الإجارة واقعة على عمل في الذمّة في وقت معيّن فتارة تؤخذ المباشرة قيداً وأُخرى شرطاً، وعلى التقديرين يجوز له كلّ عمل لا ينافي الوفاء بالإجارة، ولا يجوز له ما ينافيه سواء أكان من نوع العمل المستأجر عليه أم من غيره، وإذا عمل ما ينافيه فإن كانت المباشرة قيداً تخيّر المستأجر بين فسخ الإجارة وبين المطالبة بقيمة العمل الفائت المستأجر عليه، وإن كانت المباشرة شرطاً تخيّر بين فسخ الإجارة وبين إلغاء شرطه فيجب على الأجير العمل له لا بنحو المباشرة.
وإذا آجر نفسه لما ينافيه فإن كانت المباشرة قيداً بطلت الإجارة واستحقّ الأجير على من عمل له أجرة المثل، وكان المستأجر الأوّل مخيّراً بين فسخ الإجارة الأُولى ومطالبته بقيمة العمل الفائت، وإن كانت المباشرة شرطاً تخيّر المستأجر الأوّل بين فسخ الإجارة الأُولى وبين إلغاء شرطه، فإن ألغىٰ شرطه وجب على الأجير العمل له لا بنحو المباشرة والعمل للمستأجر الثاني بنحو المباشرة.